25-04-2008, 06:52 PM
|
|
مشرف
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,662
|
|
سالم إحمادة العجمي - القبس
سالم إحمادة: أبو حليفة قبائل متحالفة.. والإبل عز أهلها
أجرى الحوار: جاسم عباس
الرعيل الاول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا مر الاثنين وذاقوا حلاوتهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالا ونساء الى ان حققوا الطموح او بعضا منه، ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم، بيد ان قاسما مشتركا يجمعهم هو الحنين الى الايام الخوالي.
في مستهل لقائنا مع سالم سلمان محمد احمادة العجمي قال: والدي ولد في الشرق في فريج العاقول الغني بالاشجار الشائكة التي كانت تعرف بشوكة الجمل وكما قال لنا، رحمه الله، كما نمشي بين العاكول وهي شجرة ارتفاعها حوالي قدم وازهارها قرمزية اللون تكثر في فصل الصيف، كما نجففها ونقدمها للابل ونستخدمها كوقود للطبخ، كنا نشاهد على اوراق العاكول، واغصانها قطرات حالما تتساقط نجمعها ونستخلص منها علاجا للاسهال، وما زالت المنطقة موجودة في الشرق، وفيها دوار اطلق عليه اسم «العاكول».
واضاف انتقلنا بعد ذلك الى اعلى منطقة داخل السور، وعن الاكبر سكانا وهي المرقاب البعيدة عن البحر، قال والدي: كنا نجلس على مرتفعات المرقاب ونتابع ونشاهد القادم والذاهب، منطقة تعتبر مصنعا للجبس «الجص» ثم انتقلوا الى الجصاصة الى «رمادان» الآن تسمى ضاحية عبدالله السالم.
وقال احماده: كما نسمع من اهالينا البدو الذين كانوا يسكنونها انها مجموعة من الصخور وارتفاعات من الرمال لم يكن في هذه المنطقة الا هذه المرتفعات، ولكن بعد بناء السور الثالث بدأنا نبني بيوتا فأصبحت هذه المنطقة آمنة وبنيت ثانوية في المرقاب عام 1959 والنادي في 1945.
الحلف بين القبائل
يتابع احماده: واخيرا سكنت عائلة احمادة العجمي احدى قرى الكويت الغنية بالآبار والزراعة، وهي قرية ابو حلفية من قرى القصور تقع على ساحل البحر جنوبي الديرة، وهي ضمن حدود العدان، وسميت اخيرا بأبو حلفية تصغير الحلف اي هناك حلف بين القبائل اقيم في هذه المنطقة فسميت ابو حليفة.
يضيف ساحل الحلف الممتد على امتداد العدان مواضع الغوص التي تسمى «الهيرات» وهو حقل يستخرج منه المحار، والاهالي قديما ينتجون السمن، ولذا اطلق عليه السمن العداني لتميزه من غيره، وللعدان أبيات من الشعر لـ الفرزدق:
فقلت ذريني من زياد فانني ارى الموت وقافا على كل مرصد
وليست من اللائي العدان مقيضها يدحن خفافا في الملأ المعضد
ابو حليفة قرية سياحية ومنتجع صيفي لوجهاء الكويت، فيها النخيل والسدر، وأبوحليفة حية بالاعشاب والامطار، بيوتها من الطين والصخر المستخرج من بحرها، ومزارعها غنية بالتصدير الى الكويت اتذكر سيارة سلمان حمادة العجمي تنتقل كل يوم بعد صلاة الفجر ووانيت محمد الجري، وفهد الصمد سيارات كانت تنقل خير ابوحليفة وركابها الى الديرة.
وقال: وانا صغير كنت اشاهد كبار السن كل منهم بشته تحت كفته ينتظر الايجار ليوصله بنصف روبية ذهابا وايابا الى ساحة الصفاة، يذهبون للتسوق، لان ابوحليفة لا توجد فيها اي محل الا خبازنا «اكبر» والقصاب «ابو سليمان» ابو حليفة اوصلوا إليها الكهرباء عام 1963.
كنا نضيء ليلنا بالسراي والتريك والضعفا بالكنديري، ولكن الله سبحانه وتعالى عوضنا بالسماء الصافية وضوء القمر في ابو حليفة كأنك في النهار، وعوضنا سبحانه من بئر المسلي بالماء العذب، شمال ابوحليفة 6 آبار طيبة، وسكانها هم: بن إحماده، المسفر، ذياب المشوط الطينان، رمضان، الرشايدة، الياثي، هؤلاء من مؤسسي وساكني ابوحليفة.
الطب الشعبي
يضيف: علاج اهل ابوحليفة كان بالأساليب التقليدية والمكتسبة عن طريق الخبرات المتوارثة جيلا بعد جيل، وأكثر العلاجات من طبيعة الارض، والمعالج والملا والمؤذن وامام وخطيب ابو حليفة الشيخ ابو ابراهيم والشيخ حسن، كانا يعالجان بالغذاء الطبيعي وبالكي والحجامة والتجبير وأكثر العلاج بالوصفات النباتية والاعشاب، وأتذكر ان ثمن الادوية والعلاج كثيرا ما يكون مجانا، وكنا نسمع عبارات مثل: في يده البركة، وموفق للخير، وعلى ايده العلاج ومن الله الشفاء، الطبيبان الشعبيان كانا يتمتعان بهالة من الصلاح والتقوى ومالكين للأسرار، فهما دائما الدعاء، ويملكان قدرات ايحائية متميزة تساعد المريض على التغلب على الحالة المرضية، واضاف: اتذكر بعض اسماء الاعشاب مثل: العشرج، اليعدة، الكمأة (الفقع) الشيح، لسان الثور، الزعتر، الصمغ للظهر، الحلبة، علج البان، قشر الرمان، منقوع الحنا، الحسو، العصيدة، الرشاد والليمون، الزموته، المرقدوش.
وقال إحماده العجمي: لا تزال هناك مجموعة من الناس في ابوحليفة يعالجون بالطب الشعبي وبأسلوبه التقليدي نفسه، وما زال البعض منهم يستخدمون بعض الاعشاب ويحتفظون بها في منازلهم للعلاج مثل: اليانسون والسنا والكراوية والتانخا وسكر النبات والشيح والحبة السوداء. وكل ما اقوله ان ابو حليفة قبائل متحالفة لا عداء بينها وحتى في العلاج بينهم تحالف.
وتابع: كما سمعت من الاولين ان «الحليفة» تسمية لمكان يظهر فيه نبات يسمى «حليفا» او «الكفتا»، وزهرتها تسمى «كف مريم»، ويقال انها زهرة خضراء لها فائدة، واذا وجدتموها في هذه المنطقة او في غيرها احتفظوا بها، واذا شربت العاقر الماء المنقع بها تشفى بإذن الله، واذا تعسرت ولادتها تمسك بيدها تلك الزهرة كف مريم تسهل عليها الولادة، وكان الناس يعتقدون ببركتها وتكثر بين الحجارة والاراضي الصلبة في ابوحليفة.
الحصوة لؤلؤة والدي
وقال سالم احماده: افراد عائلتنا عملوا بالغوص على اللؤلؤ، وفي الهيرات القريبة او البعيدة، وكانوا يقولون بصوت واحد:
«نزلنا منزل وأبرك دار
على الهير والمحار
ياالله منزل مبارك
وأنت خير المنزلين».
غاص والدي لمدة تتراوح بين 12 و 14 ساعة مع راحة بين الفترات، عمل غواصا مع مبارك الحكان النوخذة المشهور لمدة سنتين، وغاص مع النوخذة مبارك الزويد، وحصل على حصوة من انواع اللؤلؤ، ويسمى ايضا اللؤلؤ بإقماشة، وهناك من الغاصة غير والدي حصلوا على سحتيت والجالس والقلابي، شقر، وسنقباسي، اما اللؤلؤة الفريدة، فتسمى «دانة» او حصباة، ولؤلؤة والدي هي الحصوة او الحصباة.
وأضاف: بعد ذلك اشترى والدي بوما كبيرا، ويعتبر من اشهر سفن الغوص، وهناك سفن اخرى مثل: البتيل، بقارة، جالبوت، سنبوك، شوعي. ووالدي استورث عمل الغوص على اللؤلؤ من جدي محمد إحماده العجمي النوخذة وله بوم خاص به.
عز أهلها
وتحدث عن الدور الذي قامت به الابل في ابوحليفة، حيث اثرت في حياة كل مزارع او تاجر لحوم ووقود والبان، وقد تبوأت الابل المكانة الاولى في حياتها، كانت عزا لاهلها، فهذا الجمل من الذكور وهو الجميل والشحم المذاب، وحتى الذي يقوده هو «جمالي» عظيم الخلق، وهذا البعير الذي كنا نشاهده في ابي حليفة كان هو الجمل البازل، كنا نشرب من لبن بعيري، ونفرح اذا رأينا «المخاض» اي الناقة الحامل، واذا حمل الجمل المؤن قلنا وصل «العير» والابيض منه هو «العيس» ولا انسى «الرغاء» صوت الابل، والمقاتيل والوضح والصفر من اغلى الابل سعر الواحدة آلاف الدنانير، ولهذه الانواع مكانة عند عشاق ومحبي الابل ولا توجد غالبا الا عند قبيلة «المرة».
وقال احمادة: ابل ابو حليفة ترعى في المراعي الطبيعية وتتغذى من نبات العرفج والرمث والرغل والقيصوم والثمام والنصي والشيح والثندي والعجرم، وكنا نستخدمها في الاعمال الزراعية واستخراج المياه والتنقل، وروثها للوقود والعلاج، ولبنها غذاء اساسي لنا، ولحمها كان اساسيا ايضا، والآن تناقص عددها واتجهنا الى لحوم الاغنام والابقار. كما ان وبر الابل يعتبر انعم من غيره من الاصواف او الشعر، كنا نصنع منه ملابسنا والاغطية والعباءة والخيام والعقل والشمائل، وجلودها كنا نستخدمها في صناعة قرب المياه والدلاء وصنع الطبول والاحذية.
واخيرا اتذكر المدرسة التي درس فيها، فقد كانت من دون كهرباء، ولم نكن بحاجة لها الا اثناء الفرص وبداية الدوام المدرسي ونهايته، فكان الجرس اليدوي له دور فعال ويؤدي الغرض، وكان اول مدرس في مدرسة ابو حليفة الاستاذ عبدالله العصفور المشهور بأبو عبداللطيف، وكانت مبنية من الطين واللبن.
وفي سنة 1960 افتتح فيها ميناء لشحن البترول والذي عرف بالرصيف الشمالي او «اسكله».
وذكر ابو سلمان احمادة ان ابو حليفة غنية بالمشاشات، وهي عبارة عن آبار يحفرها البدو، ليتجمع فيهاالماء، وعندنا ثمانية آبار، وللاسف كل التراث والقديم ضاع لا نرى من هذا المنتجع السياحي الا العمارات والسيارات.
اكط
وذكر ايضا اللبن الخاثر الذي كان يوضع في داخل كيس من القماش، تذكره احمادة قطرات مائه تنزل منه حتى ينشف، ثم يجرأ الى لقيمات وتعرض في الشمس، كنا نأكل هذا الاكط مع التمر، واغلب اهالي الكويت، وابو حليفة خاصة كانوا يحتفظون به الى اوقات يندر فيها اللبن، كنا نسحق الاقط ثم الماء ونشربه لبنا، واما الجرثي، فهو لبن يرشح ماؤه ويصبح اكطا بعد ان يجفف، وختم بالقول: سكان ابو حليفة استعملوا التمر علاجا للصدر، وتغير لون اكثرنا من اكل التمر، وانه يقتل الدود، وبلح ابو حليفة من الزنجبيل والعسل يدفع الضرر عن الانسان.
|