عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 19-03-2009, 03:10 PM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

كتب عبدالمحسن الجارالله الخرافي - القبس :
08/03/2009

ولد المربي الفاضل فضيلة الشيخ أحمد غنام الرشيد في منطقة المرقاب بالكويت عام 1347هـ /1929م. تلقى تعليمه الأولي في مدرسة الملا عثمان عبداللطيف العثمان وإخوانه، ثم انتقل إلى مدرسة الملا سليمان علي الخنيني، ثم في مدرسة الملا مرشد محمد السليمان، ثم انتقل بعد ذلك إلى الدراسة في المعهد الديني، وكان من زملائه في الدراسة في المعهد الديني كل من الأساتذة والسادة الأفاضل: عبدالرحمن مجحم المجحم، وعبدالله العيسى، وحمود الرومي، وعبدالله إبراهيم المفرج، وأحمد البطي بوطيبان، حيث أتقن في مسيرة الدراسة هذه علوم القرآن الكريم وعلوم الحساب، فضلا عن إتقانه القراءة والكتابة في مراحله الأولى من الدراسة.
تلقى تعليمه الديني عن المشايخ الكويتيين المذكورين أعلاه، بالإضافة إلى المشايخ الأزهريين من جمهورية مصر العربية الشقيقة، وعلى رأسهم: الشيخ حسن البولاقي، والشيخ محمد عبدالرؤوف.
قام بالتدريس في مدرسة الملا سليمان علي الخنيني، وكذلك في مدرسة تابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي، حيث درس التلاميذ في هاتين المدرستين قراءة القرآن الكريم ودربهم على حسن تلاوته، وكذلك مبادئ الشريعة الاسلامية من ابواب الفقه الاساسية بما يسهل الالتزام بتعاليم الشريعة السمحة وييسر الالتزام بأحكامها.
تتلمذ عليه كثيرون، لا تسعف المربي الفاضل ذاكرته لحصرهم، ومنهم: الشيخ خميس الناصر، والشيخ علي سعيد السويدي من دولة قطر الشقيقة، ومع كونه معلماً لتعاليم الدين فانه لا يرى لطلب العلم حدا ولا نهاية، فآمن بالحكمة المأثورة، ان الإنسان لا يزال عالما ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل. ومن هذا المنطلق، لم يزل المربي الفاضل يواظب على حفظ ما تيسر له من القرآن الكريم، وقراءة كتب كثيرة من الفقه والعبادات على الشيخ عبدالوهاب العبدالله الفارس، والشيخ محمد سليمان الجراح، ولقد واظب على حلقات العلم لكل منهما حتى آخر حياتهما، رحمهما الله.
وبعد أن تزود بخير الزاد، كما أسلفنا، عمل إماماً وخطيباً في الفترة من عام 1948م إلى عام 1978م، وذلك بمسجد الغربللي ومسجد الوزان ومسجد الإبراهيم ومسجد البحر ومسجد الحداد ثم أخيراً في مسجد العجيري.
وإلى جانب ذلك، فلم يقتصر دوره في خدمة المجتمع على تنوير الناس وتثقيفهم من خلال منبر الخطابة من داخل المسجد، بل انطلق خارج المسجد يطبع الكتب ويوزعها ويوفرها لطلبة العلم، كما كان يسعى في سائر الأعمال الخيرية وتوصيل الزكوات وصدقات المحسنين إلى من يحتاجها، كما انطلق إلى منبر آخر وهو منبر الإعلام، حيث آمن بأهمية الرسالة الإعلامية للإمام والخطيب، فقام بتسجيل برنامج اسمه «دروس رمضانية» لإذاعة الكويت، وكان يذاع طوال شهر رمضان المبارك عام 1414هـ /1994م.
لم يكن هذا الانطلاق في كل هذه المجالات والمنابر من فراغ، بل كانت خلف هذه الانطلاقة مكتبة ضخمة، تضم ما يربو على خمسة آلاف كتاب حافلة بأمهات الكتب من مصنفات الفقه وكتب التفسير وتراجم الرجال وكتب التاريخ ودواوين الشعر والأدب.
أما طباعه الشخصية، فهو جاد في وقت الجد، ومرح يحب المزاح المباح في وقته المناسب، يهوى نظم الشعر، وله ولع واضح بكتب الأدب والدين، وله الكثير من القصائد المعروفة لدى الكثير من أهل الكويت.
لقد اتصف، رحمه الله، بخصلة نوعية خاصة من خصال الكرم تتناسب مع إمكاناته الأدبية وحسه الطيب، حيث كان لا يسره شخص أو عمل مثل كاتب أو كتاب ومثل عالم أو دروس علم إلا وصاغ عاطفته الجياشة نحوه شعراً لطيفا سلساً وأهداه قصيدة منظومة في هذا الشخص أو ذلك الكتاب، ولا أظن مجتهداً يعرفه إلا وكان له سهم من تشجيعه.
ولقد كان لي منه سهم طيب حين أهديته أحد كتبي الموسوم بعنوان «النوخذة عبدالوهاب عبدالعزيز العثمان.. ريادة عائلة وتميز إنسان» والذي ضم فضائل المرحوم عبدالوهاب العثمان المهنية كنوخذة، والاجتماعية كمحسن قوامها 21 بيتاً يمدح فيها النوخدة والكتاب والمؤلف، وقد قال في مطلعها واصفا النوخذة عبدالوهاب العثمان:
«لله درك عابد الوهاب
يا طاهر الأعراق والأنساب»
وكما افتتحها بإشارة لاسم النوخذة عبدالوهاب، اختتمها بإشارة إلىالمؤلف قائلاً:
«سعي حميد فاز في تأليفه
نجل الكرام الطاهر الأنساب
للمحسن الوهاب عبداً قد غدا
أنعم به من خيرة الكتاب»
وقد ذيلها بتوثيقه وتوقيعه: ابو عبدالرحمن - أحمد غنام الرشيد - الثلاثاء 24-6-2003.
إن أمثال هذه القصائد المهداة لها - عند من يقدرها - أوقع الأثر، وتأتي بشكل أفضل من الهدايا المادية العارضة الزائلة مقابل هذه المنظومات الأدبية المعبرة الخالدة.
ارتاح من دنيانا الفانية يوم الاربعاء الرابع من مارس عام 2009 بعد رحلة مع المرض بشره الله ورسوله بها أنها تكفير للذنوب، إن شاء الله، وفتحٌ لباب واسع للأجر والثواب لأسرته الكريمة التي كانت خير مثال للاعتناء به خلال فترة مرضه، فهنيئا له وهنيئا لهم، وإني والله لأحسن الظن بربي سبحانه حين وعد - وقد صدق وعده ومن أوفى بعهده منه جلّ وعلا - أن يجمعه بهم في مستقر رحمته، وأن يلحقنا به مع السّابقين الأخيار الذين رحلوا قبله في زمرة الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
اللهم إنك تعلم انا قد أحببناهم فيك فألحقنا بهم يا أرحم الراحمين.
رد مع اقتباس