عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 28-07-2008, 02:21 AM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي الفنطاس والعم محمد الناصر الحمدان

اعداد\ طلال سعد الرميضي






كانت السفن الشراعية العاملة بمهنة الغوص على اللؤلؤ تبدأ رحلتها في شهر مايو من كل عام بحثا عن اللآلئ والدانات التي تعتبر مصدر رزق للكثير من العوائل الكويتية.

ولكن زمن الغوص الآن قد ولى وانتهى ولم يتبق منه سوى الذكريات الجميلة التي يرويها لنا الرواة الثقات من كبار السن الذين أدركوا تلك الحقبة الزمنية من تاريخ هذه المهنة الكويتية العريقة ليحكوا لنا حياتهم وسط أمواج البحار الزرقاء ولينقلوا صورة حياة الأجداد ومعاناتهم خلال رحلة البحث عن اللؤلؤ والمحار.

وتستضيف صفحة نسايم الصور هذا الأسبوع شخصية كويتية هامة لكونها من جيل آخر النواخذة الكويتيين العاملين بهذه الحرفة القديمة وأحد فرسان مهنة الغوص إلا وهو العم الفاضل محمد الناصر الحمدان الذي يحدثنا عن ذكرياته الجميلة في قرية الفنطاس وعن مهنة الغوص على اللؤلؤ وأموراً أخرى يرويها لنا عبر لقاءنا الممتع معه.


قرية الفنطاس
يقول العم محمد الناصرالحمدان عن ولادته ما يلي:
ولدت في قرية الفنطاس في بيت الوالد الواقع على سيف البحر عام 1921م والفنطاس سميت بهذا الأسم لأن جدنا الأول حمدان بن خزيم الخالدي وضع فنطاس أي تانكي من خشب في هذه المنطقة لحفظ المياه واشتهرت المنطقة بهذا الأسم حتى وقتنا الحالي ويطلق الكويتيون على قرية الفنطاس والقرى التي تليها من جهة الجنوب اسم قصور لأن فيها بيوت صغيرة متفرقة، وقرية الفنطاس في الثلاثينيات والأربعينيات كانت كلها بيوت من طين وتطل على البحر وإذا أصبح الماي مد أي طفوح تصل مياه البحر إلى أبواب البيوت، وكان أهلها يشتغلون بالزراعة ويدشون الغوص في فصل الصيف وتوجد في الفنطاس مزارع طيبة لزراعة الطماطم والرقي والبطيخ.

ويضيف العم الحمدان بقوله: أول من سكن الفنطاس هم أسرتنا الحمدان قبل أكثر من مئتي سنة ثم توالت بعض الأسر إلى السكن في الفنطاس كالدندن والمزيعل والحقان والردهان والعبهول الشنيتير والمجيبل والعديلة والمكيمي والمطاوعة ومح والعميري والنويعم والفرج والدخيل والعجيل والشريدة وآخرين.. وكان أمير الفنطاس هو المرحوم عبدالله العلي الحمدان.
وقد عمل بعض الأهالي في صيد الأسماك وكان الكثير من أهالي الكويت يأتون في الربيع إلى الفنطاس ويسكنون فيها كالنفيسي والرفاعي والشلفان والرميح والعتيقي والمدير والتركيت وتوجد حظور لصيد السمك لحمود بن عبهول العازمي وموقعها مقابل الصهيد ولنا مساكر حيث نضع الغزل في الصبح وفي الليل نقلبه ونجمع السمك الذي نصطاده.


الدراسة عند ملا مرشد
ويستكمل العم محمد الحمدان ذكرياته فيقول:
كان في الفنطاس كتاب أو مدرسة صغيرة لتحفيظ الأولاد القرآن الكريم ويقوم بالتدريس فيها الملا مزعل هزاع الصلال رحمه الله، وكان أيضاً إماماً وخطيباً لمسجد الفنطاس ولكنني درست في داخل الكويت عند الملا عثمان العثمان في براحه ابن دعيج ثم عند مدرسة الملا مرشد وختمت عنده وكان معي في الدراسة من قرية الفنطاس محمد العلي المجيبل، وكما درست في المدرسة المباركية حتى الصف الثاني ثم عدت إلى الفنطاس.
وكانت الدراسة بسيطة وبدون مناهج علمية على غرار هذه الايام حيث كنا في الماضي ندرس الكتابة والقراءة ومبادئ الحساب وحفظ القرآن الكريم.
ويقول الحمدان عن التطبيب قديما ما يلي: كان التطبيب قديماً في الفنطاس لدى بعض الرجال الذين لديهم خبرة بسيطة في تجبير الكسور والعلاج الشعبي ولا توجد مستوصفات عندنا حيث اذا مرض احدنا يتوجه الى المستشفى الاميركاني في داخل السور، اما التوليد فتقوم بهذه المهنة عدة نساء من اهالي الفنطاس ويساعدهن حريم الفنطاس وكلهن جيران وجماعة.
ومن اشهر من عملن بالتطبيب بالفنطاس المرحومة منيرة العديلة «ام سلمان» والمرحومة هدباء براك الحمدان «ام خزام».


أول أمير للفنطاس
ويقول العم محمد الناصر الحمدان حول قرية الفنطاس: تولى جدي حمدان بن حمدان بن خزيم الخالدي اول امارة لقرية الفنطاس وثم تلاه في امارة القرية ابنه احمد، وخلفه على امارة الفنطاس عبدالله العلي الحمدان بتفويض من الشيخ مبارك الصباح حاكم الكويت السابع وعرف عن الامير عبدالله العلي الحمدان التدين والجود والكرم وحسن الخلق، ويذكر بأنه اول من وضع سبيل الماء للمارة على الطريق العام الذي يحد القرية وهو طريق الداكوك اي طريق المشاة والدواب، واشتهر ابنه فهد باسم فهد الامير بعد وفاته.

اما اول مختار في الفنطاس فهو المرحوم احمد السالم الحمدان حيث تم انتخابه عام 1961م وكان مختار للفنطاس والعقيلة وابو حليفة والفنيطيس والمنقف وخدم سنوات طويلة وساعد الأهالي في انجاز اعمالهم وحل مشكلاتهم، وقد عمل المختار حمد الحمدان مدرساً في اول مدرسة بالفنطاس وذلك لنقص بعض المدرسين فيها لعدة سنوات وقد انتقل الى جوار الله يوم الجمعة الموافق 14/6/1996 م بعد ان عمل مختاراً لمدة اربع وثلاثين سنة.


مسجد الحمدان
يقول العم الناصر الحمدان بأن أول مسجد في الفنطاس هو مسجد الحمدان الذي أسسه جدنا حمدان بن خزيم الخالدي حوالي سنة 1780م وسجل ذلك على لوحة المسجد وحفر عين ماء في جهة الشمال الغربي من المسجد لتستخدم لوضوء المصلين وكان المسجد مبني من طين وخشب الجندل والباسكيل ومساحته تقريباً ثلاثة عشر متراً في أربعة أمتار ويكفي لحوالي أربعة صفوف من المصلين وكان موقع المسجد في الموقع القديم الأول للفنطاس وأول من صلى فيه هو جدي المرحوم حمدان بن خزيم ثم ابنه أحمد وبعده أفحاده حبيب أبو غانم وناصر أبو سلمان وحمدان أبو خزيم ورشيد الحميان وابن طريخم النجدي.
ثم تغير مكان المسجد وأعيد بناءه مرة أخرى، واتذكر في صغري توجد حجرة عند السدرة فسألت والدي رحمه الله فقال لي هذه أطلال مسجد الحمدان القديم.


الملا حمدان الحمدان
ويقول العم محمد الناصر عند سؤالنا له عن الملا المعروف حمدان أحمد الحمدان.
هو عمي أخو والدي وكان رجلاً مطوعاً وولد عام 1880 وكان حافظاً لأجزاء من القرآن الكريم وإماماً في مسجد الحمدان وفتح مدرسة صغيرة في ديوان الحمدان لتدريس أبناء قرية الفنطاس وذلك بالمجان دون مقابل، وعمل أستاذاً في مهنة البناء وقام ببناء الكثير من البيوت في الفنطاس وارتبط بعلاقات طيبة مع الشيخ سالم المبارك حاكم الكويت التاسع ويعتبر ابنه خزام أخاً في الرضاعة للشيخ صباح السالم الصباح، وتوفي الملا حمدان في عام 1968، يرحمه الله ويسكنه فسيح جناته.
ولايزال أهالي الفنطاس يذكرونه بالخير لأفعاله الطيبة.


خرافات وأشباح
يحدثنا الحمدان عن موضوع الأساطير والخرافات والأشباح المنتشرة بين أهالي الفنطاس في تلك الفترة بقوله:
كنا نسمع عن الطنطل والسعلوة وحمارة القايلة وأم السعف والليف من أهالينا وكنا نعتقد بصحة هذه الشائعات وان هناك شخصيات موجودة على أرض الواقع مثلها واتذكر في إحدى الليالي كنت أمشي مع أخي رحمه الله في مزرعتنا الواقعة جنوبي الفنطاس وشفت شخص غريب أسمر البشرة يمشي ويطمر أي يقفز وسألت أخي فقال لي مالنا شغل فيه هو يمشي بطريقه ونحن نمشي بطريقنا.
وأكملنا الطريق إلى البيت ولم أره مرة أخرى.


الوالد النوخذة ناصر الأحمد
ويقول الحمدان: الوالد رحمه الله عمل بالبحر منذ بداية حياته مع جدي حتى صار والدي نوخذة اضافة لعمله بمقوعه الخاص في زراعة القمح على الامطار الموسمية اما من حيث الغوص فالوالد كان نوخذه وعنده سفينة من نوع شوعي بالتجديف والشراع ومعه اثنا عشر غيصاً واربعة عشر سيباً وكلهم كويتيون وكان يذهب الى الغوص في الموسم الكبير الرسمي واحياناً يدش موسم الردة وموسم الرديدة وهما موسمان لدخول السفن الشراعية الى المغاصات بعد انتهاء موسم الغوص الرسمي في مطلع اكتوبر وهذان الموسمان «الردة والرديدة» غير ملزمين على البحارة ويكونان في شهر اكتوبر ونوفمبر، واتذكر ان والدي وجد حصباة باعها على تجار البحرين بعشرين الف روبية وجدها بهير اسمه فساقة ابن حمدان.

اضافة إلى ذلك كان عنده دكان استمراراً لدكان والده احمد الحمدان وكان يبيع فيه مواد غذائية مثل العيش وقلال التمر وكان دكانه جزءاً من ديوانه، حيث كان ديوان الحمدان منفصلا ويشمل المجلس الرئيسي وديوان وحوش وكذلك غرفة خاصة لقلال التمر وفي وسط هذه الغرفة حضرة يتجمع فيها الدبس النازل من قلال التمر المرصوصة على بعضها والقلال معمولة من حوض سعف النخيل ويوضع فيها التمر ومساحة الغرفة مترين في ثلاثة امتار.
وكان الوالد يهتم في ديوان الحمدان وهو من اقدم الدواوين بالفنطاس وفي شهر رمضان كان يتفطر بعض اهالي الفنطاس ومنهم المؤذن محمد العيسى الردهان الذي يقوم بالتلاوة بعد صلاة التراويح لعمل الختمات في الديوان وعمل والدي في الزراعة في عين زراعية ضمن مقوع الحمدان بالفنطاس وتوفى رحمه الله سنة 1968م وعمره يناهز التسعين عاماً.


فساقة ابن حمدان
ويستكمل العم محمد الناصر الحمدان ذكرياته القديمة عن فساقة ابن حمدان فيقول:
الفساقة هي نوع من اساليب تجمع المحار في النوع وهو موقع بحري وقد سميت بهذا الاسم نسبة الى عمي النوخذة سالم الاحمد الحمدان الذي اكتشف هذا المغاص المليء بالمحار واللالئ فسمى هذا الهير او المغاص بفساقة ابن حمدان وعمقه حوالي عشرة ابواع ووجد والدي حصباة في هذا المغاص وباعها بعشرين الف روبية وقد عمل عمي سالم نوخذه بالغوص سنوات طويلة وتوفق فيه وكان مشهوراً وعرف عنه درايته الواسعة في البحر وكان يمتلك عدة سفن شراعية للغوص اشهرها كان السنبوك المسمى بالحمداني الذي باعه على النوخذه المعروف راشد بورسلي، وشوعي اسمه الحمر ويقول حنيف المزيعل عنه:

هذا الحمر بليا مهابيك... لاخطف جدام الخشب كنه الديك

واذكر انه طبعت له سفينة شراعية اثناء موسم الغوص في منطقة ظهر ابوعلي، وتوفي النوخذة سالم الحمدان في سنة 1957م رحمه الله رحمة واسعة.

نستكمل الحلقة الثانية من ذكريات العم الفاضل محمد الناصر الأحمد الحمدان ليحدثناعن تجربته الفريدة مع التنوخذ على سفن الغوص علىاللؤلؤ قبل نصف قرن وفي اواخر عهد الغوص بالكويت.

رد مع اقتباس