عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 20-06-2012, 06:47 PM
نصر نصر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 5
افتراضي

شعر صقر الشبيب بين النهضة والشكوى
بقلم: نصر بن ليث الطائي

أ‌- المقدّمة
وُلدَ الشاعر صقر بن سالم شبيب في عاصمة الكويت، وكان ذلكَ في حدود عام 1896م تقريبًا، فقد بصرهُ في سنٍّ مُبكّرةٍ إثرَ مرضٍ مستعصٍ، ثم تُوفيت والدتهُ التي كانت ترعاهُ وتعطِفُ عليه وهو لا يزال غلامًا، فقُدَّرَ لهُ أن يذوقَ قسوةَ اليُتمِ، وظُلمة العمى فيما تبقى من حياتهِ الشاقّة، ومع ذلك كان فتىً ذا رغبةٍ جامحةٍ في التعلّم. وقد منَّ سبحانه وتعالى عليهِ بموهبةِ الحفظ وشغفِ المُطالعة، غيرَ أنّ انشغالهُ بالقراءةِ والشعرِ أثارَ غَضب والده الذي كانَ ككثيرٍ مِن بُسطاءِ البلاد، يتخوفُ من الثقافةِ، ويرى بأنها تُلهي عن ذكرِ اللهِ –جلّ شأنه- ولهذا السبب وأيضًا لتحاشي الصدام مع والده، تجنب صقرٌ مجالسةِ والدِه.

العمى، اليتم، الفقر، والفوة بينهُ وبين والدهِ، كوّنت عوامل الوَحشة في نفسِ صقر، وقد قاسى من هذه الوحشة طُوال حياتِه، حيثُ أنه لم يتأقلم مع الطبائعِ والأفكار السائدة. كان يتكدّرُ من المجالسِ وينفِرُ عنها مبديًا انزعاجهُ منها، لذا كانَ أصدقاءهُ معدودون، ولم يتأقلم بحياته الزوجيّة، إذ تزوج فطلّق مرارًا، وأطول مُدّةٍ بقيَ متزوجًا فيها هي مُدّة ثلاثةِ أشهرٍ، ولهذا كلّه، بما فيه من دوافعٍ للوحشة والغُربة، تتضحُ ملامحُ الشكوى في شعرِه بجلاءٍ وعبر مجالاتٍ مُتعدّدة.

ومع ذلك تبقى شخصيّة صقرٍ شخصية متفاعلة لما يجري حولها، فلم يمنعهُ عمى العينين صبيًا من أن يكونَ من ذوي البصيرةِ كبيرًا، ولم تقودُهُ الطبائعُ والأفكار السائدة في المجتمعِ إلى التسليمِ بها أو الخنوعِ لها، إذ قادهُ تأثرهُ لِما يجري حولهُ من قضايا سياسيّةٍ واجتماعيّةٍ إلى توظيفِ اطّلاعهُ الثقافيّ لما يراهُ خيرًا، وبذلك تحدّى المصائبَ والظروف القاسية بقريحةٍ شعريةٍ صادقةٍ هادفةٍ تدعو إلى النهضة.

ومن هذا المنطلق، يكونُ صقرًا قد تأثّر بالمناخِ البيئيِّ الذي أحاط به، ولكنّهُ أيضًا لعبَ دورُ المؤثِّرِ به مِن خلالِ شعرِهِ وثقافتهِ برغم انطوائهِ ووحشته. ولأن شعرُهُ كان مؤثرًا ويمثلُ رُؤى الفئة المثقفة في مجتمعه، لُقّبَ بـ"شاعر الكويت الأول" ، ولا عجب، فقد كانت أشعارهُ تستنهضُ الأدباءَ في الكويتِ، وقد استلهمت قصائده المثقفون الذين استكملوا من بعدهِ مسيرة الكويت الأدبية عقِبَ وفاته في عام 1963م عن عمرٍ يتجاوز السبعينَ عامًا.

يتبع...
رد مع اقتباس