سليل عائلة العدساني.. لحن لكل مطربي الخليج عدا شادي الخليج
العدساني: نعيش زمن «الرؤس نامت والعصاعص قامت»
كتب هالة عمران - عالم اليوم
19/04/2009
عائلته من عوائل الكويت المعروفة والمشهورة بنزاهة المعاملة يضرب بها المثل في أداء الأمانة في حكم القضاء ينحدر أصلها من قبيلة الإشراف، ولد عام 1936 بالكويت في حي القبلة، فريج الصيهد، التحق بالمدرسة القبلية في عام 1940، في أواسط الأربعينيات وجد نفسه تواقا للقراءة وان كان لايدرك معنى كل ما يقرأه، عندما التحق بالثانوية المباركية لم يكن لديه استعداد نفسي لاكمال الدراسة، حيث انها بمنهجها الدراسي لا يمكن ان تشبع رغبات نفسه التي تعلقت بالشعر، وبعد أخذ وجذب رضي والده على مضض تركه للمدرسة، فالتحق بما يسمى حمال ماشي مع عبدالعزيز الفوزان لكنه لم يسجل رسمياً فتركهم وعمل بإدارة الكهرباء «وزارة الكهرباء» فعين بقسم العاملين، حيث كان التعيين في ذلك الوقت اسهل من السلام عليكم عليكم السلام»، أصدقاؤه خاصة القدامى مازالت نفسه تحضنهم وإن رحل الكثيرون منهم، منذ الصغر كان يحفظ الأغاني الشعبية وما يردد من أغاني البصرة مثل نام يا وليد، طبووطنا، حلوة البصرة، وأغاني أخريات غابت في مجاهل الأيام، وبعض أغاني أم كلثوم ولكن ظل بداخله شيء لم تتبلور ملامحه كان أكبر من حفظ الأغاني، هو أول ملحن كويتي يصور نغم السيكا المصورة، الأخ رجا الحجيلان كان له دور في حياتي عندما عرفه على «علي ضمور» وهوصاحب ماجستير في علم العروض وعنده وجد ضالته، فتتلمذ علي يده وعرف أوزان الشعر لم يكن عمله للعيش والاسترزاق، اعتزل التلحين عام 1979، عندها كان لحن الأغنية بـ150 دينارا، طموحه حقيقة ويعيش في سلام كل هذا عرفناه في لقاءنا مع الشعر الملحن عبدالرزاق العدساني في الوجه الآخر.
وثيقة عدسانية
< كيف تقدم نفسك للقارئ؟
- أنا عبدالرزاق محمد صالح إبراهيم العدساني، عائلتي من عوائل الكويت المعروفة والمشهورة بنزاهة المعاملة ومضرب المثل بأداء الأمانة في حكم القضاء ومثال لذلك يقال لتأكيد النزاهة هذه «وثيقة عدسانية».
ينحدر أصلها من قبيلة الأشراف التي تنحدر من سلسلة «عقيل بن أبي طالب بن عبدالمطلب من بني هاشم» وأمي تنحدر أصلها من قبيلة «عنزة» وهي من أكبر القبائل العربية حملت عائلتها اسم «الفخذ الذي تنتمي إليه وهو «الدويرج» وبما ان حرف الجيم في الكويت يبدل بحرف الياء سميت العائلة «بالدويرج» وعرفت في الكويت.
< أنت من مواليد عام 1936.. حدثنا عن هذه الحقبة وتأثيرها في تكوين شخصيتك؟
- ولدت في حي القبلة «فريج الصيهد»، ومنذ صغري كنت أميل للغناء وأحفظ أغاني أم كلثوم خاصة في أوائل الخمسينيات فلم يكن هناك تسجيل لكني اقتنيت مسجلا بشريط ربع ساعة، وكنت أسجل فيه ثم أمحوه، هذه الأشياء أثرت في تكويني وكنت أقرأ الكتب ذات القصص الإجرامية لانها مسلية، والتي كانت في ذاك الوقت بمثابة الكتب العالمية، وكنا نجتمع في مجموعات صغيرة لنتبارى بالشعر، وهذا كون لدينا خلفيات لم نكن نشعر بها في ذاك الوقت، طفولتي عادية، بيت العدساني كان كبيراً يتكون من عدة بيوت متداخلة، فكان الديوان يشغل مساحة كبيرة، وكان موقعه مجمع المثنى الحالي، هذا الديوان منقسم إلى قسمين، ثلث ديوان، وثلث مزرعة، بها حفرة كبيرة كنا نسميها «الخر» طولها 20*20 متراً بعمق مترين، تتجمع فيها مياه المطر، وكان هناك شجر السدر والنخيل، وقد تربينا كعائلة واحدة نرضع من أمهات بعضا البعض، كان البيت يضم عبيدا وخدما، والكويت دائما يحفظها الله من كل سوء، ففي وقت الحرب العالمية رغم صغر بلدتنا لم نر جيشا انكليزيا أو المانياً أو أميركياً، فقط نعيش بسلام، وكان لديهم النهر والزراعة فيما كنا نعيش في رغد ونعيم، وكانت كل متطلباتنا في تلك الفترة من إيران إلا ان بعض التمور من العراق إلى جانب مزارع الكويت، فكان جزر فيلكا يضرب به المثل والطفرة النفطية أحدثت تغيرا كبيرا في الكويت أثر سلبا على الناس.
< حدثنا عن والديك؟
- والدي محمد صالح كان يعمل بالتجارة حتى عام 1948 عقب استقلال الهند حيث صارت الأمور صعبة هناك وخسر كثيرا، ثم عاد إلى الكويت واستقر، كان الأب بالماضي «عصى للضرب» والأم مسكينة لا حول لها ولا قوة، فإذا دخل الاب البيت يخاف الجميع منه، هذا الخوف زرع فينا التفرقة النفسية أكثر من الاجتماعية كنا قليلا ما نراه من كثرة سفراته، أنا الأوسط بين إخواني يسبقني اثنان ويتبعني اثنان، عبدالعزيز الذي كان رئيس لجنة المناقصات، ثم سليم وأنا ثم خليفة وأخيرا احمد العدساني الذي كان وزيرا للكهرباء والاشغال.
< حدثنا عن الدراسة؟
- التحقت بالمدرسة القبلية عام 1940، كان موقعها قريبا من مسجد ملا صالح، والمسجد لا يزال موجوداً إلى الآن مطلا على شارع فهد السالم، كانت المدرسة عبارة عن بيتين، بيت عود، وبيت صغير، دون كهرباء ولا ماء، ولكن التدريس كان فيها متميزا، لقوة المدرس وحرصه على التلاميذ، والتزامهم بعد القبلية دخلت ثانوية المباركية، كان التعليم يبدأ بالتمهيدي ثم الأول وهكذا إلى السادس، درست حتى الصف الثاني الثانوي، ثم تركتها لحرصي على الدراسة بنفسي، كان ضمن زملائي د. عثمان عبدالملك، وخالد سعود الزيد، عبدالله السرهيد ومحمد الراضي، اذكر في سنة 1945 قدمت مسرحية «البسوس» وان دل هذا على شيء فإنما يدل على تقدم المسرح في الكويت منذ زمن بعيد ولاسيما وان هذه المسرحية جاءت باللغة العربية التي يعجز الكثيرون اليوم عن القيام بها، وكما هو معروف بعجلة الزمان تذهب برجال وتأتي بآخرين فقد توفي ناظر المدرسة عبدالملك الصالح وحل مكانه استاذ من البعثة المصرية اسمه إسماعيل كان شديد المعاملة حريصا كل الحرص على مستقبل الطلبة وهنا لابد لي أبين أن النظار في ذلك الوقت كان يقوم بدور السكرتير كذلك كان يشارك المدرسين في الحصص، كانت في ذلك الوقت الدراسة قوية تفوق الثانوية الأن بعدة مراحل والطالب الذي يجتاز المرحلة الابتدائية يحصل على شهادة موقعة من قبل رئيس المعارف انذاك والذي يقوم مقامه في الوقت الحاضر«وزير التربية» اذكر انني في هذه المرحلة لم أكن هادئاً أو حاد الطباع بل «التزمت الوسطية».
< ما الدافع الذي كان يحركك لمزيد من العمل..؟
- بعد تركي الثانوية حيث لم يكن لدي استعداد نفسي لاكمال الدراسة حيث وجدت ان المنهج الدراسي لايمكن ان يشبع رغبات النفس التي تعلقت بالشعر وحاولت جاهداً ان اترك مواصلة الدراسة وان اقدم الاعذار والمبررات لابي الذي اصر على مواصلة التعليم وبعد اخذ وجذب رضي ابي على مضض فاخبرته انني التحقت بما يسمى«حمال ماشي وفعلاً عملت به مع عبدالعزيز الفوزان ولم ادر انني لم اسجل رسمياً عن تلك المؤسسة استدعاني رئيسها المرحوم محمد قبازرد وسألني ان كنت اجيد اللغة الفارسية فقلت له لا اجيدها بل لا اعرفها فقال لي بأدب واحترام يا ابني عملنا وكما ترى كل العاملين به من الفرس ويجب التعامل معهم في لغتهم فقلت له ولكني عملت حتى الآن ثمانية عشر يوماً مع عبدالعزيز الفوزان وتحت امرة مبارك الحساوي بالمخازن قال لي هذا شأنك معهم ذهب ابي إلى«حمال باشي» لتأكيد ما إذا كنت صادقاً أم لا وتبين له ان لا اسم لي عندهم وبهذا اصبحت كاذباً في نظره، وبعد فترة طويلة اكتشف انني كنت صادقاً ولكن بعد فوات الآوان بعد ذلك عملت ليوم واحد في وزارة الكهرباء، حيث كنت الوحيد في القسم وحاملا شهادة إبتدائية والتي كانت بمثابة الجامعية ولم يرغب احد في وجودي معهم وقد خرجت في هذا اليوم مع شخص إلى احد البيوت به دهليز طويل مظلم وبثقاب الكبريت طلب مني رؤية الارقام وتسجيلاتها ومن هنا تركت الكهرباء بعدها ذهبت إلى الاشغال وعملت هناك لمدة ثلاث سنوات لم يكن العمل همي الأول بل يهمني ان يتاح لي الوقت لاحفظ فيه والمادة التي اشتري بها الكتب لكن خروجي للعمل من خلال وزارة الشؤون وتعرفي على حياة الناس عن قريب واحتكاكي بأناس جدد كان له الاثر الكبير الذي جعلني انجرف معهم فتركت الآدب وتوجهت للفن.
< كيف بدأت قصتك مع العود... وكتابة الشعر الفصيح؟
- محاولات الشعر الفصيح بدأت بعد عام 1955 لكن كنت اكتب الشعر العامي منذ عام 1946 وبدأت كتابة القصائد العامية في الخمسينيات حيث كانت الكويت ضائعة بين القديم والمستحدث وكان الفن اشبه بالميت بدأ عام 1959 وكانت أول انطلاقاته التي سجلها احمد باقر وشادي الخليج ثم الزنجباري والدوخي والراشد كان عشقي الأول والأخير لأم كلثوم احفظ كل اغانيها وقتها كنت احاول تعلم العود واشتريت عوداً بـ«203» روبيات كان هذا المبلغ وقتها يشتري بيتاً وحاولت تعلم العود لكنه تعليماً بطيئاً ليس قائماً على أسس فدرست عند احد اللبنانين واستفدت منه كثيراً ثم التحقت بمدرسة للمصري محمد صالح لتعليم العود كان يعمل في اللجنة الشعبية التابعة للشؤون والتي كان دورها العناية بالفن واستفدت منه ولكن أكثر الفائدة حصلتها من سفراتي إلى القاهرة، حيث كنت اتعرف على اساتذة العود بعد ذلك درست العود اكاديمياً وعرفت كتابة النوتة.
< من اكتشف موهبة التلحين لديك؟
- اكتشفتها بنفسي ودخلت المجال دون ان افكر في انه سيجعلني نجماً، فقط عشقته فهناك اشياء تحدث للانسان دون ان يعرفها فذات مرة كنت جالساً بالبيت اتى إلي الشاعر علي الربعي شقيق المرحوم د. أحمد الربعي ابلغني انه كتب قصيدة ويريد مني تلحينها وجلسنا معاً وظلنا نقرأها وبالعود بدأت تلحينها واتصلت بالفنان احمد عبدالكريم«ابو بدر» وجلس معنا وكان التوفيق حليفنا ومن هنا كانت البداية وسجلناه في مسجل وفي اليوم التالي ذهبنا إلى المرحوم أحمد علي بالاذاعة وطلبنا فرقة الجيش وسجلناه ولقي نجاحاً باهراً فهذا الامر وليد وقته والكلمة شجعتني وساعدتني على التلحين فالقلائل من مؤلفي الاغاني مبدعون فمثلاً يوسف ناصر من ألمع كتاب الاغاني ومحمد محروس وغيرهما.
< أيهما بدأ أولاً.. الشعر أم التلحين.. وهل هما هواية أم مهنة؟
- يقال عن شخص انه شاعر ومؤلف وملحن، لكن في الحقيقة انه يعمل في مجال ما في فترة معينة وفي فترة أخرى يدخل مجالاً آخر، فيما يظن الناس ان كل هذه الامور مجتمعة لدى الشخص في وقت واحد فقد بدأت التلحين عام 1969 وخلال هذه الفترة لحنت لكل مطربي الكويت مثل عوض دوخي، مصطفى أحمد، عبدالكريم عبدالقادر، وقد طرقت التلحين بأغنية«يامن شاف العريس» لعبد المحسن المهنا وهذا اللحن سمعه مني الفنان عبداللطيف واعتبره من التراث وبدأت عملي كملحن بالاذاعة الكويتية 1970 واعتزلت التلحين عام 1979 وقد لحنت خلال هذه المدة أكثر من اربعين لحنا عاطفياً وأكثر من عشرين لحنا مناسبات وطنية ودينية واعتبر انني أول ملحن كويتي يصور قسم السيكا المصورة وذلك في اغنية عطني فرصة ومازلت احتفظ بعدة الحان لم اسجلها رغم انني تركت التلحين وارجع إلى عودي اذا اشدني الحنين إلى الماضي أو اشغل نفسي وبصفة خاصة اذا سرعت في كتابة قصيدة فإن اللحن والتقاسيم وخصوصاً الشرقية لها الاثر الطيب الذي يلهب العاطفة الشعرية فينطلق منها الشعر.
رجا الحجيلان
< على يد من تعلمت.. وهل لك قدوة سرت على نهجها.. وما أهم مؤلفاتك..؟
- عندما انتقلت من وزارة التربية إدارة المكتبات إلى الشؤون الإدارية تعرفت على النائب رجا حجيلان المطيري وكان وقتها مراقب الجوازات بالوزارة وبدوره عرفني على«علي الذمور» والذي كان يحمل ماجستير في العروض وعلى يديه درست العروض، وحصلت على كتب درستها جيداً لدرجة اني اصبحت التلميذ الذي تفوق على استاذه واصبح يعلمه وألفت كتاباً في العروض لكني كنت اخشى سرقته ولم يكن لدي من اثق به سوى د. خليفة الوقيان وعرضته فأخبرني انه كتاب لم يتطرق له احد فاكملته حتى بات كتاباً كاملاً واسميته «الجديد في علم العروض» وهو أول كتاب لي ومنه نسخة في مكتبة الكونغرس الاميركية بعد ذلك ألفت كتاباً عن شاعر الاطلال محمد بن لعبون والذي نظمته اكاديمياً وهو من أوجد الاوزان لم يكن يعرفها العرب ثم ألفت كتاباً عن شاعر البحر ضويح بن ربيح لانه كان بحاراً والكتاب الرابع حصرت فيه اوزان الشعر العامي بالكويت ولانتشار اكبر للكتاب عملت «57» قصيدة عربية فصحى على الاوزان الكويتية وهذا كان سبقاً لي على مستوى العالم العربي، وقدم هذا الكتاب د. سليمان الشطي، فصار القارئ لهذا الكتاب يقرأ وزن لم يطرق وزنه من قبل واتذكر اول قصيدة نشرت لي في مجلة النهضة بمناسبة الاعياد الوطنية في اوائل الثمانينيات رغم ان فيها بعض الاخطاء العروضية في القافية اما اول قصيدة حملت اسمي وفعلي والتي اعتبرها اول قصيدة لي هي «الابواب العالية» التي نشرت كما قلت بالنهضة وهي الانطلاقة الاولى الحقيقية بهذا المجال. ولعل المعلم الاول لي في علم النحو هو القرآن الكريم الذي حفظت منه سوراً كثيرة عن ظهر قلب كذلك حفظي لاجزاء من السور الطويلة مثل البقرة، آل عمران وهذا زادني قوة على قوة في هذا المضمار، بالاضافة الى معرفتي وحفظي لكثير من الشعر الجاهلي والاموي والعباسي وبصفة خاصة المتنبي الذي اعتبره الشاعر الذي لا يحاربه احد في الشعر.
اما قدوتي فاتخذت من نفسي قدوة لنفسي ولا انس يوسف جلود وهو لبناني مخلص في عطائه، كان ناصحاً عرفت عن طريقه اشياء كثيرة، ووفر علي وقتاً طويلا حيث تعلمت على يديه في ستة اشهر ما يحتاج لاربع سنوات، كذلك محمد صالح وهو مصري ولم اكتفي بهؤلاء الاساتذة في التحصيل منهم بل ذهبت للقاهرة لاستفيد اكثر.
< من أبرز من اثروا كلمات والحان الكويت في الحقبة التأسيسية للفن الكويتي؟
- عبدالله الفرج كشاعر وملحن.
لا حياة لمن تنادي
< في اواخر الثمانينيات من القرن العشرين صدر لك أول ديوان شعر اسميته ديوان العدساني حدثنا عنه وما حكاية كتاب زهيريات العدساني؟
- هذا الديوان تجلت به قصيدة اسماء الله الحسنى التي شملت كل اسماء الله تعالى وهذه القصيدة تتكون من الاسماء الحسنى ولم يدخل عليها فعل الا في صدر البيت الاول فقط. اما القصيدة فهي على البحر الطويل الثاني المتواتر الذي وتفاعيله.. «فعولن مفاعيل فعولن مفاعلن» تكون من مبتدأ وخبر فاشارة هو مبتدأ، وهي فريدة لم يعمل احد مثلها ونظامها ومع هذا لم تذكر بالبرامج الدينية في الكويت والسبب واضح ان مثل هذه البرامج غيرها المسؤولون الحقيقيون عنا غير كويتيين ولا يحبون ان يصدر اي شيء جميل من كويتي كما ان المسؤولين لا يعنيهم هذا لا من بعيد ولا من قريب لإيمانهم المطلق بما يقوله ذلك الغريب ليس بهذه القصيدة بل من مواضيع شتى، ومن الغريب ان صلاح اسماعيل كان في دعوة وزارة الاوقاف وكان كالعادة يجري له الحديث تلو الحديث اطلع على تلك القصيدة حيث احضرها له عبدالسلام احمد عازف الكمان المعروف في مكتب فهد حمود واعجب بها فكيف نسقت اسماء الله الحسنى في مثل هذا ولكن صدق الشاعر حين قال.. لقد اسمعت لو ناديت حياً.. ولكن لا حياة لمن تنادي اما الزهيري فهو فن اشبه بالموال وله شكل سباعي وفيه كلمات اطناب لكل معنى مختلف.
< عشقت الموسيقى والادب منذ نعومة اظافرك.. فما سر هذا العشق؟
- كنت منذ الصغر ميالاً لحفظ الاغاني الشعبية وما يردد من أغاني البصرة مثل «نام يا وليد» ،«طبو وطنا»، «حلوة البصرة» الوجن واغاني اخريات غابت في مجاهل الايام ولكن في داخلي شيئا لم تتبلور ملامحة اكثر من حفظ الاغاني، هذا العشق من رب العالمين، كان أبي يحب الاغاني القديمة مثل صالح عبدالحي، لكن هذا لم يكن يعني موافقته على تعلمنا العود، لذا كنت اتعلم سراً.
< ركزت في اشعارك على اللهجة العامية.. لماذا؟
- الشعر العامي يمثل اللهجة المحلية وبذلك فهو اسهل للقلب ومحبوب اكثر من الفصيح.
مرآتي الشعرية
< عدت بعد فترة لدراسة العروض.. فما الدافع وكم انفقت على ذلك؟
- درست العروض لأتمكن من معرفة الشعر الفصيح من الداخل وتركيباته الهندسية، وعلمي بالعروض ازال الغبار عن مرآتي الشعرية وأصبحت أرى صورتي الشعرية، كنت ادفع شهرياً «120» ديناراً للمدرس ليعلمني العروض.
< كم حصيلة الحانك واغانيك واوبريتاتك؟
- اكثر من «40» لحناً لاغاني عاطفية، ونحو 20 لحنا لمناسبات، و3 اناشيد حماسية و4 اوبريتات اولها على مسرح الخليج اخرجها صقر رشود، والثاني حكاية شعب اخرجه عبدالوهاب السلطان والثالث ايام الربيع الذي غناه عبدالكريم عبدالقادر والرابع كان لمدرسة المنصورية وتم الغاؤه اثر خلاف.
عدا شادي الخليج
< من أهم من تعاملت معهم بألحانك؟
- جميع مطربي الكويت عدا شادي الخليج وهو الوحيد الذي حصل على شهادة اكاديمية من معهد «الكنسوفانور» والبقية حصلوا على المعهد العالي، تعاملت مع عوض دوخي، مصطفى أحمد، حسين الجاسم، مبارك المعتوق وغيرهم.
< التراث.. متى بدأت الاهتمام به.. وما مواصفات باحث التراث؟
- أنا مهتم بتراث بلدي من أغاني والحان وغيرها، اذكر اننا في عام 1975 كنا نسجل أوبريت «الماضي والحاضر» وكان في اخر عرضه بحرية، دخل علينا د. يوسف الدوخي وسألني عن هذا الفن فقلت له عرضة بحرية، فقال الدوخي بأن هذا ليس عرضة بحرية وانما فن خباري قديم انتهى منذ 120 عاماً ومن هنا يظهر ترابط التراث، اما الباحث في التراث لابد وان يعرف كل شيء بما فيه العشب.
< هل تعتبر نفسك من جيل الرواد.. وهل جعلت عملك هما حملته أم عملا للعيش؟
- هذا التقييم اتركه للناس، ولم يكن عملي للعيش والاسترزاق لأنني كنت أطبع أعمالي على حسابي الخاص، واصرفه عن طريق الواسطة وليس على حسب محتواه ومضمونه، واذكر انني في ثاني لقاء لي بالشيخ جابر رحمه الله، وعندما قدمت له كتابي اهداء قال لي هل العاملين في الاعلام يعرفون هذا الكتاب.
< حدثنا عن الفارق بين أجور اليوم والغد من خلال ألحانك واشعارك؟
- اعتزلت التلحين منذ 1979، وكانت الحان الاغنية بـ«150» دينارا وبعد ذلك الغيت الفرقة واصبح التسجيل خارجيا، في الماضي كان داخل الاستوديو ويتواجدمهندسو الصوت الآن التسجيل الموسيقي بمفرده والصوت بمفرده.
< ما الموقف الذي تعرضت له واثر فيك؟
- في سنة 1986 عزمت الحج وكانت أول حجة لي مع المرحوم نمش صالح النمش صاحب حملة النمش المشهورة في ذلك الوقت وصاحب هذه الحجة بعمرتين، ان دخول البيت الحرام والوقوف عند الكعبة له الاثر الذي لا ينازعه اثر فبهذا قضي على معظم ما كان يرقص له الماضي وحل محله شوق الحج وتوالت حجاتي للبيت الحرام إلى أربع عشرة حجة وثماني عشرة عمرة ولم يعد في نفسي رغبة في أي سفر مهما كان الا اذا كان ينطوي على مهمة خاصة فقد حل الحج محل كل سفر كنت اتشوق اليه في الماضي والحمد لله.
< حدثنا عن اصدقائك؟
- اصدقاء القبلة ما زالت النفس تضفنهم وان رحل الكثيرون منهم وبقي على ما هو عليه بالنفس وان تعسره الحياة ومن هؤلاء وهم قلة من كثير قد ذهبوا عبدالرحمن محمد المنيس، عيسى العباس، عبدالله عبدالرحمن السرهيد، محمد عبدالله المدلج وهؤلاء ما زال الاتصال معهم قائما لم تؤثر فيه عوامل الزمن.
< يسير النجم وبمحاذاته الشهرة فمتى أحسست بأهمية الشهرة وأضواء الإعلام؟
- مغرور.. من يظن نفسه مشهورا فلم اشعر يوما أنني مشهور بل دائما أحس أنني انسان عادي.
الشر في ثوب المداعبة
< ما المواقف النادرة خاصة في أمور الشعر والشعراء؟
- لعلي أذكر من تلك النوادر التي قام بها أصحابها وهم يحملون الشر في ثوب المداعبة والمنادمة، كنت أنا وعبدالعزيز خالد المفرج «شادي الخليح» والاستاذ المرحوم عبدالله عبدالعزيز الدويش دار الحديث في أمور شتى والذي يهم ما ساذكره هنا وهو قول يردده الكثيرون ولا يدركون مغزاه الحقيقي بما فيهم أنا وعبدالعزيز ذلك القول هو «احديه ابديه ناصر ديه حط الكور على الزينور يا قناص قوم أقنص شيط خيلك شطه باب الحلة وباب الشام مريت على بابين قلت يا عمي يا أبو حسين كم على عيد رمضان سبعة أيام بالتمام خرجه برجه طاحت بالماي قلت فش» هذا القول هو من لسان المرحوم عبدالله ان هناك شخصا من الاحساء مهمته بث هذه السموم بطريقة لا يعرفها الكثيرون وهو من باطنه قول فاحش يثير الغريزة البشرية وذلك الشخص حضر إلى الكويت أيام الشيخ سالم المبارك الحاكم التاسع للكويت الذي أمر بأبعاده ومنعه من دخول الكويت ثانية.
< حدثنا عن زواجك وأولادك وأحفادك؟
- في عام 1965 وفي شهر فبراير تزوجت وفي آخر السنة رزقت بأول اولادي وهو ابراهيم نسبة لجدي أبو أبي. في هذا الزواج اطلت على حياة يجب ان يتحكم فيها العقل وان يكون للصبر نصيب فيها عرفت عن قرب وبأمر مكشوف ذل الوظيفة الذي لم اكن اعره اهتماماً قبل زواجي ولم تكن الوظيفة شغلي الشاغل حيث كنت وقتها مستعد ان ارد على اكبر رأس كنت صريحاً لأبعد الحدود وجريئاً بما سوف اذل فيه ولم يكن لي في هذه الحياة كما يقول المثل « لا ناقة لي ولا جمل» كانت رغبات نفسي مطاوعة بالقدر الذي استطاعته ولكن عندما يكون لي بيت يجب المحافظة عليه والوظيفة لا تفرق ما بين لا قيمة له ومجهولة في حياته وبين آخرين وأنها ستفرض ما لا اريد فان عملت معها كما كنت في السابق قبل زواجي فإنني سأضيع بيتي الذي اصبحت مسؤولا عنه وعلى العمل بالمثل القائل «حب ما تكره من اجل من تحب» وان الأيام ستأتي بمن لا تريده وتبعد من تريده، وخصوصاً بعد ان اطل علينا مجلس الأمة الذي كنا نأمل منه الخير فإذا بالوساطة تتبوأ المكانة الاولى من المجتمع لترفع ضيقاً وتحط رفيقاً، ان زواجي وضع حدا لما مضى وحال ان يسدل الستارة عليه ولكن ريح ما مضى قوية ولا يردها ستار.
زوجتي كريمة محمد حمد البودي، والبودي من قبيلة بن خالد الذين ينتمون الى خالد بن الوليد المخزومي، هي سيدة فاضلة اختارتها الوالدة، ولدي من الاولاد خمسة وبنت اكبرهم د. ابراهيم مدرس بالتعليم التطبيقي، والمهندس اسامة، الرائد بحري محمد، وخالد وهو خريج كلية التجارة ويعمل بالناقلات، اما طارق محام، لم يتأثر بموهبتي الشعرية من ابنائي سوى المرحوم ايمن الذي كان رساماً درس في اميركا، ولدي احفاد وهم الخير والبركة، اعيش بجانبهم اسعد اوقاتي.
لم أكرم من الدولة
< ماذا يمثل لك التكريم في حياتك؟
- لم اكرّم من الدولة، بل كرمتني جامعة الكويت اكبر صرح علمي «كلية الاداب» وكرمني وزير الاعلام الاسبق الشيخ سعود ناصر الصباح وكرمني وزير الدولة راشد عبدالعزيز الراشد، وكذلك كرمت من قبل القيادة العامة للتوجيه المعنوي بوزارة الدفاع، ولا شك ان كل انسان يعتز بالتكريم، وخاصة انني حصلت على تكريم سابق ففي يوم من الأيام فوجئت بكتاب من المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب يطلبون فيه انه اذا كان لدي مؤلفات سيضعونها في كتيب ورغم ان لدي 9 مؤلفات غير الشعر وابتكارات حصرية عربياً فقد الفت كذلك النموذج السابع للغة العربية والذي حدد موازين اللفظة العربية.
< ماذا عن الهواية... ومن فنانك؟
- امشي كثيرا، ومواظب على القراءة والكتابة. اما الفن فلم اعد اتابع احداً، وبالسابق رياض السنباطي وأم كلثوم.
< كيف يمر يومك؟
- استيقظ قبل اذان الفجر، اذهب للمسجد للصلاة ثم اعود اجلس حتى الثامنة، اقرأ الصحف ذات المحتوى الواحد، واذا كان لدي عمل خارج البيت اذهب لقضائه.
< ماذا بقي من طموح؟
- الحمد لله، حققت كل الطموحات واعيش الان في سلام.
< رسالة؟
- للاجيال القادمة وشباب اليوم، كان اولادي في السابق يودون اللعب بالشارع، ونحن نمنعهم والممنوع مرغوب، فذهبت حولي واستخرجت «6» مفاتيح للبيت واعطيت ابنائي الثلاثة آنها ايمن رحمه الله وخالد وطارق، مفتاحا للباب الامامي وآخر للخلفي واوصيتهم بالخروج وقتما يريدون، وبعد يومين وجدت ايمن داخل البيت ولم يخرج لأنه لم يعد عليه ضغط او منع.
كذلك اذكر عندما رسب احد ابنائي وحصل على درجة ضعيفة في شهادته جلست معه وقلت له انت لست اول الراسبين ولن تكون اخرهم وانه لم يرسب لغياب وانما لاهمال ونصحته، وفي امتحانات نهاية العام حصل على الدرجات النهائية.
الواقف مفقود والماشي مولود
< ما المواقف التي تذكرها عن القاهرة؟
- في سنة 1961 ذهبت للقاهرة مع سالم المرزوق لحجز تذاكر أم كلثوم ولكن للاسف لم نجد تذاكر حتى في السوق السوداء واثناء رجوعنا وجدنا عساكر في احد الشوارع المطلة على مسجد عمر مكرم كما قيل لنا وفي نفس الوقت سمعنا أحد الضباط ينادي على بعض رجال الشرطة ويدعوهم الى اليقظة حال وصول الرئيس جمال عبدالناصر فقلت لسالم اذا لم نجد تذاكر فقد وجدنا ما هو افضل منها وهي رؤية جمال عبدالناصر عن قرب فوقفنا مع الواقفين ظنا منا انهم مثلنا ينتظرون الرئيس ولكن انتظارهم غير انتظارنا فهم مأمورون اما نحن بحكم ارادتنا، فقد كانوا رجال مباحث وقفت مع سالم وعندما وصلت جنازة احد المسؤولين يمشي خلفها عبدالناصر ومن الصدف عندما اقبلت الجنازة ادخلت يدي في جيبي فاذا بالرجل الواقف جنبي يمسك يدي بقوة فقلت له مالك قال انت مالك ادخلت يدك عندما رأيت الرئيس قلت لاخرج باكيت السجائر لكنه لم يصدق وفي هذه الاثناء جاء ضابط برتبة مقدم وقال ما هناك قال الرجل هذا عندما رأى الرئيس ادخل يده في جيبة قلت لاخرج سجائر فعرف لهجتي وقال انت لست مصريا وضحك وقال دعه قلت لسالم نمشي فالواقف هنا مفقود والماشي مولود.
سيدنا الخضر
< كيف تنظر إلى وضع الكويت الداخلي؟
- نحن مفككون داخليا من جميع النواحي، فهناك الحضر والبدو، والسني والشيعي، ولم تعد الناس تفكر على اننا بلد واحدة صغيره، وكل واحد وربعه مكونين حزبا، للاسف نحن نعيش في زمن «الرؤس نامت والعصا قامت» لكن علينا أن نؤمن بعطاء رب العالمين لهذا البلد، فقد حفظه الله وسيحفظه في المستقبل وأود أن أذكر شيء حيث كان عندنا مكان اسمه «الوطيه» خلف المستشفى الأميركاني مقابل مجلس الأمة الحالي هذا المكان لايزال خاليا يقال انه مكان مبارك تبعا للمؤرخ ديكسون الذي قال بان سيدنا الخضر عليه السلام كان في هذا المكان، قيل باحدى الزهيريات منذ «120» عاما انها وطية النبي «ص» فيه وعرج.