يوسف دوخي ..عاشق التراث ومؤسس الموسيقى الحديثة
أول من سجل أغنية الطنبورة المطوّرة في الكويت
يوسف دوخي... عاشق التراث ومؤسس الموسيقى الحديثة
صالح الغريب
ولد المطرب القدير الراحل د. يوسف فرحان دوخي في مدينة الكويت بتاريخ 13/11/193. كان (رحمه الله) فناناً متمكناً من أدواته، يملك معلومات تاريخية كثيرة، خصوصاً تلك التي تتعلق بالثقافة والفلكلور. ورث الفن عن عائلته، فقد كان شقيقه الأكبر المرحوم عبداللطيف دوخي عازف عود، منذ أيام الغوص وتجارة السفن، وشقيقه الراحل عوض دوخي مطرباً كبيراً ومن رواد الأغنية الكويتية المعاصرة.
عمل د. دوخي في عدة مهن بسيطة لتأمين عيشه، فكان بحاراً في رحلة الغوص والبحر، إلا أن النقلة النوعية في حياته جاءت حين سافر إلى مصر عام 1964 للدراسة، حيث امضى حوالي 20 عاماً في الدرس والتدريس وجمع الكتب والمخطوطات القديمة.
كان د. دوخي مغرماً بالقراءة منذ صغره، ويهوى شراء كتب التاريخ والتراث، فاقتنى مؤلفات الراحل جورجي زيدان عام 1943 وهو لم يتجاوز الـ16 من عمره. ومن الكتب التي واظب على قراءتها «التمدن الإسلامي» و»تاريخ الإسلام» و»ألف ليلية وليلة» و»كليلية ودمنة». رافقته هواية القراءة إلى القاهرة، فبحث عن الكتب والمخطوطات القديمة في أسواق القاهرة وسراديبها، وجمع مكتبة ضخمة تقدر بعشرين ألف كتاب، بالإضافة إلى ما يقارب ألف مخطوطة، وهذه المكتبة لا تزال في المعهد العالي للفنون الموسيقية.
حصل د. دوخي في بداية دراسته الجامعية على دبلوم المعهد العالي للموسيقى العربية عام 1967م بتقدير ممتاز، ثم في 16 يناير 1975 حصل على رسالة الماجستير في موضوع «الاغاني الكويتية» ومن ثم قدم رسالة الدكتوراه في التربية الموسيقية تخصص موسيقى عربية بتاريخ 23/4/1981 وكان موضوع الرسالة «كتاب الاغاني للاصفهاني نقلاً وتحليلاً» من كلية التربية الموسيقية في جامعة حلوان في جمهورية مصر العربية. وبعد حصوله على الدكتوراه وعودته إلى ارض الوطن عيّن عميدا للمعهد العالي للفنون الموسيقية، وأخذ يشارك في مجالات الانتاج العلمي في النشر وتحقيق المخطوطات واعداد البرامج الاذاعية والتلفزيونية والسينما والدراسات التحليلية والندوات والقاء المحاضرات والحوارات الاعلامية والثقافية والفنية.
سعيد البنا
أول لحن غناه يوسف دوخي بعنوان «من زمان قلبي خالي» وهو للفنان المصري سعيد البنا. وكان اللحن شرقي والكلمات كتبها طلعت خالد باللهجة المصرية، ومنها:
لما صدفة مر طيف الحب بيه وابتديت اسمع كلام ينقال عليه
حتى أحبابي لاموني وحيروني والأمل أصبح خيال قدام عنيه
كذلك غنى د. دوخي للملحن والمؤلف نفسه أغنية «بيحروني» وكان اللحن والكلمات باللهجة المصرية. غنى بعدها مجموعة من الأعمال الغنائية من ألحانه ومنها سامرية «ياعديل الروح» من كلمات بدر الجاسر، يقول فيها:
يا عديل الروح يانور العيون
ليش يالغالي علينا ما تبين
انت حالف ياحبيبي ماتخون
وين وعدك وين عهدك واليمين
بدر الجاسر
غني يوسف دوخي من كلمات بدر الجاسر أغنية «يا زين ما تنفع الآهات» التي سجلها في إذاعة «الكويت» بين عامي 1965 و1966 وهي من نوع السامري الحديث. يقول مطلعها:
يازين ما تنفع الآهات بعتك ولو كنت شاريني
هيهات أرجع بعد هيات نسيت يوم انت جافيني
وغنى من كلمات الجاسر أغنية «آه يا جاسي» التي لا تزال تذاع في الإذاعة والتلفزيون، وهي من إخراج بدر بورسلي.
ومن الأعمال الغنائية الجميلة التي غناها د. دوخي من ألحانه أغنية بعنوان «قبل ما اشوفك» من كلمات سلطان عبدالله السلطان. يقول فيها:
قبل ما اشوفك... قبل ما احبك
كنت أنا خالي من الاسرار
من اليوم اللي فيه عرفتك
صرت انا افكر ليل ونهار
قبل ما اشوفك.. قبل ما احبك
كنت انا خالي من الاسرار
يذكر أن أول لحن قدمه الفنان الراحل لأخيه عوض دوخي هو «يا من هواه» وشكذل بداية تعامله مع ميكرفون الاذاعة الكويتية عام 1958. يقول مطلعها:
يا من هواه أعزه وأذلني كيف السبيل الى وصالك دلني
انت الذي حلّفتني وحلفت لي وحلفت انك لا تخون، فخنتني
التلحين لفنانين آخرين
قدم يوسف دوخي ألحاناً ناجحة لفنانين آخرين، ومن الأعمال الغنائية المتميزة التي لحنها أغنية بعنوان «ياشوق» غنتها المطربة ليلى عبدالعزيز، وعام 1975 طلب منه إعادة تلحين الاغنية وغناها المطرب الإماراتي الراحل جابر جاسم ثم اختارتها الفنانة المغربية عزيزة جلال وغنتها بتكليف من وزارة الاعلام والثقافة في الامارات.
ومن ألحانه أغنية بعنوان «ولهان يا محرق» من كلمات الشاعر الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة وغناء المطرب البحريني الكبير ابراهيم حبيب. وفي الكويت غنى له الفنان القدير عبدالمحسن المهنا أغنية «خلي جفاني» من كلمات جاسم شهاب ويقول مطلعها:
خلي جفاني وراح...
خلي جفاني
كيف الصبر يا ناس...
خلي جفاني
ومن الحان الفنان يوسف دوخي غنى المطرب عبدالمحسن المهنا أغنية «مين علمك» من كلمات ابن الجزيرة وأغنية «يا بوشعر فله» كلمات سليمان الهويدي وأغنية «ويلاه يا أهل الهوى» كلمات عبدالمحسن الرفاعي... ومن الحانة سجلت المجموعة الكويتية عام 1960 أغنية عرضه بعنوان «يوم الفرح» من كلمات المرحوم الشاعر محمد التنيب يقول فيها:
تسلم لنا دارنا
دار العرب والأبطال
تسلم لنا دارنا
نفدي لها أعمارنا
أرض تربي الرجال
نفدي لها اعمارنا
أغنيات المناسبات
كتب يوسف دوخي ولحن لمناسبات وطنية واجتماعية كثيرة، فقدم للأم أكثر من أغنية، منها عمل غنائي بعنوان «تسلمي وتعيشي» كلمات سلطان عبدالله السلطان وغناء المطرب يحيى أحمد يقول فيها:
تسلمي وتعيشي يا أمي تسلميلي بالحنان تزيلي همي وتراعيني
طول حياتي ما أنسى فضلك تسلمي وتعيشي يا أمي
وفي مناسبة عيد الاسرة كذلك لحن أغنية بعنوان «أجمل الأيام عندي»
وهي من كلمات الراحل بدر الجاسر واداء الفنان عثمان السيد، تقول كلماتها:
أجمل الأيام عندي
فيه أفراحي وسعدي
عيد ميلاد الحبيبة
أجمل الأعياد عندي
كذلك من كلمات يوسف دوخي غنى أخوه عوض دوخي أغنية وطنية بعنوان «يوم الفرح». يقول فيها:
يوم الفرح... يوم الهنا... أحلى أيامنا
يوم التهاني يا أميرنا نمت أفراحنا
نفرح في يوم العيد... والذكري والتمجيد
كذلك لحن د. دوخي ثلاثة أغنيات وطنية خاصة لتلفزيون «الكويت» بمناسبة انعقاد مؤتمر قمة مجلس التعاون الخليجي في الكويت عام 1984 كتب كلماتها الشاعر بدر بورسلي وكان من المتوقع ان تغنيها مجموعة من اطفال المدارس، لكنها لم تسجل. ومن كلمات الاغانيات الثلاثة:
بسواعدنا بسواعدنا
شوف اهل الخليج
سواعدنا سواعدنا
درب واحد بالطريج
ما تشوف حبات العرق
اصلها لولو من الخليج
بتاريخ 26 ابريل 1985 لحن يوسف دوخي النشيد الخاص بالكلية العسكرية من كلمات علي الباز، ثم صور تلفزيونيا من اخراج هاشم محمد وانشد للمرة الأولى من طلبة الكلية العسكرية في حفلة التخرج بتاريخ 13/5/1985، من كلمات النشيد:
انت تجري في دمي
مجرى الدم
انت اغلى احرف
يهوى فمي
قصة الطنبورة
كان في الكويت قديماً فرقة تسمى «الطنبورة». كانت تقدم عروضها في «الميدان» بمنطقة الشرق عند «دروازة عبدالرزاق» وكان المرحوم يوسف دوخي يذهب ومعه أخوه عوض لمشاهدة عروض هذه الفرق كل ليلة جمعة.
ومعروف أن رقصة الطنبورة تعتمد على «الراقص» الذي يضع في وسطه مجموعة كبيرة من «أظفار» الأغنام المتشابكة مع بعضها بعضاً في حبل يلتف حول وسطه، ويستند الراقص على عصا طويلة، يحرك خصره يميناً وشمالاً فيحدث صوتاً منسجماً متوازناً مع الايقاع. وقد تأثر يوسف بهذه الألحان «الطنبورة» وقدم منها أغنية طنبورة متطورة ثم قدم بعدها مجموعة من الأغنيات المعتمدة على الفرقة الموسيقية غناها اخوه عوض دوخي والمطرب عبدالمحسن المهنا.
من أقواله
• «انا تراثي، درست وتشربت وعايشت التراث في كويت الأربعينات والخمسينات».
• «والله فيه عندنا اصوات حلوة، أصوات جميلة جداً، لدينا صوت شادي الخليج».
• «لقد قدمت كل شيء للسوق الغنائي في الكويت، قدمت الطنبورة الموجودة حتى الان، قدمت الاغنية العاطفية والوطنية مع عوض ومع غيره. كتبت ولحنت وغنيت وأعتقد ان ذلك يكفي».
• «الايقاع هو الذي يحدد مسار الأغنية ويبرز مزايا ها».
• «أتمنى أن يصل صوت الأغنية الكويتية الجادة والملتزمة إلى جميع البقاع والاماكن لتعبر عن الكويت انسانا ًوارضاً وتاريخاً».
• «على المحلن تجسيد الكلمات لحنيا واختيار صوت مناسب يقدم كل ما لديه من طاقه».
• «لعل المتتبع للحركة الفنية يجد ان تراثنا الشعبي الاصيل يؤدي دوراً كبيراً، ويعتبر منهلاً خصبا جمعه المتتبعون من خلال دراستهم وتجاربهم الفنية».
• «عامود الأغنية اينما كانت هو الكلمة، فمتى ما كانت الكلمة قوية وجميلة كان اللحن بالقوة نفسها والتفاعل مع الكلمة، ولا بد ان يكون هناك متذوق للكلمة الجميلة».
• «التوزيع بمعناه الحقيقي مفقود في الاغنية العربية، وان كانت ثمة محاولات، لكنها لا تصل الى النور».
• «المسرح الغنائي العربي في حاجة إلى الامكانات الصوتية والتكنولوجيا الحديثة في الإضاءة والنص القادر على خلق عمل غنائي والملحن القادر على تقديم النص بصورة متكاملة».
(جريدة الجريدة)
__________________
ومنطقي العذب للألباب مستلبٌ *** ومبسمي نضَّ فيه الدر والنضرُ لازم منادمتي وافهـم مناظرتي *** واسمع مكالمتي يفشو لك الخبرُ
التعديل الأخير تم بواسطة الأديب ; 09-02-2009 الساعة 04:22 PM.
|