[justify] وكما هو الحال من القرنين الثامن عشر والتاسع عشر فقد كانت سيطرة السلطة المركزية بطهران على العرب ضعيفة ونتيجة لذلك كانت القبائل العربية بعيده عن سيطرتها من ناحية السلطة الفعلية والالتزامات السياسية فاستطاع زعماء القبائل بموجب هذا الوضع تثبيت انفسهم في أماكن تواجدهم كحكام أصحاب سلطة فعلية.
وتعتبر (بنو كعب) النواة التي جذبت حولها الكيان العربي الحديث في المنطقة بعيداً عن الحكم الفارسي خاصة في حوض نهر الكارون(23 ) بعد أن نجح الكعبيون في تكوين أسطول بحري ضخم ساعدهم في مد نفوذهم على المناطق المجاورة(24 ).
وفي العام1837م هاجمت الدولة العثمانية المحمرة ودمرتها مما حدا بالدولة الفارسية التدخل ، وان استمرت هذه الصدامات إلى أن تم عقد مؤتمر عام1847م عرف آنذاك باسم " أرضروم الثانية" ، اشترك فيه كل من روسيا وبريطانيا بالإضافة إلى ممثلي الدولتين (فارس والعثمانيين) .
والحقيقة أن هذا المؤتمر أعتبر بمثابة ضربة قاصمة للوضع والتركيبة السكانية والقبلية في عربستان- على الرغم من عدم اعتراف العرب الساكنين في عربستان ببنود المعاهدة( 25) ، فعلى إثره خصصت المحمرة وعبادان وبعض المناطق للدولة الفارسية وألحقت السليمانية وتوابعها بالدولة العثمانية .
ولا شك أن الانشقاقات القبلية كانت أحد أهم أسباب التدخل الخارجي خاصة من فارس والدولة العثمانية ،فقد حاولت السلطات العثمانية بالتعاون مع البريطانيين التحرك ضد هذه الانشقاقات لإحتوائها وإضعافها ، وقد جاءت الحملة العثمانية - البريطانية المشتركة إلى الإمارة عام 1763 م لكي تحقق الهدوء نوعاً ما غير أنها انتهت بالفشل ، لتتوجه بعدها بعامين حملة عسكرية أكثر تنظيماً من قبل السلطات الفارسية 1765 م ممارسة سياسة تدميرية عنيفة تجاه القبائل العربية الأمر الذي أدى لهجرة الكثير من السكان في ( قبان) واللجوء إلى قرية الفلاحية وإن لم تحقق الحملة هدفها أيضاً ، ليتلوها حملة أخرى في يونيو من نفس العام بين العثمانيين والبريطانيين وفشلت كذلك ( 26).
والغريب أن شيوخ القبائل العربية وعلى الرغم من الصراع الدائر بينهم وبين الدولة الفارسية فشلوا في التوصل لاندماج أو تعايش سلمي فيما بينها ليثور نزاع وحرب طاحنة بين قبائل آل ( بو ناصر) في الفلاحية ، الأمرالذي لم يبقي معه إلا مدينة المحمرة( 27) التي ظلت كوحدة سياسية محافظة على كيان سياسي واضح بعد ان بقيت عناصرها المتنفذة وقوتها الحقيقية ممثلة في شيوخ المحيسن ( المطور – ألبو فرحان – الهلالات – البغلانية – منيعات – بيت غانم – ألبو محسن – الشريفات – العطب – النصار – الدريس – أل عريض – العيدان – بيت كنعان)( 28) تحت حكم الشيخ جابرالمرداو( 1819 – 1881 ) م ومن بعدة إبناه مزعل ( 1881 – 1897 ) م وخزعل ( 1897 – 1925) م( 29) .
الصراعات الفارسية وطبيعة العلاقات بين إمارة الكويت وعربستان قبل تولى مبارك وخزعل الحكم
لعبت الجغرافيا والسياسية دوراً مهماً في طبيعية العلاقات السياسة والاقتصادية والاجتماعية بين الكويت وعربستان فبحكم الجوار كانت الكويت تتأثر بما يحدث في عربستان والعكس .
ولا شك أن الأحوال المضطربة داخليا وغير المستقرة خارجياً في فارس منذ أواخر القرن السابع عشر ومطلع القرن الثامن عشر مهدت سبيل النمو والاستقرار للكويت( 30) و أتاحت المجال واسعا أمامها لتصبح أحد أهم الأماكن التجارية بمنطقة الخليج العربي(31 )
وفي النصف الثاني من القرن الثامن عشر (1757 م) كان الحكم في فارس قد آل إلى كريم خان (1760 – 1779) م الذي بسط نفوذه على أنحاء البلاد - فيما عدا المناطق البعيدة المتطرفة عن مركز الدولة في (شيراز) - فكانت هناك مناطق لا تخضع له خضوعا كاملا "كعربستان"( 32) خاصة بعد أن رفضت الكثير من القبائل العربية التعاون معه وسببت له الكثير من المشاكل(33 ) .
وقد شهدت الكويت صرعاً عنيفاً مع عربستان منذ القرن الثامن عشر وذلك منذ وقعة الزبارة عام 1782م والتي تكبدت فيها قبائل كعب خسائر كبيرة الأمر الذي عمق الخلاف بدرجة كبيرة وأدى أن تصبح الكويت هدفاً عسكرياً للكعبيين الذين قصدوها في العام 1783م بأسطول ضخم فشل في الاستيلاء عليها فيما عرف آنذاك بموقعة الرقة ( 34).
وفي العام 1827م قام الشيخ جابر الصباح بشن هجوم على الكعبيين أثناء مساعدتة لعزيز أغا متسلم البصرة(35 ) ، ليعود ويكرر هذا الهجوم على المحمرة عام 1837م أثناء مساعدتة لرضا باشا(36 ).
وقد مثلت هذه الصدامات أهم مراحل الصراع العسكري بين الطرفين التي حل محلها إبان عهد الشيخ عبد الله الثاني الصباح ( 1866 – 1892) م فترة سلم وصفاء ، سبقها في العام 1841م لجوء الشيخ ثامر شيخ بني كعب للكويت بعد أن طرد منها( 37) .
ومن ثم و بعد أن بدأت المحمرة تظهر ككيان سياسي وتمكن الشيخ جابر المرداو من بسط نفوذه في ربوعها وعلى قبائلها جاءت العلاقات بين الشيخ عبدالله الثاني الصباح والشيخ جابر المرداو لتعكس لنا صورة مرحلة جديدة سادت فيها علاقات ودية حتى أن عربستان إستعانت بالكويت في صراعها مع بعض القبائل المتمردة في عام 1886م ( 38) واستطاع الشيخ عبد الله الصباح هزيمة قبائل النصار بعد أن إحتل حصونهم في القصبة وأرغمهم على تقديم ما قطعوة من أموال للشيخ جابر المرداو عام 1869 م ( 39)، لتستمر هذه العلاقات الطيبة إبان تولى الشيخ مزعل الحكم في الفترة من ( 1881 – 1897 ) م .
[/justify]
|