أظن أن استعمال الباع والذراع اليوم أصبح في خبر كان، لهذا يحق علينا في هذا البحث أن نستعيد الذكريات التي كان يتعامل بها أهل الكويت في القرن العشرين، خصوصا أوله.. في القديم عندما كانوا يحفرون البئر يقولون قامة وقامتين او تلات او اربع على عمق البئر من قامة الانسان.
وكانوا يطلقون على مغاصات البحر للبحث عن اللؤلؤ بحر ثلاثة أبواع أو اربعة أو خمسة وهكذا، وكانوا يستعملون الباع وهو امتداد اليدين من الجانبين.
وكانوا اذا ارادوا ان يقيسوا الارض التي يكون ترتيبها للسكن عشرة اذرع أو عشرين ذراعا وكانوا يقيسون الاقمشة بالوار.
وكانوا ايضا يستعملون (الكوع، والشبر والنتر ايضا لمقاسات بعض الاقمشة.
وكانوا يقولون للمسافات الطويلة (البريد) وهي اطول مسافة وهي التي ربطوا بها اسم البوسطة المكاتيب والمراسلات التي ترسل بها، وهنا يسرني ان انقل ما اورده العالم احمد عطية في كتابه «اسلافي» الجزء الاول صفحة 309 التالي للفائدة:
البريد كلمة دخلت اللغة العربية عن الفارسية او اللاتينية المحرفة والجمع برد ويطلق البريد على نظام نقل الاخبار والرسائل، كما يطلق على حامل الرسائل وكذلك على المرحلة من مراحل السفر، والبريد ثلاثة فراسخ عادة، وهو فرسخان عند الفرس، واربعة عند المغاربة، (الفرسخ ثلاثة اميال).
استخدم البريد في الدولة الاسلامية منذ خلافة معاوية، ووضعت له النظم الخاصة على عهد عبدالملك، واتسعت شبكته على يد الوليد، كما ينسب لعمر بن عبدالعزيز اقامة الخانات على طرق البريد وسككه التي يقال انها بلغت في العصر العباسي 930 طريقا وسكة، وكانت نفقاتها 4 ملايين درهم في العصر الاموي، و 159الف دينار في العصر العباسي واستخدمت وسائل مختلفة لنقل البريد اهمها دواب الحمل وهي البغال والخيل ثم الجمال في المناطق الصحراوية، وكانت القافلة تتكون من اربعين او خمسين دابة او اكثر، ويقسم الطريق الى منازل او مراحل، عند كل منزل منها يستبدل السائقون الدواب بغيرها، لهذا كان البريد يقطع المسافة بين القاهرة ودمشق مثلا في اربعة ايام وبين القاهرة وحلب خلال خمسة ايام، وعني السلطان بيبرس خاصة بشؤون البريد حتى ان بريد الشام كان يصل الى القاهرة مرتين كل اسبوع.
واستخدم الحمام الزاجل او حمام الرسائل في نقل البريد، ويقال انه استخدم لاول مرة في الموصل تحت حكم آل زنكي، كما استخدمه الفاطميون في مصر، وفي عهد الايوبيين اقيمت له الابراج في القلعة وفي اكثر الثغور المصرية والشامية.
واستخدم الاغالبة النار لنقل الاخبار لاسيما على حصون الشواطئ فإذا ما اقتربت سفينة من سفن الفرنج من شاطئ تونس اشعلت النار في اقرب الحصون اشارة لغيرها فلا يمضي وقت طويل حتى تنتقل الاشارة الى مراكز الاسطول ليأخذ استعداده واهبته.
أمام هذا الشرح البارز للمقاسات علينا أن نعرج على الكويت في الحديث بعد ان توارث المقاسات التي كانت سائدة فيما مضى، فلم يعد الباع ولا الذراع، بل حل مكانهما الكليومتر والمتر والفوت، وأصبح التعامل للمقاسات في الأراضي في الكويت اليوم باستعمال المتر، وفي بعض الأحيان الفوت، وفي المقاسات الأصغر يستعمل الانج وهذه كلها ألفاظ أجنبية لكن مثل ما يقولون هذا واقع الحال.
ولم يعد إلا في بعض البلاد العربية حيث مازالوا يستملون كلمة «دونم» لألف متر وقصبة ونصف وربع قصبة وهكذا، وكانوا يقولون إن الدونم هو ألف وستمائة ذراع.
ولقد أخذت للمسافات الطويلة كلمة كيلومتر وهي الموجودة على السيارات اليوم، وأخذت تتباعد الكلمات العربية القديمة التي كانت تستعمل في المسافات. وهنا يسرنا أن نورد ما ذكره الشاعر في ذلك ونقول:
ان البريد من الفراسخ اربع
ولفرسخ فثلات أميال ضعوا
والميل الف اي من الباعات قل
والباع أربع أذرع فتتبعوا
ثم الذراع من الأصابع أربع
من بعدها العشرون ثم الاصبع
ست شعيرات فظهر شعيرة
منها إلى بطن لأخرى توضع
ثم الشعيرة ست شعرات فقط
من ذيل بغل ليس عن ذا يرجع
ويذكر هذا الشاعر:
ان البريد هو أربعة فراسخ
والفرسخ فهو ثلاثة أميال
والميل هو الف باع
والباع هو أربع أذرع
والذراع هو أربعة وعشرون اصبعا
والاصبع هو ست شعيرات
والشعيرة هي ست شعرات، ويشترط ان تكون هذه الشعيرات من ذيل بغل.
وقبل أن أنهي هذا الموضوع أحب ان آتي بما كتبه الامام الزبيدي في كتابه «تاج العروس» حول كلمة فرسخة، وهي الكلمة التي يستعملها الناس كثيرا عندما يبتعدون عن مواطن سكنهم، وذلك لإقامة صلاة الجمعة والقصر، وهم يقولون فرسخة ولا يعرفون معناها، فجاء الإمام الزبيدي بشرح لها، إذ قال:
ف ر س خ
(الفرسخ، ذكره الجوهري) في كتابه (ولم يذكر له معنى)، لأنه قال: الفَرْسَخُ واحد الفراسخ فارسي معرب.
وقد يقال انه لم يثبت عنده ما ذكره المصنف من المعاني، فلا يؤاخذ به. (وهو السكون)، ذكره غير واحد من أئمة الغريب. (و) الفرسخ (الساعة) من النهار، قالت الكلابية: فراسخ الليل والنهار: ساعاتهما وأوقاتهما. وقال خالد بن جنبة: هؤلاء قوم لا يعرفون مواقيت الدهر وفراسخ الأيام، قال: حيث يأخذ الليل من النهار. والفرسخ من المسافة المعلومة في الارض مأخوذ منه. ويوجد في نسخ المصباح: الفرسخة: السعة، ومنه أُخذ فرسخ الطريق. والصواب أن الذي بمعنى السعة هو الفرشخة، بالشين المعجمة، وهي التي تليها.
(و) الفرسخ: (الراحة. ومنه) أُخذ فرسخ الطريق (كما قيل، وهو (ثلاثة أميال هاشمية)، أو ستة، (أو اثنا عشر الف ذراع، أو عشرة آلاف) ذراع، سمّي بذلك لأن صاحبه. إذا مشى قعد واستراح، من ذلك، كأنه سكن. (و) الفرسخ: (الفرجة)، هكذا بضم الفاء والجيم بعد الراء في سائر النسخ. (و) يقال لـ(شيء لا فرجة فيه): فرسخ، هكذا ضُبط، (كأنه) على السلب، وهو (ضد. و) قولهم انتظرتك فرسخا، أي (الطويل من الزمان)، أي من الليل أو من النهار، وكأن الفرسخ أخذ من هذا، (و) الفرسخ (الفينة)، وفي نسخة: برازخُ بين السكون والحركة. وعن ابن شميل: (الفرسخ: الشيء الدائم الكثير الذي لا ينقطع)، وهي كلية عنده.
هذا آخر ما أحببت أن أسجله حول كلمات نسمع بها ولا نعرفها في التاريخ.
تشكر أخي أحمد على هذا الموضوع الملىء بالمصطلحات الرقميه
وأعتقد ان كلمه نتر هي خطأ مطبعي . وهي فتر وليست نتر
وللشرح أكثر فإن الشبر هو من طرف الابهام لطرف الخنصر
أما الفتر فهو من طرف الابهام لطرف الشاهد ( اصبع التشهد )