العرضة البحرية
اغنيات للحرب في مناسبات الفرح واللقاء من الفنون البحرية التي تدخل في اطار الاحتفالات لوجود مناسبة ما، فن العرضة البحرية، والعرضة عند اهل الكويت وقطر والبحرين هي »العيّالة« عند اهل الامارات، والتي هي في الاساس فن من الفنون البرية ارتبط بالحروب، الا ان البحارة نقلوه الى سفنهم ليتحول الى فن المناسبات المفرحة، وقد تختلف العرضة البرية والعرضة البحرية في نواح عديدة، الا ان التقاءهما في كثير من النقاط يجعل الارتباط بينهما قائما ومعروفا عند اصحاب هاتين العرضتين. وللعرضة البحرية طقوس لها علاقة بمناسبتها، فحينما تصل السفينة الى احدى الموانىء يقوم البحارة بعمل ما تتطلبه الحاجة والقواعد المتبعة في عملية انزال الشراع وتحضير المرساة وتسوية حبال السفينة لتسهيل عملية الارساء في الوقت الذي يقوم به عدد آخر من المتخصصين بالغناء بتسخين الطيران على وهج النار وشد الطبول لتكون معدة للعمل قبل دخول السفينة للميناء ليبدأ الطرب والغناء بأبيات تناسب الموقف الذي أتوا من اجله، فيأخذون جانب من وسط السفينة بصف واحد يحملون بأيديهم سبعة من الطيران او اكثر يقابلهم اثنان من الطبول الكبيرة.. الضربات الايقاعية في العرضة البحرية تختلف اختلافا كليا عن الضربات الايقاعية المعروفة في العرضة البرية وان بودلت فيهما الاشعار كل حسب موقفه، الا ان العرضة البحرية تتخذ موقفا مغايرا بالنسبة للضرب بالطيران والطبول في مثل هذه العرضة عن الاخرى. وبداية العرضة على ظهر السفينة مرتبطة برفع العلم على مقدمة ومؤخرة السفينة لتبدأ العرضة بعد ذلك بانشاد المغني وحملة الطيران يرددون من حوله الابيات الشعرية في دائرة صغيرة محدودة على ظهر السفينة. وعندما يبدأ الضرب تجد السفن الراسية في الميناء تأخذ برفع اعلامها تحية لمقدم هذه السفينة الآتية من عرض البحر، فالعرضة بالنسبة للسفينة القادمة، هي الفرحة بسلامة الوصول، وهي ايضا تعريف بجنسية السفينة، وهذا تقليد جرت عليه العادة بين سفن البحر في الخليج، فمن خلال اغاني السفينة وضربات ايقاعاتها تتعرف السفن الراسية في الميناء على جنسية السفينة في عرض البحر قبل اكتشاف حجمها ومعرفة ربانها وبحارتها، فتقوم السفن التي تنتمي لجنسية هذه السفينة برفع الاعلام تحية لها وترفع الاعلام في السفن الاخرى مجاملة لقائدها، ومنهم من يقوم بغناء العرضة ابتهاجاً بمقدمها وكمشاركة وجدانية بحرية. ومن الاغاني التي تغنى في مثل هذه العرضة البحرية قولهم: يا الله يا للي ما نبي غيرك مدد انك تعاونا على اللي عايلين جونا على غرة وجيناهم هدد واللي حضر منا يسد الغايبين ومن هنا يتبين بجلاء ان مثل هذا الغناء المعبر بالكلمة يقال في مناسبات الحروب في اغاني العرضة البرية، الا ان القول فيها في عرضة البحر وعلى ظهر السفينة جائز، وذلك لان استعمال العرضة البحرية قليل جدا وربما لا يتجاوز ذلك عدة مرات قليلة على مدار تلك الرحلة التي يقومون بها، في حين ان اهتمامهم بالضرب الايقاعي لهذا النوع من الغناء يأتي في المرتبة الاولى، ثم يأتي دور الشعر مكملاً لهذه الغاية. وبهذا تعتبر العرضة بالنسبة للبحارة خاتمة المطاف عند انتقالهم من مكان لآخر ليقوموا بالعرضة اسوة بالعرضة البرية لاستعراضها الشجاعة والبطولة والنخوة العربية لاجتياز الأخطار في مثل تلك الاسفار البعيدة المضنية، وهكذا ايضا ترتبط العرضة البرية والعرضة البحرية برباط الشعر والصفوف على اليابسة وتختلف بالطرب والاسلوب والتقاليد على ظهور السفن البحرية. بقي ان نقول ان الاهتمام بمثل هذا النوع من الفنون بدأ يغيب في الفترة الاخيرة سواء في ممارسته كفن موروث بحاجة الى حفظ من خلال استمرارية اظهاره وادائه، او من خلال بثه اعلاميا في الاجهزة الاعلامية المسموعة والمرئية، ورغم ان هذه الفنون البحرية قد حظيت بنوع من الاهتمام في السبعينيات واوائل الثمانينيات خاصة في الكويت والبحرين وقطر، وقد تشكلت فرق شبابية تؤدي تلك الفنون، الا انه في يومنا الحاضر تكاد تختفي هذه النوعية من البرامج التراثية. لقد ترك الاجداد والآباء تراثا فنيا ارتبط بحياتهم العملية وكفاحهم المرير مع الظروف القاسية في البر والبحر ويبدو ان هذه الفنون تنزاح تدريجياً لتعيش في الذاكرة فقط
منقول
|
العرض العادي
