البدوي
من وحي الصّحراء العربية الخالدة
للشاعر محمود شوقي الأيوبي
ديوان (الأشواق)
إنـّي الفتى من ساكني الصـّحراء ِ
الرّملُ مَهــدي والسـماءُ ردائــــي
ومساكني سـودُ الخيــــام ِ وإنـّــها
أسمى لنفسي من حـِمى الجوزاء ِ
ومَطيـّـتي جَملي ولستُ بمـبـــتــغ ٍ
عنهُ بديــــــلا مركبــــــــًا بجـــواء ِ
أحــدو عليهِ والرّمـــالُ تحيـطـُ بـي
وكأنــّني فـــــي جنـــّةٍ خضـــــراء ِ
إني قنعتُ من الحيـــاة بفكــــرةِ ال
الحرَيــةِ الغـــرّاءِ فــي البـــيــداء ِ
من لم يكن حُــــرًّا فذلــكَ حظــّـــهُ
سجنُ الحياةِ بمجمـــع ِ الأحيـــاء ِ
مرحى بعيــري شَـمـّّرنَّ مُحلـِّــقــًا
بين الســّرابِ بفكــرةِ الشــّــعراء ِ
توّجْتُ رأسي بالضـّـياء ِوأ ُلْهـِمَتْ
روحي عليك معانـــيَ الأضـــواء ِ
أنا في الهوى روحٌ ترفرفُ دائمـًا
كفراشةٍ في روضـــةٍ زهــــــراء ِ
تمتصٌّ أشــذاءَ الرّحيـــق ِودأبــُها
بحــثٌ عن الأنـــوار ِ والأشـــذاء ِ
في قـُبـّـةِ الملإ الرّفيـــع ِمكانتـــي
والنـّجمُ فــوقي رائـــــــعُ الـلألاء ِ
أنا في الرّمال ِالعفـْر ِأسكبُ فكرتي
فتعـــودُ دوحــًا وارفَ الأفيــــــاء ِ
ولديَّ من روح ِالحياةِ وســرِّهـــا
في القفر ِسرُّ زاخــــرُ الأسمـــاء ِ
وعلى السّنام ِحلمتُ في روح ِالهوى
حلمـًا تفـتــّقَ عــن جميــل ِدُعائي
طـُهرٌ يعجُّ على الرّمال ِ ومـوكبٌ
يهــدي إلى بحبوبـــةِ الكـــرمـــاء ِ
عُقـَدِ الحضارةِ لمْ ينلني شــرّهــا
وكأنــّهــــا عنــدي مـــن الأقـــذاء ِ
صرختْ دمائي فانتبهت لصوتِـها
وإذا بــــهِ كقـــصـــيـــدةٍ عصــماء ِ
الشـّعرُ عندي في الخيال ِحقيقــةٌ
ممهـــــــورة ٌمختـومة ٌبـــدمـــائي
والمجدُ مزدخــرُ الجمال ِ مهلــّلٌ
بعرائس ِالأخــلاق ِفـــي الأرجــاء ِ
بالحمدِ والصـّبر ِالجميل ِونخــوةٍ
نبـــويّـــةٍ ولها أ ُطيـــلُ حـــدائــــي
وتعفـّــُفٍ أضفـــى علـــيَّ رداءَهُ
أغنى بنفسي عن حـِمى اللؤمــــاء ِ
وإذا ركبتُ على السـّـنام ِكأنــّني
مَلـَكٌ يـــسبـــحُ طائـــراً بســمـــائـي
أهتزّ للشـّـفق ِالبهيج ِعلى الذ ُّرا
شوقـــــًا إلى الأفــلاكِ والظـّـــلماء ِ
أحدو ونفسي تستشيرُ بحلمــها
لمضــــاربِ النــّـــبلاء ِ والنـّـــدماء ِ
أنا في معاني الإنطلاق ِمشمــّـرٌ
للعـــــــــزِّ للحرّيـــــةِ البـــيــضـــاء ِ
ما تحت أسمالي فـؤادٌ ضـــاربٌ
في شـوْطـِهِ لمضــــــاربِ العليــــاء ِ
إني سريْتُ إلى الخلودِ بعزمـــةٍ
في الصّمتِ أستحلي الرّدى شمــّاء ِ
ضحـّيتُ بالتـّرفِ المُذلِّ وسرتُ في
دربِ العُـــــلا بتـقـــشــّفٍ وصفـــاء ِ
أنا في نعيـــم ٍ خالدٍ لـــم يرْنــــُهُ
إلا الـّــــذي لمْ يَعْـــــيَ بالأهــــــواء ِ
شمـّرْ على البركاتِ لا تخش الوجى
شمـّرْ بعيري فـــــوق ذي العفـــراء ِ
فهناكَ ينبوعُ الحياةِ مثـــــرثــرٌ
بين العشــــــيرةِ جائـــــش الأنـــداء ِ
وكأنَّ بي للقفز ِرُقية ســــــاحر ٍ
في محفل ٍمن أجـــمــــــل ِالأشـــياء ِ
***