الكويت تستعجل التعاون بين دول الخليج
ضمن ترتيب خاص مع احد موظفي الارشيف الوطني حصلت القبس على «8 ملفات / وثائق» عن الكويت تُظهر بعض ما جرى بين الكويت وبريطانيا وأحداث عام 1980. تم تصوير الملفات ووضعها على «سي دي» وطباعتها، وهي كناية عن حوالي 380 صفحة فقط. سيتم الحصول على ملفات اضافية بعد اعياد نهاية السنة «لان عدد الموظفين قليل جداً بعد صرف ما يصل الى ثلث القوة العاملة في الارشيف في نطاق التوفير الذي تقوده الحكومة الائتلافية في بريطانيا».
في الرابع والعشرين من يناير 1980 زار سفير الكويت في المملكة المتحدة الشيخ سعود الناصر وزارة الخارجية البريطانية للاستفهام عن نتائج جولة لورد كارينغتون في الشرق الاوسط.
وجاء في التقرير، الذي كتبه مستر مايرز من دائرة الشرق الاوسط ورفع نسخاً منه الى الوزير دوغلاس هيرد وسير ديفيد ميتلند وغيره من مسؤولي الخارجية المسؤولين عن ملف الكويت والسفير البريطاني في الكويت سيدني كمبريدج، ووفقاً للسفير، ان الكويت ترى في الغزو السوفيتي لافغانستان تهديداً لاستقرار امن المنطقة باكملها وتقدر الكويت الرد السريع للمملكة المتحدة على الغزو وتُثمن الجولة التي قام بها لورد كارينغتون ومن ثم جولة الوزير هيرد «وتنتظر الكويت زيارة الوزير هيرد بفارغ الصبر».
ورأى كاتب التقرير ان السفير ابلغ مسؤولي الخارجية الذين التقاهم ان الكويت تستعجل التعاون الامني بين دول المنطقة لملء الفراغ الذي خلفه خلع الشاه وهي تتطلع الى المعونة البريطانية في تسهيل ذلك!
وذكر السفير انه غير واثق من ان المملكة العربية السعودية تريد المشاركة وقال «انهم يفضلون الاعتماد على الولايات المتحدة لأنها دولة عظمى».
قلق كويتي
ولاحظ كاتب التقرير ان حكومة الكويت قلقة من استمرار عدم الاستقرار والفوضى في ايران وما يُشاع عن امكانات تقسيم البلاد، كما ان الكويت قلقة جداً مما يجري في اليمن وعُمان. واشار السفير الى ان حكومته كانت تأمل بقيام علاقات افضل بين السعودية وجمهوريتي جنوب اليمن وشماله ما يمنع البلدين من الاتكال على المعونة التي يقدمها الاتحاد السوفيتي والدول الدائرة في فلكه.
ولاحظ الشيخ سعود ان العراق ادان الغزو السوفيتي لافغانستان لكنه اعرب عن اعتقاده ان بغداد لن تكمل الطريق نفسه لعلاقاتها العسكرية الجيدة مع السوفيت.
واعرب السفير عن شكه في امكانية خروج القمة الاسلامية في اسلام آباد بموقف حازم من السوفيت لان الجنرال ضياء الحق كثير الشكوك بما يريده الغرب ولا يريد ازعاج السوفيت على الاطلاق.
وابلغ السفير الخارجية البريطانية ان الكويت تتطلع بايجابية الى ما سيعلنه الرئيس جيمي كارتر في خطاب الاتحاد (امام الكونغرس) عن التزام الولايات المتحدة الكامل امن الخليج واستقراره.
واعرب عن اسفه «لان ازمة افغانستان ستؤدي الى اثارة انقسام ما بين الدول العربية وما بين الدول الاسلامية كذلك».
ونقل الشيخ سعود تحيات الشيخ سعد وشكره على الاهتمام الذي لقيه في لندن اثناء فترة العلاج.
وقال مستر موبرلي، في الفقرة الاخيرة من التقرير، انه سيزور الشيخ سعد في فندق دورشستر مساء لابلاغه تحيات الحكومة البريطانية وتمنياتها له بعودة مريحة الى الكويت في السابع والعشرين من الشهر.
لجنة ثنائية
وكان الشيخ سعد اقترح خلال وجوده في لندن، واثر الغزو السوفيتي لافغانستان، تشكيل لجنة ثنائية بريطانية كويتية للتعاون في مسائل تخدم مصالح البلدين.
وجاء في تقرير رفعه السفير البريطاني في الكويت الى تشارلز مايرز في دائرة الشرق الاوسط بتاريخ 26 مارس 1980 «يبدو ان الحكومة الكويتية تريد تشكيل هذه اللجنة بداية لخدمة التعاون التجاري ومن ثم تطويره لاحقاً ليشمل الامن الداخلي وغيره مما تراه مناسبا لمصلحة يستفيد منها البلدان».
وابدى السفير قلقه من عدم وضوح الرؤية لدى الجانب الكويتي وما «اذا كان الكويتيون يريدون هذه اللجنة او التعاون على غرار ما هو معمول فيه مع دولة الامارات العربية المتحدة».
واقترح السفير في التقرير، الذي حُفظ في الارشيف البريطاني تحت الرمز «ان بي كي 026/1»، ان تُترك المبادرة للكويتيين في طلب تشكيل اللجنة رسمياً علماً ان لدينا لجانا كثيرة معهم حتى الآن».
استماع أفضل
وكان السفير الكويتي في لندن اعلن في حديث الى وكالة الانباء الكويتية (كونا) في لندن في 17 فبرير 1980 تناول التعاون مع بريطانيا قال فيه «ان وصول حزب المحافظين الى السلطة غيرالسياسة البريطانية تجاه الكويت والمنطقة واصبحت الحكومة الجديدة في ظل السيدة مرغريت ثاتشر تستمع الينا عن كثب، كما اجرى المسؤولون البريطانيون اتصالات اكثر مع الجانب العربي في شأن تشجيع الحل في الشرق الاوسط».
واشار الى ان زيارة الوزير دوغلاس هيرد الى الكويت الشهر المقبل (مارس 1980) «ستكون فرصة لزيادة البحث في التعاون الثنائي وللاستماع الى وجهة نظره عن الخطوات التي ستتخذها بريطانيا تجاه منطقة الخليج والكويت ومنطقة الشرق الاوسط».
ولاحظ ان مصالح البلدين تلتقي في مختلف الجوانب الاقتصادية والامنية خصوصاً في ظل التغيرات التي حدثت في ايران وافغانستان.
استعادة الدور البريطاني
وقال «في ظل عزم بريطانيا حزب المحافظين على استعادة الدور البريطاني في مختلف انحاء العالم، تريد لندن لعب دور اقوى في الحفاظ على امن الخليج ومحاولة تأمين استقراره في المرحلة المقبلة، والدور البريطاني مكمل بشدة للدور الاميركي ومساعد له خصوصا مع معرفة لندن وخبرتها في شؤون المنطقة اكثر من الخبرة الاميركية فيها».
وذكر ان الكويت «ستُشجع هذا الاتجاه علماً ان مواقفنا تضع في الطليعة موقف اي دولة من ازمة الشرق الاوسط والحقوق العربية».
ونفى الشيخ سعد اي نية بريطانية لتزويد اسرائيل بنفط بحر الشمال لتعويضها عن خسارة النفط الايراني بعد الثورة الخمينية وقال «رغم مناقشة الامر في مجلس العموم فان الحكومة البريطانية ترى استحالة الامر حالياً».
وتحدث الشيخ سعود عن ان الحكومة البريطانية تجري محادثات مع ممثلي منظمة التحرير لكن «لندن لا تريد هذا الحوار ان يتخذ طابعاً رسمياً قبل نضوجه».
واشار الى ان الولايات المتحدة وبريطانيا على اقتناع بان الحذر ضروري مع الجانب الفلسطيني.
رد الكويت
في الوثائق، وعن العلاقات البريطانية الكويتية تبين ان سموالامير الشيخ جابر الاحمد تأخر اكثر من اسبوعين للرد على رسالة بعثت بها السيدة مرغريت ثاتشر في شأن تطورات روديسيا مطلع ديسمبر 1979 ولم تتلق جوابا عنها سوى في الخامس عشر من ديسمبر، خصوصاً ان الكويت كانت عضواً في مجلس الامن في تلك الفترة، وجاء في البرقية:
«من جابر الاحمد الصباح
الى صاحبة السعادة السيدة مرغريت ثاتشر المحترمة
رئيسة وزراء بريطانيا وشمال ايرلندة
يا صاحبة السعادة، لقد كان من دواعي سروري ان أتلقى رسالة سعادتك حول آخر التطورات في روديسيا، التي تتطلعون الى بلوغها ذروة النهاية باجراء انتخابات حرة في سبيل منحها الاستقلال وتسليم السلطة الى الجهة الفائزة وذلك على اساس حكم الاغلبية.
وقد اطلعت على ما تضمنته هذه الرسالة بما تستحق من اهتمام، كما اني تابعت في حينه مسيرة تقدم مؤتمر روديسا في لانكستر هاوس.
ويسرني ان احيطك علماً باننا قمنا ببعض الاتصالات في هذا الصدد، التي نرجو ان تكون مثمرة. اننا لواثقون على كل حال من ان سعادتك بما اتصفت به حكومتك من حكمة ودراية معهودة ستتمكنون في النهاية من التغلب على كل الصعوبات وتحقيق ما تصبو اليه جميع الاطراف المعنية من آمال واماني.
مع اخلص تحياتي واطيب تمنياتي راجين بان تكلل مساعيكم الطيبة بالنجاح.
وتفضلي يا صاحبة السعادة بقبول تحياتي
جابر الاحمد
امير الكويت
الكويت في 26 محرم 1400 هــ
الموافق 15 ديسمبر 1979م»
إشاعات نقل سعود الناصر
في خضم المشاورات البريطانية ــ الكويتية وتعزيزها بعد وصول المحافظين الى الحكم في لندن، جاء في برقية من السفير كمبريدج الى دائرة الشرق الاوسط في لندن تاريخها 8 مارس 1980 ان صحيفة «اراب تايمز» الصادرة بالانكليزية ذكرت ان الشيخ سعود الناصر ــ السفير الكويتي في لندن ــ سينقل الى واشنطن خلفاً للسفير خالد جعفر الذي سيعود الى الخارجية في الكويت. وقد يعين في لندن الشيخ ابراهيم الدعيج الصباح الوكيل المساعد في الديوان الاميري.
واشارت البرقية الى ان الشيخ سعود، الموجود حالياً في الكويت قال للسفير البريطاني انها مجرد اشاعات!
لكن السفير البريطاني اشار الى ان الدعيج لا يملك الخبرة الدبلوماسية اللازمة، وقال «انه سيكون سفيراً افضل من الشيخ سعود، وهو متواضع جداً ودمث الاخلاق وغير متعجرف».
وقال ان الشيخ دعيج مقرب من الشيخ علي الخليفة «النجم الصاعد في العائلة الحاكمة في الكويت».
وسارت الامور ببطء حتى منتصف يوليو وبعدها في الثامن من اغسطس تلقت السفارة الكويتية في لندن بلاغاً من وزارة الخارجية البريطانية جاء فيه:
«تقدم وزارة الخارجية تحياتها الى سفارة دولة الكويت وتبلغها، رداً على ما تسلمناه في 14 يوليو الماضي، ان جلالة الملكة وافقت على تعيين سعادة السيد غازي محمد امين الريس سفيراً فوق العادة في بلاط سانت جيمس».
الشيخ سعود الناصر الصباح
الشيخ ابراهيم الدعيج الصباح
جريدة القبس - 5/1/2001
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
|