عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 30-07-2008, 01:42 AM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

الهيلك والمسغبة والمجاعة جزء من تاريخ الكويت في منتصف القرن التاسع عشر، طلب مني بعض الاخوة ان اعلق على كلمة الهيلق وكنا في مجلس نتناقش فاتفق الاخوة على ان اكتب بحثاً عن هذه الفترة التي عاشتها الكويت.
حقيقة ان الكويتيين يسمونها سنة الهيلك وهي في الحقيقة سنوات عجاف مرت على الكويت والمنطقة المحيطة بها وفي نجد كانوا يطلقون على هذه السنوات سنوات المسغبة والمجاعة (لهذا استخدمت الالفاظ الثلاثة السائدة والمستعملة في المنطقة) والكلمات الثلاث كلمات عربية فصيحة مع بعض التحوير في كلمة الهيلك واللفظة مأخوذة من الهلاك والهلك والمعروف عند الكويتيين ظاهرة تصغير كثير من الاسماء المتعلقة بحياتهم سواء كان اسماء مكان او اسماء اشخاص ونلاحظ على كثير من العائلات اسماءها مصغرة كانت الكويت ابان حياتها في اول القرن التاسع عشر وذلك امتداد لحكم عبد الله الصباح عبد الله الاول الذي ظل بالحكم قرابة اثنين وخمسين عاما حيث عمر هذا الحاكم في السن والحكم ومن بعده جاء شقيقه الذي كان يطلق عليه جابر الاول او جابر عيش او اخو مريم ولنأخذ التسمية الثانية وهي جابر عيش وهي التي تعطينا تصوراً لهذه التسمية لهذا الحاكم في هذه الفترة من الزمن وخصوصاً السنوات من (1868 - 1871) التي كانت فيها المجاعة الشائعة في المنطقة وخصوصاً ايران التي توافد بعض ابناء هذه المنطقة الى الكويت بعد ان انحبس عندهم المطر سنوات فقل الرزق والضرع في هذه البلاد.
هذه السنوات لم تفت الكويتيين فقد تناقلوا اخبار هذه الفترة جيلا بعد جيل ولم يفت الشيخ عبد العزيز الرشيد فقد سجلها في كتابه تاريخ الكويت يقول في صفحة (95) من الكتاب المذكور الطبعة الثانية وهو يتحدث عن الحوادث المشهورة في تاريخ الكويت:
الهيلق: جوع اصاب الكويتيين فاضطرهم الى أكل دماء البهائم التي تذبح ابتداء من سنة 1285، ولم ينته الا في سنة 1288، وكان لرجلين من افاضل الكويتيين والاثرياء يد بيضاء في تلك الازمة الشديدة هما، يوسف البدر ويوسف الصبيح، اما الاول فكان يفرج كربات المعوزين والمحتاجين بما يبذله لهم من المال، واما الثاني فاتخذ له بيتين احدهما في الكويت والثاني في الزبير يأوي اليهما الفقراء، وقد كان يقوم في كليهما بما يحتاجه الاحياء منهم من طعام وكسوة وبتجهيز من يتوفى الى رحمة الله تعالى، وفي هذين الفاضلين المحسنين يقول الاخرس من قصيدة بعث بها الى احد ادباء الكويت اذ ذاك من آل المخيزيم:
ان الكويت حماها الله قد بلغت
باليوسفين مكان السبعة الشهب
تالله ما سمعت أذني ولا بصرت
عيني بعزهما في سائر العرب
فيوسف بن صبيح طيب عنصره
اذكى من المسك ان يعبق وان يطب
ويوسف البدر في سعد وفي شرف
بدر الأماجد لم يغرب ولم يغب
وجاء بعد الشيخ عبد العزيز الرشيد الشيخ يوسف بن عيسى يقول كتاب صفحات من تاريخ الكويت صفحة (65).
2 ـ الهيلك:
ليس لهذا الاسم اصل بالعربية، وانما هو اصطلاحي ومعناه ان خلقا من اهل فارس اصابتهم مجاعة وجاء عدد كبير منهم الى الكويت وسموا بهذا الاسم، وهذه المجاعة حدثت سنة 1285هـ، وانتهت سنة 1288هـ.
وقد قام اهل الكويت بالاعمال الجليلة من اطعام المساكين وانقاذهم من التهلكة حتى فرج الله لعباده، وقد بلغت الحالة ببعض اهل فارس ان باعوا بناتهم، وشربوا الدم، وممن صارت لهم شهرة طيبة: بالاطعام، (سالم بن سلطان وعبد اللطيف العتيقي، ويوسف البدر، ويوسف بن صبيح، وبيت ابن ابراهيم:
ثم جاء المرحوم حمد السعيدان وهو يقول في موسوعته صفحة (1610) وكان قذ ذكر بعض العائلات التي شاركت في هذه المجاعة لانقاذ الناس.

سنة الهيلك:

سنة ارخ بها الكويتيون حدوث مجاعة عظيمة في فارس والجزيرة العربية حيث عمت المجاعة المنطقة ثلاث سنوات عجاف، من 1868 حتى 1871 وهاجر كثير من ابناء فارس والقحطان الى الكويت، وقام المحسنون هنا بنثر الطعام في الاسواق والطرقات، وقد اشتهر من اولئك المحسنين يوسف البدر، يوسف الصبيح، عبد اللطيف العتيقي، سالم بن سلطان وبيت معرفي وبيت ابن ابراهيم وغيرهم، وما فتئوا يطعمون الطعام على حبة حتى منّ الله برحمته ولطف بعباده.
هذه اللمحات التي ذكرها بن الرشيد والشيخ يوسف وابن سعيدان تدل على ترابط الكويتيين مع الحاكم الذي كان يطلق عليه جابر عيش لانه كان يطعم الكويتيين وغيرهم من ابناء الخليج الذين توافدوا على الكويت للبحث عن لقمة العيش ليقتاتوا من رزق الله وترينا كيف ان الكويتيين الذين كانت عندهم اموال قاموا بالتصدي لهذه الازمة ولم يتهربوا من واجبهم نحو اخوانهم وابناء بلدهم.
فاذا كان جابر عيش قد شارك الكويتيين في تشجيع الكويتيين وغيرهم وهو يضرب مثلا بذلك فقد سبق مع اخوته وخواته وذلك ابان معركة الرقة حيث شقيقته (مريم) التي التصق اسمه بها لمفاخرها ونشاطها حيث حثت الكويتيين للتوجه الى معركة الرقة وتولت هي مع مجموعة من البنات ونساء الكويت بتحمل المسؤولية تجاه اطفال وعجائز اهل الكويت عندما كان الشباب في لجة البحر وهم يدافعون عن الكويت في تلك المعركة المشهورة معركة الرقة.
لهذا عندما نشأ جابر الاول اخو مريم جابر العيش مكانا خاصا لاطعام الفقراء وسمي (عيش بن اعمير) باسم من يشرف عليه من قبل الحاكم جابر عيش.
لهذا كانت هذه الفترة الحالكة التي مرت بها الكويت وفيها تعاون الحاكم وابناء الكويت الاثرياء في سد ثغرة قد انقذ الناس من الفاقه وساعد المعوزين وسد رمق الجائعين وللحديث صلة.

جريدة الوطن 13/1/2005
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس