الوفرة حديثا والوفراء قديما : إعداد: فرحان عبدالله الفرحان
عام 06/10/2006 12:00:00 ص - كونا
كتبت قبل عشر سنوات ونشرت في كتابي ملخصا عن الوفراء، معجم المواضع والمواقع والأمكنة في صفحة (297 ـ 299) قلت فيه: الوفرة ـ الوفرة في الحديث والوفرة في القديم منطقة محاذية للحدود السعودية من ناحية الجنوب وهي عبارة عن آبار مياهها قريبة من العذوبة تبعد عن الكويت 80 كيلومترا تقريبا.
وكما أستخرج الماء من جوفها في القديم والحديث فقد استخرج من جوفها الآن النفط الذي تديره العمليات المشتركة بين الكويت والسعودية.
والوفرة اليوم بها مجموعة من المزارع المنتجة وأصبحت منطقة سكنية وربما سميت الوفرة لوفرة مائها وقد تحدث عنها الشعراء الأقدمون.
بعد ان قدمت ما كتبته ملخصا عن الوفراء يمكن القول ان أقدم نص وصلنا عن هذه الوفراء ما ذكر في شعر الأعشى أحد رجال وشعراء المعلقات الذي يعتبر من أبناء المنطقة يقول في قصيدة طويلة اخترنا التالي: ألا قل لتيا قبل مرتها اسلمى تحية مشتاق اليها متيم على قيلها يوم التقينا ومن يكن على منطق الواشين يصرم ويصرم أجدك لم تأخذ ليالي نلتقي شفاءك من حول جديد مجرم تسر وتعطى كل شيء سألته ومن يكثر التساؤل لابد يحرم فما لك عندي نائل غير ما مضى رضيت به فاصبر لذلك أو ذم فلا بأس اني قد اجوز حاجتي بمستحصد باق من الرأي مبرم وكور علافي وقطع ونمرق ووجناء مرقال الهواجر عيهم كأن على انسائها عذق حصلة تدلى من الكافور غير مكمم عرندسة لا ينفض السير غرضها كأحقب بالوفراء جأب مكدم رعى الروض والوسمي حتى كأنما يرى بيبيس الدو امرار علقم ثم جاء الحسن بن عبدالله الاصفهاني بعد الاعشى بثلاثة قرون وقد سجل في كتابه بلاد العرب الذي حققه وأخرجه المرحوم الشيخ حمد الجاسر والدكتور صالح العلي.
يقول في صفحة 350 وهو يتحدث عن القبائل التي سكنت الجزيرة العربية ومن بينها كاظمة أرض الكويت فيقول (الربيعية) لبني ربيع بن الحارث وهم مختلطون بالصعاب، والصعاب أسفل من الدو والسيدان وهم وبنو الحرماز بن مالك في مياه كثيرة منها مسلحة والوفراء وكاظمة.
جاء بعدها البكري عبدالله بن عبدالعزيز البكري الاندلسي الذي توفي سنة 487 وهو يذكر في معجمه عن الوفراء بالجزء الرابع صفحة .1381 الوفراء: يفتح اوله على لفظ تأنيث أوفر معروفه قال الأعشى: عرندسة لا ينفض السير غرضها كأحقب بالوفراء جأب مكدم جاء بعدها المرحوم الشيخ حمد الجاسر في كتاب المعجم الجغرافي للمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، وهو يتحدث عن الوفراء في الجزء الرابع، صفحة ،1817 وصفحة ،1818 على انها مياه فرع من فروع قبيلة بني تميم هم بنو سعد بن زيد مناة بن تميم.
والمعروف ان الفرعين الرئيسيين من تميم عندما توجهوا واندفعوا الى شرق الجزيرة العربية، فقد توجه بنو عمرو الى حفر الباطن حتى الرقعي والسالمي اليوم، اما فرع بني سعد فقد توجهوا الى جهة الوفرة اليوم، وفي اشهر فروع بني سعد الحرماز الذين تحكموا في مياه الوفرة والفوارس والرحبة الجنوبية.
الوفرة كانت مجالا للصراع بين القبائل، لا بل بين ابناء العم من القبيلة الواحدة.
ولنا ان نسأل عن سبب التسمية بالوفرة: هل لكثرة المياه التي تختزن في جوفها؟ وربما يكون هذه التعليل هو الاقرب الى الصواب والسبب انه حينما وصلت القبائل العربية مع تدفقها من وسط الجزيرة العربية فوجدت هذا الماء الوفير، ربما اطلقت عليه هذه التسمية من (الوفر) بتسكين الفاء وفتح الواو.
ومن الروايات ان هذه الارض لم يكن فيها الماء فحسب، بل في العصر الحديث يوجد في باطنها الزيت او النفط، او كما يقولون الذهب الاسود الذي قلب هذه الارض من ارض فقط كمنهل مورد للحصول على الماء وللرعي والسقي والشرب الى ان اضحت كمنطقة صناعية زراعية، بل اصبحت واحدة من واحات الكويت، ولما كانت موردا للماء، ثم النفط اليوم اصبحت ارضا منتجة لجميع انواع الزراعة، ومن الحيوانات اللحمية والطيور، هذه الارض التي تقع في المنطقة الجنوبية من ارض الكويت، محاذية للحدود السعودية الجنوبية، وفيها اليوم منفذ ومركز جوازات النويصيب المطل على منطقة الخفجي السعودية.
هذه الوفرة التي فيها مناطق كثيرة تاريخية، منها: المسلحة والصعاب والدو والرجية الجنوبية، وتياس التي تعرف اليوم بالليتاس هذه الارض التي ضمت رفات الصحابي الجليل العلاء بن عبدالله الحضري في اثناء انتقاله من الاحساء الى الكوفة مارا بالكويت والوفرة، حيث توفي في ارضها.
وقال الاعشى في قصيدة طويلة ملامح عن الوفرة والحروب التي دارت فيها، وهنا اذكر بعض ما ذكر واترك الباقي الى حديث آخر، يقول الاعشى:
وتركب مني ان بلوت نكيثتي.
على نشز قد شاب ليس بتوأم فما حسبي ان قسته بمقصر.
ولا انا ان جد الهجاء بمفحم وما زال اهداء الهواجر بيننا.
وترقيق اقوم لحين ومأثم وامر السفى حتى التقينا غدية.
كلانا يحامي عن ذمار ويحتمي تركنا وخلى ذو الهوادة بيننا.
بأثقب نيران العداوة ترتمي حباني اخي الجني، نفسي فداؤه.
بأفيح جياش العشيات خضرم فقال: ألا فانزل على المجد سابقا.
لك الخير قلد اذ سبقت، وانعم وولى عمير، وهو كاب، كأنما يطلى بحص او يغشى بعظلم ونحن غداة العين يوم فطيمة منعنا بني شيبان شرب محلم جبهناهم بالطعن، حتى توجهوا وهزوا صدور السمهري المقوم وايام حجر، اذ يحرق نخله.
فأرناكم يوما بتحريق ارقم كأن نخيل الشط غب حريقه مآتم سود سلبت عند مآتم واخيرا، فهذه الحلقة الاولى عن الوفرة التي تعتبر منطقة، بل مقاطعة مهمة من ارض الكويت.
انتهى
|