الشيخ عبدالله بن صباح حاكم القرين - بقلم: هارفرد جونز بريدجز
الشيخ عبدالله بن صباح حاكم القرين
بقلم: هارفرد جونز بريدجز
الانكليزي السير هارفرد بريدجز .. أحد العاملين في "شركة الهند الشرقية" وكالة البصرة حيث توظف فيها سنة 1788م / 1202هـ، وأخذ في خدمتها نحوا من عشر سنوات.
وإثر مشكلة وقعت بين متسلم البصرة وباشا بغداد.. اضطرت الشركة لنقل نشاطاتها مؤقتاً إلى الكويت (القرين)، وذلك في شهر ابريل 1793م/ رمضان 1207هـ .
وبقي السير هارفرد في الكويت لقرابة السنتين .. حتى اعتلت صحته لصعوبة الظروف المناخية من حرارة وشح في المياه ، فاضطر للعودة إلى انجلترا .
وبات من الواضح أن نشأ لديه اهتمامٌ بثقافات تلك الشعوب الشرقية ,, ومعرفة تواريخهم ولغاتهم ،، فأخذ في الكتابة والتدوين .. وأسهم بؤلفات متنوعة .
أهمها كتاب: (الوهابي) وهو يتناول تاريخ الدولة السعودية الأولى وما جاورها من الدويلات .. وكان مما كتبه السير هارفرد .. وصفٌ دقيق لحاكم الكويت في تلك المرحلة الشيخ عبدالله (الأول) بن صباح بن جابر الصباح .
ومن ميزة هذه الكتابة أنها .. بقلم شاهد عيان يكتب بمعاصرة للأخبار التي يسجلها .. بالإضافة للأقدمية الزمنية المبكرة التي تميز مادته .. مما يجعلها مصدراً من المصادر التاريخية.
يقول هارفرد جونز بريدجز : (لقد كان شيخ القرين رجلاً متقدماً في السن، ووقوراً جداً، ويملك شخصية قيادية، ومحبوباً جداً من قبل سكان البلدة، حيث كانوا يعدونه أباً لهم أكثر من كونه حاكماً.
كان شيخ القرين يحظى باحترام الأتراك، كما كان يتمتع باحترامٍ أكثر من قِبَل العرب الذين يخضعون لابن سعود)اهـ
ينظر: بريدجز؛ موجز لتاريخ الوهابي، دارة الملك عبدالعزيز، تحقيق د. عويضة الجهني: ص 77-78 .
هذه الخصال والصفات التي أوردها بريدجز بإيجاز مع الحفاظ على فحوى معانيها الجميلة..
أولاً/ التقدم في السن ، إشارة واضحة إلى خبرته التي صقلتها السنون والتجارب .
ثانيا/ الوقار ,, وما الوقار ؟ إنه شعار أهل الكويت ..لا يختلفون عليه أبداً، الاتزان في الأقوال والأفعال ، و(الثقل) والبعد عن الرعونة والطيش.. من أبرز أخلاق الرجال. ويؤكد على هذه الصفة بـقوله: (جداً) حيث بلغ الشيخ منتهاها .
ثالثاً/ ملكه لشخصية القائد .. فالقيادة مطبوعة بطبعه ؛ لا يتصنعها ولا يتزيف بامتلاك زمامها .. لكنه يمارسها ممارسة عملية ، حيث تتضمن هذه الصفة وحدها .. مجموعة متراكبة من الخلال والصفات التي هي مقومات تكوين القائد !!
رابعاً/ أن الشيخ محبوب .. وأيضاً: محبوبٌ جداً ، والمحبة شعور يقذفه الله في القلوب ..لا يشترى بالأموال، والرضا بالحاكم الصالح المصلح ..والقناعة به؛ من أهم ما تفقده شعوب العالم بأسره.
فسبحان من جمع قلوب أهل الكويت ..على حاكمها، وأضاف بريدجز في وصفه لطبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم ..بأنها " أبوية " فأهل الكويت كانوا كأسرة واحدة .. منسوجة في صورة مجتمع مترابط . وفي الحقيقة .. لعل هذا من أبرز عوامل نجاح السياسة الداخلية للدولة .. في فترة مبكرة من تاريخها.
خامساً/ العلاقات الدولية الحسنة التي يمتلكها شيخ الكويت .. مع الناس . (العثمانيين - عرب شبه الجزيرة العربية ) مع وجود الاضطرابات العسكرية للطامعين بهذا الميناء التجاري النشط المسمى بالقرين، فلم يؤثر ذلك على علاقات شيخ الكويت الخارجية.
لعل التقرير هنا يحمل من الأهميه والمصداقية كون أنه خرج من شخص معاصر وملازم للشيخ عبدالله الأول وهو ما أعطى لنا صورة ونظره قريبة لهذا الشيخ قد لن نراها في أي تقرير آخر ..وبرغم أن البريطانيين معروفين بذكر مثالب الشخص وعيوبه في أي تقرير إلا أن الشيخ عبدالله الأول كان الإستثناء في هذا التقرير فوصف الشيخ بالصفات طيبة وأثنى عليه كثيرا..
والشيخ عبدالله الأول لمن يرى سيرة الأحداث في عهده يجد إنها مرت بأحداث كثيرة وحروب .. إلا أن الكويت بقت صامده ومستقلة وشامخة في عصره ... من وجهه نظري الخاصه للشيخ عبدالله الأول له الفضل الأكبر في تثبيت الحكم بالكويت وجعلها دولة مستقله .. ولعل التقارير البريطانية التي تخرج بين الحين والآخر تعزز من هذا القول ..
وشكرا لك مره آخرى على هذه الدرّه الجميلة يا مراقبنا ...
وعلاوة على ما تفضلتم بشرحه .. هذا التقرير يكشف لنا بوضوح: سبب " الهجرات المبكرة" إلى دولة الكويت ، سواء من العراق أو نجد أو الأحساء أو فارس .. ويشرح عنصر الجاذبية لهذه البلدة الصغيرة وما تميزت به عن بقية البلدان !
إنها العدالة الاجتماعية ..والاستقرار الاجتماعي الذي ينعم به الفرد..
الاخ جون الكويت
انا شاركت لكي اشكرك على الموضوع اولاً ثم كتبت نبذة لكي اتوسع فيها ولكن داهمني الوقت
" لقد كان شيخ القرين رجلاً متقدماً في السن، ووقوراً جداً"
وهذه عادة العرب الأصيلة التي يندر وجودها في أيامه وفي أيامنا هذه .
" ويملك شخصية قيادية "
هذه هي التربية العربية قديما .
" ومحبوباً جداً من قبل سكان البلدة، حيث كانوا يعدونه أباً لهم أكثر من كونه حاكماً "
وهذه عادة العرب الأصيلة لا استعباد من الرئيس ولا تمرد من المرؤوس ليس مثل القوميين والبعثيين والجمهوريين والدكتاتوريين الذين هم بعيدين كل البعد عن الاسلام والعروبة والاخلاق الحميدة .
" كان شيخ القرين يحظى باحترام الأتراك "
لأنه قد فرض نفسه أمام الاتراك بقوته وصدقه ومروءته .
" كما كان يتمتع باحترامٍ أكثر من قِبَل العرب الذين يخضعون لابن سعود "
لأنه عربي مثلهم والطيور على أشكالها تقع
عربي عنده مكارم الاخلاق التي عند العرب ، ليس كعرب الشعارات القومية الذين خانوا دينهم واخوانهم في الاسلام .
وبرغم أن البريطانيين معروفين بذكر مثالب الشخص وعيوبه في أي تقرير إلا أن الشيخ عبدالله الأول كان الإستثناء في هذا التقرير
ملاحظة مهمة .. لو أفردناها موضوعاً خاصاً .. بغطرسة المؤرخين الانكليز .
ونظرتهم الفوقية لغيرهم من الشعوب .. وهم أبدا لم يكونوا موضوعيين ولا منصفين في تسجيلاتهم التاريخية .. إلا القليل اللمم!!
وهذا المحل العزيز .. من ذلك، لأن شيخ القرين كان جديراً بهذا الانصاف ..فلم يختلف على وصفه بالخير أحد..