عبدالله فضالة.. مجدد الأغنية الكويتية
على الرغم من معاناته في أكثر من جانب توزعت بين فقده للبصر ووفاة والده في الرابعة من عمره الا ان هذه المعاناة تحولت الى رحلة ابداع استمرت عقوداً عدة جمع فيها عبدالله فضالة بين كتابة الشعر والتلحين والغناء اضافة الى العزف على أكثر من آلة موسيقية حملها أعذب الألحان مجدداً في الأغنية الكويتية.
سيرة
اسمه عبدالله فضالة ارحمة السليطي ولد في عام 1900م تقريبا وتمر هذه الايام ذكرى وفاته «43» اذ توفي في 15 أكتوبر 1967م وكان «فضالة» فنانا مؤثرا في الحركة الفنية الكويتية على الرغم من ان ظروفه لم تخدمه كثيرا فقد بصره الا ان عزيمته الكبيرة منحته تحدياً كبيراً ليصنع لنفسه مجدا فنيا كبيرا وقد عمل في بداياته نهاما ثم قام بتسجيل اسطوانة في الهند ثم اسطوانات عدة في بغداد والقاهرة وما ان ركز في الغناء حيث الصوت والسامري بعد كساد البحر حتى ذاع صيته في الكويت كفنان أصيل بل تجاوزت شهرته حدود الكويت لتصل الى بعض دول الخليج العربي التي كان كثيرا ما يرأس الوفد الكويتي لاقامة حفلات غنائية فيها وكان حازما في قراراته بصفته رئيسا لجمعية الفنانين الكويتيين بسيطا ورقيقا مع الناس.
تميز
أهم ما يميزه انه كان يعزف على أكثر من آلة الى جانب العود مثل الناي والربابة كما انه يغني الصوت ببراعة تفوق الكثير من الأسماء اللامعة بل انه يتميز عنهم بأنه لا يلحن في قراءة الشعر الفصيح عندما يغنيه كما هو الحال عند كبار الفنانين أثناء غناء الصوت اذ انه كان مثقفا اضافة الى انه شاعرا متمكنا، وله أغان ضاحكة تتناول العجائز والمقارنة بين الفتيات البيضاوات والسمر والسود اضافة الى انه كان مجددا في ألحان الأغنية الكويتية ومن أشهر أغانيه سامرية «ألا واعز تالي» و«طال هجر الحبايب» و«أحرمتني الليالي».
معاناة
وعانى الفضالة كثيرا في حياته منذ صغره فقد توفي والده وهو طفل صغير وقتها كان عمره اربع سنوات فتكفله عمه وقام بتربيته وادخله عند «المطوع» ليتعلم القرآن الكريم بل احضر له عمه عالما ليتعلم اصول الدين على يد العلامة محمد بن جودر كما ازدادت معاناته مع فقده للبصر الا انه لم يستسلم بل كان يملك من الاصرار على صنع مجد لنفسه فهرب ليجلس مع زملاء شغفوا بالعزف على العود والغناء وكان يجلس قرب المقاهي ليستمع الى الاسطوانات.
تأثر
وقد تأثر الفضالة في بداياته بمطرب قديم هو الفنان محمد شريدة وبالفنان محمد بن سمحان وعبدالله الفرج بالصوت وقد غنى الكثير من الاصوات التي غناها وحصل على اول آلة عود كهدية من قبل المرحوم الشيخ ابراهيم الفاضل بعد ان اعجب بغنائه وقام بتعلم العود بنفسه.
يا مال
ومع تميزه بالعود وبداية انتشار شهرته كمطرب وكعازف عود لم يرض عمه عن اتجاهه للفن بسبب طبيعة المجتمع المحافظ فخاف من عمه واختفى ليعمل على متن سفينة في عام 1913م ثم سرعان ما عاد للكويت ليلتقي مندوب شركة اسطوانات بيضافون فرع بغداد «حسن درسة» الذي ما ان استمع اليه حتى اتفق معه على تسجيل اسطوانات وكان قد اتفق مع بعض كبار الفنانين الكويتيين أمثال عبد اللطيف الكويتي وصالح عبد الرزاق فقام الفضالة بتسجيل ست اسطوانات ولاول مرة في حياته وهي «يا مال» وونهمة البريخة وشدوا الضعاين وصوت ان هندا يرق منها المحيا وقلت آه من لهيب النار ويا الله يا الله ويا بو فهد».
500 أغنية
ويعتبر الفضالة اول فنان كويتي يقوم بتسجيل اغانيه في القاهرة في عام 1929م كما انه قام بتسجيل العديد من الاسطوانات في الخمسينات بنوعيها الحجري والبلاستيك وهو أول كويتي يدخل البيانو في الاغنية الكويتية كما انه قام بغناء 500 اغنية تقريبا وكان قد شغل منصب رئيس مجلس ادارة جمعية الفنانين الكويتيين وكان عضوا في فرقة الموسيقى باذاعة الكويت في عام 1951م كمطرب وعازف عود وعمل في لجنة النصوص في الاذاعة الكويتية.
ألحان
غنى من كلماته وألحانه العديد من الفنانين مثل صالح الحريبي الذي غنى له «اسمر عشقته سمر» وحورية سامي وكارم محمود الذي غنى له اغنية «الصبر اجيبه منين» وهيام يونس ومائدة نزهت وبديعة صادق التي غنت له اغنية «يا اللي أسرت الفؤاد» و«مر الزمان وفات».
مدرسة جديدة
ويعتبر الفضالة صاحب مدرسة جديدة ومبتكرة في تلحين واداء السامري من حيث التعامل مع الايقاعات اضافة الى روعة التعبير اضافة الى أنه قام بتطوير ألحان السامري وأدخل العود والكمان والمرواس كما اشتهر بالسامريات التي كتبها ولحنها وقام بغنائها مثل سامرية «الا يا اهل الهوى» وكان يجيد العزف على الربابة بصورة كبيرة وله تسجيلات كثيرة وهو يعزف على الربابة وغنى بعض القصائد بعد ان قدمها بلحن تراثي على الربابة منها قصيدة يا طير شعر حمود الناصر البدر وغنى الرائعة الخلوج للشاعر محمد العوني.