الشيخ عبد الرحمن الدوسري (1913 ـ 1979) - فرحان الفرحان 5/12/2003
في اول القرن الماضي القرن العشرين ومع مطلع انشاء المدرسة المباركية كان العلم ضئيلاً قليلا كان من ابرز المتعلمين النابهين الشيخ عبد العزيز الرشيد كان في تلك الحقبة وذلك في اوائل انشاء هذه المدرسة المباركية مجموعة من الطلبة اغلبهم التفت الى التجارة ومسك الدفاتر كما يقولون كان من بين هؤلاء الطلبة طالب بدلا من ان يمسك الدفاتر التفت الى العلم والتفقه التفت الى ان يمسك الدين والتجارة ذلك هو الشيخ عبد الرحمن الدوسري هذا الشيخ الذي اظن ان القليلين يعرفون او يتذكرون هذا الرجل الفاضل الذي لمع كنجم في السماء ثم أفل هذا الرجل الذي يجب علينا ان نعيد ذكراه للقراء الكرام علهم يتذكرون بعضا من رجالات الكويت الاوفياء الذين ظهروا وبرزوا في فترة الناس تقريبا كلها ملتفتة الى لقمة العيش.
كان الفاضل احمد عبد العزيز الحصين قد سجل نبذة عن حياة الشيخ عبد الرحمن الدوسري ولهذا حفظ لنا نتفا من حياة هذا الانسان الفاضل فجزاه الله خيرا.
وهنا يحق لي ان التقط بعضا من هذه الفقرات التي تهم القراء لنلقي الضوء على حياة هذا الرجل في تلك الفترة من الزمن.
عبد الرحمن الدوسري ولد في نجد وتوفي في نجد ولد سنة 1330/1913 وتوفي سنة 1399/ 1979 وهو عبد الرحمن بن محمد بن خلف بن عبد الله الفهد آل نادر الدوسري وكانوا يوما ما امراء بلدة السليل المشهورة من قبيلة الوداعين والسليل قريبة من قرية الهدار المنطقة التي انحدر منها آل الصباح قبل اربعة قرون الى شرقي الجزيرة العربية ثم الكويت.
انتقلت اسرة الشيخ الدوسري الى بلدة بريدة وكان محمد الدوسري والد الشيخ هو الوحيد الذي بقي على قيد الحياة حيث توفي جميع اخوته الذين سبقوه من الامراض التي تأتي على المنطقة بالطفوة غادر محمد الدوسري والد الشيخ عبد الرحمن الى الكويت مع زوجته وطفله عبد الرحمن في الكويت عمل في التجارة وعندما بلغ عبد الرحمن ست سنوات وكانت المدرسة المباركية لتوها قد افتتحت للتدريس فادخله والده بها وكان من حسن حظه ان يكون بعض من اساتذته بعضا من العقول التي استفاد منها منهم الشيخ عبد العزيز الشهير الشيخ يوسف بن عيسى سيد عمر عاصم وكانت تربطه بالشيخ يوسف علاقة وثيقة وكان قد لفت نظر الشيخ يوسف لحفظه غير العادي فكان يحفظ المقطوعة التي يأمر بها قبل زملائه وكان قد حفظ القرآن الكريم وحفظ كثيرا من المتون ولهذا اخذ الشيخ يوسف يدفع به الى الامام حتى اصبح بعد مدة وجيزة عالما يحسب له حسابه في الرأي والتوجيه اخذ زمام المبادرة واخذ يتوجه كل فجر في مسجد غير الذي سبقه ليلقي درسا قصيرا عن التفسير وقراءة القرآن والتجويد وكل امسية في مسجد اخر يلقي درسا في الفقه او الحديث وظل على هذه الحال فترة طويلة من الزمن.
كان بينه وبين استاذه الشيخ يوسف بن عيسى مبادلات بالرسائل اذا لم يتم اللقاء وقد ارسل الشيخ يوسف في احد الايام للشيخ عبد الرحمن الابيات التالية حول اوضاع مصر ايام الملك فاروق وايام عبد الناصر يقول:
لقد كان في مصر القديمة كافر يسمى بفرعون وكان له موسى وفي هذه الازمان من سوء حظنا نرى الف فرعون وليس لهم موسى فرد الشيخ عبد الرحمن على استاذه الشيخ يوسف يقول:
نعم موسى الاسلام ان قام حامل
له بعصا التكبير حقا هو الموسى
فيبطل مكر القوم يدمر كيدهم
ولا يبقى ظلما وانحراف ولا بؤسا
كان الشيخ عبد الرحمن حال استاذه الشيخ يوسف عمل في التجارة في اول حياته فاخذ يتاجر ويتعامل مع ديار الشام ولكن العلم والمعرفة اخذ وقته كله.
كان له في نجد اصدقاء كثيرون وطلبوا منه ان يزورهم في نجد وقد لبى دعوته وعندما آنس الالفة في تلك البلاد آثر ان يستمر معهم فنقل زوجته وولده ابراهيم هناك الى ان توفاه الله في تلك البلاد التي ولد فيها والذي لم يعرف فيها طفولته ولا شبابه بل ايامه الاخيرة فرحمه الله رحمة واسعة .
كان الشيخ عبد الرحمن قد رسم (ملحمة) اذا احببت ان نسميها وهي حرب سنة (1967) بين العرب واسرائيل صورها في قصيدة مائة بيت كلها عبر وتاريخ مسجل للمستقبل قصيدة من عيون الشعر تسجل للتاريخ اجتزىء منها الابيات الاولى للاطلاع وهي :
مصاب دهى الاقوام في صفر الخير
وذاك بقرن الرابع العشر الهجري
لسبع خلت فوق الثمانين حجة
جرى غدر صهيون بها اوقح الغدر
وذلك باستفزاز كل مغرر
نسي بغرور سوء عاقبة الامر
فاردوا نصيب العرب من جهلهم كما
اطاحوا بهم في مجلس الامن للصفر
ولم يطلبوا رأيا حصيفا ويجلسوا
بمؤتمر عال يحصحص للسر
ولم يغسلوا غل الصدور ويصدقوا
لبعضهموا بعضا تجاه ذوي الكفر
ولم يتقوا الرحمن حقا ويخلصوا
عبادته حتى ولو حالة العسر
ولم يرتؤوا الوقت المناسب للوغي
ليحظوا بتقرير المعارك عن قسر
ولم يحشدوا الاجناد في خير موقع
يعين على دفع المهاجم والقهر
ولم يكتموا سر الحروب وعدة
يعدونها كي لا يجارون في الامر
ولكنهم قد عاكسوا خطة الحجا
وساروا بميدان العواطف والغمر
فقاموا بايقاظ اليهود وصحبها
بكثرة تهديداتهم بضعة العشر
من السنوات الماضيات ونشرهم
لما حصلوا من نوع اسلحة العصر
كما عملوا التخريب في كل بلدة
أبت انصياعا للشيوعية النكر
فعانت بلاد العرب انواع ثورة
وشتى انقلابات ومفسدة الصدر
فلم تتزود قوة لمخافة
وقد خسرت ابناءها غاية الخسر
انهزم اسرائيل في راقصاتنا
وفي مسرحيات التماثيل والزمر
وفلسفة الساقين او في تزحلق
وشتى بلاجات الخلاعة والفجر
لقد نفذ الاوغاد مطلب (صهين)
بمجتمعات العرب في السر والجهر
واخيرا فهذا هو عبد الرحمن الدوسري الشيخ الاستاذ الداعية التاجر النجم الذي لمع في سماء الكويت في النصف الاول من القرن العشرين. نقول هذا للذكرى رحمه الله رحمة واسعة.
جريدة الوطن
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
|