عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 30-06-2009, 05:11 AM
عنك عنك غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
الدولة: الـكـويــت
المشاركات: 412
افتراضي حمد يوسف بن عيسى القناعي

حمد يوسف بن عيسى القناعي
غيّب الموت امس احد رجالات الكويت، وشيخ المحامين حمد العيسى ابن المرحوم الشيخ يوسف بن عيسى القناعي. الفقيد من مواليد 1930، تلقى تعليمه عند الكتاتيب، ثم التحق بمدارس الكويت، ونال شهادة الليسانس في الحقوق من جامعة القاهرة في مايو 1956.
تولى مدير ادارة المحاكم عام 1958، ثم عين مديرا لدائرة شؤون الموظفين، التي اصبحت فيما بعد ديوان الموظفين، وكان اول رئيس له.
مارس مهنة المحاماة عبر مكتب خاص يحمل اسمه منذ عام 1959، وقبلها كان المحامي يعرف باسم «المعقب»، اي معقب القضايا، عرف بموقفه الرافض لتخفيف العقوبة على جريمة الشيك بدون رصيد، لأن الكويت بلد اقتصادي، ومتى ما اخلت بالثقة تصبح بلا قيمة.
مارس الكتابة لأول مرة في مجلة «البعثة» عام 1946، وقف ضد تدخل العسكر في الحياة السياسية، وان عرف بتأييده للقوميين العرب.
أطلق تحذيرات عدة من خطورة الاحزاب غير المعلنة خاصة الاحزاب السرية من الاخوان والسلف، وهؤلاء يخشى من خطرهم على السلطة، وقال «احذر ان تتحول الكويت الى افغانستان ثانية».
عاصر اهم الاحداث العربية في الخمسينات والستينات، ومنها قيام ثورة عبدالناصر عام 1952، واستقلال الكويت عام 1961، وهزيمة عام 1967 الى نكسة الثاني من اغسطس عام 1990.
نادى بالديموقراطية التي لا تسلب حق المواطن وبالوطنية بديلا عن «القومية التي ابتزتنا».
ابتعد عن العمل السياسي، لأن فيه كذبا ونفاقا، وابقى نفسه فوق الصراعات يعتبر من مؤسسي نادي الاتحاد العربي في الكويت، والرابطة الادبية في الخمسينات، وتجمع الرواد الديموقراطيين في السبعينات.
ارتبط بعلاقات صداقة خاصة مع سمو امير البلاد منذ الستينات ولم تنقطع، وكذلك مع نخبة من المفكرين والفقهاء والمثقفين المصريين.
رحم الله الفقيد، واسكنه فسيح جناته، و«القبس» التي آلمها المصاب، تتقدم من اسرة الفقيد ومن الزميل حسن العيسى بأصدق التعازي، سائلة المولى عز وجل ان يتغمده بواسع رحمته.
الموت غيب حمد يوسف العيسى بعد مسيرة حافلة في العمل الوطني شيخ المحامين الكويتيين في ذمة الله فقدت الكويت أمس »شيخ المحامين« حمد يوسف العيسى الذي غيبه الموت عن عمر يناهز خمسة وسبعين عاما قضى معظمه في خدمة الكويت والعمل الوطني فيها.
والعيسى ليس رجلا اسطوريا لكنه يمتلك »الفرادة« بالموقف وليس شخصا خارقاً, لكنه مؤمن بفكر حر يلتزم به مع نفسه, وان كان ذا سيرة جامعة في الاصلاح والبناء والتشريع والمحاماة, ولذلك كانت هذه القراءة لفكره ولتاريخه.
قبل نحو اربع سنوات استضافه الاعلامي عبدالرحمن النجار في برنامج حواري قال فيه بلهجة صادقة: هناك في الكويت »احزاب غير معلنة تتآمر, وليدها الاموال والسلطة والسلاح والمنابر« وكان احد القلائل الذين كشفوا خطورة تلك الاحزاب وما فرضته من تجمعات وحركات .. واليوم نستذكره لجرأته في الحديث عن هؤلاء وغيرهم بعد ان اصبح الارهاب في عقر الدار يدق الابواب كما يقولون.
وقبل نحو اكثر من 40 سنة اصدر كتابا بعنوان »الكويت والمستقبل« تزامن صدوره قبل الاستقلال باشهر, وضمنه رؤيته لكويت المستقبل, وكيف تبنى الدولة الديمقراطية وبسلطات ثلاث, وصورة الاصلاح الاداري والسياسي للمجتمع الكويتي.
وهي رؤية استبق بها الكثير من الدراسات وتناولت الابعاد السياسية والاجتماعية للدولة, وكيف يحلم بها من احبها وتمناها ان تكون ولا نعرف كم من تلك الاحلام وجد له مكانا على هذه الارض.
في شبابه امتلك نزعة اصلاحية تشبه الى حد كبير اصلاحات والده الشيخ يوسف بن عيسى الذي اخذ منه الكثير, فقد مارس المحاماة كما مارس القضاء, وكان على درجة كبيرة من الوعي بمناداته عبر مقالات كتبها في مجلة »البعثة« بأن يأخذ ابناء الحضر وابناء القرى القسط نفسه من التعليم والا يتساهل التجار مع »الاجانب« فهؤلاء سيكونون الرأس ونحن الذين يسخروننا متى شاؤوا وغير ذلك من الافكار.
من يقرأ له في الخمسينات يشعر انه امام كاتب فيه مساحات من الفلسفة والاصلاح, وانه كما هو حال اقرانه لديهم رؤى وتصورات عن الكويت فيها الكثير من الاحلام والكثير من العدالة والمساواة, لكن من يجلس معه وهو على مشارف السبعين يدرك انه صاحب شخصية مختلفة بالرأي والفكر تنصت له باهتمام واحترام شديدين.
انتماءاته السياسية لم تكن على الدوام ثابتة, خصوصا في مرحلة الشباب وحتى اواسط العمر, فقد بدأ »وفديا« ومال الى »جمعية الإصلاح« لمدة سنة كما يروي بنفسه للزميل حسن عواره في جريدة »الهدف« ثم ناصر »البعث« واتجه الى »القوميين العرب« وكره الحكم العسكري حتى وان كان هذا الحكم ممثلا بعبدالناصر, ليستقر فكره على الايمان بالديمقراطية واقرب ما يكون اليها الفكر الليبرالي الحر.
وكان يكره العمل السياسي ويحتقره لان فيه الكثير من النفاق والمجاملة, ولذلك ابتعد عنه محتفظا بكبريائه وكرامته التي ورثها عن والده, ويدين بالفضل في مجال ممارسته لمهنة المحاماة الى عبدالرزاق السنهوري الذي عمل معه واخذ منه الكثير, وكان له دور في صياغة مجموعة التشريعات الكويتية في الستينات, اي عهد التشريع الاولي للدولة, ويتمتع بصداقات حميمة مع نخبة من المفكرين والفقهاء والمثقفين المصريين, وهي صداقات يعتز بها ويحافظ عليها ووفرت له زادا من المعرفة والثقافة, وهي خاصية جعلته من المدمنين على القراءة بخلاف ما تتطلب مهنة المحاماة.
وقد ارتبط بعلاقات صداقة مع سمو امير البلاد, منذ الستينات وهي صداقة لم تنقطع خصوصا في المناسبات الشخصية وهي العلاقة التي نشأت بينهما عندما انتدبه سمو الأمير وكان في حينه وزيرا للمالية ليعمل مساعدا لرجل القانون الاول الدكتور عبدالرزاق السنهوري.
كان الراحل جريئا لا يتكلم بلغتين ولا يعرف سوى اسلوب واحد.. المواجهة والصراحة حتى وان اغضبتا الاˆخرين, وصراحته تلك املت عليه ان يقول كلاما حول القضاء في عموم الدول في احد البرامج التلفزيونية مما استدعى الامر ايقاف هذا البرنامج عن البث.
عرف عنه حب النكتة والطرفة الذكية والميل نحو الكتابة الساخرة وهذا ما نجده في مجلة »البعثة« عندما كان يكتب فيها في الخمسينات وتحت عنوان »اطرف ما حدث لي« عندما وجد اعلانا جذابا عن شيء يسمى براندي, وصف بانه مفيد ومقو للجسم.. »فما كدت اخرج من المدرسة حتى بادرت بالذهاب الى المحل الذي ذكرت المجلة انه يباع فيه وطلبت منه زجاجة براندي, نظرا الي الرجل لحظة ثم قال: حضرتك تلميذ وعاوز تسكر?.. وقبل ان يتم جملته كنت اتلمس لرجلي موضعا في الشارع العريض«.
وهو أول رئيس لديوان الموظفين وهو منصب لم ينله اي من الشخصيات التي تولته فيما بعد فكانت »الرئاسة« تكريما له ولدوره, وهو لم يتقاض اي راتب بين عامي 1967 ¯ 1969 عندما كان يمارس عمله كمحام الى حين تعيين خلف له.
وكان ثاني محام كويتي بعد سليمان المطوع, يمارس مهنة المحاماة, اي انه يحمل صفة خريج ومحام في الوقت نفسه, واشتهر بانه ابرع من يترافع في القضايا الجزائية والجنائية على الساحة الكويتية, فنال لقب »شيخ المحامين« ما يميزه عن ابناء جيله ومن تبعهم, وقد ساهم بتأسيس جمعية المحامين الكويتية التي انشئت عام 1963 وتولى رئاستها من عام 1983 الى عام 1987 بعد اول رئيس لها وهو المرحوم سليمان خالد المطوع, كما كان من مؤسسي »نادي الاتحاد العربي« الذي يعتبر واجهة البعثيين في الكويت, ومن مؤسسي الرابطة الادبية في الخمسينات, ومن مؤسسي تجمع الرواد الديمقراطيين في السبعينات ولذلك استحق لقب المؤسسين الاوائل وتوفي رحمه الله في 2/12/2005م .
كونا
رد مع اقتباس