[AHMAD]

2006 إعداد : فرحان عبدالله الفرحان - القبس

ربما تكون الفنطاس والفنيطيس اقل بعدا في التاريخ من الاماكن التي عرجت بالكتابة عنها سابقا إلا ان شهرة هذه القرية او المكان في العصر الحديث خصوصا قبل ستين سنة جعلها تأخذ مكان الصدارة بالنسبة للقرى الاخرى في المنطقة الجنوبية من ساحل الكويت، ساحل وبر العدان.
الفنطاس كانت لها مكانة عند الخوالد حكام المنطقة الشرقية من الجزيرة العربية قبل خمسة قرون ولما كانت هناك محطات تزود بالماء وللراحة على امتداد الخليج العربي من الإمارات حتى الكويت شمالا فقد كانت هذه الفنطاس احدى المراكز المطلة على بحرالخليج العربي.
وكانت الفنطاس مع تغير الاوضاع السياسية وانتقال الحكم الى آل الصباح واصبحت مدينة الكويت اخذت الصدارة من بعض القرى المتقدمة حيث كانت الكويت او الكوت في حينها إحدى محطات التموين للخوالد وآل الديرة.
المهم انه بعد ان استقر الحكم في الكويت واصبح فيها سكان وتجارة واصبح هناك اناس ميسورين اثرياء فقد توجه كثير من ابناء هذه البلاد الى ايجاد متنفس لهم في فصل الربيع بعد ان اصبحت مدينة الكويت مدينة بحرية وتجارية وامتد تنقل الكويتيين الميسورين الى الساحل الجنوبي حيث انشأوا هناك دورا لهم وسموها قصور ولهذا اطلق على المنطقة منطقة القصور ومن ضمنها الفنطاس والفنيطيس.

كان الكويتيون يتوجهون الى هذه القصور والفنطاس بالسفن الصغيرة حاملين حيواناتهم وتموينهم ووسائل النوم وملابسهم ليقضوا من فصل الربيع شهرين كاملين، كان رب الاسرة يتردد الى مدينة الكويت بواسطة هذه السفينة الجالبوت او الشوعي في هذه القرى، وفي الفنطاس يحصلون على الماء العذب من الآبار القريبة وهي منطقة البلداني.
ومع تواجد بعض الكويتيين في هذه الفنطاس من الذين كانو مسجلين فيها وجاء اليها بعض العاملين والحراس والزراع من المنطقة القريبة من صحراء الكويت ليتولوا رعاية مزارع هؤلاء 'المرابعين' فترى في الفنطاس المزارع بكثرة وفيها المحاحيل التي تجرها الحمير لتملأ حوض الماء الفارغ وحين يفتح هذا الحوض يندفع الماء ليسقي الخضروات من البقول والرويد والبرسيم والجت للحيوانات وهناك تجد على جانب الاحواض اشجار النخيل والسدر فتنقلب الفنطاس الى واحة وارفه البحر امامك ومن خلفك آبار الماء العذب والمزارع وشجر الاثل يعمر شوارع هذه القرية الجميلة.
مع مرور الزمن تكاثر الناس في هذه القرية وانشيء فيها اكثر من مسجد ومدرسة ودخلت في عالم التطوير ونسيت الفنطاس القرية التي تشتهي النفس ان تقضي بها اسابيع للراحة والاستجمام.
قبل عشر سنوات كنت قد كتبت فقرة عن الفنطاس في كتابي معجم المواقع والامكنة في صفحة 210 اعيدها للقراء الكرام اقول:
الفنطاس: قرية ساحلية على بر العدان جنوب العاصمة وتعتبر من اقدم القرى الكويتية اتخذها الخوالد احدى مناطق الحراسة لهم لانها متوسطة بالنسبة لطريق العدان وبها اشجار الاثل والسدر وبعض النخل قديما.
الفنيطيس: تصغيرالفنطاس وهي قرية صغيرة ملاصقة للفنطاس.
كثير من الناس كانوا يظنون ان الفنطاس والفنيطيس متلاصقتين اسوة ببقية المناطق التي بها ظاهرة التصغير والتكبير مثل النصب والنويصيب والفحل والفحيحيل والشعب والشعيبة وغيرها من المناطق، لكن الفنطاس يفصلها عن الفنيطيس العقيلة وهذا يدلك على ان العقيلة غير موجودة، الموجود الفنطاس والفنيطيس لكن الكويتيين مع تواجدهم انشأوا العقيلة بين الفنطاسين الصغير والكبير، وهنا يسرني ان انقل ما اورده المرحوم حمد السعيدان في موسوعته الكويتية حيث يقول في هذا الصدد صفحة 1148 التالي:
فنطاس: تانكي، خزان خشبي لنقل المياه من شط العرب.. قبل انشاء محطة التقطير، ويصنع من خشب الصاج، التسمية عربية.
الفنطاس: قرية ساحلية تبعد 17 كيلو مترا الى الجنوب من العاصمة، مساحتها 3.2 كلم2 وسكانها حسب احصاء سنة 1970 يبلغون 3085 نسمة، وهي من اقدام القرى الكويتية، قطنها بنو خالد حتى سنة 1221ه، وفيها اشجار السدر والاثل والنخيل.
الفنطاس: ناقلة نفط كويتية، حمولتها 20700 طن، بنيت سنة ،1969 سرعتها 17 عقدة في الساعة.
وهنا انقل ما اورده الزبيدي في قاموسه تاج العروس في باب الفاء يقول:
]ف ن ط س[
(والفنطيس، بالكسر)، اهمله الجوهري، وهو لغة في الفرطيس.
(و) هو أيضا (اللئيم)، هكذا اطلقه الصاغاني، وقال بعضهم: هو الذي لؤمه (من قبل ولادته).
(و) الفنطيس: (الرجل العريض الأنف). (و) هو أيضا: (أنف اتسع منخره وانبطحت أرنبته، ج فناطيس)، نقله ابن عباد.
(و) الفنطيسة، (بهاء: خطم الخنزير)، وهي الفرطيسة ايضا.
(و) الفنطيسة: خطم (الذئب).
(و) يقال: (هو منيع الفنطيسة) والفرطيسة والارنبة، اي هو (منيع الحوزة حمي الأنف)، كذا روى عن الأصمعي، قال ابوسعيد: فنطيسته وفرطيسته: أنفه.
(والفنطاس، بالكسر: حوض السفينة) الذي (يجتمع اليه)، وفي الاصول المصححة: فيه (نشافة مائها)، قال ابو عمرو، (و) الجمع: فناطيس، هذا هو الاصل ثم كثر حتى سموا (سقاية لها)، اي السفينة تؤلف (من الالواح) تقير و(يحمل فيها الماء العذب للشرب).
(و) قال ابن الاعرابي: الفنطاس: (قدح) من خشب يكون ظاهرة منقشا بالصفرة والحمرة والخضرة يقسم به الماء العذب فيها)، وفي نص ابن الاعرابي: بين اهل المركب.
ومما يستدرك عليه: أنف فنطاس، اذا كان عريضا، عن ابن دريد.
واخيرا فهذه هي الفنطاس التي كانت الاسر الكويتية عندما تريد ان تتوجه الى هذه القرية تؤكد على السائق الذي يحملك في السيارة اللوري الشاحنة ويجب ان تحضر صباحا وقد تستغرق الرحلة وقتا من الزمن يتوجه افراد اسرتك لتوديعك او توديع من يريدون ان يتوجهوا في فصل الربيع لأن رؤياهم مرة ثانية لن تتم الا بعد شهرين كأنها اليوم السفر الى اوروبا او بعض البلاد العربية في فصل الصيف كانت الاسر تأخذ معها كل وسائل التموين لأنه لا يوجد هناك شيء تعتمد عليه وتعتبر منطقة وغيرها شبه معزولة او مقطوعة.
اليوم نسي كبار السن الذين كانوا يتغنون بالفنطاس وستدخل في عالم النسيان بعد ان اصبحت منطقة عمرانية تعج بها العمارات، والتي غيرت من معالمها القديم وهذه سنة الحياة.