عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 14-03-2008, 06:12 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

كتب:عبدالعزيز العندليب

تعقيبا على ما يكتبه الاخ المفضال المحقق البحاثة الاستاذ / فرحان عبدالله الفرحان عن العوائل الكريمة والاسر الكويتية القديمة وما اورده حول آل النقي.. من ان المرحوم علي بن نقي بن محمد بن فلاح جاء باسلحته الى الكويت في زمن المرحوم الشيخ مبارك الصباح في محمل آل صادق وكان النوخذة هو الحاج عباس بن نخي اردت ان اذكر بعض الحقائق التاريخية التي لا يرقى شك الى صحتها وبعضها مدون في السجلات والكتب منذ زمن، والواقع ان الموقع الجغرافي لبلدنا الحبيب الكويت كان له دور كبير في ان تكون مدينة تجارية بل معبرا للتجارة من الهند الى العراق فالشام فاوروبا عبر تركيا وعبر البحر الابيض المتوسط وكانت فكرة ربط المنطقة بخط السكك الحديدية من كاظمة الى حلب مرتكزة على هذا الواقع اي باعتبار موقع الكويت الجغرافي الاستراتيجي،، وكانت التجارة في الازمان، في مواد متنوعة حيث لم تكن هناك قوانين كالموجودة حاليا تحصر التجارة في انواع معينة فلا يجوز لتاجر المواد الغذائية مثلا ان يضع في رخصته، حق استيراد الاقمشة او تاجر استيراد السيارات ليس له الحق في استيراد المواد الكهربائية والصحية في رخصته الممنوحة له لاستيراد السيارات فكانت التجارة شاملة لمختلف انواع المواد، وان كانت هناك اسواق خاصة لانواع معينة من المواد كسوق الحلوتي مثلا وسوق اللحم وسوق السمك وسوق الخضرة وسوق البوالطو، وسوق العلمين وسوق الزل وسوق الصفافير وسوق الصاغة وسوق الجت وسوق الحمام وما الى ذلك، فالتجارة على العموم كانت في جميع ما تحتاج اليها الكويت، وكانت الاسلحة من ضمن المواد التي يتاجر فيها حيث لم يكن الاتجار بالسلاح ممنوعا وكان عدد من التجار يتعاملون فيها بيعا وشراء واستيرادا وتصديرا، ويكفي للدلالة على هذا الزعم ان هناك سوقا في الكويت يدعى بسوق السلاح وهو متفرع من الشارع الكبير المسمى «شارع الغربللي» حاليا وهو الاسم القديم له وقد استبدل به حينا من الزمن اسم اخر وعادت المياه الى مجاريها كما يقال بل عادت الجهة المسؤولة الى رشدها واعادت له الاسم القديم وهو شارع الغربللي نسبة الى آل الغربللي الكرام الذين كانوا اصحاب اكثر المحلات فيه المهم ان سوق السلاح هذا موجود وفيه كانت الاسلحة تباع وتشترى وتنقل منه الى هنا وهناك ومن الذين كانوا يتاجرون بالسلاح ضمن باقي المواد عدد من تجار الكويت ومنهم آل معرفي الكرام كما ذكر احد افراد اسرتهم وهو الاخ محمد تقي محمد جواد معرفي، والصحيح انهم لم يكونوا يتاجرون بالسلاح دون غيره من المواد فهم مشهورون باستيراد عدد من المواد الغذائية وتصديرها وكذلك في الاقمشة «الخام» فلم تكن الاسلحة تجارتهم الوحيدة كما ان آل معرفي «الحاج محمد تقي بن غالب والحاج نجف بن غالب وابناء عمومتهم كانوا يتاجرون في السلاح ضمن مواد مختلفة وبين يدي الان مجموعة اوراق تشير الى ان حاكم الكويت «السابع» المرحوم الشيخ مبارك الصباح قد طلب الى الحاج نجف بن غالب ان يشتري له من مسقط عدد كذا من «التفاكة - البنادق» وكذلك «الفشك - الطلقات» وكانت تجارة الاسلحة رابحة يومها في الخليج بشطرين « الشرقي - ايران» والغربي «عمان والسعودية وامارات الساحل الهادن كما يسمونها سابقا TRUCIAL COAST والكويت والبحرين وقطر» وكذلك في الهند تستورد من مصارد مختلفة اوروبية وغيرها، اما في ما يخص ما ذكره الاخ المفضال الاستاذ فرحان عن حمل المرحوم علي بن نقي السلاح الى الكويت في زمن المرحوم الشيخ مبارك الصباح فهذ لا شك حادثة تاريخية مشهورة قد ذكرها بعض المصادر منها كتاب «تاريخ الكويت السياسي للمرحوم حسين خلف الشيخ خزعل» حيث ان المرحوم علي بن نقي « الحسيني» ومعه ابناء عمومته وهم محمد باقر بن علي ومشتاق وغيرهم كانوا اشتروا السلاح ضمن مشتروات اخرى للمتاجرة فيه وكانت ظروف المنطقة عامة والكويت بالذات تقتضي الحصول على السلاح لدخول الكويت - كما يقول المؤرخون لعدة حروب وتعرضها لعدد من المناوشات من الجيران وحيث كانت هناك معاهدة 1899م بين المرحوم الشيخ مبارك الصباح وبين الحكومة البريطانية وبدايات التحضير لتكوين دولة قوية منيعة تستطيع صد هجمات الاعداء عليها ولم يكن قرار منع المتاجرة بالسلاح قد صدر بعد فقد اتجه المرحومون علي بن نقي فلاح ومحمد باقر بن علي ومشتاق ومن معهم الى الكويت في محل «سفينة» تابع لآل صادق وكان النوخذة يومها الحاج عباس بن نخي المعروف بمهارته ومعهم السلاح الذي تم شراؤه في مسقط وكان بلجيكي الصنع، وفي هذه الاثناء صدر من الحكومة البريطانية قرار منع الاتجار بالسلاح وانتشرت القوات البريطانية في الخليج لتنفيذ هذا القرار ومصادرة اي قطعة سلاح يحصلون عليها مع اي شخص، وكانت المفاجأة ان لحق منور بريطاني «بارجة حربية» السفينة التي يقودها النوخذة الحاج عباس بن نخي وفيها السلاح وهي متجهة الى الكويت وبرزت هنالك حنكة النوخذة المعروف حيث امر بوضع خشبه على الماء وفوقها كنديري «سراج من نوع بدائي قديم» يضيء ليوهموا ربان المنور بان السفينة قد رست في البحر بينما كانت قد غادرت في طريقها الى الكويت ولدي وصولها ذهب الحاج علي بن نقي ومن معه الى منزل الحاج جراق الحداد واخبر الشيخ مبارك بالقصة فأمر بسحب السفينة الى البر للوشار وطلائها بالسل وكأنها موجودة منذ زمن على الشاطىء للتصليح وتم كل ذلك في الليل حتى اذا وصل المنور فرأي السفينة مطلية ولا اسلحة فيها ولا ركاب فذكر للشيخ مبارك القصة انه يبحث عن سفينة هربت من التفتيش وكانت محملة بالسلاح وانها هي هذه السفينة فانكر الشيخ مبارك علمه بذلك وقال ان السفينة هذه موجودة للتصليح والصيانة منذ فترة والمهم في الامر انه بهذه الطريقة تخصلوا من تفتيش السلاح ومصادرته وتم حصول الشيخ على هذه الاسلحة التي الزم اصحابها باستلام قيمتها رغم رفضهم واصرارهم على ان تكون هدية منهم للشيخ الذي شكرهم وقدر عملهم هذا البطولي، ولا ريب في ان قيام هذه المجموعة بهذه الرحلة كان نوعا من المخاطرة ويحتاج الى جرأة وشجاعة وذلك لامكان وقوعهم في يد السلطات البريطانية وعدم انفلاتهم من قبضة البحرية لسيدة البحار والامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس آنذاك لولا هذه الفكرة التي خطرت ببال النوخذة عباس وانطلاء الحيلة على ربان المنور، بفضل من الله.
اما تسميته المرحوم الحاج علي بن نقي بن فلاح بالحسيني فلا يعني انه من بني هاشم وسلالة الامام الحسيني ابن الامام علي عليهما السلام حفيد النبي محمد عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام بل الارجح ان حسيني هو اسم احد اجداده وهناك كثير من العائلات تنتسب الى ابائها واجدادها. فالخالدي نسبة الى جدهم خالد والعازمي من ولد عازم والصابري من ولد صابر والمالكي من آل مالك وهكذا وعلى العموم فقد كان شخصية نبيلة كريمة يحسب لها هذا الدور الهام في تقوية بنية البلاد من الناحية العسكرية والامنية وكفاه ذلك فخرا كما يذكر - انه قد زود بها عبدالعزيز عبدالرحمن آل سعود» «الملك عبدالعزيز في ما بعد» بالسلاح عند عزمه على استرداد ملك ابائه في الرياض انطلاقا من الكويت وذلك بواسطة احد رجالات ابي سعود واسمه «بن مزين» فقد اشترى من الحاج علي بن نقي كثيرا من احتياجاته من السلاح لدخوله حروبا عديدة ومعارك مختلفة في سبيل توحيد مملكة «العربية السعودية الشقيقة» وقد كان المرحوم علي بن نقي دمث الاخلاق وطيب المعشر ذكي النفس سخيا محبا للفقراء وعطوفا عليهم ساعيا في قضاء حاجاتهم، رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته، هذه صفحة من صفحات التاريخ المشرقة لرجل ساهم في خدمة الكويت باخلاص، وبنى له ولاسرته مجدا وخلف ذكرا طيبا وسيرة عاطرة، اردت ان اذكرها تبيانا للحقيقة كما عرفت وبالرجوع الى التاريخ واحداثه، واني اذا اشكر اخي الاستاذ فرحان حفظه الله على جهده المضني ومساهمته المجدية الفعالة في خدمة التراث الكويتي الزاخر بالامجاد.


30/5/2003
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"