نص الرسالة
من بلد أشيقر إلى بندر الكويت في 19 محرم سنة 1335هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى حضرة جناب الأخ في الله والمحب لوجه الله ذي الخلق الحميد والرأي السديد الأمجد الفاضل الشيخ المكرم عبد الله بن خلف بن دحيان المحترم، سلك الله به سبل السلامة وأعاذه من أسباب الخزي والندامة آمين.
سلام عليك أيها الأخ ورحمة الله وبركاته، أمّا بعد: فموجب تحرير الكتاب إبلاغ جنابك العلي وقدرك الفاضل الجلي وافر الإكرام والاحترام أحوالنا بحمد الله على ما تحب والخط المكرم المشعر بسلامتك وصحه ذاتك وصل وما عرف جنابك صار لدى محبك معلوما والكتاب وما معه من الكسوة وصل كثّر الله خيرك وأمتعنا بحياتك وشرح الشيخ أحمد (بن إبراهيم بن عيسى ت 1329هـ) رحمه الله على النونية
(نونية ابن القيم) ما نذخر الجهده أن حصل شراء أو نعهّد عليه من ينسخه إنشاء الله وترجمة الشيخ أحمد (بن عيسى المذكور) نرسلها إن شاء الله مع الشرح المذكور إن حصل لنا شراءه أو نقله كذلك من طرف ما ذكر جنابك إننا نعرف جنابكم عن نسب يوسف آل بدر جد الحمولة التي عندكم وكيف جاؤوا إلى الكويت وأنه ينسب إليه حمولتان عندكم عبدالله الرشيد آل بدر وعبدالله آل مانع آل بدر وأنهم لا يعلمون درجة اتصالهم والمظنون عندهم أن عبدالله الرشيد أقرب إلى آل مانع عصباً من يوسف فيا محب، أمّا نسب الشيخ يوسف فهو كما تراه في الأوراق التي ابتدأها عثمان ابن بشر في مناقب الشيخ يوسف ولم يكملها، وهذا الموجود منها يصل إلى جنابك، وأنه يوسف بن عبد المحسن بن عثمان بن يوسف بن بدر وأنا أخبر عندي مسودة رسالة من عثمان بن بشر المذكور صاحب عنوان المجد في تاريخ نجد كتبها للشيخ يوسف يستجديه فيها ويسأله يقول لا يخفى شريف جنابك ما بيننا وبينكم من المحبة والصداقة والمصاهرة وفي هذه الأيام جاءت إلى بيتنا بنت ابن سعيد زايرة لنا لأننا أخوالها وهي عجوز كبيرة نحن أخوالها ودار الحديث بيننا وقالت إني كنت زوجة لمانع بن بدر وانتقلنا من المجمعة إلى الزبير مانع وأخوه عثمان ومع عثمان أولاده عبدالمحسن وعبدالله أبو رشيد وأقمنا في الزبير مدة ثم حصل فضية بلد الزبير يوم يفضونه العجم وينهبونه هو والبصرة ويقتلوا من ظفروا به ويفرّ من فرّ منهم إلى الكويت وتقول أنّنا من الذين فرّوا إلى الكويت واستقرينا فيه ويقول أنها تقول أن عبد المحسن تزوج بنت ابن بشر في الزبير ولا أدري هو الشيخ يوسف منها أم لا وعثمان يسأل الشيخ يوسف يقول إن كان جنابك منها فنحن أخوالك كما أننا أخوال رشيد. هذا الذي على بالي من الرسالة المذكورة والتمستها أبي أرسلها لجنابك ولا والله وجدتها ولا أعلم هل أنا أتلفتها أو أنها في عرض كتاب ولا بعد عثرت عليها ما أدري أين هي.
وعلى موجب ما في الرسالة أنّ انتقالهم من المجمعة إلى الزبير قبل وقعة الزبير بسنين قلايل ونهب البصرة والزبير سنة 1190هـ والذي نهبهما كريم خان الزندي(1) كما هو معروف في التاريخ. وعلى ما في الرسالة أنّ عثمان هو ومانع ابنا يوسف بن بدر، وأنّ عبدالله أبو رشيد هو وعبد المحسن أبو الشيخ يوسف هما ابنا عثمان بن يوسف بن بدر فيكون الشيخ يوسف هو يوسف بن عبد المحسن بن عثمان بن يوسف بن بدر، ويكون رشيد هو رشيد بن عبدالله بن عثمان بن يوسف بن بدر،هذا يا محب الذي على بالي مما في الرسالة المذكورة ولا أعلم غير ما ذكرت، والمرجو الإفادة إن وجدتم عند الحمولة ما يخالف ما ذكرنا عن رسالة عثمان المذكورة.
وأمّا يا محب آل بدر فهم من آل اجلاس من عنـزة من وايل كما هو معروف عند آل بدر أهل المجمعة، ورأيت بخط حمد بن لعبون في نسب عشيرته آل مدلج من عنـزة ومن معهم من بني وايل من عنـزة (2) أنهم كانوا في الماضي في بلد أشيقر، وأنّ الوهبة أهل أشيقر أجلوهم منه في قصة معروفة فتوجهوا إلى التويم وكانت قبل ذلك قد سكنها ناس من عايذ ثم تركوها فنـزل آل مدلج في حلة ونزل آل حمد آل أبو رباع في حلة ثم إنّ علي بن سليمان آل حمد اشترى من ابن معمر، رئيس العيينة، موضع حريملا فانتقل إليها من التويم وعمرها هو وعشيرته آل راشد وذلك سنة خمس وأربعين وألف وهم رؤساء حريملا اليوم ومنهم اليوم آل راشد عبدالله آل إبراهيم ومن في الزبير منهم، ثم إنّ إبراهيم بن حسين بن مدلج سار من بلد التويم إلى موضع حرمة وهي منازل قد تعطلت من منازل عايذ بني سعيد فعمرها وكان لأبيه في التويم فداوي يقال له عبدالله الشمري من آل ويبار من عبده من شمر خيال فارس مشهور فأتى إلى إبراهيم وطلب النـزول عنده فأمره أن ينـزل في أعلا الوادي في موضع المجمعة وكان نزول إبراهيم بن حسين بلد حرمة تقريباً سنة سبعين وسبعماية وعمارة بلد المجمعة بعدها بخمسين سنة، إلى أن قال ونزل عند عبد الله الشمري جد التواجر وهو من جبّارة من عنـزة وجد آل بدر وهو من آل إجلاس من عنـزة هذا ما لزم تعريفه، وبشرتني بشرك الله بالجنة أن الله رزقكم ولداً وسميتموه محمداً فالحمد لله على ذلك، أرجو الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعله عبداً صالحاً ميموناً مباركاً براً تقياً.
وياصلك مع حمد بن شنيبر مجموع تفضل بقبوله وساعة فيها خلل تعطونها الساعاتي يصلحها إنشا الله
شرح الرسالة
قلت: وقد ذكر المؤرخ إبراهيم بن عيسى -رحمه الله- في (مجموعه) يوسف بن عبدالمحسن البدر فقال عنه: يوسف آل بدر التاجر المشهور في الكويت من عنـزة وهو يوسف بن عبدالمحسن بن عثمان بن يوسف بن بدر البدري الوايلي أصله من أهل المجمعة.
وقال في (نبذة) كتبها عن آل بدر أهل المجمعة ما نصه: ومن آل بدر يوسف بن بدر التاجر المعروف في الكويت وهم من البدور من آل اجلاس من عنـزة.
الفوائد المستفادة من الرواية الواردة في الرسالة:
بعد قراءة الرسالة خرجنا بعدة فوائد ومعلومات جديدة ومهمة تتعلق بنسب (آل بدر) أهل المجمعة ومن تفرع منهم خلال الربع الأخير من القرن الثاني عشر الهجري. ونظراً لارتباط الموضوع بالفرع الذي نزح من المجمعة إلى بلد الزبير ومنه إلى الكويت، رأيت التعليق على أهم الفوائد المستفادة مما جاء في النص وهي:
1- أنّ مركز آل بدر عامة كان في ذلك الوقت: (المجمعة) ومنها تفرعوا في الكويت والزلفي وسدير وحريملاء وغيرها حيث أثبتت الوثيقة المروية خروج البدر أهل الكويت من المجمعة.
2- أنّ البدر أهل الكويت نزحوا من المجمعة في أواخر القرن الثاني عشر الهجري إلى الزبير وأقاموا هناك حتى عام 1190هـ حيث انتقلوا في ذلك العام من الزبير إلى الكويت.
3- الإفادة عن تفرعات البدر في الكويت وهي ثلاثة فروع رئيسة:
أ. آل مانع بن بدر وهم ذرية: مانع بن يوسف بن بدر.
ب. آل عبد المحسن بن بدر وهم ذرية: عبد المحسن بن عثمان بن يوسف بن بدر.
ج. آل رشيد بن بدر وهم ذرية: رشيد بن عبد الله بن عثمان بن يوسف بن بدر.
1- أنّ مانع بن يوسف بن بدر حين نزوحه عن المجمعة كان متزوجاً امرأة من (آل سعيد) أهل جلاجل المعروفين وهم من المساعرة من الدواسر.
2- أنّ عبد المحسن بن عثمان بن يوسف بن بدر قد تزوج امرأة من آل بشر سكان الزبير وهم من أهل جلاجل المعروفين والذين منهم المؤرخ الشيخ عثمان بن عبدالله بن بشر –رحمه الله – (ت 1290هـ) وهم من الحراقيص من بني زيد.
3- الإفادة بأن والدة رشيد بن عبدالله بن عثمان بن يوسف بن بدر كانت من آل بشر المذكورين.
تعليق على بعض ما جاء في الرسالة:
نظراً لأهمية بعض المواضيع التي أشار لها الشيخ إبراهيم بن عيسى -رحمه الله- في الرسالة وارتباطها بشكل مباشر في (نسب آل بدر) وكذلك احتوائها على جوانب تاريخية هامة رأيت التعليق عليها هنا للفائدة بما يلي:
1- قوله: أمّا نسب الشيخ فهو كما تراه في الأوراق التي ابتدأها عثمان ابن بشر في مناقب الشيخ يوسف ولم يكملها، وهذا الموجود منها يصل إلى جنابك.
قلت: وهذه الأوراق أرسلها الشيخ إبراهيم بن عيسى -رحمه الله- كما ذكر هنا في رسالته إلى الشيخ عبدالله بن خلف بن دحيان -رحمه الله- وهي موجودة ضمن الوثائق المحفوظة مع مكتبته الخاصة في الكويت وقام بنشر إحدى هذه الأوراق أخي الأستاذ الفاضل محمد بن ناصر العجمي -وفّقه الله- في مقدمة تحقيقه لكتاب: "روضة الأرواح ويليه درة الغواص في حكم الذكاة بالرصاص" للشيخ عبد القادر بن أحمد بن بدران الدمشقي (1280-1346هـ) -رحمه الله- والذي طبع ونشر عام 1417هـ، وكانت مقدمته لهذا الكتاب تتضمن دراسة مفيدة عن (الحياة العلمية في الكويت). وهذا نص مما جاء في الورقة التي بخط المؤرخ الشيخ عثمان بن بشر -رحمه الله-، وقد علّق الشيخ إبراهيم بن عيسى في أعلاها قائلاً: عثمان بن عبد الله بن عثمان بن حمد بن بشر يريد أن يصنف في مناقب يوسف آل بدر راعي الكويت.
قال ابن بشر بعد مقدمة كلامه:
»... ثم إنه سنح لي أن أرسم فضيلة ومنقبة لكهل شاب ارتوى من العلم والآداب قد اشتهر إحسانه وفضله وجوده وكرمه وبذله غمرت مكارمه القريب والبعيد وشجرة معروفة لكل مؤمل ومريد فالألسن بالثناء عليه ناطقة والقلوب على محبته متطابقة محط رحال الوافدين وملاذ القاصدين والواردين الشيخ يوسف بن عبدالمحسن بن عثمان بن يوسف بن بدر البدري الوايلي، فأردت أن أرسم له فضيلة تنبئ معروفه وإحسانه ووسيلة لاشتهار جرثومة نسبه وحسبه وبيانه تبقى له إلى آخر الدهر ويتحدث بها في كل زمان وعصر في محافل الملوك والأمراء والتجار والرؤساء العلماء الأخيار حتى يشار إلى أصله وفضله بعد حين وعشيرته وأجداده على تطاول الأزمان والسنين وإنما نوهت بذكر ملوك نجد في هذه الأوراق وذكرت مفاخرهم التي اشتهرت في الآفاق لأجل دخول فخر المترجم له مع فخرهم ويبهج الناظر فيها إذا طالع مجده مع مجدهم»(3). (انظر الملحق رقم2).
2- قوله: وعلى موجب ما في الرسالة أنّ انتقالهم من المجمعة إلى الزبير قبل وقعة الزبير بسنين قلايل ونهب البصرة والزبير سنة 1190هـ والذي نهبهما كريم خان الزندي كما هو معروف في التاريخ.
قلت: كان لكلام المرأة التي روت للمؤرخ عثمان بن بشر -رحمه الله-قصة انتقالها مع زوجها (مانع بن يوسف بن بدر) وأخيه عثمان ومن معهم حين انتقالهم الأول من المجمعة إلى الزبير وبقائهم هناك مدة لم تحددها وإنما حددت وقت انتهائها في الحادثة التي تعرضت لها الزبير والبصرة من قبل (العجم)، أهمية كبيرة في توضيح ابن عيسى المشار إليه أعلاه. ولعل وجود الحدث الذي تعرضت له الزبير والبصرة في كتب التاريخ ساعد على ذلك كثيراً، ومنه عُرف تاريخ نزوحهم من بلد الزبير إلى الكويت بشكل خاص، وهو عام 1190هـ. ولعلي هنا أستشهد بما جاء في المصادر التاريخية النجدية عن تلك الحادثة لتتضح الصورة أمام القارئ الكريم.
أ- قال المؤرخ محمد بن عمر الفاخري (1186– 1277هـ) في حوادث سنة 1189هـ من تاريخه: وفي سنة تسع وثمانين وماية وألف حاصروا العجم البصرة، سار بهم كريم خان الزندي واستمر الحصار سنة ونصف ومتسلمها سليمان باشا، وفيها ثويني بن عبدالله وغيره، ثم استولوا عليها العجم ونهبوها غدراً بعد الصلح وساروا إلى بلد الزبير فدمروه ونهبوه، وانهزم أهله إلى الكويت(4).
ب- أمّا المؤرخ عثمان بن بشر -رحمه الله- فكان نصه في تاريخه أكثر وضوحاً وشرحاً للحادثة حيث قال في حوادث سنة 1189هـ من تاريخه: وفيها حاصر العجم البصرة، سار بهم كريم خان الزندي واستمر الحصار عليها سنة ونصف سنة، ومتسلمها من جهة الدولة سليمان باشا ومعه فيها ثويني بن عبدالله آل شبيب وغيره، فلمّا كان سنة تسعين استالوا العجم عليها صلحاً، ثم غدروا بهم ونهبوها وسبوا كثيراً من أهلها، وساروا منها إلى بلد الزبير ونهبوه، ودمروه، وسبوا من وجدوا من الأطفال الكبار، وتركوه خالياً وأهله بين منهزم وقتيل. ثم رجع العجم إلى أوطانهم، وأخذوا معهم سليمان باشا وثويني رهائناً، وبعد ذلك أطلقوهم، وأرسلوا السبي إلى أهليهم(5).
أمّا تحديد زمن خروج المذكورين من آل بدر من المجمعة إلى الزبير في بداية الأمر فلم نجد في رواية المرأة -رحمها الله- لابن بشر ما يوضح تاريخه بشكل مباشر إلا أنها ذكرت في كلامها ما يشير إلى أنّ مدة إقامتهم في الزبير كانت قصيرة، وهذا نص من بداية روايتها وقصّها على المؤرخ عثمان بن بشر حيث قالت:
إني كنت زوجة لمانع بن بدر وانتقلنا من المجمعة إلى الزبير مانع وأخوه عثمان ومع عثمان أولاده عبدالمحسن وعبدالله أبورشيد وأقمنا في الزبير مدة ثم حصل فضية بلد الزبير يوم يفضونه العجم وينهبونه.
قلت: وما جاء في هذا النص استنتج منه المؤرخ إبراهيم بن عيسى كلامه الذي أوردناه في بداية هذا التعليق والذي أشار فيه بأنّ انتقال آل بدر المذكورين من المجمعة إلى الزبير كان قبل حادثة الزبير و البصرة (بسنين قلائل) وهذه السنين نحددها هنا في العقد الذي حصلت فيه تلك الحادثة وهي الفترة من عام 1180هـ إلى عام 1189 هـ، خاصة وأنّ المرأة التي روت القصة قد عايشتها وهي طرف فيها، وقد وصفها ابن بشر بقوله: (وهي عجوز كبيرة)، ومن المؤسف أنه لم يرد في الرسالة تاريخ يؤرخ كتابة ابن بشر لرسالته التي فيها الرواية والتي بعثها إلى الشيخ يوسف البدر حتى نتمكن من وضع تصور لعمر المرأة (بنت ابن سعيد) عندما زارت أخوالها (آل بشر) في جلاجل والتقاء المؤرخ عثمان بن بشر -رحمه الله- بها، خاصة وأنه أشار لزمن الزيارة بقوله: (وفي هذه الأيام جاءت إلى بيتنا بنت ابن سعيد زايرة لنا لأننا أخوالها) وهو بذلك قد حدد زمن الزيارة وأنها في أيام كتابة الرسالة.
وبما أنه قد تحددت فترة الانتقال من المجمعة إلى الزبير بالفترة التي بين عام 1180هـ وعام 1189هـ دون تعيين لسنة معيّنة منها، ولم يرد في القصة التي روتها المرأة سبب انتقالهم من المجمعة إلى الزبير، فإنه يترتب علينا في هذه الحالة الرجوع إلى المصادر التاريخية للوقوف على الأحداث التي مرت بها (المجمعة) لعل فيها ما يوحي بسبب من الأسباب الداعية للنـزوح، وقد رجعت للمصادر النجدية التي أرخت لتلك الفترة مثل: "تاريخ ابن لعبون"، و"تاريخ الفاخري"، و"تاريخ ابن بشر"، فرأيتها قد تناولت في حوادثها حادثتين، الأولى في سنة 1181هـ حيث قال ابن بشر في تاريخه عن هذه السنة: وهذه السنة هي أول القحط المعروف بسوقه، غارت فيه الآبار وغلت فيه الأسعار، ومات كثير من الناس جوعاً ومرضاً، وجلى أكثر الناس في هذه السنة، والتي تليها إلى الزبير والبصرة والكويت وغيرها(6).
وهذه الحادثة تشير إلى سبب قريب جداً بالموضوع الذي نبحث عنه حيث أفادت عن جلاء كثير من الناس عن بلدانهم إلى الزبير والبصرة والكويت بسبب القحط المسمى (سوقه).
أمّا الحادثة الثانية فكانت في سنة 1183هـ. قال ابن بشر: وفيها سار عبدالعزيز (بن محمد بن سعود) -رحمه الله- بجيشه إلى بلدة المجمعة في ناحية سدير، واستنفر أهل سدير مشاة، فأتاها ونزل بالمكنس، الموضع المعروف شرقي المجمعة، ووقع قتال بينهم، وقتل من أهلها رجال منهم إخوان شيخ المجمعة حمد بن عثمان(7).
قلت: وتسمى هذه الواقعة: (وقعة الكلبية) نسبة لوادي الكلبي المعروف في المجمعة، أمّا الذين قتلوا من إخوان أمير المجمعة، حمد بن عثمان، هما: عبدالله بن عثمان وأخوه قويفل بن عثمان.
وهذه الحادثة لم يرد فيها ما يشير إلى نزوح حصل عن (المجمعة) وإنما قتل فيها بعض الذين شاركوا في القتال المذكور بين أهل المجمعة وجيش الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود، ولم تذكر المصادر التي أرّخت لهذه الحادثة ماذا حصل على أهل البلد بعد المعركة المذكورة.
3- قوله: هذا يا محب الذي على بالي مما في الرسالة المذكورة ولا أعلم غير ما ذكرت، والمرجو الإفادة إن وجدتم عند الحمولة ما يخالف ما ذكرنا عن رسالة عثمان المذكورة.
قلت: وقد أجاب الشيخ عبد الله بن دحيان على رسالة ابن عيسى هذه وما طلبه منه في النص المذكور من الإفادة عما قد يخالفه لدى أسرة البدر في الكويت، وجواب الدحيان مؤرخ في 10/3/1335هـ، وهذا نص ما يتعلق بذلك في الرسالة:
}... وأحسنت لا زلت محسناً بما كتبته على سؤالنا عن يوسف البدر ولم أجد عند آله ترجمة عن حاله إلا ما كتبه الشيخ عثمان بن بشر مثل النبذة التي أرسلها جنابك لمحبك ولم يزد عليها إلا جدولاً في صحيفتين رسم في صفحة:
الشيخ النسيب يوسف بن عبدالمحسن بن عثمان البدري الوائلي
على عدد أيام الأسبوع، ورددها في الصحيفة كل اسم في بيت، وجعل على يمينها جدولاً فيه عشرات ومئات، انتهى فيه إلى مائتين وعشرة بالرقم الهندي، والصحيفة الثانية رسم على أعلاها تلك الأسماء السبعة وردد في باقيها أيام الأسبوع، كل يوم في بيت ليعرف بذلك دخول الأشهر العربية المرقومة يمينها ويوم عاشورا ويوم الوقفة، وذكر قبل ذلك كيف يستخرج، والظاهر أنه ما أراد من كتابة النبذة التي أرسلتها إلا هذه الجداول فقط وكتابة نسخة آل بدر مخالفة لكتابة النسخة التي أرسلتها في الخط نسختهم أجمل خطاً.
وما مر بنا هو كل ما يتعلق بمسألة نسب آل بدر بالرسالة الجوابية، ويستفاد منها أننا تعرفنا على الفوائد التالية:
1- أنه لا يوجد ما يخالف الذي أفاد به إبراهيم بن عيسى في رسالته السابقة من حيث النسب والتفريع.
2- وجود النسخة الأصلية للنبذة التي كتبها الشيخ عثمان بن بشر عن مناقب الشيخ يوسف البدر لدى أسرته في الكويت آنذاك.
3- الإفادة عن بقية النبذة وهي عبارة عن ملحق من صفحتين فيه جداول ساق فيها اسم ونسب الشيخ يوسف البدر على عدد أيام الأسبوع وفيها أرقام وأسماء لأيام الأسبوع والغاية منها معرفة الأشهر العربية مثل: (التقويم).
4- الإفادة بأن غاية ابن بشر من كتابة النبذة عن مناقب يوسف البدر هي أن تكون مقدمة للجداول الأسبوعية التي حررها متوافقة مع اسم ونسب يوسف المذكور تخليداً لاسمه ونسبه.
5- قوله : وأمّا يا محب آل بدر فهم من آل اجلاس من عنـزة من وايل كما هو معروف عند آل بدر أهل المجمعة ورأيت بخط حمد بن لعبون في نسب عشيرته آل مدلج ومن معهم من بني وايل من عنـزة (إلى آخر ما أورده).
قلت: كان جميع (آل بدر) في المجمعة منذ أن استوطنها جدهم الأعلى كما أشار ابن لعبون -رحمه الله- في كلامه عن (عمارة المجمعة) خلال القرن التاسع الهجري أو (العاشر على أصح الروايات) وذلك عندما عدد الأسر التي استوطنت المجمعة في ذلك الوقت بقوله: (.. وجد آل بدر وهو من آل اجلاس من عنـزة) وهذا يستدل به على أنّ الجد الأعلى لجميع (آل بدر) كان مقره بلدة المجمعة، ومنها تفرعت ذريته حيث تبيّن لي من خلال تتبّعي للنصوص وأسماء الأفراد من أسرة (آل بدر) التي وقفت عليها في الوثائق أنّ غالب فروع الأسرة المتأخرة لم تبدأ تتفرع إلاّ في القرن الثاني عشر الهجري بشكل خاص؛ ولعل من الأدلة التي تؤيد ما ذكرت هذه الوثيقة (موضوع دراستنا).
الأسر المتفرعة من آل بدر:
نظراً لأهمية ما مر بنا في هذه الدراسة عن الجزء الذي تفرع من (آل بدر) أهل المجمعة وانتقل منها إلى الزبير ثم الكويت خلال الربع الأخير من القرن الثاني عشر الهجري رأيت من المناسب أن أضيف فائدة مختصرة عن تفرعات (آل بدر) من الأسر التي بقيت في المجمعة والتي نزحت عنها بشكل عامّ منذ أن استوطن (جد آل بدر) المجمعة في بداية عمرانها. والفروع المعروفة من (آل بدر) اليوم هي:
أولاً: الأسر التي بقيت على الاسم الأول للأسرة:
1. البدر أهل الزلفي.
2. البدر أهل حريملاء.
3. البدر أهل التويم.
4. البدر أهل جنوبية سدير وهم جزء من البدر أهل التويم.
5. البدر أهل الكويت وهم المشار إليهم في هذه الدراسة وللإحاطة أشير هنا بأنه توجد في الكويت عدة أسر تحمل اسم (البدر) ليست لها علاقة بالمذكورين ولا بأهل المجمعة وإنما من قبائل أخرى.
ثانياً: الأسر التي حملت أسماء أجدادها وألقابهم:
1. الهزازنة (آل رشيد) في الحريق وما حولها.
2. الصالح في المجمعة.
3. العسكر في المجمعة.
4. الجعوان في المجمعة.
ولجميع الأسر المذكورة تفرعات خاصة بها ومعروفة في البلدان التي استوطنوها، ولم أشأ التوسع هنا في الحديث عن تلك التفرعات وأسماء أجدادها وأعلامها خشية الإطالة على القارئ الكريم، ولأنّ موضوعها يستحق دراسة شاملة عنها ومستقلة تحت عنوان خاص.
فوائد وأهمية الرسالة بشكل عام:
بالإضافة إلى ما أشرت إليه من الفوائد في دراسة الرسالة والتعليق عليها فإنّ لها أهمية وفوائد أخرى عامة لابد من التنبيه عليها هنا بشكل عامّ وهي:
1. الإفادة عن اهتمام الشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى بأنساب كثير من الأسر المشهورة في نجد وتوثيقه لأخبارها.
2. الإفادة عن وجود أوراق كتبها المؤرخ عثمان بن عبد الله بن بشر عن مناقب الشيخ يوسف بن عبدالمحسن بن بدر.
3. الإفادة عن رسالة قديمة أرسلها ابن بشر إلى يوسف البدر وثّق بها رواية امرأة كبيرة في السن تحدّثَتْ فيها عن نزوح فرع من (آل بدر) أهل المجمعة إلى الزبير ثم الكويت في أواخر القرن الثاني عشر الهجري.
4. الإشارة إلى وجود مصاهرات لأسرة (آل بدر) مع عدد من الأسر المعروفة في جلاجل والزبير.
5. إعطاء نبذة تاريخية عن نشأة عدد من البلدان في نجد والأسَر التي استوطنتها.
6. التعرف على عدد من الأحوال الاجتماعية الخاصة بالمرسل والمرسل إليه من خلال ما جاء في أول الرسالة وآخرها: (إهداء كتاب، وصول كسوة، طلب شراء أو نسخ كتاب، طلب ترجمة لأحد العلماء، البشارة بمولود، إرسال ساعة لإصلاحها).
أهمية الرسالة
كان للرسالة التي بعثها ابن عيسى -رحمه الله- وهو في بلده (أشيقر) عام 1335هـ إلى ابن دحيان -رحمه الله- في (الكويت)، كما سبق الإشارة إليه، أهمية كبيرة في الاستدلال على وجود رسالة قديمة كان قد بعثها الشيخ المؤرخ عثمان بن بشر -رحمه الله- إلى الشيخ يوسف بن عبدالمحسن البدر -رحمه الله- في الكويت وفيها توثيق لقصة نزوح أفراد من أسرة (آل بدر) من بلدهم المجمعة إلى الزبير ثم الكويت في أواخر القرن الثاني عشر الهجري.
وقد زادت أهمية رسالة ابن عيسى المشار إليها بشكل كبير عندما علمنا من خلال كلامه للمرسل إليه (ابن دحيان) وإفادته بفقدان مسودة الرسالة الأصل التي هي بخط المؤرخ عثمان بن بشر، حيث ذكر في الرسالة الآتي نصها كاملاً بعد هذا -إن شاء الله- بأنه بحث عن تلك المسودة ولم يجدها، وأنه لا يعلم هل قام بإتلافها أم وضعها في عرض كتاب ولم يعثر عليها بعد!؟
الأعلام الوارد ذكرهم في الرسالة:
جاء في الرسالة عدد كبير من الأعلام الذين ذكروا في النص الموجه من المرسل إلى المرسل إليه بشكل مباشر أو ذكروا في سياق الرواية الواردة في الرسالة أو في الإخبار عن نصوص منقولة من مصادر ذكرت في الرسالة؛ ولأهمية ذلك رأيت وضع هذا البيان الموضح فيه أسماء أولئك الأعلام وصفاتهم الواردة في الرسالة.
م اسم العلم صفته
1 عبد الله بن خلف بن دحيان مرسل إليه
2 الشيخ أحمد (بن عيسى) مشار إليه عن كتاب ألفه
3 يوسف بن عبد المحسن آل بدر مشار إليه في السؤال عن نسبه
4 عبد الله الرشيد البدر مشار إليه في تفرع آل بدر
5 عبد الله آل مانع آل بدر مشار إليه في تفرع آل بدر
6 عثمان بن عبد الله بن بشر موثق لرواية ومنقول عنه
7 بنت ابن سعيد راوية منقول عنها
8 مانع بن يوسف بن بدر مشار إليه في النـزوح من المجمعة إلى الزبير
9 عثمان بن يوسف بن بدر مشار إليه في النـزوح من المجمعة إلى الزبير
10 عبدالمحسن بن عثمان بن بدر مشار إليه في النـزوح من المجمعة إلى الزبير
11 عبد الله بن عثمان بن بدر مشار إليه في النـزوح من المجمعة إلى الزبير
12 رشيد بن عبد الله بن بدر مشار إليه بأن أخواله آل بشر
13 بنت ابن بشر مشار إليها بأنها زوجة عبد المحسن بن عثمان بن بدر
14 كريم خان الزندي مشار إليه في عدوان على البصرة والزبير سنة 1190هـ
15 حمد بن محمد بن لعبون نقل عنه أخبار تاريخية
16 علي بن سليمان آل حمد مشار إليه في قصة شراء حريملاء
17 ابن معمر مشار إليه في قصة بيع حريملاء
18 عبد الله آل إبراهيم مشار إليه من سكان الزبير
19 إبراهيم بن حسين بن مدلج مشار إليه في عمران بلدة حرمه
20 عبد الله الشمري مشار إليه في عمران المجمعة
21 محمد بن عبد الله بن دحيان أشير إليه بأنه مولود مبشر به
22 حمد بن شنيبر ناقل الرسالة من أشيقر إلى الكويت
القبائل والأسَر الوارد ذكرها في الرسالة:
1- آل بدر 2- آل اجلاس 3- عنـزة 4- بني وائل
5- آل مدلج 6- الوهبة 7- عائذ 8- بني سعيد
9- آل حمد 10- آل أبو رباع 11- آل راشد 12- آل ويبار
13- آل بدر 14- آل اجلاس 15- عنـزة 16- بني وائل
البلدان الوارد ذكرها في الرسالة:
1-أشيقر 2-الكويت 3-المجمعة 4-الزبير
5-البصرة 6-التويم 7-العيينة 8-حريملاء
9-حرمة
الكتب الوارد ذكرها في الرسالة:
1-"شرح" أحمد بن عيسى على "النونية" لابن القيّم.
2-"عنوان المجد في تاريخ نجد" لابن بشر.
3-"مناقب يوسف آل بدر" لابن بشر.
4-"نسب عشيرة آل مدلج" لابن لعبون.
ملاحظه
ماسبق هو رسالة موجهة من المؤرخ النسابة إبراهيم بن صالح بن عيسى -رحمه الله- (1270-1343هـ) إلى الشيخ عبد الله بن خلف الدحيان -رحمه الله- (ت1349هـ) في الكويت. والرسالة المذكورة مؤرخة بتاريخ 19 محرم 1335هـ. تتضمن الرسالة جوابًا من ابن عيسى وإفادة عن عدة موضوعات كان قد سأله عنها ابن دحيان المذكور، ومن أهمها نسب آل بدر في الكويت ودرجة الصلة بين فرعين منهم ببعض.
مجلة العرب