الشخصيات الفلكلورية والشعبية
في التراث الكويتي
عرف الفلكلور الشعبي في كل حضارات العالم، وفي كل مواطن الاستقرار صغرت أم بكرت شخصيات فلكلورية علقت بذاكرة الشعوب، وحملت رموزاً ودلالات بغض النظر عن صحة وجودها التاريخي.
وإذا تفكرنا في تلك الشخصيات سنجدها على مستويين:
المستوى الأول
المستوى الخرافي، وفيه تظهر لنا مخلوقات عجيبة من الجن، والعفاريت، والغيلان، والوحوش، وغيرها، وهي مخلوقات كثيراً ما تتشابه في أوصافها وسلوكها، فهي تتميَّز بالشكل المخيف، والقوة الهائلة، لكنها في بعض الحالات تغدو وديعة طيبة تخدم الناس.
ومنذ أقدم العصور شكَّلت هذه المخلوقات الخرافية مادة خصبة دارت حولها الأساطير، وما زالت إلى اليوم تنسج حولها الحكايات الكثيرة، ولاختلاقها مغزى تربوي يهدف إلى تدعيم القيم الإيجابية في نفوس النشء، وتقليص القيم السلبية، وقد يكون له أهداف أبسط كتخويف الأطفال من الابتعاد عن المنزل أو السهر ليلاً أو السير في المناطق الموحشة أو التباسط مع الغرباء.
ولا تخلو هذه الخرافات من أصول مسلّم بصحتها، فهي في الغالب تصور محاولة الإنسان لتخيل عوالم الجن والشياطين والملائكة، ولا ننسى أنها مخلوقات مذكورة في القرآن، والإيمان بوجودها أساس من أساس عقيدتنا الإسلامية كما أن وصف (عفريت من الجن) هو وصف قرآني لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
المستوى الثاني
المستوى الشعبي، وفيه تظهر لنا شخصيات مجهولة تمثل قيمة معينة، وقد تكون مضرباً للأمثال، وهي شخصيات قد تكون من فئة المجانين والمجاذيب التي تنطق بالحكمة أحياناً أو قد شخصيات عادية، ولكن الزمان لفها بغموض ما جعلها تحاط بهالة مثيرة.
أولا: الشخصيات الخرافية في التراث الكويتي
الـــغـــول
أشهر الشخصيات الخرافية المخيفة في تراثنا العربي، وورد في السنة النبوية نفي وجود الغيلان بقول رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم):
(لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء ولا غول)
وقال الفوزان في كتابه (إعانة المستفيد):
قوله (صلى الله عليه وسلم): (ولا غول).. الغول - بضم الغين - أحد الغيلان، والغيلان من أعمال شياطين تتشكل أمام الناس في الفلوات خصوصاً إذا استوحش الإنسان تتشكل أمامه أشياء تُضِلُهُ عن الطريق إما بأن يرى أمامه ناراً تتنقل أو أصوات يسمعها أو غير ذلك، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم (إذا تغوَّلتْ الغيلان، فبادروا بالأذان)
بمعنى انه إذا تغوَّل الغول أمامك، فبادر إلى ذِكر الله، فإن ذكر الله يطرد الشيطان، فإذا ذكرتَ الله أو تلوتَ القرآن ذَهبَ عنكَ هذا العمل الشيطاني.
ويقول الشيخ مشهور حسن سلمان في كتابه
(الغول بين الحديث النبوي والموروث الشعبي)
تحت عنوان الفرق بين الغول والسعلاة:
يرى كثيرون أن الغول لا يرى إلا ليلاً، ويزعم بعضهم أنه يتلاشى عندما يطلع النهار، وينطفئ كما ينطفئ السراج، وفرق بعض العلماء بين الغول و السِّعلاة من هذه الحيثية أعني من حيث وقت خروجه.
السعـــلـــــو
من أشهر الشخصيات الخرافية عند العرب عموماً، وقد وجد ذكر (السعلاة، والسعالي) في التراث العربي منذ الجاهلية كأنثى الغول.
أما وصف السعلو في التراث الكويتي
فيذكر الشيخ يوسف بن عيسى القناعي
في كتابه (صفحات من تاريخ الكويت)
السعلو، وهو بصفة عبد نوبي طويل، وله أنياب طويلة يختطف الأولاد الصغار، ويأكلهم.
وقد جرى سنة 1327هـ (1910م) عند السواد الأعظم فزع شديد من هذا السعلو، وسببه أنه غرق ولد في البحر، ولم يره أحد، فشاع إن السعلو أكله، وتلا ذلك فقدان ولد سعود بن فهد، وهو صغير، فتحقق عندهم أن السعلو أكله، ولكن الولد بعد عشرين سنة جاء الكويت، وأخبر أنه سرقه رجل من أهل البصرة، وباعه إلى رجل من أهل البادية في شرق الأردن، وهذا الذي اشتراه أمر أولاده عند موته أن يرجعوا الولد إلى أهله
وقال حمد السعيدان في موسوعته
أن السعلو عند الكويتيين تعتبر من المعتقدات الأسطورية، وهي مادة دسمة للقصص الشعبية، وخاصة عند العجائز.
ومن أوصاف السعلو أنها كثيرة الشعر كالغوريلا ، وأن لأنثى السعلو ثديان يتدليان حتى الركبتين، وعندما تشرع في المسير تنسفهما علي ظهرها، وهي تأكل الآدميين، وتمشط شعرها، ولها سبعة أعين، وفي النهار تتحول إلي شكل ادمي للتودد لمن ترغب في اختطافه ليلاً.
ويسمى زوج السعلاة بالسعلو أي الغول، وهو في الخرافات الشعبية عجوز كهل يخدع الأطفال بكلامه، فيأخذهم معه ليأكلهم هو وزوجته.
وتنصح المأثورات الشعبية بأن يبدأ الإنسان السعلوة بالسلام، فهي دائماً ما تعفو عمن يبتدرونها بالسلام قائلة لهم:
(لولا سلامك سبق كلامك.. أكلت لحمك وطحنت عظامك)
وعند أهل البادية يظهر مرادف للسعلوة تحت مسمى (تريترة)، ولها قصه خرافية معروفة لدي البدو تشبه ما يروى عن السعلاة أو السعلوة.
وقد تم اختراع هذه الخرافة من قبل الأمهات لإخافة أولادهن من التباسط مع النساء الغريبات خشية خطفهن، وربما اخترعتها الزوجات أيضاً لتخويف رجالهم من الاستجابة لغواية النساء الماجنات، فقد يتحولن بعد الانسياق لغوايتهن إلى سعلوات ينهشن لحومهم لاحقاً
الطـنـــــــــطل
من المخلوقات الخرافية الشهيرة في الكويت وما حولها من البلاد، ويوصف الطنطل في التراث الكويتي كما ذكر القناعي في صفحاته بطول الجسم ، وهو يتمثل للسارين بالليل، ويلعب عليهم، ولكن الحيلة في دفعه أن يكون مع السارى (مسلة) أي سلاية من سعف النخيل، فإذا رآه صاح: هات المسلة، فهو يهرب منها خوفا غرز المسلة فيها.
وجاء في معجم فالح حنظل:
الطنطل كائن من الأشباح طويل القامة عظيم الجسم، وعند أهل بغداد كان العوام يزعمون أن الطنطل يظهر ليلاً بصفة إنسان هائل الجسم عظيم الطول عاري البدن يقف في الأزقة، وقد فتح رجليه، ولم يعرف عن الطنطل أنه يفترس الناس بل كان يخيفهم فقط، ويضحك عليهم إذا رعبوا من رؤيته.
الدعــــــــــيدع
وهو ليس مخلوقاً محدداً، ولكنه من ألعاب الجن مع الإنس، وهو كما ذكره القناعي أن يرى الإنسان في الظلام شيئا كالجمر ملقى في الطريق، فإذا اقترب منه انتقل إلى محل آخر.
حــمارة القايـلـــــــة
هي خرافة قديمة في التراث العربي، وكانت تقال للأطفال لتخويفهم من اللعب خارج المنزل في فترة الظهيرة (القائلة) خشية عليهم من ضربات الشمس.
وحمارة القايلة في التراث الكويتي شخصية خيالية مرعبة تتشكل من امرأة عجوز لها أرجل كأرجل الحمار، ويقال أنها تتجول في وقت القايلة، وعندما ترى الأطفال يلعبون تدوسهم ثم تأكلهم.
ولحمارة القايلة أساس في اللغة العربية، فشدة الحر في وقت الظهيرة تسمى عند العرب (حمّارة القيظ) بفتح الحاء وتشديد الميم، وهي وصف للشمس عند اشتداد حرارة القيظ، في كتاب الأزمنة والأمكنة للمرزوقي: حمّارة القيظ أشد ما يكون منه يقال أتيته في حمارة القيظ، وفي حمر القيظ وفي حمرة القيظ، وحمر كل شيء أشده، ولكن انزياحاً دلالياً حولها من (حمّارة) إلى (حمارة) لها أوصاف خرافية.
أم السعــف واللــــــــيف
وصف غريب اخترع أساساً في المناطق التي تعرف بكثرة النخيل ثم انتقلت إلى الكويت.
وهي في الأساس وصف للنخلة (الشجرة المباركة) ولكن الأمهات في أساطيرهن شكلن منها كائناً مخيفاً يساعد في سرعة نوم الأطفال خوفاً من هجوم (أم السعف والليف) عليهم عقاباً على سهرهم.
ومن النوادر التراثية عن (أم السعف والليف) ما يروى أن رجلاً كان يمشى بين المزارع، فرأى جذع نخلة مقطوع، وعندما مر من جانبه رآه يتدحرج، وبقي يتدحرج خلفه حتى وصل آخر الطريق، فأحس بالرعب، وأخذ يتلو آيات من القرآن الكريم حتى اختفى عنه.
الجاثــــــــوم
هو جان يقال أنه يجلس على صدر الإنسان، ويسحب لسانه بإحدى يديه، وبالأخرى يخنقه، فيصحو الإنسان، ولا حول ولا قوة له، فلسانه معقود، ونفسه مخنوق، وربما قتل الإنسان.
ويقول الباحثون أن الجاثوم ليس جاناً، وإنما هو مجرد كابوس سببه الإكثار من الأكل قبل النوم الأمر الذي ينتج عنه ضيق في التنفس، وضيقة تسبب الاستيقاظ من النوم بحالة نفسية سيئة.
ويشير العلماء إلى الجاثوم، ويسمونه (شلل النوم) وهي حالة تستغرق ثوان إلى عدة دقائق، وخلالها يحاول بعض المرضى طلب المساعدة أو حتى البكاء لكن دون جدوى، وتختفي الأعراض مع مرور الوقت أو عندما يلامس أحد المريض أو عند حدوث ضجيج.
وقد أظهرت الدراسات بأن 2% من الناس يتعرضون لشلل النوم على الأقل مرة في الشهر، وقد يصيب هذا المرض المرء في أي عمر.
ويتعرض 12% من الناس لهذه الأعراض لأول مرة خلال الطفولة.
وأفضل ما يمكن أن يفعله مرضى شلل النوم خلال حدوث النوبة أن يحاولوا تحريك عضلات الوجه، وتحريك العينين من جهة إلى أخرى، ففعل ذلك كفيل بإسراع إنهاء هذه الأعراض.
الراعـــية
شخصية خرافية تصورها العامة على أنها امرأة من الجن تسكن البيوت، وتظهر لأصحاب البيت بين فترة وأخرى، وربما عملت بعض الأعمال الضارة لهم أو بعض الحركات أو إصدار بعض الأصوات أو التشكل بعدة صور مثل الحيوانات.
الخبابـــــــة
الخبابة شخصية خرافية معروفة في الكويت والبحرين ومناطق أخرى في الخليج العربي، وتعرف بأنها توجد في مزارع النخيل.
ويقال في وصفها أنها امرأة طويلة متشحة بالسواد من رأسها إلى قدميها تختطف الأطفال، وتغوى الرجال تظهر في المزارع الكثيفة، وكانت الأمهات يخوفن بها الأولاد لمنعهم من الخروج ليلاً.
أبو دريــــــاه
شخصية خرافية معروفة عند أهل البحر، وذكره الشيخ يوسف القناعي بصفة إنسان يسمعون صياحه في البحر كأنه غريق، فإذا أنقذوه أكل ما قدم له, وإذا غفل عنه رجع إلى البحر، وربما أتلف شيئاً من السفينة، وذكر السعيدان أن درياه كلمة فارسية تعني البحر.
أبو مغـــــوي
هو كما يعتقد العامة جني يظهر لأهل البحر من صيادي السمك الذين يصطادون ليلاً، فيناديهم بأصوات زملائهم ليتبعوه زاعماً أن الصيد عنده وفير حتى يستدرجهم إلى الأماكن الغزيرة، فيغرقهم، ومن هنا جاء اسمه (أبو مغوي) من إغواء البحارة، وإغراقهم.
عبد العــــين
تزعم العامة انه يوجد في كل عين جان يسكن في التنور، وهو مكان منبع الماء من تحت الأرض، وربما سحب أحد السباحين لمسكنه حتى يغرقه، وتزعم بعض القصص أن بعض العيون تسحب واحداً في كل سنة، ولهذا يقدم السكان ببعض الأماكن بين فترة وأخرى الرز واللحم أو الرز مع السكر والزبيب هدية لعبد العين لكي يتركهم في حال سبيلهم.
أم إرعــــام
جنية تتعوذ العجائز عند ذكرها، فيقلن:
(بسم الله الرحمن الرحيم..الشر برّأ وبعيد..بينا وبينهم حجاب..اللهم صل على محمد وآله الطاهرين)
ويبدو أن (أم ارعام) مجرد شتيمة مخترعة لتدلل على البشاعة وسوء الخلق.
أم حــــــمار
أصلها (أم رجل حمار) وهي امرأة خرافية يقال لها (شاهوه) - تصغير شاهة - وهو اسم نسائي
وقيل أن أم حمار كما يصفها أهل فيلكا امرأة لها حوافر، وسيقان بقرة، وشعرها من الوبر الكثيف، ومنظرها يبعث الرعب في قلوب الناس، ويزعم الناس أنها تظهر في الفجر حيث يشاهدها السقائون خارج المدينة، ويفرون هرباً منها
كما أفاد بذلك الشيخ يوسف القناعي
في (صفحات من تاريخ الكويت)
وتروى حكايتها أن أم حمار كانت امرأة عادية عشقها السعلو، وحبسها في قصره ذي الغرف العديدة، وسمح لها أن تتجول في سائر أنحاء القصر سوى غرفة واحدة منعها من فتحها أو الاقتراب منها، وأثناء غياب السعلو فتحت المرأة تلك الغرفة لتكتشف أنها غرفة السعلو الخاصة، وأن السعلو الذي تنكر لها في هيئة آدمي ليس سوى سعلو من السعالي، وكانت محتويات الغرفة عبارة عن جثث وبقايا لحوم بشرية كان السعلو يأكلها، ووطئت بقدمها الدماء المتناثرة، ولصقت بها تلك الدماء، فاكتشف السعلو ذلك، وخيرها بين القتل أو يجعل رجليها رجلي حمار.
وفي سنة 1982م عندما تم تدشين الطريق السريع المؤدي إلى الأحمدي (طريق خادم الحرمين الشريفين)
سرت شائعة عن وجود امرأة تستوقف السائقين، وحالما تركب معهم تظهر لها رجل حمار، وتتحول إلى غولة وانتشرت الشائعة لدرجة أن وزارة الداخلية اضطرت في 17 يوليو 1982م لنشر بيان رسمي بأنها شائعة
خــــروف مسلسل
ذكره السعيدان فقال
هو حيوان وهمي يزعمون أن من يأخذ جمجمة خروف، ويدفنها في المقبرة، ويبول على ذلك الرأس كل صباح قبل طلوع الشمس مدة أربعين يوماً يختفي ذلك الرأس بعد أن يصبح خروفاً مسلسلاً يختفي في آبار المساجد، ويسمع صياحه الساعة 6 عربي في الضحى الكبير، ويدعون أن في بئر مسجد مبارك الفاضل خروفاً مسلسلاً، وأظنه دلو ماء سقط في البئر مع حبله، وخيل لمن رآه أنه خروف مسلسل.
ومن هذه الفكرة استلهم أطفال الكويت لعبة طالما لعبناها في صغرنا، ولا داعي هنا لشرحها، ولكن لنقرأ الأنشودة المصاحبة لهذه اللعبة، والتي تدل على الرعب من هذا الخروف المسلسل:
خروف مسلسل.. هدوه
تراهو ياكم.. هدوه
خرّب قواكم.. هدوه
فـ ريله قراحة.. هدوه
كبر البراحة.. هدوه
تراهو جاكم.. هدوه
جنيـــة البحـــر
يكثر أهل البحر من الحديث عن جنيات البحر
وهي قصص مشهورة في كل الحضارات القريبة من البحر.
ويروى المؤرخ عبد العزيز الرشيد في (تاريخ الكويت)
حكاية من هذا القبيل عن أحد الغواصين فيقول:
كنت مع أصحابي يوماً في مغاص اللؤلؤ، فنزل أحدهم إلى البحر، ولم تكد تطأ رجله الأرض حتى صعد إلينا مرعوباً، وأخبرنا بأنه شاهد امرأة من الجان جالسة، وعليها عباءة سوداء،وأتى لزيادة التأكيد بشيء من أوصاف العباءة.
فرأى أحد أخوانه أن ينزل ليتحقق الخبر، فجرى له مثل ما جرى لصاحبه ثم نزل الثالث والرابع وهكذا حتى تكامل من كان في السفينة.
فلما رأيت الكل أضربوا عن العمل لتلك الحادثة رأيت أن أكشف الحقيقة بنفسي، ولكن عندما نزلت وجدت الأمر كما قالوا، فدهشت وأصابني الرعب ما كاد يضطرني إلى الخروج غير أن نفسي أبت علي أن يتحدث الناس عني بأنني جننت، فصممت على حل المبهم، ولو كان فيه القضاء علي، فأقدمت عليها، ولويت بيدي على عنقها، وأنا مغمض العينين، فما شعرت إلا والدم يجري من يدي، فعلمت حينئذ أنني أصبت صخرة سوداء تلبست بعباءة، ولا تسل عن فرحتي عندما عرفت الحقيقة، ولكني أردت مداعبة أصحابي، فلبست العباءة، وخرجت عليهم، فرموا أنفسهم في البحر، وتركوا السفينة وما بها إذ اعتقدوا أن المرأة قضت علي، وجاءت لتقضي عليهم، ولم يتراجعوا إلا بعد سماعهم صوتي.
وبعد أن تطرقنا للشخصيات الخرافية الموجودة في تراثنا
سوف نحاول إكمال البحث بالحديث عن الشخصيات الشعبية من
الموسوعة الكويتية المختصر للكاتب الراحل حمد السعيدان:
أم الخلاقـــين
المشهور عند الناس الآن أن اسمها هو(سحيلة أم الخلاقين)
ويذكر السعيدان أن تسمى أيضاً زهية أم الخلاقين، وسليمة أم الخلاقين، وهي امرأة اشتهرت بأنها تبحث في الزبالة عن الخرق البالية، فتجمعها، وتغسلها، وترقعها، وتصنع منها الثياب، وتبيعها على الفقراء.
يقول السعيدان
في المرقاب كنا نسميها زهية، وكان الأطفال يجرون ورائها، ويعاكسونها، وبعضهم يقذفها بالحجارة، وكنت من جملة المتحرشين بها، وكان ذلك حوالي سنة 1946م، وتعثرت، ووقعت، وأخذت تركلني برجلها
أبو كحـــلة
رجل مخبول كان يلطخ عينيه بالكحل، ويجري خلفه الأولاد، وهم يرددون كلمتي: (أبو كحلة المبايعي) أي الذي باع عقله, ويقذفه الأولاد بالحجارة، وهو بدوره يقذفهم بأقرب شيء تتناوله يده.
يقول السعيدان: شاهدته في حياتي مرتين الأولى حوالي العام 1947م في المرقاب
والثانية حوالي سنة 1950م في ملجأ للبلدية كان في الصالحية يطل من مدعاب الملجأ، ويشتم المارة، والآن لا نسمع عنه شيئاً، وأظنه قد مات.
شهـابـــوه
عرف به السعيدان فقال:
اسم يطلق على شخص كويتي مشهور بالسقم أو الخبل، ولكنه غير مؤذي يتخذ الأرصفة مكاناً يشحذ فيه من المارة
وهو شاب توفي في سبتمبر 1968م يعطف عليه الكويتيين بسبب سقمه وعيب في أحد قدميه.
وكان ذكياً لا يمد يده بطلب المساعدة إلا الكويتيين فقد اكتشف أن الآخرين لا يقدمون له شيئاً
أم أحمد العـكافــة
امرأة كانت تعكف (تظفر) شعر النساء، وخاصة العرائس بالأجرة، ولذا كانت تكثر من مدح جمال العروس أثناء عملية العكاف (التظفير) لتزيد من أجرتها، ولذا صار اسم (العكاف) مرادفاً للنفاق في اللهجة الكويتية.
إمبايـــعي
ذكره السعيدان فقال
رجل أبله كان يخيف الأطفال، ويصفقون وراءه، والمبايعي من باع الشيء وفي اصطلاح الكويتيين (فلان بايع ومخلص) أي مجنون ولم يبق عنده ذرة من عقل ولا يهتم لأمر من الأمور وكل شيء عنده سواء وباع عقله أي ضيعه
خميسوه حــلاوي
ذكره السعيدان فقال
مسكين من السذج وقيل أنه مجنون يركض وراءه الأطفال ويصفقون وهم يرددون (خميسوه حلاوي.. ياكل تمر خضراوي)
وأفاد أنه كان يحمل فوق ظهره وحول جوانبه عدد من العلب الفارغة يربطها ويتركها تتدلى كما يحمل فوق ظهره حزمة توحي بأنه على سفر ليستدر عطف الناس.. شاهدته عدة مرات حوالي سنة 1947م والأولاد يجرون خلفه، ويصفقون وهو رجل عجوز لم ينتبه إلى عبثهم وكان يسير في سوق التمر
خبالــــوه
شخصية قديمة يطلق عليه اسم خبالوه أي المخبول، وكان يخيف الأطفال في الشوارع.
أم دعـنـــوه
لقب امرأة قيل أنها كانت تسف الخوص وتدعى خصوف، وجاء في الأمثال الكويتية قول:
(عقب ما حمى المعلب.. جت أم دعنوه تلعب)
ويضرب هذا المثل لمن يأتي متأخراً لشراء ما يلزمه ويكون نصيبه أردأ أنواع السلع.
أبو دنــــدول
شخصية كويتية من الماضي يقال (بو دندول.. دندل الدلو)
وقيل أن أبا دندول كان شيخاً طاعناً في السن يحمل بيده دلواَ يضع فيه بعض شؤونه، وقيل أنه كان يطوف بأسواق التمر والدهن في شهر رمضان لجمع ما يجود به المحسنون من تمر أو إقط أو قمح، ونحو ذلك.
أبو سعـبولـــة
ذكر السعيدان فقال:
عرف الكويتيون قديماً شخص سقيم كان يفغر فاه، ويترك لعابه يسيل من بين شفتيه، ولا يستطيع التحكم في امتصاص لعابه، وكان يجري خلفه الأطفال، ويسخرون منه ثم يأتي أحد أهل الخير، ويطلب من الأطفال الامتناع هذه السخرية، وإلا أصابهم ما أصابه، فيمتنع الأطفال عن السخرية
السلـقـلـــق
صفة أطلقها الأولاد على شخص سقيم طويل القامة قيل أنه عاش في أيام الحاكم الخامس للكويت الشيخ عبد الله الثاني الصباح كان يجمع القواقع البحرية لغرض التسلية، وكان الأولاد يصفقون خلفه إذا ما شاهدوه، ويرددون هذه الأبيات:
(السلقلق كنه اللقلق أمه تطلق تحت النخلة تجيب صخلة)
أبو عـنكـــورة
قال السعيدان:
لقب شخصية كويتية ذكر أنه من الظرفاء، وقيل أبو عنكورة، وقيل أبو خنكورة حتى أصبح هذا اللقب صفة تلازم كل شخص يميل إلى التمسك برأيه ولا سبيل إلى إقناعه والعنكورة في اصطلاح العامة تعني المناوشة الكلامية ومن هذا نستنتج أن هذا شخص يصعب ويرى أن قوله الفصل.
شخصيات متنوعة في الأمثال
وتزخر الأمثال الكويتية بذكر شخصيات عديدة بعضها معروفة والبعض الآخر مجهول النسبة وسيرة الحياة ولكنها ظلت تدل على أفعال وصفات متعددة.
وسنحاول رصد بعضها في سياق بانورامي دون التطرق إليها بالتفصيل.
فلدينا (عريمان) وناقته التي إن ثارت نارت (أي هربت)، وإن بركت ما ثارت.
وابن برمان وطيره الذي أتى بالحية على رأس راعيه.
وابن تمام بتسعيرة بتيله الموحدة (شاحن وخالي بريالين)
وابن غامس وفعلته الغريبة في التانكي
وعبد حبابة الصغير على السيب الكبير على التبابة.
والخليفي وقرايته التي أتت بمفعول عكسي على ابنه الصغير
وطعيس الذي باع بيعته سنة 1212هـ، فهزم حملة عسكرية كاملة بطعنة غادرة من رمحه
وغليص المسعودي الشمري الذي التقط لقطة عادت عليه بالمضرة
وأبو متيح الفضلي الذي كان يشتري الطلايب من أهلها
ولدينا أيضاً أم ناصر بلسانها الطويل، وحيلها القاصر
وعرار بحصانه الذي ما ربح من قاده
وضحيان وعبيده الذين لا يخافون منه، ولا هو يخاف من عبيده
وهليل بغزوه الذي لا يمرح فيه ولا يقيّل
جريدة الجريدة 11/11/2008