13-05-2009, 03:25 PM
|
|
مشرف
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,662
|
|
رحلة إلى عروس الخليج - يعقوب الغنيم
هكذا سَمَّى الكتاب الذي بين يدينا الآن بلادنا الكويت، لقد رآها في سنة 1951م عروسا وهي لا تزال عروسا لم تصل إلى سًنًّ الكبر على الرغم من مرور السنين، وعلى الرغم من بحار المشكلات التي خاضتها، وما عانته من جحود بعض أبنائها أو من يرون أنهم من أبنائها ولكن واقع حالهم لا يدل على التزامهم بمحبة أمهم والرضا بحنانها وعطفها، ولا بمحبة إخوانهم في المواطنة أو تكاتفهم معهم.
هذا الكتاب يتحدث عن الفترة التي ظهرت فيها كتب عديدة عن الكويت منذ بداية الخمسينيات، وهو يتحدث عن رحلة مدرسية فيقول المؤلف:
(ذهبت إلى الكويت على رأس وفد من أساتذة معهد الفنون الجميلة وطلبته في عطلة ربيع سنة 1951م). وقد دون المؤلف وهو الأستاذ عزيز سامي كل ما رآه وسمعه في البلاد على هيئة مقالات نشرها في محًلاَّت متعددة ثم قام بالتوسع في ذلك بإضافة بعض الذكريات، وطبعها في الكتاب المشار إليه. وقد أشار إلى أنه يتحتم على الكتاب العرب أن يقوموا بدور واضح في التعريف بالبلدان العربية لما في ذلك من إشاعة روح التقارب بين أبنائها وإبعاد روح الفرقة عنها، ثم يضيف في نهاية استهلاله للكتاب قائلا:
(والكويت عوضها الله عن جدب أرضها بجمال أخاذ يغشاه الإبهام، وتهتز له المشاعر.. ولم تعرف نفسي مثل هذا الفتون الذي افتتنتني به الكويت وأهلها، فهو في تجدد ونمو كلما استعدت ذكريات الأيام الثلاثة التي قضيتها فيها... أدعوك أيها القارئ إلى السفر في زورق فوق بحر الكويت في صباح يوم من شهر مارس (آذار) والنسيم يهب من تلقاء فيلكا...) ثم يقول: (تباركت يا ديرة الأمجاد، وزادك الله بهاء وسؤددا).
كانت البعثات الطلابية العراقية في ذلك الوقت تتقاطر على الكويت، وكان المسؤولون يهتمون بهم ويقدمون لهم واجب الضيافة وأسباب الراحة، وقد كتبت مجلة (البعثة) في عددها الصادر في اليوم الأول من شهر أبريل لسنة 1951م مقالا مزودا بصورتين كان عنوانه: (الرحلات العراقية إلى الكويت). لقد كانت الأعداد القادمة تلفت النظر لكثرتها وكانت الكليات والمدارس هناك يقلد بعضها بعضا فتزداد الوفود. وفي إحدى الصورتين المنشورتين مع المقال تصوير لمأدبة فاخرة أقامها الشيخ عبدالله الجابر الصباح على شرف أحد هذه الوفود وهي ذات دلالة على الحفاوة بهم.
لقد تطور الأمر بعد ذلك إذ صار كل ناظر مدرسة يخطر على باله تمضية عطلة جميلة ومجانية ما عليه إلا أن يصحب بضعة طلاب مع عدد يسير من المعلمين فيلقي بنفسه على الحدود الكويتية لكي تقوم دائرة معارف الكويت أو وزارة التربية فيما بعد باستضافته هو وصحبه، دفعا للحرج. واستمرت هذه الحال في تزايد ممجوج إلى أن حزمت وزارة التربية أمرها وامتنعت عن استقبال أي وفد لا يأتي بموجب اتفاق مسبق، ودعوة رسمية، كان هذا في سنة 1965م. وطيلة الفترة السابقة لها لم تتوقف الوفود عن المجيء إلى الكويت إلا في فترة إدعاءات عبدالكريم قاسم لأن الحدود بين البلدين كانت مقفلة.
***
قبل الاستهلال الذي أشرنا إليه، ذكر مساحة الكويت وعدد سكانها العام، وعدد سكان العاصمة، ولكنه أخطأ في الثلاثة. وعلى كل فإنه استأنف حديثه عن الرحلة منذ وصولهم إلى مدينة البصرة التي وصفها وصفا شاملا، وذكر سياحتهم في زورق من الزوارق المعدة للنزهة في نهر شط العرب، وكانت الرحلة النهرية موضع سعادة المشاركين في الرحلة بحيث اندفعوا إلى الغناء ليعبروا به عن سرورهم.
ثم مضوا في رحلتهم مارين ببلدة الزبير التي تحدث عنها حديثا غير لائق فهي بلد عربي صميم وأهله في الأساس من أبناء جزيرة العرب ولكل قوم عادات وتقاليد لا يحط منها أن هذا المؤلف لا ينسجم معها، وعبروا هذه المنطقة في اتجاه الكويت وفي الطريق رأوا جبل سنام الذي وصفه الكتاب وصفا شاملا وتحدث عن سبب تسميته بهذا الاسم.
ها هو الآن قد وصل مع صحبه إلى الكويت، وتحت عنوان (في حفافي الصحراء) يتحدث عن دخوله إلى حدود البلاد واصفا المنطقة القريبة من الحدود مبينا ما فيها من مرتفعات ومنخفضات، ومدى تأثرها بأمطار الشتاء من حيث وجود الأعشاب البرية التي تزدهر في أيام الربيع مطلقا لقلمه العنان في استعمال كلمات غريبة يضطر في بعض الأحيان إلى وضع معانيها في هامش الكتاب. وفي الروضتين التقى وفد عزيز سامي مع وفد آخر، وقد جاء هذا الأخير إلى هذه المنطقة من أجل النزهة، وهو مكون من مجموعة من الكويتيين وضيوف لهم من العراق. يقول المؤلف ان (الكشاتة) فرحوا بهم ورحبوا وأصروا على استضافتهم فجلسوا فترة على أعشاب الروضتين الربيعية وأكلوا وغنوا بعض الأغاني التي يعرفونها كل ذلك في نصف ساعة فقط كما قال عزيز.
استطرد في حديث طويل عن الصحراء وطبيعتها، وعن الجمال ورعاتها، وأسلوب حياتهم في تلك الأمكنة التي مروا بها إلى أن وصلوا إلى مكتب الجوازات الكويتي الذي كان آنذاك في منطقة (الزقلة) بالقرب من المطلاع. وقد ذكر أن آمر هذا الموقع وهو أحمد سعود المقهوي رحب بهم وكلف أحد معاونيه بانجاز معاملة دخولهم بل واطلعهم على المباني التي يتكون منها المخفر، وقد أورد المؤلف ذكرها بالتفصيل دون أن يترك شيئا بما في ذلك وصف الموقع العام.
في الطريق الممتد من الجهراء إلى الكويت (العاصمة) وصف المكان وصفا لا نستطيع أن نقول عنه إنه كان دقيقا فقد اختلط عليه موقع كاظمة بموقع الوطية والجسرة وأخذ يتحدث عن معركة ذات السلاسل، وعن الصخور السوداء التي ظنها في كاظمة وهي بالقرب من العاصمة وقد استطرد كثيرا في الحديث عن الحرب ومخلفاتها حديثا مملا لا موقع له هنا وهو محشو بالألفاظ التي كان يتعب نفسه بالبحث عنها حتى يضمنها ما يكتب.
وبعد سير في طريق رملي ظهرت لهم ملامح العاصمة من بعيد، وقد تحدث عنها المؤلف حديثا لا بد لنا وأن ننقله للقارئ كما كتبه لأنه وصف شيق لعاصمة بلادنا آنذاك إذ يقول: (ومنظر الكويت منظر خلاب)، وسوف ندرج ما قاله فيما بعد.
وقبل أن يصلوا إلى بوابة سور الكويت التي سوف يدخلون منها إلى العاصمة استقبلهم رجل من رجال الكويت المعروفين بإخلاصهم وتفانيهم في خدمة وطنهم وهو السيد رجب بن عبدالله الرفاعي، وكان يشغل منصب مدير مالية المعارف. وخروج هذه الشخصية المهمة إلى لقاء هذه المجموعة التي جاءت دون ترتيب مسبق دليل على طيبة أهل الكويت وحسن استقبالهم لمن يفد إليهم.
وصلوا إلى السور ودخلوا من إحدى بواباته، وهنا نراه يقول: (ومنظر الكويت منظر خلاب يسري منه إلى النفس هدوء ودعة، هو كبحيرة بين تلال بعيدة ترتمي أمواجها عند رمال الشاطئ في تكسر متتابع كأني بها جارية تسعى إلى لثم أقدام سيدتها. ولو أصغيت إلى اختلاط هدير الأمواج باصطكاك الحصا عند زحولها عن الشاطئ بقوة المد لخيل اليك انك تسمع ترانيم تنبعث من معبد فيما وراء هذا العالم. وهذا النشيد المسكر يضفي على وضوح الشاطئ الأجرد غلالة من الإبهام هي ينبوع جماله، تكسوه روعة الغموض وفتنة المجهول.
أدار السائق مقود السيارة نحو الكويت ومضى يطوي الأرض الرملية بموازاة الساحل والنسيم العذب يصافح وجوهنا التي جفت بشراتها من لهف الصحراء ورفعنا انوفنا نعب تلك النفحات الدافئة التي كانت تتهدهد الينا من صوب البحر. وللبحر عند الكويت من الجلال ما يجدر معه أن يشهد على ضفافه ميناء من أجمل مين العالم (يقصد المواني) هناك على ضفاف البحر الشرقي وفي الكويت عروس الخليج سوف تشرق على العالم خلال السنوات العشر القادمة مدينة يبهر سنا جمالها الخافقين).
وقد لاحظت هامشا في ص22 يتحدث فيه عن بوابات السور: (روى السيد رجب أن للسور في الناحية التي دخلنا منها ثلاثة أبواب، ولكننا رأينا بابين) وهذا الأسلوب لا يدل على الاحترام لقول الآخرين، إذ ليس بالضرورة أن يروا كل الأبواب، وقد كان السيد كعادته صادقا.
ولكن المؤلف ـ كعادة جماعته ـ يختلق الأخطاء ثم يصدق وقوعها وإن لم تقع.
انتهى بهم المطاف إلى (الفندق العصري) وهو أهم فندق كويتي في تلك الأيام، وناموا تلك الليلة استعدادا للاطلاع على أحوال البلاد وأسواقها التي كانت من أهم أسباب الزيارة. ولذا فإن أول ما كتبه المؤلف بعد هذا هو حديث عن المتاجر وما فيها من بضائع الشرق والغرب.
في فصل عقده تحت عنوان (صبيحة اللقاء) تحدث في البداية حديثا تاريخيا يشوبه الكثير من التخليط وللتدليل على ذلك أشير إلى قوله: (استرعت الكويت الأنظار، وصارت مطمحة الآمال، لوقوعها في نهاية الخط الحديدي المعروف باسم سكة حديد بغداد ـ برلين. والحرب العالمية الأولى وضعت حدا لمشروع هذه السكة التي كانت من أهم أسباب إندلاع نيرانها).
والواقع أن الذي وضع حدا لوصول السكة الحديدية إلى الكويت هو الشيخ مبارك الصباح، وذلك منذ عرضت عليه الفكرة في سنة 1900م، والحرب العالمية الأولى قامت بعد ذلك في الفترة ما بين سنتي 1914م و1918م وأسبابها معروفة ليس منها موضوع إيصال السكة الحديد الذي قبره الشيخ مبارك قبل قيام الحرب.
(أنظر كتابنا: ملامح من تاريخ الكويت ص55 وما تلاها، وكذلك كتابنا: كاظمة في الأدب والتاريخ ص119).
وهذا نموذج فقط للأخطاء التاريخية التي تسود الكتاب، لأن الكاتب غير باحث في تاريخ الكويت وغير مطلع عليه، ولأنه كان يستعجل صدور كتابه بحيث لم يتمكن من العودة إلى المراجع المهمة، ولم يتأن في إثبات ما يريد إثباته.
في صبيحة اليوم التالي لوصولهم إلى الكويت، جاءهم الرجل الكريم السيد رجب الرفاعي في زيارة خاصة إلى الفندق إذ لم يكتف باستقبالهم خارج سور الكويت حتى أكمل ذلك بهذه الزيارة وقد اتفق معهم على برنامجها الذي تكون من زيارة دوائر الحكومة، وزيارة منشآت النفط، وزيارة مؤسسات دائرة معارف الكويت كل ذلك في ثلاثة أيام علما بانهم أبلغوا السيد أنهم لا يريدون البقاء أكثر من يومين ولكنه أصر على اليوم الثالث.
قبل بدء الزيارات المنوه عنها أورد حديثا عن الماء في الكويت وذكر في الهامش أن الحكومة العراقية وافقت على تزويد الكويت من ماء شط العرب. وهذه هي الموافقة العاشرة دون أن يأتي التنفيذ، ولذا يحق لنا أن نقول له (في المشمش) أو بحسب لهجتنا (في العيد).
***
اليوم الأول للزيارة كان يوم الثلاثاء السادس من شهر مارس لسنة 1951م، وقد ذهبوا في سيارتين إلى دائرة الأمن العام تحمل السيارة الأولى السيد رجب الرفاعي مع المؤلف، وتحمل السيارة الثانية باقي الوفد.
وقد وصف عزيز سامي رئيس الدائرة ومجلسه ومن فيه، وطريقة تقديم القهوة في هذا المجلس ثم كانت لهم زيارة إلى أقسام هذه الدائرة.
ومنها اتجهوا إلى دائرة بلدية الكويت، وقد قابلهم مدير البلدية مقابلة حسنة وكان يومها هو السيد عبدالحميد الصانع، وقد قدم لهم خريطة الكويت ونشرة عن البلدية، وقد استطرد المؤلف هنا في حديث عن النفط بعضه غير سليم وبخاصة عندما تحدث عن مواقع استخراجه.
ذهبوا بعد ذلك إلى المستشفى الأميري وشاهدوا البحر والسفن التي كانت تمخر عبابه وتحدث عن البحار الكويتي وعن مدى مهارته وجسارته.
دخل الزوار بعد ذلك إلى المستشفى الأميري الذي حظي بثناء عطر من المؤلف، إذ أشاد بما فيه من استعدادات طيبة وبأطبَّائه وممرضيه، ولفتت نظره السيارة المتنقلة المهيأة لمتابعة الأحوال الصحية خارج المستشفى، ولكنه كان أشد انبهارا حين علم أن هذه السيارة مكيفة الهواء. ثم عدد بعض الخدمات الصحية كالمستشفى الامريكي والمستوصفات العامة لينتقل بعد ذلك إلى موضوع آخر. ذلك أنه أشار إلى جولة مسائية قاموا بها في أسواق المدينة لم يتركوا مجالا في السوق إلا واطلعوا عليه، ووصف ملابس الرجال من الكويتيين، وكذلك ملابس النساء.
العجيب في الأمر أنهم دخلوا سوق السمك وسوق اللحم دون أن يكون لذلك صلة بأسباب زيارتهم، وكأنهم قد أرسلوا ليكتبوا لجهاتهم تقريرا عن الكويت من جميع الجهات وأن يشرحوا كافة الأحوال.
وقف المؤلف قليلا ليثني على التاجر الكويتي، قائلا إنه مطبوع لا يعرف المكر والخداع، ولا يسأم من الطلب حين يأتيه المشترون، وهو في الوقت نفسه يتميز بحسن الخلق، والمداومة على أداء واجباته الدينية. ثم يقول: والكويتي مضياف كريم أمين على العهد، والبلاد يسودها الهدوء ويتحلى أهلها بالأدب، لا يتحدثون بنبرة صوت عالية، ولم يحدث أن رأى خلال الأيام الثلاثة أي شجار بين الناس. واستمر في وصف الكويتيين وأخلاقهم وتحدث عن مساكنهم، وكرههم للظلم وحبهم للحق واتباعه. وذكر أن الكويت خالية من الملاهي والحانات وأن التحلي بالفضيلة هو الذي منع هذه الأمور من الانتشار في بلدهم. ثم أطال الحديث عن مناخ الكويت، وتأثيره في نشأة رجالها الذين وصفهم وصفا شاملا وكأنه أقام معهم دهرا، فلم يترك شيئا منهم إلا وصفه حتى عيونهم وجباههم، وحتى مبلغ نشاطهم في أعمالهم، واحترامهم لقيادتهم.
يلفت نظري أنه في كل ما كتب عن الكويتيين كان يرى في صفاتهم وأحلامهم وعاداتهم وملابسهم ولهجتهم بل وفي شكل الوجوه والعيون والأجسام اختلافا مع أمثالهم من أبناء وطنه، وكأنه يقول هذا بلد له سمات خاصة، وأهله يتميزون ـ أيضا ـ بسمات مختلفة عن سمات أبناء الوطن الذي جاء منه.
***
في يوم الاربعاء السابع من شهر مارس لسنة 1951م صحبهم المرحوم الاستاذ عيسى الحمد إلى منابع النفط، وذلك وفق البرنامج الذي أعد لهم يوم وصولهم. وقد تحدث المؤلف حديثا طويلا عن هذه الرحلة تتخلله عبارات استطرادية لا داعي لها، وقد حاول أن يجد مبررا لغويا لكلمة (برقان) وكلمة (وارة) ولكنه لم يوفق.
أكثر من الحديث عن منطقة وارة وعن جوها والمساكن التي بنيت بها من أجل إيواء العاملين هناك، وتحدث عن حرص الشركة على عزل النساء حتى إنها قد وضعت صناديق القمامة الملحقة بالمساكن فتحات من داخل كل بيت تلقى من خلالها الفضلات دون الحاجة إلى الخروج من المنزل لوضعها، وهذا أمر مضحك، إذ ظن أنه لا يقوم برمي القمامة إلا النساء، لقد كان صعبا عليه استيعاب هذه الطريقة المريحة للسكان والتي تكفل النظافة التامة.
بعد هذا أجد الأمر محيرا فبعد أن تحدث عن وارة تحدث عن أبراج حفر الآبار النفطية وعن استخراج هذه المادة الثمينة ثم عاد مرة أخرى للحديث عن وارة، وفي هذه المرة تحدث عن الموقع حديثا وصفيا وَسر حيرتي التي ذكرتها أنه يخلط بين المواقع فوارة عنده هي الأحمدي والأحمدي هي وارة. على العموم فقد تحدث عن الضيافة هناك، وعن المكان المعد لضيوف الأحمدي، وقد وصفه وصفا دقيقا يدل على مدى إعجابه بما رأى.
وبعد انتهاء الحديث عن الزيارة أخذ في الحديث عن شركة نفط الكويت لخصه من كتابين قرأهما عن ذلك، وقد استغرق ما كتبه في هذا الموضوع ثلاث صفحات.
عندما انتهى من ذلك تحدث عن زيارته لدرويش المقدادي الذي كان ـ آنذاك ـ مديرا لمعارف الكويت، وذلك في بيته، ولقي عنده السيد عبدالرزاق رزقي عضو مجلس المعارف. وقد عاد إلى الفندق منتشيا بلذة الأكل ومتعة الحديث، واستمع وهو يحاول النوم في تلك الليلة إلى أصوات (النواطير) وهم يصرخون بين لحظة وأخرى: صاحي صاحي...
***
كان يوم الخميس الثامن من شهر مارس لسنة 1951م هو آخر يوم في زيارتهم للكويت. وكان هذا اليوم مخصصا لدائرة المعارف ومنشآتها المدرسية، وقد اعتبر هذا اليوم هو أهم أيام الزيارة الثلاثة. حضر إليهم السيد رجب الرفاعي ليأخذهم إلى زيارة الشيخ عبدالله الجابر الصباح رئيس معارف الكويت، وكان جالسا في دائرة المحاكم التي كان يرأسها إضافة إلى الدائرة الأولى، وقد وصف الكاتب الشيخ بقوله: (إنه ـ ولا غرو ـ الهادي الذي يضيء شموع المعرفة في المدينة المسحورة).
استقبلهم بعد ذلك مدير المعارف درويش المقدادي، ثم ذهبوا إلى زيارة مدرسة المثنى، وكان ناظرها آنذاك الاستاذ عقاب الخطيب، وقد شاهدوا بعض أنشطة الطلاب وعندما حاول أن ينقل إلى قرائة بعض الأهازيج التي استمع إليها في تلك المدرسة كان نقله سيئا ومخالفا لكل ما كان يجري.
زار الضيوف بعد ذلك عددا من المدارس، ثم أورد معلومات اقتبسها من تقرير من التقارير التي تعدها المعارف.
في نهاية الكتاب عودة إلى تاريخ الكويت، وقد نقل عن حافظ وهبة معلومات خاطئة عن فترة نشأة الكويت وعن حكامها الأوائل. ولا مجال هنا لطرح كل ما قال ثم الرد عليه لأن ذلك مبسوط في الكتب فلا يحتاج إلى إعادة.
إن أبناء الكويت اليوم حرصوا على تتبع تاريخ بلادهم وكتبوه بدقة معتمدين على الوثائق التي أضافت معلومات كثيرة لم تكن معروفة أيام حافظ وهبة وغيره.
كان آخر ما قرأته من كتاب الأستاذ عزيز سامي الذي سماه (عروس الخليج) قوله (الكوي: لقد أحبك هذا المؤلف، وسيظل مقيما على حبك ما ظل البحر يداعب شواطئك بحبابه الرقراق، فإذا حالفه التوفيق فيما أراد لك فهذا كل ما يرجوه من جزاء... عليك ألف تحية وإليك ألف سلام ولأبنائك تحيات عاطرة محمولة على أجنحة الأنسام).
تاريخ النشر: الاربعاء 13/5/2009
|