أول أمير للكويت

[عامر العماري]

أول أمير للكويت

بدأت الكويت كغيرها من المدن والقرى بأفراد أو بجماعات قليلة جاءوا إليها مكرهين لا مختارين من شتى أنحاء الجزيرة العربية، نتيجة لظروف سيئة أحاطت بهم واستحكمت عقدها بينهم وبين بني عشيرتهم، وعز عليهم البقاء بينهم . وكان أن غادر وهم إلى حيث تتوفر لهم حياة العزة والكرامة والاستقرار، فكانت الكويت نهاية المطاف ومحط الرحال. وشكلوا من هذه المجموعات الصغيرة المتنافرة المتباينة الطباع والأساليب مواطنين يشعرون بشعور واحد تجمعهم كلمة واحدة هي الوطن، وكانوا مع تباين نزعاتهم الطائفية ونعراتهم القبلية متفقين على قبول كل ما تمليه عليهم حياتهم المتحضرة الحديدة، هذه الحياة التي سرعان ما تذوب فيها حياة البداوة الجافة وتضمحل.

فهم كلما تكاثر عددهم وتقادم عهدهم، ازداد التفاعل الاجتماعي والاقتصادي بينهم، وأحسوا بتقارب وتآلف لا عهد لهم به. فلا بد إذا وهم في هذا الوضع الجديد من أن تسود بينهم الطمأنينة في ظل حكومة تحفظ لهم الكرامة وتصون لهم الحقوق وتمنع ما يقع بينهم من تعديات وما يقع عليهم من عدوان. فاختاروا من بينهم أعظمهم حمية وأقواهم شكيمة وأرعاهم للحقوق والجوار، فيم يكن هناك سوى : الأمير صباح بن جابر العتبي، أول أمير لهذه البلدة، فأقسموا له اليمين على الطاعة والولاء وبادلهم القسم على أن يكون عند حسن ظنهم. وما كان ليقع عليه اختيارهم لولا ما رأوا فيه من الصفات التي ينبغي للحاكم أن يتصف بها.

فرأى الأمير الجديد أن يدعم سلطته ويعزز مركزه ويجعل له هيبة في نفوس المواطنين وغيرهم، فاختار لمجلسة أقرب الناس إلى الحق وأقواهم فيه، واختار لنفسه ما يحتاج له من الرجال الأقوياء وحملة السلاح لينفذ بهم الأحكام ويضرب بهم العصاة والخصوم.

ولكن من الصعب على هذا الجهاز الحكومي الصغير أن يأخذ سيرة الطبيعي وتسير فيه الأحكام ويركن الناس إليها ما لم تأخذ الشريعة الإسلامية دورها الكامل في حمل أعبائه ليكون هذا الجهاز سليما في اتجاه، بعيدا عن الأغراض الشخصية. وكان أن وقع الاختيار على أول قاض للكويت.( الحاتم، 1962 )

عامر العماري