عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 25-03-2008, 05:18 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

ذهابه الى الحج


حج الشيخ الفاضل خمس حجات كانت أولاهن فرضه بصحبة والده سليمان في سنة 1365 هـ، والثانية عام 1367 هـ نيابة عن أمه وأقام بمكة 3 شهور يلتقي خلالها العلماء وطلبة العلم هناك، والثالثة كانت سنة 1371 هـ نيابة عن جدته أم والده وكانت جميع هذه الرحلات على ظهور الإبل، أما الرابعة فكانت نيابة عن عمه محمد، والخامسة وهي الأخيرة نيابة عن شخص.
وكان من بين العلماء الذين يلتقي بهم الشيخ الفاضل، الشيخ محمد بن مانع المدير العام للمعارف آنذاك بالمملكة العربية السعودية، والشيخ عبدالرحمن السعدي، والشيخ محمد عبدالرزاق حمزة إمام الحرم المكي آنذاك، والشيخ عمر بن حسن آل الشيخ رئيس هيئة الأمر بالمعروف بنجد والمنطقة الشرقية سنة 1345 هـ، والشيخ محمد حامد الفقي رئيس جماعة أنصار السنة، والشيخ عبدالله بن حميد الذي تقلد عدة مناصب ومنها رئيس الرئاسة العامة والإشراف الديني على المسجد الحرام ومدرس بالمسجد الحرام ومفتيا وقاضيا ورئيسا للمجلس الأعلى للقضاء وعضوا بهيئة كبار العلماء ورئيسا للمجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي، وكانت له مع الشيخ محمد الجراح مراسلات علمية نافعة.


خصال الشيخ الحميدة


تولى الشيخ الإمامة والخطابة من عام 1365 هـ أي انه عمل طوال 51 عاما من حياته في هذه الوظيفة العظيمة، وكان يحرص على أداء الصلاة إماما مهما بلغ منه العذر من مرض أو وجع، وفي بعض الأحيان يؤم الناس وهو عليل جدا.
كانت صلاته في الناس وسطا، فلا هي طويلة مملة ولا هي قصيرة مخلة، وكان في صلاته يكثر من قراءة آخر سورة البقرة وسورة الإنسان وآخر الكهف وقصار السور، وكان لا يتكلف في القراءة ولا يخرج عن المشروع كما يفعل البعض هذه الأيام هداهم الله، وكان كثيرا ما يستشهد بقراءة شيخه الشيخ عبدالله الخلف الدحيان قائلا: (لم تسمع أذناي قراءة مثل قراءته خاصة في قيام رمضان)، وكان كثيرا ما ينكر على من يتكلف المدود والتغني الخارج عن المألوف، بل كان يحذر من ذلك.
كان الشيخ الجليل يخطب من خطب الشيخ عبدالله الخلف وكانت خطبته قصيرة وتمتاز بالبلاغة وجمال السبك وترابط المعاني وحسن الاستشهاد والسجع البعيد عن التكلف، وكان يحرص على أداء الخطبة بصوت وأداء معينين، وكان يبكر في الصلاة وكثيرا ما يقرأ فيها سورتي الأعلى والغاشية عملا بالسنة النبوية المطهرة.
ومن خصاله وصفاته الحميدة هي كثرة ملازمته للمسجد طوال يومه وليلته، بل معظم أيام حياته كما يعرفه عنه أهل الكويت، وكان يبيت بالمسجد أياما متتالية خاصة في السنوات الأخيرة من عمره لمرضه ولمشقة الخروج باستمرار إلا لحاجة ضرورية، وفي المسجد يباشر الشيخ الفاضل كافة أنشطته وأعماله الخيرة كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتدريس العلم والإفتاء وقراءة الكتب وعقد الزواج حيث أن الكثير من الكويتيين يتشرفون ويتفاخرون بعقد القران لديه.
كان الشيخ الجيل حريصا على الاستزادة من العلم ما وسعه ذلك بل لا تكاد تراه إلا وبيده كتاب نافع يقرأ منه أو رسالة علمية، أو يفتي مستفتيا أو يتدارس مسألة مع عالم أو طالب علم، وكانت أدواته المتصلة بالعلم عبارة عن بضعة أقلام ومجلس صغير في زاوية المسجد الخلفية، وكان له طاوله صغيره من خشب يستخدمها للكتابة صنعها بنفسه.
كان الشيخ محمد الجراح إذا شرع في الدرس اعتدل في جلسته بحيث ينظر إليه طلبته، وأمسك الكتاب بطريقه تدل على توقيره لكتب العلم، فلا يضعه على الأرض أو يقلل من شأنه، فكان يقبض أصله باليد اليسرى ويقلب أوراق الكتاب بيده اليمنى ويفتتح الدرس بقول: (بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله)، وإذا انتهى من درسه صلى على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقال (والله أعلم)، وكان هو الذي يقرأ من الكتاب وطلبته أمامه كلي معه كتابه، وسبب ذلك هو حتى يقف على كل كلمة فيه وحتى يعرف طالب العلم كيف تقرأ كتب العلم وكيف تفك عباراتها، وكان لا يتصفح الكتاب كثيرا حاله كحال العلماء الكبار، وكان يضع وقفا عبارة عن قطعه صغيره من الورق على المكان الذي انتهى من قراءته، وكان الشيخ الجليل يدرّس بعد العصر النحو وبعد المغرب فكان يخصصه للفقه، بالإضافة إلي اللغة العربية والمواريث والعقيدة.
كان الشيخ محمد يعلم طلبته الصبر على طلب العلم وعدم الاستعجال في الأسئلة قبل إتقان العبارات وفهم المقاصد، وكيفية الاعتناء بالكتاب والمحافظة عليه، وكيفية كتابة التعليق في الكتاب إن وجد وأين يكتبه، وكان يذكرهم بتحسين الخط واختيار القلم المناسب والابتعاد قدر المستطاع عن أقلام الرصاص وذلك لأنه يتلاشى ويمحى خطها مع مرور الزمن.


أخلاقه الكريمة


وكانت من أخلاقه توقيره للعلماء وتبجيلهم والثناء عليهم، فكان إذا دخل عليه أحدهم في زيارة قام له وأحسن استقباله وصافحه وتهلل في وجهه وكان يجلس أمامه كجلوس الطالب أمام شيخه، ولا يبدأ معه بالكلام حتى يتكلم ضيفه ويحاوره بأدب رفيع، ولا يفتح معه مسائل خلافية، وإذا دار الحديث في هذه المسائل لاطفه بطريقة تصرف كل خلاف، ولا يتحدث عن علمه أمامه أبدا بل يسأله وكأنه يريد الاستزادة منه، وكان يحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بكل الطرق والوسائل الممكنة والمشروعة.
كان عليه سحائب الرحمة والمغفرة يحرص على تطبيق السنة والأخذ بها في أقواله وأفعاله وهيئته، فكان يطلق لحيته ويحف شاربه ويأخذ منه كل أسبوع لصلاة الجمعة وكان ثوبه فوق الكعبين، ويحب لباس البياض في الصيف وحتى في الشتاء كان يلبس الغترة البيضاء الثقيلة، وكان يلبس الإزار تحت ثوبه على عادة أهل الكويت قديما.
ويذكر الأخ الدكتور وليد المنيس في كتابه عن هذا الشيخ الكبير: «ومن أدبه الجم أنه ذات مرة كان يقرأ على طلبته بابا أو فصلا من فصول الفقه في دروسه الأسبوعية وكان من بين الجلوس رجل فيه قصور عقل، وكانت العبارة التي يقرأها لها تعليق بالمكلفين وغير المكلفين، فلما بلغ في قراءته إحدى العبارات التي قد تمس الرجل الجالس، قرأها هكذا (الصغير وما عطف عليه...) ولم يقل (الصغير والمجنون)».
ورغم أن الشيخ محمد سليمان الجراح ميسور الحال بل يعد من الأغنياء إلا ان الشيخ الفاضل كان يميل الى الزهد وكان يبغض الشهرة وكان واضحا هذا الشيء من طعامه ولبسه ومعظم حاجياته، وكان رحمه الله أعزب لم يتزوج، وليس له خادم أو معاون وكان يتولى شؤون نفسه بنفسه.
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس