راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية

 
 
        

اخر المواضيع

 
 

 
 
العودة   تاريخ الكويت > منتدى تاريخ الكويت > المعلومات العامة
 
 

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-06-2009, 10:56 PM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,662
افتراضي الخليج العربي في نظرة بريطانية وأخرى فرنسية - يعقوب الغنيم



سوف يكون حديثنا اليوم بمثابة استعراض لكتابين من تأليف كاتبين أوروبيين أحدهما بر يطاني وهو السير أرنولد ويلسون، والثاني فرنسي، وهو جان جاك بيربي. وقد تحدثنا عن هذا الأخير عندما عرضنا كتابه «جزيرة العرب» ضمن مقال لنا من «الأزمنة والأمكنة» نشرته جريدة «الوطن». وسوف نعرض له في هذا المقال كتابا آخر عنوانه «الخليج العربي» وذلك بعد أن نتحدث عن السير أرنولد ويلسون وكتابه المسمى ـ أيضا ـ «الخليج العربي».
عمل السير ويلسون في النطاق السياسي البريطاني فترة من الزمن. فقد ولد في سنة 1884م، وتعلم في كلية كليفتون في إنجلترا، وقد كان والده مديرا لهذه الكلية، بدأ ويلسون حياته العملية ضابطا في الجيش البريطاني في الهند إلى سنة 1904م وفيها انتقل إلى العمل في إيران ضمن قيادة تعمل على حماية القنصلية البريطانية في الأهواز هناك، وحماية شركة النفط التي تتبع وطنه أثناء عملها في التنقيب عن النفط بعد أن حصلت على الامتياز.
في سنة 1907م نقل صاحبنا إلى الدائرة السياسية وصار عمله في الخليج، وتدرج حتى بلغ مرتبة كبار المديرين، وفي سنة 1920م عمل لحساب شركة النفط في إيران إلى سنة 1932م.
أثناء الحرب العالمية الأولى كان ويلسون في سنة 1915م نائبا للسير بيرسي كوكس السياسي البريطاني الشهير الذي كان عمله في العراق، وفي سنة 1920م انتقل الى عمل آخر بعيدا عن الأعمال السياسية التي كان يمارسها.
المهم أن السير أرنولد ويلسون قد وجد في خضم هذه الأعمال الوقت الكافي لتأليف كتابه «الخليج العربي».
لم يكن أرنولد ويلسون كاتبا متخصصا في التاريخ ولكنه أجاد عمله في كتابه «الخليج العربي» أيما إجادة وحشد فيه مجموعة كبرى من المعلومات رتبها ترتيبا علميا دقيقا، وكان سر إجادته أنه استفاد من خبرات كثيرين من العاملين في هذا الحقل، وقد ذكرهم معبرا عن شكره لهم لما أمدُّوه به من معلومات ونصائح.
ذكر من هؤلاء زميله ماردون وهو متخصص في الحقبة القديمة والقرون الوسطى، وقد أثنى عليه ويلسون ثناء عاطرا وشكره لما قدمه له من دعم، وأتاحه له من معلومات.
وواضح من التمهيد الذي كتبه المؤلف أنه إنما ألف هذا الكتاب للبريطانيين الذين تُلقي بهم ظروف عملهم في هذه المنطقة، وقد عبر عن ذلك بقوله: «إن غرض الكاتب ان يُمكن أولئك الذين تأتي بهم ظروف الواجب أو الاضطرار إلى الخليج أو الذين يأتون بحكم الأعمال ليتعرفوا مشاكلهم، من أجل أن يدرسوا في نطاق عمل فردي مواكب تاريخه، ذلك التاريخ الذي لعبت بريطانيا العظمى فيه دورا رائعا». إذن فقد كتب هذا الكتاب لجماعته، ولكننا نستطيع أن نستفيد بكثير مما فيه، وقد قال مترجمه ما يؤيد هذا الكلام حين ذكر في مقدمته: «وهذا الكتاب في رأينا أحسن كتاب من نوعه يعالج قضايا الخليج العربي، على الرغم من انه كتب في الربع الأول من هذا القرن (يقصد القرن العشرين) وهذا استعراض بتاريخ الخليج منذ أقدم الأزمنة...».
ترجم الكتاب وقدم له مقدمة تعبر عن وجهة النظر العربية الخالصة الدكتور عبدالقادر يوسف، كما قدم له السيد: ل. س. إمري. وقامت مكتبة الأمل في الكويت بنشره في أواخر ستينيات القرن العشرين وقامت بطباعته مؤسسة فهد المرزوق الصحفية، وجاء في أربعمائة وست وثلاثين صفحة من الحجم المتوسط.
يتكون كتاب «الخليج العربي» الذي ألفه ويلسون من ثلاث مقدمات إحداهما للمترجم والثانية للمؤلف تحت عنوان: «تمهيد» والثالثة للسيد إيمري تحت عنوان «تصدير» وقد امتدح إيمري هذا صاحبنا كثيرا بقوله: «ونحن إذا أردنا أن نشير إلى أحد الأحياء المختصين بشؤون منطقة الخليج» فلن نجد سجل خدمة أفضل من سجل سير أرنولد ويلسون، قليل أولئك الرجال الذين يعرفون الشرق الأوسط ككل معرفة وثيقة، والخليج بنوع خاص، وقليل أولئك الذين يستطيعون أن يرسموا الصورة بألوانها الحقيقية وأن يقدموا للقراء الإنجليز القصة الكاملة لما أنجزه أبناء جلدتهم».
تأتي بعد ذلك فصول الكتاب وعددها ستة عشر فصلا تبدأ بفصل عنوانه هو عنوان الكتاب: الخليج العربي، ولهذا الفصل مدخل هو عبارة عن سرد تاريخي ثم وصف جغرافي لهذه المنطقة الحساسة من العالم، ولم يكتف المؤلف بذلك بل بحث الأطوار الجيولوجية التي مرت بالموقع، وعلاقة البحر باليابسة وتأثيره فيها، ولم ينس أن يذكر كميات الأمطار أو درجات الحرارة في عدد من الدول. ونقل معلومات عن تنقيب السيد وولي في سنة 1925م مما يدل على أن ويلسون ألف كتابه بعد الربع الأول من القرن العشرين على خلاف ما ذكر المترجم فيما سقنا في مقالنا نقلا عنه. وتحدث ـأيضاـ عن طبيعة السكان وعن الأمن والقرصنة، ثم عن حيوانات البيئة وأعشابها وفي ختام هذا المدخل نراه وقد عاد إلى مهمته الرسمية فيؤكد أن المرسل من بريطانيا إلى هذه المنطقة ينبغي له أن يكون ملما بكل شيء عنها، كما ينبغي أن يتحلى بروح المودة والرغبة في التعارف.
في الفصل الثاني حديث عن الرجل البدائي في الخليج وعمان، وهو بحث في التاريخ القديم. ينتقل منه إلى الحديث عن الخليج في العصور التاريخية الغابرة، وذلك في الفصل الثالث أما في الفصل الرابع فقد استعرض ما كتب قديما، ليصل في الفصل الخامس إلى الحديث عن الخليج في العصور الوسطى، وقد جاء الفصل السادس ليستكمل المؤلف فيه الموضوع نفسه، أما في الفصل السابع فقد تحدث عن بعض المدن المهمة فيما سبق وهي سيراف وقيس وهرمز وكلها على الخليج.
ومن سيراف جاء عدد من علماء المسلمين البارزين منهم الحسن بن عبدالله السيرافي صاحب المؤلفات الكثيرة في النحو واللغة منها كتاب اخبار النحويين، وكتاب شرح سيبويه وكتاب صنعة الشعر، وكتاب البلاغة، وغيرها..
ولد في سنة 897 ميلادية.
وله ابن اسمه يوسف سار في العلم على سيرة والده، وله مؤلفات قيمة، ولد في سنة 941م.
وفي الفصل الثامن تحدث عن مجيء البرتغاليين إلى هذه المنطقة، وفي الفصل التاسع أورد ما حدث من تنافس بين هؤلاء والإنجليز، إلى أن وصل الى الفصل العاشر وعنوانه: «طرد البرتغاليين» وأورد في الفصل الحادي عشر حكاية الهولنديين في المنطقة ووصل في الفصل الثاني عشر إلى القرن الثامن عشر، ونمو النفوذ البريطاني في الخليج. وخصص الفصل الثالث عشر للحديث عن القرصنة وفي الفصل الرابع عشر تحدث عن الرق، وهو موضوع زال من المنطقة نهائيا.
أما الفصل الذي يخص الكويت فهو الفصل الخامس عشر وهو بعنوان «نمو الإمارات العربية» وقد تحدث عن عدد من الإمارات العربية الواقعة على الخليج وأفرد للكويت عددا من الصفحات وسوف نعود إلى الحديث عنها. وقد ختم الكتاب بالفصل السادس عشر وهو عن الخليج في السياسات الدولية وهو حديث مجمل عن هذا الموضوع وكأنه يحاول أن يسرع في إنهاء الكتاب.
كان ما كتبه ويلسون عن الكويت شبه معروف فهو يتحدث عن الموقع قائلا: «تشكل الكويت نصف دائرة من الارض قليلة التضاريس على الجانب الغربي من رأس الخليج، وقاعدتها امتداد لخط ساحلي منخفض يمتد إلى مسافة ما يقرب من مئتي ميل».
وقال أن بيللي ذكر ان عمر الكويت من مائة سنة إلى مائتين، والواقع أن بيللي ذكر ان تقديره لنشأة الكويت هو 250 سنة عند رحلته إليها في سنة 1886م، «انظر كتابنا: الكويت تواجه الأطماع ص 37» كما نقل ويلسون عن بلجريف، وأورد أن حصار البصرة منذ سنة 1776م حتى سنة 1779م هو الذي اعطى الكويت قوة دافعة للنمو. واورد الأسباب التي حدت ببريطانيا إلى قبول توقيع اتفاق الحماية مع الكويت، ونص على أن التحركات الروسية كان لها دور مهم في اسراع البريطانيين إلى عقد الاتفاق.
وبعد الثناء على الشيخ مبارك الصباح تحدث عن الشعب الكويتي قائلا: «ويعتبر شعب المدينة بوجه عام اسمى من شعب أي مرفأ غربي آخر، في المقدرة التجارية، وفي تلك الخصائص المرنة التي تعمل على خلق المواطن الصالح المعتمد على نفسه وما من جزء في الخليج يحتفظ اهله بعلائق شبيهة بعلاقات الشيخ وشعبه مع الحكومة البريطانية وممثليها ومع التجار البريطانيين، تلك العلائق التي تتسم بالاحترام والحفاوة والمودة».
هذا هو نهاية حديثنا عن أرنولد ويلسون وكتابه الذي ضمنه نظرته البريطانية إلى الخليج العربي.
***
نبدأ الآن في الحديث عن النظرة الفرنسية إلى الخليج العربي، وقد ذكرنا آنفا أن صاحب هذه النظرة هو جان جاك بيربي، ولا أظن أننا هنا في حاجة إلى الحديث عنه فقد مر بنا ذكره عندما تحدثنا في مقال سابق من «الأزمنة والأمكنة» بجريدة «الوطن» عن كتابه «جزيرة العرب» ولا داعي هنا لإعادة ذلك الحديث.
أما هنا فإننا نكتب عن النظرة إلى الخليج عبر كتابه القيم «الخليج العربي» وهو كتاب سار فيه على النهج المحايد الذي سار فيه عندما ألف كتابه «جزيرة العرب» وهو يقول في مقدمته «لا يجوز للفرنسيين يوم يتخلصون من الميل المشؤوم إلى الاستعمار، ان يقفلوا على أنفسهم حدود الوطن، إنَّ عليهم أن يتذكروا دائما أن مصير وطنهم الجميل يدعوهم باستمرار إلى التفكير في الشرق، وذلك ليس من أجل الاستعمار أو السيطرة أو الإحتلال بل للتثقيف والتحرير والقيم الروحية».
ترجم هذا الكتاب مترجما كتاب بيربي الأول، وهما نجدة هاجر وسعيد الغز، ونشرته دار المكتب التجاري للطباعة والتوزيع والنشر ببيروت في شهر ديسمبر لسنة 1959م، وهي سنة قريبة من سنة صدور الكتاب بلغته الفرنسية. وقد قدم المترجمان له بمقدمة جيدة عبرا فيها عن تقديرهما لعمل بيربي وقالا إنهما لم يكادا يتلقفان الكتاب ويطلعان على محتوياته القيمة حتى وجدا أن هذه المحتويات بما فيها من صدق واضح» ينبغي أن تكون بين يدي القارئ العربي، وقالا إنهما عقدا العزم على تعريبه لكي يؤديا الواجب الذي يفرضه عليهما الضمير القومي من جهة والمسؤولية الفكرية من جهة أخرى.
الكتاب الذي نتحدث عنه وهو «الخليج العربي» لجان جاك بيربي يتألف من ستة عشر فصلا وزعها المؤلف على ثلاثة أقسام رئيسية، وكلها فصول مهمة مليئة بالحقائق، مدعمة بالأدلة العلمية والأرقام والخلفيات التاريخية وكلها تضم ملحوظات المؤلف الدقيقة والصريحة التي تتميز ببعد النظر إضافة إلى حسن الأسلوب ورقته وشاعرية عرض بعض المواقف التي أعجب بها الكاتب.
وفي مقدمة المؤلف ما يدل على إعجاب بيربي بموقع الخليج والإمكانات المتوافرة فيه وبخاصة فيما يتعلق بالثروة النفطية فهو يقول: «لقد أراد التاريخ من هذا الوطن البحري أن يكون طريقا حتميا، ومعقلا لأكبر المغامرات وأخطرها، ومستودعا لمختلف الثروات منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا».
يبدأ الكاتب بقسم عنوانه «في بلاد الجن والذهب الأسود» وتحت عنوان داخلي هو «بحيرة داخلية» وصف جغرافي للخليج وحديث عن الازدهار النفطي الذي جاء بعد عدة سنوات من البؤس، فحل بذلك الثراء. وتحدث المؤلف عن الجانب الايراني من الخليج، وعن الاطماع المحدقة بهذا الممر المائي الخطير. وتحت عنوان القراصنة والبترول تحدث في فصل عن ارتباط العمل القرصني بالعمل النفطي، راجعا الى الوراء للنظر في خبايا التاريخ متحدثا عن الناس ومعيشتهم قبل ظهور الذهب الاسود. وقد عاد الى الحديث عن النوع المألوف من القراصنة وهم الخارجون عن القانون وذكر أن تفاقم أعمالهم دفعت الأوروبين عموما الى التنبه الى المنطقة ودفعت البريطانيين بالذات الى التدخل الى ان صارت لهم السيادة في هذا المكان. ولقد جر هذا التدخل تنافسات خطيرة بما في ذلك الاندفاع الأمريكي. وحتى ص 112 من الكتاب ظل بيربي يتحدث عن ايران ونفظها وعن العراق ونفطه. وعن السطح القاحل في المنطقة والجوف الغني بالنفط فيها وفي خلال ص64 وص65 تحدث قليلا عن الكويت، وقد جاء نص ما كتبه في هذا الفصل كما يلي:
«لم تتجنع الشروط التي من شأنها أن تجعل الثروة متوفرة في أي مكان كما تجمعت هنا في الكويت. وقد اكتشفت أقدم الآبار «الأحمدي» و«البرقان» و«المقوع» جنوبي الجون الذي تقوم عليه مدينة الكويت التي أعطت اسمها للامارة كلها. وكلمة الكويت هي تصغير كلمة «كوت» اي الحصن الصغير. والحقول البترولية المنتجة توجد على مسافة خمسة عشر كيلومتراً على الأكثر من الشاطئ وعلى ارتفاع يقارب اربعمائة قدم عن سطح البحر مما يجعل البترول يندفع بقوة في الانابيب ليصبَّ مباشرة في الناقلات الراسية في ميناء الاحمدي.. وثروة هذه الحقول تنافس ثروة حقول السعودية على احتلال المركز الأول في العالم. وقد أتاحت للكويت ان تضاعف انتاجها مضاعفة هائلة من ثمانماية الف طن سنة 1946 الى خمسة وخمسين مليون طن سنة 1956 والى سبعين مليون طن سنة 1958. وعلاوة على ذلك فقد دلت التنقيبات التي أجراها الخبراء مؤخرا على مسافة 93 كيلو متراً من شمالي الامارة على وجود البترول بغزارة. وبعد اجراء الحفريات اللازمة تدفق البترول في «الروضتين» ليزيد من ثروة الكويت، ومد أنابيب لتصل هذه البئر الجديدة بميناء الأحمدي. وكذلك عند شمال الجون اكتشف البترول في «بحرة» قرب الخليج وفي «الصابرية» مقابل جزيرة «بوبيان».
وعلى الرغم من كل هذه الكنوز التي تتضاءل أمامها كنوز مغارة علي بابا الشهيرة ما زالت الحياة صعبة في الامارة السعيدة القائمة على الرمال بسبب افتقارها الى المياه العذبة الحلوة ويمكن القول على حد رأي الخبراء أن الكويت التي خلقتها العناية الآلهية فوق رمال حامية على ضفاف الخليج الأخضر ليست سوى إسفنجة مشبعة بالبترول.. لذلك صرف الجيولوجيون النظر عن حفر أية حفرة في الأرض لاستخراج المياه لأنهم واثقون من أن ما سيتدفق إنما هو البترول وليس الماء.. وقد استطاعت شركة البترول الكويتية بعد جهود جبارة مضنية ومصروفات طائلة أن تجر مياه السقي من مسافة خمسة وعشرين كليومترا بواسطة أنابيب الى مدينة الأحمدي من أجل إنبات بعض شجيرات وحيدة لتلطيف الجو هناك غير أن الرياح الساخنة التي تهب من الصحراء لا تلبث حتى تجففها.
وهي تنظر عن بعد كأنها بستان حقيقي أخضر غض وهذا الاخضرار العجيب الذي يعتبر معجزة في هذه المنطقة يترك أثراً فعالاً في نفس كل قادم. فهل ندهش بعد ذلك إذا عرفنا أن أمير الكويت عندما زار باريس للمرة الأولى كان أول ما طلبه هو رؤية غابة بولونيا التي كان لها في نفسه كبير الأثر.
ويمضي المؤلف بعد ذلك في حديثه عن الدول المحيطة بالكويت، وعن تزاحم البريطانيين والأمريكان والروس وغيرهم على هذه المنطقة، ويذكر كثيراً من الدسائس والمؤامرات التي فرضها الحصول على النفط في حقول كل من إيران والعراق الى أن يصل الى الفصل الثامن وهو ضمن باب عقده في الكتاب تحت اسم: «علي بابا لم ير شيئاً» وفي هذا الفصل (الثامن) حديث طويل عن الكويت امتد من ص 113 حتى ص 135، وسوف نعود إليه بعد أن نختتم حديثنا عن الكتاب وهو حديث أوشك أن ينتهي. بعد أن انتهى المؤلف من سرد كل ما يتعلق بالكويت ونفطها وتحدث عن الاكتشافات النفطية في الجزء الشرقي من المملكة العربية السعودية، وعن جشع شركات النفط التي لا حد لها، وعن البحرين ونفطها ذاكراً في البداية موسم الغوص ومدى اعتماد البحرين ـ قديماً ـ عليه، ثم تحدث عن قطر والنزاعات التي كانت تدور الى الجنوب منها كما حدث في مسألة واحة البريمي، وتحدث عن عمان تاريخاً ونفطاً واقتصاداً.
وفي باب عن الشرق الأوسط تحدث عن اكتشاف هذا الشرق، وعن الحقائق والأساطير الواردة عنه، وألحق بالكتاب عدة ملاحق تتعلق كلها بالنفط من حيث الامتيازات والمصالح وكميات الإنتاج وغير ذلك.
هذا هو ما انتهى إليه كتاب «الخليج العربي» أما الفصل الذي وعدنا بالعودة إليه، فقد جاء كما قلنا من قبل تحت عنوان «رواية صادقة من القرن العشرين» ضمن باب «علي بابا لم ير شيئاً».
بدأ الفصل بعبارة نقلها المؤلف عن الشيخ عبدالله السالم الصباح وهي قوله: «إن المهم أن تكون محبوباً في الشرق الأوسط».
بدأ الفصل بوصف شاعري جميل للكويت جاء فيه «إن أغرب الرويات العربية وأكثرها مدعاة للدهشة لم تكن من نتاج خيال سكان بحر الزمرد الواسع. إن ما سيأخذ بلب السندباد البحري إذا ما عاد اليوم ما يجده وراء البصرة المرفأ الذي كان ينطلق منه في مغامراته الغريبة، يصبح شيئاً تافهاً إذا ما قيس بالتقدم والتطور اللذين أصابا تلك البلدة الصغيرة الواقعة على الخليج التي كانت فيما مضى ملجأ للصيادين فإذا بها تصبح فردوس الذهب الأسود.
إن هذا الجون الرائع بمياهه الفيروزية العميقة الذي يشق قلب الصحراء قد جذب في الماضي فريقا من الناس للإقامة فيه عند ساحله، وحاولت الصحراء مرارا أن تصب عليهم جام غضبها لتلقي بهم في البحر نافخة عليهم رياحها القاتلة التي تحمل الرمال والقيظ.. ولكن هؤلاء صمدوا في وجه غضبات الصحراء وتمسكوا بتلك البقعة القاحلة.. إننا لا ندري لماذا فعلو ذلك؟.. ربما كانت العناية قد أوحت إليهم منذ ذلك الحين عما تنطوي عليه الأرض في جوفها من ثروات طائلة.
كانت الكويت منطقة محرومة حرمانا كاملا من المياه العذبة الحلوة والنباتات الظليلة، بلدا منسيا مهملا لا أهمية له على الرغم من كونها المرفأ الطبيعي الوحيد للصحراء. وولى الكويتيين وجوههم شطر البحار بسبب الحصار الذي فرضته عليهم الأرض البخيلة القاحلة الصحراوية.. وأصبحوا من أشجع البحارة وأبرع بُناة السفن والمراكب وأجرأ الغطاسين وراء اللؤلؤ. وأخيرا منَّ الله عليهم بالبترول.
وفي ظرف عشر سنوات لا غير انهالت على هذا البلد الفقير ثروة لا تقدر ولا يحصيها حساب وصبت في خزائنه كما كان يتدفق البترول غزيرا من آباره. وفي هذه الحقبة القصيرة التي لا تقاس في حياة الأمم والشعوب غيرت هذه الثروة الطائلة معالم الحياة كلها في الكويت الجديدة.
إن الأمير الذي يحكمها يتناول كل يوم نصف مليار فرنك.. وهو يشيد القصور ويشق الطرقات المعبدة الواسعة ويبني المدارس والمعاهد وينشئ المستشفيات وينشر الثقافة مجانا بين مواطنيه ويؤمن لهم التطبيب المجاني. وهو كحاكم مسلم مطلق السلطة والصلاحية يصرف الأمور في الإمارة السعيدة الصغيرة وفقا لمبادئ وتقاليد ورثها عن الأجداد».
ثم تحدث بيربي عن السكان، وطبيعة النظام في البلاد، بما في ذلك نظام المرور، والشرطة الذين يديرونه، ونقص المياه وأشكال ملابس الناس والمحلات التجارية والسفن المتهادية على سطح الماء، والمآذن السَّامقة.
وانتقل بعد ذلك إلى قصة اكتشاف البترول في البلاد وقد جاء ذلك في حديث طويل جداً أخذ عدداً كبيراً من الصفحات التي كتب فيها هذا الفصل.
وفي الختام انظر وصفه الجميل لليل في «برقان» إذ يقول: «إلى الجنوب يمتد الطريق السريع الواسع الجميل المزفت الذي يربط مدينة الكويت بميناء (الأحمدي)، ويجتاز حقل (برقان) النفطي، وهنا عوضا عن أن يشتعل الغاز ـ دون هدف ـ في الفضاء، يشكل صفوفا أفقية من الأضواء طويلة على جانبي الطريق تجعل الليل نهارا، وتخال هذا المنظر كأنه تنانين هرمة تلهث، وتلفظ أنفاسها الحارة اللاهبة على طرف الصحراء».
***
وبعد فهاتان نظرتان إحداهما بريطانية والأخرى فرنسية، وقد رأينا أن نظرة الفرنسي كانت أكثر واقعية، وأدل على الرغبة في مَدّ يَد الصداقة لأهل هذه المنطقة، وكانت كتاباته أقل خطأ في السرد. أما النظرة التي ألقاها البريطاني على خليجنا العربي، فكنا نَشُمُّ منها الروائح الاستعمارية التي كانت مسيطرة عليه ولا غرو أن يحدث ذلك من شخص يعمل في الحقول ذاتها. ولكنه على الرغم من ذلك كان أقل من غيره من البريطانيين حساسية، وإن كانت له أخطاء طفيفة أشار إليها المترجم في مواقعها من الكتاب.

تاريخ النشر: الاربعاء 3/6/2009
الوطن
__________________
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عرب الساحل الشرقى من الخليج العربى مذكور القسم العام 11 17-07-2011 07:39 AM
الاديب عبدالرزاق البصير تسمية الخليج بالخليج العربي أدبنامه البحوث والمؤلفات 0 29-10-2010 04:23 PM
يعقوب الغنيم اليوم على قناة العربي AHMAD القسم العام 0 08-04-2010 02:14 PM
رحلة إلى عروس الخليج - يعقوب الغنيم AHMAD المعلومات العامة 0 13-05-2009 03:25 PM
افتتاح مكتب الكويت لمساعدة الخليج العربي في دبي ( 1963م ) AHMAD المعلومات العامة 3 13-02-2009 03:11 PM


الساعة الآن 12:15 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت