21-04-2010, 09:36 PM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 83
|
|
جمارك الكويت قديما
نتناول في* هذه الحلقة موضوعاً* مهماً* يعتبر من المواضيع التي* تؤكد ما ذهبنا اليه في* الحلقات السابقة وهو ان الكويت لم تكن* يوماً* من الأيام تابعة للعراق ويؤكد هذا الموضوع بطلان ما جاءت به الادعاءات العراقية*.
فموضوع حلقة اليوم هو الجمارك الكويتية الذي* نتناول فيه جزءاً* من بحث للباحث عمر الدوسري* حصل به على درجة الماجستير ويتحدث فيه عن نشأة الجمارك،* ومن خلال هذه الدراسة نتعرف على الكويت وتطورها الاقتصادي* الذي* يثبت لنا أن الكويت دولة مستقلة*.
يقول الباحث عمر الدوسري* عن الضرائب والرسوم قبل ظهور الادارة الجمركية*: لقد كان حكام الكويت قبل الشيخ مبارك* يتقاضون رسوماً* جمركية قليلة على بعض الواردات لا تتعدى* 3٪* من قيمة البضاعة،* وقد كانت هذه النسبة تنخفض حتى تصل الى* 1٪* كما في* عهد الحاكم الثاني* لامارة الكويت الشيخ عبد الله الصباح* 1763* - 1813م والذي* ثبت لدينا من خلال المصادر التاريخية أنه كان أول حاكم فرضت في* عهده رسوم جمركية ثم تطورت قيمة الرسوم الى* 2٪* وذلك في* عام* 1831م كما ذكر الرحالة ستوكلر،* وفي* عهد الشيخ عبد الله الثاني* بن صباح ارتفعت الرسوم الجمركية قليلاً* لتصل الى* 3٪* وذلك في* عام* 1865م*.
وتقول د.سعاد الصباح أن هذا الرسم لم* يفرضه أحد من الشيوخ،* وانما بادر به التجار مساعدة للشيخ الذي* لم تكن تتوافر لديه الموارد الكافية لادارة شؤون الحكم والبلاد،* وقد كان هناك بعض الرسوم على الحوانيت والتي* كانت تدفع للحراس الذين كانوا* يسهرون ليلاً* لحراسة المدينة*.
وقد كانت الرسوم الجمركية قبل عهد الشيخ مبارك الصباح تدفع بطريقة التخمين وبمعدل ريال واحد* (ريال فرنسي* فضة*) على الفردة من الخام الأسمــر والتي* تحتوي* على* 30* طولاً،* والطول الواحد* يساوي* 30* ياردة،* كما كان* يتفق على رسم على كل كيس بالنسبة للبضائع الأخرى وكان هذا الرسم بسيطاً،* وعندما* يحتاج الحاكم الى مساعدات مادية كان التجار* يقدمون له ذلك،* كما كان النواخذه* يقدمون له الهدايا بعد الرجوع من السفر،* كذلك* يؤكد د.أحمد أبو حاكمة أن مجموع ما دفعه التجار لحاكم الكويت بالاضافة الى ما* يتم دفعه من قبل البدو عند بوابة السور بلغ* حوالي* 20* ألف ريال فرنسي* في* السنة استنادا على تقرير للكولونيل* »بلي*« المقيم البريطاني* في* الخليج* 1863*-1865م*.
ويلخص د*. أحمد المزيني* الهيكل الضريبي* في* الكويت الى ما قبل تولي* الشيخ مبارك الصباح الحكم في* أربعة مصادر رئيسية هي*:
ضريبة الغوص*: وهي* ضريبة سنوية مباشرة على دخل أصحاب سفن الغوص،* وقد تحدد قيمتها بنصيب* غواص واحد عن كل سفينة في* نهاية الموسم*.
الضريبة الجمركية*: وهي* ضريبة فرضت على قيمة واردات الكويت من البضائع القادمة من البر وبنسبة تراوحت ما بين* 1٪* عام* 1790م الى* 2٪* عام* 1859م الى* 3٪* عام* 1865م*.
الرسوم على الدكاكين*: وكانت تدفع كاملة للحراس الذين* يحرسون المدينة ليلاً*.
زكاة الأنعام*: وكانت تدفعها القبائل التابعة لآل الصباح من البدو من عريب دار*.
ويقول الباحث محمد عبدالهادي* جمال ان ضريبة* »الودي*« فرضت في* عهد الشيخين محمد وجراح وأنه كان* يتم تحصيلها على البضائع التي* يتم دخولها أو خروجها من الكويت حين* يقوم البائع أو المشتري* من* غير أهل الكويت بدفعها،* وكانت قيمتها تعتمد على نوع البضاعة،* فمثلاً* كان* يتم تحصيل روبيتين على الجمل وروبية على الماشية وروبية على كيس العيش وأربعة آنات الآنة*: جزء من الروبية والروبية* 16* آنة على كيس القمح وأربع آنات على كيس الشعير وأربعة آنات على قَلّة والقلة هي* عبوة مستديرة الشكل تصنع من ورق النخيل الخوص وتستخدم لتعبئة التمر وتزن* 38كيلو* غراماً* من* التمر وبيزتان على وقية السكر،* والبيزة*: هي* جزء من* 64* جزءاً* من الروبية وهي* ربع آنة،* »سحبت من الأسواق عام* 1957*«.
أما عن انشاء الجمارك* يقول عمر الدوسري*: لما تقلد الشيخ مبارك الصباح شؤون الحكم في* الكويت وتوسعت مقاصده وعظمت أغراضه وازدادت نفقاته في* معاركه وحروبه أسّس في* مايو* 1899م دائرة منظمة للجمارك أي* بعد توقيع الحماية البريطانية مع الكويت،* وفرض رسوماً* قدرها* 5٪* على جميع ما* يرد الى الكويت من الموانئ البحرية والبرية ثم أخذ هذا الرسم* يزداد على مر الأيام الى أن بلغ* 10٪* على بعض الأصناف التجارية*.
وتقول د.سعاد الصباح أنها أول ادارة كويتية وقد ظلت الادارة الوحيدة حتى عام* 1921م،* وأن موقع هذه الادارة كان* يقع أمام دروازة نايف في* سور الكويت القديم،* وكانت بوابة الجمرك من الداخل بقرب البوابة من ناحية المدينة،* وكان العمل في* الجمرك البحري* يبدأ من السادسة والنصف صباحاً* أو السابعة حتى الثانية عشرة ظهراً،* ثم من الساعة الثانية حتى* غروب الشمس*.
وذكر الباحث محمد عبد الهادي* جمال* أنها المرة الأولى التي* تفرض فيها الرسوم الجمركية على البضائع الواردة عن طريق البحر حيث كانت في* السابق عن طريق البر فقط،* وقد شملت الضرائب التي* فرضها الشيخ مبارك البضائع المستوردة من الموانئ التركية والتي* كانت في* بداية عهده معفاة تماماً* من الرسوم،* كما شملت البضائع الخارجة من الكويت سواء عن طريق البحر أو البر*.
وكانت ادارة الجمارك في* ذلك الوقت ادارة صغيرة في* بناء متواضع عبارة عن* »عشة*« صغيرة تقع على ساحل البحر بالقرب من الفرضة ميناء الكويت القديم،* يعمل بها شخص أو اثنان لتقييم البضائع وحساب الرسوم الجمركية عليها،* وكان أول مدير للجمرك البحري* هو* »أمان بن ربيعة الحبشي*« وهو من اتباع الشيخ مبارك الصباح،* وكانت مهمته جباية الضرائب الواردة عبر البحر،* حيث* يقوم باستيفاء الضرائب نقداً* أو عيناً* من البضائع المستوردة نفسها،* ليتسلمها الحاكم في* نفس اليوم والذي* يصرفها بالطريقة التي* يراها*.
وقد كان تحصيل الرسوم الجمركية بطريقة بدائية مبنية على الثقة،* حيث* يقوم مسؤول الجمرك البحري* ومعاونوه بحساب عدد الربطات أو العبوات التي* يتم انزالها من السفن الشراعية لحساب التاجر لاستيفاء الرسوم عليها،* حيث* يأخذ مسؤول الجمرك عشرة عبوات أو ربطات اذا كان عددها مئة ربطة أو عبوة ويسلمها للحاكم أو* يبيعها بالمزاد لحسابه أو تقدير قيمتها لاستلامها نقداً*.
ويذكر الباحث عمر من خلال اطلاعه على نبذة عن عبد اللطيف العبد الجليل في* أحدى الصحف أن من تولى ادارة الجمارك بعد أمان الحبشي* هو عبد المحسن العجيل ثم السيد عبد اللطيف عيسى ابراهيم العبد الجليل،* وفي* عهد ادارة هذا الرجل تطورت الادارة الجمركية وتنظمت بشكل كبير ولذلك أطلق عليه الشيخ مبارك لقب المدير وأصبح* يعرف بيته ببيت المدير،* واستمر العبد الجليل مديراً* لجمارك الكويت أو رسومات الكويت كما كان* يطلق عليها من خلال المراسلات التي* كانت تتم بين مدير الجمارك والجهات الأخرى سواء الحاكم أو المندوب البريطاني* في* الكويت أو* غيرهما،* استمر مديراً* لمدة* 23* عاماً* بدأها من عهد الشيخ مبارك مروراً* بعهد الشيخ جابر المبارك ثم الشيخ سالم المبارك حتى عهد الشيخ أحمد الجابر،* وقد قام* عبد اللطيف العبد الجليل أثناء ادارته للجمارك بزيارة الكثير من البلدان منها المملكة العربية السعودية والعراق والهند وغيرها لبحث التعاون الجمركي* بين الكويت وتلك الدول،* ويعتبر العبد الجليل أول مدير فعلي* للجمارك بعد تنظيمها*.
وقد كانت تتم بين مدير رسومات الجمارك في* الكويت وبين المندوب البريطاني* في* الكويت العديد من المراسلات التي* تدل على مدى التعاون بينهما في* سبيل تسهيل دخول وخروج البضائع من والى الكويت،* ومن هذه المراسلات كتاب وجهه الليفنت دي*.في*.مكلوم* Maklom الى عبد اللطيف العبد الجليل مدير جمارك الكويت في* 24* أكتوبر* 1918م* يستفسر فيه عن رسوم الأموال الخارجة،* وقدر رد علية مدير جـمارك الكـويت في* اليوم التالي* بكتاب فيه تـفصيل لكـل* صادرات الكويت من دهن وجلود وصوف وشحم وغنم وخيل وحمير وابل وسمك نسبة رسومها الجمركية هي* 4٪*.
ويذكر الباحث محمد عبدالهادي* جمال عددا ممن تولوا الادارة الجمركية وهم* يوسف جاسم اليعقوب ثم عبد الوهاب الجسار،* ومن موظفي* الجمرك البحري* الأوائل سعدون جاسم اليعقوب ويعقوب جاسم اليعقوب وأحمد الخرس وملا عواد وعبد الفتاح شوقي* الأيوبي* وشملان الحسـاوي* وابراهيم التويجري* وعابدين الصايغ* وفهد العتيقي* وماجد الشاهين،* أما بالنسبة للجمرك البري* فقد تأسس في* عهد الشيخ مبارك الصباح لجباية الرسوم على البضائع الداخلة الى الكويت والخارجة منها،* وقد عين الشيخ مبارك أحد عماله ويدعى ابن دهيمان ليكون مسؤولاً* عن تحصيل الرسوم الجمركية على البضائع الداخلة الى الكويت،* وكان ابن دهيمان* يتخذ* »الصنقر*« وهو بقايا بوابة سور الكويت الثاني* في* المدخل الجنوبي* للسوق الداخلي* قرب سوق الماء،* وهو عبارة عن بوابة كبيرة مسقوفة بسقف على شكل قوس وبها منصتان متقابلتان،* مقراً* له لمراقبة قوافل الجمال والحمير الخارجة من الكويت لدفع ما عليها من رسوم،* ويطلق على تلك الرسوم* »الودي*« وكان موظف الجمرك البري* يسلم صاحب البضاعة وصلاً* يطلق عليه* »بروة*« وهو وصل استلام وهي* عبارة عن قطعة صغيرة من الورق*.
ثم تسلم صالح العسكر مسؤولية* »الودي*« على البضائع الخارجة من الكويت بعد ابن دهيمان،* بأمر من الشيخ مبارك الصباح،* واستمر بالعمل فيه لفترة طويلة امتدت الى عام* 1938م،* عندما تم تعيين مرزوق الطحيح مكانه،* وقد ارتبط اسم المرحوم صالح العسكر بالودي* لفترة طويلة امتدت منذ عهد الشيخ مبارك الصباح والشيوخ الذين تعاقبوا من بعده الى عهد الشيخ أحمد الجابر،* حيث قضى فترة طويلة من عمره وهو* يستلم الودي* من أبناء البادية متخذاً* الصنقر مقراً* له،* وكان صالح العسكر* يجلس على الصنقر لمراقبة الجمال والحمير الخارجة من المدينة من خلال ذلك المنفذ،* وهي* تحمل على ظهورها مختلف أنواع البضائع الى البادية*.
وكان البدو الى ما قبل بناء السور الثالث* يدفعون الودي* لصالح العسكر بالصنقر ويتوجهون بعد ذلك الى البادية عبر الصفاة حيث كانت تتواجد هناك خيمة صغيرة* يتخذها موظف الجمرك مقراً* له لتسلم* »البروات*« وبعد توسع المدينة وبناء السور الثالث عام* 1920م أصبحت بوابة الشامية هي* المنفذ الرئيسي* لخروج البدو من المدينة،* فكانوا* يستلمون* »البروة*« من الصنقر ليقوموا بتسليمها لحارس البوابة عند* خروجهم منها لاثبات دفعهم للضريبة*.
وقد كان* يعاون العسكر في* عمله صالح الفضالة والذي* كان* يتواجد بالصفاة لمراقبة القوافل الداخلة الى الكويت لجباية الرسوم منها على البضائع الواردة،* وقد بني* لهذا الغرض مبنى صغير في* وسط الساحة حوالي* عام* 1914م لمراقبة القوافل الداخلة الى المدينة لتسلم الضريبة منها،* وكان عبارة عن مبنى من طابق واحد محاط* »بلواوين*« جمع* »ليوان*« وهو عبارة عن واجهه مفتوحة ذات سقف للمبنى من الخارج،* أطلق عليه الناس اسم المكتب،* وفي* عام* 1938م وعند تسلم المرحوم مرزوق الطحيح مسؤولية الجمرك البري* تم نقل الجمرك البري* بكامله الى مبنى الصفاة المكتب بعد ازالة الصنقر،* وقد أزيل مبنى الجمرك البري* في* الصفاة أيضاً* في* فترة لاحقة بعد أن شيد مبنى آخر بالقرب من بوابة الشامية لهذا الغرض*.
وقد عمل مرزوق الطحيح عندما كان مديرا للجمرك البري* على تطوير الجمارك البرية وقد واجه في* أثناء عمله العديد من الصعاب والتي* منها عدم فهم المواطنين لبعض اللوائح والنظم الادارية الجديدة وهذا ما* يعرقل العمل في* بعض الأحيان،* مع أن الكويتيين* يمتازون بالطاعة للأوامر والخضوع للقوانين التي* تصدرها الادارات المختلفة في* الكويت،* واقترح في* سبيل تحقيق التعاون بين الأهالي* والادارات في* العمل أن توضع في* كل دائرة لوحة مصدرة بالبيانات الاضافية عن سير العمل وكيفيته وأوقاته وأنظمته مع تسجيل ما* يستجد من نظم جديدة للأعمال لكي* يدرك الأهالي* تلك الأنظمة وبالتالي* لا* يحدث أي* تأخير*.
* ومن الموظفين الأوائل الذي* عملوا بالجمرك البري* عيد بن شيتان وأحمد الماجد ومزيد الرجعان وعبد الوهاب السيد وأحمد البرجس وعبد العزيز المطوع وسعود الصلال ومحمد الحميضي*.
ومن خلال ما قدمه الباحث عمر الدوسري* والذي* أطلعنا على انشاء وتطور الجمارك الكويتية،* نجد أن الجمارك الكويتية تأخذ عادة على البضاعة الداخلة الى البلاد،* وقد حرص حكام الكويت منذ عهد الشيخ عبد الله بن صباح بن جابر حتى قيام عهد أخر حاكم في* الامارة وهو الشيخ أحمد الجابر أن* يراعوا مسألة دفع الجمرك*.
* وهنا لابد أن نتوقف عند حاكم كانت كلاماته تدلنا على حرصه على أبناء الوطن حيث* يقول سيف مرزوق الشملان*: كان جابر كريماً* حتى لقب بجابر العيش لكثرة ما* يتصدق به على الفقراء والمساكين،* والعيش* يطلق على الأرز،* وكان الى جانب كرمه عاقلاً* حليماً* حازماً* محباً* لأهل بلده ساعياً* الى راحتهم،* ومن ذلك أن ابنه صباح وضع ضريبة على الدكاكين باغراء من بعض أصحابه وبدون علم أبيه،* ولم* يستطع رجل فقير أن* يدفع شيئاً* من حانوته،* فلم* يقبل صباح عذره فاضطر الرجل الى انهاء الأمر الى أبيه وفي* مجلسه العام وبين الناس شرح له شاكيته وما هو فيه من ضائقة وطلب اعفائه من هذه الضريبة وعندئذ دهش جابر مما سمع والتفت الى جلسائه* يستفهم منهم الحادث فأخبروه بأن صباح وضع هذه الضريبة فأرسل الى ابنه صباح وأغلظ عليه في* القول بعمله المشين وقال له*: ان لأهل الكويت عليناً* حقوقاً* عظيمة ولو كانت تحت* يدي* ثروة طائلة لقمت بحاجات الفقراء والمحتاجين منهم الى أن* يموتوا*.
|