عندما فكرت في كتابة هذا الكتاب عندما كان أولادي يسألونني كيف كانت الحياة في الكويت بالماضي كنت أخذ الوقت الطويل وأنا اشرح لهم أحاول قدر المستطاع أن احدد لهم الأماكن أقول أن هنا كان يعيش فلان وفي هذا المكان كان مسقط رأسي وهناك ملعب طفولتي
فتساءلت في نفسي بأن هناك كثير من الأباء توجه لهم مثل الأسئلة التي يسألها أولادي وان هناك كثير من أبنائنا لا يعرفون حتى القليل عن داخل السور في الماضي وكيفية الحياة داخل الديرة ووجدت انه لزام علي أن أعطى صوره مبسطه عن الحياة في الكويت داخل السور لكي اسهل الأمر على الأباء ويعودا إلى ذكرياتهم في الديره وكذلك أبنائنا حتى يعرفوا كيف كانت حياة أجدادهم في داخل السور .
فذهبت إلى كتب التاريخ فأخذت اقلبها لعلني أجد فيها مبتغاي ولكن لم أجد فيها كتاب واحد يتطرق عن كيفية الحياة ونمطها ولكن وجدت أن هناك كثير من الكتاب الذين تطرقوا لموضوع الكويت قد كتبوا وبإسهاب كبير عن تاريخ الكويت ونشأتها وقدوم حكامها أسرة الصباح أليها بإسهاب كبير وبما أن تاريخ الكويت شبع بحث ودراسة من العديد من الباحثين والمختصين فأنني هنا سأسلك طريقا أخر حيث إنني لن أكتب عن تاريخ الكويت كا دوله وإنما سوف أتطرق بالدرس المبسط إلي وضع مدينه الكويت قبيل اكتشاف البترول وسوف اركز الدراسة على الحياة في مدينة الكويت نفسها فقط ولن اخرج خارج السور إلا في حالات النادرة حيث الشرح يستدعي مثل ذلك الأمر أي أنني سوف أكون داخل السور قدر المستطاع
فموضوع الحياة داخل السور لم يتطرق له ألا قليل من الكتاب وبصوره موجزه ولهذا فأني كتابتي سوف تتطرق الحياة اليومية خلال فتره حكم الشيخ احمد الجابر الصباح حيث إنها في رأي المتواضع هي فترة مخضرمة وهي الفترة المثالية للدراسة فهي الحقبة الانتقالية التي تحولت فيها الكويت لكي تكون كيان سياسي بارز يؤثر ويتأثر في المجريات السياسية الدولية للمنطقة بالإضافة إلى أنها مرحلة تجمع فيها القديم والحديث في وقت واحد في هذا الكتاب سوف أتطرق إلى نشأت مدينه الكويت والأسماء التي أطلقت عليها كذلك ومراحل نموها والأسوار التي بنيت حولها وأحيائها واهم الحرف التي امتهنا الكويتيون ثم بعد ذلك الحياة السياسية .
لقد جرت العادة عند كثير الكتاب عندما يتكلمون عن الكويت فأنهم يشيرون إلى نشأت الكويت وكذلك يشيرون إلى هجرة العتوب وكيفية وصولهم إلى الكويت وتولى أسرة الصباح الحكم فيها وحيث أن تاريخ تولى أسرة الصباح قد كتب من المئات من المؤلفين وقد شبع هذا الموضوع طرحا واصبح معروفا لدى الجميع فأنني لن أتطرق أليه ولكن سوف أمر عليه بصورة عابرة حيث أن الظروف التاريخية تلزمني بان أشير أليه حيث إنني سوف أتطرق إلى المواضيع الاتية :
1-مدينه الكويت
ا- تأسيسها
ب- أسوارها
ج- أحيائها السكنية
د- البيوت والمنازل
ه- الأسواق و المواني
ح- الحرف والمهن
ط- بعض الكلمات والمفردات القديمة
2 - المناخ وحالة الجو
3- مصادر المياه
4- التجارة الدولية
5- الغوص وصيد السمك
6 – أنواع السفن
7 نظام الحكم والأوضاع السياسية.
8- الفنون الشعبية
هذه هي أهم المواضيع التي سوف أتطرق لها في هذه الدراسة والتي اعتقد أنها تهم الشباب ومعرفتهم للحياة في بلدهم سابقا
إنني ارجوا من الله العلي القدير أن يعينني في أن أعطى صورة صحيحه جلية وواضحة للحياة الكويتية القديمة في داخل السور والله المستعان
مدينه الكويت
تأسيس الكويت
من يشاهد الكويت اليوم لابد وان يدرك في أنها مرت بالعديد من المراحل خلال فترة نموها منذ إنشائها وحتى يومنا الحاضر مثلها مثل أي مدينة أخرى في موجودة في هذا العالم ولكن هناك العديد من الأسئلة التي تدور في أذهان الكثير من الكويتيين منها علي سبيل المثال هذه الأسئلة:-
في إي سنه ظهرت الكويت على الوجود ومن الذي أسسها؟
ما هي المراحل النمو والتطور التي مرت بها الكويت ؟
كيف كانت الحياة في السابق بهذه المدينة?
وغيرها من هذه الأسئلة
ولكي نجيب على هذه الأسئلة لابد و أن تكون إجابتنا على هذه الأسئلة من مصدر رسمي وموثق .وليس هناك شخص يعتد بكلامه اكثر من رأس هذه البلد والذي تعتبر رسائله ومخاطباته وثائق رسميه هامة للدولة ويعتد بها خصوصا في حالة مثل حالة تاريخ الكويت وفي اعتقادنا بأنه لا يوجد مصدر رسمي يؤرخ تأسيس الكويت أقوى من الشيخ مبارك الصباح الحاكم السابع للكويت حيث انه عاش في فترة قريبه من ظهور الكويت وشخصيه كبيره وقويه مثل الشيخ مبارك لابد وان يكون لديه العلم والمعرفة الشيء الكثير عن نشأة الكويت وذلك بحكم كونه حاكم للكويت والذي تقلده من عام 1896 حتى عام 1915 .
لقد أشارت المصادر التاريخية بأن الشيخ مبارك الصباح قد بعث برسالة, وهي رسالة جوابية إلى محسن باشا والي البصرة يخبره فيها بأن تاريخ الكويت يعود إلى عام 1022هجري إي ما يوافق 1613ميلاديه وذلك عندما استفسر محسن باشا الوالي العثماني للبصرة عن تاريخ إنشاء الكويت وهذا الرأي قد اعتمد عليه كثير من الكتاب الذين تطرقوا لموضوع الكويت .
لكن الآراء اختلفت حول هذا الموضوع وهو تاريخ تأسيس الكويت ولكن جميع المؤرخين الذين دونوا تاريخ الكويت اتفقوا على خمس نقاط مهمة لم يختلفوا عليها وهذه النقاط هي المدرجة أدناه:
1- أن آسرة بن عرير آل حميد من قبيلة بني خالد هي التي وضعت اللبنات الأولى لقيام مدينة الكويت
2- تقع الكويت ضمن الحدود الشمالية لأمارة ألحسا وليست ضمن الحدود الجنوبية لولاية البصرة
3- أن الكوت كان نواة مدينه الكويت
4- أن الكويت كانت مأهولة بالسكان قبل عام 1710 م
5- صباح الأول اختاره أهل الكويت ليحكم في منازعاتهم
ولكن الاختلاف كان يتركز حول تاريخ بناء الكوت.فقد ذكر المرحوم الأستاذ حسين خلف الشيخ خزعل في كتابه التاريخ السياسي للكويت الجزء الأول بأن باني الكوت هو الأمير براك بن عرير سنة 1669 م بينما يذكر المرحوم أحمد البشر الرومي بان الذي بنى الكوت هو الأمير محمد بن ألاصقه بن عرير وهو أمير بني خالد أنه استخدم هذا الكوت ليكون كمستودع خيرة وتموين الزاد فهؤلاء المؤرخين وغيرهم ذكروا أسماء متعددة من أمراء بني عرير الذين سيطروا على منطقة شمال الاحساء لكن هناك حقيقة ثابتة بأن جميع هؤلاء المؤرخين الذين كتبوا عن تاريخ الكويت قد أكدوا جميعهم ودون استثناء بان أمراء بني عرير هم الذين أقاموا هذا الكوت ولكن الاختلاف كما ذكرنا سابقا كان حول تاريخ البناء حيث أن أقدم تاريخ ورد في هذه المصادر يشير إلى تاريخ البناء للكوت كان عام 1613م وهو ما ذكره الشيخ مبارك الصباح في رسالته إلى والى البصرة وأحدث تاريخ للبناء هو عام 1711م ومع هذا فأن جميع المؤشرات التاريخية تؤكد بان الكويت تأسست قبل نهاية القرن السابع عشر
لقد بدأت الكويت في بادئ الأمر عن مجموعة من الأكواخ الصغيرة تقوم فوق سهل مغطى بالكثبان الرملية المطلة على البحر هذه المجموعة من الأكواخ يقطنها صيادين السمك الذين تركوا البداوة واستقروا في هذا المنطقة ثم تدرجت شي فشيء بالعمران خصوصا بعد أن وفد أليها القبائل البدوية وعلى رأسهم قبيلة عنزه وفخذ العتوب الذين ينحدر منه عائلة الصباح التي تحكم الكويت وتلاهم بعد ذلك غيرهم من القبائل العربية التي وفدت إلى هذه المنطقة بالإضافة إلى الهجرات التي وفدت من من بر فارس والعراق مما أدى إلى اتساع رقعة الموقع حتى أضحت الكويت مدينه كاملة .ولعل الاختلاف في تاريخ بناء الكويت يعود إلى أن من اعتبر تأسيس هذا الأكواخ وبنائها هو بناء الكويت والأخر من اعتبر بناء البيوت التي بنيت من الطين هي البداية الحقيقية لقيام الكويت وكذلك هناك حقيقة ثابتة أيضا وهي أن هناك عائلات موجودة في هذه المنطقة قبل أن يفد عليها العتوب ومن اشهر هذه العائلات التي كانت متواجدة في هذه المنطقة هي عائلة بورسلي وكذلك عائلة المصيبيح والذين كانوا يتولون حراسة كوت أبن عرير بالإضافة إلى امتهانهم حرفة صيد السمك التي كانت تعني لهم توفر الوجبات الغذائية .
ولكن لنتساءل ماذا تعني كلمة الكويت وهل هي كلمة عربيه وإذا لم تكن عربيه فمن أي لغة جاءت ؟ والجواب على هذا السؤال ينحصر في الإجابة التالية :-
كلمة الكويت هذه هي تصغير لكلمة الكوت وهذه الكلمة تعني القلعة أو الحصن أما اصلها فقد اختلف فيه أيضا فمن قال بأنها كلمه بابلية قديمه جاءت من اللغة العراقية القديمة ومن قال بأنها كلمه برتغالية وان كان تحيطه عده بيوت أو مجرى ماء أو بحر ويبنى على هيئة قلعه حتى يمكن الدفاع عنه بكل سهوله و يعتقد الكثير من الناس بان اصلها برتغالي فعندما أحتلت القوات البرتغالية منطقة الخليج أدخلوا بعض من مفردات لغتهم إلى لهجة اهل الخليج وظمن هذه المفردات دخلت هذه الكلمة ضمن مفردات وكلمات الخليجية تأثرا بالبرتغاليين. هذا بالاضافة إلى أن أيضا سكان منطقة جنوب العراق يطلقون اسم الكوت على البيت الذي به صناعات عديدة وتوجد مدينة كبيرة جنوب العراق تسمى الكوت
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا ما الأسم الذي كان يطلق على هذه المنطقة قبل أسم الكويت هل كان هذا الاسم وهو اسم الكويت كان يطلق عليها قبل أنشاء آسرة أبن عرير للكوت وإذا كان لا فما الاسم الذي كان يطلق عليها قبل ذلك ؟
من المؤكد بان اسم الكويت أطلق علي هذه المنطقة متأخرا ولكنها اشتهرت هذه باسم القرين وهذا الاسم من المصادفات العجيبة هو أيضا تصغير لكلمة قرن الحيوان نظرا لوجود تل صغير جدا ومنفرد يقع في منطقه سهليه خالية من المرتفعات وهو يشبه قرن الحيوان في شكله أطلق عليه أهل الكويت اسم النفوذ العود (الكبير) نظرا لوجود مرتفع أخر أصغر منه ويقع إلى الشرق منه سمي بالنفوذ الصغير أو بهيته وهي المنطقة الموجود أمام قصر السيف حاليا والذي يدقق النظر في هذه المنطقة يجد أنها فعلا مرتفعة في المنطقة المقابلة لقصر السيف في المبنى القديم .
كما ذكر العديد من الناس بأن هذه المنطقة كان لها أسم ولكن غير معروف لكثير من الناس وهو أسم (نقرة الزمهرير )
وهذه المنطقة على وجهه العموم منطقة منبسطة فيها الكثير من الكثبان الرملية.هذه المنطقة النائية والبعيدة عن مناطق التوطن السكاني في الجزيرة العربية قام بزيارتها العيد من الرحالة الأجانب أو من عاش على أرضها فتره طويلة مثل الكولونيل البريطاني "فريث ديكسون " والمعروف عند أهل الكويت باسم أبو سعود حيث كتب كتاب عن الكويت وسماه "الكويت وجيرانها" فلقد تكلم هؤلاء الأجانب عن الكويت في كتبهم بإسهاب و أشاروا إلى أن اسمها القرين فمنهم من نسب هذا الاسم إلى جزيرة القرين القريبة من السواحل الكويتية ومنهم من نسبه إلى التل الصغير كما ذكرنا .
و أول رحاله أجنبي زار الكويت ودون مذكراته عن رحلاته إلى منطقة الخليج هو الرحالة الدنماركي "كارستون نيبور" في سنة 1765 حيث يصف هذا الرحالة الكويت أو القرين حسب ما ذكر بأنها بلد صغير تقع على الخليج والبيوت فيها مبنية من الطين وعدد سكانها يبلغ حوالي (10000)عشرة آلاف نسمه ويمتلك أهلها سفن شراعيه يبلغ عددها حوالي (800) سفينة.
وفي عام 1777 قامت السفينة الإنجليزية "ايجل " اي النسر بالرسو في المياه الكويتية لدراسة المنطقة فتبين من دراستها أن هذه المنطقة تصلح لان تكون ميناء لرسو السفن وهي ميناء طبيعي يصلح لتجمع القوافل التجارية التي تتاجر مع الهند والصين وهمزه وصل إلى المناطق التجارية في أوربا عبر البلاد العربية .
وبعد مرور أربعة وخمسون عام على زيارة السفينة الإنجليزية اي في عام 1831 قام الرحالة الأوربي ستوكلر أثناء عودته إلى بلده من رحلة قام بها إلى جنوب شرق آسيا بالمرور على الكويت ووصف مدينة الكويت وصفا دقيقا حيث يقول هذا الرحالة عن مدينة الكويت بأنها تقع مباشرة على ساحل الخليج تمتد لمسافة قدرها حوالي ميل واحد وبعمق داخل الصحراء ميل واحد أيضا وهي محاطة بسور مبني من الطين سماكة قدم واحد وبه ثلاث بوابات وخلف هدا السور يوجد خندق به معبران على كل معبر يوجد مدفع وشوارع المدينة عريضة ومتسعة اعرض من شوارع آية مدينه تقع على الخليج وان عدد سكانها يبلغ حوالي (4000)أربعة آلاف نسمه . ومن الملاحظ هنا بأن عدد سكان الكويت قد نقص عدده وهذا النقص جاء نتيجة لانتشار مرض الطاعون الذي أصاب الكويت في عام 1831 وهو ما يعرف "بسنة الرحمة الأولى " حيث قضى هذا المرض على اكثر من ثلاثة أرباع السكان كما ذكر المرحوم الأستاذ احمد بشر الرومي .
وفي عام 1862 قام رحالة أوربي آخر ويدعى "بل جريف " حيث وصف مدينة الكويت بأنها ميناء يعج بالحركة التجارية وان عدد سكان المدينة يبلغ حوالي (35000) خمسة وثلاثون ألف نسمه وان بها منازل يبلغ عددها حوالي ثلاثة آلاف منزل و(500) خمسمائة دكان (6) ستة مقاهي والعديد من المخازن التي تبيع الأخشاب والتي كان يطلق الكويتيين في السابق عليها اسم العمارة. ولكن هناك رحالة آخر زار الكويت بعد الرحالة "بل جريف بست سنوات ذكر أن عدد سكان الكويت بين (15000)خمسة عشر ألفا إلى (20000)العشرون ألف نسمه ولعل هذا النقص في عدد السكان يعود إلى أن الكويتيون قد يكونوا في رحلة الغوص أو في رحلة السفر و أن يكون هناك خطاء في تقدير أحد هذان الرحالتان والله اعلم .
لكن في عام 1841 وصل بعض المسئولين الإنجليز ووقعوا اتفاقيه مع الكويت حيث وقع هذه الاتفاقية الشيخ صباح الثاني نيابة عن والده الشيخ جابر الأول وتنص هذه الاتفاقية بان تشترك البلدان اي الكويت وبريطانيا كا دولتين مستقلتين بمكافحة القرصنة وتجارة الرقيق والتهريب في مياه الخليج .وتعتبر هذه الاتفاقية أول اتفاقيه توقعها الكويت كا دولة مستقلة مع بريطانيا وهذا ما يؤكد استقلال الكويت منذ نشؤها ويدحض كل التبريرات التي يدعيها النظام العراقي البائد والمقبور الى الابد أنشاء الله بان الكويت كانت جزء من العراق واقتطعت منه .
وهناك أيضا أثبات تاريخي أخر قدم من الكثير من الكتاب الاجانب وقد تأخذ البعض منا الدهشة من هذا المسمى الذي يمكن أن يكون غريبا ولايمكن لاحد أن يلام على هذه الدهشة وهو أسم ( جمهورية الكويت ) والذي أطلقه النظام العراقي البائد في أول أيام الغزو وكنت أعتقد أن هذا النظام هو أول من أطلق هذه التسمية وأصبحت هذه التسمية بالنسبة لي كا العدو المبين لاأحب أن أرها أو أسمعها . ولكن الدهشة تكون أكبر عندما ترى ذلك الاسم وهو (جمهورية الكويت ) موجود بالعيد من الوثائق التاريخية التي تذكر تاريخ هذه المنطقة والتي كتبها علماء أوربيون جغرافيون مثل ( كارل ريتر) والذي رسم خريطة لشبه الجزيرة العربية في عام (1818) ذكر فيها أسم (جمهورية الكويت ) كما ذكر العالم الجغرافي البريطاني أسم (جمهورية الكويت ) في الاطلس الذي وضعه في عام ( 1874) { انظر كتاب الدكتور يوسف عبد المعطي (الكويت بعيون الاخرين) اصدار مركز البحوث والدراسات الكويتية }
وبغض النظر عن ما قاله جميع الرحالة الأوربيين عن الكويت فأن هناك سؤال يتبادر ألي الأذهان وهو ما هي الأسباب أو العوامل التي جعلت جماعة العتوب تختار هذه المنطقة لكي تستقر بها ؟
هناك عديد من العوامل منها السياسية والعسكرية و العوامل الاقتصادية ثم هناك العوامل الطبيعية التي جعلت هذه المنطقة منطقة استقرار لجماعة العتوب ومن وفد أليها معهم أو بعدهم من الجماعات التي وفدت إلى الكويت .
أولا العوامل السياسية والعسكرية :
أن من حسن حظ العتوب وبالذات آسرة الصباح أن منطقه الخليج في تلك الحقبة من التاريخ كانت تخلو تقريبا من آية قوه في المنطقة ذات فاعليه تستطيع أن تفرض هيمنتها وسيطرتها على دول و إمارات الخليج وذلك بسبب أنهاك القوى العسكرية للقوتين المتناحرتين في منطقة الخليج في تلك الفترة وهما الدولة الفارسية في إيران و الدولة العثمانية المسيطرة على العراق هذا الإنهاك أو الهزال العسكري لم يجعل هاتين الدولتين في أن تكون لهما البصيرة وان تنظرا باهتمام إلى هذه المنطقة وذلك لعدم أهميتها في إستراتيجيتيهما فأوضاعهما الاقتصادية كانت منهكة والأوضاع الداخلية تسودها الثورات وحركات التمرد والعصيان كذلك الأوضاع في الجريرة العربية لم تكن بأحسن حال من الدولتين المجاورتين ولهذا لم تعر اي قوه اهتمام لهذه الجماعات الوافدة لهذه المنطقة ولم تكن محط أطماع وجشع لهما بسبب فقر هؤلاء الوافدين الجدد بل أنها اعتبرتهم من ضمن القبائل الرحل التي تأتي وترحل بحثا عن الكلاء والمرعى للماشية ولم يدر في أذهان آية قوه من هده القوى المتناحرة أن هذه الجماعات سوف تنشئ دوله وتشكل قوة تغير الموازين السياسية والاقتصادية بالمنطقة في المستقبل بالإضافة إلى أن المنطقة كانت خاليه من آية قوة عظمى دوليه تفرض سيطرتها الكلية على هذه المنطقة في تلك الحقبة من التاريخ كما أن المنطقة كانت تحت سيطرة قبيلة الخوالد التي سمحت لهذه الجماعات بالاستقرار في هذه المنطقة الأمر الذي أدى إلى قيام المدن وتطورها ومن ثم ممارسة النشاط التجاري . ولقد ساعد نزوح القبائل ألي الكويت هو وجود حالة من عدم الاستقرار الأمني وحروب القبائل والغزوات في شبه الجريرة العربية كما هو الحال أيضا في الدولة الفارسية و الدوله العثمانية
لقد استطاعت آسرة بني عريعر زعماء بني خالد أن تفرض سيطرتها على المنطقة المطلة على الخليج والتي تمتد من حدود العراق الجنوبية شمالا حتى قطر جنوبا وان تنشر السلام فيها وساعد هذا الاستقرار نمو مدينة الكويت وتحسين أوضاعها الاقتصادية وقيام علاقات تجاريه دوليه مع الدول المجاورة في الخليج وكذلك الدول المطلة على المحيط الهندي .
وعندما آفل نجم آسرة بني عريعر كانت الكويت تبرز بقيادة أسرة الصباح كا نظام اقتصادي متين ومتكامل يرتبط بعلاقات اقتصادية وتجاريه قويه مع دول المنطقة وقيام علاقات سياسية مع القوى العظمى و اصبحت الكويت بفضل هذا التطور محط أطماع كثير من القوى المحلية والدولية
العوامل الاقتصادي :
كان القحط والجفاف الذي أصاب الجزيرة العربية ومنطقة الخليج من أهم الأسباب التي أدت إلي هجرة كثير من القبائل العربية والجماعات الغير العربية من أن تشد رحالها وتفد إلى الكويت حيث أن موقع الكويت كان منذ القدم طريق القوافل أتجاريه التي كانت تأتي من الهند والصين إلى العراق والشام وكذلك أوربا حيث كان الطريق كان يمر بالجهراء ومنطقة كاظمة وبدون شك فأن مرور هذا الخط التجاري قد أفاد الكويت من الناحية الاقتصادية فقد أصبحت سوق لكثير من البضائع التي تستورد من الخارج ويعاد تصديرها إلى داخل الجزيرة العربية والعراق . كذلك انتقال مكاتب شركة الهند الشرقية الانجليزيه في عام 1775 من مدينة البصرة بعد احتلالها من قبل الدولة الفارسية إلى الكويت قد ساعد على تطور النشاط الاقتصادية كما أن الكويت أصبحت خط هاما للبريد الدولي وبريد شركة الهند الشرقية وانتقال خطوط التجارة الهندية من خطها المعتاد بالحساء إلى شمال الجزيرة العربية بالكويت هذه الأحوال الاقتصادية مكنت جماعة العتوب في الاستقرار وعدم رغبتها في الانتقال إلى أماكن أخرى كما جرى لهم سابقا وذلك بعد هجرتهم من منطقة الهدار في وسط الجزيرة العربية .وبسبب العوائد الاقتصادية الكبيرة والمغرية فانهم دخلوا في معمعة التجارة الدولية ولذلك فأنهم بنوا لهم أسطول بحري خاص بهم ينقل البضائع إلى مواني الخليج ولكن في عام 1790 فرضت السلطات العمانية الضرائب والمكوس التي يجب أن تدفع إلى سلطان عمان مما أدى إلى ارتفاع تكاليف البضائع مما حدى بالسفن الكويتية بالتوجه مباشرة إلى المواني الهندية دون الرسو في المواني العمانية تفاديا لدفع الضرائب التي تطلبها السلطات العمانية واستطاع الأسطول الكويتي أن ينقل اكثر من نصف البضائع التي ترد إلى مواني الخليج في ضفتيه الشرقية والغربية
العوامل الطبيعية:
أن من أهم العوامل لقيام المدن هو وجود الماء فبدون الماء لا يمكن لأي مدينه أن تقام أو تنشأ ولهذا فان هذه المنطقة وجدت بها بعض آبار المياه الموجودة بالقرب من الكوت بالإضافة إلى آبار أخرى ليست بعيدة عنها مثل آبار الشامية والعديليه وغيرها من الابار الموجوده بالقرب من الكويت وكانت مياه هذه الابار تتواجد على اعماق قريبه من سطح الارض وكانت كمية المياه لهذه الابار تكفي لسد احتيج السكان في ذلك الوقت الذي كانت اعداده قليله. فطبيعة الارض الرمليه شكلت بسبب مساميتها مخازن لمياه الامطار التي تسربت في جوف الارض كما ان سيول الامطار قد لعبت دورا كبيرا حيث انها كانت تملأ المنخفظات بالمياه وتشكل الخباري التي يستفاد منها فترة طويله من الوقت قبل ان تتبخر او تتسرب الي جوف التربه . فقد ساعدت الامطار في المواسم التي تتكاثر بها الى وجود مناطق رعويه تصلح لرعي الاغنام والابل قريبه من الكوت .
وجود هذه المنطقه على الخليج ووجود جون الكويت الذي هو ميناء طبيعي يمتاز بعمق المياه التي تمكن السفن من الرسو على شواطئ الكويت قد ساعد على تكوين اسطول بحري يجوب البحار كما كون الجون منطقه محميه تصد الاتربه والغبار الذي يتصاعد بفعل الرياح والعواصف .كما ان مدينة الكويت قد انشئت على ربوه عاليه اعلى من منسوب مستوى سطح البحر مما حمى المدينه من وصول مياه البحر اليها اثناء العواصف او حتى المد العالي للبحر .كل هذه العوامل قد ساعدت الكويت على ان تنمو وتتطور على مر السنين .
ا