يعتبر صيد اللؤلؤ من المهن الرئيسية والهامة لسكان الجانب العربي من الخليج العربي, ولولا وجوده لما قامت إمارات الخليج العربي من شمالها الى جنوبها, إذ لم يبالغ السيد جي .ج. لوريمر في كتاب دليل الخليج حينما قال(أن صيد اللؤلؤ هو الصناعة الأولى في الخليج إلى جانب كونها من المهن الغربية الخاصة بمنطقة الخليج فهو مصدر الربح الرئيسي أو الوحيد لسكان الساحل العربي ولو لم تكن موارد اللؤلؤ لانهارت تجارة الكويت كثيراً ولنقصت تجارة البحرين الى خمس حجمها ولما قامت مواني عمان المتصالح أذ أن اللؤلؤ هو عماد حياتها الوحيد ومصدر قوتها الشرائية) وهذا مؤرخ الكويت الشيخ عبدالعزيز الرشيد في كتاب تاريخ الكويت يتحدث عن أهمية صيد اللؤلؤ فيقول ( للؤلؤ أهمية عظمى يشعر بها كل فرد من أهلها صغير وكبير وفقير وذو مال وأهمية لاتوازيها أهمية في كل مايتعطونة من الأسباب فأذا كسد سوقة تصب بضنك من العيش وضيق يصاب به أهلها بما يدع الحليم حيران )وهذا أيضاَ المرحوم عبدالوهاب بن عيسي القطامي في كتاب الصيد والتجارة والتنقل في البحار يتحدث عن أهمية مهنة اللؤلؤ فيقول ( أن صيد اللؤلؤ مصدر مهم من مصادر الدخل العام لجميع مدن وقرى الخليج الواقعة على الشاطئ وهو المصدر الذي تعيش عليه هذه المدن والقرى منذ مئات السنين) فما ذكر في الكتب التاريخية ماهو الا دلالة واضحة على أهمية صيد اللؤلؤ لسكان الجانب العربي من الخليج فهو رزقهم الذي يعتاشون منه هم وأسرهم بل وتجارهم فهو مصدر رزقهم الرئيسي بلامنازع و في هذا الموضوع سوفت أتطرق لمغاصات اللؤلؤ على الجانب العربي من الخليج بشكل مختصر مع ذكر مغاصات اللؤلؤ في عام 1906 م والتي جاء ذكرها في كتاب دليل الخليج الجزء الثاني السفر الجغرافي لكي يتم توثيق تلك المعلومات في أرشيف منتدى تاريخ الكويت أخوكم PAC3.
مغاصات اللؤلؤ في الخليج العربي
يعتبر الخليج العربي من الأماكن الصالحة لنمو أصداف اللؤلؤ في العالم وذلك بسبب تكوين قاعه الجيولوجي ودفء مياهه وضحالتها ,حيث ساهمت تلك العوامل على توفر بيئة مثالية لنمو أصداف اللؤلؤ وبالأخص على الجانب العربي من الخليج حيث توجد أغلب مغاصات اللؤلؤ والتي تمتد بمحاذات الساحل شمالاً من أمارة الكويت ووصولاً حتى عمان المتصالح, فكلما تجهنا من الكويت جنوباً كانت مغاصات الؤلؤ أكثر وأغنى وأكبر وأعمق, فالمغاصات الموجودة في البحرين وقطر وعمان المتصالح أغنى بكثير من المغاصات الواقعة مابين الكويت و رأس تنورة فغالبية المغاصات على تقع على مسافات من قريبة من الساحل وبعض الجزر وتمتد حتى تصل لمسافة 60 ميل داخل البحر باعماق تتراوح من 3 أبواع حتى تصل الى 12 باعاً أو أكثر وقد تصل في بعض الأماكن الى أعماق من 20 -23 باعاً ولكن أغلب الغواصين الأهلين لايغصون بأعماق يصل عمقها أكثر من13 باعاً أي مايعادل 78 قدماً الا نادراً .
في كتاب دليل الخليج ذكر السيد ج.جي. لوريمر أن أحسن المغاصات في الخليج هي ماكان قاعها مستوياً وتقع في المياه الصافية وتتكون من رمل مائل للبياض فوق الشعب المرجانية أذن يتضح لنا أن افضل المغاصات هي ذات القاع المستوي والذي تكون المياه به صافية ويتكون من رمال مائلة للبياض فوق الشعاب , فالغواصين العرب في الخليج يعرفون قاع المغاص بمجرد النزول فيه فكل مغاص يختلف عن الأخر من حيث نوعية الأعشاب والصخورة والشعاب المرجانية كما أن المغاصات القريبة من سواحل البحرين وقطر وساحل عمان المتصالح تتميز بغناها بالمحار وصفاء ميائها وقلة تيارتها المائية ولكن بعضها عميق ووعر ومخيف للغاصة , أما مغاصات اللؤلؤ الواقعة بالقرب من سواحل أمارة الكويت ووصولاً لرأس تنورة فهي مثالية للغوص فأعمقها قد تصل إلى 13 باعاً ولكن بعضها تكثر به التيارات المائية التي تؤذي الغواصين هذا بالاضافة الى صعوبة الرؤية في بعضها وعدم صفاء ميائها في بعض الأحيان.
اسماء المغاصات
تعرف مغاصات اللؤلؤ في الخليج بأسم " هير " والجمع "هيرات " فقد ذكر الشيخ عبدالعزيز الرشيد في تاريخ الكويت أن الهير تسمية محرفة من الهجر لانهم أذا قطعوا حاصل الأرض هجروها إلى مكان اخر وهناك من يقول أن كلمة "هير" هي فارسية وتعني " الهار" وهو محل اللؤلؤ الأحجار الكريمة أما في المعجم الوسيط فـ" الهير" هي الأرض المستوية في قاع البحر وهي الأقرب للصحة والهير مسمي يطلق على المغاص القديم المعروف مابين عامة العاملين أما "التبراه "والجمع منها "تباري"فهي تطلق على المغاصات النجيبة الغنية بالمحار والتي تقع في المغاصات المعروفة قديماً وتكتشف بالصدفة وتسمى على مكتشفها فيقال " تبراه فلان " وقد يكون إكتشاف تبراه من قبل احد السفن كفيل بتعويض مكتشفها عن موسم الغوص فتكون مربحة له , أما "النجوة" وجمعها "نجوات" وتلفظ بـ نيوة فالأمر مختلف فالنجوة أغلبها حديث الأكتشاف وتسمي بأسماء مكتشفها فيقال "نجوة فلان" والنجوات نجدها كثيرة في اهيرات البحرين وقطر وعمان المتصالح فقاع النجوة يختلف عن قاع الهير فهو عبار مرتفعات مستوية السطح تقع في قاع البحر وذكر السيد لوريمر أنها " جزيرة في قاع البحر " حيث يكون ماحولها عميق وتكون غنية بأصداف اللؤلؤ وهناك أسماء اخرى تطلق على مغاصات كالعارض والفساقة والحد والقحة والخواليف وطباب وغيرها وهي مسميات تتعلق بصخور بحرية ومرجانية واعشاب بحرية وعلى نوعية من الأصداف وهناك مسميات أخرى تطلق على مغاصات اللؤلؤ وتتعلق بأماكن قريبة منها سواء كانت ساحل أو جزيرة أو خور أوغيرها وهذ ما سوف اوضحه لكم فيما بعد.
في كتاب الصيد والتنقل في البحار للمرحوم عبدالوهاب بن عيسي القطامي أن للمغاصات في الجانب العربي تقسيم متعارف عليه من قبل العاملين في هذه المهنة حيث قسمت المغاصات في الجانب العربي من الخليج الى خمس أقسام وهي على النحو التالي :
1. مغاصات الكويت.
2. مغاصات القطيف وتشمل مغاصات الجبيل.
3. مغاصات البحرين.
4. مغاصات قطر.
5. مغاصات عمان المتصالح( دولة الأمارات ).
فهذا التقسيم لاحدود له إنما هو تقسيم متعارف عليه مابين العاملين في هذه المهنة فسفن الغوص الكويتية لها الحرية في أن تذهب الى مغاصات قطر والبحرين وحتى عمان المتصالح للغوص بمغصاتها وسفن البحرين لها الحرية في أن تذهب لمغاصات الكويت وغيرها من المغاصات وهذا ينطبق على سفن قطر وعمان المتصالح فالمغاصات على الجانب العربي مفتوحة لجميع سكان الجانب العربي للأستفادة من خيرتها فلم يذكر أن أعترض أحد على الأخر أو منع أحد من الغوص في مكان الأخر ولكن هناك تقسيم أخر في كتاب دليل الخليج للسيد جي. ج . لوريمر حيث قسم مغاصات الخليج الى ثلاث أقسام ومايهمنا هو رقم (1 ) و رقم (2) وهي على النحو التالي:
1. المغاصات الواقعة مابين رأس تنورة وبلدة دبي.
2. المغاصات الواقعة مابين الكويت رأس تنورة.
3. المغاصات الواقعة على الجانب الأيراني .
وثقت هذه المغاصات في الخليج العربي في تلك الفترة بمعرفة النقيب البحري و.هور وحددت على خريطة وقدمتها السلطات البحرية البريطانية إلى إدارة الشئون الخارجية بحكومة الهند التابعة لبريطانيا ولكن ملاحظتي على ماذكر في كتاب دليل الخليج هو أن هناك مغاصات لم يتم ذكرها في المذكرة رقم (4) الملحقة فهي إما أنها لم تكن مكتشفة في تلك الفترة أو أن المؤلف لم يذكرها لعدم معرفته بها ولكن في الغالب قد يكون البعض منها غير مكتشف في تلك الفترة وخاصة مايعرف بالتباري والنجوات هذا بالاضافة أن هذه بعض من المغاصات يعرفها سكان المدن والقرى القريبة منها وقد تحمل أسماء لايعرفها احد غيرهم بحكم قربهم ومعرفتهم بها, فقد ذكر لي أحد كبار السن أن لسكان قرى القصور في الكويت اسماء أخرى لمغاصات تقع ضمن مغاصات الكويت المعروفة للعامة وكانوا يستخدمون تلك الاسماء للاستدلال عليها أو للتميز فيما بين مغاص وأخر وقد لايعرفها تلك الأسماء أحد غيرهم وقد أكد هذه المعلومة المؤرخ سيف مرزوق الشملان في كتاب تاريخ الغوص على اللؤلؤ وهذا ينطبق على أماكن أخرى بالخليج, فبناء على هذ التقسيم قمت بأعادة كتابة وتنسيق مغاصات اللؤلؤ التى تقع على الجانب العربي من المذكرة المحلقة رقم (4) في كتاب دليل الخليج الجزء الثاني السفر الجغرافي مع أضافة معلومات أضافية من مراجع أخرى ومن مصادر شفوية من كبار السن وهي على النحو التالي :
تسلم يا زميل .. و هذا الموضوع بحق من أروع المواضيع التي تتناول مغاصات اللؤلؤ .. و الكم الهائل من المفردات والمعاني التي احتوته وتم جمعها تستحق الشكر الجزيل على ذلك ..