مخطوطة الاديب محمد بودي رحمه الله - طلال الرميضي

[الغواص]

مخطوطة الاديب محمد بودي رحمه الله

--------------------------------------------------------------------------------

اديب كويتي ترك ثروه قيمه من التراث الادبي الاصيل لا تقدر بثمن .. عاش بيننا ورحل بهدوء بدون ان

تجمع آثاره المخطوطة وترى النور بطباعتها.. انه المرحوم محمد بودي الذي اشتهرت اوراقه باسم (مخطوطة بودي)

والتي كانت منهلا عذبا لعدد من المؤرخين في دراساتهم ومرجعا هاما للباحثين يعتد به ويرجع اليه .. ومن ابرز الكتاب

اللذين اخذوا منها الاديب الكويتي عبدالله الحاتم في كتابه ( خيار مايلتقط من الشعر النبط) والشاعر عبد العزيز الدويش

في كتابه ( الفن والسامري) والدكتور عبد العزيز بن لعبون في كتابه( ديوان بن لعبون) والباحث ابراهيم الخالدي

في كتابه ( الشاعر عبدالله بن ربيعه) وغيرهم .

يقول عنه الشاعر الكويتي عبدالرزاق محمد صالح العدساني بانه كان رحمه الله اديب ذا اطلاع واسع ويهوى ا

لعلم والثقافة والادب .

ولد الاديب محمد حمد بودي في مطلع القرن العشرين وتحديدا عام 1904م ( 1321ه) ببيت والده الواقع

بفريج بودي بمدينة الكويت ونشا وترعرع وسط بيئة علميه وادبيه وله اسفاره الكثيرة الى الهند والزنجبار والعراق .


بينما كانت والدته المرحومة مريم حمد بودي صاحبة مدرسة لتعليم الاولاد القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم حيث

اوردها الدكتور عبد المحسن الخرافي في كتابه ( مربون من بلدي ) بقوله ( افتتحت في بيتها مدرسة لتعليم الفتيات \

..واشتهرت المربية الفاضلة بحزمها وعدم تساهلها مع من لا يلتزمن بحفظ ما كلفن من ايات القران الكريم وسوره)

واخذ الاديب محمد بودي علومه الاولى في الكتاتيب ثم استكمل تعليمه بالمدرسة المباركية التي تاسست عام 1911م

وانهى دراسته فيها كم تعلم اللغة الانجليزية لدى احد المعلمين في الكويت وأتقن كتابة وقراءة ومحادثه كما عرف

عنه رحمه الله بثقافته الواسعه وحبه للقراءة وله اهتمام كبير بالتاريخ والادب والثقافة حيث كان للشعر الشعر الشعبي

النصيب الاوفر لاهتماماته حيث عكف على قراءة الدواوين الشعرية المطبوعة واحتفظ بمكتبه أدبيه لا بأس بها .

كما عمل على جمع قصائد كبار الشعراء القدامى من أفواه الرواه الشعبيين وأخذ يراسل الادباء والمثقفين والرواة في

الكويت والمملكة العربية السعوديه والبحرين وامارات الساحل المهادن للبحث والتنقيب عن روائع الشعراء البارزين

بالجزيرة العربية حتى توفرت لديه مجموعة من أروع القصائد العربيه لعدد من الشعراء المعروفين لم تنشر أغلبها

أو نشر بعضا من أبياتها آنذاك0

وقام المرحوم محمد بودي بجمع كل مجموعه شاعر على حده ووصفها واعدادها وترتيبها وكتابتها في دفتر

كشكول كبير وبخط جميل مرتب وتنسيق رائع 0

وعرفت هذه المخطوطه التي لم ترى النور حتى تاريخيه لدى الباحثين والمثقفين باسم (مخطوطه بودي ) وكانت

مرجعا معينا لهم في دراساتهم حيث ان بعضهم اشار صراحه اليها كمصدر له بينما اهمل الكثير منهم الاشاره اليها

بالرغم من استفادته منها 0

ويقول الدكتور عيدالعزيز بن لعبون في كتابه (الشاعر محمد بن لعبون )عن مخطوطه بودي 00وهذه المخطوطه نسخت

بخط جميل واضح وتقع في عدد من الكراسات وبدون عنوان 0ويذكر ان مجموعه بودي المخطوطه هي المصدر

الرئيسي لما نشره الاديب عبد الله بن خالد الحاتم في مؤلفه خيار ما يلتقط من الشعر النبط وذلك بدعم وتوجيه من

الشيخ عبدالله السالم الصباح امير الكويت وقتذاك ويذكر ان بودي قد استعان في جمعه لشعر بن لعبون بالشيخ محمد

العسافي والشيخ ابن شهوان من ادباء الزبير وعلمائها 0ويتضمن فهرس مجموعه بودي المخطوطه 785قصيده منسوبه

الى ابن لعبون 0ومما يؤسف له ان المخطوطه مفقوده وتضم القائمه 23 قصيده لم ترد عند غيره من الرواه ولم يعثر

عليهم 0

وذكر ان الاديب محمد بودي كان شاعرا وله قصائد اتسمت بالجزاله والجوده والقوه وقد فقدت لعدم تدوينها حسب

رواه معاصرييه 0والغريب بالامر انه دون قصائد للكثير من الشعراء غيره وحفظها من الضياع والنسيان بينما اهمل

قصائده وضاعت بسبب اهماله وعدم توثيقها 0

وعن مصير المخطوطات النادرة حدثني احد اقاربه بان جل هذه الثروة القيمة قد فقد اثناء نقل مكتبته من بيتهم القديم

الواقع بفريج بودي الي بيتهم الجديد بالرميثية وذلك عام 1956م بسبب اهمال عمال النقل كما اهمل ورثته اوراقه بعد

وفاته وبقى منها جزء لا بأس فيه .

عمل الاديب محمد بودي بادارة المالية بوظيفة امين صندوق منذ عام 1939م حتى تقاعده عام 1962م وقد ساءت حالته

الصحيه في منتصف الخمسينيات وتحديدا عام 1956م واصيب بمرض الدرن الرئوي وظل يصارع الامراض واعتزل الناس

اواخر حياته حتى انتقل الى رحمة الله في احدى ليالي العشر الاواخر من شهر رمضان الكريم حيث وافته المنية بليلة

الجمعة الموافق 23رمضان 1383ه (6/2/1964م) بسبب هبوط بالقلب والتنفس تاركا وراءه مخطوطات ادبيه نادره

لشعراء كبار من الجزيرة العربية .

ونتساءل متى سترى مخطوطات الاديب بودي النور وتكون في متناول الباحثين وتكون مرجعا في المكتبة الخليجية

لينهلوا منها ما يرويهم أو ستظل محفوظة في الادراج بعيدة عن أعين القراء ويتم النقل والنهش منها دون ذكرها

كمصدر هام والله المستعان .

مصدر من الباحث طلال الرميضي

[مسلم 1]

أتمنى أن يكون لهذا الموقع شرف السبق في عرض صورة هذا المخطوط للباحثين والمستفيدين .