الكويت على أبواب عودة الديموقراطية البرلمانية
ضمن ترتيب خاص مع احد موظفي الارشيف الوطني حصلت القبس على «8 ملفات / وثائق» عن الكويت تُظهر بعض ما جرى بين الكويت وبريطانيا وأحداث عام 1980. تم تصوير الملفات ووضعها على «سي دي» وطباعتها، وهي كناية عن حوالي 380 صفحة فقط. سيتم الحصول على ملفات اضافية بعد اعياد نهاية السنة «لان عدد الموظفين قليل جداً بعد صرف ما يصل الى ثلث القوة العاملة في الارشيف في نطاق التوفير الذي تقوده الحكومة الائتلافية في بريطانيا».
في الاول من فبراير 1980 كانت السفارة البريطانية في الكويت تتابع بدقة ما تخطط له الحكومة الكويتية لعودة الديموقراطية الى البلاد، وما ذكر عن اقتراب تشكيل لجنة لتنقيح الدستور قبل عودة مجلس الامة الذي كانت علقت اعماله في عام 1976.
ورفع الدبلوماسي البريطاني ايان مكلوني، بصفته خبيراً في الشؤون الكويتية والديموقراطية في العالم العربي، وبعدما اجتمع مع عدد من القيادات السياسية ورموز الحكم في البلاد، خصوصا بعد اجتماع مع الشيخ جابر العلي تقريراً الى اوليفيا باجيت المسؤولة عن مكتب الكويت في دائرة الشرق الاوسط في الخارجية البريطانية.
وذكر مكلوني ان الامير ابلغ الصحافيين، الذين رافقوه في الطائرة الى فاس، حيث انعقدت القمة الاسلامية، ان «الحياة البرلمانية يجب ان تُستأنف» رغم انه لم يُحدد موعداً لذلك.
وكان نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الاحمد ابلغ الصحافيين في 24 يناير 1980 انه «في غياب الشيخ سعد لن يُتخذ شيء لكن بعد عودته في 27 الجاري سنتداول في الامر وستستأنف لجنة تنقيح الدستور اعمالها».
صيغة تشاورية
ولاحظ الدبلوماسي البريطاني ان ادارة شؤون البلاد في غياب مجلس الامة كانت تتم وفق صيغة تشاورية بين الامير وولي العهد والوزراء ومن ثم كبار رجالات الكويت والعائلات الاصلية، اضافة الى بعض وجوه القبائل، الذين يمثلون ركيزة اضافية لحكم آل الصباح.
وشدد، على نقطة دستورية، وهي ان تعليق البرلمان ينتهي وفق الامر الاميري لعام 1976 في اغسطس 1980 رغم ان بالامكان تمديد الفترة بامر اميري جديد «اذا اقتضى الامر».
وفي البند الرابع من التقرير اشار مكلوني الى انه «عندما تجتمع لجنة تنقيح الدستور يجب ان تقترح تعديل بعض المواد مما سيسمح بانتخاب نواب جدد وفق معايير اضافية، ومن المرجح ان تعدل مادة او مادتان على الاكثر تتناولان عمل النواب والعلاقة بين السلطات على ان يبقى الامر في النهاية للامير ليقرر».
مساجد للشيعة
وتحدث التقرير عن ان سكان العاصمة، التي تمددت منذ الاستقلال خارج السور وشهدت انتقال المواطنين للعيش في الضواحي، لا يزالون يتجمعون وفق انتمائهم الطائفي وترفض الحكومة، على سبيل المثال، الانفاق على بناء مساجد جديدة للشيعة في بعض المناطق بعدما انتقلوا من مناطق قرب الواجهة البحرية، حيث كان التجمع الاكبر لشيعة الكويت.
وانطلاقاً من اعادة توزيع السكان على المناطق ان تقرر ما اذا كان على الكويتيين الاقتراع في المنطقة التي ولدوا فيها ام في المنطقة التي انتقلوا اليها للسكن، بعد توسع العاصمة، ويبدو ان هذه المسالة حساسة جداً وقد تغير تركيبة مجلس الامة الجديد.
دوائر جابر العلي
وتحدث عن ان توزيع الدوائر الانتخابية، التي كان معمولاً بها سابقاً ورسمها الشيخ جابر العلي خلال فترة تولى فيها وزارة الداخلية، كانت تعطيه مزايا للحصول على دعم ابناء القبائل في وجه غيره من الشيوخ.
واعرب عن خيبة امل بريطانيا من ان اليوم الوطني لن يكون موعداً لاعلان استئناف الحياة الديموقراطية وتحدث عن الخشية من ان تعطي التطورات في ايران حجة جديدة للامير لتمديد فترة تعليق الحياة البرلمانية.
واعاد التذكير بان احداث الخريف الماضي وتظاهرات الشيعة وابعاد المهري وعائلته الى ايران تعطي الامير حججا اضافية للامساك بالسلطة بقوة وعدم السماح بعودة مجلس الامة.
قانون التجمعات غير دستوري
وأعطى مكلوني مثالاً على التوتر الطائفي في الكويت ما نادى به المحامي خلف الخلف(شيعي)، الذي كان سحب منه جوازه لمحاولته السفر الى السعودية من دون اوراق ثبوتية، تحدى الحكومة عندما ادعى امام القضاء ان القانون الجديد الذي ينظم التجمعات والتظاهرات غير دستوري ويتعارض مع بعض مواد دستور عبدالله السالم.
وكانت قيادة الامن، على سبيل المثال، منعت تجمعاً دعا اليه اتحاد طلاب الجامعة كان سيُعقد تحت شعار «لماذا نخشى الاسلام؟».
وكان الطلاب يخططون لاقامة معسكر في الصحراء خلف مطار الكويت لكن الحكومة اعتبرت المعسكر غير مشروع وفق القانون الجديد.
حقوق المرأة
وتحدث الدبلوماسي البريطاني عن ان لجنة تنقيح الدستور تنظر ايضا في حقوق المرأة الانتخابية وما اذا كانت ستُمنح حق الانتخاب والتقدم للحصول على عضوية مجلس الامة.
واشار الى ان الدستور يساوي بين الرجل والمرأة لكن الاخيرة لا تتمتع بحقوقها الانتخابية مما تعتبره انتقاصاً لحقوقها ودورها في المجتمع.
واستشهد بما قاله وزير العدل، اثناء زيارة اخيراً الى البحرين ولدى سؤاله عن توظيف المرأة في الكويت، اننا سمحنا للمرأة بالدراسة ودخول الجامعة مما يعني حقها المطلق في الوظيفة. واعطى مثالاً على ذلك بان كلية الشريعة في جامعة الكويت ترأسها امرأة «رغم انه لم يُسمح لهن بعد بتولي مهام قضائية».
منع الاختلاط
ولاحظ الدبلوماسي البريطاني ان اللجنة القانونية في وزارة الاوقاف ابلغت ادارة الجامعة اخيراً بضرورة فصل الطالبات عن الطلاب ومنع الاختلاط، واذا لم يكن من الممكن فصل الطلاب عن الطالبات يجب ان ترتدي النساء لباساً اسلامياً محتشما.
وتساءل يجب علينا الانتظار لنرى كيف سيتم اشراك المرأة في البرلمان وما اذا كانت ستفصل في الجلسات عن الرجال.
ونقل الدبلوماسي عن مجموعات كويتية قولها «ان الحكم يأخذ في الاعتبار ما يجري في الدول المجاورة، لكن الكثيرين ينادون بعدم انتظار السعودية او غيرها لاقرار مستقبل المرأة في الكويت».
تشكيل لجنة التنقيح
وفي العاشر من فبراير تم صدور امر امير بتشكيل لجنة تنقيح الدستور، وجاء في تقرير رفعه مكلوني الى اوليفيا في دائرة الشرق الاوسط في 18 فبراير 1980 «ان اللجنة تشكلت من 35 عضواً وستعقد اولى جلساتها في التاسع عشر من فبراير في مبنى مجلس الامة وسيكون عليها اعداد تقرير بتوصياتها عن البنود التي يجب ان تعدل خلال ستة اشهر وترفع بعدها الى رئيس الحكومة وللوزراء حضور اجتماعات اللجنة ومشاوراتها بعدما تختار اللجنة رئيساً ليدير اعمالها وستكون قرارات اللجنة بالغالبية المطلقة.
وضمت اللجنة 13 نائباً سابقاً وخمسة محامين وثلاثة صحافيين واكبر اعضائها احمد العصيمي في الثمانين من عمره وشغل منصبه النيابي في المجالس الاربعة منذ عام 1963، كما ان غالبية الاعضاء فوق سن الخمسين.
العائلات التجارية
ولاحظ ان العائلات التجارية ذات الوزن لم تتمثل مباشرة في اللجنة التي ضمت سبعة من الشيعة.
وتحدث التقرير عن ردود فعل الصحافة وعما ذكرته عن ان اللجنة ستقرر ان يتم الاقتراع في الدائرة التي يعيش فيها المقترع وليس وفق دائرة ولادته وان يكون عدد النواب يمثل عدد سكان الدائرة الانتخابية وعلى ان يمثل خمسة نواب كل الفي شخص في الدائرة.
وكان الشيخ سعد قال انه سيقترح على اللجنة ان يُسمح للنساء بالاقتراع وعلى الفور اعلنت الدكتورة امل العذبي الصباح مديرة شؤون المرأة في جامعة الكويت تأييدها لاتجاه الشيخ سعد الذي قال «كلنا نثمن دور المرأة وجهودها في بناء المجتمع وانا حريص لانصافها واعطائها الحقوق التي حُرمت منها طويلاً».
وشهدت الكويت في الايام العشرة الاخيرة حديثاً متواصلاً وبحماسة عن الديموقراطية وكانت الصحافة الاكثر ميلاً لكتابة تعليقات اساسية تمثل وجهة نظر التيارات التي ينتمي اليها اصحاب الصحف ولم تخل تعليقات الصحافة عن انتقاد تركيبة لجنة تنقيح الدستور.
الاتجاه القومي
على سبيل المثال اشارت الصحافة الى ان لجنة تنقيح الدستور تمثل العجزة والقبائل في حين غاب عنها مؤيدو الاتجاه القومي للدكتور احمد الخطيب او للمفكرين والمثقفين او حتى احد رؤساء مجلس الامة السابقين او التجار او التيارات الشعبية، ما يعني غياب الاستماع الى رأي الشعب.
ودعت الصحافة الى منع الحكومة من سحب جنسية اي مواطن لان الجواز من حقه الذي كفله الدستور.
جريدة القبس - 6/1/2011
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
|