قليل من أبناء هذا الجيل من الكويتيين هم الذين يعرفون الدكتور سابا شبر، ويدركون الأعمال الباهرة التي قام بها خلال فترة حياته في الكويت.
هذا الرجل المتخصص في تخطيط وتطوير المدن كان من أبرز العاملين في بلدية الكويت، وكان يرى أن عمله الذي يقوم به إنما هو بمنزلة تأدية رسالة يضطلع بها تجاه الكويت، ذلك لأنه محب لهذا الوطن ومحب لعمله في وقت واحد. كان إنساناً رقيقاً حسن المعشر تجلس معه فتشعر أنك تجالس فناناً لا مهندساً، لا يتحدث في أمر من أمور الدنيا إلا فيما يتعلق بتطوير المباني وتخطيط المدن، كنت التقي به بين آونة وأخرى فأجد فيه تلك النزعة الشديدة إلى تنفيذ ما يفكر به، وإلى تحويل الأوراق التي يضع عليها الرسوم التي يبتكرها إلى واقع ملموس. أذكر أنه في إحدى جلساتي معه كان يتحدث عن نوع من المباني يطلق عليه عندنا اسم (القيصرية) وهو اسم عربي قديم شاع في الأندلس ولا يزال سارياً هناك حيث يسمونه (قيسارية) وكان سابا جورج شبر يرى أن القدماء لم يبنوا هذا النوع من البناء عبثاً، ولكنهم أنشؤوه لحاجتهم إليه فهو مبنى يقي المتسوقين حرارة الشمس، والبلل من المطر، وهو نوع يتمنى أن يعود بعد ان انقطع وجوده عندنا، أذكر أن هذه الفكرة كانت تلح عليه إلحاحاً شديداً، وقد جاء لزيارتي بعد ذلك ليبلغني بأن بلدية الكويت قد اقتنعت بالعودة إلى ذلك الشكل من أشكال البناء، وقد تقرر البدء بأول قيصرية حديثة، وتم له بالفعل تخطيط بعض الأسواق التي جرى إنشاؤها بنظام القيصريات وهي المباني التي نجدها في المنطقة التجارية التاسعة من سوق الكويت، وتعددت بعد ذلك المباني من هذا النوع، وتطورت إلى أن وصلنا إلى الشكل الذي يسمى اليوم (المولات) وهو شكل لا يخرج عن شكل القيصرية القديمة إلا من حيث الفخامة التي فرضها التطور، وتغير الأحوال، ولم تقتصر جهود الدكتور سابا شبر على ما ذكرناه فإن له مشاركات كثيرة في عدد من الأعمال المعمارية المهمة، وله فكر معماري إن صح هذا التعبير أورده في كتبه وأبحاثه وفي الندوات والمؤتمرات التي يشارك فيها على امتداد حياته العملية.
وُصف الدكتور سابا جورج شبر بأنه معماري فذ، لم يكن له نظير في منطقتنا العربية وذكر كثيرون من الكُتّاب أن ما قام به هذا الرجل من كتابته للتاريخ المعماري للكويت، ورصده للحركة المتنامية للتطور دليل على ذهن صافٍ وعقل مدرك للعمل الجاد والمهم الذي يقوم به، ولكن كان من سوء حظنا أن توفي سابا شبر فجأة في اليوم الرابع من شهر يوليو لسنة 1968م، وذلك بعد فترة عمل استمرت من سنة 1960م حتى سنة وفاته، كان حجم الأعمال التي قام بها كبيراً جداً حتى لنظن أنه أقام هنا أكثر من هذه السنوات الأربع. وكان قد ولد في مدينة القدس في سنة 1923م وبهذا يكون قد ناهز الحادية والأربعين يوم وفاته، وانتقل للدراسة في الجامعة الأمريكية ببيروت حيث حصل منها على بكالوريوس الهندسة المدنية في سنة 1944م، ثم انتقل إلى جامعة القاهرة التي حصل منها على بكالوريوس الهندسة المعمارية في سنة 1946م، وفي سنة 1947م تخرج في جامعة ماساتشوستس بالولايات المتحدة حاصلاً على ماجستير في العمارة وحصل منها على ماجستير في تخطيط المدن في سنة 1948م، وواصل دراسته بأن تقدم إلى جامعة كورنيل هناك في سنة 1956م فحصل منها على شهادة الدكتوراه في تخطيط المدن والتخطيط الإقليمي.
وكان وهو مقيم في الولايات المتحدة مشاركاً في عدد كبير من الأنشطة المتعلقة بتخصصه، وعمل لمدة أربع سنوات في مجال العمارة وتخطيط المدن في الولايات المتحدة إضافة إلى قيامه بالتدريس بصفته أستاذاً جامعياً في جامعتين من الجامعات الأمريكية المرموقة، وكان يكتب كثيراً من معبراًعن أفكاره حتى تجاوزت مقالاته الألف مقالة منها ما كتبه باللغة العربية ومنها ما كتبه باللغة الإنجليزية، وقد حصل على عدد من الجوائز العالمية عن مجمل كتاباته المفيدة التي كان يحرص على تزويدها بالرسومات المتنوعة التي يقوم برسمها بيده فتأتي تعبيراً صادقاً عن الواقع.
ولقد كان الدكتور شبر على الرغم من دراسته في الغرب وصلاته الكبيرة بجامعاته لا يتخلى عن تراثه العربي، فهو شديد الاعجاب بالمؤرخ والعالم العربي ابن خلدون، ينقل لنا أفكاره النيِّرة ويثني عليه باعتباره عقلية عربية ناضجة فيقول: »إن عقلية ابن خلدون من النوع العبقري الذي يتجاوز زمنه، فقد امتلك فهماً غير عادي للعناصر الفاعلة في زمنه، بل وكان سابقاً لزمنه .
وعندما انتقل د. شبر من الولايات المتحدة اتجه إلى العمل في البلدان العربية، فكان في الفترة ما بين سنتي 1956م و1959م مستشاراً في مجال تخطيط المدن والبحوث الإسكانية والتنمية الحضرية في كل من بيروت ودمشق والعقبة، والمملكة العربية السعودية .
هذا ولقد نشرت عنه مجلة »التشكيلي« مقالاً قيماً عنوانه: »العمران في الكويت، قراءة في أوراق المعماري سابا جورج شبر«، وهو مقال استعرض كثيراً من أعمال الدكتور سابا، وأكد على الحركة العمرانية التي تمت في الكويت خلال وجوده فيها أو قبل ذلك بقليل، وقد كتب المقال الدكتور ياسر عثمان محرم محجوب، ومما جاء في المقال عن حركة البناء والتعمير في الكويت قوله: »يعتبر ما مرت به الكويت (معجزة عمرانية) غير مسبوقة في التاريخ تم خلالها تحويل البيئة العمرانية في الكويت في فترة زمنية قصيرة من بيئة عمرانية تقليدية (محلية - تراثية) تتمثل في مساكن ذات أفنية (أحواش) داخلية مبنية من الأحجار البحرية والطين والأخشاب المستوردة لعمل الأسقف ومتلاصقة على جانبي طرق ضيقة ومتعرجة ومحاطة بسور ذي بوابات مبني من الطين لحمايتها من الاعتداءات الخارجية إلى بيئة عمرانية حديثة مخططة ومنفذة طبقاً لأحدث نظريات تخطيط المدن في ذلك الوقت بحيث اشتمل على تصورات لتنفيذ مجاورات (ضواحي) سكنية متكاملة، تتبع أحدث نظم تخطيط المجاورات السكنية العالمية، خارج السور ينتقل إليها الكويتيون بحيث يتم إخلاء المدينة القديمة داخل السور لوضع الأساس لمنطقة وسط مدينة حديثة تحتوي على مبان عامة حكومية وإدارية ومناطق ترفيهية وخدمات عامة، وقد اشتمل المخطط الهيكلي الأول على تصور لإعادة تنظيم المدينة القديمة من خلال شق شوارع حديثة للسيارات مكان المساكن القديمة وهدم السور لإقامة منطقة خضراء عازلة بين المناطق السكنية ومنطقة وسط المدينة، وتعتبر السرعة التي تم بها تنفيذ ذلك المخطط من أسرع ما تم تنفيذه من مخططات هيكلية على مستوى العالم نظراً للجرأة التي تميزت بها إدارة الدولة في اتخاذ القرارات وتوافر الإمكانيات المادية اللازمة لتنفيذ تلك المشروعات الكبرى.
أما ما ورد في المقال المشار إليه بخصوص الدكتور سابا شبر فهو قوله: »ومن أهم الأعمال التي قام بها د.شبر هو عمله في الفترة من 1960 وحتى عام 1968م مستشاراً في مجالي العمارة وتخطيط المدن لحكومة الكويت، بداية من خلال عمله في إدارة الأشغال العامة ثم مجلس التطوير وبلدية الكويت. ومن خلال كتاباته عن تلك الفترة أوضح د.شبر »التحول المفاجئ« الذي شهدته الكويت خلال العقد الأول من تطورها العمراني خلال الفترة من 1952 إلى 1968م. فقد اتضح له منذ اليوم الأول لوصوله الكويت أن ما يجري في الكويت ليس حدثاً عادياً وإنما هو »ظاهرة عمرانية« تحدث »بسرعة الضوء« قلما يمكن أن تتكرر في تاريخ تخطيط المدن. وقد شرع د.شبر منذ اليوم الأول في جمع كل المستندات والأوراق والخرائط والصور اللازمة لتوثيق تلك الفترة المهمة في »ولادة« وتطوير الكويت الحديثة. وقد قام د.شبر بهذا العمل الكبير واضعاً في مقدمة أهدافه توفير مرجع للدارسين والمسؤولين الكويتيين في المستقبل عن الأحداث التي صاحبت نشأة وتطوير مدينتهم. وقد كان من مدعاة الفخر لدى د.شبر أنه شهد تلك الظاهرة الفريدة عمرانياً وإنسانياً من خلال بناء المساكن والمستشفيات والمدارس والمراكز الاجتماعية والعديد من المباني الأخرى اللازمة لتأسيس مجتمع حديث والتي تحدث على أرض عربية وبأموال عربية. وقد لفت د.شبر النظر الى أن سرعة البناء والتطوير لم تكن خالية من السلبيات والمشكلات بل انه تنبأ بالعديد من المشكلات العمرانية التي تعاني منها الكويت اليوم.
تنتمي الكويت الحديثة الى مجموعة خاصة من المدن المخططة حديثاً مثل برازيليا وشنديغاره. وخلافاً للمدن العربية القديمة الأخرى مثل القاهرة ودمشق وبغداد والقدس وتونس التي احتوت على العديد من المناطق والمباني العامة التاريخية التي شكلت عاملاً مهماً في تطورها عبر عصور تاريخية متعددة، فإن الكويت لم تحتوِ إلا على عدد محدود من المباني العامة التاريخية حيث كانت أغلب مبانيها مساكن مبنية من الطين والأحجار البحرية مما شجع المخطط الأول للكويت على إزالتها بالكامل وإحلال مناطق ومباني جديدة محلها. ويشير د.شبر الى سرعة البناء والتعمير التي خلفت وراءها مساحات فضائية شاسعة غير مستغلة نتيجة الرغبة في الامتداد العمراني بسرعة خارج السور القديم. وتمثل هذه المساحات مشكلة عمرانية قائمة حتى اليوم حيث إنها تمنع التواصل الحضري للمدينة وتباعد بين مبانيها ومناطقها العمرانية وهي بالتالي لا تشجع على الاعتماد على السير من منطقة الى أخرى لوجود مساحات واسعة غير مأهولة بينها. وقبل أن يتم تعمير المناطق القريبة من وسط المدينة أولاً بدأ العمل في بناء المناطق البعيدة والمتطرفة. ففي الوقت الذي كانت تعتبر فيه الجابرية وبيان من المناطق المتطرفة خارج نطاق المدينة بدأ تنفيذ مجاورة سكنية تحتوي على 2300 قطعة بالرميثية ومستشفى يضم 500 سرير بالجابرية.
كما نقل المقال عن الدكتور سابا قوله عن الكويت: »إن القرن ونصف الذي استغرقته مدن أوروبا وأمريكا في الوصول إلى ما وصلت اليه تحت تأثير الثورة الصناعية استغرق أقل من عقد واحد للوصول إليه في الكويت تحت تأثير البترول وهو ما ادى الى »تحول« مفاجئ للمدينة والثقافة الكويتية«. وقد ساعد على هذا التحول السريع استخدام مواد وطرق إنشاء حديثة مكنت من إنشاء مبان حديثة متعددة الطوابق ويتوفر فيها نظم التكييف والإضاءة والاتصالات وهو ما أدى إلى عدم وضوح أخطائها في التعامل مع البيئة المحيطة واستهلاكها لكميات هائلة من الطاقة. ويضيف د. شبر: »يجب في المستقبل أن يتم الاهتمام بصفة خاصة بوضع العناصر المعمارية بالنسبة لبعضها البعض وبالنسبة للفراغات المحيطة بها وبالنسبة للفراغات التي يخلقها. إن هناك اهتماما زائداً عن اللازم بترك مسافات فاصلة بين المباني وهو ما أخل بقواعد التصميم الحضري التي تعتمد على العلاقات الفراغية والمسافة والمقياس والنسب والتضاد.
ويقول الدكتور ياسر في ختام حديثه (وهو بالمناسبة أستاذ بقسم العمارة بكلية الهندسة والبترول في جامعة الكويت): إن الدكتور سابا شبر قد خلص فيما كتب إلى أن ما حدث في الكويت من هذه الناحية حتى سنة 1964م كان عملا مبهراً تجاوزت فيه الجوانب الإيجابية ما به من سلبيات لابد وأن توجد في عمل ضخم كهذا، وأورد الدكتور ياسر قول صاحبنا: »لقد تم تخطيط كويت المستقبل، ولكن تبقى حقيقة مهمة وهي أن كويت الماضي والكويتيين لم يتم أخذهم في الاعتبار، ومشكلاتهم لم تؤخذ بجدية عند استخدام القلم والمسطرة، والأدوات الهندسية لوضع مخطط كويت المستقبل،... هكذا كان قدر الكويت الذي يجب علينا تقبله، وأن نعمل على إصلاحه عبر الزمن، على ألا نسمح بتكراره في المستقبل.
لقد كان مقال الدكتور ياسر عثمان محجوب بحثا علميا بمعنى الكلمة تناول فيه أطوار حياة الدكتور سابا شبر، وخلفياته العلمية والعملية ثم ركز على عمله في الكويت، واستمد من مؤلفاته كل ما يدل على عمله المخلص لبلادنا.
واهتم الباحث الأستاذ محمد الأسعد بتراث الدكتور سابا شبر وكتب عنه أكثر من بحث، وكان معجبا به جدا، وذلك لأن هذا المعماري الفريد يستحق الإعجاب، وقد قال عنه: »هذا المعماري المولود في مدينة القدس في سنة 1923م، الذي كرس الشطر الأعظم من جهده المعماري أو كله بالأحرى، في التفكير بطابع المعمار العربي المعاصر الذي أراد له أن يكون في سمو وعظمة وشموخ الطابع الموروث، بعد أن أدرك أسرار وعناصر ذلك الطابع، وضرورته الجمالية، وكونه معبراً عن الطابع المحلي، ونابعا من ممكنات البيئة، وهو ما يميزه بالبساطة والجمال والقدرة على تلبية الحاجات الإنسانية لساكن المدينة العربية.
نعود الآن إلى الحديث عن إنتاج الدكتور سابا جورج شبر المكتوب والمطبوع، وأول ما يلفت النظر إلى مؤلفاته كتاب له صدر في سنة 1967م، وقد تم نشر هذا الكتاب في الكويت باللغة الانجليزية، وهو بعنوان: »النمو الحاضر للمدينة العربية« وهو مكون من خمسة أقسام تصب كلها في الموضوع العام الذي يشير إليه عنوان الكتاب، وكان من حظ كتاب »النمو الحاضر للمدينة العربية« أن حظي بمقدمة لسمو أمير البلاد الأسبق الشيخ صباح السالم الصباح، وكان الأمير نفسه قد قدم لكتاب آخر للدكتور سابا شبر في سنة 1964م وهو كتاب »المدينة الكويتية« الذي صدر في السنة المذكورة، وقد أشاد الشيخ صباح السالم في تلك المقدمة باهتمام المؤلف بهذا الموضوع المتعلق ببناء المدينة العربية على أسس سليمة تحيطها من النواحي العلمية والعملية والاقتصادية والاجتماعية والهندسية والجمالية. وأشاد الشيخ - أيضاً - بحرص هذا المهندس على إثبات الناحية التراثية العربية والاسلامية في المباني مما يحفظ هذا التراث ويبقيه مصدرا للإبداع الدائم.
ولما كان هذا الكتاب قد صدر قبل مدة طويلة، فإن من الملاحظ أن التعليقات التي أثارها مؤلفه والملاحظات التي دل عليها، قد أثبتت أهميتها في الوقت الحاضر مما دل على بعد نظر هذا المعماري، وإدراكه الفذ لمادة عمله وقدرته الفائقة على قراءة المستقبل فيما يتعلق بالمباني التي سوف تضمها المدينة العربية فيما يأتي من السنين، وهذا أمر من الأمور المهمة التي تحسب له.
هذا الحديث يدعونا إلى مواصلة عرض مابين أيدينا من كتبه، وبخاصة منها ما طبع في الكويت، وهي كتب متميزة لاتزال الأفكار المطروحة فيها طازجة، ولا يزال كل مهتم بالدراسات المعمارية يقوم بالاطلاع عليها ومتابعة ما فيها، بل وتطبيق النظريات التي تضمنتها على مشاهداته في المدن العربية وبخاصة مدينة الكويت التي عاش فيها صاحبنا وكتب عن المعمار فيها.
وهذه هي الكتب التي وعدنا بعرضها مرتبة بحسب سنة نشر كل كتاب منها :
أولاً: كتاب وجوه المدينة:
وهو أحد كتب الدكتور سابا شبر المهمة، صدر في سنة 1962م، وكان ملحقا لمجلة الموظف التي كان يصدرها ديوان الموظفين في ذلك الوقت كل ثلاثة شهور، وكان رئيس هيئة الاشراف عليها هو الأستاذ حمد اليوسف العيسى، ورئيس تحريرها هو الأستاذ عبدالوهاب النفيسي. وقد جاء في كلمة التحرير مايلي: »قلة من الناس هم الواعون لمشاكل تقلبات المدينة المتعددة. فللمدينة عدة أوجه فيزيائية واجتماعية وجمالية وهي تحوي السكان والبنايات. والسيارات والأشجار والشوارع المنسقة، وهي عدا هذا كله قلعة ضخمة من النحت الجماعي الذي يثبت فيه الانسان قدرته على البناء والابداع، وإنها نتاج جهد الانسان اليدوي على وجه الأرض ولكي نقدم المدينة للقارئ العادي فلقد طلبت مجلة الموظف من الدكتور سابا جورج شبر المهندس المستشار المعماري والتخطيطي في بلدية الكويت تحضير تخطيط ايضاحي لوجوه المدينة«. يضم الكتاب مايزيد على ثلاثمائة صورة رسمها المؤلف بيده، وهي تمثل نماذج وأشكالا مما تحتويه المدن من مبان مختلفة. وهو يقول إن المدينة هي كل شيء، فهي الفن والتاريخ وهي الشعر والاقتصاد، وهي الهندسة والنحت، ويستمر في وصف ماهية المدينة التي تخصص في دراستها وتخطيطها مما يدل على أنه يحب هذا الموضوع حبا جما. ولذا فإنه يختصر حديثه قائلاً: »وباختصار فإن المدينة صورة حقيقية للإنسان توضح انتصاراته وخذلانه، باعطاء المعاني العميقة والشرح الوافي المؤدي إلى إنصافه وتقديره أو إدانته.
ثم يقوم الدكتور سابا شبر بتقديم اللوحات التي رسمها وهي تأخذ الصفحات التي تبدأ بالصفحة رقم (1) وتنتهي في آخر الكتاب، وهي لوحات منوعة شاملة لعدد كبير من المباني المهمة التي فيها القديم وفيها الحديث، كما إنها مختارة من عدد كبير من البلدان، وكانت الصفحات السابقة المحتوية على كلمة هيئة تحرير المجلة، ومقدمة المؤلف مرقمة بحسب الحروف الأبجدية.
والخلاصة أن الكتاب على صغره يدل على الجهد الكبير الذي بذله مؤلفه، فقرب لنا به الكثير مما يغيب عن أذهاننا من وجوه المدينة العربية وغير العربية.
ثانيا : كتاب علم التنظيم وتطوير الكويت :
ألف الدكتور سابا شبر هذا الكتاب في سنة 1963م، وقامت بلدية الكويت بنشره في السنة ذاتها بمناسبة احتفال الكويت بعيد العلم. في شهر ابريل من السنة ذاتها.
تحدث المؤلف في كتابه هذا عن مدينة الكويت، وما حدث فيها من تطور بادئا بمقدمة ذكر فيها شيئا مما حدث خلال السنوات القليلة التي سبقت صدور هذا الكتاب. وتحدث عن المخطط الهيكلي ذاكرا ان المسؤولين في دولة الكويت شعروا وهم يستقبلون عهد تطور حضاري كبير أنهم لا بد وأن يعملوا حساب المستقبل فقاموا بالاتفاق مع إحدى المؤسسات لكي تقوم بوضع مخطط يُهتدى به في القادم من السنين. وقد قدم صاحبنا تعليقات مهمة على المخطط المذكور جاءت بقلم رجل على دراية تامة بعمله. كما قدم أفكارا كثيرة للدراسة، وبصورة عامة فإن موضوع الكتاب مهم من حيث ما يحتوي عليه من ملاحظات وانطباعات تتعلق كلها بتخطيط المدن فيما يتصل بالكويت بصورة خاصة.
ثالثا: العلم وتنظيم المدن العربية :
هذا الكتاب من أهم مؤلفات الدكتور سابا شبر، وأكثرها شمولا، ذلك لأن مكتب العلاقات العامة ببلدية الكويت حتى يُقدم لنا هذا الكتاب قد قام بجمع وطبع عدد كبير من التقارير والمقالات والأبحاث التي كتبها الدكتور ونشرها في عدد من المجلات العربية والانجليزية عندما كان خبيرا لتخطيط المدن لدى البلدية. ونشر الكتاب في أوائل ستينيات القرن الماضي.
يضم الكتاب مقدمة وأربعة أجزاء كان الجزء الأول عن علم تنظيم المدن وعن السياسة الاسكانية في الوطن العربي، وعن المشكلات الحضرية التي تواجه المدينة العربية بصفة عامة، وعلى الأخص معاناة السكان من مشكلتي المرور ومواقف السيارات.
أما الجزء الثاني فقد تناول فيه الناحية العلمية في التنظيم، ليصل في الجزء الثالث إلى موضوع التنظيم في الكويت، وقد تحدث في هذا الجزء عن أمور كثيرة ذكر فيها التباين الحضري بين القديم والحديث، وطبيعة الجو في البلاد، وذكر إنشاء أول حديقة من نوعها في البلاد وهي حديقة البلدية المقامة على انقاض المقبرة القديمة وتجدها على شارع فهد السالم، وتحدث عن جزيرة فيلكا التي سماها فردوس الكويت المنسي. كما أورد حديثا واسعا عن تخطيط بعض المناطق السكنية التي كانت حديثة في ذلك الوقت. وعلى العموم فقد كان هذا الباب واسعا شاملا، لم يترك فيه موضوعا من الموضوعات المتعلقة بالتنظيم في البلاد إلا وتطرق إليه.
وعندما جاء إلى الجزء الرابع فإنه أراد أن يخرج عن النطاق الذي كان يسير حوله في الجزء الثالث فتحدث عن عدد من المدن العربية في المملكة العربية السعودية ومصر والأردن، وأنهاه بالحديث عن فلسفة ومستقبل الهندسة.
انه كتاب مفيد جدا على الأقل من حيث إحاطته بالصورة التي كانت تشمل مسألة تخطيط المباني والطرق في الكويت، كما تشمل إبراز ما يتمتع به صاحبنا من فكر نَيِّر وما يتميز به من إمكانات باهرة في مجال تخصصه الهندسي الفريد.
لم يكن ما قدمناه شاملاً لكل ما كتب وما ألف، فهوكثير الاطلاع قراءة وتفحصاً، كثير الكتابة، وأظن أن كثيراً مما كتب يمكن العثور عليه حالياً فأكثرهُ مطبوع في كتب أو مأثور في الصُّحُفِ المتخصصة بل وغيرها من الصحف، مما يُهَوِّنُ أمر العثور على أكثر ما كتب إن لم نتمكن من العثور على كل إرثه الكتابي.
وهنا يحضرني اقتراح أودُّ أن أوجهه إلى الأخ الكريم معالي الدكتور فاضل صفر وزير الأشغال، وزير شؤون البلدية وفحوى هذا الاقتراح ما يلي:
عمل الدكتور سابا جورج شبر في دولة الكويت في وزارة الأشغال ثم بلدية الكويت فيما بعد، وقدم الكثير من علمه ومعرفته بتخصصه المهم، وكتب الكثير كما ذكرنا قبل قليل، وشارك في كثير من اللجان العاملة في مجال التخطط وواكب نهضة الكويت المعمارية، وهو بعد هذا يستحق التكريم والتقدير وأهم ما أراه مناسباً لذلك هو جمع تراثه وطباعته من أجل الحفاظ عليه بصفته من تراث الكويت المعماري، وسوف يكون مفيداً للمهندسين وللدارسين، وفي الوقت نفسه، وسوف يدل الناس على أن الكويت لا تنسى من أحبها وعمل من أجلها.
أرجو من الأخ الكريم الوزير أن يولي هذا الاقتراح عنايته، وأظنه سوف يفعل ذلك.
هذا وهناك الكثير مما ينبغي أن يقال عن هذا الرجل، ولكن المجال هنا لا يسمح بذلك، إلا أننا نأمل في العودة إلى الكتابة عنه مرة أخرى لكي نوفيه حقه فإن تراثه الفكري والمعماري نفيس لدرجة أنه يصعب التفريط به.
اشكركم اخواتي
معربة الجدين
بنت العريان
على مروركم الطيب وتعليقكم
والشكر موصول للأستاذ
المهندس سمو حوران
على اضافته لهذه الصوره النادره
وماشاء الله عليك لديك ارشيف ضخم عن صور الكويت
وفعلا تستحق لقب
ارشيف المنتدى المصور
كما سبق ان اطلقته عليك