عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 14-01-2012, 12:48 AM
الصورة الرمزية جون الكويت
جون الكويت جون الكويت غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 2,208
افتراضي

علماء الدين في الكويت
لا بد لي من كلمة في علم الدين قبل الشروع بذكر العلماء.
ورد في الحديث الشريف: [إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من قلوب الرجال، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء]. الخ.
ومما لا شك فيه أن العلماء يموتون كغيرهم، فلماذا تقدمت جميع العلوم حتى صارت علماء الأزمان الماضية لا ينسبون إلى المتأخرين في سعة العلم والمدارك، إلا علماء الدين فإنهم في تأخر وانقراض؟ الذي أراه أن السبب في ذلك هو أن الحكومات الإسلامية أعرضت عن أحكام الشرع، وجعلت الحكم للقانون فحل محل القضاة الشرعيين قضاة القوانين وحل محل المفتين رجال المحاماة وصار رجال الدين لا يعيشون إلا من أوساخ الصدقات. فالذي عنده نفس أبية لا يقبل هذه الحالة الدنيئة، فلهذا أخذ العلم الديني ينقرض والسبب هو الإعراض عنه بعكس ما كان من الإقبال عليه في الزمن السابق وإليك ما يذكره الإمام الغزالي في الإحياء واعتراضه على أهل زمنه بترك الطب والإقبال على الفقه. قال: إنكم من بلد ليس فيه طبيب إلا من أهل الذمة، ولا تجوز شهادتهم فيما يتعلق بالأطباء من أحكام الفقه. ثم لا نرى أحداً يشتغل به ويتهافتون على علم الفقه ولا سيما الخلافيات والجدليات والبلد مشحون من الفقهاء بمن يشتغل بالفتوى والجواب عن الوقائع فليت شعري كيف يرخص فقهاء الدين في الاشتغال بفرض كفاية قد قام به جماعة وإهمال ما لا قائم به، وهل لهذا من سبب إلا أن الطب ليس يتيسر به الوصول إلى تولي الأوقاف والوصايا وحيازة مال الأيتام وتقلد القضاء والحكومة والتقدم على الأقران والتسلط على الأعداء.
فمن كلام الغزالي يظهر لك ما قلناه من أن السبب في انقراض العلم الديني إعراض الحكومات الإسلامية عن الأحكام الشرعية واستبدالها بالقوانين الوضعية، والناس هم الناس وقس الحاضر على الماضي تجدهم على حد قول القائل:
أظهروا للناس نسكاً ** وعلى الدينار داروا
وهذا الحال هو الغالب على الناس والنادر لا يبنى عليه حكم. وإليك طائفة من علماء الدين في الكويت:
(1) السيد أحمد بن السيد عبدالجليل طباطبائي:
هو رجل العلم والورع تصدى للتدريس نحو 20سنة ولم ينقطع عنه إلا بمرض موته. استفاد منه الكثير من أهل العلم فمنهم الشيخ خالد بن عبدالله العدساني، ويوسف اليعقوب، وعبدالوهاب الغرير. وتوفي حوالي سنة 1295هجرية.
(2) الشيخ أحمد بن محمد الفارسي:
رحل في طلب العلم على نفقة سليمان البدر القناعي وتعلم في كوهج ومسقط ومصر، وعاد إلى الكويت بعد مضي سبع سنين.
كان آية في الذكاء والحفظ، فصيح اللسان لا يتطرق لسانه اللحن، حسن الصوت متوغلاً في علم الأدب، ويحفظ الكثير من الشعر، إذا جلس في مجلس كثر المستمعون لما ينثر من الأدب وإذا وعظ امتلأ المسجد من الخلق لسماع وعظه، وقد حصل له من الإقبال ما لم ينله أحد في الكويت من طلبة العلم، وأكثر علمه في الأدب والوعظ، ولكنه مع الأسف لم يتصدر للتدريس ولم تنتفع منه الكويت، حتى أولاده لم يعلمهم ولا أحسن تربيتهم، ولهذا يقول فيه الشيخ عبدالعزيز العلجي من قصيدة طويلة:
فالشيخ مهما رأينا من سماحته ** نراه للعلم مناعاً وحباساً
وكان إذا وجهت إليه اللائمة بعدم التعليم يقول: إذا تصديت للتدريس أقبل إلي الأفاقون من الطلبة وليس لهم ملجأ يأوون إليه ولا نفقة يستعيشون منها. توفي سنة 1354هجرية بعد أن تجاوز التسعين.
(3) الشيخ خالد بن عبدالله العدساني:
طلب العلم في بادىء أمره عن يد والده عبدالله، ثم واظب على التعليم عند السيد أحمد بن السيد عبدالجليل، ثم تصدى للتعليم إلى أن كف بصره.
كان فقيهاً نحوياً، وله يد في الشعر إذا بدت الحاجة إليه وعين إماماً وخطيباً في جامع السوق واستمر به إلى أن توفي سنة 1318هجرية، وقد رثاه عبدالله الفرج بقصيدته التي مطلعها:
أراع لخطب بدى في الوجود ** وقوعاً كوقع مواضي الحدود
وكيف وقد ضرمت في البلاد ** مصائبه النار ذات الوقود
على مثل خالد فليبك من ** يحن عليه حنين الرعود
إلى أن قال بتاريخ الوفاة:
وقد قلت لما مضى ارخوا ** دعته جنان لأجل الخلود
(4) الشيخ عبدالرحمن الفارسي:
طلب العلم في مكة ورجع إلى الكويت، وشرع في التعليم في النحو والفقه، وممن استفاد منه الشيخ عبدالله بن خالد العدساني، وصار خطيباً في جامع الخليفة، ثم لم تطب له الإقامة في الكويت فسافر عنها خمسين سنة متنقلاً في بلاد الله الواسعة وأكثر إقامته في كربلاء، وكان قد تزوج في العراق ورزق ولداً وعاد إلى الكويت بعد نصف قرن واستقام خمس سنين حتى توفاه الله سنة 1360هجرية وله من العمر ما يقارب تسعين سنة.
كان لطيف المحضر صاحب نكتة. سمعته يقول: دخلت على الزهاوي (والد جميل المشهور) فأنشدني:
ابن ابننا من ابننا أحبُّ ** الابن قشر والحفيد لبُّ
فأجبته حالاً:
وكل كردي وإن تنبا ** فهو إذا حققت فيه دبُّ
فضحك وقال: قاتلك الله.
(5) الشيخ مساعد العازمي:
سافر إلى مصر لطلب العلم، ومكث بها سنتين ورجع إلى الكويت وأخذ يدرس في فقه مالك والنحو والعروض ثم اضطر لكسب المعيشة فتعلم صفة التلقيح ضد الجدري واستفاد منها في توسعة معيشته وفي آخر عمره هاجر إلى البحرين وتوفي بها.
(6) الشيخ عبدالله بن خالد العدساني:
تعلم الفقه على والده خالد، والعربية على عبدالرحمن الفارسي وتصدى للتدريس بعد أن كف بصر والده واستقام نحو عشرين سنة مثابراً على التعليم، واستفاد منه خلق كثير وعين مفتياً في زمن سالم المبارك، ولما توفي عبدالعزيز العدساني صار هو القاضي إلى أن توفاه الله سنة 1348هجرية.
(7) السيد سليمان ابن السيد علي:
تغرب لطلب العلم إلى الاحساء، وكان بها في محل الحفاوة لصلاحه واجتهاده في الطلب. وأدرك في مدة قليلة ما لا يدركه غيره في زمن طويل، ورجع إلى الكويت وشرع في التعليم، وحصل عليه إقبال من وجهاء الكويت، ولكن المنية عاجلته وهو في مقتبل العمر ولم تفسح له حتى نرى ثمرة ذلك الاجتهاد والإخلاص.
وما الدهر والأيام إلا كما ترى ** رزية حر أو فراق حبيب
(8) ملا أحمد بن محمد القطان:
هو رجل تقي كفيف البصر تغرب لطلب العلم إلى الاحساء وفارس فاستفاد من هذه الرحلة سيما في علم الفقه، وكان لا يمل من مجالسة طلبة العلم والمذاكرة معهم، عين إماماً في مسجد عبدالعزيز المطوع وبقي فيه إلى أن توفى سنة 1327هجرية.
(9) الشيخ عبدالله بن خلف:
رحل إلى الزبير لطلب، وتعلم عند الشيخ عبدالله بن حمود، والشيخ صالح المبيض، والشيخ محمد بن عبدالله العوجان، ورجع إلى الكويت وشرع في التعليم، وكان محله مدة حياته مجمعاً لطلبة العلم صباحاً ومساءاً، واستفاد منه كثير من طلبة العلم في الكويت، وتولى القضاء سنة 1348هجرية. وكان مثالاً للعفة والنزاهة والعدل، ولم نعرف أحداً تولى القضاء وأدى واجبه مثله. وكانت توليته القضاء بإلزام من الشيخ أحمد الجابر لأنه متعين عليه القيام بهذه الوظيفة حيث لم يوجد من يماثله في العلم والصلاح. واستقام في القضاء محتسباً لم يأخذ أجرة عليه، وتوفي سنة 1349هجرية في رمضان وصار يوم موته مصيبة كبرى على أهل الكويت.
(10) الشيخ محمد بن فارس:
هو الرجل الوحيد في الكويت المشهور بالتقوى والنزاهة والورع كان في أول عمره يعلم الصبيان القرآن. ثم اشتغل بالتجارة فكان فيها مثالاً صالحاً بحسن المعاملة على الوجه الشرعي، وربح منها بما أغناه عن ذل الحاجة للناس، وكان عليه الرحمة رجلاً مسموع الكلمة محبباً لدى عموم الكويتيين، تعلم عنده الشيخ عبدالله الخلف الفقه في أول طلبه، ولا أدري مبلغ تحصيل الشيخ محمد من العلوم، والمسموع أن علم الفقه هو الغالب عليه بالدراية.
توفي سنة 1326هجرية حميد السيرة مرضياً عنه.
(11) الشيخ محمد بن إبراهيم الغانم:
رحل إلى الاحساء لطلب العلم، وساعده توقد ذكائه، حتى إنه أدرك ما لا يدركه غيره في مدة سنين ورجع إلى بلاده وشرع في التعليم محتسباً لله، وأدركته الوفاة وهو في ريعان الشباب، رحمه الله.
(12) الشيخ محمد بن جنيدل:
طلب العلم في الكويت عن يد الشيخ عبدالله العدساني والشيخ عبدالله بن خلف، واستفاد فائدة كبيرة لكثرة ملازمته لمحل الشيخ عبدالله بن خلف، وكان لا يفارق مجلسه حتى توفاه الله حوالي سنة 1342هجرية.
(13) الشيخ يوسف بن حمود:
طلب العلم في الكويت عند الشيخ مساعد العازمي، واستفاد منه فائدة كبيرة، فاشتغل في التجارة فلم يوفق فيها، وعين مدرساً بالمدرسة المباركية، وكان ملازماً لمحل الشيخ عبدالله الخلف لما به من المذاكرات العلمية، وبعد وفاة الشيخ عبدالله لزم بيته، وانقطع عن مخالطة الناس حتى توفي سنة 1365هجرية.
__________________
للمراسلة البريدية: kuwait@kuwait-history.net