عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 25-04-2008, 07:14 PM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي عقاب محمد الخطيب - القبس




أجرت الحوار: حنان عبيد - القبس (05/08/2007 )

اسمه تاريخ لمكانه، هو نعمة ورضا من الله. جرأة ونقد ودعابة ساخرة تميزه وتحبب الجميع به. اذا سرد قصصه فهي كالنهر الذي يسيل بعذوبة الكلمات فتنسى الزمن وتبعث روح الماضي وعبقه من جديد في مخيلاتنا وكأننا نعيشه من جديد معه بتفاصيله من دون نهاية.
الرجل الذي عاش قساوة الحياة، وكافح بكل جوارحه ليساعد اهله واهل بلده. الرجل الذي خشنت راحة يديه من المنشار والرندة والمطرقة.. ونعمت اظافره من حضنه الدافئ الذي ربى اطفالا واجيالا. هو اول من أرسل في بعثة رسمية الى البحرين لدراسة النجارة في الكلية الصناعية، واول رجل تربوي تخصص في مرحلة رياض الاطفال منذ الاربعينات وتميز بالقدرة الفائقة على ادارة الاطفال.. هو من الاوائل الذين مارسوا التمثيل في الكويت على خشبة المسرح واشرف على التمثيل في المدرسة المباركية..

سيرته طويلة وقصصه أطول، ومهما كتبنا وقلنا عنه فهو القليل القليل بحقه. انه المربي الفاضل الكبير عقاب محمد الخطيب الذي كانت لنا معه هذه الاستراحة المميزة، والتي تنشر على حلقتين:


النجارة اول مهنة عملت فيها ثم انتقلت للتعليم والتمثيل وها انت اليوم تعود للكار الاول وتفتح شركة لبيع ادوات النجارة، مع ان هذا العمل لا يتناسب مع اتجاهاتك وميولك، فلماذا النجارة مجددا؟
- سأقص عليك في البداية قصة تعلمي النجارة، فأول عمل تعلمته في البحرين هو النجارة، لان النجارة لا تحتاج الى ادوات غالية الثمن، لذلك أرسلت على حساب الشركة للدراسة في البحرين، وفي ذلك الوقت كان الأهالي لا يقبلون ارسال اولادهم للخارج للتعلم وهذا الكلام سنة أربعين، لكن والدتي - الله يرحمها - كانت تحب ان يتعلم اولادها مع انها غير متعلمة، فشاورتها بخصوص ذهابي في البعثة الى البحرين لأتعلم النجارة، فقالت لي: 'شوف انا لا اقرأ ولا اكتب، ولكن الشيء الذي فيه مصلحتك لا تشاورني فيه وتوكل على الله'، وافقت على الذهاب للبحرين وايضا وافق خالد الغربللي، فكنا نحن الوحيدين اللذين قبلا بالذهاب في هذه البعثة.

تعلمت النجارة في فترة سنة ونصف السنة وكنت متشوقا للعودة الى اهلي لاساعدهم، فعائلتي فقيرة ولا يملكون شيئا، امي خياطة واختي تساعدها والحمد لله رب العالمين على كل شيء، لكنني لم اوفق في العمل بالشركة بسبب احد المسؤولين الذي كان عصبيا ومؤذيا، فتوقفت عن العمل في الشركة، ومنذ ان كنت نجارا، لم اتوقف عن اهتمامي بهذه المهنة، وعندما اصبحت معلما كان لدي مكتب لأدوات النجارة مع شريكي عبداللطيف الفلاح هو يدير المحل وانا ادرس، وعندما اصبح لدينا مبلغا من المال فأردت ان ارتاح من التدريس، لان مهنة التدريس ليست سهلة ولم يكن هناك حريم يدرسن الاطفال، فكانت المهمة للرجال، ايضا الرجال لم يقبل فيهم اي واحد تدريس الاطفال، انا قبلت، واستمررت في مهنتي الاولى الى اليوم.

ما العامل المشترك بين هذه المهن الثلاث التي امتهنتها والتي تميزت فيها وكنت اول من عمل بها؟
- أعتبرها كلها تجارب في الحياة، احاول دائما تجربة كل شيء فكل شيء عملته وكل شيء اشتغلت فيه، اضاف الي تجربة في حياتي وجدت نفسي فيها.

بعد ترك الشركة طلبني مدير المعارف عبداللطيف الشملان - رحمة الله عليه - وقال لي لماذا لا تدرس عندنا احسن لك من شغل النجارة؟ فوافقت ومن اول مرة لم استطع التدريس فقلت لمديرنا انني لا استطيع ان ادرس، فقال لي ان كل عمل يبدأ صعبا ويصبح سهلا فما رأيك ان تدخل مع صالح عبدالملك الذي كان مدرسا - رحمة الله عليه - تراقبه كيف يدرس وتتعلم منه، فان وفقت أكمل في تدريس الاطفال، وان لم توفق فتوقف عن التدريس؟
- فدخلت معه عدة مرات الى ان ارتحت وقررت التدريس، كانت الورطة الكبرى في تدريس الاطفال في عمر خمس الى سبع سنوات فقط، وللاسف لم يقبل احد تدريس هذه الاعمار، اما انا فقبلت بشرط الا يتدخل اي احد في عملي، وطريقتي في التدريس فعملت طريقة لم يعمل بها احد قبلي، ولن يعمل بها احد بعدي، فطلبت منهم ترك الامر لي فان نجحت اكمل وان لم تنجح طريقتي أعود إلى طريقتهم في التعليم.


إدارة الاطفال
طريقة تدريسك للاطفال باللعب والاناشيد كيف خطرت ببالك من دون سابق خبرة؟
- من قبل المدرس معروف انه 'بعبع' يخوف، فاذا رأوا مدرسا يهربون من طريقه، وطريقة تدريسي من فكري ولم يقل لي احد عليها، وببساطة أردت ايجاد طريقة لاحبب الاطفال في، ولا لأكون 'بعبعا' كالباقين.. فأخذت ألاعب الاطفال ليتعلموا ويصفقوا ويغنوا وهذا افادهم كثيرا الى ان راجت القصة واعترض اولياء الامور ومجلس المعارف علي، فقالوا هذا يدرس ام يلعب؟ كنت ادرس الرياضة والحساب واللغة العربية، وجاءني مدير المعارف السيد احمد صادق حمدي (مصري الجنسية) على مستوى عال في التعليم. وقال لي: يا عقاب جماعة مجلس المعارف محتجون على طريقتك في التدريس، وبالفعل هذه طريقة جديدة ومن حقهم استغرابها والاعتراض عليها، فقلت له: يجوز أنني غلطان فلماذا لا تأتون للصف وترون طريقتي ومن ثم تحكمون، فوافق وجاء كل اعضاء المعارف، وجلسوا في الخلف، حتى لا يراهم الاطفال، وكانت حصة الحساب، فقلت للاطفال اليوم سنغني، فما هي الاغنية؟ فقالوا: الدجاجة، واغنية الدجاجة هي التي كانت تسهل عليهم عملية الجمع وكانوا كلما صفقوا صفقة واحدة تبيض الدجاجة بيضة، وبذلك يجمعون عدد البيضات ليعرفوا كم باضت، فصفق الاعضاء لي على طريقتي في تعليم الحساب ومشيت طريقتي هذه في تدريس الحساب وعندما يكون الاطفال متعبين اجعلهم يغنون غناوي عادية لدرجة ان الحريم عندما يذهبون لشراء حاجياتهم يمرون قصدا صوب الصف ليسمعوا الاغاني فيفرحون بها، بعد ذلك جاءني مدير المعارف وقال لي انه سينقلني واطفالي الى مدرسة خاصة بنا بعيدا عن مدرسة المباركية وانا سأكون الناظر فيها وافقت ووضعونا في ديوانية السيد خلف في اقبلة واسميتها 'روضة البنين المستقلة' حتى ان عبدالله الجابر - رحمة الله عليه - قال لي: شنو مستقلة؟!
فقلت له: مستقلة اي ان روضة البنين اصبحت مستقلة عن المباركية، وليس الاستقلال الذي تريدونه، ماذا فعلت في الروضة؟ لقد جمعت الاولاد الشياطين وعملت حدائق للدجاج والحمام والارانب وللزراعة ووضعت مسؤولا عليها فكانوا مشغولين بهذا الامر والباقي اصبحوا مراقبين على الصف فارتحت، وكلما دق الجرس كنت اخرج للساحة والعب مع الاطفال بالتراب واشترك في كل ألعابهم واذكر ان احد الاطفال قال لي: يا عقاب انت يا هل فقلت له: نعم انا يا هل: فقال: بس انت عود، فقلت: انا يا هل عود والعب معكم بالتيلة وبكل شيء تحبونه.
وفي احدى المرات جاءتني حرمة تشكو من انها تعبت ولا احد يساعدها في البيت ماذا تفعل تحمل طفلها او تطبخ او تخم وقالت: انت يا عقاب بالك واسع وتحب المساعدة الله يجزيك خير فلماذا لا تأخذ عيالنا عندك في المدرسة فأعمارهم ثلاث او اربع سنوات؟، ما تخليهم عندك وعندما يدق جرس المدرسة اكون انا وصديقاتي انتهينا من اعمالنا في البيت فنأتي لاخذ اطفالنا وكانوا عشرة اطفال انا احب المساعدة كثيرا لذلك طلبت من مدير المعارف عشرة اسرة لهؤلاء الاطفال، فأحضروا الأسرة وامنت للاطفال كل شيء من مأكل ومشرب وساعدني الفراشون في هذا العمل فكان الاطفال يلعبون ويأكلون ثم ينامون فنجحت طريقتي وكانت من احسن ما يمكن.
اذكر اخي الدكتور احمد - الله يذكره بالخير - كان يدرس في الجامعة الاميركية في بيروت وجاءني مديرهم في الجامعة وزار مدرستي، فأي زائر كان يأتي من الخارج يحضرونه عندي ليرى كيف ادرس الاطفال جاء ورأى طريقتي فأثنى عليها كثيرا وحتى اخي فرح كثيرا وجاء مدير جامعة البصرة وكتب في الجريدة عني قائلا: 'له مقدرة فائقة على ادارة الاطفال' ثم جاءوا وقالوا لي.. يا عقاب نريد فتح مدرسة ثانية وهي مدرسة المثنى ونريدك ان تذهب اليها فقلت لهم: في مدرستي هذه فيها ثلاثمائة وخمسين طفلا والطفل ليس كالكبير يسمع الكلام بل اذية وانا تعبان كثيرا وفي مدرسة المثنى العدد 750 طالبا وهذا الضعف فقالوا: كل ما تريده فنحن 'حاضرين' له ويا عقاب ليس لدينا احد ليدرس الاطفال وهذه خدمة وطنية لبلدك والعدد الذي تريده من المدرسين خذه معك.

فوافقت وذهبت للمثنى وقسمت المبنى الى قسمين الملحق الذي فيه محمد النشمي عملت فيه نشاطا للتمثيل، وكنت من قبل ايام مدرسة المباركية أمثل مسرحية 'اسلام عمر' ودوري كان نوف بن مالك وكل شهر كنت انا ومحمد النشمي - رحمة الله عليه - نعمل مسرحية هزلية ويأتي عبدالله الاحمد وعبدالله المبارك ويلزم علي عبدالله الاحمد حضورها عندما أمثل مع محمد النشمي، واذكر في احدى السنوات زارنا الشيخ سلمان بن عيسى آل خليفة وجاء معه الشيخ احمد الجابر الصباح والشيخ عبدالله السالم الصباح فدخلوا صفي، وطبعا طريقتي هي نفسها ولم اغيرها 'الاغاني والتصفيقات'، فقال الشيخ عبدالله السالم للشيخ احمد الجابر ترى يا شيخ نحن تأخرنا ورانا شغل فرد عليه الشيخ احمد: لا يا عبدالله خلنا نستانس مع عقاب وعياله. وجلسوا حصة كاملة عندي وهذه كانت قصتي مع التعليم بالاضافة الى انني ادخلت 'عمل اليد' في مدرسة المباركية، فكنا نشكل من الطين موزة او برتقالة واشياء اخرى ونلونها فلم استسغ هذا العمل لانه مكلف ويحتاج الى طين وصبغ وانا نجار اردت ان افيد الطالب وافيد ايضا اهله فأحضرت الخشب وعدة النجارة وعملت منجرة للطلاب اعلمهم كيف يقصون الخشب وينعمونه.

تعليم وتمثيل... نجارة
اذا جعلت من المدرسة مكانا للتعليم وللغناء وللحرفة وهذا ما يحدث اليوم في دول العالم وهو تخصيص مكان للدرس واخر للغناء ومركز للمهنية ليتعلم الطالب الحرف كيف استطعت ذلك؟
- نعم عملت في المدرسة كل هذه الامور بالاضافة الى انه في اخر السنة كنا نعمل معرضا للملابس والطاولات وكل لوازم البيت التي نشتغلها بالمدرسة فوضعتها في غرفة كبيرة في المدرسة لتكون معرضا لمعروضاتنا، وجاءنا راشد السيف مدير مدرسة وصديقنا- رحمه الله- وجاء الزوار واول ما شاهد راشد المعروضات قال:

فن النجارة مثمر بعقابه
بالحق فانطق إن مررت ببابه

فمدحني بأبيات شعر لأنني عملت شيئا من لا شيء، وهناك من اخذ لبيته اغراضا وآخر من باع ليستفيد.
ما أول قطعة من شغل يديك عملتها وبعتها؟
- أول قطعة عملتها 'البورمة' وبجنبيها 'قرشتين' وسعرها خمس روبيات وهي من اولى الشغلات التي عملتها وكانت ناجحة كثيرا، والغريب انني الى الأن افكر بأننا لم نحط ببالنا فنشرب من الزير الذي يحوي السراوي وهو الدود الموجود على سطح الماء، فلماذا نشرب من هذا الماء غير النظيف!! هذا اول شيء عملته ومن ثم استمررت بعمل الاخشاب وقطعها فأحضرت مكاين بحارة ومكاين للقص والحمد لله جاءنا الخير منها.
كيف جمعت بين خشونة اليد والعنف في عمل النجارة مع نعومة الأظافر واليد والليونة واللعب في التدريس؟
- أحب أن أجرب كل شيء في الحياة، وحتى أنني كنت أذهب الى البر وأقص العشب في فصل الربيع وأبيعه عندما كنت طالبا حتى أساعد أهلي، فكل شيء فيه مصلحة عملت فيه إن كان عملا عنيفا او لينا، وانا من الاشخاص الذين يتكيفون مع كل الظروف وبكل الاعمال العنيفة واللينة...
ما رأيك بأسلوب التربية والتعليم المتخذ حاليا في مدارس الكويت؟
- غلط في غلط، حتى أنني أذكر عندما كانت ابنتي مدرسة وجاءت إحدى المدرسات بعد ان سمعت أن لدي تسجيلا للأغاني عندما كنت أدرس وقالت لابنتي: أريد أن ألتقي بوالدك لأسأله واتعلم منه الطريقة الصحيحة في التعليم، فقلت لابنتي لامانع فلتأت، فجاءت وسألتني وحتى الأغاني التي كنت اغنيها للاطفال سجلتها بنفسها وقالت هذه هي الطريقة الصحيحة في التيلعم التي سأسير عليها.
من هم تلامذتك المتميزون والذين أصبحوا رجالا معروفين في الكويت والعالم؟

- سمو الشيخ سعد العبدالله الصباح، وولي العهد الشيخ نواف الأحمد الصباح، الشيخ خالد العبدالله السالم، وجاسم الخرافي وناصر الخرافي، وضرار يوسف الغانم، واكثر القناعات انا درستهم، كلهم الآن دكاترة، جاسم محمد القطامي، وسليمان العثمان..
هل مازالوا يتواصلون معك؟

- نعم، الحقيقة أنني زعلان من الحكومة فلم يكرمني احد ولم آخذ تقاعدا أو مكافأة بعد عمل اثنتي عشرة سنة في التعليم ولليوم لا أعرف لماذا؟ لقد جاءني أحد طلابي القدامى عندما عملوا تكريما للمدرسين القدامى، ولم يكرمونا نحن القدامى الذين أسسنا التعليم، فقال لي وهو زعلان: أنا زعلان زعلان زعلان، فسألته عن السبب، فقال ألستم أنتم مدرسينا القدامى، أنت والاستاذ زكريا وكلكم، أنتم مدرسونا فكيف يكرمون المدرسين الذين أتوا من بعدكم فأنتم الأصليون، فقلت له: تدري ليش؟ قلت هؤلاء كرموهم في يوم من الأيام، أعطوهم درعا أو أي شيء آخر، لكني أنا يا حبيبي أكرم في السنة مرات كثيرة، فأنتم تكرمونني، عندما أذهب مثلا الى أي وزارة من الوزارات وأدخل هناك ينزل الوزير أو الوكيل ويقابلني عند الباب ويقول لي: يا هلا أستاذي ويقبل رأسي ويضايفني على حسب الأصول ويأخذ المعاملة التي حضرت لإنجازها وهو بنفسه ينجزها ويحضرها لي، وهذا هو التكريم الحقيقي، فالتعب الذي تعبته عليهم لقيته، عتبي على أنهم نسوني ولم يكرمونا كأوائل المدرسين القدامى في الكويت، فأسست التعليم لمدة اثنتي عشرة سنة، وعملت مالم يعمل أي أحد قبلي في التدريس، حتى ان أحد الوزراء اقترح تسمية روضة أو شارع باسمي، وعرضه على مجلس الوزراء، لكن مع الأسف، لم يعيروه أي اهتمام

'لقد اسمعت لو ناديت حيا
ولكن لا حياة لمن تنادي'

ماذا عن قصتك مع التمثيل بعد أن تكلمت عن النجارة والتعليم؟
- التمثيل كان في المدرسة المباركية، عندما كنا طلابا، فمثلت مع مدرسينا الفلسطينيين، محمود ومجموعة من الفلسطينيين، وأول مسرحية هي 'اسلام عمر'، ودوري كان نوف بن مالك، ومن ثم عملت مع محمد النشمي وبو حمد وكنا نمثل في المدارس وندعو الناس لمشاهدتنا.

لماذا المسرح الكويتي في حالة انعاش؟
- لأنهم لا يساعدونهم ولا يعطونهم الإمكانات التي يريدونها، وحتى مسارحنا ليست 'ذاك الزود' كمسارح بلاد العالم، فعندما لا يجد الشخص تشجيعا لا يقدر على التقدم في عمله والاستمرار به.

قساوة
عشت في بيئة فقيرة جدا وحياة قاسية حدثنا قليلا عن حياتك؟
- أنا مواليد ،1921 كنت أعشق الصيد وأذهب الى الساحل لاصطياد السمك، وكان عمري اثنتي عشرة سنة، لكن أمي لا تريدني أن أذهب للبحر، لأنها تخاف علي، ففي أحد الأيام صدت صيدا فيه خير كثير وذهبت فرحا الى امي اخبرها بأني اصطدت خوش سمك، فقالت لي: رحت البحر وعصبت علي واخذت السمك ورمته في الشارع، ثم ضربتني كفين محترمين على وجهي، وقلت لها: انا تعبان عليهم طول النهار، وهذا السمك يسوى، كيف ترمينهم؟ فأثر هذا بي، وبعد يومين ذهبت إلى البحر واصطدت احسن من قبل، فأخذت السمك وذهبت لبيت الملا عباس، فهم مثل اهلي، واعطيت ام ابراهيم زوجة الملا عباس السمك وقلت لها: يا أمي اصطدت لك سمكا، ففرحت، وقالت: وينهم؟ فأعطيتها السلة المملوءة بالسمك، فقالت لي: عفيا على وليدي زين سويت الحين رح أسوي مرقة وبلبل، والعجم يعملون مرقة من أطيب ما يمكن فتعشيت هذاك العشاء الطيب، ولم اخبر امي بشيء، وبعدها لم يدخل السمك بيتنا ابدآ كله اعطيه لبيت الملا عباس.

كم أخا وأختا لديك؟
- لدي أخ من أبي اسمه جاسم، وأخي الدكتور أحمد وشمة وفاطمة وطيبة التي توفيت.

علاقتك بالوالد والوالدة؟ وماذا اخذت منهما؟
- مع والدي العلاقة كانت من أحلى ما يمكن، بحياته كلها لم يقل لي كلمة بشعة، وعاملنا معاملة طيبة جدا جدا - رحمة الله عليه - ونحن نمشي على سيرة الوالد على الطبيعة والاخلاق والصدق ولم يزعل احدا ابدا.

الوالدة كانت قاسية جدا، لانها تريد ان تعلمنا بالغصب واذكر قصة مازالت في ذاكرتي لا تنسى، لقد كنا نذهب للمدرسة صباحا ومساء، وكنت تعبان جدا ر أسي يؤلمني كثيرا ولست بقادر على الذهاب للمدرسة، فقالت لي: اذهب للمدرسة واذا لم اذهب ستضربني ضربا قاسيا، فذهبت الى جارتنا ام ناصر وعلي حرارة وتعبان فقالت لي: اشفيك، شكيت لها انني تعبان وأمي ملزمة ان اذهب للمدرسة. فوضعت يدها على راسي واذا برأسي كالنار، فقالت حسبي الله عليك يا وضحة (أمي)، فأخذت الحنةووضعتها على رأسي ووضعتني بالعريش واحضرت الماء البارد لتخفف حرارتي وتركتني لبعد العصر، ثم اخذتني الى أمي، حصل شجار عنيف بينهما وعاتبت أمي كثيرا، وقالت لها: ما تخافين الله ولدك كان سيموت، وبعدها عرفت أمي انني على حق وسكتت.
حتى معاملتها لزوجتك كان فيها الكثير من القسوة لماذا؟ أليست هي من اختارتها لك؟
- كانت قاسية كثيرا مع زوجتي، لقد اختارت امي واختي زوجتي لي، وكيف لا تكون قاسية معها وهي معنا نحن اولادها ذقنا قساوتها الشديدة، زوجتي فقيرة جدا وليس لها لسان يتكلم ففي احد الايام دخلت البيت واذا بمشكلة بينهما، فسألت ما القصة، فبكت زوجتي لأن امي ضربتها، فقلت لها: ما لنا قعدة هنا، لازم نسكن في بيت لنا، فقالت لي زوجتي: يا عقاب ترى الحريم، كلهم هكذا وهذا حصل مرة امامك لكن تعال شوف ما حصل قبل فمرات كثيرة ضربتني بس تعال باشر وشوف، ولا كأن شيء حصل بيننا. فسكت اول مرة ثم عادت وضربتها امامي فتأذيت وطلعت، واخذت بيت استأجرته، وذهبت انا وزوجتي لنعيش فيه، فحاولت بطريقة وبأخرى لترجعنا، فعدنا وللأسف بعد العودة زاد ضرب زوجتي.
فأخذت لي ارضا في الشامية، ولم أخبر احدا بالامر حتى زوجتي، وبنيت بيتا وزرعت الطماطم، وكل شيء ووضعت المؤنة وعملت ديوانية في غرفة، ووضعت تلفزيون وعندما خلص البيت على حسب الاصول، قلت لأمي: انا اليوم عازمكم على الشاي في بيتي، فلم يصدق احد، وركبنا السيارة وذهبنا الى البيت، وتفاجأ الكل، فقلت لزوجتي يا أم عبدالله احضري الفستق لخالتك فحطت الفستق وعملت زوجتي الشاي، ومازالت امي غير مصدقة ما يحدث، فقالت أمي: يا الله تأخرنا على البيت قوموا، فقلت لها: انا وزوجتي وأولادي خلاص سنسكن في بيتنا، وانتم الله معكم، فأنا سأزوركم وانتم تزورونا بدون مشاكل، انتم عزيزون علينا يا أمي ومع السلامة.
بنون وأحفاد
في أي سنة تزوجت وكم ولدا وبنتا لديك؟
- تزوجت سنة 1948 ولدي عبدالله وفضل ومحمد وزيد وطيبة وهند وجميلة، فضل اقرب واحد لي يقدرني ولديه نفس ميولي واتجاهاتي وكل ما اطلبه منه يلبيه.
ما الصفات التي احببتها في زوجتك؟
- اولا هي انسانة لا تحب المشاكل ابدا، لا تسأل كما النساء اين ذهبت؟ ومن اين اتيت؟ عمرها لم تسألني هادئة من احلى ما يمكن والله يخليها ويشفيها.
ماذا عن ذكرياتك السعيدة او الحزينة؟
- حزنت على اختي طيبة كثيرا، لقد كان عمرها اربع عشرة سنة وكانت متفوقة جدا، ولكن مع الاسف اصيبت بالتيفوئيد فأخذناها الى المستشفى، وقبل لم يكن هناك علاج فماتت وهي اصغر البنات، لقد اسميت ابنتي على اسمها لحبي الشديد لها. والحقيقة انني لليوم عندما احط رأسي على المخدة لأنام اذكرها.
(هنا دمعت عينا الاستاذ الكبير عقاب وشعرت انا بغصته التي في صدره واعتذرت له على هذا السؤال الذي فتح جروحاته).
كم حفيدا لديك؟
- الحمد لله أحفادي كثار.
من من أحفادك شبيه جده عقاب؟
- ابن ابنتي طيبة (أحمد) عمره 12 سنة أراه شبيها لي في أيام الطفولة وانطلاقي وحماسي.
تتميز شخصية عقاب الخطيب بالمرح وروح الدعابة ومن يجالسه يضحك كثيرا، كيف تعيش اسرتك جو المرح والنكتة؟
- والله ما تصدقين، فنادرا ما يحدث جو الدعابة في البيت حتى أنني أذكر ان احدى الأمهات التي كانت تحضر أولادها عندي في الروضة، كانت تقول: أتمنى أن أرى أولادك لأشوف معاملتك لهم هل ستكون مثل معاملة عيالنا لعب وغناء ومرح لكن ما حدث هو العكس، فأنا قليل الكلام في البيت أضحك الناس بره ولا أضحك أهل بيتي، لا أدري لماذا.؟

نميمة
نعلم انك من رواد ديوانية 'بو خالد' السيد برجس البرجس وكل سبت تمضي ساعة من الضحك والوناسة هناك، بوعبدالله يقولون أن الديوانيات في الكويت مكان للنميمة والحش.
كيف تعلق على ذلك؟
- انا لا اذهب الى الديوانيات الا الى ديوانية البرجس لان اكثرية الديوانيات مكان للحش، واذكر لك قصة من القصص التي حصلت معي شخصيا، لدي صديق اسمه مرزوق الفهد المرزوق - رحمة الله عليه - وهو صديق اخي الدكتور احمد ايضا، ودائما كان معنا ونذهب مع الربع كل يوم خميس للديوانية، وعلى كل واحد ليلة الجمعة ان يعمل عشاء لنا ويحضره لديوانية مرزوق الفهد، وكان يومها العشاء على ابراهيم الخال، وهو رجل محترم وليس صغيرا، فقبل ان يأتي نزلوا عليه نزلة بالكلام، يا ساتر استغربت هذا الكلام.. واذا بابراهيم الخال يحضر حاملا مجبوس الدجاج والاكل.. وتصدقين كلهم فزوا ويقولون له: تفضل اخوي ابراهيم! صدق او كذب؟ وين الكلام اللي كانوا يقولونه عنه قبل قليل!! سكت وبعد العشاء عزمت بيني وبين نفسي ان لا ادخل هذه الديوانية مرة اخرى بس ربعي مرزوق وغيره، سألوا عني لماذا لم اذهب للديوانية فقلت لهم: هذا الرجل قبل ان يأتي ماذا فعلتم به، شلختوه تشلخ وعندما جاء قمتم كلكم تأهلون فيه، اذن عندما لا اكون موجودا معكم، رح تسوون في مثل ما سويتوا بابراهيم.. فأنا لن احضر للديوانية مجددا وانتم أعزاء وغالين، والذي يريد السؤال عني فليزرني في بيتي'.




مدين ب 12 استكانة شاي
في 2002/11/9 اجرى الزميل جاسم عباس لقاء مع العم عقاب الخطيب ضمن 'صفحات من الذاكرة'. ومن الطريف انه لم يوافق على المقابلة ابتداء الا بعد ان عرف ان الزميل هو ابن المرحوم عباس رضا تقي اشكناني صاحب قهوة عباس وزمون في الصفاة.. ويقول الزميل جاسم: ذكرته بأنه كان من رواد القهوة، وانه كان يشرب الشاي هناك حيث كانت قيمة الاستكانة بيزتين، وكان الوالد لا يحاسبه أحيانا حبا به ولدوره في تربية الاولاد وتعليمهم.
ولقد قلت له مازحا 'عليك دين 12 استكانة، واذا حسبنا سعر الاستكانة ببيزتين وتم استثمار هذا المبلغ منذ عام 1944 حتى الآن فإن دينك سيكون ضخما'.


__________________
رد مع اقتباس