صباح الأول - سليمان ماجد الشاهين
القبس - 30/10/2011
كتب سليمان ماجد الشاهين :
أثارت الكاتبة الفاضلة إقبال الأحمد في مقالها الرصين بجريدة القبس (23 أكتوبر 2011) مسميات الشوارع، وتفضلت السيدة الكريمة فريال الفريح بالتجاوب مع الموضوع مقروناً باقتراح واقعي ورأي حكيم، ولكن أخشى عدم استيعابه أو التردد في قبوله استجابة لـ «قانون» العادات والتقاليد.
وكان الأخ الاستاذ عبدالله بشارة تناول في زاويته الدسمة بجريدة الوطن هذا الموضوع بافاضته الغنية والمعهودة، تعرض فيها لاسماء الشوارع القائمة حالياً التي لا تنسجم مع المزاج الكويتي ولا تتوافق مع نسيجه مما فتح الباب لمزيد من النقاش.
وأحسب ان هذا الموضوع يستدرجني كلما طرح في الصحافة عبر الأقلام الجادة فأجدها فرصة أخرى أنفذ من خلالها لاعادة التذكير به، فقد تحدثت مع من يهمهم الأمر، وكتبت لمن بيده المتابعة، وحرضّت على قراءة تاريخنا المكتوب والموروث ووراء كل ذلك السؤال الذي لم أحظ بجوابه حتى الآن.
لماذا لا نرى اسماً لصباح الأول المؤسس لهذا الوطن العزيز علينا جميعاً من 1756 ــــ 1762م تقريباً؟ أين الشارع الأول والأهم في كل محافظة باسم صباح الأول؟ وأين اسمه على أكبر مشاريع الدولة أو أهم معالمها؟ دول العالم تعتز بمؤسسيها فتخلد اسماءهم بما يتناسب وادوارهم، والكويت لها تاريخها الذي كتبه الأوائل بطموحاتهم الكبيرة فنجعله حبيس المكاتب والكتب دون أجيالنا.
لست أسيراً للتاريخ بحسناته وسيئاته دائماً، ولكن علينا ان نستوعبه ونحتذي بأجمل ما فيه كي يكون منطلقاً للمستقبل، لأن الارتقاء الاجتماعي يحتاج الى القيم بقدر حاجته الى منجزات العلم، ولعل صباح الأول عندما قاد أهله وعشيرته الى هذه البقعة المباركة التي تبدو للوهلة الاولى بانها قاحلة وجافة وحارقة، طرأت على خاطره أهمية البحر المنفتح بلا حدود، فكانت عزيمة الصحراء في اكتشاف المجهول واحدة من دوافعه في التوجه الى هذه الأرض التي لا ينافسه أحد عليها ولا ينازعه أحد من أجلها، ومن هنا جاء اختيار الأوائل للشيخ صباح الأول للقيادة بالاختيار والشورى والتراضي، فكان السلام والاستعداد للتعايش والتعاون لبناء المستقبل المجهول أو المأمول هي هذه القيمة والارث المختزن في ذاكرة الأجيال.. أما تفاصيل التاريخ فعلى يقين بأن المؤرخة الفاضلة الشيخة د. ميمونة العذبي الصباح لديها ما يثري تلك الحقبة بالمعلومات المستظلة في خفايا ذلك الزمن وخباياه.
عجيب ان نتنازع اليوم على مسميات تكاد تطمس الجغرافيا والتاريخ، بل نتسابق على تحقيقها وكأننا نعيش الحاضر مبتوراً عن سياق الماضي أو معمياً عن مسار المستقبل.
لا أطيل في موضوع يعيش في ذاتنا، وقد تغني الاشارة عن طول العبارة، ولكن أُعيد ما سبق أن طرحته عبر قافية نقدية قبل سنتين بتوقيع «بيان» في هذه الصفحة من القبس، فلعل محاولات الشعر تحقق ما عجز عنه النثر، وذلك وفق ما سبق ان نشر في حينه بعنوان «عودة الذاكرة»:
طُفت العزيزة من جنوب لشمأل
مستطلعاً تاريخ مجدي الأول.
فبدأت بالخفجي أقلّب ناظري
حتى وصلت لما وراء العبدلي
ومشيت أَذْرَعُ ما استطعت مواقعا
عبر الضواحي مشية المتأمل.
وقرأت أسماء الشوارع كلها
ورأيت فيها المكتفى وسموأل.
فرجعت مهموماً بحزني علّني
أجد الجواب لما يثير تساؤلي
فإذا بأحلام المنام تهزني
وإذا بأطياف الأوائل تسألي
ماذا دهاكم إذ نسيتم مجدكم
لا ينصف التاريخ مجد المهمل.؟
عودوا بذاكرة الكويت لأهلها
فتعيد ذكراً عن صباح الأول.
سليمان الشاهين
|