محمد حمد ابراهيم الفوزان
أمس السبت الـ23 من ذي الحجة 1424 الموافق 14/2/2004 وأنا اتصفح صحيفة «الوطن» الغراء في الصفحة الاخيرة انظر إلى الوفيات لأتعرف على عزيز أو صديق فارق الحياة وغادر الدنيا فأجد أمامي من أعز الشخصيات التي عرفتها في طفولتي عندما كنت طالباً وتلميذاً في المدرسة القبلية في منتصف القرن الماضي ذلك هو الفاضل المرحوم محمد حمد ابراهيم الفوزان المربي الفاضل الذي فات على الدكتور عبدالمحسن عبدالله الخرافي من أن يضعه في صدر كتابه «مربون من بلدي».
هذا المدرس الذي أقول وبكل ثقة أنه سبق زمانه في تلك الفترة اذكر من طلبته فهد الثنيان، يوسف العدساني، محمد سالم العتيقي، محمد علي الحمد، محمد أحمد المشاري وأذكر انه في وفاة والد محمد المشاري أحمد المشاري طلب مني المرحوم الاستاذ الفوزان ان نذهب برفقته إلى بيت المشاري للتعزية ليدربنا على ذلك.
هذا الاستاذ الفوزان اذكر انه لم يتعامل مع طلبته في المدرسة والفصل بأسلوب الكبرياء كما يعمل بعض الاساتذة بل كان يجلس مع الطلبة ويتحدث معهم كأخ كبير ويواسيهم اذا مرض أحدهم أو والده.
أتذكر كان يأتي من بيته ببعض من الكعك صنع البيت ويقدمه للطالب المجتهد أو الذي يجيب على أسئلته بالتفوق كان يحرص أن يأتي الى المدرسة والفصل مبكرا قبل الطلبة، وكان يوصي الطلبة وهم صغار بقوله: لا تضيع وقتك في اللعب والفراغ بل حاول ان تجد عملا تشغل نفسك فيه فتستفيد من شغل الوقت والمال.
اذكر انه كان يدرس مادة الأشياء العلوم اليوم ويحث الطلبة على أن يربي كل واحد حماماً أو دجاجاً أو أرانب وغيرها ويبيعها بعد أن تكبر فكان يدخل في روح الطلبة حب التجارة والعمل.
من حبه لابنائه الطلبة جعلهم يحبونه ويكبرونه وكان يقول لنا نحن الأطفال ان حب الوطن (غال) ويجب ان نتعاون بالدفاع عنه وبذل الغالي والرخيص. لقد طبق هذه التعليمات التي املاها علينا قبل أربعين سنة على نفسه فقد كان أبناؤه من أوائل الذين شاركوا في المقاومة والدفاع عن الكويت وكان يحضهم على ذلك ويقول لهم الوطن (غال) وشاء القدر ان يعتقل اثنان منهم في الهجوم الصدامي على الكويت ولم تكتحل عينه برؤيتهم فكانوا من عداد الشهداء. واليوم يكون والد الشهداء يلحق بابنائه الى جنات الخلد ذلك هو الاستاذ الفاضل والمربي الجليل محمد حمد ابراهيم الفوزان من أسرة الفوزان التي سكنت الكويت قبل قرنين من الزمان في فريج الفرج وهم من الدواسر.
ويعتبر المرحوم محمد الفوزان اليوم من أكبر أبناء هذه الأسرة أسرة الفوزان من حيث السن وأنا أظن انه تعدى الحادية والثمانين من العمر ويعتبر هو وابن عمه سعود عبدالعزيز الفوزان أكبر أبناء هذه الاسرة سنا.
الاسرة التي أنجبت رجال أدب وعلم بل أنجبت شيخ علم وفقه، هذه الاسرة التي انحدرت من نجد من وادي الدواسر في فترة مبكرة من تاريخ الكويت.
اليوم تفقد الكويت أحد رجالاتها البررة الرجل الذي لا يحب الجعجعة ولا المظاهر والا كان قد ركب الموجة ابان اعتقال ابنائه في أول الاحتلال بل ظل صابرا محتسبا إلى الله وهذه كانت سنته وعادته منذ كنا طلبة عنده ونحن صغار.
كان رحمه الله لا يستهين ولا يحتقر طالبا أو تلميذا من تلاميذه أو يستهزىء به بل كان يلتمس العذر للمتأخر أو المخطىء. كان رحمه الله مثلاً يحتذى بمعنى الكلمة.
وأقول أخيرا اذا كانت اسرة الفوزان خسرت احد ابنائها فإن الكويت أبو الشهداء أبو الفدائيين الابطال الذين ضحوا بانفسهم في سبيل الوطن.
نحن اليوم ننتظر من الدولة الكريمة بما أنها كرمت الكثيرين والذين هم أقل أهمية من الاستاذ الفوزان ان تتوجه وتبادر إلى تكريم هذا الرجل الفاضل البار بوطنه الذي توارى عن الانظار في حياته وضحى في سبيلها بأعز ما يملك، فتضع شارعا هاما أو مدرسة أو كلية باسمه جزاء ما قدمه هو وأبناؤه لهذا الوطن.
وأخيرا أقول رحمك الله واسكنك الجنة يا استاذ محمد حمد ابراهيم الفوزان وألهم أهلك وذويك الصبر والسلوان.
فرحان الفرحان - جريدة الوطن 15/2/2004
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
|