22-05-2012, 02:19 PM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 45
|
|
يوم بلا هوية
يوم بلا هوية
06/09/2008
عندما يفقد مواطن من العالم الثالث هويته الشخصية (البطاقة المدنية، الجنسية،.. الخ) بسبب الاهمال أو السرقة، يصبح وجوده مهدداً وكرامته مفقودة ويعيش في حالة خوف وهلع إلى حين عثوره عليها، لانه في عالمنا الثالث لا قيمة للإنسان من دون بطاقة ثبوتية، مع ان اصدارها يهدف إلى تنظيم المجتمع وتسهيل معاملات أفراده، اما في بلدنا فالوضع مختلف، حيث يروي أحد المواطنين قصة فقدانه لمحفظته التي كانت تحوي جميع اثباتاته، فيقول «شعرت بحالة من الضياع والخوف، حيث لم استطع قيادة سيارتي أو حتى الخروج من المنزل خوفا من ايقافي عند احدى نقاط التفتيش. لقد عشت يوما عصيبا شعرت فيه فجأة بأنني من فئة البدون إلى ان تمكنت من استخراج بدل ضائع فأحسست وقتها أنني قد ولدت من جديد وولت حالة الكآبة التي داهمتني طيلة اليوم». عندما نفكر في الحالة التي مر بها هذا المواطن، وبالاخص عندما أراد وصف حجم معاناته وعظمها بمجرد شعوره ليوم واحد انه ينتمي إلى فئة غير محددي الجنسية! هذا الشعور المؤقت يجعلنا نتساءل حول حقيقة معاناة هذه الفئة والحالة النفسية التي هم عليها بعد كل هذه السنوات التي امضاها شيوخهم وأطفالهم وشبابهم ونساؤهم بلا اثبات ولا هوية؟ وما هي درجة الاحباط والخوف والكآبة التي وصلوا إليها وهم يعيشون بيننا ويخالطوننا متطلعين إلى المساعدة التي تصلهم من أهل هذا البلد، ولكننا خالفنا فطرتنا وخيبنا ظن المستجيرين بنا فحرمناهم من العلاج وأوقفنا اصدار شهادات الميلاد لمواليدهم وتوثيق عقود الزواج لمن تزوج منهم، حتى باتوا أسوأ حالاً من ذي قبل، مشوهين بذلك سمعة الكويت في المحافل الدولية وسجلنا لدى منظمة حقوق الإنسان من دون الالتفات إلى الاضرار التي لحقت بأمن البلد واقتصاده بسبب تطبيقنا الخاطيء لقانون الجنسية، ولإنتهاجنا سياسة المماطلة في حل هذه القضية الإنسانية. تفيد آخر الاحصاءات الصادرة عن اللجنة التنفيذية للمقيمين بصورة غير قانونية، بان عدد البدون المسجلين لديها بلغ 81 ألفاً، والمستحقين منهم للجنسية لا يقل عن 30 ألف، فلماذا لا ننهي معاناة المستحقين منهم ونمنح الباقين اقامات دائمة وجوازات سفر خاصة، ونوفر لهم جميع الخدمات الاساسية والانسانية.
إن الحل الأمثل لهذه القضية المزمنة والشائكة يكمن في اشراك السلطة القضائية طرفاً رئيسياً في عملية التجنيس، وذلك من خلال تعديل قانون الجنسية باضافة مادة تعطي للقضاء الكويتي صلاحيات منح أو اسقاط الجنسية، وتعطي لكل متضرر من قرارات لجان الجنسية الحق في التظلم أمام القضاء بدرجاته المختلفة على غرار القضايا الإدارية أو لجنة دعاوي النسب، ويمكن الاستفادة من اللجان المتخصصة التي تم تشكيلها مؤخراً، كلجنة ثامر. وفي حال اقرار هذا التعديل من قبل الحكومة والمجلس، سيسهم بشكل كبير في ضبط وتقنين عملية التجنيس وسرعة حل جميع القضايا المتعلقة بالجنسية من تجنيس البدون أو تعديل درجة المواطنة او اسقاط الجنسية بسبب الازدواجية والتزوير وغيرها. كما يسهم هذا الحل في توحيد جهود اللجان والادارات العاملة في مجال الجنسية والمعلومات المدنية ويضفي نوعاً من الشفافية على المهام التي تقوم بها، ويخلق فرص عمل جديدة في سلك القضاء والقطاع الخاص المتمثل في مكاتب المحاماة والاستشارات وتخليص المعاملات. ان هذا الحل كفيل ايضاً بأن يرفع الحرج بصورة نهائية عن الحكومة ويجعلها فوق كل الشبهات والاتهامات المحلية والدولية ويرسخ مبادئ العمل المؤسسي في دولة يحكمها دستور يمثل مرجعية عليا لجميع القوانين، السيادية منها وغير السيادية، بما فيها قانون الجنسية الواجب تعديله في أسرع وقت لتتوافق مواده مع الدستور، حتى نصحح الاخطاء الناتجة عن سوء تطبيق بعض مواده
ان قضية البدون لا يمكن حلها بشكل سريع وفعال في ظل سياسة التجنيس السابقة والحالية، بل عن طريق اشراك القضاء الكويتي ومؤسسات المجتمع المدني واعتماد مبدأ الشفافية والموضوعية للحد من جميع اشكال المساومات النيابية والتزوير والازدواجية والطبقية، حتى نحفظ تراثنا ونسيجنا الاجتماعي ووحدتنا الوطنية.
د. عبدالعزيز ابراهيم التركي
|