راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية

 
 
        

اخر المواضيع

 
 

 
 
العودة   تاريخ الكويت > منتدى تاريخ الكويت > الشخصيات الكويتية
 
 

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-04-2009, 11:55 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,658
افتراضي سامي المنيس اسم لامع في تاريخ الكويت السياسي

بقلم: النائب محمد عبدالله العبدالجادر
ابتدأت فكرة ابراز مسيرة المرحوم سامي المنيس منذ وفاته، ولكنها تبلورت عام 2003 عندما قمت مع الاخ العزيز نافع الحصبان بتجميع المادة المتوافرة خصوصا في مضابط مجلس الامة منذ عام 1963 حتى عام 2000، وقد حاولت جاهداً التوسع في هذا الجانب.
إن سامي المنيس لم يكن سياسياً لامعاً او برلمانياً فحسب، بل كان صحافياً متمرساً، ولكنني اغفلت هذا الجانب عن عمد حتى يجيء من يستطيع الغوص في كنوز صحافتنا، وبالذات مجلة الطليعة التي ترأس الراحل تحريرها.
هذه الحلقات هي سلسلة متواضعة تقديرا لشمعة وطنية احترقت للمساهمة في تنوير هذا الوطن الغالي، وتأتي صعوبة هذه الحلقات في انها أتت بعد مذكرات الدكتور احمد الخطيب، اطال الله في عمره، واذا ما كان هنالك من نقص او استدراك، فالمجال متاح لإرساله عبر جريدة «القبس» الغراء.
في الختام اود توجيه الشكر لكل من ساهم في هذه المادة جمعاً وتدقيقاً وتحريراً بدءاً من الاخ الكبير عبدالله النيباري، الذي لولاه لم ينجز هذا العمل، وكل من الاساتذة احمد الديين، عبدالمحسن مظفر، محمد اشكناني، الذين اطلعوا على المادة وابدوا ملاحظاتهم السديدة، والشكر موصول للدكتور عبدالرحيم حسين الذي اشرف على المادة والمنهج المتبع، والشكر لكل جهد، مهما كان بسيطا، ساهم في اخراج هذا العمل.
اخيراً الشكر لاسرة جريدة «القبس» على نشر الحلقات والتبرع بطبعها بـ«كتاب»، تقديراً للمرحوم سامي المنيس ودوره الريادي في خدمة الكويت.
هذه صفحات من كفاح المرحوم سامي أحمد المنيس البرلماني منذ عام 1963 وحتى وفاته في 23/8/2000. اعتمدنا فيها بالدرجة الأولى على ما سُجل في محاضر مجلس الأمة من أقوال المرحوم، وضعناها جميعاً فصلاً فصلاً، وأوردنا أقواله في كل فصل بين "علامتي تنصيص". كما اعتمدنا على مصادر ومراجع لها علاقة بهذا الكفاح في الفترة الزمنية المذكورة، وكانت فيها مناقشات ومطالبات وتحديات واستجوابات، منها ما تحقق في حياة سامي، ومنها ما يتحقق حالياً بعد وفاته.
لقد كان الهدف الأسمى لسامي حماية الدستور والمال العام والمواطن ومصلحة الوطن العليا أولاً وأخيراً، لذا كان واحداً من مجموعة قصدت تحقيق أهداف الوطن ونجحت في ما نجحت وفشلت في ما فشلت. لكنها نجحت في وضع دستور الكويت وإعادة الثروة الوطنية إلى أصحابها بتأميم النفط، كما نجحت في إرساء قواعد المجتمع المدني وتأسيس النقابات العمالية. وكان نجاحها البارز في حماية الدستور والذود عن الحياة الديموقراطية، مما كان له دور أساس في بناء دولة المؤسسات والقانون رغم بعض العيوب والثغرات.
من هنا، فإن سامي يستحق التكريم وتسجيل مآثره، كي تكون نبراساً للأجيال القادمة في الحفاظ على ما تحقق والسعي إلى تحقيق ما لم يتحقق.
عندما نعى الناعون سامي أحمد المنيس يوم 23/8/2000 لم يكن قد تجاوز الثامنة والستين من عمره، قضى منها سبعة وثلاثين عاماً (1963 – 2000 ) في هموم الديموقراطية والصحافة والحياة الدستورية في وطنه الكويت.
انتخب سامي عضواً في مجلس الأمة الكويتي في ستة فصول تشريعية من بين تسعة فصول شهدتها الحياة النيابية في حياته. وكان نجاحه في الفصول التشريعية الأول 1963، والثالث 1971، والرابع 1975، والسادس 1985، والثامن 1996، والتاسع 1999.
ومنذ البداية كان سامي المنيس رجل مبدأ ومناصرا للقضايا الوطنية داخل الكويت وخارجها، وقضايا التحرر العالمي التي سادت العالم في الخمسينات والستينات.
قسمت دولة الكويت بين يناير 1963 وديسمبر 1980 إلى عشر دوائر انتخابية، وكان نجاحه في الفصول التشريعية الأول والثالث والرابع عن الدائرة الانتخابية الثالثة (حولي)، كما كان نجاحه في هذه الدائرة مع رفيق دربه د. أحمد الخطيب. أما عندما قسمت الكويت في 16/12/1980 إلى خمس وعشرين دائرة انتخابية، فقد كان نجاحه في الفصول التشريعية السادس والثامن والتاسع عن الدائرة الانتخابية العاشرة (العديلية).
كان سامي – رحمه الله – رئيس السن في جلسة افتتاح الفصل التشريعي التاسع 1999 في دور الانعقاد الأول، ورئيس لجنة الصداقة الكويتية - الصينية، كما كان رئيس لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في الفصلين التشريعيين الثامن والتاسع وعضواً في لجنة التعليم والإرشاد والثقافة ولجنة الأمن، كما انتخب أمين سر مجلس الأمة في الفصل التشريعي الثالث - دور الانعقاد الأول، وكان مقرراً للجنة الشكاوى والعرائض.
هناك علامتان بارزتان في حياة سامي البرلمانية، هما مشاركته في الاستجواب الخامس المقدم إلى وزير التجارة والصناعة 1974. وفي الاستجواب المقدم إلى نائب رئيس الوزراء ووزير المالية 1997. كما كان هناك حادثان لهما دلالتهما في حياته، وهما طلب رفع الحصانة عنه كعضو مجلس مرتين لتقديمه للعدالة بسبب ما كانت تنشره جريدة الطليعــة التي تولى رئاسة تحريرهــا ما بين 1965 و1985. وكان الحدثان في الفصل التشريعي الثالث 1971 – 1975 دور الانعقاد الأول، وفي الفصل التشريعي السادس 1985 - 1986 دور الانعقاد الثاني.
وفي المرتين كان سامي يرجو زملاءه أعضاء مجلس الأمة الموافقة على رفع الحصانة عنه والتفريق بين وضعه عضواً في مجلس الأمة ورئيساً لتحرير جريدة الطليعة، لكن الحصانة لم ترفع ولم يقدم سامي للمحاكمة.
ومن غرائب الصدف، أن سامي المنتخب في هذه الفصول التشريعية الستة، لم يحدث أن أكمل فصلاً تشريعياً واحداً ( باستثناء الفصل التشريعي الثالث). فقد قدم استقالته من المجلس الأول سنة 1963، وحُلَّت المجالس النيابية الرابع والسادس والثامن حلاً دستورياً أو غير دستوري، أما في الفصل التشريعي التاسع فقد وافاه الأجل المحتوم عام 2000 ولمّا يكمل المجلس دور انعقاده الرابع.

لمع عام 1963
لمع اسم سامي أحمد المنيس في تاريخ الكويت السياسي بعد نجاحه في أول انتخابات تشريعية (1963)، وكان عمره آنذاك واحداً وثلاثين عاماً، إذا ما سلمنا أن تاريخ ميلاده 1932، وكان مجهزاً بسلاح المعرفة والتجربة العملية في الحياة، وكان تجسيداً لقطعة من تراث الكويت الوطني. وعند نجاحه لم يكن منذ شبابه المبكر بعيداً عن هموم العمل الوطني على صعوبة الحياة الشخصية التي كان يعيشها والتي ما كانت لتؤهله لغير كسب العيش. فقد عرف المسؤولية ولما يزل يافعاً، حين توفي والده في عام 1937 وكان عمره آنذاك خمس سنوات، لذا، فقد تربى يتيماً في أسرة عريقة امتزج تاريخها بتكوين المجتمع الكويتي الأصيل، وعمل أفرادها في البحر والتجارة والمهن والوظائف العامة . وأبى سامي منذ نعومة أظفاره إلا أن يكون كادحاً يوفر العيش الكريم لأسرته، فما إن بلغ الرابعة عشرة عام 1946 حتى كان عاملاً في شركة نفط الكويت في ظروف قاسية، كان لها تأثيرها في تفكيره في المستقبل عندما تبنى قضايا العمال عموما وقضايا عمال النفط خصوصا، بعدها عمل صيدلياً في دائرة الصحة في الكويت ثم صاحب صيدلية بعد الاستقلال حتى 1963 عندما تركها لدى انتخابه في أول مجلس للأمة.
سعى سامي إلى طلب العيش بعرق الجبين مما حرره من الكبرياء ومركبات النقص والخوف، فكان الطهر والنقاء صفتين بارزتين في سلوكه. ويبدو أن وضوح الشخصية والطهر والالتفات إلى تحمل المسؤولية كانت صفات أهلته للالتقاء مع د. أحمد الخطيب والسيد عبد الله النيباري اللذين شاركاه في كثير من الصفات، أهمها الطهر السياسي والوطنية وتحمل المسؤولية نحو الوطن والأمة. فالدكتور أحمد الخطيب من مواليد 1927 تخرج طبيباً بشرياً من الجامعة الأميركية في بيروت عام 1952.
وكانت هذه صفات بارزة في سلوك المرحوم سامي أحمد المنيس. وحتى هذه السنة، لم يكن سامي قد التقى د. أحمد الخطيب لقاءً سياسياً أو تنظيمياً. ويبدو أن أول لقاء تم بينهما كان في نادي الجزيرة (القادسية حالياً) بعد عام 1952، وكان د.الخطيب قد نجح في تأسيس نواة الحركة القومية العربية في الكويت، كما نجح في تأسيس النادي الثقافي القومي عندما تقدم د. الخطيب، أحمد السقاف، محمد السداح، أحمد زيد السرحان، عبد الرزاق البصير، عبد العزيز العيسى، يوسف الغانم ويوسف مشاري البدر بطلب إلى السلطات لتأسيس هذا النادي، وساعدهم نصف اليوسف وعبد الحميد الصانع. وقدم الطلب إلى الشيخ عبد الله مبارك الصباح وتمت الموافقة عليه على أن تكون العضوية للكويتيين فقط.

النادي الثقافي القومي
وقد تلقى النادي دعماً من مجلس المعارف يقدر بخمسة عشر ألف روبية في جلسته بتاريخ 28/6/52، أما الصوت المعبر عن النادي فقد كان مجلة صدى الإيمان التي صدر العدد الأول منها في 1/1/1953. كما يبدو أن تلك الفترة شهدت انضمام سامي المنيس إلى حركة القوميين العرب وإلى النادي الثقافي القومي الذي تبنى الدعوة الى القومية العربية. إذ كان لسامي اهتمامه السياسي في تلك الفترة من خلال التجارب التي عاصرها، وخصوصاً أثناء سفراته إلى مصر حيث تشرب النزعة القومية وارتبط بالمفكرين العرب منذ بداية قيام الثورة المصرية في 23/7/1952. وكان يلاحظ على سامي في تلك الفترة سفره المتكرر إلى القاهرة وسافر سنة 1952 إلى الهند ليدرّس اللغة العربية. وينبغي القول هنا إن الكويت أنشأت مدرسة في بومباي عام 1952 لتعليم اللغة العربية لأبناء العرب هناك، ونشر القيم الإسلامية وكان مجلس المعارف يتولى الإنفاق عليها، ويبعث المدرسين والمدرسات إليها، وبقيت قائمة حتى عام 1959/1960 ولا ندري ما إذا كان سامي قد درّس العربية في هذه المدرسة أو غيرها، لكنه عاد من الهند بعد أشهر ليعمل صيدلانياً في دائرة الصحة قبل الاستقلال.
أما أول لقاء مع رفيق دربه الآخر عبد الله النيباري، فقد كان في المهرجان الخطابي الذي أقامته المدرسة المباركية عام 1948، وكانت بداية أساسها الوطنية والحماسة لقضايا الأمة وقضيتها المركزية فلسطين .
تعد الحركة التي أسسها د. الخطيب وريثا لحركة 1938 في الكويت التي حملت اسم الكتلة الوطنية وشباب الكتلة الوطنية، وكان لها مطلبان أساسيان هما مجلس تشريعي منتخب ودستور يقيد من سلطة الحكم . ويعدّ ظهور الكتلة الوطنية حلقة من حلقات معركة الدستور التي عاشتها الكويت حتى نجحت في تحقيق ما سعت إليه.
لقد تتبعنا المرحوم سامي المنيس في نشاطه البرلماني فصلاً تشريعياً إثر الآخر، ورصدنا كل مناقشاته وتساؤلاته واستجواباته وأقواله استناداً إلى محاضر مجلس الأمة المطبوعة، وعمدنا في نهاية الكتابة عن هذا النشاط إلى تلخيص أهم الموضوعات والأمور التي حظيت بالاهتمام من نشاط سامي.
أغنى سامي نقاشات مجلس الأمة بتساؤلاته ومداخلاته وطرحه قضايا وطنه وشعبه، قضايا أمته العربية التي آمن بدورها الحضاري وحتمية وحدتها. وكان التزامه بطرح هذه القضايا بلا حدود وبلا تحفظ. وخاض الانتخابات جميعها ملتزماً بالفكر القومي وضمن قائمة انتخابية ضمت إخواناً له في مختلف الفصول التشريعية كان أبرزهم جاسم القطامي، أحمد الخطيب، عبد الله النيباري، أحمد النفيسي، خالد الوسمي، سليمان خالد المطوع، يعقوب يوسف الحميضي، بدر العجيل، عبد الرزاق الخالد الزيد، علي عبد الرحمن العمر وراشد التوحيد، وجميع هؤلاء أعضاء في حركة التقدميين الديموقراطيين الوطنية، أو في تنظيم مؤازر لحركة القوميين العرب من بين تجار الكويت تحت اسم " الرابطة الكويتية ".
حملت قائمة سامي الانتخابية في الفصل التشريعي الأول سنة 1963 اسم "نواب الشعب"، وهو تحالف قومي وطني بين القوميين العرب والرابطة الكويتية التي أسست عام 1958 "وكان وراء تأسيسها قيادة تنظيم فرع حركة القوميين العرب في الكويت كواجهة سياسية اجتماعية بين التجار، وذلك للثقل السياسي والاجتماعي لهذه الطبقة" .
ونجح منهم ثمانية كانوا فعلاً فرسان الديموقراطية الأوائل وهم جاسم القطامي، أحمد الخطيب، سامي المنيس، سليمان خالد المطوع، عبد الرزاق الخالد الزيد، علي عبد الرحمن العمر وراشد التوحيد.

التقدميون الديموقراطيون
في عام 1971 حملت القائمة اسم التقدميين الديموقراطيين ونجح منها: أحمد الخطيب، عبد الله النيباري، سامي المنيس وأحمد النفيسي، وذلك في انتخابات مجلس الأمة الثالث. وفي هذا المجلس برز الأربعة دعاة مثابرين للضغط من أجل تأميم نفط الكويت إلى أن نجحوا، بمؤازرة القوى الوطنية وتعاون الحكومة ومجلس الأمة، في هذه الدعوة. نجح ثلاثة من الأربعة السابقين في انتخابات مجلس الأمة لعام 1975 هم أحمد الخطيب، عبد الله النيباري وسامي المنيس. أما في مجلس الأمة الخامس 1981 فلم ينجح أحد من التقدميين الديموقراطيين. وكانوا قد خاضوا هذه الانتخابات باسم "التجمع الديموقراطي" الذي ظهر سنة 1976. أما في انتخابات 1985 وفي مجلس الأمة السادس، فقد كان سامي في قائمة "التجمع الديموقراطي"، لكن هذا التجمع اختلف في تأليفه عن التجمع السابق، إذ اقتصر تكوينه على الفئات اليسارية فقط. وفي هذه الانتخابات فاز د. أحمد الخطيب، سامي المنيس، د. أحمد الربعي، جاسم القطامي وفيصل الصانع في مجلس كانت فيه الأغلبية للمعارضة، وهي أقوى من مؤيدي الحكومة. لكن هذا المجلس لم يدم طويلاً، إذ حُلّ بعد ثمانية أشهر ويومين، بسبب محاولات تفتيش المعارضة على سجلات البنك المركزي، والاستجواب الشهير الذي قدم إلى وزير النفط آنذاك علي الخليفة الصباح.
كان همّ سامي وشعاره استثمار البشر، لذا فإن له مقولة شهيرة "الاستثمار في البشر قبل الحجر" ، ولازمه هذا الشعار في كل ما كان يطرحه من مشكلات تخص الوطن أو المواطن، كويتياً كان أم عربياً.
كانت لسامي المنيس تجربة غنية وصفها بقوله: "إن تجربتنا في العمل السياسي تؤكد أنه لا يمكن النظر إلى بلادنا بشكل معزول عما يدور في المنطقة" . وكانت هذه رؤيته للأحداث المتلاحقة في وطنه وربطها بما يحدث حوله في المنطقة العربية أو المناطق المجاورة.
كما وصف التجربة الكويتية قائلاً: "إن جوهر التجربة الكويتية يتلخص في شكل رئيس واحد اسمه الدستور. والصراع الذي حدث خلال عشرين عامــاً (1963 – 1983) ومازال ممتداً، جوهره الحقيقي هو الحرية التي يحمي سياجها الدستور.. والمحاولات الدؤوبة لتقليصلها يقابلها نضال لا يهدأ للحفاظ عليها" .
لذا، فإن من عرف سامي أحمد المنيس عرف فيه العفوية والوضوح والثبات على المبدأ، ومن عرفه عرف فيه انصهار ذاته في الدفاع عن الدستور والديموقراطية والحرية، وفي الدفاع عن وطنه الكويت وعن أمته العربية وعن حقوق الإنسان. كانت لديه حصانة أسطورية ضد إغواء المال وسطوته ، وتلك صفة لا يقوى عليها إلا الرجال. تطلع إلى خلاص الوطن والأمة من واقع ما بعد الاستعمار والحماية فرأى في الديموقراطية طريق الخلاص، ديموقراطية تتمثل في الرقابة على السلطة التنفيذية ومحاسبتها، ديموقراطية يتم في أجوائها اقتراح التشريعات تحت قبة مجلس الأمة لتقر أو ترفض من الأغلبية، ديموقراطية فيها دستور آمن به الشعب وأيده وأصبح ملاذاً له يلجأ إليه كلما لاحظ انحرافاً في أداء أي من السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.

حماية الدستور
رفع سامي أثناء حياته البرلمانية ما بين 1963 و2000 شعارات دخلت في صلب التقاليد العريقة للعمل البرلماني، فقد نادى حتى آخر لحظة من حياته بحماية الدستور وصيانته وعدم الالتفاف عليه ورفض أي مساس به بعد أن أيده الشعب.
نادى بالمساواة بين كل من عاش على أرض وطنه الكويت، لا فرق بين وافد وكويتي، فقد آمن أن "وطنه الكويت جزء لا يتجزأ من المنطقة، ولا يمكن النظر إلى الكويت بشكل معزول عما يدور في هذه المنطقة" .
انضم إلى حركة القوميين العرب بعد عام 1952 في النادي الثقافي، وكان همّه مع رفاقه تأسيس مجلس تشريعي منتخب ووضع دستور للبلاد، ونادى بإلغاء الحماية البريطانية ووضع سياسة حازمة تجاه شركات النفط .
والأهم من هذا، نادت جماعة النادي الثقافي القومي منذ تأسيسها بإنشاء المؤسسات والجمعيات والروابط المستقلة نوعا ما عن الدولة، وهي دعوة لبناء المجتمع المدني في الكويت. وكانت "دعوة حضارية مستقبلية نوعية". وارتبط بناء المجتمع المدني في الكويت على نحو محدد بحركة القوميين العرب التي ينتمي إليها سامي والتي ارتبط بها تأسيس شبكة جمعياتية من المؤسسات والنوادي والروابط والاتحادات المهنية والثقافية والرياضية. ولا سيما تأسيس النقابات العمالية والطلابية التي كانت تعويضاً عن غياب الأحزاب .
ولا أحد ينكر دور هذه الجماعة في تأسيس النادي الثقافي القومي ومن بعده نادي الاستقلال واتحاد الطلاب ونقابات عمال النفط واتحاد العمال الكويتيين ونادي المعلمين.. إلخ.

القوميون العرب
نجح القوميون العرب _ فرع الكويت، الذين كان سامي المنيس أحد فرسانهم مع أحمد الخطيب وجاسم القطامي وعبدالله النيباري وأحمد النفيسي، بالتعاون مع مجموعة من التجار الوطنيين، على رأسهم عبد اللطيف ثنيان الغانم أحد رموز حركة 1938 في الكويت في إنشاء أول مجلس تشريعي منتخب في الكويت، ولقي هذا التعاون صداه في نفس حاكم الكويت آنذاك الشيخ عبد الله السالم الصباح، وترجم إلى عمل شعبي تمثل في انتهاج الديموقراطية سبيلاً للحياة السياسية في الكويت. وكان المجلس التأسيسي برئاسة عبد اللطيف ثنيان ونائبه د. أحمد الخطيب واضع أول دستور للبلاد 1962. وتبع ذلك انتخابات تشريعية لأول مجلس أمة كويتي عام 1963 ليكون المجلس الرائد في منطقة الخليج العربي كلها. وليفوز سامي وسبعة من أصحابه من بين خمسين عضواً في انتخابات هذا المجلس، ولتبدأ مسيرة سامي المنيس الديموقراطية المسؤولة في أروقة مجلس الأمة، ولتمتد هذه المسيرة إلى ديوانيته في منطقة العديلية وإلى صحيفة الطليعة التي عشقها واستمر رئيساً لتحريرها منذ صدورها عام 1965 حتى عام 1985 وكاتباً فيها حتى وافاه الأجل المحتوم، بعد أن توج عشقه لها بمنحه جائزة الصحافة العربية 2001 بعد وفاته. وكان سامي نائبا لرئيس اتحاد الصحافيين العرب 1985 حتى 1996.
كانت مسيرة سامي المنيس الديموقراطية في مجلس الأمة مرآة للفكر الديموقراطي الذي لا يشوبه أثر المصالح الشخصية ولا الخشية من مسؤول أو المجاملة لصديق، كانت مرآة للموضوعية المتجردة، وعفة اللسان وأدب الاختلاف والصمود على المبدأ مما أكسبه احترام كل من عمل معه.

سامي أحمد عبدالعزيز المنيس (1932ــ2000)
ــ رئيس المنبر الديموقراطي الكويتي 1999ــ2000، وأمينه العام 1993ــ1999 وأحد مؤسسيه في عام 1991.
ــ عضو مجلس الأمة الكويتي في الفصول التشريعية الأول 1963ــ1965 والثالث 1971ــ1975 والرابع 1975ــ1976 والسادس 1985ــ1986 والثامن 1996ــ1999 والتاسع 1999ــ2000.
ــ رئيس لجنة شؤون التعليم والإرشاد في مجلس الأمة 1985.
ــ رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس الأمة في فصليه التشريعيين الثامن 1996ــ1999 والتاسع 1999ــ2000.
ــ صاحب امتياز صحيفة «الطليعة» الأسبوعية.
ــ رئيس تحرير صحيفة «الطليعة» الأسبوعية 1965ــ1985.
ــ صاحب امتياز ورئيس تحرير صحيفة «الجماهير» 1962، صدرت منها ثلاثة أعداد فقط ثم عطلت.
ــ أحد مؤسسي نادي الاستقلال الثقافي الاجتماعي ورئيس مجلس اداراته لأكثر من دورة.
ــ أحد أعضاء المؤتمر الأول لاتحاد الصحافيين العرب المنعقد في الكويت 1965.
ــ عضو الأمانة العامة لاتحاد الصحافيين العرب 1973ــ1975.
ــ نائب رئيس اتحاد الصحافيين العرب 1985ــ1996.
ــ رئيس اللجنة الدائمة للحريات الصحافية في اتحاد الصحافيين العرب 1996ــ2000.
ــ عضو منظمة الصحافيين العالميين وحائز جائزة المنظمة للحريات الصحافية 1984.


يتبع

جريدة القبس



سامي المنيس في مجلس الأمة
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"

التعديل الأخير تم بواسطة IE ; 20-04-2009 الساعة 06:04 PM. سبب آخر: اضافة صورة
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22-04-2009, 05:09 PM
الصورة الرمزية بن الرشيد
بن الرشيد بن الرشيد غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
الدولة: ام الخير
المشاركات: 154
إرسال رسالة عبر MSN إلى بن الرشيد
افتراضي

رحمك الله يا ابا احمد ومثواك الجنه
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23-04-2009, 04:04 PM
kuwaiti-man kuwaiti-man غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 3
افتراضي

مشكور يا اخوي على الموضوع
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25-04-2009, 06:38 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,658
افتراضي مداخلات المنيس ركزت على العمالة والنفط والتربية

ابتدأت فكرة ابراز مسيرة المرحوم سامي المنيس منذ وفاته، ولكنها تبلورت عام 2003 عندما قمت مع الاخ العزيز نافع الحصبان بتجميع المادة المتوافرة خصوصا في مضابط مجلس الامة منذ عام 1963 حتى عام 2000، وقد حاولت جاهداً التوسع في هذا الجانب. إن سامي المنيس لم يكن سياسياً لامعاً او برلمانياً فحسب، بل كان صحافياً متمرساً، ولكنني اغفلت هذا الجانب عن عمد حتى يجيء من يستطيع الغوص في كنوز صحافتنا وبالذات مجلة الطليعة التي ترأس الراحل تحريرها.
هذه الحلقات هي سلسلة متواضعة تقديرا لشمعة وطنية احترقت للمساهمة في تنوير هذا الوطن الغالي، وتأتي صعوبة هذه الحلقات في انها أتت بعد مذكرات الدكتور احمد الخطيب، اطال الله في عمره، واذا ما كان هنالك من نقص او استدراك، فالمجال متاح لإرساله عبر جريدة «القبس» الغراء.
في الختام اود توجيه الشكر لكل من ساهم في هذه المادة جمعاً وتدقيقاً وتحريراً بدءاً من الاخ الكبير عبدالله النيباري، الذي لولاه لم ينجز هذا العمل، وكل من الاساتذة احمد الديين، عبدالمحسن مظفر، محمد اشكناني، الذين اطلعوا على المادة وابدوا ملاحظاتهم السديدة، والشكر موصول للدكتور عبدالرحيم حسين الذي اشرف على المادة والمنهج المتبع، والشكر لكل جهد، مهما كان بسيطا ساهم في اخراج هذا العمل.
اخيراً الشكر لاسرة جريدة «القبس» على نشر الحلقات والتبرع بطبعها بـ«كتاب»، تقديراً للمرحوم سامي المنيس ودوره الريادي في خدمة الكويت.

مجلس الأمة الأول 1963
ليس أمامنا إلا أن نضع مسيرة سامي المنيس الديموقراطية من خلال مناقشاته المسجلة في محاضر مجلس الأمة في الفصول التشريعية التي نجح فيها، لنثبت ما ذهبنا إليه عندما نجح سامي المنيس في أول انتخابات تشريعية في الكويت 1963، هو ومجموعته الثمانية، وحملوا اسم نواب الشعب، بقي هذا سنوات عدة في فصول تشريعية لاحقة. كان دستور الكويت نافذاً وأصبح مجلس الأمة واقعاً ولم يعد حلماً. ولم يكن أمام سامي إلا أن يعض على هاتين المؤسستين بالنواجذ ويسعى ما وسعه السعي إلى تفصيل دورهما من خلال كفاحه الدؤوب من أجل تثبيت حق مجلس الأمة في الرقابة ومساءلة الحكومة واستجواب وزرائها، والدفاع عن حقوق الشعب وأمواله والحدّ من نفوذ شركات النفط وامتيازاتها والقضاء على استغلالها ومناصرة العمال أينما وجدوا، والسعي إلى توفير حرية الصحافة والتعبير.
لذا، كان سجله الديموقراطي حافلاً بالقضايا الداخلية والخارجية التي طرحها في مسيرته والتي لم يتردد لحظة في متابعها في كل فصل تشريعي انتخب فيه. وها نحن نتتبع مسيرة سامي وهذه القضايا في الفصول التشريعية التي انتخب فيها، فصلا فصيلا، وتقسم إلى مجموعتين الأولى سامي والقضايا الوطنية، والثانية سامي والقضايا العربية والعالمية.
ففي الفصل التشريعي الأول وفي دورات انعقاده الثلاث كانت أهم القضايا التي استحوذت على فكره قضية النفط، وشركات النفط والعاملين فيها بشكل خاص، وقضايا العمال بشكل عام. فقد أخذ سامي على عاتقه تحرير العمال المستغَلين وكشف ادعاءات هؤلاء المضللين، ونجح في إقناع العمال بذلك. وكانت أولى مداخلاته حول هذا الأمر في دور الانعقاد الثاني عندما طالب " إحالة مذكرة عمال شركة نفط الكويت إلى الحكومة لبحث أوضاعهم، وطالب بمساهمة الشركات النفطية في تشغيل العاملين، خصوصا أن امتيازات شركات النفط أكثر مما يقرره القانون ".
وفي دور الانعقاد الثالث، أشار سامي إلى أن سكان الكويت 330000 نسمة ولم تساهم شركات النفط حتى الآن في حل أزمة العمالة بشكل صحيح. وهناك لوائح داخلية تصدرها الشركات تحول دون عمل المواطنين. وتتمتع شركات النفط بامتيازات أكثر مما يقرره القانون، فنحن لا نعرف ما نوع المواد التي تستوردها شركات النفط، وما أسباب الاستثناءات التي تتمتع بها، ولماذا لا تدفع الشركات رسوماً جمركية".
كان سامي واضحاً في مناقشة أمور شركات النفط من غير لف أو مواربة، فقد أعلن في دور الانعقاد العادي الثالث " أن شركة نفط الكويت لم تنفذ أي بند من البنود التي اتفقت عليها مع الحكومة بشأن العمال، وهناك حقيقة مؤسفة جداً هي أن العمال في قطاع النفط أو شركات النفط أو القطاع الأهلي أوضاعهم محزنة، ومنها الاستغلال البشع، وفيها تعسف، فماذا عملت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لحفظ حقوق العمال؟".

بالنسبة للعمال الآخرين، فقد أعلن سامي في الفصل التشريعي الأول ودور الانعقاد العادي الثاني أنه " لا يجوز أخذ مكاسب العمال الطبيعية والشرعية وهي خدماتهم لما قبل 1959، كل إضافة في قانون العمل يجب أن تكون لمصلحة العمال لا لمصلحة رؤوس الأموال، وعلى العامل الكويتي أن يقرر مستقبله بيده وبتفكيره وبنظرته للمصلحة العامة من دون وضع شروط قانونية تحجم هذا الحق". كما طالب "بإنشاء نقابة عمالية في شركتي نفط"، وتساءل عن "سبب رفض طلب العمال الانضمام إلى هذه النقابة " لا سيما أن سامي كان الداعية الأول لإنشاء نقابات عمال النفط، ونجح في تأسيس أو لجنة عمالية عندما عمل مع شركة النفط 1946 وعمره أربعة عشر سنة . لذا كان حديثه عن تأييده لمطالب العمال صدى لتجربة قاسية وصعبة عاشها في مطلع حياته عاملاً في شركة النفط نفسها، ورأى معاناة العمال وقاسى همومهم. وكان حلقة الوصل بين أفراد النقابات عام 1961 وحركة القوميين العرب، ومع عام 1964 بدأت نقابات الوزارات، بدءا من وزارة الصحة، وتوالت الجهات، حتى توجت بالاتحاد العام لعمال الكويت في 1967 وكانت لسامي المنيس مساهمة فعالة في توجيه الحركة النقابية العمالية وإعداد كوادرها .

تنفيق العوائد النفطية
من هنا كان أمر العاملين في شركات النفط هماً من همومه، فكان يطلب التخفيف عنهم وتحقيق العدالة لهم، ولم يكف عن طرح هذا الأمر في مجلس الأمة. وبفضل جهوده وجهود النواب الوطنيين ونجاح هؤلاء في التعاون مع آخرين من الأعضاء من أجل مصلحة الوطن، نجح مجلس الأمة في إفشال اتفاقية تنفيق العوائد النفطية، وشكل ذلك أول صدمة لشركات النفط الاستعمارية التي كانت ترى أنها قوة لا يمكن التصدي لسيطرتها واستغلالها.
وتعود أهمية نجاح مجلس الأمة في إفشال اتفاقية تنفيق العوائد إلى ما تركته من آثار في عالم النفط، إذ وضع هذا النجاح أول مسمار في نعش الشركات النفطية حتى انتهى الأمر بتأميم النفط. وقد تم إفشال تنفيق العوائد النفطية في عام 1965. وتنفيق العوائد مصطلح يعني أن تحسب العائدات (الريع) المقدم من الحكومة للشركات النفطية العاملة في أراضيها على أنه جزء من النفقات العامة للشركة ولا تخصم من الأرباح العائدة للحكومة بموجب مناصفة الأرباح . وكان قد صدق على الاتفاقية كل من إيران والمملكة العربية السعودية وليبيا وقطر، ورفض الكويت لها آنذاك كان يعني مفاجأة خاصة لمنظمة أوبك (الدول المصدرة للنفط) التي عقدت الاتفاقية باسم أعضائها وكان نفاذها مرتبطاً بموافقة الكويت.

التدريب المهني
وإلى جانب مصالح العمال، التفت سامي مبكراً إلى موضوع التدريب المهني، فطالب في دور الانعقاد الثاني في الفصل التشريعي الأول الحكومة "بتدريب مهني وحل المشكلة مع شركات النفط"، كما طالبها "بالإسراع في تكوين المدرسة المهنية، وهي مدرسة تختلف في مهماتها عن الكلية الصناعية". وكان واضحاً التعاون مع الحكومة في هذا المجال، ففي الأول من مارس 1965 وافق سمو أمير البلاد على اعتماد إضافي بمبلغ خمسين ألف دينار لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لمواجهة نفقات تدريب الكويتيين العاطلين عن العمل. ورأى سامي استكمالاً لهذه الخطوة "أن يتم دفع رواتب للمتعطلين وعددهم آنذاك 925 عاطلاً".
طالب سامي في دور الانعقاد الثالث "بإنشاء هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية ومعنوية كحل عملي لمشكلات ذوي الدخل المحدود البالغ عددهم خمسين ألف مواطن، ويتوزع إنشاء بيوتهم على عدة جهات وتتهرب بعض الوزارات من طلباتهم". وذلك في محاولة منه لتوزيع البيوت بعد إنشائها عن طريق جهة واحدة مسؤولة بدلاً من تعدد الجهات.
كان سامي واضحاً، يريد الحلول الجذرية لكل مشكلات المواطن، ولم يكن يريد توزيع جهده بين هنا وهناك، فهو يريد مدرسة مهنية واحدة لمختلف أنواع التدريب، ويريد هيئة تشرف على ذوي الدخل المحدود. وتبدو عقلية العمل من خلال المؤسسات واضحة في فكر سامي المنيس.
لقد ناقش سامي المنيس في دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي الأول موضوع الجنسية في مجلس الأمة، وطالب "بالتساهل في إجراءات الجنسية مع أبناء بادية الكويت، وإعادة تشكيل اللجنة العليا للجنسية وتعيين مقرر لها مع أعضاء متفرغين". كما طالب "بسحب الجنسية ممن أخذها بغير حق" وهو يرفض التوقف في إعطاء الجنسية، ويرى "أن لجنة الشؤون الداخلية هي المخولة بالتحقيق في موضوع الجنسيات التي أعطيت".
والتفت سامي في الفصل التشريعي الأول دور الانعقاد الثاني إلى الصحافة والإعلام، ورأى أن "الصحافة يملكها الشعب". وطالب بإعادة النظر في قانون المطبوعات. وكان مدركاً منذ البداية لدور التلفاز في الإعلام، وطالب بارتفاع أجهزة الإعلام إلى مستوى المسؤولية. كما طالب بصرف المبلغ على برامج تؤدي خدمة للمواطنين، معلنا رفضه المطلق "لأي مبلغ سري يخصص لوزارة الإرشاد" (الإعلام حالياً). ورأى أن "الترفيه مطلوب لكن من دون إثارة للجنس والعواطف، لذا فهو " يرفض إقامة الحفل السنوي للتلفاز" (60 ألف دينار) لأن "الحفل يزيد من مشكلات الشباب والبلد".
يضع سامي المنيس منذ البداية في الفصل التشريعي الأول دور الانعقاد العادي الثالث، أسساً لمناقشة ميزانية الدولة والحساب الختامي للمؤسسات، ويضع فلسفة واضحة للمستقبل، فهو لا يرى في مناقشة "حساب ختامي أرقاماً، إنما يرى موضوع السياسة المالية بشكل عام". ولما كان هذا هو المبدأ، فقد رفض التصديق على الميزانية، لأن "هناك إدانة صريحة من اللجنة المالية للحكومة بالفوضى"، إن صح التعبير، ولأن "اللجنة المالية تشكك في صحة الأرقام، ولأنه يرى أن مردود الميزانيــة "صفر على الشمال والإنتاج أقل بكثير من ضخامة الميزانية". وسامي المنيس لا يعترض على أرقام الميزانية، ولكن اعتراضه على مصير هذه الأرقام وأين تنفق وما مردودها على حياة الوطن والمواطن. فهو مستعد لبذل الأموال مقابل إنتاج للوطن.
لم يتردد سامي المنيس لحظة واحدة في الإعلان عن أن الكويت بلد عربي وجزء من الوطن العربي، ومصيرها مرتبط بمصير هذه الأمة، أفراحاً وأتراحاً. ولم يكن متردداً أبداً في الطلب إلى مجلس الأمة مناقشة قضايا الأمة، إضافة إلى مناقشة قضايا الوطن. ففي الفصل التشريعي الأول دور الانعقاد الثاني "أهاب سامي بحكومة الكويت والحكومات العربية أن تعيد النظر فوراً في علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع الحكومة البريطانية، في ضوء عدوانها السافر على بلد عربي شقيق هو الجمهورية العربية اليمنية". وسامي يعلن هذا الموقف أمام مجلس الأمة وهو يعلم متانة العلاقات البريطانية الكويتية في عام 1964/ 1965، لكنه يرى مصلحة الأمة العربية فوق أي مصلحة. ويذهب سامي إلى المطالبة "بالاهتمام بنضال اليمن وزيادة المنح الدراسة لأبناء الخليج".
كانت قضية فلسطين في صميم وجدان سامي المنيس، يتحدث عنها في الديوانية، وفي جريدة الطليعة، في مجلس الأمة وفي أي مكان. ولم يكن متردداً أو متهاوناً في طرح ما يمس فلسطين في مجلس الأمة الكويتي. فقد أراد البعض في عام 1964 أن تسمى "فلسطين السليبة"، لكنه والمجلس كله يوافق على التسمية التي اقترحها المرحوم عبد العزيز حسين "الوطن السليب فلسطين العزيزة". وكان يأنف من ذكر الكيان الصهيوني ويرى فيه "دولة العصابات" بدلاً من إسرائيل. ورأى في الصهيونية عدواً لدوداً للأمة العربية، لذا نراه يطالب مجلس الأمة بإلحاح "بالكشف عن الجاسوسية لمصلحة الصهيونية وملاحقتها". ولا يتردد في الموافقة والمطالبة بتنفيذ تحويل روافد نهر الأردن عندما لجأت إسرائيل إلى تحويل مياه النهر إلى أراضيها لتستفرد بالانتفاع بها وحدها في عام 1964.

الجيش
وطالب سامي، من دون مواربة، بتصفية مكتب الكويت في لندن، ورأى أن "تزويده للجيش الكويتي بما يلزم أمر مرفوض، فالجيش الكويتي جيش الأمة". وواضح أن طلب سامي لقي آذاناً صاغية، إذ عُيّ.ن ملحق عسكري في السفارة الكويتية كما أراد سامي.
إضافة إلى القضايا التي ناقشها وأثارها في الفصل التشريعي الأول 63ـ64ـ65، أثار سامي قضايا تمس حياة المواطن، وطالب بحلها، فهو يطالب "بسرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية"، ويطالب "بقانون للبرق والهاتف"، كما طالب بألا يجمع المختار بين وظيفتين. ومن الأمور التي ناقشها سامي ورأى أنها تمس حياة المواطن الوافد على السواء، مطالبته لوزير الداخلية بـ "تلبية مطالب أهل النقرة بشأن وجود مسرح الخليج العربي عندهم". وجاءت استجابة وزير الداخلية لهذا المطلب بالرد على سامي في 25/11/63 "أخطرنا المسرح بمراعاة رغبة أهالي منطقة النقرة وعدم القيام بالأعمال التي تزعجهم".
كما ناقش سامي في هذا الفصل قانون الإيجار وقانون البناء من دون ترخيص، إلا في الملك الخاص بإذن من البلدية، " ويرفض الإيجار من الباطن إلا إذا كان بالتفاهم مع المالك". وأشار إلى ظاهرة تفشي الخمر وردّ انتشار هذه الظاهرة إلى " القلق الذي يصيب المواطنين والشعب من عدم الاستقرار، وشارب الخمر إما لمزاج أو لتفريج الهموم والنسيان". وأكد سامي عند مناقشته لهذا الأمر "أنه لا يكفي منع الخمور ولكن يجب دراسة الأسباب والمشاكل التي دعت إلى هذا التفشي"، "وإذا كان من الواجب منع الخمر وتشديد العقوبة، فإنه يجب أن نضع العلاج الكافي، وأن نهيئ الاستقرار النفسي للمواطن".
كان يحرص ما وسعه الحرص على أموال الدولة وعدم إنفاقها في سبل لا يقتنع بها، لذا نراه يطالب "بإلغاء 650000 دينار المرصودة في الميزانية لشراء مكيفات لأنها لا تشترى سنوياً". واستغل حديثه عن المكيفات ليتحدث عن استهلاك الكهرباء وتساءل "هل يعقل تنوير الشوارع ونحن نشتكي من قطع الكهرباء؟"، كما طالب هنا بإعفاء ذوي الدخل المحدود من دفع ثمن الكهرباء.
لم يكن يفوّت فرصة فيها منفعة للمواطن، خصوصا الكادح أو العامل أو أي من ذوي الدخل المحدود إلا وانتهزها للدفاع والمطالبة بالحقوق، فهو يطلب "مصادرة المواد الغذائية غير الصالحة. لا تصديرها إلى الخارج وارتكاب جرائم إنسانية". وعندما ارتفعت بعض الأصوات ضد الباعة المتجولين ورأت فيهم ضرراً بالاقتصاد رفض سامي هذا الأمر ورأى أن "الحديث عن هؤلاء مبالغ فيه".

التربية
والتفت إلى التلاميذ الذين يقبلون في السنة الأولى الابتدائية استثناء من وزير التربية عندما يبلغون خمس سنوات ونصف السنة بدلاً من ست سنوات، فطالب "بأن يكون هذا الاستثناء عن طريق لجنة، وليس عن طريق الوزير".
كما التفت سامي إلى وزارة الصحة وحثها في ذلك الفصل التشريعي على "ضرورة الإشراف على العيادات الخاصة وبيع الأدوية في الصيدليات". وشارك في مناقشة قانون مزاولة مهنة التمريض وتساءل عند مناقشته عن "الفرق بين الممرض والمضمد اللذين وردت تسميتهما في قانون المهنة".
كانت بداية عهد أول مجلس أمة بداية امتداد التعليم الثانوي للبنات خارج مدينة الكويت، إذ وافق مجلس الأمة، بتشجيع واضح من سامي، على إنشاء ثانوية الفحيحيل للبنات في العام الدراسي 66/ 1967، وكان ذلك بداية التوسع في ثانويات البنات في مختلف مناطق الكويت.
وختاماً لسرد هذا النشاط البرلماني، لا بد من القول إن مجلس الأمة الكويتي انضم إلى الاتحاد البرلماني الدولي في 12/5/1964 وظهرت شعبة برلمانية من أعضائه وقبلت في 2/6/64 في عضوية الاتحاد الدولي .
إن الفرحة بعرس الديموقراطية لم تدم طويلاً، إذ سرعان ما بدأت المسيرة تتعثر، وذلك من طبيعة الأمور. فالتجربة ناشئة وفريدة في منطقة الخليج العربي، وهناك من يشجعها، وهناك من يخشاها ويعمل ضدها، والذين يقلبون صفحاتها داخل الكويت وخارجها بين مستفيد وخاسر أناس كثر، وكان لا بد للتجربة الكويتية من مواجهة المصاعب التي قد تعطلها أحياناً تحت تأثير الظروف الداخلية والخارجية، لكنها لم تثنها عن الاستمرار.

الأزمة بين المجلس والحكومة
تجمعت خيوط الأزمة بين مجلس الأمة والحكومة منذ الرد على الخطاب الأميري في دور الانعقاد الثالث للفصل التشريعي الأول، وكانت للأزمة أسبابها، أولها الخطة الخمسية، وذلك عندما رأى سامي المنيس أن "الخطة الخمسية التي ترسم سياسة الدولة لا تزال في الأدراج". وثانيها، ما اعترض عليه سامي من عبارة جاءت في الرد على الخطاب الأميري تقول: يشجع المجلس خطوات الحكومة من أجل التنظيم الوظيفي والإداري... إذ رأى سامي "لا وجود لخطوات". وتساءل: "أين التنظيم الإداري والتوظيف؟"، واقترح أن تكون العبارة "يتابع المجلس خطوات الحكومة باهتمام" بدلاً من يشجع... إضافة إلى ما سبق كانت هناك إدانة صريحة في اللجنة المالية الخاصة للحكومة على "الفوضى المالية". وفي هذه الفترة تمكن مجلس الأمة من إحراز نصر كبير، عندما نجح في إسقاط اتفاقية تنفيق العوائد النفطية، ودعا إلى "انتزاع الغاز الطبيعي من أيدي الشركات النفطية وإعادة ملكيته للدولة".
وفي الفترة نفسها في أواخر عام 1964 اعترض بعض النواب على التشكيل الوزاري الجديد، مما أدى إلى استقالة الوزارة. وفي الخامس من يناير 1965 استقال السيد عبد العزيز الصقر رئيس مجلس الأمة وأصر على استقالته وتولى رئاسة المجلس من بعده السيد سعود العبد الرزاق .
استطاعت الحكومة الرد على مواقف المعارضة، التي كان سامي أحد رموزها، بتنظيم تحالف من 31 نائباً في المجلس مؤيد لها، وأصبح هؤلاء أغلبية في المجلس. وأصبح نواب الشعب الثمانية الذين يمثلون التيار القومي، ومنهم سامي المنيس، غير قادرين على مواجهة إقرار القوانين المقيدة للحريات ومنعها، مثل فصل الموظفين ومنع الحديث في السياسة في النوادي وإغلاق الصحف إدارياً ، وبعد مضي ثلاثة أعوام على التجربة البرلمانية التي انتهت بوجود القوانين المقيدة للصحافة والنشر، والتي جعلت من المستحيل ممارسة الصحافة لوظيفتها، وفرض قوانين قسرية بتعديل قانون الوظائف العامة الذي سلب الهوية الأساسية للمواطن الموظف، وجعل مصيره معلقاً بإرادة أفراد الحكومة، وفرض عليه الانتقال من وظيفته إن أراد الترشيح، رأى نواب الشعب الممثلون للتيار القومي في مجلس الأمة أن الغرض الحقيقي وراء سلوك الحكومة ومؤيديها، هو محاولة إجهاض التجربة الديموقراطية وتزييف إرادة الشعب.. وتحول مجلس الأمة إلى مؤسسة لاديموقراطية، ومصدر لقوانين جائرة لا تتفق وإرادة الشعب.
كانت تلك انتقادات نواب الشعب للحكومة، وكان تفكيرهم في تقديم الاستقالة مبكراً، لكن وفاة الشيخ عبد الله السالم الصباح أمير البلاد أجّل هذه الاستقالة. وعندما تأكد لهؤلاء النواب تصميم الحكومة، على حد تعبيرهم، على تنفيذ القوانين المقيدة للحريات تقدم هؤلاء الثمانية باستقالاتهم من مجلس الأمة، وهم: جاسم القطامي، د. أحمد الخطيب، سليمان خالد المطوع، يعقوب يوسف الحميضي، سامي أحمد المنيس، عبد الرزاق الخالد الزيد علي عبد الرحمن العمر وراشد التوحيد .
أما د. أحمد الخطيب، مؤسس حركة القوميين العرب في الكويت، فقد لخص أسباب الاستقالة على النحو التالي:
فرض قانون التجمعات الذي حرم المواطنين وسيلة التعبير عن آرائهم ومواقفهم.
سن تشريع يكبل حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والنشر.
تعديل قانون الوظائف العام حيث أصبح مصير الموظف معلقاً بإرادة الحكومة.
سلوك الحكومة ومؤيديها في محاولة إجهاض التجربة الديموقراطية وتزييف إرادة الشعب .
وكانت استقالة هؤلاء مدوية وتعد حدثاً بارزاً في تاريخ الحياة البرلمانية في الكويت (انظر الملحق ـ نص الاستقالة) ردت على استقالة الثمانية بالإعلان عن انتخابات تكميلية في بداية عام 1966 لكن نواب الشعب المستقيلين طالبوا بمقاطعة هذه الانتخابات كدليل على إيمان الشعب بأن الديموقراطية أصبحت عندنا زائفة، وأن الشعب قد كفر بهذا المجلس الذي لم يعد يمثله .
ورغم هذه الدعوة للمقاطعة، فقد جرت الانتخابات، وبغض النظر عن عدد الأصوات التي نالها الناجحون في هذه الانتخابات الفرعية، فإنهم أصبحوا أعضاء في مجلس الأمة. وشككت المجموعة المستقبلية في هذه الانتخابات ورأت أنه لا يمكن اعتبارهم ممثلين حقيقيين للشعب، إذ كيف يعتبر نائباً حقيقياً من حصل على بضعة أصوات لا تشكل أكثر من 20% من أصوات الناخبين؟!، إنهم لا يمثلون إلا أنفسهم .
كان انتخاب المجلس التأسيسي 1962، بعد استقلال الكويت 1961، الذي وضع الدستور وتبعته انتخابات أول مجلس أمة في تاريخ الكويت 1963 لافتاً للتفكير، خصوصا أن السلطة كانت ترفض أي استجابة لانتخابات برلمانية، فما الذي حدث؟ كان ما حدث بتوافق بين المواطنين وحركة القوميين العرب من جانب، وبين أمير دولة الكويت آنذاك المرحوم الشيخ عبد الله السالم الصباح من جانب آخر، لأسباب أهمها الإلحاح الشعبي منذ 1938 على تأسيس مجلس تشريعي، وما نتج من وحدة وطنية شاملة إثر مطالبة عبد الكريم قاسم بضم الكويت، والموقف العربي الرافض لمزاعمه والمؤيد للكويت، وترى مجموعة القوميين العرب أن ما حدث يعود إلى أن:
1) السلطة كانت تسعى دائماً إلى إيجاد صيغة من التمثيل الشعبي تفيد ولا تضر، كما كانت السلطة بحاجة إلى تثبيت كيان الكويت كدولة والرد على الانتقادات الموجهة ضد نظام الحكم.
2) بريطانيا الحليفة للكويت لم تكن ترى أن من مصالحها ومصالح الغرب أن تظهر أمام العالم كحامية لأنظمة حكم فردية .
فما الذي كان وراء فك التحالف؟ يرى القوميون من خلال ما نشروه أن نجاحهم في الانتخابات سبب قلقاً للسلطة. وقد شعرت هذه السلطة بعد السنة الثانية من عمر المجلس أنه استنفد أغراضه بالنسبة لها. فقد ثبت كيان الكويت في الجامعة العربية والأمم المتحدة، وأصبحت عضواً فيهما، كما أنها حصلت على اعتراف العراق بها بعد انقلاب 1963 ضد عبد الكريم قاسم وقتله. ورأت السلطة أن الفرصة سانحة للتخلص من العناصر الوطنية، كما أن نجاح مجلس الأمة الكويتي في رفض اتفاقية تنفيق العوائد النفطية أكد مدى خطورة العناصر القومية .
رغم ما حدث في الفصل التشريعي الأول من استقالات وانتخابات تكميلية وقوانين لم يرضَ عنها النواب القوميون، أو "نواب الشعب" كما سموا آنذاك، فإن الجو الديموقراطي في الكويت لم يصل إلى درجة الكبت كما في بعض البلدان الأخرى، وبقي هامش المطالبة الشعبية بالديموقراطية مفتوحاً، ولكن ليس بالطريقة التي يريدها "نواب الشعب".
وعقد أول مجلس أمة كويتي آخر جلساته في 3/1/67 وكان فصله التشريعي خمس سنوات وليس أربع سنوات، أي بزيادة سنة تكميلية. وأعلن عن انتخابات المجلس التشريعي الثاني في 25 يناير 1967 وكان الجو مهيأ لتقدم نواب الشعب في الانتخابات وزيادة عددهم إلى أكثر من ثمانية أعضاء، كما كان في المجلس الأول. وكان سامي مرشحاً في الدائرة الثامنة (حولي) لكن ترتيبه حسب النتائج المعلنة كان التاسع في القائمة، أي أنه لم ينجح.
لكن هذا الفصل اقترن بالحديث عن التزوير في الانتخابات، إذ قام بعض رجال الشرطة ودخلوا بعض اللجان الفرعية وأخذوا صناديق الاقتراع لنقلها إلى اللجان الرئيسة من دون غلقها وختمها، ومن دون مرافقة أحد مندوبي المرشحين حسب رواية بعض النواب والمرشحين .
ونتيجة لهذا صدر بيان في 27/1/1967 وقعه 38 مرشحاً، من بينهم ستة أعلنت الحكومة فوزهم، على رأسهم المرحوم عبد العزيز الصقر، جاء فيه: لجأت السلطة إلى التدخل المباشر في عملية الانتخاب، إذ فوجئ المواطنون بتنفيذ خطة مبرمجة لتزوير الانتخابات بشكل سافر ومفضوح .
وأصدرت جمعية الصحافيين الكويتية بياناً استنكرت فيه عملية التزوير، وكذلك الاتحاد الوطني لطلبة الكويت وجمعية المحامين والحقوقيين وجمعية الخريجين، واتحاد عمال الكويت، ومستخدمي القطاع الحكومي، ولكن المجلس عقد جلساته ولم يكن للمعارضة دور فيه، وغاب جميع رموزهم عن هذا المجلس الذي لا يزال ما حدث فيه موضع قيل وقال في تاريخ الحركة النيابية الكويتية.

المنيس في احدى مداخلاته عام 1976

__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 26-04-2009, 06:12 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,658
افتراضي مجلس 1971 ساهم في إقرار قانون المحكمة الدستورية

كان أبرز نتائج هذه الانتخابات على حركة القوميين العرب، ظهور تيار راديكالي بين صفوف شبابها أدخل الحركة في مأزق مع التجار وأدى إلى انقسام القاعدة في حركة القوميين العرب، وذلك عندما عقد الراديكاليون مؤتمرا في أكتوبر 68 فصلوا فيه قيادة أحمد الخطيب للحركة، والتزموا بالكفاح المسلح والماركسية اللينينية . لكن ما حدث بعد ذلك من تصفية حركة القوميين العرب لنفسها وتحولها إلى منظمات قطرية، أدى إلى ظهور حركة التقدميين الديموقراطيين في الكويت 1969 من رحم حركة القوميين العرب، وكان د. أحمد الخطيب وعبد الله النيباري وسامي المنيس قادة الهرم لهذه الحركة، وتحولت القيادة الراديكالية إلى منظمات يسارية أخرى.
ووصف السيد عبد الله النيباري هذه الحركة بأنها حركة ديموقراطية تقدمية قابلة للتطور المستقبلي، وتسعى إلى تحقيق أهدافها عن طريق النضال السياسي والعمل البرلماني. وحددت الحركة أهدافها في تحقيق السيادة السياسية الكاملة والتخلف عن النفوذ الاقتصادي الأجنبي بتصفية جميع مظاهر التبعية الاقتصادية للإمبريالية، وتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية والديموقراطية .
ومنذ ذلك التاريخ حل اسم التقدميين الديموقراطيين محل اسم القوميين العرب الذين خاضوا الانتخابات 1963 باسم نواب الشعب، وخاضوا انتخابات المجلس الثالث في 23/1/1971 تحت هذا المسمى أيضا.
غُيّب سامي المنيس عن مجلس الأمة الثاني هو وكثيرون من تنظيمه، وكانوا مرشحين للفوز في انتخابات هذا المجلس، لكنهم لم يكفوا عن نضالهم السياسي من خارج المجلس ضد ما حدث في انتخابات 1967، ورأوا فيها قتلاً للديموقراطية. وانعكس ما حدث على مجموعة القوميين العرب في الكويت ككل، إذ رأت فئة منهم ضرورة النضال المسلح ضد ما جرى في انتخابات 1967 وانفصلت عن المجموعة الأم، وكانوا في معظمهم من الشباب الراديكالي، لكن سامي المنيس ومعه عبد الله النيباري وأحمد الخطيب... بقوا متمسكين بالنضال السياسي من أجل تحقيق الديموقراطية ورفضوا اللجوء إلى الكفاح المسلح بكل أشكاله . وأصبح اسم هذه المجموعة "مجموعة التقدميين الديموقراطيين" أو جماعة الطليعة التي يتزعمها د. أحمد الخطيب ومعه عبد الله النيباري وسامي المنيس وأحمد النفيسي. وكان لهم برنامجهم الديموقراطي الوطني الذي يسعى إلى التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في الكويت، وخاضوا انتخابات مجلس الأمة الثالث في 23 يناير 1971 على أساس البرنامج الوطني، وحققوا نجاحهم المتوقع والمنشود، إذ فاز كل من أحمد الخطيب وعبد الله النيباري وسامي المنيس وأحمد النفيسي في هذه الانتخابات، ورفع هؤلاء لواء المعارضة للمشاركة النفطية والمناداة بوجود جهاز وطني يقوم بعمليات إنتاج النفط وتسويقه وضرورة تأميم الغــاز.
كأي جماعة سياسية منظمة، خاض التقدميون الديموقراطيون الذين يعد سامي أحد رموزهم، انتخابات مجلس الأمة الثالث في يناير 1971 وفق برنامج سياسي طرحوه على المواطنين قبل موعد الانتخابات بسنة كاملة. وقد طرحت الجماعة برنامجها في يناير 1970 بعنوان "برنامج العمل الوطني الديموقراطي" الذي أعلنه نواب الشعب (التقدميون الديموقراطيون) في يناير 1970، ليتلاءم مع مرحلة التحرير الوطني الديموقراطي ضد معسكر الخصم الرئيس المتمثل في الإمبريالية العالمية وإسرائيل والرجعية العربية وإيران، إضافة إلى الشركات الاحتكارية الأجنبية، وليلائم القوى الوطنية التقدمية التي حددها البرنامج بأنها تتكون من الطبقة العاملة وشرائح الطبقة المتوسطة والموظفين والمدرسين والمهنيين وصغار التجار وبعض العناصر الإصلاحية ذات التوحد الوطني من البرجوازية الكبيرة .

برنامج المعارضة
1- دعا البرنامج إلى وحدة العمل الوطني في الكويت. وقد جاء في الحديث عن هذا الهدف: نرى من الضرورة في ضوء فهمنا للمرحلة الراهنة. أن يواصل العمل الوطني مسيرته، وأن تنهض قواه الوطنية من كبوتها.. ولن يتم ذلك إلا في التوجه نحو تكتيل القوى الوطنية ووحدة العمل الوطني .
ومن دون جدال، فإن العناصر والقوى الوطنية كافة تلتقي في رفضها للقوانين غير الديموقراطية، وتلتقي في رفضها للفساد والسرقات والممارسات التي زكمت روائحها الأنوف. وتلتقي أيضاً برفضها للتدهور الاقتصادي وتحكم الشركات الأجنبية، وتلتقي على إطلاق الحريات العامة، وتطهير الجهاز الإداري والتخطيط لمستقبل البلاد والاهتمام بالصناعة الوطنية والوقوف في وجه الشركات الأجنبية .
2 - كما دعا في المجال السياسي والديموقراطي إلى:
1 - إلغاء القوانين اللاديموقراطية كافة، وبالذات قوانين الصحافة والأندية والوظائف العامة.
2 – إشاعة الديموقراطية.
3 – عدم تعطيل الصحف.
4 – عدم تدخل السلطة التنفيذية في سير الانتخابات.
* وفي المجال الاقتصادي من أجل الحفاظ على الثروة النفطية، دعا البرنامج إلى:
1 – دعم شركة البترول الوطنية.
2 – إنشاء معامل جديدة لتكرير النفط وصناعة مشتقاته وصناعة بتروكيماويات.
3 – إجبار الشركات الأجنبية على احترام القوانين والضغط عليها لإعطاء العمال حقوقهم.
* وفي مجال التصنيع والمستوى المعيشي دعا البرنامج إلى:
1 – تشجيع الصناعات الوطنية.
2 – تصحيح جهاز الدولة المتضخم.
3 – إزالة الفوارق الفاحشة في الدخل.
3 – وضع حد لسياسة التبديد والإسراف.
4 – الحد من الاعتماد على السوق الغربي.
5 – التوسع في إنشاء بيوت ذوي الدخل المحدود.
6 – الاهتمام بأبناء البادية .
* كما اهتم البرنامج بالتعليم والفن والثقافة فدعا إلى:
1 – اعتماد سياسة تربوية مدروسة.
2 – إقامة جامعة عصرية غير خاضعة لرغبات المسؤولين.
3 – الاهتمام بالشباب ودعم مؤسساتهم.
4 – الاهتمام بالأدب والفن.
5 – مكافحة الاتجاهات الفكرية الاستعمارية والرجعية، مع مكافحة الخرافات والشعوذة.
6 – رعاية المسرح وتشجيع العاملين فيه.
* والتفت البرنامج إلى قضايا الخليج العربي وطالب بما يلي:
1 – محاربة الاستعمار بكل أشكاله.
2 – محاربة الأطماع الإيرانية التوسعية.
3 – رفض المشاريع الاستعمارية كافة.
4 – المطالبة بإطلاق الحريات العامة.
5 – إقامة الجبهة الوطنية العريضة على امتداد الخليج.
* وركز البرنامج على فلسطين فدعا إلى:
1 – دعم المقاومة الفلسطينية.
2 – رفض الحلول السلمية كافة ورفض مشروع الدولة الفلسطينية (على جزء من فلسطين).
3 – العمل من أجل إنجاح الوحدة الوطنية الفلسطينية.
4 – عدم التضييق على الفلسطينيين.
5 – محاربة التسلل الصهيوني إلى البلاد.
* أخذ البرنامج بعين الاعتبار الوحدة العربية والعمل على تحقيقها، فدعا إلى:
1 – العمل من أجل قيام وحدة عربية.
2 – الانفتاح على الأنظمة التقدمية العربية.
3 – دعم جميع أطراف حركة التحرر الوطني في البلاد المستَعمَرة.
4 – المباشرة بإقامة المؤسسات الاقتصادية العربية المشتركة لتحقيق التكامل الاقتصادي.
* أما في مجال السياسة الخارجية العالمية فدعا البرنامج إلى:
1 – مواجهة الاستعمار.
2 – تأييد حق الشعوب في تقرير المصير.
3 – محاربة أجهزة التجسس الاستعمارية والصهيونية والإيرانية كافة.
4 – التعامل مع الجميع على أساس الموقف من القضية العربية وبالذات قضية فلسطين والخليج العربي.
5 – رفض جميع المعاهدات والأحلاف الاستعمارية والعدوانية .
نجاح التقدميين الديموقراطيين

وعلى أساس هذا البرنامج ـ الذي تعمدنا إيجازه ـ والالتزام بما جاء فيه، خاضت حركة التقدميين الديموقراطيين انتخابات 23/1/1971 لمجلس الأمة وتمكنت نواتها البرلمانية الصلبة، المتمثلة في أحمد الخطيب، عبد الله النيباري، سامي أحمد المنيس وأحمد النفيسي التي نجحت في الانتخابات، من العمل ما وسعها على المناداة بتطبيق برنامج التقدميين الديموقراطيين الذي سبق ذكره، وتحقيق أهدافه المتمثلة في:

أهداف البرنامج
تحقيق السيادة الكاملة والتخلص من النفوذ الاقتصادي الأجنبي وتصفية مظاهر التبعية الاقتصادية للامبريالية وتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية والديموقراطية . وكان أبرز ما في مسيرة التقدميين الديموقراطيين في هذه المرحلة تأييد القاعدة العمالية لهم عندما دعا اتحاد عمال الكويت إلى انتخاب مرشحي الحركة .
كان أساس البرنامج الانتخابي الذي سبق ذكره لانتخابات 1971 برنامج حركة التقدميين الديموقراطيين الذي أكد أن:
1 – حركة التقدميين الديموقراطيين الكويتيين تنظيم سياسي طليعي يسترشد بالنظرية العلمية والفكر الثوري العربي.
2 – تؤمن الحركة بالنضال السياسي بمختلف وسائله.
3 – تعبر الحركة عن مصالح الجماهير الشعبية وقواها الوطنية، ومن أجل تحقيق كامل مهمات مرحلة التحرر الوطني الديموقراطي.
4 – تدعو إلى تصفية جميع مظاهر التبعية الاقتصادية للامبريالية.
5 – تدعو إلى ترسيخ الديموقراطية كنهج ثابت في الحياة العامة للكويت.
6 – تدعو إلى إجراء إصلاح تقدمي في الجهاز الإداري للدولة.
7 – تؤمن الحركة بمساواة المرأة مع الرجل في جميع الحقوق والواجبات وممارسة الحقوق السياسية .

إنجاز المشاركة النفطية
استطاعت الحركة من خلال نوابها في مجلس الأمة الثالث 1971/1975، وبالتعاون مع النواب المستقلين، إنجاز موضوع المشاركة النفطية ومن ثم تأميم النفط، كما كان لها دورها في إقرار قانون المحكمة الدستورية . كان هذا هو الخط الذي سار عليه سامي المنيس بعد نجاحه في انتخابات مجلس الأمة الثالث 1971. وما يهمنا هنا هو نشاط سامي المنيس في هذا الفصل التشريعي الثالث ومتابعة أهم ما طرح من مناقشات واقتراحات. ولا بد من القول أن سامي المنيس انتخب أمين السر لمجلس الأمة في هذا الفصل التشريعي، كما انتخب مقررا للجنة العرائض والشكاوى، وهو أمر لا بد من الإشارة إليه كتعبير عن ثقة أعضاء المجلس به ووفق برنامج مجموعته التي نجحت في انتخابات 1971.

الفصل التشريعي الثالث
كان النفط واستعادة ملكيته للشعب والإشراف الوطني على إنتاجه وتكريره والاهتمام بأمر العاملين فيه عامة والعمال خاصة، أكثر ما اهتم به سامي في هذا الفصل التشريعي.
فكان أول تساؤلاته في الفصل التشريعي الثالث لدور الانعقاد الأول عن "سبب تأخير صرف الأعمال الإضافية للعمال، وكيف تصرف في وزارة ولا تصرف في أخرى؟". وكانت استجابة الوزارات سريعة لتساؤلات سامي عندما قامت بصرف هذه الأعمال الإضافية.
كان سامي فخوراً بالقوى العاملة في كل المجالات وبإنجازاتها، وكان يتابعها خطوة خطوة، فهو يفتخر بالقوى العاملة التي "استطاعت أن تحرز انتصاراً بإيجاد قانون العمل في قطاع النفط 1968، ثم صدور قانون معدل 1969". لكنه كان يرى ايضاً أن شركات النفط "تطفش" العمالة الكويتية، أي تجبرها على ترك العمل "فالقوى العاملة الوطنية لا تزيد عن 10% في شركات النفط، وتقوم هذه الشركات بتسليم أعمالها إلى المقاولين للتخلص من العناصر الوطنية" وهو تأكيد لما قاله بأنها "تطفش" العمالة الوطنية. وتساءل سامي عن دور الشركات النفطية الأجنبية "هل القوانين والتشريعات التي نصدرها غير مقبولة ومرفوضة من شركات النفط؟ وهل هذه الشركات حكومة خفية؟". وحتى يثبت سامي أقواله بعدم انصياع الشركات النفطية لتنفيذ القوانين كعادته في توجيه أي اتهام "أثار العريضة رقم 19 من رئيس اتحاد العمال حول رفض شركات النفط تنفيذ القانون 28/1969 بشأن العمل في قطاع النفط المحال إلى لجنة العرائض والشكاوى بتاريخ 15/3/1971".
رأى سامي أن "شركات النفط تريد تفسير القوانين كما تشاء" لا كما يجيء في نصوصها. ويشير سامي إلى ظاهرة لا تقل خطورة عن تقاعس شركات النفط عن تنفيذ القوانين، وهي أن خبراء الحكومة عاجزون أمام الشركات النفطية التي ترى أن قانون شركات النفط غير ملائم وغامض. فقد أعيد هذا القانون إلى مجلس الأمة مرتين من دون أن تأخذ به الشركات النفطية. وهنا تساءل سامي:
" متى يقف المجلس وتقف الحكومة أمام شركات النفط الاستعمارية؟" فالممارسات العملية لشركات النفط في نظر سامي هي ممارسات حكومات خفية، فهي لا تأبه بقوانين الشركات ولا بالقوانين الخاصة بالعمال.
يقف سامي أمام شركات النفط محارباً شرساً يريد انتزاع حقوق الوطن من بين مخالب لا تعترف بحكومات ولا نقابات، فنراه ينتقد الاتفاقية النفطية لأن "نصوصها ليست في مصلحة الكويت". ويستمر في كشف عيوب هذه الاتفاقية ورفضها هو ومجموعته المؤيدون له في مجلس الأمة والضغط من أجل إفشالها. كان يريد النفط ثروة وطنية قومية يستغلها الإنسان العربي في السراء والضراء، فهو يقف موقفاً لا لبس فيه في عام 1973 "ويحيى الدولة على وقفها ضخ نفط الكويت"، وذلك بعد حرب أكتوبر 1973 ضد العدو الصهيوني، وهو يُغلّب المصلحة القومية على المصلحة الوطنية ويرى في النفط سلاحاً عربياً يجب استخدامه عندما يكون ذلك في مصلحة رفعة الأمة وسمعتها واستعادة كرامتها. ويعد موقفه من شركات النفط امتداداً لموقفه في مجلس الأمة الأول عندما كان عضواً فيه، فهو ثابت في نقده امتيازات شركات النفط وثابت في ملاحظته تصرف الشركات النفطية وعدم تنفيذها للبنود التي تتفق فيها مع الحكومة...
ونظراً لما كان للمعارضة من تأثير واضح في استرداد الكويت لثروتها النفطية، فإننا نورد ملخصاً لهذا الموضوع: ففي سنة 1971 أصبحت التوجهات السياسية داخل مجلس الأمة تنادي بتحديد الانتاج في حدود 2.95 مليون برميل يومياً، في عام 1972 فُوض أحمد زكي اليماني من أقطار الخليج العربي للوصول إلى اتفاقيات مع شركات النفط العالمية الكبرى بخصوص المشاركة، وتسمى هذه اتفاقية المشاركة التي تبدأ في 1978 ترتفع إلى 30 في المائة 1979، و35 في المائة يناير 1980، و40 في المائة يناير 1981، وإلى 51 في المائة في 1982، وتستمر حتى نهاية مدة الامتياز، وهي في الكويت سنة 2025.

ضد اتفاقية المشاركة
شن الوطنيون في المجلس حملة عنيفة ضد اتفاقية المشاركة، ورفضها المجلس بعد أن ناقشها بين يناير ومارس 1973، ورأى أن تبدأ المشاركة بـ 51% على أن تصل إلى 100% في نهاية عقود الامتياز. كانت رموز المطالبة باسترجاع الثروة النفطية في مجلس 1971: علي الغانم، سالم المرزوق، عبد اللطيف الكاظمي، بدر المضف وناصر الساير، أما ممثلو التقدميين الديموقراطيين فكانوا: د. أحمد الخطيب، عبد الله النيباري، سامي المنيس وأحمد النفيسي، وقد طالبوا ببحث السياسة البترولية وتشكيل لجنة وطنية لدراسة موضوع البترول.
كانت الدعوة في مجلس الأمة إلى رفع نسبة المشاركة والوصول إلى التأميم ولهذا قدم أعضاء مجلس الأمة في 22/12/73 اقتراحاً بمشروع قانون لتأميم النفط في الكويت، وهم: يوسف المخلد، فلاح الحجرف، عبد العزيز المساعيد، فالح الصويلح، محمد الرشيد وعبد الكريم الجحيدلي. وعقد عبد الله النيباري مناظرة تلفزيونية عن المجلس مع السيد عبد الرحمن العتيقي عن الحكومة، وكان واضحاً توجه الرأي العام لرفض اتفاقية المشاركة.
وهنا تدخل رئيس مجلس الوزراء آنذاك المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح (1977/2006) وبعد اجتماعه مع مندوب شركة غلف أعلن أن محتوى اتفاقية المشاركة لا بد أن "يراجع لتأكيد حقوق الكويت المشروعة". وإثر ذلك سحبت الاتفاقية من مجلس الأمة بسبب توقع رفض المجلس لها.
بعد ذلك بشهور، وافق مجلس الأمة على اتفاقية المشاركة التي تقضي بأن يكون للحكومة 60% من العمليات والحقول البترولية للشركتين (غلف، وبي بي) ابتداء من 1/1/1974.
وقد امتنع النواب التقدميون الديموقراطيين الأربعة عن التصويت على هذه الاتفاقية، ووعدت الحكومة على لسان السيد عبد الرحمن العتيقي وزير المالية والنفط أنذاك، بالسعي للحصول على المزيد، بما فيه خير هذه البلاد ومصلحة شعبها الكريم. وعلل عبدالله النيباري امتناع ممثلي الحركة التقدمية الديموقراطية عن التصويت بغياب شرط الوصول للتملك النهائي. أما الدكتور أحمد الخطيب، فقد رأى في مناقشة الاتفاقية "نصراً للديموقراطية" لكن اتفاقية المشاركة لم تدم طويلاً، إذ سرعان ما أعلنت حكومة الكويت في 5/3/75 بعد الانتخابات أنها قررت تأميم نفط الكويت. وتم تصديق مجلس الأمة بالإجماع على اتفاقية التأميم في 18/3/76. وكان على حكومة الكويت أن تدفع 50،5 مليون دينار مقابل القيمة الدفترية للموجودات التي انتقلت ملكيتها للحكومة .
ظهرت آثار التعاون بين مجلس الأمة ومجلس الوزراء برئاسة الشيخ جابر الأحمد الصباح آنذاك واضحة لمصلحة الوطن، فقد تمكنت الكويت من انتزاع ثروتها الوطنية من براثن الشركات النفطية العملاقة بأقل التعويضات عن الموجودات. لذا لا بد أن يُسجل نتائج هذا التعاون كنموذج بناء في تاريخ السلطتين التشريعية والتنفيذية. وكان لإصرار مجلس الأمة على انتزاع هذا الحق وقدرة الحكومة على التفاوض بذكاء وحكمة الفضل الأكبر في الوصول إلى التأميم واسترداد الحقوق.
أظهر سامي في ذلك الفصل التشريعي اهتمامه الواسع بالوطن ومشكلاته وسياسات الدولة ووزاراتها، وكان موضوعياً في طرحه، يسعى إلى تحقيق الأفضل من خلال تساؤلاته ونقده بعيداً عن التجريح أو التشهير. وتناول أول ما تناول مناقشته الرد على الخطاب الأميري، وكان أول مطلب له "أن يتضمن الخطاب مساندة الكفاح المسلح مادياً وتخصيص دعم مالي للثورة الفلسطينية ووقف المعونة الأردنية".
لم يرَ سامي خلاف حكام الخليج، الذي أشار إليه الخطاب الأميري، خلافاً شخصياً يستوجب توجيه نداء لهم، لكنه رأى فيه انه "صراع أنغلو أميركي ـ إيراني" يجب الالتفات إليه والتعامل معه بجدية وزارة الداخلية، وعندما جاء دور وزارة الداخلية ناقش الجريمة وأسبابها وخلص إلى القول إن "الفاعل مجهول" في جرائم البلد، "وحوادث المرور في تزايد"، وعزا ذلك إلى "الإدارة ومسؤولياتها وليس إلى الرعونة وحسب".
رأى سامي أن مجلس الأمة يناقش سياسة الحكومة من خلال الرد على الخطاب الأميري بشكل عام لكن الأعضاء "لا يستطيعون إضافة أكثر من السنة الماضية"، إلا أن ذلك لم يمنعه من التساؤل: "هل السياسة الخارجية تعبير عن الشعب وعن رغباته؟"، "وما موقف الكويت من الخليج العربي وإيران عندما احتُلت الجزر العربية؟". وفي استغراب لافت للنظر، يذكر سامي "أن التعامل الاقتصادي زاد مع إيران" بعد احتلال الجزر، وهي تحضر مؤتمر جدة (الإسلامي) أثناء حديثه عن الجزر، وهو هنا منسجم تماماً مع تطبيق برنامجه الانتخابي في مقاومة الاستعمار والتسلل الإيراني. وانتقل إلى الشأن الداخلي وتساءل: "ما أسباب حل المجلس البلدي 1972؟"، ويلاحظ "إعادة المادة 43 من مشروع قانون البلديات إلى اللجنة المختصة تخوفاً من عدم ترسيخ قواعد الديموقراطية". وأعلن سامي "أن أبناء الكويت يعيشون الاستغلال مقترناً بالاحتكار لسوق الكويت والأقلية التي تحتكره". لكنه يقرن هذا القول بالمثل العملي في السلوك الرسمي ويعلن أمام المجلس أن "مجلس الأمة منذ ثلاث سنوات يقف بحزم ويناشد الحكومة في شخص وزير التجارة، إعادة النظر في موضوع الأسعار ليرفع الاستغلال عن المواطن، لكن ذلك لم يحدث، فسياسة الحكومة، في نظره، أن تترك الباب مفتوحاً"، وهو أمر يرى فيه طريق الاستغلال، لذا نجده يعلن قائلاً: "يجب على وزارة التجارة، والحكومة جميعاً، أن تعيد النظر في سياستها بترك الباب مفتوحاً". كان منطقياً في طرحه فهو لا يتحدث من فراغ، إذ يطرح المشكلة التي يعاني منها المواطن لكنه يقرن المشكلة بحل يراه صالحاً. يضع يده على الداء ويصف الدواء أيضاً. من هنا جاء قبول سامي بين زملائه في المجلس واحترام الآخرين له.
تساءل سامي في دور الانعقاد الأول للمجلس الثالث عن: "الفلسفة أو السياسة التي ترسمها الدولة في خدماتها العامة للمواطنين، وإلى متى تستمر هذه الفوضى في الخدمات المعطاة للمقاولين، وفي انقطاع الكهرباء، وفي سياسة الإسكان، متى يمكن وضع سياسة اقتصادية حقيقية؟ إلى متى تستمر المحسوبية في شراء الأدوية لوزارة الصحة وتنفيذ الإنشاءات دون مراعاة لمصلحة المواطن؟".
تساءل سامي كذلك عن الفلسفة التي تنتهجها الدولة من مفهوم الاستملاك (التثمين) و"هل هي محاولة لتوزيع الدخل؟ كيف تم صرف 750 مليون دينار؟ إنها كذبة كبرى لم تصرف، ولكنها ذهبت إلى جيوب أفراد قلائل"، والغريب أن هذه العبارة "أفراد قلائل" لا تزال تتردد حتى اليوم كنقد موجه ضد المنتفعين من أموال الدولة! واشتدت مطالبة سامي بالحد من الغلاء كلما كثرت شكاوى المواطنين من وطأته عليهم وتأثيره في حياتهم، وعندما لم يجد صدى عملياً من المسؤولين لمطالبته بالحد من الغلاء وارتفاع الأسعار، بعد أن تأكدت له صحة ارتفاعها استناداً إلى تقارير موضوعية تقدم باستجواب إلى وزير التجارة والصناعة في 19/3/1974 وتمت مناقشته خلال دور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي الثالث.

استجواب وزير التجارة والصناعة 1974
قدم الاستجواب الأعضاء: عبد الله النيباري، علي الغانم وسامي المنيس لوزير التجارة والصناعة بشأن ارتفاع الأسعار وتطبيق قانون الشركات والتراخيص التجارية والصناعية.
وجاء في الاستجواب:
بالنظر إلى تقصير وزارة التجارة والصناعة في واجبها، فقد أدى ذلك التقصير إلى الضرر بالمواطنين وبالاقتصاد الوطني، ويتمثل هذا التقصير في ما يلي:
1 – لم يقم وزير التجارة والصناعة بما تمليه عليه المسؤوليات الدستورية لمعالجة مشكلة الغلاء.
2 – "تهاونت وزارة التجارة والصناعة في تطبيق قانون الشركات والقوانين الأخرى، وقد أدى هذا التهاون إلى التلاعب في سوق الأسهم وفي الاكتتاب بأسهم الشركات الجديدة، مما أدى إلى استفادة نفر قليل على حساب المصلحة العامة".
3 – إن إعطاء التراخيص التجارية والصناعية يطبق بصورة فيها تمييز بين المواطنين ومحاباة لبعضهم، مما يعتبر مخالفة للدستور، كما أن الضرر يمتد ليمس المصلحة الوطنية عامة.
تحدث السيد عبد الله النيباري فتناول نقطتين:
1 – ممارسة حق الاستجواب مسألة يجب ألا يعتريها أي حرج لا من قبلنا كأعضاء ولا من الحكومة.
2 – نفى أن يصوَّر الاستجواب على أنه خلاف شخصي.
وفي أسلوب حضاري واضح، لم ينسَ النيباري ماضي وزير التجارة والصناعة السيد خالد العدساني في الكفاح من أجل الديموقراطية والحكم الدستوري التشريعي... "وعزاؤنا أننا نطبق عملياً ما أراد أن يغرسه هو فينا وفي المجتمع منذ 36 عاماً..."، "إننا نستجوب وزارة التجارة باعتبارها أو باعتبار الوزير ممثلاً للحكومة في هذا المجال".



سامي المنيس في مجلس الأمة



أحمد النفيسي



د. أحمد الخطيب



عبدالرحمن العتيقي



عبدالله النيباري
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 02-05-2009, 08:23 PM
الصورة الرمزية خالدطعمة
خالدطعمة خالدطعمة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: الكويت
المشاركات: 11
افتراضي

جهد مميز لشخصية مميزة ومن شخص مميز
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 07-05-2009, 02:27 AM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,658
افتراضي مناقشات المجلس في السبعينات تميزت ببعديها العروبي والإقليمي

ارتفعت الأسعار في مدى سنتين بموجب التقرير المقدم إلى هذا المجلس من بعض الخبراء إلى 27 في المائة، أما السيد علي الغانم، أحد مقدمي الاستجواب، فقد أكد "احترامنا ومودتنا للسيد وزير التجارة والصناعة وتقديرنا لماضيه. وقانون التجارة الموجود حالياً فيه كثير من المواد القيمة لو طبقت لربما تفادينا كثيراً من الأخطاء وكثيراً من التلاعب الذي حصل في بعض الشركات. إلا أنني للأسف وجدت القانون لم يطبق ولم تعمل الوزارة على تطبيقه".
أما سامي المنيس، أحد مقدمي الاستجواب، فكان له تعقيب قال فيه "عندما يقدم الاستجواب فهو من أجل نصرة الحق وليس من أجل الهروب من قول كلمة الحق.. كنت أتمنى أن يفند الاستجواب من خلال النقاط الثلاث".
وكان تعقيب السيد الوزير حضارياً أيضاً عندما شكر السيدين عبدالله النيباري وعلي الغانم على ما قالاه، وأعلن أن الرخص التجارية كانت بناء على قرار أن لكل مواطن الحق في رخصة "وزعنا حوالي خمسين ألف رخصة وأنا أقول إنني أعطيت كل ذي حق حقه. وما زلت أعطي كل مواطن ما يطلب".
أما بالنسبة للأسعار، فأعلن السيد الوزير أنه "يمشي مع الدستور. دستورنا يقرر أن النظام الاقتصادي الحر هو نظام البلاد".
أما عن الموضوع الثالث، تأسيس الشركات، فقال "عندي ظاهرة صحية 100%.. إذا كانت الشركات ذات جدوى اقتصادية.. إذا كانت موافقة للقوانين فليس لي الحق أن أمنعها إطلاقاً. طبقت وزارة التجارة القانون بحذافيره" .
إن أهم ما في الاستجواب هو المظهر الحضاري والموضوعي في مناقشته، وهو أمر يحق لمجلس الأمة الكويتي أن يفتخر به، نظراً للمستوى الراقي الذي وصله النقاش في أروقة المجلس بين الأعضاء المنتخبين والوزراء. فلقد كان حسن النوايا واضحاً كما كان الالتزام بوصول رأي الشعب إلى الحكومة أكثر وضوحاً، كما كان رد الوزير قانونياً لجهة طبيعة النظام الاقتصادي في البلاد والقوانين المنظمة للشركات والرخص التجارية.
كان هذا أول استجواب برلماني شارك فيه سامي المنيس مع اثنين من زملائه وفقاً لما تتطلبه اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، ولم يحدث أن شارك سامي قبل هذا في أي استجواب لأي وزير.
وقد أدى الاستجواب أثره، حيث قامت الحكومة بعد ذلك بزيادة الأجور لمواكبة الزيادة في أسعار السلع والمواد الغذائية وبدأ التفكير في نظام البطاقة التموينية للمرة الأولى منذ الاستقلال بعد ذلك الاستجواب.
لم يقف سامي مادحاً الخدمات العامة على سعتها وتوافرها، لكنه وقف مطالباً بتحديد الأهداف من هذه الخدمات ودورها في تنشئة المواطن الصالح، يريد خدمات ذات مردود وطني لا خدمات استهلاكية بلا معنى "بإنشاء مؤسسة استهلاكية تموينية كإحدى الخدمات التي تقدم للأسرة وتساعد المواطن على اقتناء المواد الضرورية التي لا ترهق ميزانية المواطن البسيط". ووضع بهذه الفكرة أساس مستقبل فلسفة الاستهلاك ومحاولة السيطرة عليها وتوجيهها وجهة نافعة وكان واضحاً أن سامي ينظر إلى الخدمات من زاويتين: الأولى أن تكون خدمات لها فلسفة محددة تؤدي إلى نتائج إيجابية في تنشئة المواطن، والثانية أن تكون من خلال مؤسسات منتظمة تعرف ما يريده المواطن البسيط وتقدم له ما يحتاجه.
كانت النظرة المستقبلية عند سامي لتقديم الخدمات واضحة، ونجدها اليوم متمثلة في اتحاد الجمعيات التعاونية، وفي مطالبات النواب المستمرة بتحديد الأسعار وفي نشاط البلدية المتمثل في الحد من التلاعب بالأسعار....
كان واضحاً في فكر سامي انشغاله بمستقبل أجيال الوطن الذي لم يرَه من خلال احتياطي الأجيال وحسب، ولكن من خلال "تنشئة مواطن مؤهل قادر على مواجهة الحياة بإيمان وعزيمة". فتراه يولي قضايا العمالة اهتماماً واسعاً من فكره ويلتفت إلى التدريب وضرورته في كل دورة انتخابية نجح فيها. وفي الفصل التشريعي الثالث في دور الانعقاد الأول وقف غاضباً في مجلس الأمة بسبب الفوضى في التدريب، إذ رأى في التدريب المهني "طامة كبرى لتعدد الجهات"... "الكل يدرب". وكعادته في إرساء فلسفة العمل من خلال المؤسسات، طالب بإنشاء "مؤسسة مهنية تشمل جميع التدريبات القائمة"، وهو مطلب تبناه في الفصل التشريعي الأول 63/65 ولم يكن قد تحقق في الفصل التشريعي الثالث 71/1975.
كان يريد مؤسسة مهنية مركزية تتولى التدريب في المجالات جميعاً ذات أهداف محددة، أبرزها "تأهيل كوادر فنية وإدارية كويتية" في سوق العمل الحكومي والخاص والمشترك. كان يريد عمالة فنية مدربة يستفيد منها الوطن وتجد فرص عمل لها في القطاع المشترك، أي القطاعين الحكومي والأهلي.
كان هناك في الكويت منذ عام 1954 الكلية الصناعية في الشويخ الصناعية، وقد انشئت لتكون نواة لتوفير الأيدي العاملة الفنية الوطنية لتسد فراغاً في سوق العمل، ولكن يبدو أن سامي لم يكن مقتنعاً في أوائل السبعينات بدور الكلية ولا بما حققته قياسا على عمرها الزمني وتكاليف إنتاجها، ونراه "يستفسر عن مسيرة هذه الكلية"، واضعاً الشك في استمرار وجودها ويدلل على ذلك بإعلانه "أن خريجي الكلية ما بين 1954 و1970 بلغ عددهم 589 خريجاً فقط، وهو عدد لا يساوي شيئاً بين أعداد العاملين ومن يحتاجهم سوق العمل".
أراد سامي من الكلية الصناعية معهداً مهنياً إدارياً يتخرج فيه "الفنيون الإداريون الذين يتولون مناصب القيادة الوسطى في المؤسسات". واستمر سامي في طرق هذا الباب، وما إن وافاه الأجل المحتوم حتى كانت الكلية الصناعية قد تحولت إلى "الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب" يحصل خريجوها على أعلى المؤهلات العلمية، وينتشرون في مختلف قطاعات الدولة، والقطاعين الخاص والمشترك.
أَولَى سامي أثناء وجوده في مجلس الأمة عضواً منتخباً في دورات عدة، نشاط وزارة الداخلية اهتمامه الخاص. فقد كان يؤمن أن الحياة لا تستقيم من دون توفر الأمن والأمان مهما بلغت درجات الرفاهية في العيش. وكان اهتمامه الأكبر موجهاً نحو الجريمة. وعند مناقشته لسياسة وزارة الداخلية في هذا الفصل طالب سامي "بمنع الجريمة ومكافحة الجاسوسية"، كما حدث في الفصل التشريعي السابق. "وسنّ القوانين، مع الاستعانة عند سنها بالجمعيات والنقابات المهنية"، وكان يطالب "بمحاربة الفساد من خلال سن قانون: من أين لك هذا؟".
وانتقل من الجريمة إلى حوادث المرور في دور الانعقاد الثاني في الفصل الثالث وذكر أن "عدد القتلى 145 والجرحى 2441 وفق بيانات وزارة الداخلية سنة 1970، ويرى في هذه الأرقام أمراً مخيفاً ويحمّل إدارة المرور المسؤولية منتقداً أساليبها وواصفاً إياها بالتخلف، محملاً إياها المسؤولية الأولى عن هذه الحوادث، وهو خط تبناه في الفصل التشريعي الأول، وظل مؤمناً بصحته ما لم يظهر عكس ما يؤمن به. ومن أجل تلافي هذا الأمر أو التقليل من خطره نادى "بضرورة وجود قانون أو قرار وزاري منظم لمدارس تعليم قيادة السيارات" التي تتولى تخريج السائقين، وقصد بذلك أن يكون التدريب على القيادة وفق قواعد أخلاقية وانضباطية وقانونية، كما رأى في ظاهرة تخلف المرور ما يشير إلى "أزمة بين المواطنين جميعاً ورجال الأمن بشكل عام ورجال المرور بشكل خاص". ويطالب سامي بحل هذه الأزمة من خلال معرفة أسبابها ونتائجها لأن في حلها كما رأى "مصلحة للبلد" وهو على حق في ذلك.
ومن المرور والجريمة، انتقل سامي في دور الانعقاد الرابع من هذا الفصل إلى مناقشة "الجنسية"، ومنحها في دولة الكويت، وأعلن "أن ما يزعجنا جميعاً ويقلق مستقبلنا في ظاهرة التجنيس عدم الوصول إلى حل علمي وجذري لموضوع الجنسية". ولا يكون الحل العلمي إلا من خلال وضع قانون محدد وقواعد ثابتة لمنح الجنسية. وحاول سامي أن يبدد قلقه هذا وتساءل في 10/12/1973 عن الذين "تقدموا طالبين الحصول على الجنسية الكويتية ولم يحصلوا عليها من بين العاملين في الوظائف المدنية في مختلف وزارات الدولة ومؤسساتها. وما عدد سنوات خدمة هؤلاء في العمل". وكان لسامي رأي في الجنسية أعلنه في الفصل التشريعي الأول، ويرى في التجنيس ظاهرة مقلقة لمستقبل الوطن أو يريد معايير محددة لمنحها، تتوازى مع البرنامج الاقتصادي والخدماتي للدولة.
وأوجز سامي رأيه في نشاط وزارة الداخلية بعد كل ما عرضه، وأبدى عدم رضاه عن حالة الأمن والتي يعيشها الوطن، ولم يفته التنبيه إلى ظاهرة "التسلل الإيراني التي تؤثر تأثيراً مباشراً في حالة الأمن". وكان الالتفات إلى مقاومة التسلل الإيراني في برنامجه الانتخابي.
كان سامي حاملاً لهموم وطنه ومواطنيه، يطرح مشكلاتهم في مجلس الأمة، المؤسسة التشريعية التي يحتمي بها المواطنون، ولكن همه الدائم كان الصحافة والإعلام، فذلك غذاؤه وواقعه وحياته، وتوجه هذا الفصل، وفي دور الانعقاد الأول، أول ما توجه إلى الإذاعة والتلفاز وطالب "بفصل الإذاعة والتلفزيون عن الإعلام، وجعلهما هيئة مستقلة، على غرار ما هو حاصل في كثير من بلدان العالم، وعلى غرار ما هو حاصل الآن في وكالة الأنباء الكويتية (كونا).
والتفت إلى الصحافة مطالباً بتعديل قانونها ووقف الإجراءات الإدارية التي رآها "سيفاً مصلتاً على الصحافة". وكان همه الدائم تعديل المادة 35 من القانون رقم 3/ 1961 والمعدلة بالقانون 29/1965، وما انفك يطالب بتعديلها مقترحاً مع آخرين من زملائه مشروعات القوانين لهذا التعديل.
نجح سامي وصحبه عندما أحال رئيس مجلس الأمة قانون المطبوعات إلى لجنة التعليم والثقافة والإرشاد في 9/5/1971 وبحثته في 22/5/1971 ووافقت على القانون بالإجماع وصدق عليه صاحب السمو أمير البلاد وعدلت المادة 35 والمعدلة بالقانون 29/65 وأصبحت كما يلي:
"لا يجوز تعطيل أي جريدة بعد ترخيصها إلا بموجب حكم نهائي صادر من محكمة الجنايات، ولا يجوز تعطليها أكثر من سنة".
ونجح سامي في رفع السيف المصلت على رقاب الصحافة، ذلك السيف الذي كثيراً ما شهرته واستخدمته الحكومة ضدها. وكانت مطالبته بإلغاء المادة 35 نابعة من أن هذه المادة تقف حاجزاً دون التطور الصحفي وتقدمه، وبقاؤها يعني "بقاء أمراض مختلفة". وكان النجاح في تعديل هذه المادة أمراً ليس بالهين عند أصحاب الأقلام الحرة وهو مظهر واضح من مظاهر التقدم الحضاري للدولة وسلطاتها.
خصصت الكويت في السنة المالية 1972 / 1973 مبلغ مائة ألف دينار كويتي كمنحة لتلفزيون دبي، واستغل سامي هذه الفرصة ليتساءل في دور الانعقاد الثاني من الفصل الثالث عن "السياسة الإعلامية في الخليج"، وقصد من وراء هذا التساؤل "أنه يريد هدفاً قيما وأساسياً لتلفزيون دبي وإلا فلا معنى لوجوده".
وتساءل "ما المردود من هذا الجهاز؟" وهو تساؤل يدخل في صميم فكر سامي المؤسساتي. فعقله كان رافضاً لكل ما هو غير مبرمج لتحقيق أهداف واضحة ومحددة، وكان صرف المال العام عنده لا بد أن يكون مقنعاً يعطي المردود المطلوب من صرفه، وتراه يطالب بـ "إعادة النظر في المصاريف الإعلامية لعام 1973/ 1974"، ويرى فيها مغالاة ولم يقتنع بها. وما إن يأتي دور الانعقاد الرابع للفصل التشريعي الثالث حتى تبدو مظاهر بعض الارتياح في لهجة سامي المنيس نحو الصحافة والإعلام، فهو "يطلب التحديد وليس التعميم في النقد"، كما "يحيي الصحافة والصحافيين" من على منبر مجلس الأمة. وتزول بذلك النظرة السوداوية الى الإعلام وتحل محلها نظرة التفاؤل والاعتراف بأن هناك أعمالاً تستحق الإشادة، ربما كان ذلك بسبب نجاحه في تعديل المادة 35، التي رأى من خلال تعديلها توفير صحافة حرة تدافع عن تجربة الديموقراطية وانتشارها كمقوم أساسي لحياة المواطن.

ميزانية الدولة
كانت لسامي فلسفة للموافقة على إقرار الميزانية العامة للدولة، أو ميزانية أي وزارة أو مؤسسة حكومية، تقول "إننا إذا أقررنا الميزانية من دون محاسبة علمية دقيقة نكون قد أهملنا واجبنا الأساسي". أعلن ذلك في الفصل التشريعي الثالث وفي دور الانعقاد الرابع. وكان ذلك نهج سامي في كل مناقشاته للميزانية أو بنودها. يلتفت في مناقشة الميزانية أول ما يلتفت إلى موازنة منطقة الشعيبة الصناعية لعام 71/72، ويوافق سامي على ريعها، لكنه رأى "تناقضاً في الميزانية بشأن التثمين للعقار والبيوت"، وطالب بحل التناقض، وعند مناقشته للباب الثاني من ميزانية 1971/1972 اشار "إلى المحسوبية في شراء الأدوية لوزارة الصحة"، وهو أمر أشار إليه أكثر من مرة. كما انتقد "ظهور بعض الإنشاءات لفئات معينة من دون مراعاة لمصلحة الوطن". ذكر سامي أن ميزانية الباب الأول (خاص بالرواتب) في عام 71/72 "بلغت 153،227،100 دينار كويتي تنفق سنوياً على سبعين ألف موظف ومستخدم"، ولم يعارض سامي الرقم المذكور لكنه طالب "برفع إنتاجية الجهاز الإداري ليكون في مستوى الإنفاق"، ولم يتردد في الإشارة إلى "بعض مظاهر المحسوبية" موجهاً النقد لها.
كانت موازنة الباب الثاني في الميزانية 294،489،455 دينارا كويتيا، إلا أن سامي رأى في هذا الرقم استهتاراً في الصرف، وكان رأيه صرخة أثمرت في المستقبل، وفي نهاية المطاف نوقشت ميزانية الخطوط الجوية الكويتية كما نوقشت سياسة بنك التسليف والادخار، ولم يبد. سامي ملاحظات حول هذين الأمرين ذات بال. لكنه عند ذكر ديوان المحاسبة طالب "بعمل جدي لإيجاد المراكز الأساسية في الديوان ليجعل من جهازه الإداري جهازاً فعالاً". وكانت الاستجابة لمطلب سامي إيجابية، إذ سرعان ما تحول ديوان المحاسبة إلى مؤسسة رقابية على صرف الوزارات والمؤسسات الحكومية، ظهر أثرها في مستقبل مناقشات السياسات المالية للوزارات والمؤسسات الحكومية.
واستكمالاً لمناقشاته للمؤسسات المالية، تساءل سامي في دور الانعقاد الثاني عن "دور البنك المركزي في الاقتصاد الوطني والإشراف على أموال استثمارات البنوك وواقعها في الخارج، خصوصا أن 90% من أموال البنوك يتم استثمارها في الخارج"، وتساءل "هل من تعاون بين البنوك التجارية وخريجي ودارسي معهد المصارف الذي يشرف عليه البنك المركزي؟".
إن مناقشات سامي وتساؤلاته كانت على درجة من الأهمية، ولا بد منها، فمن دون هذه التساؤلات ما كان يمكن أن يثار التنبيه إلى محاسن ومساوئ المؤسسات التي يشير إليها وخطورتها. فمن ذا الذي كان يعلم أن 90% من أموال البنوك تستثمر خارج البلاد؟
كانت العمالة المدربة الفنية وضخها في سوق العمل شغل سامي الشاغل، لذا فهو يتساءل عن مصير دارسي معهد المصارف لما لوجودهم المتخصص من دور في رفع عمل المؤسسات المالية.

البلدية
التفت سامي في دور الانعقاد الرابع إلى البلدية ووضع أعمالها موضع النقد، من دون الانتقاص من دورها الرائد في نهضة الكويت الحديثة. ولفت الانتباه إلى تنفيذ قرارات المجلس البلدي التي رآها "تنفذ من جانب وتهمل من جانب آخر"، كما أشار إلى عدم المساواة في أنشطة البلدية، إذ هناك "تفاوت في النظافة في المناطق". ولم يغب عن باله أبداً في يوم من الأيام اهتمامه بالصحة العامة للمواطن فهو يريد "رقابة على المطاعم"، وأشار إلى "وجود تسممات عند التفتيش عليها". كما أشار إلى ما يحصل لبعض الألبان والأجبان والتأثير المدمر عند فسادها على صحة الإنسان. وطالب "بتنظيم الأرصفة في المناطق المختلفة".
أشار سامي إلى بعض المسائل التي يجب أن تزيد البلدية اهتمامها بها، لكنه لم يتنكر لدورها ولم ينقصها حقها ولا حقوق العاملين فيها، لذا نراه يوافق على ميزانية البلدية من دون تحفظ.

جامعة الكويت
سعى سامي ما وسعه السعي إلى جعل جامعة الكويت مؤسسة علمية أكاديمية يعتز بها كل مواطن، ولم يكن يخفي اعتزازه بهذا الصرح العلمي، ولا حرصه على تقدمه واحتلاله مركزاً متقدماً بين جامعات العالم. وحرصاً منه على تحقيق ذلك توجه برجاء من على منبر مجلس الأمة أن تكون هناك "طبيعة محددة لإدارة الجامعة واضحة المعالم في توسعها ومسؤولياتها". وأشار بخجل واستحياء إلى أن أسلوب الإدارة في الجامعة لا يريحه "لأنه يريد لجامعة الكويت هويتها الخاصة، فهو يرفض أن "تنقل جامعة الكويت ما يحصل حرفياً في الجامعات الأخرى".
وتراه هنا يلمس الجامعة برفق، فهي مؤسسة وليدة لم يكن عمرها يزيد على 5 سنوات عند حديثه عنها، وكان يريد لها التقدم والنجاح، لذا إشاراته مقرونة بالأمل والرجاء. وسامي يعرف أدب المخاطبة، فالجامعة مركز للعلم والعلماء ولا بد من مخاطبة أهلها بما يستحقون.

سامي وفلسطين
مع دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الثالث في 1971، كان الوضع متفجراً بين الأردن والمقاومة الفلسطينية إثر أحداث أيلول 1970، التي أثرت في العمل الفدائي الفلسطيني. وكان موقف سامي المنيس في مجلس الأمة واضحاً لا يحتمل المواربة أو المجاملة، فهو مع "الكفاح المسلح الفلسطيني ضد العدو الصهيوني"، وما كان له أن يؤيد طرفاً أو يتعاطف معه إذا "ما مس قدسية هذا الكفاح".
كما تحدث في هذا الفصل عن المعونة العربية للأردن التي أقرها مؤتمر قمة الخرطوم العربية بعد نكسة حزيران 1967 وكانت مخصصة لإعادة بناء الأردن وقواته. لكن سامي رأى أن هذه "المعونة ذهبت من أجل ضرب شعبنا العربي"، وتجلى ذلك "في المشاركة الأردنية الصهيونية للقضاء على الثورة الفلسطينية التي تخوض أشرف معركة".
كان سامي ملتزماً حتى العظم بتأييد الثورة الفلسطينية، وكان يود لو أن كل درهم عربي يذهب لمساندة هذه الثورة، ولم يكن يرى دور الثورة الفلسطينية في محاربة العدو الصهيوني وحسب، لكنه رأى فيها ثورة "تدافع عنا في الكويت وعن شرف الأمة العربية". وطالب بتحويل مبالغ المعونة الأردنية إلى الثورة الفلسطينية "لنرفع رأسنا".
ربما لم يتم تنفيذ مطلب سامي بتحويل المعونة الأردنية، لكن المؤكد والمعروف أن الكويت قدمت أضعاف المعونة الأردنية للثورة الفلسطينية ودعمها، ولا تزال تقدم حتى الآن. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن العلاقات بين الكويت والثورة الفلسطينية كانت علاقات مبكرة جداً. فقد شهدت ثورة 1936 في فلسطين تأييداً شعبياً في الكويت، مادياً ومعنوياً، شاركت فيه المرأة الكويتية. ومنذ عام 1936 حتى الآن كانت المسيرة مشتركة بين الشعبين، رغم ما أصابها من الشوائب إثر الغزو العراقي للكويت بعد 2/8/1990 التي رآها الشعب الكويتي وحكومته في تأييد قيادة الثورة الفلسطينية للغزو العراقي للكويت، رغم موقف كثير من الفلسطينيين المؤيد للكويت والرافض للغزو. ويسهل التدليل على موقف الثورة الفلسطينية المؤيد للغزو أو قل غير المؤيد للكويت من مواقف قيادة منظمة التحرير في مؤتمر القمة العربي في 11/8/1990 في القاهرة حيث لم تُدن الغزو وظهرت بمظهر المتخاذل في تأييدها للكويت، كما ظهر في موقف اتحاد العمال الفلسطيني أثناء انعقاد مؤتمر اتحاد العمال العرب في دمشق بعد الغزو، عندما أيد مندوب فلسطين موقف الوفد العراقي ضد موقف الوفد الكويتي ، وفي موقف اتحاد المعلمين الفلسطينيين الذي كان يحظى بتقدير الكويت ودعمها عندما لم يصدر عنه أي بيان مؤيد للكويت، وعندما ظهر بعض أعضاء لجنته التنفيذية على تلفاز العراق مؤيداً للغزو، وعندما اشتكى المرحوم جمعة ياسين من مراوغة أمين عام اتحاد المعلمين الفلسطينيين وعدم لقائه في تونس رغم ما بينهما من علاقات حميمة.
إلا أن الأمور بدأت في التحسن الآن خاصة بعد الاعتذار العلني للكويت الذي قدمه السيد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن موقف المنظمة أثناء الغزو العراقي. وانطلاقاً من تأييده للثورة الفلسطينية، التي رأى فيها ثورة تدافع عن الأمة، أحس سامي بأن شعوب الأمة العربية قادرة على تجاوز نكسة 1967 وتحقيق نصر مؤكد. لذا فهو يطالب بأن يسجل في مجلس الأمة في دور الانعقاد الأول أن "هزيمة 1967 لم تكن للإنسان العربي بل للأنظمة العربية لأن الشعب العربي لم يكن يحمل السلاح". وكانت نظرة سامي محقة، فقد تمكن الشعب العربي من رد الهزيمة في حرب أكتوبر 1973.
كانت أحداث أيلول 1970 في الأردن دامية ضد فصائل الثورة الفلسطينية، أدمت قلوب أبناء الأمة العربية، وشحنتها بالحقد ضد كل من تآمر على هذه الثورة. وكان وصفي التل رئيس وزراء الأردن أحد هؤلاء الذين أدانهم الشعب بالإساءة إلى الثورة وإلى الشعب الفلسطيني. ويشاء القدر أن يتعرض وصفي التل للاغتيال في فندق شيراتون في القاهرة 1971 بعد أحداث أيلول 1970 في الأردن. وهنا رأى سامي في مقتل وصفي التل "ردّ اعتبار أساسياً لكرامة الشعب الفلسطيني". ورأى في مقتله "مقتلا للجريمة الصهيونية والاستعمارية والإمبريالية".
ومن هذا المنطلق رفض سامي المنيس سعي حكومة الكويت للعمل على "إيجاد صيغة بين النظام الأردني والمقاومة الفلسطينية". وتشكك في دور الانعقاد الثاني للمجلس في مشروع المملكة المتحدة (بين الأردن والضفة) ورأى فيه "مشروعاً مشبوهاً.. مشروعاً لتصفية القضية الفلسطينية.. قضيتنا". و"مؤامرة على شعبنا، نستنكره ونستنكره". كان سامي المنيس ابناً للقضية الفلسطينية نذر نفسه للدفاع عنها وعن شعبها من دون تردد أو تقلب، إذ رأى فيها قضية حق عربي سلبه الاستعمار الصهيوني. ولم يتردد لحظة في تأييد كل ما هو فلسطيني. وكلما كان يمنح الشعب الفلسطيني منحة مالية من أي جهة، كان سامي يقول هل من مزيد لهذا الشعب؟ وكان أكثر ما يهز وجدانه أن يرى دعماً مالياً للفلسطينيين قد تراجع أو انتقص منه، ونراه في دورة الانعقاد الثاني "يطالب بإلحاق الطلبة الفلسطينيين بمدارس المنظمة إن أرادوا" ويعترض بحدة على "إنقاص الدعم الحكومي لمنظمة التحرير من مائتي ألف دينار إلى مائة وخمسين ألفاً".



المنيس و الخطيب في مجلس الأمة



سليمان العدساني



علي الثنيان الغانم
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 20-05-2009, 07:44 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,658
افتراضي المنيس ومجموعته يلتزمان البرنامج الوطني الديموقراطي

كانت قضايا الأمة العربية حاضرة في وجدان سامي، المنيس، فهو يعيش القضية الفلسطينية يوماً بيوم، وما كان له أن يغفل عن قضايا الخليج العربي لحظة واحدة، وكانت نظرته لمنطقة الخليج العربي نظرة واقعية، فرأى إيران خطراً ماثلاً وحقيقياً في منطقة الخليج العربي يتجسد "في نظرة إيران واحتلالها للجزر العربية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى التابعة لدولة الإمارات العربية، وأن احتلال إيران لهذه الجزر لا يمثل إلا خطوة أولى تتلوها خطوات. ضاعت فلسطين، وضاعت أجزاء عربية أخرى، والآن يتم احتلال الجزر وغدا ستحتل إيران الشاطئ الغربي، والأطماع الإيرانية قد ستستمر ما دمنا نحن على الهامش".
وها هو سامي ينذر بخطر إيران على منطقة الخليج العربي من جهة، ويدعو إلى العمل الجاد لمواجهة هذا الخطر وإلا... ! ولا يزال موضوع الجزر العربية قائماً، إذ ترفض إيران الانسحاب منها، لكن الموقف العربي ثابت في ضرورة استردادها.
إضافة إلى هذا كانت حكومة الكويت طرحت توجيه نداء لقادة الخليج في عام 1971، إلا أن سامي رأى أن "قضية الخليج ليست قضية حكام بقدر ماهي قضية استعمار وتشهد صراعات أنجلو ـ أميركية ـ إيرانية". وكان يرى في النظرة إلى اختلاف حكام الخليج على أنه اختلاف شخصي "نظرة فيها من البساطة تصل إلى حد السذاجة، فخلافاتهم ليست شخصية". وكان يعتقد سامي أن منطقة الخليج بحاجة إلى "تحديد مفهوم حرية الأرض وحرية الإنسان"، لذا طرح حلاً لمنطقة الخليج ومشكلاتها، وهو "مساندة الثورة الشعبية في المنطقة" من أجل تحديد مفهوم الأرض وحرية الإنسان، ومن خلال هذه الثورة الشعبية يمكن القضاء على "التناقضات والخلافات بين الحكام، كما يمكن تحجيم الصراع الأنجلو ـ أميركي ـ إيراني وطرد نفوذه من منطقة الخليج العربي". كما دعا في الوقت نفسه إلى "تعاون بناء في منطقة الخليج العربي يقوم على أساس مصلحة الشعوب لا مصلحة أنظمة الحكم القائمة".
وكان دائماً مهموماً بالنظرة إلى المستقبل، ولا يقدم على تأييد مشروع أو قانون أو اتفاقية إلا إذا كان المستقبل حاضراً في الاتفاقيات والمشاريع، لذا فسامي يعارض أي اتفاقية لا تلتزم هذا الهدف أياً كان الطرف في هذه الاتفاقية.
إن مصير الثوار والمصلحين واحد في شتى الأقطار وفي شتى العصور، فسامي الذي يرفض الاستعمار الأنجلو ـ أميركي ـ إيراني، وسامي الذي يرى الثورة الفلسطينية دفاعاً عن شرف الأمة، وسامي الذي يرى ضرورة التقيد بأهداف واضحة عند الإنفاق، وسامي الذي يؤمن بصحة قضايا أمته وحرية مناقشتها وطرح جوانبها من غير لف ولا دوران، سامي هذا، وجدناه يتعرض في عام 1973 وفي دور الانعقاد الرابع للفصل التشريعي الثالث إلى طلب من وزير العدل "برفع الحصانة عنه بشأن ما نشرته مجلة الطليعة" التي يرأس تحريرها، وأحيل الأمر إلى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية.
وهنا، كعادة الكبار، يقف سامي أمام اللجنة التشريعية لمجلس الأمة ويطلب فيها "رفع الحصانة عنه للمثول أمام القضاء الكويتي بسبب شكوى الإعلام ضد الطليعة، إذ يأبى الكبير إلا أن يكون كبيراً. فسامي يعرف أنه سيمثل أمام القضاء إن رفعت الحصانة عنه لا بسبب رشوة أو فساد، سيمثل بسبب قوله الحق بجرأة لا يخشى في قوله لومة لائم، فأنعم به من مثول. لكن الحصانة لم تُرفع ولم يمثل سامي أمام القضاء.
كانت هذه مداخلات سامي المنيس في الفصل التشريعي الثالث الذي تميز بنشاط ملحوظ لمصلحة الوطن من خلال رفض اتفاقية المشاركة النفطية والوصول بهذه الثروة إلى التأميم. ولمصلحة الأمة العربية بطرح قضايا فلسطين والخليج العربي. وقد نجح سامي في انتخابات الفصل التشريعي الرابع، وسنمضي قدماً في تتبع نشاطه البرلماني في هذا الفصل كذلك، مع زملائه الذين نجحوا معه باسم التقدميين الديموقراطيين.

مجلس الأمة الرابع 1975
تنبأ د. أحمد الخطيب في الجلسة الختامية لمجلس الأمة في الفصل التشريعي الثالث ( يوليو 1974) بإقبال المنطقة على عمليات تصفيات شاملة من المحيط إلى الخليج حيث يراد للقضية الفلسطينية أن تصفّى، ويراد منا أن نعترف بإسرائيل ونتعايش معها، يراد منا أن نربط اقتصادنا جميعه بالاقتصاد الأميركي والمصالح الأميركية.. ويرون أن لا مكان لأي قوى وطنية أو ديموقراطية في البلاد العربية في وسط الأجواء التي تنبأ بها د. أحمد الخطيب جرت الانتخابات في الفصل التشريعي الرابع في 27/1/75 ونجح سامي المنيس عن الدائرة الثامنة (حولي) وتم افتتاح دور الانعقاد الأول لهذا الفصل في 11/2/1975.
وقبل هذه الانتخابات نشرت مجلة الطليعة في أكتوبر 1974 مشروع البرنامج الوطني الديموقراطي، وهو البرنامج الملزم للأعضاء التقدميين الديموقراطيين، ومنهم سامي المنيس. وكان هذا بعنوان برنامج العمل الوطني لنواب الشعب . واشتمل على أحد عشر موضوعاً هي:
حماية وتعزيز الديموقراطية والاستقلال الوطني، والتزام نواب الشعب بالآتي:
1 – العمل على صيانة الحقوق التي كفلها الدستور.
2 – العمل على حماية وتعزيز الديموقراطية وتوسيع إطار ممارستها.
3 – العمل على إنشاء المحكمة الإدارية.
4 – العمل على التخفيض من سن الانتخاب.
5 – العمل على فاعلية السلطة التشريعية.
الاقتصاد وتحرير الثروة النفطية والتنمية، الالتزام بـ:
1 – تأميم شركات النفط.
2 – الحد من استنزاف الثروة النفطية.
3 – التوسع في الصناعات النفطية.
4 – تحقيق التنمية الاقتصادية.
5 – دعم القطاع العام وتعزيز دوره في عملية التنمية.
6 – الاهتمام بالطاقة البشرية.
7 – ضبط حركة الأسعار.
8 – محاربة الإثراء غير المشروع.
9 – توثيق عُرى التعاون الاقتصادي العربي.
إصلاح الإدارة الحكومية، والتزم مرشحو نواب الشعب (التقدميون الديموقراطيون) بـ:
1 – وضع خطة مدروسة لإصلاح الجهاز الإداري على أساس احتياجات أجهزة الدولة.
2 – إعادة النظر في قانون الوظائف العامة.
3 – القضاء على المحسوبية والفساد.
4 – تطبيق مبدأ تفرغ الموظف لوظيفته في المناصب العليا والوظائــف القيادية.
العمل والعمال، التزم مرشحو نواب الشعب بـ:
1 – تحسين الأوضاع المعيشية للطبقة العاملة.
2 – مساندة العمال في كفاحهم من أجل مصالحهم الاقتصادية.
3 – الدفاع عن حق النقابات في العمل بحرية.
4 – حق العمال في الإضراب سلمياً لتحسين أوضاعهم.
5 – رفع كفاءة العامل المهنية.
6 – مساهمة العمال واشتراكهم في إدارة المؤسسات التي يعملون فيها.
7 – العمل على وضع قانون التأمينات الاجتماعية لجميع العاملين في القطاع العام والخاص والمشترك.
8 – العمل من أجل وضع حد أدنى للأجور.
الثقافة والتعليم، الالتزام بـ:
في الثقافـــة:
1 – دعم الجمعيات والروابط والأندية الثقافية.
2 – التوســع في إنشاء المؤسسات الثقافية كالمكتبات وصالات العرض المسرحي.
3 – مكافحة الاتجاهات الثقافية والفكرية والرجعية المتخلفة
4 – مساندة وتطور المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
في التعليـــم:
1 – اعتماد سياسة تربوية للتوسع في نشر التعليم والارتفاع بمستواه.
2 – الاعتمــاد على الأجهـزة الكفؤة والمسؤولين الأكفاء والقضاء على
المحسوبية والشللية.
3 – الحد من المركزية في وزارة التربية.
4 – تشكيل لجان متخصصة ومتنوعة لوضع المناهج.
5 – العمل على تطور كفاءات المدرسين.
6 – الاهتمام بالتدريب المهني وتطوير أساليبه.
7 – الحرص على تطبيق قانون التعليم الإلزامي.
في التعليم الجامعي:
1 – التأكيد على حرية البحث والتحصيل للأساتذة والطلبة.
2 – ضمان حرية الطلبة في العمل النقابي.
3 – ربط التعليم الجامعي بمخطط التنمية الاقتصادية.
الخدمات الاجتماعية والصحية، العمل على:
1 – رفع مستوى الخدمات الصحية والعلاجية.
2 – السيطرة على أسباب الأمراض: الأوبئة والأمراض السارية.
3 – رعاية الطفولة والأمومة.
4 – رعاية الشباب وحمايته من الانحراف.
5 – العناية بالمسنين.
6 – رعاية المعوقين.
7 – تكوين الأندية الرياضية.
8 – إنشاء مجلس استشاري للأسرة.
9 – تدعيم نظام المساعدات الاجتماعية.
10- توفير وسائل الترويح البدني.
11- المحافظة على البيئة الطبيعية.
الإسكان والمرافق، العمل على:
1 – إيجاد الحلول المناسبة لأزمة السكن: وحدات سكنية، كهرباء، هواتف..
2 – دراسة أوضاع ما بني من مساكن لذوي الدخل المحدود.
3 – كسر احتكار الأراضي وتدخل الدولة لمنع الممارسات الاحتكارية.
حقوق المرأة:
1 – الدفاع عن حقوق المرأة ومساواتها بالرجل وحصولها على حق الترشيح والانتخاب.
2 – حماية المرأة ومساعدتها للقيام بدورها كأم وكعاملة في المجتمع.
3 – تعديل قوانين الأحوال الشخصية بما يحمي حقوق المرأة ومساواتها مع الرجل.
4 – رعاية الأسرة أساس المجتمع.
5 – انتشال المرأة من براثن الجهل بتطبيق التعليم الإلزامي.
السياسة السكانية والتجنيس والإقامة:
1 – وضع سياسة سكانية مدروسة.
2 – تعديل قانون الجنسية وضمان التطبيق العادل له.
3 – تشكيل لجان الجنسية من المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة.
4 – وضــع شروط عادلة للإقامة تراعي الظروف الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
الدفاع والأمن، تطوير أجهزة الأمن من خلال:
1 – رفع كفاءة أفراد القوات المسلحة والشرطة.
2 – رعاية أفراد القوات المسلحة والشرطة.
3 – تطبيق نظام خدمة العلم.
4 – رفع كفاءة الشرطة وأجهزة التحقيق.
السياسة الخارجية:
الخليج والجزيرة:
1 – محاربة الوجود العسكري والقواعد الأميركية.
2 – محاربة الأطماع التوسعية للنظام الرجعي الإيراني.
3 – العمل على إقامة جبهة عريضة على امتداد منطقة الخليج.
4 – فضح الحصار الإعلامي المفروض على الجماهير.
5 – تأكيد كفاح شعب عربستان من أجل الحرية والسلام.
الوطن العربي:
1 – العمل من أجل قيام الوحدة العربية.
2 – إقامة أفضل العلاقات مع الأنظمة العربية الوطنية.
3 – محاربة التخلف بكل أشكاله.
4 – المباشرة بإقامة المؤسسات الاقتصادية من أجل تكامل اقتصادي.
5 – المطالبة باستثمار رؤوس الأموال العربية (النفطية) في البلاد العربية.
6 – دعم المقاومة الفلسطينية المسلحة.
7 – رفض الحلول الاستسلامية التي تجهض نضالات الشعب الفلسطيني.
8 – العمل من أجل إنجاح الوحدة الوطنية الفلسطينية.
9 – إعطاء الشعب الفلسطيني مطلق الحرية في التنقل والتنظيم والعمل في البلاد العربية.
النطاق العالمي:
1 – المساندة الكاملة للجبهة المعادية للاستعمار.
2 – تأييد حق الشعوب في تقرير مصيرها.
3 – التعامل مع دول العالم على أساس مواقفها من قضايا التحرر العربية والاسلامية وبالذات القضية الفلسطينية.
4 – توطيد العلاقات وعرى التعاون الوثيق مع الدول الاشتراكية كافة ودول العالم الثالث التي تساند النضال العربي .
وأكد البرنامج أن ما ورد فيه لا يشكل وعوداً انتخابية وإنما خطة للعمل ودليلا يُسترشد به في الممارسة. ويلتزم أصحابه تجاه المواطنين بالسعي الدؤوب والعمل الجاد المخلص من أجل تحقيقه .

نواب الشعبي
خاضت مجموعة التقدميين الديموقراطيين انتخابات هذا الفصل التشريعي تحت اسم نواب الشعب، كما جاء في برنامجها الانتخابي الذي ذكرنا ملخصاً له. ونجح من مجموعة نواب الشعب المرشحين كل من د. أحمد الخطيب، عبد الله النيباري وسامي المنيس. ومنذ البداية لا بد من القول إن هذا الفصل التشريعي لم يكتمل، إذ سرعان ما حل المجلس في 29/8/1976 الموافق 4/ رمضان 1396 هـ وكانت آخر جلسة له في 30/7/1976. أي أنه لم يمارس صلاحياته أكثر من ثمانية أشهر ويومين.
صحيح أن د. أحمد الخطيب تنبأ بالخطر الداهم للمنطقة، متمثلاً في تصفية القضية الفلسطينية... إلخ كما أسلفنا، إلا أنه لم يتنبأ بحل المجلس بهذه السرعة وتنبؤاته الأخرى صدقت وها نحن نشهد تحققها يوماً بعد يوم.
نعود بعد أن وضعنا القارئ في الأجواء التي سادت حياة مجلس الأمة الرابع والتي انتهت بحله في 29/8/1976، إلى نشاط المرحوم سامي أحمد المنيس في هذا الفصل ودوري انعقاده الأول والثاني قبل حله. فلقد كان واضحاً التزام سامي برنامج نواب الشعب الذي أشرنا إليه، والذي حوى كثيراً من التركيز على الشأن الداخلي الكويتي وعلى القضايا التي تهم المواطن الكويتي وأجيال المستقبل.
وكانت أولى مناقشات سامي دفاعاً عن ذوي الدخل المحدود عندما أشار إلى القرض المقدم وقيمته سبعة آلاف وخمسمائة دينار إلى أصحاب بيوت ذوي الدخل المحدود لتمكينهم من بناء طابق ثان، ويطلب سامي "عدم خصم أي مبلغ من القرض لمن عليه ديون من هؤلاء الذين يشملهم القرض بغية تمكينه من الاستفادة من القرض في تحسين مسكنه". وأضاف سامي في اقتراح بشأن "إخراج أصحاب بيوت الدخل المحدود من معضلة اختيار شكل البيت أن توضع تصاميم لبيوت هذه الفئة من المجتمع، ومن ثم تعرض على المواطنين ليختاروا ما يحلو لهم من بينها"، وذلك في محاولة منه لتوفير الجهد والمال على هذه الفئة، وفي محاولة منه لإظهار هذه البيوت بمظهر معماري متناسب مع الطرز المعمارية التي تتلاءم وبيئة الكويت.



أحمد الخطيب في مجلس 1976
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 21-05-2009, 05:47 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,658
افتراضي

عدها أثار سامي مسألة العمالة الكويتية التي أثارها في الفصول التشريعية السابقة، وتساءل عن نسبة وجودها في القطاعين الخاص والمشترك (ويقصد بها القطاع الأهلي مع الحكومي) وطالب "بمشاركة العمالة الكويتية في هذا القطاع المشترك". ونراه هنا يطرح أمراً يعالج واقعاً معاشاً ينسحب على المستقبل أيضاً. وتبدو رؤية سامي المستقبلية والواقعية التي تلائم حياة المواطن الكويتي لمعالجة مشكلة العمالة واضحة، عندما نجد الحكومة قد أخذت بهذه الفكرة في الأعوام الأخيرة، وأصبح لزاماً على الشركات والمؤسسات توظيف عدد معين من الكويتيين. اتخذت الحكومة في دور الانعقاد الثاني للمجلس الذي انتهى عمليا في 30/7/1976 قراراً بمنع تعيين الكويتيين في الدوائر الحكومية، إلا إذا كان الكويتي حاصلاً على الشهادة الثانوية العامة. ولم يرضَ سامي عن هذا القرار وناقشه من مختلف جوانبه. ومن الأمور التي رآها في هذا القانون أنه "ربما كان لمنع التسرب من المرحلة الثانوية" وهو أمر لا يعارضه سامي "لكن المتسربين يبحثون عن عمل". وهنا تساءل سامي "عن مسؤولية القطاع الخاص والقطاع المشترك في عملية التوظيف وتوفير فرص العمل"، وتساءل أيضاً: "لماذا لا يكون هناك تشريع وقانون لاستيعاب هذه الأعداد الكبيرة؟"، وهو أمر طرحه سامي في دور الانعقاد الأول أيضاً. وحتى تكون مناقشته عملية وحتى يكون طرحه للداء مقروناً بالدواء، اقترح سامي وضع تشريع ينص على ألا تتعامل "الحكومة مع أي قطاع مشترك أو مؤسسة أهلية ما لم تأخذ عدداً معيناً من الكويتيين"، صحيح أن هذا لم يحدث في عام 1976 لكنه حدث فعلاً فيما بعد وأصبح إلزامياً مع مطلع القرن الحادي والعشرين. ذلك هو سامي العضو المتطلع دائماً إلى مستقبل الأجيال والملتزم دائماً مناقشة مشكلات وطنه بفكر استراتيجي لا بمنحى عاطفي آني. لم تغب الثروة النفطية في الكويت والسيطرة الوطنية عليها عن بال سامي لحظة واحدة، فهو لم يكف عن طرحها في الفصول التشريعية جميعها التي نجح فيها في الوصول إلى عضوية مجلس الأمة، وفي كل دور انعقاد من هذه الفصول (الفصل التشريعي أربع سنوات، كل سنة دور انعقاد) طالب سامي الحكومة بتقديم "بيان إلى مجلس الأمة عن سياستها النفطية" ومن ثم لجأ إلى مناقشة هذه السياسة خاصة ذلك القرار الخاص "بالتأميم الكامل لشركة البترول الوطنية".

تملك النفط
ويبدو أن دور الانعقاد الأول لهذا الفصل كان مشحوناً بقضية الثروة النفطية وتملك الدولة لها. ففي هذا العام (1975/1976) شهدت الكويت أيلولة جميع حقوق شركة النفط البريطانية (B.P.) المحدودة وشركة الخليج (Gulf) الأميركية إلى دولة الكويت. وقد كان ذلك بعد مسيرة من المفاوضات بين الحكومة والشركتين انتهت عندما قدمت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة تقريرها الخامس عشر عن مشروع القانون المقدم من الحكومة والقاضي بالموافقة على الاتفاقية الخاصة بأيلولة حقوق الشركتين أعلاه إلى دولة الكويت، وبموافقة مجلس الأمة على مشروع بقانون نفذته الحكومة مع شركات النفط بهدوء تام ومن دون ضجيج أو إثارة، وكان ذلك انتصاراً حاسماً للمطالب الشعبية والوطنية الكويتية التي قادها سامي المنيس ومجموعته من التقدميين الديموقراطيين والتي أيدهم فيها أحمد الخطيب وعبد الله النيباري. وهو أمر يجب أن يحتسب للقوى الوطنية وللحكومة وللشركات أيضاً التي رأت من مصالحها الانصياع لمطالب الأمة من دون إثارة مشكلات كان من المحتم أن تنتهي في غير مصلحتها. ومن السيطرة النفطية الكاملة للكويت على ثروتها، انتقل سامي في دور الانعقاد الثاني إلى مناقشة أدق التفاصيل في هذه السياسة، فهو يتفحص مجلس إدارة شركة نفط الكويت (K.O.C.) ويرى في تعيينه به كما كان موجوداً آنذك 1975 / 1976 "خطوة غير متقدمة" لأن "السيطرة الوطنية على إدارة هذه الشركة تتطلب مواصفات غير المواصفات التي تفضل بها وزير النفط".
وناقش سامي في مجلس الأمة ميزانية شركة نفط الكويت (كي أو سي)، وليس ميزانية وزارة النفط، وتلك أول مرة نلحظ فيها مناقشة مجلس الأمة لميزانية هذه الشركة، وربما بعد أيلولة ملكيتها لدولة الكويت. وكانت قبل ذلك من الشركات الأجنبية التي تتمتع بامتيازات، وما كان مجلس الأمة مخولاً بمناقشة ميزانيتها. انتهز سامي فرصة أيلولة الشركة إلى دولة الكويت ورفع صوته كعادته عالياً مطالباً الشركة الوطنية "بتحضير الكوادر الفنية الكويتية للحاضر والمستقبل والاهتمام بها ووضع خطة لهذا الغرض". وسامي يطرح هذا الأمر، وقد طرحه مراراً وتكراراً في الدورات السابقة، في ظروف مختلفة، فالشركة التي يخاطبها بتهيئة الكوادر الفنية شركة كويتية ولم تعد شركة استعمارية مستغ.لة تحول دون تهيئة الكوادر الفنية المدربة الكويتية خشية منها على التأثير في سياساتها الخاصة بها. لذا، فهو يطالب بحق وطني في عام 1976، وكان قد مضى على تصدير أول دفعة من النفط ثلاثون عاماً، إذ صدّرت الكويت أول شحناتها في عام 1946. وهو على حق في ما يطرح، إذ يريد أن يرى صناعة النفط الكويتية بعد مرور ثلاثين عاماً على بدئها، في أيد كويتية عربية لا في أيد أجنبية في معظمها كما كانت الحال قبل تأميم النفط. ونعتقد أن سامي قبل وفاته رأى تحقيق الكثير من آماله في شركة النفط بعد تزايد العمالة الكويتية فيها.

الميزانية
شارك سامي في دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي الرابع في مناقشة ميزانية الدولة، ولم يكن يرى في الميزانية أرقاماً ولكن كان يريدها كعادته أهدافاً وعطاء وإنتاجاً للوطن، بغض النظر عن أرقامها، لذا نجده يطالب الفعاليات الاقتصادية بتقديم الخدمات للعاملين في المؤسسات الاقتصادية من تعليم وتطبيب وترويح. وأردف طلبه هذا بتمنٍ على الحكومة أن تدرس إمكانية "أن تفرض على المؤسسات والفعاليات الاقتصادية تقديم خدمات للعاملين في هذه المؤسسات". كان الوطن يعيش في ذات سامي، فهو يرى الميزانية أرقاماً لمصلحة الوطن، ولما كان الوطن للجميع، فقد رأى أن على المنتفعين من هذا الوطن المساهمة في تخفيف الضغط عن الميزانية العامة للدولة. فهو يذكر أن وزارات التربية، الصحة والأشغال، تأخذ 63 في المائة من ميزانية الدولة، وتأخذ الصحة من 24 – 25 في المائة من هذه الميزانية لكنه يرى أن "التوجيه الصحي الذي يمكن أن يخفف من الإنفاق على الصحة أو زيادة النفع من ميزانيتها مفقود ولا بد من وجوده وفق برنامج مدروس".
أشار سامي إلى ملاحظة جديرة بالاهتمام، وهي لوم الفعاليات الاقتصادية والحكومة، فقد ذكر أنه "لا يرى أحدا يأخذ بملاحظات أعضاء مجلس الأمة عن الميزانية منذ عام 1963" عندما ناقش أول مجلس أمة ميزانية الدولة. ونرى سامي في نظرة مستقبلية يطالب بمشاركة الفعاليات الاقتصادية في تحمل أعباء الخدمات مع الحكومة، وكان مطلبه هذا ناجحاً، إذ نرى الآن الكثير من المستشفيات والمرافق العامة تقوم بإنشائها والإنفاق عليها الفعاليات الاقتصادية الوطنية أو المؤسسات.
رأى سامي أن وزارة التربية تأخذ 23 في المائة من ميزانية الدولة "وذلك ع.زّ لنا"، لكنه يرى في الوقت نفسه أن التطور التربوي بطيء خاصة في الإدارة، لذلك فإن "هذا المبلغ من الميزانية لا بد أن توازيه قيمته في الإنتاج".
كما رأى سامي أن هناك "غيابا كاملا للتخطيط الشامل للعملية التربوية والتطوير التربوي الذي هو رأسمالنا الحقيقي، والاهتمام بتوجيه الأجيال توجيهاً متكاملاً من خلال التنسيق مع الوزارات الأخرى"، خصوصا وزارة الإعلام وأجهزتها الإعلامية. كانت هذه دائماً على مدى الفصول التشريعية المختلفة نظرة سامي إلى التربية، إذ كان يحمل عبء تنشئة الأجيال في المستقبل على كاهله، ولم يترك فرصة إلا ونادى خلالها بالتطوير التربوي ومناهجه، وبالاهتمام بالعمالة الكويتية وتدريبها. ولا تزال مطالب سامي بالتطوير مستمرة نشهدها في ما يحدث من مناقشات في مجلس الأمة للسياسات التربوية.
انتقل سامي بعد ذلك إلى مناقشة أمر ميزانية وزارة الداخلية التي تساوي 15 في المائة من الميزانية العامة، وكانت نظرته دائماً إلى وزارة الداخلية "أساسها الحد من الجريمة وانتشار أنواعها في الكويت من مخدرات وهتك عرض وسرقة"، وله في هذا الأمر وجهة نظر علمية، على وزارة الداخلية وأجهزتها الأخذ بها، تقول "إن معالجة الجريمة في الكويت يجب أن تكون معالجة علمية، على وزارة الداخلية وأجهزتها الأخذ بها"، وتضيف "إن معالجة الجريمة في الكويت يجب أن تكون معالجة عصرية من خلال البحث عن أسبابها ومنعها قبل حدوثها"، ولكنه كان يرى ضرورة اكتشاف الفاعل إذا ما وقعت جريمة، خصوصا ذلك النوع الذي يمس الأمن الاجتماعي. وكان يرى في تسجيل أي جريمة "ضد مجهول" قصوراً فاضحاً في عمل وزارة الداخلية التي ينبغي عليها من أجل القيام بواجبها على الوجه الأكمل، أن تهتم "بترقية كوادرها وتدريبهم وإعدادهم إعداداً عصرياً". وحتى يكون تعامل المجتمع مع الجريمة تعاملاً علمياً لا غوغائياً، طالب سامي وزارة الداخلية "بتقديم دراسات عن الجريمة والواقع الاجتماعي والانطلاق عبر وسائل الإعلام قد يكون سبباً في ارتكاب الجرائم من خلال عرض مسلسلات الجريمة والشر في التلفاز"، ونبه إلى خطورة ذلك وضرورة الابتعاد عنه.

أسباب الجريمة
في دور الانعقاد الثاني، نظر سامي إلى معالجة الجريمة ومعرفة أسبابها والوقوف على مخاطرها من زاويتين، الأولى "أرقام الميزانية الضخمة المخصصة للداخلية والإشارة إلى المجالات الرئيسة التي ينبغي الاهتمام به". أما الثانية، فقد رأى ضرورة تضمين الرد على الخطاب الأميري "الحديث عن الجريمة لأنها موضوع الساعة، هناك جرائم خطف، هتك عرض وسرقات.. والمطالبة بمكافحتها". كما وجه سامي نقداً مباشراً إلى الوساطة في الجرائم وحماية المجرمين وطالب بالنزاهة في تطبيق القانون. ولما كانت النزاهة تعني القضاء على الفساد والمفسدين، ولما كانت وزارة الداخلية هي المسؤول الأول عن الأمن الوطني، لذا نرى سامي يطالب من على منبر مجلس الأمة "بتطهير وزارة الداخلية من المفسدين والمجرمين" وكانت صيحة عالية لم تذهب سُدى.
ناضل سامي ما في وسعه من أجل أجيال الكويت، ولم يتردد لحظة في مناقشة الأمن الاجتماعي أو الأمن الوطني، كما كان يسميه أحياناً، واستكمالاً لسعيه الدؤوب من أجل تأمين مستقبل أفضل لأجيال الكويت، وحاضر أكثر مسؤولية واتزاناً، وجه اهتمامه إلى جامعة الكويت وأعلن ضرورة استقلال الجامعة. وساهم مساهمة ملموسة وفاعلة في مناقشة قانون الجامعة خصوصا المواد التي تتعلق بمجلس الجامعة وكيفية تأليفه وانعقاده. وظل يناضل إلى أن جاء تأليف مجلس الجامعة من وزير التربية رئيساً، وإلى جانبه مدير الجامعة وعمداء الكليات وشخصيات اجتماعية أخرى، وأصبح اجتماع مجلس الجامعة مرة كل شهر بدعوة من رئيسه وزير التربية خلال السنة الجامعية، ويجوز دعوة مجلس الجامعة بناءً على طلب ثلث أعضاء المجلس في أي وقت. ولم يهدأ لسامي بال إلا بعد أن أعيد قانون الجامعة إلى مجلس الأمة وجرت مناقشته وإقراره، وهو القانون المعمول به حالياً.
لم يكن سامي ليتردد في مناقشة أي شأن قريب أو بعيد من المصلحة الوطنية العليا. وكان صوته عالياً من دون مجاملة أو مواربة، لكن ذلك لم يكن يعني أنه لا يعرف متى يصمت ومتى يتحدث، فكان صمته واجباً عندما يتعلق الأمر بأسرار الدولة وخباياها العسكرية، فها هو يناقش مشروع القانون المقدم من الحكومة إلى لجنة الداخلية والدفاع بتنظيم أداء الخدمة العسكرية الإلزامية بتاريخ 16/3/1975، وقد بحثت اللجنة مشروع القانون بحضور وزير الداخلية والدفاع الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح، وبحضور الخبير القانوني للمجلس ومقرره جاسم القطامي. وقد ناقش سامي مشروع القانون وأدخلت عليه بعض التعديلات لكن أحداً لا يعلم ما حدث وظل مكتوماً، فتلك مسؤولية وطنية لا يجوز تجاوز الحدود في الحديث فيها.

مشاركة فاعلة
كان هذا نشاط سامي ومشاركاته في الفصل التشريعي الرابع في ما يخص الشأن الداخلي، وهي مشاركات، على قصر هذا الفصل، فاعلة وثرية وحاسمة، وكانت له في هذا الفصل مشاركات تخص الشأن العربي والشأن الدولي. فنراه يطالب بإصدار بيان بتأييد الثورة الأريترية التي كانت تطالب باستقلال البلاد بعد أن أصبحت أريتريا دولة مستقلة. ويطلب سامي من مكتب مجلس الأمة إصدار هذا البيان على أن يبلغ المكتب لجنة الشؤون الخارجية في المجلس "بأي بيانات تحصل عليها من حكومة دولة الكويت تخص الشأن الأريتري". وما كان يمكن أن يهدأ سامي إذا ما أثيرت قضية القدس أو فلسطين الوطن السليب العزيز. فقد أثيرت في عام 75/76 في دور الانعقاد الثاني مسألة تدويل القدس الشريف، وهنا وقّع سامي مع تسعة أعضاء من مجلس الأمة، هم محمد الرشيد، جاسم القطامي، عبد الله الفوزان، حسين معرفي، عبد الله النيباري، ناصر العصيمي، يوسف المخلد، أحمد الخطيب وفيصل الدويش على اقتراح يطلب تحديد موقف لمجلس الأمة من مسألة تدويل القدس، ويقول الاقتراح:
"يرفض مجلس الأمة الكويتي التدويل، لأن أي تسوية لا تتضمن استعادة الأراضي المحتلة كاملة واستعادة الشعب العربي الفلسطيني لحقوقه الشرعية، بما في ذلك عودة القدس عربية إسلامية تعد تسوية مرفوضة".
وتمت الموافقة على هذا الاقتراح وصدر فعلاً، ولا تزال الكويت بكل فئاتها الرسمية والشعبية ملتزمة هذا الموقف لم يطرأ عليه أي تبديل أو أي تغيير رغم تبدل ظروف كثيرة في المنطقة. وامتداداً لهذا الموقف الداعم بلا حدود للقضية الفلسطينية وشعبها وقضية القدس، رفض سامي في دور الانعقاد الثاني ما عرضه وزير خارجية رومانيا أثناء زيارته للكويت من مشروعه الصهيوني الذي اقترحه في عام 1968 والقاضي بعدم الانسحاب الصهيوني من ضفة نهر الأردن الغربية... وكان رفض سامي لعرض وزير الخارجية الروماني منطلقاً من أن "الموقف الروماني يمس قضيتنا، قضية فلسطين".
ولم يكتف. سامي بالرفض فقط، بل طالب بأن "يرتبط موقف دولة الكويت من رومانيا بموقفها من القضية الفلسطينية"، وأشار إلى موقف رومانيا السلبي من الأمة العربية بعد نكسة 1967 عندما "رفضت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني أسوة بما فعلته دول المعسكر الاشتراكي آنذاك".
كان اهتمام سامي واضحاً بكل ما هو عربي على أرض الكويت، وكان أكثر ما يُغضبه أن يلمس تمييزاً في التعامل أو يرى أثراً لمشكلات إنسانية يعيشها الإنسان العربي على أرض وطنه الكويت، لذا كنا نراه مؤيداً للفلسطينيين بلا حدود، انطلاقاً من محنتهم ومأساة التشرد التي يعيشونها، وكان دائم الاهتمام بأبناء الخليج العربي أينما وجدوا، ومهما كانت شرائحهم. وأولى الطلبة منهم اهتمامه الخاص وأثار مشاكلهم وواقعهم في مجلس الأمة من دون تردد أو خجل، فهو يقول عن طلبة البحرين في دور الانعقاد الثاني "هناك من يبيع دمه (يقصد إلى بنك الدم) من طلبة البحرين من أجل تغطية المصاريف في الكويت".
وحلاً لهذا المأزق المالي عند بعض طلبة البحرين، يقترح سامي أن تقوم "هيئة الخليج والجنوب العربي بدراسة أوضاع أبناء البحرين بالذات، خاصة أولئك الطلبة الجامعيين منهم وتقديم المساعدات لهم"، كما تمنى على الهيئة أيضاً دراسة أوضاع أبناء الخليج ومصاريفهم. ولم يقصر سامي يوماً في دعم منظمة التحرير ولا في دعم هيئة الخليج والجنوب العربي، مالياً ومعنوياً.
كانت تلك الدورة هي الأخيرة في الفصل التشريعي الرابع، إذ جرى حل مجلس الأمة في 29/8/1976، وكان حل المجلس نكسة للديموقراطية في نظر سامي وزملائه من نواب الشعب بل ونكبة حلت بالدستور حامي حمى الديموقراطية، خصوصا أن الحكومة أعادت العمل بالمادة 35 من قانون الصحافة التي تعد سيفاً مصلتاً على رقبة حرية التعبير والرأي والصحافة.

الحل والنشاط النيابي
كان للحكومة رأي في حل مجلس الأمة، كما كان للقوى المعارضة للحل رأي أيضا، ولكل طرف معطياته. ونقول بداية إن سجل مجلس الأمة في هذا الفصل يشير إلى نشاط نيابي واضح في خلال دوري الانعقاد اللذين تما في هذا الفصل، إذ عقد 66 جلسة، ولجانه 250 جلسة درست 362 موضوعاً، وقدم الأعضاء 226 سؤالاً ردت الحكومة على 213 منها، ووافق المجلس على 52 توصية . لكن يبدو أن ما خفي كان أعظم، فعندما قدم سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء استقالته في 29/8/1976 وأورد معطيات الحكومة التي أدت إلى حل المجلس، ومما جاء في نص الاستقالة:
شعوري بأن التجارب السابقة مع مجلس الأمة لم تعد تبشر بإمكان العمل الجاد المثمر.
أصبح من المتعذر علي وزملائي الوزراء مواصلة مسيرتنا نحو تحقيق الغاية التي عهدتم بها إلينا، وذلك لأسباب كثيرة، منها تعطيل النظر في مشروعات القوانين.
وقد أصبح الكثير من الجلسات التي يعقدها المجلس يضيع من دون فائدة، كما أصبح التهجم والتجني على الوزراء والمسؤولين من دون وجه حق همّ الكثير من الأعضاء.
ولما كان التعاون يكاد يكون مفقوداً بين السلطتين، ولحرصنا الدائم على مصلحة الوطن والمواطنين في مختلف الظروف، أتقدم لسموكم باستقالتي واستقالة زملائي الوزراء .
وبعد قبول الاستقالة كُلف ولي العهد نفسه بتأليف الوزارة. وفي اليوم نفسه وجه أمير البلاد كلمة إلى الشعب الكويتي جاء فيها أنه وجد نفسه "مضطراً في هذه الظروف العصيبة إلى أن يصدر أمراً بتنقيح الدستور لتجنب ما وصلت إليه الحال في ظل دستور 11 نوفمبر 1962". ثم صدر الأمر الأميري بتنقيح الدستور ووقف العمل بأربع مواد دستورية وهي المواد 56 فقرة 3، 107، 174 و181.
وحلّ مجلس الأمة على أن يتولى الأمير ومجلس الوزراء الاختصاصات المخولة له بموجب الدستور .
أما معطيات المعارضين لحل المجلس فيمكن القول إن: الأمر الأميري بحل مجلس الأمة قوبل برد فعل شعبي سلبي، إذ لم يكن هناك قبول على مستوى الهيئات الشعبية والصحافة اليومية والمجلات الأسبوعية .
فقد قامت بعض الهيئات الشعبية بإصدار بيان مشترك لم ترضَ فيه عن حل مجلس الأمة، وهي الاتحاد العام لعمال الكويت، رابطة الأدباء، جمعية المحامين، جمعية الصحافيين، نادي الاستقلال، جمعية المعلمين الكويتية والاتحاد الوطني لطلبة الكويت.
وقد تم تعطيل بعض الصحف التي عارضت الحل، كما أُغلق نادي الاستقلال معقل التقدميين الديموقراطيين. أبرز مظاهر المعارضة لحل مجلس الأمة، ما دار من مناقشات في الندوة التي أقامتها جمعية هيئة التدريس في جامعة الكويت، نشرتها الطليعة في ملف 29/2/1979، ونوقشت في الندوة أسباب حل المجلس في عام 1976، وكان من المتحدثين في الندوة محمد مساعد الصالح رئيس تحرير جريدة الوطن سابقاً، والصحافي الكويتي المرموق الذي لا يزال حتى الآن يكتب عموده اليومي المقروء في جريدة القبس، وأشار إلى "اننا نحن في الكويت بحاجة إلى عقول مفتوحة". وكان سعيداً إذ سمع أن الديموقراطية هي حكومة الشعب. وذكر محمد مساعد الصالح أن نائب رئيس الوزراء أشاد بالتنسيق والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في آخر جلسة لدور الانعقاد الثاني في 30/7/1976 إلا أن المجلس حُلّ في 29/8/1976 وكان من أسباب حله عدم وجود تعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية على عكس ما قيل في 30/7/1976. ومع حلّ المجلس أعيد العمل بالمادة 35 من قانون الصحافة، وتم حلّ مجالس إدارات النوادي والجمعيات.
كانت وجهة نظر القيادة السياسية في حل المجلس أنه تم تعطيل النظر في مشروعات القوانين، وأن كثيراً من جلسات المجلس كان يضيع بلا فائدة، وأصبح التهجم والتجني على الوزراء والمسؤولين من دون وجه حق همّ كثير من أعضاء المجلس، وفقدان التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأخيراً الأوضاع الدقيقة والحرجة التي تجتازها منطقتنا العربية، وذلك ما ورد في كتاب استقالة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.
لكن الأستاذ محمد مساعد الصالح يرد على هذه الأسباب، ويرى أن مجلس الأمة استطاع أن يؤدي ما عليه ويعتبر إنجازه إنجازاً ضخماً جداً. واعتقد الصالح أن الإجراءات التي اتخذت في الكويت "كان سببها الغالب خارجياً هو أوضاع المنطقة العربية" ودافع الشعب الكويتي عما يحدث في المنطقة بعد حرب أكتوبر 1973. وقد ذكرنا بعضاً من إنجازات هذا المجلس. حلّ مجلس الأمة بعد ثمانية أشهر ويومين من انعقاد أول جلسة له، ولكن الأخطر من حل المجلس هو تعليق مواد الدستور، وهذا ما عاش سامي المنيس من أجل ألا يقع على مدى سنوات اهتمامه بالعمل الوطني، فالدستور هو الحياة ونبضها. وهنا بدأت معركة الدستور. شكلت لجنة تنقيح الدستور في العاشر من فبراير 1980 بأمر أميري من 35 شخصية كويتية انتخبت عبد الرزاق الخالد رئيساً لها. وأنهت أعمالها في 22/6/1980، وفي 24/8/1980 أصدر أمير البلاد أمراً أميرياً بدعوة مجلس الأمة إلى الانعقاد خلال مدة لا تتجاوز شهر فبراير 1981، وكان ذلك إيذانا بعودة مجلس الأمة وإجراء الانتخابات التي سبقها تحديد الدوائر الانتخابية في الكويت لعضوية مجلس الأمة، بحيث تقسم البلاد إلى خمس وعشرين دائرة انتخابية . وكان من المتوقع أن يناقش مجلس الأمة بعد إجراء الانتخابات في أول انعقاد له في الفصل الخامس التعديلات التي أدخلتها اللجنة على الدستور لإقرارها أو رفضها. وفي 23/12/1981 توافد المواطنون على مراكز الاقتراع لاختيار مجلس الأمة الخامس، لكن أحداً من نواب الشعب الذين رشحوا أنفسهم لهذه الانتخابات لم ينجح باستثناء د. خالد الوسمي.
وبعد أن تمت انتخابات أعضاء مجلس الأمة الخامس أحالت الحكومة في 5/4/82 مشروع تنقيح الدستور إلى المجلس، الذي أحاله إلى اللجنة التشريعية لدراسته، وكان فيه تعديل للمواد 50، 65، 66، 69، 71، 73، 80، 83، 87، 91، 93، 95، 100، 101، 104، 105 و112.
ولما كان تعديل المواد فيه مساس كبير بالدستور الكويتي وبالحريات التي يمنحها الدستور، فإن مجلس الأمة استطاع من خلال تفاهم واضح وتعاون مع الحكومة أن يقنع الحكومة بسحب مقترحاتها ولم يعدل الدستور.
ورغم نجاح هذا المجلس في وقف تعديلات الدستور، فإن بعضهم يرى أنه أخفق في حل أزمة المناخ التي هزت اقتصاد البلاد.

إنجازات مجلس الأمة الخامس
لما كان موضوعنا هو تتبع نشاط المرحوم سامي المنيس في مجلس الأمة كعضو منتخب، فإن غيابه عن هذا المجلس أفضى إلى خسارة برلمانية كما نعتقد، ويشاركنا في ذلك كثيرون، لكن يجب القول هنا أن مجلس الأمة الخامس نجح في تأسيس هيئات حكومية لها دور في الحياة العامة ومنها:
مشروع قانون في شأن إنشاء الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكيـة .
مشروع قانون في شأن إنشاء الهيئة العامة لاستثمار الاحتياطيات النقدية.
مشروع قانون في شأن إنشاء الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب.
مشروع قانون في شأن إنشاء الهيئة العامة لشؤون القصّر .
مشروع قانون إنشاء مؤسسة التأمينات الاجتماعية.
إن عدم نجاح أي من رموز التجمع الديموقراطي المشهود لهم بالوطنية والمثابرة في طرح القضايا التي تهم الوطن والمواطنين على مدى تاريخهم الطويل النضالي منذ بداية الخمسينات، ظاهرة تستحق التوقف عندها للنظر في أسبابها. ولما اشتهر هؤلاء بصراحتهم في القول وجرأتهم في مواجهة الأمور، فإن الأصح الأخذ بوجهة نظرهم عن أسباب فشلهم في تلك الانتخابات.
رأى هؤلاء استخدام وسائل عدة في الحملة الانتخابية أبرزها ظهور الورقة الطائفية، وذلك عندما عمدت القوى المضادة إلى تكتيل جمهور الناخبين انحيازاً لهذه الطائفة أو تلك.. فبعث ذلك بنعرة ذميمة. وفضلت القوى الوطنية أن تتمسك ببرنامجها ولو في خضم رياح الطائفية والعصبيات. وثاني الوسائل في نظرهم استخدام قضية الإسلام والشيوعية عندما اتهمت القوى المضادة ممثلي التجمع الوطني الديموقراطي (الخطيب، القطامي، النيباري، المنيس..) بالشيوعية التي تعني عندهم الكفر والإلحاد. وتلك "أكذوبة وخدعة انطلت مع الأسف على بعض المواطنين" .
أما عن معركة الدستور ورفض تعديله فلم يسكت رموز التجمع الديموقراطي عن هذه المحاولة وإظهار رأيهم في رفضها. وكانت أبرز مظاهر معارضتهم للتعديل تلك الرسالة التي بعث بها جاسم القطامي ود. أحمد الخطيب إلى أعضاء مجلس الأمة في ابريل 1982 وكان أبرز ما فيها (انظر نص الرسالة ملحق 2):
1 - إن التعديل شمل 16 مادة من الدستور.
2 – إن دستور 1962 أهم مكسب شعبي وجاء نتيجة طبيعية لتطور الحياة الاجتماعية والسياسية. فهو وثيقة تاريخية لا يجوز التعديل فيها إلا عند نشوء حاجة ماسة... كما أن دستور 1962 وضع ونية واضعيه منعقدة على إجراء التنقيحات فيه لتوسيع سلطات المجلس التشريعي بعد مرور فترة زمنية معقولة من تجربة الحياة النيابية.
3 – مناقشة المواد التي اقترح تعديلها والتي تؤثر في حجم وأهمية المشاركة في الحكم وفي الديموقراطية ومستقبل الشعب. وذكرت الرسالة المواد 65، 66، 96 و71 وتتعلق بحق مجلس الأمة بممارسة سلطاته التشريعية وإصدار القوانين والمواد 100، 101 و102 وتتعلق بممارسة المجلس سلطاته الرقابية على السلطة التنفيذية والأجهزة الحكومية. ورأت الرسالة أن تعديلات المادة 66 تفضي إلى تعطيل سلطات مجلس الأمة تعطيلا يكاد يكون تاماً وشاملاً. كما يلغي تعديل المادة 65 حق المجلس الدستوري في استعجال الحكومة إصدار القوانين إلغاءً نهائياً. وتعديل المادتين 71 و97 يؤدي إلى انتزاع سلطات المجلس التشريعية ووضعها بيد السلطة التنفيذية. أما تعديل المادة 69 فهو يوسع السلطات العرفية للحكومة. وخلصت الرسالة إلى أن مغازي التعديل:
- شل الصلاحيات التشريعية للمجلس.
- منح السلطة التنفيذية صلاحيات تشريعية واسعة أثناء انعقاد المجلس التشريعي.
- منح السلطة التنفيذية صلاحيات تشريعية ومالية واسعة فيما بين أدوار الانعقاد.
- التوسع غير المبرر بأي مقياس لصلاحيات الحكومة بإعلان قيام الأحكام العرفية.
- تقييد قدرة المجلس المنتخب في محاسبة الوزراء والرقابة على الأجهزة الحكومية.
وناشدت الرسالة أعضاء مجلس الأمة الخامس بالتصدي للدفاع عن الدستور والمكتسبات الديموقراطية والحقوق الشعبية التي جسدها .
أما الدكتور أحمد الخطيب أحد رموز التجمع الوطني الديموقراطي، فقد ألقى كلمة بعنوان "هل مجلس الأمة قادر على حماية الدستور؟" في 30/12/81 على مدرج كلية التجارة في جامعة الكويت، ربط د. الخطيب بين ما حصل في لبنان وبين قرار حل المجلس الوطني البحريني وقرار حل مجلس الأمة الكويتي. وذلك بسبب اشتداد الهجمة الإمبريالية الأميركية والضغط لترتيب أوضاع المنطقة. وذكر الخطيب أن أهم التعديلات على الدستور التي قدمت والتي تعمل الحكومة على إقرارها هي:
1 – إلغاء حق التشريع من قبل النواب.
2 – إلغاء حق الرقابة والحماية من خلال رفع الحصانة عن النائب داخل المجلس.
3 – وضع المزيد من العراقيل أمام النواب لطرح وجهات نظرهم. وإذا ما أقرت هذه التعديلات، فإن المجلس سيصاب بالشلل. وكان د. الخطيب متفائلاً بنجاح المعارضة في مجلس الأمة بإفشال التعديلات، رغم أنها لا تؤلف الأكثرية في المجلس إذا ما توافرت لها عوامل محددة منها:
- اتخاذ الموقف الوطني الشعبي.
- الطرح الموضوعي المبسط والاهتمام بكل النواب.
- تجنيد الرأي العام حول القضايا المطروحة.
ودعا إلى التمسك بالديموقراطية وعزا مصاب الأمة العربية كلها إلى غياب الديموقراطية التي بغيابها استطاعت إسرائيل أن تلعب بالأمة العربية وكأنها كرة بين قدميها . أما سامي المنيس، فقد شارك كمتحدث رئيس في ندوة جمعية الخريجين بدعوة من جمعية المحامين الكويتية مع د. ناصر صرخوه بعنوان "تنقيح الدستور بين التشريع ودور الإعلام" نشرته الطليعة في عددها 775 في 5/1/1981 وكان حديث سامي المنيس بعنوان "الصحافة وقضية تعطيل وتنقيح الدستور"، وبدأ حديثه بالإشارة إلى إعادة المادة 35 مكرر إلى قانون المطبوعات بعد حل مجلس الأمة وتعليق الدستور في 29/8/1976. تتبع اتجاهات الصحافة نحو القضية الدستورية خلال ست سنوات 1976/1982، وتابع الممارسة الصحفية عبر 3 مراحل:

المرحلة الأولى
صدور الأوامر لحل المجلس وتعطيل الدستور وتسليط المادة 35 مكرر على الحرية الصحفية ومفعول هذه الأوامر الفوري عندما أوقفت صحف الوطن، الهدف، الطليعة، الرائد والرسالة ( لمعارضتها حل المجلس)، وذكرت الصحف التي أيدت حل مجلس الأمة ومجدت تعطيل الدستور وامتدت المرحلة هذه حتى 1979.

المرحلة الثانية
امتدت من 1979 إلى 1981 عندما تغيرت نغمة الصحافة وعاد الحديث الحكومي عن النية لعودة الحياة النيابية وإعادة الدستور بعد تعديلات عليه، وذكر سامي أن الصحافة لم تطرح دستورية تنقيح الدستور بلجنة معينة من قبل السلطة التنفيذية للنقاش رغم أن المادة 174 حددت الإجراءات الخاصة بالتنقيح. وبدلاً من ذلك استمرت (هذه الصحف) في حملاتها على مجلس الأمة وعلى الممارسة النيابية.. كانت الصحافة خاضعة لتوجهات السلطة.

المرحلة الثالثة
بدأت مع قضية تنقيح الدستور (1981 – 1983)، ففي ابريل 1981 نشرت نصوص اقتراحات تعديل الدستور وحصرت الصحافة الموضوع بين مجلس الأمة والحكومة مع ميل للموافقة على مقترحات الحكومة. لكن كثافة "النشاط الشعبي والمقالات والمحاضرات فرضت نفسها على الصحافة"، وكانت كلها معارضة لحل المجلس إضافة إلى صحف اتخذت مواقف المعارضة للحل.
بعد استعراضنا لنشاط سامي المنيس وصحبه في التيار الوطني الديموقراطي من خارج مجلس الأمة والمعارض للمساس بالدستور، نقول إن حكومة الكويت مهما بلغ بها المطاف فإنها لا تخرج عن تلبية رغبات شعبها، كما أن المعارضة في الكويت مهما بلغ بها المدى في انتقاد الحكومة لا يمكن أن تصل إلى مرحلة الصدام معها، وتلك ظاهرة بارزة في تاريخ الكويت، لذا فإن محاولات الحكومة تعديل مواد الدستور والفزعة الشعبية لمعارضتها سرعان ما اختفت عندما سُحب مشروع تعديل الدستور وعادت الأمور إلى نصابها وعادت الحياة الديموقراطية إلى مسيرتها.



المنيس في افتتاح مقره الانتخابي 1985
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 01-06-2009, 03:43 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,658
افتراضي مداخلات المنيس ركزت على أزمة المناخ.. والمال العام

عاد سامي أحمد المنيس إلى مجلس الأمة السادس (1985 ـ 1986) عضواً منتخباً عن دائرة العديلية، كما عاد معه رفيق دربه د. أحمد الخطيب، و د. أحمد الربعي، وقد أظهرت نتائج انتخابات 1985 أنها لمصلحة المعارضة السياسية التي شملت ممثلي اليسار والقوميين وجماعة السلف وجماعة الإخوان المسلمين والشيعة من ذوي التوجه الثوري .
وكالعادة في كل فصل تشريعي، افتتح الفصل السادس بأمر من سمو أمير البلاد، وبدأ الافتتاح بالنطق السامي ثم تبعته قراءة الخطاب الأميري، وجرى تشكيل اللجان للمجلس المنتخب وفاز سامي المنيس بعضوية الشؤون الخارجية. وكالعادة أيضاً تألفت لجنة من المجلس للرد على الخطاب الأميري. وهنا بدأ نشاط سامي في هذا الفصل في دور انعقاده الأول، عندما طالب في مارس 1985 بتسجيل بعض النقاط على ما ورد في الخطاب الأميري. وكانت النقطة الأولى على حد تعبيره:
"إذا أردنا التعرف على العلل والمشاكل وبعض الظواهر السلبية نستطيع تحديد النقطتين التاليتين":

النقطة الأولى
"تتعلق بهيبة القانون الذي لم يعد محل احترام وقد أُهدر، وفيه تجاوزات".
وقد كان سامي محقاً، فحتى يومنا هذا كتبت بعض التعليقــات الصحفية الكويتية "أن هيبة القانون أُهدرت لمصلحة العشائرية".

النقطة الثانية
"تعددية التعديلات (في القانون) بهدف التوجه لقرار سياسي". ويضرب سامي مثلاً على ذلك أزمة المناخ 1983 التي حلت بسوق الكويت المالي، وما تلاها من تعقيدات مالية وديون صعبة وانهيارات وإفلاسات. ويقول: "استهدفت القوانين (التي صدرت بشأن الأزمة) حماية أشخاص على حساب الشعب، ولكن سبب إهدار الثروة البشرية ليس الإدارة العليا. فالإهدار هنا يمس مصيرنا".

التعدي على القانون
واستطرد في ذكر تعديلات القوانين وإصدارها لمصلحة المتنفذين، فقال "إن المخالفات البلدية بالملايين. لكن هذه المخالفات هي لحماية المتنفذين". وأشار سامي بلا مواربة إلى نفوذ أصحاب المصالح في مخالفة القوانين دون رادع أحياناً، وشرعنتها أحياناً أخرى. ولما لهذا النفوذ من أثر مدمر في المجتمع وقيمه. وتحدث سامي في مداخلاته عن الداء الذي يضر بالمجتمع، ورأى الدواء ـ ولو أنه لم يطرحه ـ في التخلص من سطوة المتنفذين على القانون.

الرد على الخطاب الأميري
وفي دور الانعقاد الثاني، أراد أن يتضمن الرد على الخطاب الأميري ملاحظات رآها مناسبة، فقد رأى أنه ليس من المهم "تشخيص الأوضاع القائمة، والأكثر أهمية في تصوري هو أن نترجم هذه الأفكار (التي وردت في خطاب صاحب السمو) إلى فعل، إلى عمل. ونتمنى ترجمة الأفكار في الميزانية القادمة". وعلق بقوله: "إلى متى سنبقى نقول كلاماً ونرى فعلاً آخر؟".
وفي التعليق على الرد على الخطاب الأميري، رأى سامي أن "نوعية التركيبة السكانية كان سببها طبيعة قوة العمل المتوافرة في الكويت، ويعود ذلك إلى أن القطاع الخاص يهتم بالربحية. لذا خلقنا مجتمع شرق آسيا. وإذا كان هناك حرص على التركيبة السكانية فينبغي أن يكون هناك حرص على قوة العمل، ففي الحكومة تبلغ العمالة مائة وتسعين ألفاً بينما تبلغ في القطاعين الخاص والمشترك أربعمائة وخمسين ألفاً". لكنه لا يذكر نسبة الكويتيين بين هؤلاء. في حين يذكر أن نسبة "الكويتيين في قطاع البنوك تبلغ 12 في المائة فقط". لكن يبدو أن أحلام سامي تحققت إذ ارتفعت هذه النسبة كثيراً الآن وفي طريقها إلى الزيادة.
كانت السياسة النفطية وشركات النفط الأجنبية وسياساتها وامتيازاتها الشغل الشاغل لسامي المنيس منذ انتخابه في الفصل التشريعي الأول 1963، وما انفك يناقش هذه السياسات ويظهر ضررها على الوطن والمواطنين، واستمر يطالب بسيطرة الوطن على ثرواته مع آخرين من زملائه في مجلس الأمة حتى تحقق لهم ذلك وأصبح النفط كويتياً من أوله إلى آخره، ولو أنه كان في حاجة إلى تزايد العمالة الكويتية فيه.
لذا نرى نقاشات سامي بشأن النفط تأخذ منحى جديداً في هذا الفصل وفي دور الانعقاد الأول 1985/1986. فنراه يذكر أن "مبيعات النفط 14.307.800.000 دينار بينما كان المبلغ 15.464.458.000 دينار في العام الذي سبقه أي أن المبيعات نقصت 1.156،658.000 دينار". في حين رأى أن "مبيعات المنتجات البترولية 1،672،190،000 دينار بزيادة 72 مليون دينار عن العام الماضي". ولا نرى له تعليقاً على هذه الأرقام لكنه أراد لفت الانتباه إليها.
التفت سامي، بعد أن ضمن عودة الثروة النفطية إلى أبناء الوطن، إلى الاهتمام بهذه الثروة ومصيرها، لذا نراه يولي المال العام اهتماماً واضحاً في هذا الفصل التشريعي، وكان تركيزه – رحمه الله – على مناقشة أبواب ميزانية الدولة مناقشة موضوعية هادفة، وطالب أول ما طالب بأن يكون "هناك تقرير أمام مجلس الأمة من اللجنة التشريعية الحاوي على الأسس التي أُقرت بموجبها أبواب الميزانية". وكان حريصاً على مناقشة تقرير ديوان المحاسبة عن كل وزارة أو مؤسسة. إذ كان يرى في دور ديوان المحاسبة الرقابي دوراً مكملاً لدور مجلس الأمة، وكان في نظره صمام الأمان لضبط الصرف في وزارات الدولة ومؤسساتها.
ومن مناقشة أبواب الميزانية الأول والثاني والثالث والرابع، انتقل إلى مناقشة ميزانيات الهيئات والوزارات، وبخاصة الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية وهيئة الإسكان في دور الانعقاد الأول من الفصل السادس. وما كان سامي ليناقش الميزانية إلا بعد قرار اللجنة التشريعية ومقارنته بما حدث من صرف في أبواب الميزانية، وما كان ليوافق على ميزانية إلا بعد تأكده من أداء ديوان المحاسبة لدوره الرقابي والتدقيقي على كل وزارة.
ومع اهتمامه بموازنة الدولة، التفت سامي في دور الانعقاد الثاني إلى طرح تساؤلات مالية بحتة، فقد ناقش باستفاضة هيئة الاستثمار والاحتياطي العام في الدولة "ورأى أن هذا الاحتياطي تجاوز 11،423،000،000 دينار في العام المالي 84/1985 وفي عام 1983 كان 11،760،000،000 وبلغت فوائد المبلغ في عام 84/1985 ما قيمته 452 مليون دينار، وهو مبلغ أقل من السنوات السابقة، حين بلغ 487 مليون دينار، 756 مليون دينار، 859 مليون دينار في السنوات 81/82، 82/83، 83/84 على التوالي".
استخدمت الدولة من الاحتياطي العام في سنتين 2،728،000،000 دينار، في ما سمي أزمة المناخ. ويعتقد سامي أن أخطر ما حدث هو السحب من الاحتياطي العام "خاصة إذا كان السحب من أجل إصلاح أخطاء فئة غرقت في الأرباح ثم ما لبثت أن غرقت في الخسائر". كان موقف سامي من السحب من الاحتياطي العام موقف المعارض وموقف الحريص على أموال الوطن والمواطنين.
التفت سامي إلى تقرير ديوان المحاسبة عن الاحتياطي العام ورأى أن التقرير "أشار إلى سحب 1،528،741،000 من احتياطي الأجيال القادمة"، وهو احتياطي لا يزال قائماً تضع الدولة فيه جزءاً من ايراداتها وتحافظ عليه من أجل أجيال الوطن القادمة والحرص على تمتعهم بثروات وطنهم جيلاً بعد جيل. "وكان هذا السحب من أجل المساهمة في زيادة رأسمال مؤسسة البترول الوطنية". ورغم أنه لم يرفض مبدأ السحب من أجل المساهمة في إنعاش مؤسسة وطنية، فإن التزامه بالقانون حتم عليه القول إن "سحب هذا المبلغ مخالف تماماً للمادة الثانية من القانون 54/1982. ويعلم المسؤولون في الهيئة أن هذا الأمر مخالف للقانون ومع ذلك يستمرون وسيناقشونه"، ويقصد بالهيئة هيئة الاستثمار. أشار سامي إلى أن المبلغ كان لشراء شركة سنتافي التي خسرت... ورأى في هذا السلوك المالي ممارسة غير مسؤولة من قبل الجهاز الحكومي. وكان ذلك في رأي سامي تخبطاً من هيئة الاستثمار. وأضاف كي يؤكد قناعته هذه ما نشر عن بيع حصة الهيئة في شركة وربة للتأمين التي بلغت أرباحها 1،295،000 دينار وتساءل لماذا تبيع الهيئة حصتها في الشركة وهي تربح؟.
قد ترد الهيئة بأن ذلك من أجل تنشيط القطاع الخاص، وإذا كان الأمر "كذلك فلماذا لا تنشط الدولة (والاستثمار من ايرادات الدولة وليس من القطاع الخاص) المطابع في القطاع الخاص بدلاً من وجود مطابع لوزارة الدفاع ووزارة التربية والخطوط الجوية الكويتية؟"، أما التخبط الثاني لهيئة الاستثمار الذي أورده سامي فكان في نظره "بيع حصة الهيئة العامة للاستثمار في بنك الكويت والشرق الأوسط".
يعدُّ نقاش سامي وتساؤلاته للهيئة العامة للاستثمار فصلاً جديداً في جرأته على كشف الحقائق، وحرصاً واضحاً على مصلحة الوطن، خصوصا أن هيئة الاستثمار مسؤولة عن جزء كبير من أموال الدولة.
انتقل سامي من الهيئة العامة للاستثمار إلى التعليق على أوضاع شركات الصرافة، وهو أمر مرتبط ارتباطاً مباشراً بأحوال المواطنين، ورأى "أن هذه الشركات، انطلاقاً من رأي البنك المركزي فيها، تعيش أوضاعاً حرجة ورديئة". كما أشار إلى أن وجود بعضها "يعمل على تخريب الاقتصاد لا سيما أن كثيراً من الأموال خرجت عن طريق هذه الشركات".
انتقل سامي في دور الانعقاد الثاني إلى الاستمرار في مناقشة الوضع المالي وسأل وزير المالية عن "أعمال صندوق صغار المستثمرين والمقاصة"، وعندما أجابه الوزير عن سؤاله، لاحظ سامي مغالطات بيّـنة في إجابة الوزير. ولم يجد من يدعم رأيه في هذه المغالطات إلا تقرير ديوان المحاسبة، ويبدو أنها كانت مثيرة وفاضحة لا تُحتمل، إذ نرى سامي يُستفز ويرد على الوزير قائلاً: "هناك احتمالان لوقوع مثل هذه المغالطات:
أن الوزير لا يعلم كالزوج المخدوع وهذا ما أستبعده.
أو أن الوزير يشارك في تضليل الرأي العام عن أعمال الصندوق وتضليل المجلس (مجلس الأمة) في مصداقيـة البيانات وهو أمر لا يجوز مروره مرور الكرام".
واستطرد مستشهداً بتقرير ديوان المحاسبة، فذكر المغالطة الأولى وهي قول الوزير إنه "لم يتجاوز الحد الأقصى لصرف معاملات المستفيد، ذلك الحد الذي حدده مجلس الوزراء". إلا أن سامي يرد عليه بقوله: "إن ديوان المحاسبة يقول هناك تجاوز (1900 مخالفة)". وينتقل إلى المغالطة الثانية وتتعلق بحق الصندوق في تحصيل واحد في المائة تقوم شركة المقاصة به". ويذكر سامي "أن ديوان المحاسبة أكد التقصير من ق.بل المقاصة في تحصيل هذا المبلغ". "وهناك مائتان واثنان وعشرون مليونا سكتت عنها شركة المقاصة".
رأى سامي في هذه التجاوزات المالية حقائق واضحة تتطلب مسؤولية وزير المالية عنها، ولا بد من طرح الاستجواب البرلماني اللازم ضد الوزير حتى نضع النقاط على الحروف. وهنا تظهر جرأة سامي في قول الحق وإبراز الحقيقة أمام وزير المالية الذي ربما كان أحد أصدقائه، لكنه أمام المال العام لا يراعي أحداً غير مصلحة الوطن.

أزمة المناخ
يبدو أن دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي السادس كان حافلاً بالمشكلات المالية. ويعود ذلك إلى تداعيات أزمة المناخ التي هزت سوق الأوراق المالية الكويتي عام 1983. ويبدو أن سامي كان أكثر همه المال العام، والقتال من أجل الحفاظ عليه، أولَم يقاتل من أجل استخلاص ثروة الوطن النفطية من براثن الشركات الاستعمارية؟ وهو يقاتل بضراوة أكثر من أجل الحفاظ على الثروة النفطية وأموالها التي أصبحت تعود إلى الكويت وأهلها، وكان يرفض رفضا قاطعا أن تؤول الأموال إلى فئة معينة أو فئة متنفذة.
تصدى سامي للوضع المالي وانتقل من الخاص إلى العام، وهو في 8/7/1986 يناقش الواقع الاقتصادي للدولة كما جاء في تقرير لجنة الشؤون المالية والاقتصادية التابعة لمجلس الأمة. ولكنه اختلف مع اللجنة في معالجة الوضع الاقتصادي في الوطن، وكان اختلافه حول مديونية البنوك، إذ تقول اللجنة "واجهت البنوك الكويتية أوضاعاً غير عادية"، بينما تعود إلى القول "إن أوضاع البنوك جيدة جداً" وذلك في الصفحة الثانية من التقرير.
تأمل سامي في أرقام المديونية لدى البنوك بعد تداعيات أزمة المناخ، فأكد أن الديون غير المنتظمة 1303 ملايين دينار، وأن جملة المديونية لدى البنوك 1650 مليون دينار منها ألف وثلاثمائة مليون ديون صعبة. وذلك بسبب أزمة المناخ التي رأى فيها سامي "أزمة أخلاقية قبل أن تكون أزمة مالية". وعند وضعها في إطارها الطبيعي، كما يقول سامي "فإنه لا علاقة لها بالاقتصادات والأصول التجارية"، خصوصا "أن بعض أعضاء مجالس الإدارات تجاوزوا على القانون وعلى الأعراف الاقتصادية والعلاقات التجارية وبدأوا يدخلون في هذه الحلقة المشبوهة". ولا أحد يناقش أو يناقض صحة ما قاله سامي.
استسلم سامي للواقع ورأى أن "البلاء حلّ باقتصاد الوطن على يد فرسان المناخ، ولولا رحمة من ربك لهزت هذه الأزمة كيان الكويت الاقتصادي بطريقة أقرب إلى التدمير منها إلى الإضرار". لكن سامي يريد إصلاح ما أفسده "المناخيون" ولا يجد ملاذاً يحمي المال العام ويراقب حركته غير ديوان المحاسبة الذي كان واضحاً أنه وثق به كثيراً.
فيقترح على مجلس الأمة "أن يوصي ديوان المحاسبة بتقديم تقرير إلى المجلس كل ثلاثة أشهر، بشأن فحص ومراجعة حسابات صندوق ضمان حقوق الدائنين الملحق بوزارة المالية، على أن يشمل الفحص إيرادات الصندوق المذكور.
تظــل أزمة المناخ وتداعياتها ملمحاً بارزاً في تاريخ الكويت المالي والاقتصادي، لما كان لها من آثار سلبية في مجمل حياة المواطنين. وتستحق هذه الأزمة من المؤرخين الاقتصاديين كل عناية في تسجيل وقائعها وكشف الأمور التي أوصلت إلى الأزمة المذكورة حتى تكون تجربة يُستفاد منها في عالم المال". ونلحظ أن سامي عمد، عند الإشارة إلى الأزمة، إلى ذكر الأرقام التي لها علاقة بالديون والمؤسسات الحكومية، وهي التي تؤرق حياة الحكومة والمواطن معاً. كما اهتم بصندوق المقاصة وديوان المحاسبة ودورهما، وهي أمور تصلح عناوين للكتابة عن الأزمة. وإذا كان المسرح الكويتي قد أّرّخ لهذه الأزمة القاتلة من خلال مسرحية "فرسان المناخ" فإن سامي ساهم في التأريخ لهذه الأزمة من خلال طرح عناوين وأفكار. وللأمانة، فإن أول من طرح "أن أزمة المناخ أزمة أخلاق لا أزمة مال"، ولا علاقة لها بالاقتصاد أو الأصول التجارية هو المرحوم سامي.
لم يستطع سامي السكوت بعد أزمة المناخ، وكان همه المساءلة والرقابة. فما حدث لم يكن متوقعاً إذ وصلت آثاره إلى المال العام الذي عاش سامي ومات وهو يدافع عن صيانته وقدسيته، وتساءل: "ما مدى جدية الحكومة في متابعة ملاحظات ديوان المحاسبة حول الخاص من المصروفات؟ وما إجراءات الحكومة بشأن هذه المخالفات؟". والسؤال واضح فيه تلميح لا تصريح عن هدر المال العام وفيه تلميح لا تصريح إلى إهمال الحكومة في تعقب المخالفات المالية.
ويشير سامي في دور الانعقاد الثاني للفصل السادس في 28/6/86 وربما كان فرحاً بذلك، إلى مراقبة ديوان المحاسبة لأعمال الهيئة العامة للاستثمار لأول مرة في تاريخها، ويشير إلى "ذكر ديوان المحاسبة اثنتي عشرة ملاحظة، منها خمس ملاحظات وافقت عليها الهيئة". لكنه ذكر أن أخطر ما ورد في تقرير ديوان المحاسبة هو "التجاوز القانوني في ما يتعلق بالسحب من احتياطي الأجيال لأكثر من مليار دينار". وهنا يعود لتأكيد دور ديوان المحاسبة في الرقابة على المال العام، وضرورة الاهتمام بما يذكره الديوان من مخالفات مالية في وزارات الدولة، والعمل على تلافيها. ولا يزال ديوان المحاسبة كما تمناه سامي يعمل بإخلاص تام وبنزاهة لا يشك أحد فيها في ممارسة مهامه الرقابية وكشف المخالفات.

هدر المال العام
انتقل سامي من التلميح إلى التصريح وتحدث عن سياسة هدر الأموال العامة متسائلاً "من المسؤول عن عملية إهدار المال العام في الدولة؟"، وأجاب "الدولة هي المسؤولة عن الإهدار فهي تهدر 99 في المائة من المال العام بينما المواطن يهدر 1 في المائة. مَن المسؤول عن إهدار أموال المواطن؟ أين وزارة الإعلام؟ هل ساهمت في حلّ مشكلة هدر الكهرباء؟".
"إن الرواتب والأجور في الدولة ( 1985 / 1986 ) تصل إلى ثلاثمائة مليون دينار كويتي سنوياً، فماذا فعلت الدولة من أجل رفع إنتاجية الموظف؟ تطالبنا الداخلية برسوم فهل تريد تحسين الخدمات قبل أن ندفع الرسوم؟"، ويقصد التشريع لوضعها في مجلس الأمة. وتساءل: "من المسؤول عن أزمات الوطن التي تؤدي إلى إهدار قدراته حتماً؟ من المسؤول عن أزمات المناخ، المرور، مديونية البنوك، المظاهر البراقة، رفع العقار... إلخ". وكلها أسئلة تستحق الاهتمام، وهي موجهة إلى الحكومة المسؤولة عنها.
كان سامي يؤمن إيماناً واضحاً بمؤسسات المجتمع المدني، وكان يدعو إلى تأليف الجمعيات والنقابات، وأكثر ما يؤلمه أن يرى صعوبة تعترض هذه الجمعيات والنقابات، لذا فهو يعترض على عدم تأليف النقابات ويرى "أن ذلك يسير في طريق مسدود". وعلى حد تعبيره "فإن النقابات والجمعيات عمل شعبي يبرز الدور الجماهيري ولا يعني وجوده خلق مشاكل، فوجود الجمعيات (ذات النفع العام) إضافة إلى الجمعيات التعاونية وسيلة ناجحة للإنتاجية وللتعاون.. وهو وسيلة جيدة لإيجاد علاقات مع الجهات المسؤولة".
وانطلاقاً من هذا المبدأ نجد سامي يرحب بمشروع الهيئة الخيرية الإسلامية الذي طرحه النائب مبارك الدويلة في عام 1986، ويرى سامي "أن نشاط الجمعية هذه يعطي شخصية اعتبارية.
كما نجده أيضاً في 15/4/1986 يدافع بقوة عن "ضرورة إشهار جمعية حماية المستهلك" ويرى أن "وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مخطئة في عرقلة هذه الجمعية". فالجمعيات كما يراها سامي أنشطة شعبية يجب تشجيعها وليست سرية أو مخالفة للقوانين أو مدمرة، فهي رافد للاستقرار الوطني. لذا فهو يطلب من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إشهارها.
وما انفك يطالب بظهور مؤسسات المجتمع حتى كان له كثير مما أراد إن لم يكن كله قبل وفاته. وبنظرة سريعة على واقع الحياة في الكويت نرى عشرات الجمعيات الوطنية ذات النفع العام وكثيراً من جمعيات الصداقة مع الدول الأخرى من داخل مجلس الأمة، وكان سامي رئيس جمعية الصداقة الصينية الكويتية انسجاماً مع ما كان ينادي به.

سياسة التوظيف
انتقل سامي إلى مناقشة سياسة التوظيف، وكانت له فلسفة في توظيف الشباب في أجهزة الدولة وغيرها، فهو يعترض على طابع التوجهات في التوظيف، ويرى أن "الوضع الوظيفي نتيجة توجهات طابعها جهل المواطن خاصة والموظف عامة، إنسان محدود الطموح غير منتج في عمله"، وكان يسعى إلى تغيير هذا الواقع الذي رآه وكان من المطالبين دائماً بأن "تكون أرقام الميزانية على قدر الإنتاج المتوقع منها". وكان يطالب بمواجهة هذا الواقع بوسائل ناجحة ذات فعالية. ولم يكن يرى لجان التطوير الإداري وسيلة لتحقيق هذا الهدف، فهو يعتقد أن "لجان التطوير إحدى الطرق للهروب من مواجهة القضية". ويشخص الواقع الوظيفي كما يراه بأن هناك "إحساسا أن الموظف لم يحصل على حقه من الإدارة. وهناك مشكلة المعاناة من التجاوزات داخل الأجهزة".
ويرى "نقل الحديث عن الفساد الإداري إلى التطوير الإداري أمراً غير ذي بال"، فالمسألة الأساسية في نظره إحساس هذا المجتمع، "بأن الجهاز الإداري لم يستطع أن يلبي حاجات المجتمع في المرافق العامة كافة"، والإحساس الآخر هو "الاضطهاد القائم على التجاوزات فالإنتاج الوظيفي في القطاعين الأهلي والمشترك (الحكومي والأهلي) أفضل منه في الحكومي" ويرى أن العقبة في الإنتاج الحكومي تكمن في القيادات العليا.
ويضرب مثلاً على ذلك في بعثة الآثار المؤلفة من عشرة دارسين إلى الولايات المتحدة بطلب من وزارة الإعلام، وعندما أتم هؤلاء ابتعاثهم وعادوا إلى أرض الوطن قيل لهم "بس ما عندنا شغل! اذهبوا إلى وزارة التربية قولوا لهم أنتم مرسلون من الإعلام". وهنا يتساءل "ما فائدة التحصيل العلمي الذي ذهب المبتعثون من أجله في محاولة لتحسين الوضع الوظيفي، خاصة أنه يعود إلى ما كان عليه؟ فهل بعد هذا نستطيع الاطمئنان إلى سياسة التطوير الإداري؟" والجواب معروف في ضوء ما طرحه سامي وأمام هذه الواقعة (بعثة الآثار) وأمثالها، فتساءل سامي عن "طبيعة البعثات والدراسات العليا وما مفهوم البعثة".
وأشار إلى "أن 75 في المائة من وظائف الحكومة مكتبية وإدارية، أما خارج الحكومة فالوظائف فنية ومهنية". ولم يكن تساؤله من فراغ، فهو يريد البعثات تلبية لحاجات الوطن، يعود عضو البعثة بعدها ليسد الفراغ الذي أرسل في دراسته من أجل ملئه.
كان طامعاً في خلق جهاز فني مدرب في المجالات المهنية الحكومية، لذا صب كثيراً من جهده على مدى سنوات عدة في فصول تشريعية مختلفة على التدريب وأثره في المجتمع". لكنه في الفصل التشريعي السادس يطالب بمزيد من "الاهتمام بالتعليم التطبيقي والتدريب لأن ذلك يرتبط بتوفير قيادات وسطية" في مجال العمل الفني والمهني، وطالب بضرورة إظهار الاحترام للحرفيين المتدربين لأنه كان يرى انتقاصاً لحقهم في المجتمع إذا ما قورنوا بالأكاديميين خريجي الجامعات.



المنيس مع المرحوم د. أحمد الربعي في ندوة



المنيس مع مجموعة من الشباب

يتبع
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المنيس kars401 جبلة 38 15-11-2017 10:18 PM
تاريخ الكويت السياسي لحسين خزعل أشهر كتاب منع في تاريخ الكويت - طلال الرميضي الغواص البحوث والمؤلفات 19 05-07-2016 01:23 AM
مساعدة: كتاب تاريخ الكويت السياسي freeq8 الصندوق 4 10-05-2013 02:29 AM


الساعة الآن 05:39 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت