ابراھیم مضف المضف
(1267 ھ - 1345 ھ / 1849 -1927 م )
المولد والنشأة:
ولد المحسن إبراھیم مضف المضف عام 1267 ھ ، بین أسرة كريمة میسورة الحال وترعرع في بیت رفیع المستوى فورث عن أسرته الجود والكرم ، وعندما اشتد ساعده تعلم فنون الإبحار والتعامل مع البحر في غضبه ورضاه ، فعمل ربّاناً للسفن التجارية ثم تاجرلؤلؤ ، وبفضل الله تعالى ثم إيمانه وصدقه في معاملة الناس أنعم الله علیه بالثراء وزاد ماله بركة.
أنفق من ثروته على الناس مثلما أنفق على بیته وأولاده ، إذا أعطى في وجه الخیر أعطى بسخاء في السر والعلانیة ، امتلأ قلبه بالإيمان وعقله بالیقین ، فتسلح بإيمانه وعقله لمواجھة الشدائد ، كان كريما إذا أعطى ، عادلاً إذا حكم ، لبیباً إذا تحدث.
أوجه الإحسان في حیاته :
عاش إبراھیم مضف المضف حیاته محسناً بماله ووقته وجھده لم يدّخر وسعاً في أي عمل ينفع الناس إلا وتقدّم إلیه طواعیة فنال بذلك ثقة الناس واحترامھم ، فقد أوقف الأرض الواقعة في جزيرة فیلكا على مسجد شعیب"
وفق الحجیة العدسانیة الصادرة بتاريخ 15 ذي الحجة عام 1337 - ملف مسجد شعیب بوزارة الأوقاف والشؤون الأسلامیة ".
كما ساھم إبراھیم المضف في تأسیس مسجد المناعي بالشرق- قرب المدرسة الشرقیة سابقاً - وأوقف علیه عمارة له في السیف.
في مجال التعلیم :
في لیلة 12 ربیع الأول سنة 1328 اجتمع كثیر من الناس في ديوان الشیخ يوسف بن عیسى القناعي لسماع قصة المولد النبوي الشريف ، ولما انتھى القارئ من تلاوة السیرة الشريفة قام المرحوم السید ياسین الطبطبائي وألقى في السامعین كلمة جاء فیھا " إنه لا يمكننا الاقتداء بسنة النبي صلى الله علیه وسلم ما لم نعرف سیرته ، ولا نعرف سیرته حق المعرفة حتى نتعلمھا ، ولا يمكننا أن نتعلم ما لم يكن لنا مدارس ومعلمون... إذاً فلنتعاون على فتح المدارس المفیدة " ، فكتب الشیخ يوسف بن عیسى كلمة في صدر صحیفة طويلة بیّن فیھا منافع العلم والتعلیم ومضار الجھل وضلاله ، ووقع تحتھا بإمضائه متبرعاَ بخمسین روبیة، ثم ذھب إلى أھل الخیر يدعوھم للتبرع لبناء مدرسة ، فكان إبراھیم المضف أول من تبرع له بمئة روبیة ،ثم زادھا الى خمسمائة بعدما تبرع لھا شملان بن سیف وأولاد خالد الخضیر ، فتأسست المدرسة المباركیة سنة 1330 ھ وسمیت ھكذا نسبة إلى حاكم الكويت آنذاك الشیخ مبارك الصباح ، فكان ھذا الموقف النبیل من إبراھیم المضف ، لدعم التعلیم أحد أوجه الإحسان في حیاته.
الفصل بین المتنازعین :
أسند الیه حكام الكويت مھمّة الفصل في الخلافات التي قد تنشأ بین العاملین في البحر من الغواصین والملاحین والربابنة ، وكان ذلك شرفا عظیما يؤكد رجاحة عقله ومكانته في المجتمع ، واستطاع إبراھیم مضف المضف أن يصرف أمور ھذه المھمة بمفرده ، فینصرف الخصمان وكل منھما راض بما حكم ثقة فیه واعتقاداً بنزاھته حتى قال حاكم الكويت آنذاك الشیخ جابر المبارك رحمه الله " إننا نعجب أن الخصمین ينصرفان معاً
وأحدھما راض والآخر ساخط ، إلا أنك يا إبراھیم ينصرف الخصمان منك وھما راضیان بما حكمت... " وھذه الشھادة العالیة كافیة بأن تعرف مقام ھذا المصلح لدى أمراء البلاد ومواطنیه في وقته.
إطعام الفقراء وعابري السبیل:
اشتھر مجلس إبراھیم المضف باستقبال عابري السبیل المارّين بالكويت أو القادمین إلیھا حیث يجدون كرم الضیافة وحسن المقام ويجدون حاجتھم دون اللجوء إلى مذلّة السؤال ، فكان ينفق على الفقراء والمحتاجین في السر والعلانیة ، وكان مجلسه يضم أھل الصلاح والإصلاح من شعب الكويت.
ضرب أروع مثل في الصبر على قضاء الله :
عرف إبراھیم المضف بالصبر والجلد عند الشدائد بدافع من إيمانه بالله تعالى فعندما جاءه نبأ غرق ولده " عبد اللطیف " وحفیدين له. تحلّى بالإيمان ولم يجزع من قضاء الله. وأيضا عندما استشھد أولاده مضف وعثمان في معركة الصريف مارس 1901 م( 2) واستشھد ابنه مھلھل في . معركة الجھراء التي وقعت في 14 سبتمبر 1920
لقد كان إبراھیم المضف في كل مصیبة من ھذه المصائب العظمى الثلاث يستقبل المعزين بوجه لا أثر للحزن فیه ، وبابتسامة تعبّر عن ثقة المؤمن الموقن بأن المصائب لا حول لأحد في دفعھا ، فخیر للمرء أن يصبر ويحتسب فیؤجر من الله ، الذي بشر الصابرين في قوله تعالى
وفاته :
توفي إبراھیم مضف المضف في عام 1345 ھ الموافق 1927 وقد أشرف على الثمانین وما زالت ذاكرته وأعماله الخیّرة ومواقفه الإنسانیة والوطنیة حديثاً تتناقله الأجیال.
رحمه الله تعالى ، وجعله في علّیین.
المراجع:
- سیر وتراجم خلیجیة في المجلات الكويتیة - حالد سعود الزيد - الطبعة
اللأولى.
- تاريخ مساجد الديرة - عدنان سالم الرومي - الطبعة الأولى.
- صفحات من تاريخ الكويت - يوسف بن عیسى القناعي - الطبعة
الخامسة.
- الموسوعة الكويتیة المختصرة - حمد السعیدان - الجزء الثالث - الطبعة
الأولى.
- قصة التعلیم في الكويت في نصف قرن - الشیخ عبدالله النوري - الطبعة
الأولى.
- تاريخ الكويت الحديث - د. أحمد مصطفى أبو حاكمة - الطبعة الأولى.
> وثقت المادة من قبل حفیده السید ابراھیم جاسم المضف - محافظ الفروانية
منقول من كتاب محسنون من بلدي