رحم الله من قرأ الفاتحة علي الشاعر فهد العسكر رحمه الله
وقال تعالى { وقد كرمنا بنى آدم وحملنهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلنهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا } - الاسراء 70-
على الانسان إن لايكون لايكون ضعيفا او مهانافيجب ان تكون له شخصيته الذاتية مهما كانت مكانته في المجتمع وهذا ليس مستحيلا ابدا إن يصل إلى اعلي المكانة اجتماعية يستبد بها وبصيره يبصر بها وعقلا ينير له دربه بنجاح وسر نجاح الانسان هو تشغيل العقل ومتى اصبح العقل جامدا لا يتحرك فأن صاحبه سوف يكون جامدا فى حياته كلها فليس التفكير المادى فى كل الاحوال سببا للوصول وربما يصلك الى الفشل او النهاية التى تذم نفسك فيها بعدم نجاحك فى تحقيق اهدافك فبعضهم يعتقد تحقيق المكانة المرجوه بين الناس من آجل رفع سمعته او عائلته تكون عن طريق المنصب او المال فهذا غير صحيح فكانت الحضارات السابقه قبل وبعد الاسلام انظر كيف حافظت على مكانتها وهناك بعض الكتاب والعلماء والشعراء والمحسنين والمؤلفين لازالت اسماؤهم رنانه الى يومن هذا من جميع الاديان والحضارات الاسلامية وغيرها ولنا فى بعض الشخصيات العربيه والاسلاميه قبل وبعد الاسلام مثلا الشاعر العربى الجاهلى { عنتر بن شداد } لازال صيته الى يومنا هذا وكذلك الشاعر الكبير المتنبى والعالم الكبير { العز بن عبد السلام } والعالم الكبير الغزالى صاحب كتاب { احياء علوم الدين } وهناك علماء فى كافة المجالات الثقافيه والادبيه منهم الشاعر المنهم { فهد العسكر }
ولد فهد بن صالح بن محمد بن عبد الله بن علي العسكر في الكويت عام 1917م، في المنطقة التي كانت تسمى "سكة عنزة"، حيث كان تجمع الأغنام فيها صباحاً، ليسرح بها راعي الغنم "الشاوي"، كما يسميه الكويتيون، ويعود بها في المساء. أجداده من "نجد"، كان جده "محمد" تاجر غنم وإبل، كثير التنقل بين الرياض والكويت، وقد شجعه الشيخ "دعيج الصباح" على الاستقرار في الكويت، بعد أن توطدت بينهما أواصر الصداقة.
نشأ في بيت كان محافظاً شديد المحافظة على العادات والتقاليد، وكان والداه متدينين، فشب فهد متديناً أشد التدين، ودرس في المدرسة "المباركية"، أول مدرسة نظامية في الكويت، وتتلمذ على يد أساتذة أجلاّء، منهم الشيخ "عبد الله النوري".
وعجيبٌ كل ذا من هاجري "واذا مثلته في خاطري
أخبروا من صد عني وغوى لست اسلوه وان طال النوى
رغم ما قسيت من جورالجوى "انا سهران على عهد الهوى
ان انم وهو بعهدي ما وفا "
لست بالساليولا بالصابرِ فحبيبي لم يزل في خاطري
آه ما قولكم بالنافرِ "أنا لو ناديته ياهاجري
هده روحي فخذها ما احتفى"
من لصببات منهوك القوى داؤه استعصى وأضناه الجوى
هكذا يعمل بالصب النوى " فصفا لي يا خليلي الدوا
وأرىالحيلةَ أن لا تصفا "
بحقوق الحب بدريمجحفُ وبتعذيبي حبيبي مسرفُ
لم أزل و الوجد روحي متلفُ "مستهام في هواهمدنف
اترضى مستهاما مدنفا"
ها يقاسي ما اقاسي أحدُ ؟ فعسى الأمال يحييهاغدُ
ويفي بالوعد ظبيٌ مفردُ "صح لي في السر منه موعدُ
ثم ما صدقت حتى اخلفا "
أحب فهد العسكر فتاة فقال فيها :
بأبي وأمّي من مددت لها يدي … بعد العِشاءِ مصافحاً في الأحمدي
غيداءُ عرّج بي عليها أغيدٌ … في دارها أنعم بذاك الأغيدِ
لبّيت داعيها وصافحَ قلبها .. قبل اللقا قلبي وقبل تقيّدي
ذُقت الهوى وكأنني ماذقته …حتّى دخلتُ ولامَست يدَها يدي
الّفت بيّن جماله وجمالها … في ليلةٍ أدمت قلوبَ الحسَّدِ
قد كان لي رأيٌ فلما زرتها… أيقن ان الحُسن حسن الخرّد
و لكن، رفض أهلها تزويجها به و فضلوا عليه رجل كبير السن و غني،و يأس فهد من حال مجتمعه فقال :
نوحي
نُوحي بعُقرِ السجنِ نوحي ..فصداهُ في أعماقِ روحي
نوحي فقد سالت جروحُكِ مثلما سالت جروحي
نوحي فما أغنى غَبوقُكِ لا ولا أجدى صَبوحي
نوحي وبالسِّرِ المقدّسِ لا تبوحي او فبوحي
**********
نوحي فجسمكِ مثل جسمي قد طواهُ اليأسُ طيّا
نوحي فروحُكِ مثلُ روحي كمْ كواها الَوجدُ كيّا
نوحي فنفسُكِ مثلُ نفسي لم تجد زاداً وريّا
يا للشقاءِ ، ويالبؤسِ شقيّةٍ تهوى شقيّا
**********
نوحي فقلبُكِ مثلُ قلبي لم يبُلَّ أوامهُ
نوحي على طللِ الصّبا ، واستعرضي ايّامه
نوحي على الحبّ البريء وكفّني أحلامه
نوحي على القلبِ الجريحِ وشيّعي أوهامه
**********
نوحي على جَدَثِ المنى في غور خافِقِكِ الكئيبْ
نوحي فقد ولّى الربيعُ وأجدب الوادي الخصيب
نوحي فكم قمريّةٍ فيه تنوحُ وعندليب
وهناك كمْ من زهرةٍ ذبُلت ، وكم غُصنٍ رطيب
**********
ليلايَ ، يانجوايَ ، يادُنيايَ ، يا املي الوحيد
طَوتِ الفُرُوقُ بساطنا وتنكّر العيشُ الرّغيدْ
والذكرياتُ مطلّةٌ من كُوَّةِ الماضي البعيد
ترنو لحاضِرنا الشقيِّ وتندبُ الماضي السعيدْ
**********
يابنتَ من وأد الفضيلةَ بين أحضانِ الرذيلة
وطغى فراح يبلُّ من دم كلّ منكوبٍ غليلهْ
لَهَفي على تلك المشاعر والأحاسيسِ النبيلهْ
وعلى جمالِكِ والشّبابِ الغضّ ، لهفي ياخميله
**********
ياللشراسةِ والرعونةِ والحماقةِ والجهالهْ
يا للدناءةِ والسفاهةِ والسفالةِ والنذالهْ
باعوكِ بالثمن الزّهيد ، فأين ياليلى العدالهْ
وسَقَوكِ كأساً ملؤها صاب الأسى حتى الثّمالهْ
**********
زجّوك وا أسفاهُ في سجنِ التقاليدِ القديمهْ
للهِ ما كابدتِ فيه من الأساليبِ العقيمهْ
لا دَرَّ درُّكَ من أبٍ فَظٍّ ووالدةٍ لئيمه
ياقاتل اللهُ التعصّبَ ، كم تمخَّضّ عن جريمهْ
**********
حجبوكِ عن عيني ، وعين القلبِ تخترقُ الحجابْ
فليوصِدوا ـ سُحقاً لَهُمْ ـ بيني وبينكِ الفَ بابْ
حربٌ ، وكم ياربّ أعلنها الثعالبُ والذئابْ
تُذْكي المطامعُ نارَها ، ووقُودُها مُهَجُ الشّباب
**********
قد أرغموكِ على الزواجِ بذلك الّشيخِ الوضيعْ
أغْرَاهمُ بالمالِ وهوَ المالُ معبودُ الجميع
فقضوا على آمالنا ، وجنوا على الحبِّ الرفيعْ
ما راعَ مثلُ الوردِ يذْبُلُ وهو في فصلِ الربيعْ
**********
قد زيّنوا الأحداثَ ـ ويلهمُ ـ وسمَّوها مَخَادع
كمْ ذُوِّبَت فيها كُبودٌ ، واكتوَت فيها اضالِعْ
وتحطّمتْ مُهَجٌ ، وسالت أنفُسٌ ، وجرَت مدامعْ
هذا ، وما من زاجِرٍ ، كلاّ ولا في الحيِّ رادعْ
**********
زُفَّت وهلْ زُفَّتْ فتاةُ الحيِّ للزوجِ الحبيبْ ؟
هل أخفَقَت أم حقَّقتْ بزفافها الحلْم الذّهيبْ
وارحمتاهُ لها ، فقد زُفَّتْ الى الِّسجنِ الرهيبْ
وغَدَت بهِ نهْبَ الجوى ، والشَّجْوَ ، والهمّ المُذيب
**********
هل كانَ في استقبالها فيه سِوى شَبَح الرّدى
قَد أُدْخِلت ليلاً عليهِ فكان ليلاً سَرْمَدَا
شُلّتْ يداهُ فكمْ بها عاثَت ، الا شُلَّت يدا
وحسا على صرخاتها دَمَها الزكيَّ وعربدا
**********
أو كانَ أهلُكِ يافتاتي والأقاربَ والصِحابْ
إلا الأراقم والعَقاربَ والثعالبَ والكلابْ
قدْ شيَّعوكِ ، فخَبِّريني بعدَما طُويَ الكِتابْ
ماذا لقيتِ بذلك القَبر المخيفِ من العَذاب
**********
ليلى ، وما الدُنيا سِوى نارِ الكريمةِ والكريمْ
أوّاهُ من داءٍ قد استشرى وَجُرْحٍ في الصّميمْ
رَبّاهُ رِفقاً بالجديدِ ، فكمْ شكا جَوْرَ القديمْ
وطَغَتْ أبالِسةُ الجحِيمِ على ملائكةِ النعيم
**********
ياللحزن الذي هذه القصيده و الغضب و الأسى على حاله و حال مجتمعه الذي اغراه المال و زجوا فتاته الى سجن التقاليد كما قال في هذين البيتين :
زجّوك وا أسفاهُ في سجنِ التقاليدِ القديمهْ
للهِ ما كابدتِ فيه من الأساليبِ العقيمهْ
لا دَرَّ درُّكَ من أبٍ فَظٍّ ووالدةٍ لئيمه
ياقاتل اللهُ التعصّبَ ، كم تمخَّضّ عن جريمهْ
و بسبب هذين البيتين، زاد انعزال فهد عن مجتمعه فوصموه بالملحد و الكافر و الخارج عن التقاليد، فزاد حزن فهد العسكر من حاله في بلده الكويت فقال :
كفّي الملامَ وعلليني *** فالشك أودى باليقينِ
وتناهبت كبدي الشجون *** فمن مجيري مِن شجوني
أين التي خلقت لتهواني *** وباتت تجتويني
أماه قد غلب الأسى ***كفي الملام وعلليني
أرهقتِ روحي بالعتاب *** فأمسكيهِ أو ذريني
أنا شاعرٌ أنا بائسٌ ***انا مستهامٌ فاعذريني
ضاقت بي الدنيا دعيني ***اندب الماضي دعيني
و إستمر حزن فهد العسكر و إحساسه بالظلم من قبل مجتمعه فقال :
وطني وماساءت بغير بنيك ، ياوطني ظنوني
أنا لم أجد فيهم خديناً *** آه من لي بالخدينِ
واضيعة الأمل الشريدِ وخيبة القلب الحنونِ
رقصوا على نوحي وإعوالي وأطربهم أنيني
وتحاملوا ظلماً وعدواناً عليّ وأرهقوني
فعرفتهم ونبذتهم لكنهم لم يعرفوني
وهناك منهم معشرٌ *** أفٍّ لهم كم ضايقوني
هذا رماني بالشذوذِ *** وذا رماني بالجنونِ
وهناك منهم من رماني بالخلاعة والمجونِ
وتطاول المتعصبون وماكفرت وكفروني
لادرّ درّهمُ فلو حزت النضار لألهوني
أو بعت وجداني بأسواق النفاق لأكرموني
أو رحت أحرق في الدواوين البخور لأنصفوني
فعرفت ذنبي أن كبشي ليس بالكبش السمينِ
ياقوم كفّوا ، دينكم لكمُ ، ولي ياقومُ ديني
يا لها من قصيده تعاصر حتى حاضرنا الحالي! حيث قال العسكر :
أو بعت وجداني بأسواق النفاق لأكرموني
أو رحت أحرق في الدواوين البخور لأنصفوني
فعرفت ذنبي أن كبشي ليس بالكبش السمينِ
أبيات تحاكي واقعنا الحالي، فلو كان فهد العسكر باع وجدانه في سوق النفاق لأكرموه و لو حرق البخور في الدواوين لأنصفوه،و لكنه لم يكن كذلك فلم ينصفه مجتمعه..! شعر يصف حتى واقعنا الحالي للأسف.
و زادت عزله العسكر عن مجتمعه
أصيب فهد العسكر بالعمى بعد ان انعزل عن أهله و مجتمعه، فلا هو يسأل عند أحد و لا أحد يسأل عنه غير صديقه المقرب "عبدالله زكريا الأنصاري" و عاش وحيدا في غرفه في سوق واجف. و بدأ فهد العسكر يعاقر الخمر و ادمن شربها،و بدأ في تنظيم القصائد في الخمر و التغزل بها فيقول :
ثمّ قالـــت ورذاذا المـطرِ *** حبـس الطــيرَ ولمّا يطرِ
هاتِ بنت النخلِ يابن العسكرِ *** لا يطق الصحو في ذا البلدِ
و قال أيضا في الخمر :
ياساقي الخمر زدني فالرؤى هتفت *** بي ، وهي سكرى وما أغمضت أجفاني
و في الأبيات التاليه، يذكر فهد العسكر سبب تفضيله بنت النخيل (( الخمر المعصوره من التمر )) على بنت العنقود المعصوره من العنب و يقول :
عابوا على بنت النخيل بياضها *** ومذاقها فلووا بجيدِ نفارِ
وتشببوا بعصيرِ كرمٍ أصفرٍ *** قد شبّهوه تبجّحاً بنُضارِ
فأجبتهم والغيظ ملءُ جوانحي *** بُعداً لكم من شاردي الأفكارِ
لو لم تكن تدري النخيلُ بما لها *** من رائعِ الآياتِ والأسرار
أولم تكن تدري بطيب نتاجها *** لم تعلُ شامخةً على اِلأشجارِ
أولم ترو للكرم كيف حنا لها *** وجثا من الاجلال والإكبار
رغم إنكارنا للخمر و المعرفه بحرمته،إلا أن من الصعب عدم الاعتراف بالنظم الجميل و المعاني القويه للقصيده و جمال التعبير فيها،و لكنها للأسف كانت في الخمر التي كانت سلوى العسكر في عزلته عن أهله و المجتمع.
و مات فهد العسكر !
في عام 1951 إشتد المرض على فهد العسكر فزادت حالته سوءا و لم يزره أحد في المستشفى الأمريكاني أحد غير صديقه المخلص عبدالله الأنصاري.
توفى فهد العسكر في شهر اغسطس عام 1951، و لم يستطع صديقه عبدالله الأنصاري حضور جنازته خوفا من ان يزجر من قبل أهله، حيث قال عبدالله الأنصاري في احدى المقابلات بعد عدة سنوات قائلا : (( كان فهد العسكر يقول لو كنت صاحب جاه أو مال فسيأتون لجنازتي بالطوابير، و لكنني لست كذلك فلا أعتقد أن احدا سيأتي جنازتي و أنت منهم يا عبدالله )).
دفن فهد العسكر و صلى عليه أربعه فقط هم الإمام الشيخ عثمان العصفور و ثلاثه يمنيين من المهره فكان موته مناسبه و فرصه لأهله أن يحرقوا قصائده و التي لم يبق منها سوى القصائد التي إحتفظ بها صديقه عبدالله الأنصاري و الذي لولاه لما قرأنا أشعار فهد العسكر التي أصبحت بعد الإنفتاح الأدبي في الكويت في الستينات رمزا للحداثه و العبقريه الشعريه.
وفي قصيدة أخرى جريئة للعسكر:
حيّ الصباح إذا تبسم
وصغ العقود إذا تكلم
واعبد بمملكة الجمال
جـــلالة الملك المعظم
فالحسن حين يصان يعبد
فيه خــــــالقه ويكرم
وإذا سألت وجاد يوما
مـــــا بوعد أو تكرم
فاستقبل الدنيا بزينتها
ولا تشــــــرك فتندم
واستوحه واستلهمنه
فكم وكم أوحى وألهم
وإذا حسا الكأس اركعن
لـــــه وبالأخرى تقدم
وإذا استزادك زده واسجد
واقترب لا عاش من لم
وعليه صل إذا انتشى
فالله قــد صلى وسلم
هلل وكبر باسمه
فالله فضلـــــه وعظم
فالكويت هذه الارض المباركةالتي انجنبت رجال ونساء يفتخر الجميع بهم فى داخل الكويت وخارجها اسم الكويت ليس له مثيل ولامنافس بين الدول العربيه علي نشاطها الثقافي والاجتماعي فالكل ينبهر اذا كان معرض او مهرجان ثقافي وادبي فالكل يتسارع للمعرف وهذا كله لم يأتي من فراغ فجميع الكويتين الموجودون والراحلون جعلوا الكويت جوهره وعروس كل البلدان فلا ننسي فضل الله ولا فضل هؤلاء الرجال والنساء الذين جعلوا الكويت نبارسا يعتز به الجميع فحفظ الله حكام الكويت وشعبها ونقرأ الفاتحة علي روح الشاعرفهد العسكر وعلي جميع شهداء الكويت وعلي جميع الاموات .
بارك الله فيك قراية الفاتحة على الميت بدعة مافعلها النبي صلى الله عليه وسلم الا في الصلاة على الميت وغيره لايجوز التعبد بشي لم يرد فيه دليل
وجزاك الله خير
الله يغفر لة ويرحمة ,شاعرمتمكن ,,لكن الزمن غدار ,,وهو مرهف الأحساس بعد تزوج حبيبتة من زوج شايب بسبب المال ,,هكذا الزمن لايرحم الاالاقوياء للاأسف الشديد ,,أخ يازمن ,,