عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 27-11-2018, 09:38 AM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

[justify]مبارك وأزمة الحكم الدوافع والأسباب ( 1896 ) م

قد يكون الشيخ مبارك ومن خلال تمرسة وخبرتة في الحروب وتواجدة المستمر في البادية وتعاملة مع رؤساء القبائل ، ومواجهتة المحاولات المتكررة للبعض لزعزعة الاستقرار أو فرض نفوذ ما ، جعله ملامساً وعن قرب طبيعة الأمور وسير الأحداث(50) خاصة صراع (نجد والأحساء بين آل سعود وبين آل رشيد أمراء جبل شمر) – فقد كانت هذه الصراعات تدور بالقرب من حدود الكويت وتؤثر بشكل أو بآخر على قبائلها بل أن بعض رعايا آل صباح من القبائل كانوا هدفاً لمرمى نيرانها .

وإبان تولى الشيخ محمد الحكم (1892 ) م كان الشيخ جراح مشاركاً لة وبقوة في إدارة الأمور، بل يكاد بعض المؤرخين يتناولان فترة حكمة بأنها حكم مشترك بينة وبين أخية الشيخ جراح ، حتى أن تولية الشيخ مبارك لحفظ الأمن في البادية أعتبرها البعض محاولة منهما لاقصاءة وإضعافة عن أي منصب ذو طبيعة قد تؤهله لتولي الحكم كما يشير أبو حاكمة (51 ) .

وقد يكون هذا التكهن خاضع بصورة كبيرة لتفسير شخصي ، فمن المعروف أن الشيخ محمد وباتفاق الكثير من المؤرخين كان طيب النفس محباً للكويت وأهلها(52 ) لذا فمن غير الواضح أن يكون عمل في الخفاء على إبعاد الشيخ مبارك عن أي مشاركة فعلية في الحكم خاصة وأن تطور الأحداث تقول غير ذلك ، فمبارك كان قائد الجيش والممسك بزمام الأمور في البادية فكيف يكون بعيداً عن أي ترتيبات مصيرية وهو بالفعل أحد أهم أركان الإمارة والمشارك الفعلي لرسم السياسات العامة لها بامتلاكة أحد أهم مصادر القوة المطلقة وهو الجيش .
إن أزمة الحكم التي نشأت بين الشيخ مبارك وأخوية خضعت لتحليلات عدة من جانب المؤرخين والكتاب فما بين الخلافات المالية والطموحات الشخصية كانت تدور أغلب هذه التفسيرات التي تناولت أزمة الحكم .
فيتناول عبد العزيز الرشيد الخلاف ويرجعه لطموح مبارك وطبيعتة العسكرية ( 53) ، أما يوسف القناعي فيرى أن الخلافات المالية فقط هي التي حكمت العلاقة بين مبارك وأخوية( 54) ، كذلك يرجعه أبو حاكمة للخلافات المالية المتكررة - وتدخلات يوسف الابراهيم، في شؤون الحكم (55 ) - والتي قد يكون مبارك خشي منها على تقويض حكم آل صباح( 56) - خاصة أن أبو حاكمة يشير أن يوسف الابراهيم كان يعمل من أجل هذا بالاتفاق مع بعض الحكومات الاجنبية(57 ) .
في حين يذكر حسين خزعل في أسباب الخلاف أن الشيخ مبارك كان محباً للمجد ، وأن أخوية الشيخين محمد وجراح كانا لا يعيرانه الانتباة الازم في الكثير من القضايا التي تتعلق بالإمارة بجانب أن يوسف الابراهيم كان هو السلطة الفعلية والذي كان الشيخ مبارك يرى أن ذلك إضعافاً لأل الصباح ، بجانب أن مبارك كان يرى ضرورة التوسع البري للكويت حتى لا ينحصر جل نشاطها وآمالها فقط في البحر وهو ما كان يخالفة فيه أخوية مع مطالبة مبارك بحقوقة الموروثة من أبية( 58) .


ويبدوا أن الدوافع الحقيقية لعملية الاغتيال ستظل تخضع للمزيد من التحليل والتفسير، وإن كانت هذه التفسيرات تميل بنا نحو محاولة رؤيتها من جانب آخر يتعدي الجانب المحلى للأزمة.
فمبارك الذي عاش حياتة في الصحراء بين الغزو والصراعات العسكرية كان ملامساً وعن قرب التغير الحقيقي للأوضاع الداخلية والخارجية للمنطقة ولم يكن في أي وقت من الأوقات بعيداً عن الحكم حتى أن أبو حاكمة نفسه أقر بذلك حين ذكر (أن الشيخ محمد أشرك في الحكم معه أخواة جراح ومبارك ، كما كلف الشيخ مبارك في العام 1893م بالتوجة إلى الأحساء إثر الاضطرابات التي حدثت هناك مما ينفي الشك حول عدم قيام الشيخ محمد بمحاولات تأمين الإمارة من الصرعات الإقليمية الدائرة أو تأمين وضع الكويت على المستوى الخارجي ، وتنفي كذلك بعض الرويات التي حاولت وصف الشيخ محمد بضعف الإرادة فقد كانت الكويت في خلال فترة الشيخ محمد تنعم بالكثير من الاستقرار الداخلي(59 ) وليس معني عدم وجود حروب أو مناوشات أو صرعات إقليمية لم تدخل فيها الكويت أن يكون هذا دليل على ضعف حاكمها أو حتى وجود خلاف بين الشيخ محمد وبين بعض القبائل كما ذكر البعض( 60) ، خاصة وأن مبارك ورث الإمارة من بعده وهي مستقرة سياسياً ومتقدمة إقتصادياً بالمقارنة ببلدان الجوار(61).

وإذا ما نحينا جانباً ما كتبة مؤرخينا الأوائل من دوافع وأسباب(62) نرى أن التفسير الأقرب لما قام به مبارك الصباح يحمل دوافع اتخذت طابع إقليمي وسياسي( 63) بجانب الدوافع الشخصية – إذا لم نهمل قلق بريطانيا من رفض الشيخ محمد في العام 1895م عرضها بإقامة علاقات تحالف معه(64) ، كذلك إذا ما صح الكلام عن تدخلات يوسف الابراهيم والذي قد تكون خلقت قبول عام لفكرة إضعاف الإمارة لمصلحة أطراف خارجية ، الأمر الذي سهل من تقبل فكرة تغيير الحكم ونشوء تيار قوي لدعم هذه الفكرة مع كل ما تحمله من مخاطر معنويه وسياسية على الإمارة ، كما أن مبارك ومن كان يؤيدة بلا شك كان مقدراً لردود الفعل فمن غير المعقول أن يكون قد حسم أمرة بإزاحة طرفي الحكم بدون أن يتدبر أمر ملحقاته وما سيؤدي إليه خاصة من قبل أفراد الأسرة الحاكمة ، حتى أن احتمال فشل العملية لم يخطر على بال الشيخ مبارك الذي بالتأكيد قد إمتلك من الوسائل ما يضمن له تنفيذ عملية هادئة تخلو تماماً من الاخطاء .
ونستطيع أن نقرأ وجهة النظر هذه فيما تناولتة تقارير وكتابات المؤرخين الأجانب ، فلم تهمل التقاريرالأوربية وممثلي القنصليات عملية الاستيلاء على الحكم ففي 27 مايو1896 من نفس العام أرسل القنصل البريطاني في بغداد تقريراً إلى سفارتة في القسطنطينية جاء فيه " وردنا أن الشيخ مبارك قد قتل أخوية ويقال أن مسببات القتل رفض الشيخ محمد تقديم الأموال له"( 65) ، كما تابعت القنصلية الروسية باهتمام هذه الأزمة فأشار ماشكوف(66 ) عقد اجتماع سري بين بعض شيوخ آل الصباح وبعض أعيان الكويت في 16 مايو 1896م وزعم بأن المجتمعين وافقوا على قيام الشيخ مبارك بالانقلاب( 67).
كذلك أرجعت بعض التقارير القنصلية(68)سبب الإطاحة بالشيخ محمد إلى اتصالاته الوثيقة مع الإنجليز(69) ، كما أن القنصلية الفرنسية قد أبلغت بهذا النبأ في 26 مايو1896م بتقرير عن طريق القنصلية الفرنسية في بغداد جاء فيه" وأخيراً انفجرت المشاكل في الكويت"(70) ومن ثم وفي 4 يونيو من نفس العام أرسل القنصل الفرنسي إلى سفارتة في القسطنطينية يشير لوجود قلق في البصرة من هذا الانقلاب ، كما أبلغ القنصل الألماني حكومتة بالأمر مفترضاً تورط الأمير محمد بن رشيد أمير حائل (71) .
أما الدولة العثمانية فقد اتهمت بريطانيا بأنها تقف وراء هذا الانقلاب(72) ، رسخها سريان شائعات في دوائر القصر عامي 1895 – 1896 مفادها أن الشيخ مبارك الصباح لدية خطط ليشكل تكتلا عربياً في المناطق التي يطالب بها العثمانيين ( الكويت قطر – بجانب ابن رشيد بنجد – والبحرين ) كما تناولت بعض الدوائر الألمانية أنباء عن مثل هذه الشكوك(73) ، أما لوريمر فيلخص عملية الاغتيال بقوله "حدثت ثورة داخلية في الكويت انتهت بتولى الشيخ مبارك الحكم الأمر الذي أدى لعداء بينه وبين أفراد أسرتة وسبب عدم إستقرار له"(74).
والحقيقة أن أزمة الحكم هذه نجح مبارك في إدارتها والقفز على نتائجها السلبية بسرعة خاصة عدم إهمالة واحتوائة خطر أبناء أخوية الشيخ محمد وجراح (75) ، أما يوسف الابراهيم فأوعز إلى بعض الوجهاء الكويتيين لمحاولة إثنائة عن إثارة المتاعب(76)، كما إستغل صداقتة بالشيخ خزعل ليطلب منه التوسط في هذا الأمر والذي تؤكد المصادر المحلية أن الوساطة كادت أن تنجح لولا أن عاجلت المنية يوسف الابراهيم(77) .
وبالنسبة للجانب القضائي وبعد أن كتب حمدي باشا متسلم البصرة وهو أحد أعداء مبارك (78) للبابا العالي باسطنبول إثر تلقيه شكوى من أولاد الشيخين (محمد وجراح) يحاول فيها تأليب الباب العالي على الشيخ مبارك ، سارع مبارك ليكتب إلى رجب باشا مشير بغداد لوقف التحرك في هذه القضيه (79) كما طعن بالمستندات التي كانت مع أولاد أخويه مدعياً أنها مزورة (80) .
كذلك قام بإعطاء معلومات غير صحيحية للعثمانيين في شأن القضية ليستطيع في النهاية أن يحتوى هذا التصعيد القضائي نحوة.

[/justify]
__________________
رد مع اقتباس