ولد عام 1959 في منطقة السالمية في بيت ملتزم دينيا وأخلاقيا منحه الفكر والثقافة، وفي عام 1979 دخل معهد المعلمين وحاز دبلوم الآداب ثم التحق بجامعة الكويت ودخل كلية التربية وتخصص باللغة العربية ثم عمل في مجال التدريس لأربع سنوات لينتقل بعد ذلك الى وزارة الأوقاف بوظيفة مصحح لغوي لمجلة «الوعي الاسلامي» كما عمل رئيس تحرير لمجلة «التربوي».
قام بمهام كثيرة في مواقع مختلفة على صعيد اتحاد الطلبة وجمعية الرميثية وجمعية معهد المعلمين، وبدأ هوايته بجمع الأعداد الأولى للمجلات العربية منذ سنوات طويلة لشراء الكتب النادرة والوثائق التاريخية للكويت الى أن أسسّ مكتبته التراثية والتي تضم أكثر من خمسة وأربعين الف كتاب لا مثيل لها في الأسواق.
إنه «ذاكرة الوطن» صالح المسباح أمين سر رابطة الأدباء ورئيسها لمدة سنة، التقيناه في مكتبة الرابطة لتناول مشوار حياته الذي حمل أطنانا من الكتب والتي أصبحت مرجعا للباحثين وعلامة فارقة في عالم التاريخ والتراث والثقافة، فإليكم هذه الاستراحة:
• هل أوصيت عائلتك بالمحافظة على مكتبتك إذ لا قدّر الله حصل لك أي مكروه؟
- كتبت وصيتي منذ عشر سنوات وفيها أوصيت أخي بالمحافظة على مكتبتي، فلدي مجموعة كبيرة من الكتب تصل الى ما يقارب خمسة وأربعين ألف كتاب، فهي تركة عظيمة، لذا طلبت في وصيتي من أخي ألا يتم احتكار مكتبتي، بل توضع في مكان يكون مفتوحا للجميع، وذكرت في وصيتي أن لا مانع من بيع بعض الكتب المهمة ككتب الكويت والخليج العربي في حالة الضرورة.
• سمعنا أنك تحمل أكياس الكتب بشكل دائم وحتى هديتك للأصدقاء والأقارب عند زيارتهم الكتب لا الحلويات فما تعليقك؟
- برأيي الورقة أغلى من الحلويات وهداياي دائما للأصدقاء والأحباء الكتب القيمة وهي ذات قيمة معنوية كبيرة.
ترْكتي وسياستي
• مَن هم زبائنك الذين يشترون منك هذه الكتب التاريخية والتراثية؟ هل هم الشباب؟ أم مؤسسات الدولة؟
- من أولوياتي بيع الكتب القيّمة والنادرة لمؤسسات الدولة، والتي تتميز بتوفير الكتب للجميع كالمجلس الوطني ووزارة الاعلام ومركز البحوث، لذا فلا مانع من بيع تركتي لهذه الجهات والتي بالتأكيد تقدر الجهد والتعب وأهميتها وندرتها.
• أشخاص يهتمون بتجميع السجاد العجمي، وآخرون هوايتهم جمع الأحجار الكريمة والى آخرها من الهوايات، عند بيع مثلا السجاد العجمي بعد سنوات طويلة من شرائه يربح أموالا كثيرة، فهل هذا الأمر يتوافق مع الكتب التي اشتريتها منذ عشرات السنوات وجمعتها بعشرات الآلاف؟
- لدي مجلات منذ السبعينات وكتب قديمة جدا وعند بيعها يتضاعف ثمنها أضعافاً عن سعرها القديم، لذا فهي تحتفظ بقيمتها كقيمة الذهب والمجوهرات والسجاد العجمي والاحجار الكريمة، فمثلا العدد الأول من مجلة العربي الذي صدر عام 1958 بيع بسعر اقل من الروبية في الكويت، أما الآن فيصل سعر العدد الأول من المجلة الى خمسة وسبعين دينارا، وفي الكويت يوجد سوق من المختصين الهواة والحرفيين ولدينا مزاد علني فنشارك في المزادات لذا نعرف اسعار الكتب، وأنا من متتبعي شعرائنا وأدبائنا ومفكرينا فأعرف بماذا يتاجرون، وما هي تركتهم التي تضم الصور والمجلات القديمة، لذا ازور مكتباتهم وهذه سياسة اتبعتها منذ الصغر، فلقد بدأت بتجميع الكتب منذ عام 1975 وعندما تم فتح معارض للكتب في جمعية الاصلاح الاجتماعي خلال معرض الكتاب الاسلامي كنت أحضر المعارض باستمرار، ووفقا لمصروفي حينها كطالب مدرسة كنت اشتري الكتب التي استطيع ماديا شراءها وبعد ذلك وضعت سياسة البحث عن الكتاب النادر والمميز والذي اذا تم عرضه للبيع لن أجد له مثيلا.
• لديك طموح في ان تدخل مكتبتك موسوعة «غينيس»، فأين أصبح هذا الطموح؟
- اتمنى ان تتبنى مؤسسة الكويت للتقدم العلمي مشروعي وأن تقف معي بتصوير مجلات العدد الأول التي بحوزتي وهي كلها مجلات عربية، فهوايتي تجميع الاعداد الأولى للمجلات العربية وهي فكرة أخذتها عام 1981 من طالب بريطاني كانت هوايته تجميع الأعداد الاولى للمجلات الإنكليزية.
بالكيلو
• هذا الخط الذي انتهجته في حياتك ماذا منحك؟
- منحني الفكر والثقافة والتميز والبروز وامتلاكي لمجلات نادرة وهي اعداد اولى صدرت عند أصحابها، وقبل عشر سنوات ذهبت الى مجلة «المجلة» في السعودية وسألتهم عن العدد الاول فطلبوا عشرة الاف ريال سعودي ثمنا له، وفي الوقت نفسه لا يمكن القيام بعملية توثيق للكتب وللمجلات إلا بوجود العدد الأول.
• بصراحة هذه المجموعة الكبيرة من الكتب والمجلات التي تمتلكها هل اطلعت عليها وقرأتها؟
- هناك كتب أحبها اطلعت عليها وقرأتها، وهناك كتب كانت مع الكتب التي اشتريتها، فأنا اشتري الكتب بالكيلو لأحصل على درة من هذه الكتب الكثيرة، لقد اشتريت من وانيت ايراني كراتين من الكتب بخمسة وستين ديناراً من سوق الجمعة وكل شهر يتصل بي ليبيعني مجموعة من الكتب.
• ما آليتك لحفظ كتبك حتى لا تتلفها الرطوبة والحرارة والحشرات؟
- أواجه عدة مشاكل كي احفظ مكتبتي الكبيرة، أهمها ضيق المكان الذي يشكل الضرر الاول لتلفها، فالكتب تحتاج للمكان البارد وارتفاع الحرارة يجعلها يابسة وتتكسر، ولكتبي عمر زمني قصير وآخر طويل، فالكتب والمجلات المهمة أوفر لها التكييف باستمرار، أما المجلات والكتب التي لا أعيرها اهتماماً أضعها في مكان دون تكييف.
• إلى أي مدى أثرت عليك هوايتك نفسيا ومادياً؟
- لا شك في أنني تعبت جسديا وماليا وبعد ان اصبح عمري فوق الخمسين سنة اشعر بالارهاق عندما أحمل الكتب ووضعها، ومن الناحية المادية دفعت حوالي مائة ألف دينار كويتي منذ بداية شرائي للكتب والمجلات عام 1975. لقد اشتريت كتابا اسمه «تاريخ مساجد مصر» في عام 1946 ويتكون من جزأين كبيرين حجما وثقيلين وزنا بسعر ثلاثمائة دينار هذا في عام 1982حينها كنت مدرساً، وبأول راتب اشتريت هذا الكتاب.
• الكتب تعشق النار، فهل تقلق من ذلك؟
- هذا صحيح.. لذا وضعت جهاز انذار للحريق وأحرص على تخفيف الكهرباء صيفاً.
• لماذا لا تقوم بصفقة مع الدولة لبيع هذا الكم الهائل من الكتب التاريخية والتراثية الموثقة؟
- بعد مسيرة طويلة بدأت حاليا الاستغناء عن نصف مكتبتي ولدي نية بذلك مستقبلاً.
أنا القائد
• لقبك د. يعقوب الغنيم «بذاكرة الوطن» فهل أحببت هذا اللقب؟
- طبعاً.. وأشكر الدكتور يعقوب الغنيم على تلقيبي بهذا الاسم، وبيننا تواصل بشكل مستمر وهو مهتم بما لدي من كتب ومجلات ولا أرد له طلبا.
• متى ستكتب قصة حياتك بكتاب «ذاكرة الوطن»؟
- اعتقد انني سأستعين بالمقابلات التي أجرتها معي الصحف والمجلات، وبالمقابلات التلفزيونية والاذاعية، فخلالها استعرضت حياتي كلها وقصتي مع الكتب والمجلات، ومن الممكن تجميعها واصدارها في كتاب «ذاكرة الوطن»، وحالياً أنا أمين عام رابطة الأدباء ورئيسها لمدة سنة وبعد انتهاء دورتي سأتفرغ للكتب ولسفراتي للبحث عن الكتب النادرة.
• كيف تصف شخصيتك؟ وما الذي أثر في مسيرتك العلمية والعملية؟
- منذ صغري أحب القيادة، وفي الثانوية ترأست جمعية الصحافة وكنت ألقي خواطر في طابور الصباح وفي عام 1979 دخلت معهد المعلمين وحصلت على الدبلوم في الآداب، وأصبحت أمين سر جمعية معهد المعلمين لمدة سنتين، وبعد دخولي جامعة الكويت عام 1981كنت أمين سر الجمعية التربوية، حيث دخلت كلية التربية وتخصصت باللغة العربية، كما ترأست مجلة التربوي فكنت رئيس تحريرها، ودخلت اتحاد الطلبة وكان زملائي نخبة من قياديي البلد حالياً.
درست لأربع سنوات من عام 1981 الى 1984 وبعد تخرجي رشحت نفسي لانتخابات جمعية الرميثية وفزت فيها، وكنت أدرس الجالية الفلسطينية مساءً، وكنت أدرس في الجامعة وأدرس الطلبة مما جعلني أتوقف عن التدريس، ومن ثم ذهبت الى وزارة الأوقاف وعينت بوظيفة مصحح لغوي في مجلة الوعي الإسلامي، وفي عام 1979 تطوعت للكتابة في مجلة المجتمع لجمعية الاصلاح الاجتماعي وعملت في الأرشيف لذا أحببت تصنيف أرشيف الجرائد.
• إذا عاد بك الزمن الى الوراء ما المهنة التي تختارها؟
- التدريس.
• علمت ان لديك شيكات لشخصيات مهمة في البلد فماذا ستفعل بها؟
- كان لدي شيك لسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد في سنة 1959 فأهديت هذا الشيك الى ابن سمو الأمير الشيخ ناصر صباح الأحمد، وحالياً لدي شيك للشيخ جابر العلي بقيمة مليون روبية في عام 1959.
حلمي
• متى وأين ولدت؟ وماذا تقول عن والديك؟
- ولدت عام 1959 في منطقة السالمية ودرست في مدارسها وفي مدارس الرميثية وفي مدرسة ابن زيدون وكنت متفوقاً ماعدا مادة الرياضيات.
تأثرت بوالدتي من الناحية الدينية والعاطفية والجوانب الخلقية، والوالد كان انسانا طامحاً، كانت قراءته بسيطة ولديه رغبة كبيرة في تعليمنا للوصول الى أعلى مستويات التعليم، لم يكن تاجراً أو عالماً أو غنياً، كان غني النفس ويحفظ الشعر ويروي القصص رغم قراءته البسيطة، كان يقص الجرائد ويحتفظ ببعض المقابلات ومن ثم بدأ بالاحتفاظ ببعض مقالاتي.
نحن عائلة من أصول المريخي من قبيلة المطير ومن عائلة المحمود، جدي الأكبر كان يحمل المسباح، وربما كان يعلقه في رقبته لذا أسموه «بن مسباح»، وهذا كان قبل مائتي سنة فأصبح اسم عائلتنا المسباح.
• أين انت من الحب والغرام والزواج؟
- زوجتي ابنة عمتي وابنة خالي، وفي عائلتنا الكبيرة بنات كثر، وكانت زوجتي متحجبة وملتزمة مذ كانت في الصف الأول الثانوي، ولقد تخرجت في الجامعة بتخصص علم النفس، كما أنها سبقتني بالجامعة فتخرجت قبلي، وكنا نلتقي في البّر كعائلة كبيرة، وكنت أراها فحصل الإعجاب والحب بيننا، هي امرأة جميلة ومتعلمة، فكيف لا أختار «أنعام المسباح»، إضافة لذلك فهي موهوبة بالحرف الفنية.
• كم عانت زوجتك من كتبك؟
- عانت كثيراً من أطنان الكتب، وحتى الرجال الذين التقيتهم في المعارض يشتكون من نسائهم، فالمرأة لا تحب أن يتحول بيتها لتخزين الأوراق والجرائد، إن مكتبتي أصبحت مرجعاً للكثير من الباحثين والباحثات، وذكرت في ثلاثين كتاباً، وشكروا فيها مكتبتي التراثية.
• ماذا أعطتك الدنيا؟
- أعطتني المعرفة، فعرفت الكويت كلها بشخصياتها وعوائلها وقبائلها وشعرائها ونسائها.
• وماذا ينقصك؟
- أن تخرج مكتبتي التراثية خارج الكويت للعيان، فأحتاج إلى بيت بدورين لأسس المكتبة، فأتمنى من وزارة المالية بالتعاون مع وزارة الإعلام أن يعطوني بيتاً للمكتبة، وأشرف عليها، وهي بالنتيجة في مصلحة الدولة، وهذا المشروع بمنزلة حلم أريده أن يتحقق.
• ألديك أعداء؟
- الحسّاد في كل مكان، ومن تكلّم عني بالسوء كنت أقابله بسعة الصدر.
• على ماذا تلوم نفسك؟
- ثقتي الزائدة في الناس أضرّتني، فهناك أشخاص استعاروا مني كتباً أخذوها ولم يردوها، وهذه خيانة للأمانة.
• كم ولد لديك؟
- ابني محمد يدرس في كلية القانون، وموظف في بلدية الكويت، ولديه ميول سياسية، وابنتي حصة مدّرسة ومتزوجة، وعائشة تخرجت وذهبت مع زوجها إلى أستراليا، وابنتي آمنة تدرس في المعهد التجاري وزواجها قريب.
هي فقط
• ما هواياتك؟
- البحث عن كتب الكويت، والبحث عن الأعداد الأولى للمجلات، وتجميع الوثائق الكويتية، كما أحب ممارسة رياضة المشي، كنت أذهب في رحلات بحرية وبرّية مع أصدقائي واصطاد الطيور.
• ماذا تقول في زوجتك؟
- هي الأصل ولها كل التقدير، تحملت أطناناً من الكتب، وتساعدني في الأرشفة والتوثيق.
• في أي خلاف بينكما، من يصالح الآخر؟
- أنا من ينسحب دائماً، وأستسلم.
• ما الهدايا التي تقدمها لزوجت؟
- أهديها يومياً أكياساً من المجلات والكتب.
• ما تعليقك على الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم؟
- هذا الشيء أثّر على العالمين والعربي والإسلامي، ولم نتوقع مدى كبر الصحوة الإسلامية، ولقد استيقظت النفوس النائمة، والكل يبحث لمعرفة شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، لقراءة سيرته النبوية، كما أن الآلاف في أميركا وأوروبا أسلموا، وأجد أن الاعتصام عند السفارة الأميركية لا بأس به، لكن دون تخريب وقتل وإيذاء الأبرياء.
• ماذا يعني لك المال؟
ــــ هو زائل.
• والحب؟
ــــ بالتأكيد باق.
• السلطة؟
- أن تكون دون ظلم.
• حكمة في حياتك؟
- «قليل دائم خير من كثير منقطع».
• خيّروك بين مكتبتك وزوجتك، فمن تختار؟
- أختار زوجتي من دون أي تفكير.