في الحقيقة ولتعذرني الإدارة عثرت على هذه الإضافة الطيبة لموضوع العرب فرغبت في إلحاقه بالموضوع الأصلي تحقيقاً للباحثين فيه.
*************
فصل في الدليل على فضل العرب
الدليل على فضل العرب ما رواه الترمذي عن العباس بن عبدالمطلب قال قلت يا رسول اﷲ إن قريشا جلسوا يتذاكرون أحسابهم بينهم فجعلوا مثلك كمثل نخلة في كبوة من اﻷرض فقال النبي صلى اﷲ عليه وسلم إن اﷲ خلق الخلق فجعلني في خير فرقهم ثم خير القبائل فجعلني في خير قبيلة ثم خير البيوت فجعلني في خير بيوتهم فأنا خيرهم نفسا وخيرهم بيتا - قال الترمذي هذا حديث حسن
وعن سلمان قال قال رسول اﷲ صلى اﷲ عليه وسلم يا سلمان ﻻ تبغضني فتفارق دينك قلت يا رسول اﷲ وكيف أبغضك وبك هداني اﷲ قال تبغض العرب فتبغضني - قال الترمذي هذا حديث حسن غريب
وروى أبو جعفر الحافظ الكوفي عن ابن عباس قال قال رسول اﷲ صلى اﷲ عليه وسلم أحبوا العرب لثﻼث ﻷني عربي والقرآن عربي ولسان أهل الجنة عربي - قال الحافظ السلفي هذا حديث حسن فما أدري أراد حسن إسناده على طريقة المحدثين
أو حسن متنه على اﻹصطﻼح العام وأبو الفرج بن الجوزي ذكره في الموضوعات
وقال سلمان يا معشر العرب لتفضيل رسول اﷲ إياكم ﻻ ننكح نساءكم وﻻ نؤمكم في الصﻼة
وإسناده جيد رواه محمد بن أبي عمر العدني وسعيد في سننه
ولما وضع عمر الديوان للعطاء كتب الناس على قدر أنسابهم فبدأ باﻷقرب فاﻷقرب إلى رسول اﷲ فلما انقضت العرب ذكر العجم هكذا كان الديوان على عهد الخلفاء الراشدين وخلفاء بني أمية وخلفاء بني العباس إلى أن تغير اﻷمر بعد ذلك واﻷحاديث واﻵثار في ذلك كثيرة أصحها ما ذكرناه
وسبب ما اختصوا به من الفضل واﷲ أعلم ما جعل اﷲ لهم من العقول واﻷلسنة واﻷخﻼق واﻷعمال وذلك أن الفضل إما بالعلم النافع أو العمل الصالح والعلم له مبدأ وهو قوة العقل الذي هو الفهم والحفظ وتمام وهو قوة المنطق الذي هو البيان والعبارة فالعرب هم أفهم وأحفظ وأقدر على البيان والعبارة ولسانهم أتم اﻷلسنة بيانا وتمييزا للمعاني وأما العمل فإن مبناه على اﻷخﻼق وهي الغرائز المخلوقة في النفس فغرائزهم أطوع من غرائز غيرهم فهم أقرب إلى السخاء والحلم والشجاعة والوفاء من غيرهم ولكن حازوا قبل اﻹسﻼم طبيعة قابلة للخير معطلة عن فعله ليس عندهم علم منزل وﻻ شريعة مأثورة وﻻ اشتغلوا ببعض العلوم بخﻼف غيرهم فإنهم كانت بين أظهرهم الكتب المنزلة وأقوال اﻷنبياء فضلوا لضعف عقولهم وخبث غرائزهم وإنما كان علم العرب ما سمحت به قرائحهم من الشعر والخطب أو ما حفظوه من أنسابهم وأيامهم أو ما احتاجوا إليه في دنياهم من اﻷنواء والنجوم والحروب فلما بعث اﷲ محمدا صلى اﷲ عليه وسلم بالهدى تلقفوه عنه بعد مجاهدة شديدة ونقلهم اﷲ عن تلك العادات الجاهلية التي كانت قد أحالت قلوبهم عن فطرتها فلما تلقوا عنه ذلك الهدى زالت تلك الريون عن قلوبهم فقبلوا هذا الهدى العظيم وأخذوه بتلك الفطرة الجيدة فاجتمع لهم الكمال بالقوة المخلوقة فيهم والكمال الذي أنزله اﷲ إليهم بمنزلة أرض طيبة في نفسها لكن هي معطلة عن الحرث أو قد نبت فيها شجر العضاء والعوسج وصارت مأوى الخنازير والسباع فإذا طهرت عن ذلك المؤذي من الشجر وغيره من الدواب وازدرع فيها أفضل الحبوب أو الثمار جاء فيها من الحب والثمر ما ﻻ يوصف مثله فصار السابقون اﻷولون من المهاجرين واﻷنصار أفضل خلق اﷲ سوى اﻷنبياء وصار أفضل الناس بعدهم من اتبعهم بإحسان رضي اﷲ عنهم إلى يوم القيامة من العرب والعجم واﷲ سبحانه أعلم والحمد ﷲ وحده وصلى اﷲ على سيدنا محمد وآله أجمعين وسلم تسليما
__________________
***** ๑۩۞۩๑
{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين} هود114 ๑۩۞۩๑
*****
|