ثلثه الخيري:
وقد ترك المحسن عبدالله الفدا – رحمه الله – ثلثاً خيرياً، وأوصى به ابنه فريح لينفق منه في كل ما يعود عليه – رحمه الله - بالأجر والثواب، وقد بارك الله تعالى في هذا الثلث وتحقق من خلاله عدد من المشروعات الخيرية، تم تنفيذها بواسطة الهيئات والجمعيات الخيرية العاملة في دولة الكويت، وقد تنوعت هذه الأنشطة الخيرية وشملت وطنه الكويت وعدد من الدول الإفريقية والأسيوية، نسأل الله تعالى أن يجعلها صدقة جارية له، مصداقاً لما أخبر به الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلا مِنْ ثلاثٍ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ"رواه الترمذي.
بناء المساجدأيقن ورثة المرحوم عبد الله الفريح والقائمون على وصيته أهمية إعمار بيوت الله تعالى وعظم قدرها في الإسلام، وكذلك عظم الأجر والثواب الذي سيعود على الواقف وهو والدهم عبدالله الفريح
– رحمه الله – من أجر بناء المساجد التي قال الله تعالى فيها:
"فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36)" سورة النور.
ولهذا قاموا
- بفضل الله تعالى - ببناء عدد من المساجد والمراكز الإسلامية بناءً على وصيته – رحمه الله – وقد أشرف على هذه الأعمال المباركة ابنه فريح (الوصي على الثلث)، جعل الله تعالى له من أجرها نصيباً موفوراً، ومن هذه الأعمال ما يلي:
مسجد عبدالله الفريح الفدا بالنقرةوقد تأسس هذا المسجد المبارك في منطقة النقرة بمحافظة على شارع شرحييل المعروف بكثافته العمرانية وكثرة أسواقه، وقد تم بناءه في يوم
20 محرم عام 1403هـ الموافق للسادس من نوفمبر عام 1982م، وهو مسجد جامع يشغل مساحة كبيرة من الأرض أشرف على بناءه وتجهيزه ابنه فريح.
المواصفات العامة للمسجد
:
- المساحة الكلية للمسجد 1506 متراً مربعاً.
- مساحة مصلى النساء 416 متراً مربعاً.
- يتسع مصلى الرجال لأكثر من 900 مصلٍّ، بينما يتسع مصلى النساء لعدد 140 مصلية.
- توجد مكتبة عامرة مساحتها 70 متراً مربعاً
- يبلغ ارتفاع مئذنته 32 متراً.
- بني المسجد على الطراز العادي الحديث.
ولا يزال هذا المسجد قائماً بفضل الله تعالى يرفع من فوق مئذنته نداء
"الله أكبر"، وتنطلق بين جدرانه تكبيرات المؤمنين، وتسبيحات المصلين، ودعوات الراكعين الساجدين بخير الجزاء للمحسن الكريم - رحمه الله - وذريته المباركة، فتعطر الأجواء وتطهر القلوب.
مسجد بالفلبين حيث إن المسلمين أقلية في هذا البلد الذي تعتنق أغلبيته النصرانية
, وكانوا في حاجه إلى هذا المسجد يوحدون فيه ربهم ويؤدون صلواتهم, قام فريح - جزاه الله خيراً – ببناء مسجد بالفلبين, من ثلث المرحوم والده, وقد نفذ المشروع في الفلبين مركز الشباب المسلم، بالتعاون مع بيت الزكاة الذي أشرف على تنفيذ المشروع ومتابعته حالياً، وقد تم بناء هذا المسجد بعد تحرير دولة الكويت مباشرة، وهو مسجد جامع تأسس على مساحة كبيرة من الأرض، في جامعة مسلم مندناو بالفلبين، ويضم المسجد مصلى للنساء وله مئذنة.
مستوصف عبدالله الفريح بالفلبين
:
وقد تأسس هذا الموستصف لخدمة المسلمين في الفلبين أيضاً بجوار المسجد في جامعة مسلم مندناو، وقد نفذه أيضاً مركز الشباب المسلم بالفلبين بالتنسيق مع بيت الزكاة الكويتي، من ثلث المرحوم المحسن عبدالله فريح الفدا
.
مركز إسلامي بملاوي
:
كما قام فريح ببناء مركز إسلامي في مالاوي نفذته لجنة مسلمي إفريقيا، بتكلفة قدرها
200 ألف دينار كويتي، أنفقها المحسن الكريم عبدالله الفدا في سبيل الله تعالى بكل سخاء ودون تردد؛ لعلمه بأنه سينال أجرها أضعافاً مضاعفة عند الله تعالى القائل في كتابه العزيز:
"
مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)" سورة البقرة.
وقد أشرف الدكتور عبد الرحمن السميط أمين عام لجنة مسلمي إفريقيا على تنفيذ هذا المركز الذي لا يزال قائماً شاهداً على مواقف أهل الكويت الأبرار وإحسانهم وامتداد عطائهم إلى مناطق شتى من أنحاء العالم شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً
.
ويزاول المركز نشاطه منذ افتتاحه في عام
1999م، في خدمة المسلمين هناك ودعوة غير المسلمين إلى الإسلام، كما يحتوي المركز على مشاريع كبيرة ذات أهمية خاصة، ويعتبر كل مشروع منها عملاً خيرياً بذاته، وهي:
مسجد
.
مركز تدريب مهني
.
مدرسة
.
سكن مدرسين
.
سكن طلاب
.
مختبرات علمية
.
- وزيادة في الخير وحرصاً على تقديم أكبر الفائدة للطلبة والمدرسين المقيمين في هذا المركز فقد تم إنشاء حظيرة صغيرة تضم أبقاراً حلابة تكفي بفضل الله تعالى لسد حاجة هؤلاء من الحليب ومنتجاته.
بئر ارتوازي في السودان كانت الآبار
- ولا تزال - تشكل المصدر الرئيس للشرب في كثير من المناطق لندرة الأمطار من ناحية, وقلة الجداول والأنهار ومصادر الشرب الطبيعية من ناحية أخرى، ولذا طلب فريح حفر بئر ارتوازي في السودان, وقد تأسس هذا البئر في عام 1989م في إحدى المناطق التي تحتاج بشدة للماء، وهي منطقة الدروشاب.
وهذا البئر يتكون من مضخة رئيسة وخزان للمياه، وهو لا يزال موجوداً شاهداً على بر هذا الرجل وإحسانه وجوده وكرمه، نسأل الله تعالى أن يجعله صدقة جارية له ولمن ساهم في بنائه، فسقي الماء من أفضل الصدقات، مصداقاً لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ
: "قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ سَقْيُ الْمَاءِ" رواه ابن ماجة في سننه.
وقف عقاري بجنوب إفريقيا
:
وقد نفذت هذا المشروع أيضاً لجنة مسلمي إفريقيا، حيث تم بناءه في مدينة جوهانسبرج بدولة جنوب إفريقيا، على نفقة المحسن الكريم عبدالله فريح الفدا
– رحمه الله – وهذا التبرع الكريم جاء من ثلثه الخيري على يد ابنه فريح، وبلغ إجمالي تكاليف بناء وتجهيز هذا العقار 44 ألف دينار كويتي، جعلها الله تعالى في ميزان حسناته.
ولهذا العقار أهداف سامية
- وفق ماذكره لنا ابنه فريح عبدالله الفدا - حيث ينق ريعه على كفالة ورعاية الأيتام المقيمين في مركز عبدالله الفدا الإسلامي في ملاوي الذي سبق وأشرنا إليه آنفاً، وذلك رغبة منه في نيل رضى الله تعالى، وعملاً بقول رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم: "مَنْ مَسَحَ رَأْسَ يَتِيمٍ أَوْ يَتِيمَةٍ لَمْ يَمْسَحْهُ إِلا لِلَّهِ كَانَ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ مَرَّتْ عَلَيْهَا يَدُهُ حَسَنَاتٌ وَمَنْ أَحْسَنَ إِلَى يَتِيمَةٍ أَوْ يَتِيمٍ عِنْدَهُ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ وَقَرَنَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ" رواه أحمد في المسند.
حفظ الله ورعايته له واجه المحسن عبدالله الفريح
- رحمه الله – مواقف مميتة؛ لولا حفظ الله تعالى له بما فعله من خيرات جعلها الله تعالى جميعاً في ميزان حسناته يوم القيامة. وقد صدق الله سبحانه القائل في كتابه العزيز:
"... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)" سورة الطلاق.
قصته مع الحية
:
بينما كان عبدالله الفريح صبياً في نجد
, يرعى الغنم ذات مرة وهو متحزم بالحبل على وسطه - كما هي عادة كثير من الرعاة في ذلك الوقت - أحس بشيء بارد ثقيل داخل ثوبه يلامس ظهره فعرف أنها حية, فألهمه الله الهدوء والسكينة رغم كونه صغير السن قليل الخبرة بمثل هذه الأمور, فحرك يديه بهدوء باتجاه الريح ليدخل الريح من كمه الآخر، فلما أحست الحية ببرودة الهواء خرجت من كمه دون أذى.
وأخرى مع الذئاب
:
بعدما انتهى ذات يوم من رعي الأغنام أيضاً
, قبيل الغروب، جمع القطيع, وشرع في التوجه إلى بيته وبينما هو عائد مع غنمه تجمعت مجموعة من الذئاب حوله وحول غنمه, وكان فتى صغيراً لا خبرة له, وكأنى به توجه إلى الله بالدعاء أن يفرج عنه ويصرف هذا البلاء, قائلاً:
"أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ... (62)" سورة النمل.
فمرت
- بفضل الله تعالى - دون أن تمسه أو تمس غنمه بأي ضرر، وهكذا أحاط الله هذا الغلام الصغير بعنايته, وهو تعالى أعلم بما في نفسه من خير وما في قلبه من بر، فنجاه في الشدة وفرج عنه الكربة.()
دوره الوطنيكان
– رحمه الله - محباً لوطنه الكويت, وقد رسخ حب هذا الوطن في قلبه وأصبحت الكويت جزءاً منه، فكان مشاركاً لأهلها في أفراحهم وأتراحهم, في العسر واليسر، ومن مواقفه الوطنية المشهودة مشاركته في بناء سور الكويت بعد معركة الجهراء، بالرغم من أنه لم تمض على زواجه سوى أيام قلائل, وهكذا فقد قدم نداء الوطن وواجبه على مصالحه الشخصية وسعادته الذاتية.
وفاته بعد عمر مديد ناهز الاثنين والسبعين عاماً
, قدم فيه الكثير من أعمال الخير والبر، ولم ينتهي هذا الخير بعد وفاته ولكن شاء الله تعالى أن يجعل في ذريته خير خلف لخير سلف وأن يكون ثلثه الخيري الذي تركه شجرة مباركة تؤتي ثمارها في كافة أوجه الخير كل حين.
وقد توفي رحمه الله تعالى بالمستشفى الأميري في مدينة الكويت عام
1371هـ الموافق لعام 1951م, بعد معاناة وصراع مع المرض.
رحمه الله رحمة واسعة
, وجزاه عما فعل خير الجزاء, وجعل أعماله في ميزان حسناته.
المصادر والمراجع
:* مقابلة مع السيد فريح عبدالله فريح الفدا ابن المحسن عبدالله الفدا – رحمه الله.
- لجنة مسلمي إفريقيا (جمعية العون المباشر حالياً).
- بيت الزكاة – الكويت – إدارة النشاط الخارجي.
- وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – قطاع المساجد – الإدارة الهندسية.
- حمد محمد السعيدان – الموسوعة الكويتية المختصرة – الجزء الأول – الطبعة الثالثة – الكويت 1993م.
وثق هذه المادة ابنه فريح عبدالله فريح الفدا.
منقول محسنون من بلدي .