كتاب «الكويت بين الأمس واليوم»
كتاب «الكويت بين الأمس واليوم» يوجز صورتها ماضياً وحاضراً:
حكامها مستقلون ورجالها ضد الإذعان ونساؤها عُرفن بمثابرتهن
الكويت لاتزال مشهورة بشعبها الأكثر شجاعة وتعلقاً بالحرية في الخليج كله
كتاب متميز لإحاطته بكل ما يتصل بشؤون الكويت وشجونها في التاريخ والجغرافيا والاقتصاد والسياسة والتعليم والديموغرافيا
بيروت ـ عمر حبنجر
«الكويت بين الأمس واليوم» كتاب يحمل الرقم 56 في مجموعة «أطلس الرحلات» صدر بالفرنسية في لوزان عام 1967، لمؤلفه البريطاني ميريك دوبسون الذي عاش في الكويت 15 سنة من العام 1952 حتى العام 1967 وترجم مؤخرا للعربية والإنجليزية في بيروت بعناية د.حسن عاصي، ونشرته «دار المواسم». قدم للكتاب الرئيس د.سليم الحص والشيخ فيصل خليفة المالك الصباح.
الرئيس الحص يقدره الكويتيون حق قدره، لما كانت له من مواقف شجاعة نصرة للكويت إبان الاحتلال الصدامي الغاشم، قال في تقديمه لكتاب «الكويت بين الأمس واليوم» «ان هذا المؤلف بما يزخر به من معلومات ومعطيات يسد فراغا في الأدبيات التي تؤرخ للكويت الشقيقة، وقد أجاد المؤلف كل الإجادة في وضع هذه الدراسة القيمة».
الدور الكويتي المشهود
وأضاف: لطالما لعبت الكويت دورا بارزا في مجال التطور العلمي والحضاري والتنموي، وبفضل قياداتها الحكيمة والراشدة التي عرفتها عبر سنوات طويلة في الحكم تمكنت من تحقيق هذه الأهداف الإنسانية السامية، وها هي اليوم كما في الماضي رائدة هذا المشروع النبيل، الهادف الى تعميق أنسنة المواطن العربي في سائر الأقطار العربية، والانتقال به الى ما يصبو اليه من رفعة ورقي.
لقد تعرض لبنان للكثير من الحروب والمشاكل التي جعلته عرضة للتخلف التنموي والاقتصادي والاجتماعي، الأمر الذي دفع بالكويت الشقيقة وبعض الدول العربية الأخرى لمد يد العون الى لبنان، الذي بات يفتقر الى أدنى مقومات العافية والنمو، وذلك من خلال تقديم المساعدات والقروض لإنجاز المشاريع التنموية والإصلاحية على الصعد كافة، وقد برز دورها ايضا في دعمها السخي لقطاع السياحة، الذي بات له دور مرموق في الاقتصاد الوطني اللبناني.
الكويت.. ريادة وأمانة
وفي تقديمه قال الشيخ فيصل خليفة المالك الصباح ان هذا الكتاب الذي نقدم له، والذي يعرض واقع الكويت ماضيا وحاضرا، ليس الأول في مجاله ولن يكون الأخير، فقد سبقته كتابات نشرها مستشرقون، رحالة ومقيمون وعرب وأوروبيون التقوا فيها على التنويه بأهمية الكويت موقعا ودورا، وأميرا وحكومة وشعبا، وأجمعوا على الاشادة بما لمسوه من نزاهة حكامها وعدالتهم، وبما وقفوا عليه عند الكويتيين، من أصالة وشهامة، وأنفة وعزة وإباء.
ها هي الكويت بكلام رونكيير الدنماركي عام 1912، أهم مدينة تجارية في الساحل الشرقي للجزيرة العربية، هي المفتاح، ليس فقط لبلاد الرافدين، بل أيضا لوسط الجزيرة العربية، وهذا يلتقي فيه مع كلام ستمريخ الألماني عام 1900، بأن الكويت فائقة في النظافة وجودة البناء... تجتذب التجار عربا وفرسا، من كل الانحاء، نتيجة حكمها العادل الذي يسوي بين الجميع، كما في كلام لويس بلي البريطاني عام 1963.
أمير الكويت في كلام الرحالة شيخ حاكم مستقل استقلالا تاما... حريص على الاحتفاظ باستقلال الكويت، كما في «التايمز» اللندنية عام 1911، وطريقة حكم الشيخ جابر أبوية تتميز بالاعتدال ـ الكابتن هنيل البريطاني 1841... شيوخ الكويت يتمتعون بدرجة كبيرة من الاستقلال عن النفوذ التركي ـ كارل ريتر عام 1844.. والشيخ مبارك كان رجلا يسبق عصره بجيل ـ ستانلي ماليري 1914.
الكويتيون يتميزون بحيوية وشجاعة.. وترابط وثيق فيما بينهم، وبعد عن الاحقاد والمنازعات، جعلتهم محل احترام ومهابة ـ هنيل البريطاني 1841... الكويت لاتزال مشهورة بأن شعبها هو الأكثر شجاعة وتعلقا بالحرية في الخليج كله ـ بكنجهام 1816... منهم حاكمهم وقاضيهم. فهم شبه جمهورية، مدحت باشا والي بغداد عام 1872.
رجال الكويت ونساؤها
الرجال في الكويت تجار وبحارة، والنساء مشهورات بمثابرتهن ومهارتهن في جميع الاشغال اليدوية كالحياكة والغزل والنسيج.. .وهن الأجمل بين كافة نساء الخليج – لوشر الاميركي عام 1868.
في هذا السياق، يندرج كتاب البريطاني ميريك دوبسون، الذي عاش في الكويت على مدى خمس عشرة سنة (1952 ـ 1967)، المرحلة المهمة آنذاك من خلال ما شهدته من تحولات اقتصادية واجتماعية وعمرانية، فجاء سجلا لتلك المرحلة وتأريخا لما رآه دوبسون وعايشه هناك.
وقد نجح الدكتور حسن عاصي باعتنائه بالكتاب والتقديم له، بتلمس ذلك، والإضاءة على نقاط الالتقاء بينه وبين تلك الدراسات والآراء، قديمة وحديثة ومعاصرة ليخلص من ذلك إلى التنويه بما أجمعت عليه تلك الكتابات على مدى الحقب والمراحل الزمنية: يؤيد ما ذهب إليه الرحالة والمستشرقون، ويشيد بما أجمعوا عليه.
فخر واعتزاز
في هذا المقام، يختلج في خاطري شعوران:
فخر واعتزاز بالانتماء الى الكويت، وطنا وكيانا.. أميرا وحكومة.. وأهلا وشعبا ومجتمعا.
وشعور برهبة وتهيب، أمام ما يحتمه علينا الفخر بذلك الانتماء، من واجب الحفاظ على ذلك الإرث والتراث وإزاء ما يلقيه على عاتقنا من أمانة، نسأل الله أن يعيينا على حملها والوفاء بها.
الكويت.. وطن آمن مستقر
د.حسن عاصي قال في تقديمه للكتاب: انه يتناول ماضي الكويت وتاريخها، يعرض لأمسها ويقارنه بحاضرها ويومها، ليظهر بالدليل والحجة، وبالصورة والوثيقة ان لؤلؤة الخليج تليق بما تتبوؤه من مكانة في المنتديات العالمية وخليقة بما لها من ريادة في المحافل الدولية من خلال شواهد عديدة لعل ابرزها.
1- شهادات الرحالة مقيمين ومبعوثين وزائرين اوروبيين وسواهم، في سائر مراحل وحقب التاريخ البعيد والقريب، واتفاقهم على تميز ذلك البلد، موقعا مميزا مهما ومجتمعا كريما متسامحا يتساوى فيه الجميع مواطنين ووافدين، في ظل حكم عادل بحزم متسامح بعزم، دؤوب على صلاح امر الرعية ساهر على تدبير شؤونها.
2- اجماع هؤلاء الرحالة المبعوثين والتقاؤهم على الموقف عينه والملاحظات ذاتها من خلال مصطلحات واحدة في غالبها، وردت في تقاريرهم ومذكراتهم.
3- كلام هؤلاء الرحالة والمبعوثين يعود الى ما قبل ظهور النعمة في الكويت بعقود وقرون، اي قبل اكتشاف النفط وتدفقه قبل ذلك بعشرات ومئات السنين، مما يعطي ذلك الكلام صدقية ويهبه موضوعية وينأى به عن تقرب لنيل وطر، او محاباة لتحصيل منفعة.
وكتاب «الكويت ـ ضمن سلسلة اطلس الرحلات»، الذي لنا فيه شواهد في عملنا هذا يأتي في هذا السياق، اذ ان مؤلفه البريطاني ميريك دوبسون الذي وضعه بالفرنسية ونشره في لوزان عام 1967 ضمنه مشاهدات رآها ورؤى عايشها، آثر ان تكون الصورة سبيله للتعبير عما شاهده ورآه صور ورؤى استحكاها واستنطقها فجاءت في سياق ما نذهب اليه تدعمه وتؤيده.
الكويت، ذلكم البلد الخير المعطاء نميل له، والكويتيون ذلك الشعب الطيب الوادع ننحاز اليه، ميل وانحياز يترجمان الوفاء لذلك البلد والعرفان بالجميل لذلك الشعب، الذي يشهد بطيب شمائله من كانت له معه تجربة وينوه بأصالته ونبل سجاياه من خالطه وعاشره ورافقه.
ما اردناه من ادلة وشواهد على لسان الرحالة والمبعوثين، وفي تقاريرهم ومذكراتهم وفيما اعتمدناه من منهجية تاريخية وتوثيقية. كل ذلك يؤيد ما ذهبنا اليه وما رمينا الى التنويه به.
الأمير
ويعرض الكتاب لنظام الحكم الذي وصفه بالابوي، ومنذ ما يزيد على مائتي سنة امير البلاد يجب ان تتوافر فيه خصال اربع: الشجاعة، السخاء، الحكمة، والتوفيق.
يتم اختيار الامير في اجتماع يلتقي فيه اعضاء الاسرة ويختارون من بينهم من تتوافر فيه هذه الخصال: (امرهم شورى بينهم).
يذكر في هذا السياق الامير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح وينوه بسخائه ازاء رعاياه، حيث خصص القسم الاكبر من عائداته لشعبه، كان يجتمع برفاقه القدامى مرة في الاسبوع ويدعوهم لتناول طعام العشاء.
كان حكيما يحب الكتب ويكره الفخفخة، ورث من سلفه «يختا» مجهزا بهاتف من الذهب، باع هذا اليخت لأحد افراد العائلة المالكة العراقية، وأوصى ببناء يخت اكثر تواضعا في مصنع كويتي للسفن.
وقد تلقى شخصيا سيارة رولز ـ رويس من الطراز الملكي ذات المقاعد المرتفعة لكي تراه الحشود، وقد وهب السيارة واكتفى بسيارة كاديلاك، مثل الاخرين، كان الامير اقل غنى من سواه.
الأمير مبارك من حسن حظ الكويت
عام 1966 خفض الامير شخصيا حصته من 12 مليون دينار الى ثمانية ملايين دينار، وينوه الكاتب بأهمية الامير الشيخ مبارك ويقول: من حسن حظ الكويت ان الشيخ مبارك الذي جاء الى الحكم عام 1894 عرف كيف يبذل المهارة والطاقة. وقد نال بجدارة الصفة التي اطلقها عليه مواطنوه اذ نعتوه بالكبير».
الكويتيون
ينوه دوبسون بما لمسه عند الكويتيين من حب الاستقبال الرائع والإباء وروح الضيافة وعدم نسيان الجميل بالنسبة للحسنات المقدمة لهم.. انهم متدينون جدا، لديهم احترام صارم ودقيق للواجبات الدينية، الشيوخ أتقياء دون تفاخر او تعصب ولا تزمت.
انهم اكثر الاحرار والاشداء بين جميع السكان القاطنين على شواطئ الخليج، من هنا واستنادا الى ذلك كان استقلال الكويت عمليا ناجزا، ويحتل بحارة الكويت اول مرتبة من حيث الجرأة والمهارة.
ويصف لنا دوبسون كيف اشرف يوما على حرق جثة لأحد الهنود الذي توفي هناك، ثم تم حرق جثته عملا بتقاليد بني قومه.
النص
الكتاب في غاية الاهمية، اذ لا نعتقد في حدود علمنا بوجود كتاب في شموله واحاطته بكل ما يتصل بشؤون الكويت وشجونها، ودقة الوصف فيه لكل ما تناوله من مسائل وقضايا في لؤلؤة الخليج، انه صورة الكويت على مدى السنوات الخمس عشرة، وتظهر فيه بكل تفاصيلها، في التاريخ والجغرافيا، في الاقتصاد والسياسة، في التربية والتعليم، في الدين والمعتقد، في الديموغرافيا، في التوجهات القومية والسياسية، في الشؤون الدستورية والقانونية، في تقاليد شعبها واعرافهم وعاداتهم، وحتى في الشؤون الجنسية كذلك.
انه سجل ووثيقة يشكلان مرجعا اساسا، يصح اعتماده لكل ما يتصل بشؤون الكويت انذاك.
اعتمد دوبسون في كتابه هذا اسلوبا سلسا، واضحا معبرا، تلمس جذور المصطلحات التي شاعت في الكويت ولم تكن في لغة اهلها، وطبيعي ذلك امام تعدد الجنسيات والقوميات واللغات في المجتمع الكويتي، عرض لتلك المصطلحات: فارسية، انجليزية، هندية وسواها، شرحها، علل شيوعها، وتلمس جذورها.
ولم يخل أسلوبه من فكاهة ودعابة ففي وصفه لطباخ يتصبب العرق من جبينه اذ لم يكن هناك تكييف في المطبخ، «لم تكن هناك حاجة الى تملحة الصحون، فرائحة الطبخ كانت كافية».
الكويت بالأمس
في تلمس لجذور التاريخ في الكويت، ومن خلال ما كشفت عنه بعثات الآثار، فرنسية ودنماركية وسواها، فإن الحياة كانت متصلة هناك، وتحديدا في منطقة تل الخزنة بجزيرة فيلكا، الى العصور الهيلنسية، منذ القرن السادس قبل الميلاد، وفي جنوب فيلكا كذلك، حيث تم العثور على آثار مدينة دلمونية تعود الى العصر البرونزي، وآثار اغريقية متنوعة تشير الى ان الاغريق استوطنوا تلك الجزيرة نحو قرنين من الزمن، ما بين 300 و100 قبل الميلاد، واقاموا فيها مساكن ومعابد وقلعة كبيرة.
والكويت اليوم
اما حديثا، فإن الكلام عن تاريخ الكويت يعود الى مطلع القرن السابع عشر الميلادي، حين بدأ توافد الاسر والقبائل قادمة من الجزيرة العربية، تجذبها اهمية ذلك الموقع ومميزاته، وما يتمتع به من خصائص ومقومات، تغري الوافدين للاستقرار فيه، والاستيطان في رحابه، لتنمو فيه عناصر الحياة تطورا وازدهارا.
وهذا ما كان، حيث ان تلك البقعة التي اصبحت الكويت، فيما بعد راحت تنمو وتزدهر، لتشكل مع الزمن كيانا قائما بذاته، تتوافر فيه كل عناصر المجتمع: ديموغرافيا واقتصاديا وعمرانيا، وكان من الطبيعي وحسب كل النظريات السياسية ان تبرز الحاجة الى سلطة تتولى قيادة المجتمع وتشكل مرجعية لتلك الشعوب والقبائل التي تعارفت في حلها وترحالها، مرجعية ترعى شؤونها وتدير امور حياتها، ومن البديهي والحالة هذه ان تتجه الانظار الى من هو محط ثقة، يجمع الى قيم الخير ومبادئ الحق والعدل وما تطمئن اليه الرعية، الحزم والبأس وروح المبادرة، شيما وسجايا توحي للجميع بالامن والامان، وكان آل الصباح، وكان الحكم في تلك الاسرة منذ ذلك الحين، امانة من جيل الى جيل.
وتوخيا للموضوعية وتلافيا لتسلل هوى او جموع عاطفة، نترك للرحالة يصفون مشاهداتهم في الكويت منذ ما قبل النشأة، ايام شظف العيش والفقر والمعاناة، قبل ان تظهر النعمة في ذلك البلد، وقبل رفاه بنيه ورخائهم.
أهلها ضد الإذعان
ومنذ ما قبل نشأتها كيانا سياسيا مستقلا، كانت الكويت قبلة الرحالة والمستشرقين، سياسيين وتجارا، جغرافيين ومستطلعين، وقد دون معظمهم مشاهداته، وروى ذكرياته وما رآه وسمعه، فكانت تلك المذكرات شهادات في البلد وحكامه، وفي اهله والمقيمين على ارضه.
الكويت في شهادات الرحالة هي المكان المهم، فائقة في النظافة، تعود اهلها على عدم الاذعان للتكاليف والخضوع لحكومات غيرهم، مدينة نائمة نظيفة نشطة، حكمها العادل يساوي بين الجميع، فيها حرية التجارة، اهم مدينة تجارية، البلدة العامرة الوحيدة، البلد العربي الوحيد المستقل في الجزيرة.
حاكم الكويت في مصطلحات الرحالة كذلك هو حاكم مستقل استقلالا كاملا، حريص على الاحتفاظ باستقلال الكويت، طريقة حكمه ابوية تتميز بالاعتدال، قد يكون الاقل في ملبسه ومسكنه، متسامح تغيب عنه مظاهر المباهاة والاستعلاء، حكومته حكومة ابوية، يعرف كيف يحكم بلده، يحظى باحترام شامل، داهية، كريم، يتمتع بذكاء وحنكة في التعامل مع الدول الكبرى بعيد النظر.
أجمل نساء الخليج
اما الكويتيون فهم الشعب الاكثر شجاعة وتعلقا بالحرية في الخليج كله، يتميزون بحيوية وشجاعة وترابط وثيق فيما بينهم، بعيدون عن الاحقاد والمنازعات، يتجنبون الاساءة او التعامل بعجرفة مع المسالمين من جيرانهم.
الكويتي هادئ الطبع موزون الكلام، يتمتع بالتسامح الديني، الشعب الكويتي شعب ودود، مهذب اكثر من اي شعب آخر في المنطقة، يتمتع باللياقة والادب.
اما نساء الكويت فهن مشهورات بمثابرتهن في جميع الاشغال اليدوية، يشتهرن بحسنهن حتى انهن يعتبرن الاجمل بين نساء الخليج.
المؤلف
ميريك دوبسون: بريطاني الجنسية،عاش في الكويت على مدى خمس عشرة سنة (1952 – 1967) وذلك في مرحلتين: من 1952 الى 1957 قضاها في العمل الحكومي، ومن المسؤوليات التي تولاها آنذاك كما يذكر امانة السر في لجنة التنمية، وهي هيئة يذكر انها انشئت بالتعاون بين رؤساء جميع الدوائر الوزارية، مهمتها حل قضايا الاولويات في البناء ومنح العقود. اما المرحلة الثانية من إقامته هناك من 1957 وما بعدها، فقد تولى فيها المسؤولية عن الموظفين في شركة البترول في الاحمدي.
قبل ذلك زار دوبسون الكويت مرات قليلة، كان يأتي اليها من بيروت، حيث كان يقيم، وزيارته عام 1952 كانت لقضاء خمس سنوات. من خلال كتابه نتلمس سعة ثقافة الكاتب وآفاق معرفته، كما نتلمس مدى التصاقه بالمجتمع الكويتي ومعايشته للكويتيين، ويتجلى ذلك في تصويره لكل مناحي الحياة في الكويت، وعلى سائرالصعد المادية والمعنوية والاجتماعية والتاريخية والجغرافية والاقتصادية، حتى الدينية كذلك، في وصف دقيق وملاحظة بارعة، ولاشك في انه استفاد من عمله في الحكومة مما خوله الاطلاع على ما يريده من سجلات ووثائق ودراسات، ويسر له ما يبغيه من معلومات، كانت سبيله في غنى كتابه هذا، وشموله واحاطته ودقة معلوماته وملاحظاته ومن ثم استنتاجاته.
فإذا تحدث عن المنزل في الكويت ذكر طول الغرفة وعرضها، وارتفاع سقفها، وعدد الاعمدة فيها والمسافة بين الاعمدة، ونوع الخشب المستعمل في ابوابها ونوافذها وأثاثها وصولا الى مواد البناء التي استعملت في بنائها، وخلف ذلك كله يذكر المعتقدات التي تبعد الارواح الشريرة عن المنزل. واذا تحدث عن الطعام في الكويت ذكر طريقة تحضيره وما يستعمل فيه من مواد بمقاديرها وكيفية غسلها وتقطيعها وغليها ومدة تركها على النار. واذا تحدث عن الغطس ذكر متى يبدأ ومتى ينتهي، ذكر الحجر المربوط بالمركب بواسطة حبل يشد الغطاس نحو القاع، وعلى انف الغطاس ملقط من الخشب او العظم يمنعه من التنفس، بينما تحمي اصابعه عصيبات من الجلد وما الى ذلك من تفاصيل في غاية الدقة.
http://alanba.com.kw/AbsoluteNMNEW/t...neid=284&m=153
__________________
***** ๑۩۞۩๑
{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين} هود114 ๑۩۞۩๑
*****
|