17-01-2010, 12:48 AM
|
|
عضـو متميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: الكويت
المشاركات: 1,165
|
|
عبداللطيف بن إبراهيم النصف (جريدة القبس )
الأديب والشاعر والإداري والرحالة والمستشار (1323 - 1391هـ 1904 - 1971م)
• عبداللطيف بن ابراهيم النصف
إعداد: فرحان عبدالله الفرحان
كان أول من أشار إلى هذه الشخصية الشيخ عبدالعزيز الرشيد في كتابه «تاريخ الكويت» وذلك قبل ثمانين سنة حيث وصفه بالشاعر الجديد عبداللطيف بن إبراهيم آل نصف، وقدم له قصيدة كانت نفحاتها حول اعتقال الزعيم البطل عمر المختار المحارب الليبي الشجاع، واستسلامه واعدامه من قبل الايطاليين.
كان أفراد أسرة النصف البارزون فيها كثيرون ومنهم العبداللطيفان: الأول عبداللطيف يوسف النصف والد الاستاذ وليد النصف رئيس تحرير صحيفة «القبس» الغراء، والثاني هو الشاعر عبداللطيف الإبراهيم النصف والد الكاتب الصحافي سامي النصف، وهذا هو الذي سنلقي عليه الضوء في هذا البحث.
عندما يقولون «الخال جذاب» لم يلق هذا القول جزافا، بل كان له معنى. والسيد عبداللطيف شاعرنا كان خاله الشاعر المشهور حمود الناصر البدر. وقلنا «الخال جذاب» وكما يقولون في العلم الحديث: جينات.
وأنا هنا عندما استعرض سيرة هذا الشاعر والقي النظر إلى اكثر من كتاب، بعضها كتب عنه إشارات والبعض كتب باسهاب، ولنا هنا أن نتوجه إلى كتاب شاعر الخليج «صفحات مجهولة» من أدب شاعر الخليج الأديب المفكر خالد محمد الفرج - تأليف عبدالله أحمد السياط.
وقبل أن أنقل فقرات من تاريخ عبداللطيف النصف من هذا الكتاب، أود القول اني سمعت من البعض أن لعبداللطيف ديوان شعر، لكنه لم يوزع على الكثير، واصبح محصورا، ونظرا لأهمية شعر هذا الشاعر للتاريخ اتمنى ان تخرج نسخة ويضاف إليها ما استجد من معلومات للفائدة لهذا الشاعر والكويت.
الآن انتقل إلى ما كتبه خالد الفرج كنبذة عن حياة هذا الشاعر يقول:
الأديب الأريب الفاضل عبداللطيف بن إبراهيم النصف من أدباء الكويت المعدودين.. وعائلته من اشرف العائلات الكويتية.. ولهم ثروة وجاه لا تزال آثارهما باقية إلى الآن.
مولده حوالي سنة 1320هـ، وجده لأمه المرحوم حمود بن ناصر آل بدر الشاعر العبقري في شعر النبط، وكأن روحه سرت بالوراثة إلى سبطه، فنبغ شاعرا مجيدا في الشعر العربي الفصيح ونال من الأدب حظا وافرا بتوقد ذكائه، وكنت أعرفه أيام الدراسة في المدرسة المباركية معرفة بسيطة لأنه أصغر مني سنا، وفي قسم غير القسم الذي كنا نتعلم فيه، وبعد أن تغربت في الهند نسيته، وبعد بضع سنين طرق سمعي اسمه معدودا من جملة الشبان الأدباء في الكويت فصرت أتشوق إلى لقائه من جديد، وفي محرم سنة 1344هـ لم اشعر إلا بكتاب من عنده وقد أرسل من ضمنه قصيدة حماسية من نظمه مطلعها:
جلّ الأسى
مهداة إلى الاستاذ خالد الفرج
جلّ الأسى واستحكمتْ حلقاته
وهفتْ بلبي والحشا أناته
وجفا الكَرى إلا لماما مضجعي
وتحدّرتْ من ناظري عَبراته
حتام أكتم في الفؤاد شجونه
وتبينها لعواذلي زفراته؟
اصبحتُ في أسر النوائب موثقا
لا يُرْتَجى منها له إفلاته
وأنا الذي قد حنّكته تجارب
والحد لم ينبت عليه نباته
فسل الشباب هل استفز حفيظتي
وهل اطبتني بالجمال مهاته
ويح الليالي إنهن صحيفة
للدهر قد خطت بها مأساته
إن الزمان ولو تأمل عاقل
كنه الزمان بدت له سَوْآته
لا ذل من أن يستَكين لعسفه
حر تؤيد رأيه عزمَاته
جلد على حمر الخطوب وسودها
لا تنثني للغامزين قناته
والليث يأبى أن يذل لهاجم
يبغى العرين وعنده وثباته
•••
يا أيها الحر الذي اجتمعت على
تفضيله اصحابه وعداته
والمعتلى هام الفصاحة معلما
بسنا البيان تحفه آياته
ذلق يمج يراعه بمداده
درا تضيء الكون مؤتلقاته
عجبا أينكره المكابر بعدما
نشرت أبا تمامهم أبياته؟!
أما الكويت فأنت بلبلها الذي
سحرت عقول أولي النهى نغماته
قسما بشعرك والقوافي حُسّرٌ
قسم أمرئ عُر.فَت له كلماته
إن الكويت إليك خالد تشتكي
ألم الفراق تمضها لوعاته
ابت السلوّ وكيف تسلو خالدا
بَلد تذكرها به حسناته
أبدا تحن لما مضى من عهدها
عهد زهت بك في الحمى أوقاته
أمل ويأس قد تَغالَبَ ذا وذا
والحق ليست قلبا حالاته
عرّجْ على الوطن العزيز مشاهدا
لتراه ترجف للبلى عرصاته
يا للكويت وما ألم بشعبها
فلقد رمته فاقصدته رماته
شعب يقاد إلى البوار وما درى
لهفى ايدري من غشاه سباته
ويل أمه ماذا دهاه فأصبحت
وقد استوت برجاله غاداته
لم تكشف الارزاء عنه سراته
شمما ولم تحم الذمار حماته
قد دب فيه للشقاق دبيبه
فتفرقت وتخاصمت وحداته
بحت حلوق المصلحين وما وعى
نصحا تردده عليه ثقاته
رقت العوالم بالعلوم فأسفرت
أوطانها واحلولكت ظلماته
لعبت به العمّات أشنع لعبة
فشقى بها وشقت به عمّاته
حال تسيل من الفؤاد دموعه
إن لم تكفكفها به جمراته
فإذا عثرت فلا لعالك عاثرا
إن الجهول كثيرة عثراته
والجهل آفة كل مجد في الورى
كم أرهقت أقوامها ويلاته
أسفى وما يجدي عليه تأسفي
شيئا ولو قرنت به حسراته
ألا أرى الشعب المضام بجنبه
تفتر عن ثغر الردى ثوراته».
ويقول خالد الفرج: وبعدها تواصلت المكاتبة بيننا الى ان قدر الله ان يأتي الى الاحساء سنة 1347ه وينتظم في سلك سكرتارية رئيس المالية الحاج مقبل العبد العزيز الذكير، الذي كان يقدر له نبوغه وذكاءه. ومن محاسن الصدف ان الرئيس المذكور عهد الي في تلك السنة تنظيم بلدية الاحساء، قضيت هناك اربعة اشهر تمتعت فيها بمجالسة الاديب ومطارحته وكانت سويعات فراغ اقتطفناها من العمر مازلت احن الى عهدها ولا تزال ذكراها الحلوة ماثلة بين عيني، وبداعي الالفة والمحبة حصلت مطارحات ومداعبات مجونية ولطائف لاذعة اوحتها الينا ساعات الفراغ، وماكنا نطالعه في الجرائد الهزلية المتفننة في الهزل بتلك الروح المصرية الحقيقية كالكشول والفكاهة، على انه على وفرة ادبه وقوة شعره كان بطيء الخاطر في النظم خصوصا الناحية الهزلية منه لانه جدي الطبع فلسفي الفطرة، وكنت على العكس من ذلك، فكنت كثير المشاغبات له وهناك بعض الاخوان يوغرون بيننا، على انه لحسن الحظ كان رزينا لا يتأثر من تلك اللسعات، انما كان يود الا يطلع عليها احد ويؤلمه جد الالم، وانى للاديب ان يملك نفسه وهو لا ينظم الا للناس؟ مع انه كان يعجب بشعري، واذا استبطأه وخزني بما يشاء له ادبه حتى انه في الاخير ترك النظم وجعل سلاحه النثر، على ان هذه المداعبات لم تؤثر في متانة الصداقة وصفاء المودة، كما قلت في احدى المداعبات:
انا والخل ابن نصف
نصل القعر ونطفو
كلما كدر فرح
بيننا فالقلب يصفو
قسم الود سواء
لي نصف وهو نصف
واذا ما كنت راض
فقبيح الشتم لطف
وسنبقى ما حيينا
كلنا للبعض الف
وكانت فاتحة المداعبات اننا كنا نتمشى بعد العصر في بعض سكك الهفوف ونتطارح النكات والمداعبات طارحين الادب بيننا، فاقترح احدنا ان يرثي بعضنا بعضا لمناسبة نسيتها الآن،، وأظنها مرثية أبي نواس لأم حبض - وهي حية - فما كان من ابن نصف إلا أن نظم أبياتاً هزلية، أذكر منها هذا المصراع «ورثاه أبورويس نهيقا» وأبو رويس مجنون أبله صغير الرأس مولع بالنهيق، وهو مشهور في الاحساء.. وعملت أنا فيه هذه الأبيات:
آهو يلاه أهو يلاه والهفي لهفي
قد توفي عبداللطيف ابن نصف
ما دري نعشه ولا حاملوه
ما على النعش من سفاف وتُف.
وأديب مهذب لوذعي
سعره لو يباع بيع بألف
شمعة في الضحى أنيرت فلما
أسفرت جاءها الح.مامُ ب.أُف.ّ
فبكينا بالدموع غزارا
وحدرت في الخدود من غير ذرف
وعجنا بها طحينا وتمرا
وصنعنا بذاك تمثال نصف
وهنا يقوم خالد الفرج ينظم قصيدة أخرى في مدح صديقه عبداللطيف النصف يقول فيها:
أعملت فكري وأطلت نتفى
للحيتى تسند رأى كف.ي
فلم أوفق لقريض يشفي
أمدح فيه الشاعر بن نصف
عبداللطيف وهو أهل اللطف
إمامنا البارز بين ألف.
اسمه مثل البدر ليل النصف
غطاه غيم أو منى بخسف.
مطحسن معصر ذو أنف
كالصقر افنركوا أبو الصنف.
اقسم غير حانث في حلفي
مرانا لواحدٌ بألف.
بأنه أشطر أهل الصنف
يعجز تقريظي له ووصفي
ها أن عجزي ظاهر وضعفي
في مدحه كالمسح فوق الخف
أو عمه فوق ولي الوقف
يستر فيها جهله ويخفي
لكنَّ إلماعي بذاك يكفي
مفلسف كأحمد بن لطفي
أشعر من شعري برغم أنفي
ها قد أتتني كحة بعنف
هذه جزء من المطارحات بين شابين عاشا في القرية سنوات، وكانت نفثات القلوب تخرج على اللسان ثم الورق، وهي جزء من القصائد والمطارحات بين شاعرين كانت لهما صولة وجولة يوما.
اذاً هذا هو عبداللطيف ابراهيم النصف احد شريكين كانا يعملان بصمت حول امير الكويت الراحل عبدالله السالم الصباح، ذلك هو النصف ومحمد سليمان العتيبي اللذان وقفا حول امير الكويت وكانا نعم المساعدون والمستشارون.
اقول قبل ان انهي هذا الموضوع ان المرحوم النصف قد تولى وظائف كثيرة اضافية بالاضافة الى المستشارية وهي عضوية مجموعة من مجالس الادارات في تلك الحقبة. وحظي انني رأيت السيد عبداللطيف النصف مرة واحدة ذلك في سنة 1960، في ظهيرة ذلك التاريخ كنت مع احد الاخوة وكنا ننظر الى ذلك الرجل الذي يركب السيارة وهو يعتمر العقال الشطفة وربما يكون اخر من كان يعتمره من رجالات الكويت في تلك الحقبة.
وسألت صديقي: من يكون هذا الشخص العزيز الذي مازال على العهد القديم؟ فقال لي: هذا هو عبداللطيف النصف الشاعر المعروف وهو مستشار الشيخ عبدالله السالم الصباح.
هذه الصورة التي ارتسمت في ذهني منذ ذلك التاريخ ظلت عالقة وجعلتني اتذكر تلك الصورة التي لا تمحى من ذهني وجعلتني اتوجه لاسجل عنه بعض الذكريات مع صديقه وزميله خارج الكويت خالد الفرج، وهما اللذان غادرا الحياة رحمهما الله رحمة واسعة
__________________
بـيـض صـنائعنا سـود وقـائعنا *** خـضر مـرابعنا حـمر مـواضينا
|