صالح العجيري: الشيخ صباح كان يطمح في دور صلاح الدين لولا الغوص
فضفض لـ الوطن عن ذكرياته مع سموه أيام المدرستين المباركية والشرقية
د. صالح العجيري: الشيخ صباح كان يطمح في دور صلاح الدين لولا «الغوص»
كتب حامد السيد:
هل كان يحلم سمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد بان يمثل دور القائد صلاح الدين الايوبي على خشبة المسرح؟ وما سر ابتسامته الدائمة رغم كل ما مر ويمر بسموه من مشاغل وازمات؟ وما سر براعته في «القنص» وقدراته البارعة في صيد السمك؟
هذه الاسئلة وغيرها أجاب عنها الفلكي د. صالح العجيري من خلال استعراضه لـ «الوطن» ذكرياته مع سمو الامير الشيخ صباح الاحمد وكذلك الامير المرحوم الشيخ احمد الجابر والامير المرحوم الشيخ جابر الاحمد وذلك بمناسبة الذكرى الرابعة لتولي سمو الامير مقاليد الحكم.
وقال العجيري لـ «الوطن»: كان سمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد في صغره تلميذي في المدرسة الشرقية وكان يحب درس الجغرافيا ولعل ذلك كان تأهيلا لما اصبح عليه فيما بعد عندما تولى حقيبة وزارة الخارجية وزار كل بلدان العالم والتقى رؤساء وقادة وملوك وامراء هذه الدول كما التقى الوزراء والتجار والاقتصاديين والعلماء ورجال الدين واكتسب خبرات كثيرة في كل هذه المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية وساهم في طرح قضايا الكويت في الامم المتحدة وكان ومازال صوته مسموعا مدويا
واستطرد لما كتب لسموه ان يتسلم مقاليد الحكم كان لديه مايكفي من الخبرة ويزيد وله نشاطات اجتماعية وسياسية ويرعى الفعاليات والمؤتمرات والاحتفالات الرسمية ويحضرها بنفسه ويرعى المؤلفين والعلماء وجعل الكويت مركزا للعلم والمعرفة وساند مؤسسة الكويت للتقدم العلمي والمركز العلمي ومعهد الكويت للابحاث العلمية وله يد طولى فيما يتعلق بالوقف في الكويت كما ساند صناديق التنمية واللجان الخيرية ومما يسطر له بفخر انه رسخ حقوق المراة في الكويت وسيسطر له التاريخ هذه البادرة زد على ذلك انه حرص تماما على احتياطي الاجيال القادمة وشعاره دائما التعاون مع كل متعاون وناصح فهو رجل المهام الصعبة ومن اشهر اقواله " ان السهام لا تصيب الا العمالقة اما الاقزام المتضائلون فان السهام لا تصيبهم ومن يعمل هو الذي يخطئ».
الهرن الحية
وعن ذكرياته مع سمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح قال الدكتور العجيري: لي مع سموه ذكريات في ايام الشباب زمن البساطة واود في هذا الصدد ان اذكر علاقتي بآل الصباح الكرام قبل ثمانين عاما وتحديدا علاقتي بالشيخ احمد الجابر الصباح والد سمو الامير الشيخ صباح حيث كنت في منزلنا في منطقة عثمان الراشد في فريج السبت قرب غرفة تجارة وصناعة الكويت القديمة وعلى الرغم من ان والدي كان مدرسا وصاحب مدرسة كان يهوى تربية الاغنام ولما لم تكن هناك سيارات في ذلك الوقت كان والدي يخرج اغنامه الى الشارع فتغلق الطريق واذكر انه عندما كانت تمر سيارة المرحوم الشيخ احمد الجابر وقت خروج الاغنام كان السائق يهدئ السير فكانت فرصة ان اشاهد الشيخ احمد الجابر في ايامه الاولى واتذكر ان سيارة الشيخ احمد الجابر كان بها تمثال على شكل " حية" يخرج من فمها صوت " هرن " السيارة.
واضاف: اهدانا المرحوم الشيخ احمد الجابر قطعة ارض في منطقة الصالحية وبنينا فوقها منزلا ومسجدا وفي سنة 1938 كنت اعد رزنامة ولم يكن بالكويت مطابع فاخذها والدي واعطاها للمرحوم عبد الحميد الصانع الذي سلمها بدوره الى المرحوم الشيخ احمد الجابر حاكم الكويت الذي اعطاها الى عزت جعفر سكرتير الحكومة في ذلك الوقت وارسلها بدوره الى مصر وفي هذا الوقت اندلعت الحرب العالمية فتقطعت السبل وضاعت في "معمعة "الحرب
الامير وصلاح الدين
ومن ذكرياتي ايضا مع اسرة آل الصباح الكرام ان المرحوم باذن الله الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح كان معي في المدرسة المباركية ورغم اني كنت اكبره بخمس سنوات الا انه كان زميلي في الدراسة حيث كان يجمعنا صف واحد رغم اختلاف الاعمار وشاءت الصدف بعد تخرجي وانتقالي الى المدرسة الشرقية مدرسا ان كان هناك سمو الامير الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح وكان سموه وقتها طالباً في المدرسة وانا مدرس ولي معه ذكريات كثيرة ومنها كان لدينا درس في المحفوظات " النصوص" وكنت طلبت من الطلاب ان يحضر كل واحد بيت شعر او حكمة وعندما جاء دور سمو الشيخ صباح قرأ مجموعة من الابيات منها:
ان لم اصن بمهندي ويميني
ملكي فلست اذن صلاح الدين
تحمي الممالك ربها اما انا
فاريد احمي الملك لا يحميني
زعم الفرنج بانني احلو لهم
طوعا وارضى صفقة المغبون
واعود عنهم تاركا ملكي الذي
اهداه لي ربي الذي يهديني
فتفاجأت وسألت سموه: من اين حصلت على هذه الكلمات انها سر من اسرار المدرسة لانها مسرحية كنا ننوي عرضها في نهاية العام الدراسي فاجاب سموه اعطاني اياها الاستاذ معجب الدوسري ولما سألت الدوسري اجاب: اعطيته نص المسرحية حتى يختار له دوراً فيها لكنه اخذ الشعر وقرأه عليكم في الدرس فطلبت من مخرج المسرحية ان يبحث لسمو الشيخ صباح عن دور في المسرحية يتناسب مع عمره في ذلك الوقت ويبدو ان سموه كان يريد ان يقوم بدور صلاح الدين لكن عندما جاء موعد عرض المسرحية تفاجأنا ان عدداً كبيراً من الممثلين غير موجودين ولما سألنا عنهم قالوا ذهبوا في رحلة الغوص.
ابتسامة اصل
وأضاف العجيري: من ذكرياتي مع سمو الشيخ صباح انني كنت مراقبا ذات يوم في المدرسة الشرقية للبنين والمراقب كان يقوم بدور الاشراف في احد ايام الاسبوع كنت واقفا في الساحة ومعي جرس المدرسة ولما خرج الطلاب للاستراحة فوجئت بأن احد الطلاب وكان من عائلة النصف سقط على الارض والطلاب يصفقون ويضحكون فغضبت وكان بجانبي احد الطلاب فضربته ضربة قوية بالجرس فخفت ان يكون اصابه مكروه لكني فوجئت بانه يضحك وكان هذا الطالب هو سمو الامير الشيخ صباح وعندما اتذكر ابتسامة سموه آنذاك وارى ابتسامته حاليا اقول ان هذه الابتسامة اصيلة وليست مكتسبة.
واشار العجيري الى ان من اقرب اصدقاء سمو الامير الشيخ صباح الاحمد في صغره ايام الدراسة كان عقاب الخطيب وبرجس الحمود واولاد اهل شرق من بيت النصف والمضف والروضان.
وذكر العجيري انه كان يكبر سمو الامير الشيخ صباح الاحمد بتسع سنوات والمرحوم الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد بخمس سنوات مشيرا الى اننا كنا مجموعة من المدرسين وكان معنا مدير المدرسة وهو سوري اسمه فيصل العظمة وقال لنا انه كان يظن ان البيوت في الكويت عبارة عن بيوت شعر وخيام لكن حين حضرت للكويت وجدتها بلداً عامراً وبها بيوت ولذلك نفسي ارى واشاهد بيت شعر والجمال والخيام فقال الاستاذ احمد البشر ان من يستطيع تدبير ذلك هو الشيخ صباح وبالفعل نفذ الشيخ صباح وجهز لنا بيت شعر في الصحراء واحضر جملين والكل كان سعيداً بذلك.
واضاف كنت ذات مرة في بيروت وقابلت الاستاذ فيصل العظمة في فندق جبل لبنان وعندما رآني ابلغني انه الف كتابا واسماه " في بلاد اللؤلؤ" عن الكويت ويريد طباعته فطلبت من سمو الشيخ صباح الاحمد طباعته لكن الشيخ صباح قال لا توجد عندنا مطبعة فليطبعوا الكتاب في لبنان ونحن نتحمل التكاليف وهذا ما حصل وتم توزيع الكتاب من قبل المرحوم صالح شهاب ولكن نفدت الكمية وبهذه المناسبة اهيب بمن لديه نسخة من هذا الكتاب ان يسلمني اياها لاعطيها لسمو الامير الشيخ صباح الاحمد كي يأمر بطباعتها مرة أخرى وسأقول لسموه مثلما طبعته في المرة الاولى نود ان تطبعه للمرة الثانية لانه كتاب رائع وجميل ويحكي تاريخ الكويت فترة ماقبل النفط.
قناص بارع
وعن اهم ما يميز سمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح قال العجيري ان سمو الامير له قدرات خاصة وله باع في صيد السمك ويعرف انواعه الكثيرة و "قناص" ويصيب الهدف بدقة وعلمت ان الشيخ احمد الجابر يرحمه الله كان يريد لابنيه المرحوم جابر والشيخ صباح اطال الله في عمره ان يتدربا على الرماية وفعلا كان مدربهما يرمي لهما علبة الكبريت في الجو ويطلب منهما اصابتها بسلاح الرماية.
وتذكر العجيري ايام كان مدرسا وقال كان في احد الكتب صورة لنهر النيل في مصر وفيه سفينة صغيرة فسألني احد الطلاب عن السفينة وكان سمو الشيخ صباح موجودا فقلت له ان هذه السفينة اسمها " شويعي" كتصغير لكلمة شوعي وهي اسم سفينة كويتية وبعد تلك الحادثة صار الشيخ صباح يناديني شويعي بدلا من صالح وشجع الطلاب ان ينادوني بنفس الاسم لدرجة انني هربت من المدرسة الشرقية وذهبت الى المدرسة الاحمدية
وختاما قال العجيري اشكر سمو الامير الشيخ صباح الاحمد الصباح على كل ما قدمه لي من تشجيع مادي وادبي واتمنى من الله ان يزيد سمو الامير فضلا على فضل وان يوفقه لخدمة الوطن والمواطنين وان يوفقه في كل ما يقوم به.