راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية

 
 
        

اخر المواضيع

 
 

 
 
العودة   تاريخ الكويت > منتدى تاريخ الكويت > التاريـــخ الأدبي
 
 

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-11-2008, 02:14 AM
عنك عنك غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
الدولة: الـكـويــت
المشاركات: 412
افتراضي الشاعر محمد الفايز

الشاعر محمد الفايز:اسمه محمد فايز العلي شاعر كويتي وُلد في العراق عام 1938م وتوفي عام 1991م عمل موظفاً في وزارة الكهرباء وبعد ذلك عمل موظفا في القسم الادبي في اذاعة الكويت .

الجزء الأول :المذكرة الأولى

أركبت مثلى " البوم " و " السنبوك " و " الشوعى " الكبير
أرفعت أشرعة أمام الريح فى الليل الضرير
هل ذقت زادى فى المساء على حصير ؟
من نخلة ماتت وما مات العذاب بقلبى الدامى الكسير
أسمعت صوت " دجاجة" الأعماق تبحث عن غذاء ؟
هل طاردتك " اللخمة " السوداء و " الدول " العنيد ؟
وهل انزويت وراء هاتيك الصخور ؟
فى القاع و " الرماي " خلفك كالخفير
يترصد الغواص . هل ذقت العذاب ؟
مثلى وصارعت العباب
أمسكت مفلقة البحار ؟
في الفجر مرتجفا لتكتمل القلادة
في عنق جارية تنام على وسادة
ريشية فى حضن سيدها . ورائحة المحار
بازارك البحرى تعبق . والبحار
مملوءة درا سيملكه سواى
كحقول تلك الأرض . يا دنيا العذاب
ما ذاق مرك مثل بحار تقاذفه العباب
عريان الا من سواد
تتهيب الأسماك منه . والبحار
أحنى من الأرض التى محلت . فلا عطر يضوع
فيها ولا نبتت كروم
مهما تلبدت الغيوم وأمطرت كل السماء
تبقى ككف بخيلة تأبى العطاء
أواه يا أرض الحرائق والسموم
البحر أحنى من ضفافك ، والشراع
أذرى الي من الصنوبر ، يا بحار
الملح فيك ألذ من عنب الدوالى فى المدينة
فخذى شراعى يا رياح خذى السفينة
سأعيد للدنيا حديث " السندباد "
ماذا يكون السندباد ؟
شتان بين خيال مجنون وعملاق تراه
يطوى البحار على هواه
بحباله
بشراعه
بارادة فوق الغيوم
بيد تكاد عروقها الزرقاء ترتجل النجوم
يا أرض يا كهف الهموم
من أمس ولم تزالى مثل ماخضة بها مات الجنين
لا السحر ثبط من جماحك لا ولا الحق المبين
من عهد " قابيل " وقمحك كل عام
يسطو عليه الدود يا أرض الظلام
مصباحى النفطى يلهث مثل عينى لا تنام
تترصد الآفاق تبحث عن ضفاف
وتهب عاصفة فتطفئه . ويرتفع " النهام ":
ضوء الشموع
من وهج عينيها فذوبى يا ضلوع
والجوع والجدرى فى الأرض الحزينة
وترصد الأسماك للبحار فى غرق السفينة
والموت فى غرق أجل من البقاء
فى عالم فيه مكان لابن آوى والقرود
الا أنا
ما دمت حيا فالبحار
مأواى . أو باع قصير
فى الأرض حين أموت . يا ملح البحار
ستكون شهدا عن قريب . والنهار
سيطل مثل عيوننا . ألقو الشراع
ودعوا السفينة يا رفاقى فى الضفاف
ها نحن عدنا ننشد " الهولو " على ظهر السفينة
من رحلة الصيف الحزينة
ها نحن عدنا للمدينة
ولسوف نبحر حين تمطر فى الشتاء



مذكرات بحار:المذكرة الثانية


الشمس ُ فوق السور تُشرق مِثل قنديل ٍ كبير
تهدي خُطانا مثلما كنا على ضوء النُجوم
في الليل نسري عبر هاتيك البحار
أيام كنت أعيش في الأعماق ِ . أبحث عن محار
لقلادة ٍ .اسِوار ِ حسناء ٍ ثرية
في الهند . في باريس . في الأرض القصية
أيام كنت بلا مدينة
وبلا يد ٍ تحنو علي ّ ولا خدينة
الا حبالي والشراع
ويدي المقرحة الأصابع ِ والضياع
والريح . والأسماك ُ في القاع الرهيب
غرثى ا تُطاردني بعالمها الغريب
عن عالمي القاسي العنيف
يابحرُ. ياقبرا ً بلا لحد ٍ . ويادنيا ً عجيبة
أجتاز عالمها المخيفَ بروح البحار كئيبة
أبدا ً يغني للسواحل والعيال
يترقبون قدومه بعد المحال
ويعود من رِحلاته كيما يعود
للبحر والأسفار . والدنيا كفاح
ضد المجاعة ِ والرياح
الجوع ُ فوق الأرض ِ والريح ُ الخؤونة في البحار
وتظل ُّ زوجته ُ هناك َ بلا سوار
وبلا قلادة
في بيتها الطيني حالمة َ وحيدة:
سيعود ثانية ً بلؤلؤة ٍ فريدة
ياجارتي سيعود بحاري المغامر
سيعود من دنيا المخاطر
ولسوف تُغرقني هداياه الكثيرة
العطر والأحجار ُ والماء ُ المعطر ُ والبخور
ولقاؤه لما يعود كأنه بدر البدور
وتظل تحلم والحياة
حلم يجول بلا نهاية
وبلا بداية
والشمس والأقمار تُشرق فوق كوكبنا الكبير
وأنا هنا في هوة ِ الأعماق ِ كالحوت ِ الصغير
فكأن هذي الشمس ماكانت . ولا كان الصباح
الا لغيري. والقناديل الصغيرة
أبداً تُضاء بغير بيتي والحدائق ُ والأقاح
في حقل غيري . والرياح أبداً تطاردني على ظهر السفينة
والموت ُوالحوت ُاللعينة
و((السيب)) و((الديين)) في كفي وآلاف ُ المحار
في القاع تُبرق ُ باخضرار
كعيون عفريت ٍ يطارده النهار
مثل المصابيح ِ الصغار
والدود ُ والأسماك حولي والحجار
أواه ياتعب البحار حطمت ظهري.
والحياة ُ رحى تدور كما يقول ((نهامنا)) في الليل: أيام تزول
وتدور أفلاك ُ الحياة ِ لغاية ٍ فوق العقول
يا أيها البحار ُ سوف تظل في ليل البحار
نجما ً بلا أفق ٍ . وفي تلك السواحل
الشمس تُشرق في الخمائل
كعروسة ِ شقراء. والدنيا نهار
في عين غيري . والسوار
سيصاغ ُ للحسناء ِ في ((بمباي )) ياروحي الكئيبة
((نهامنا )) يشدو لشطآن قريبة
سـأرى بساحلها الحبيبة:
عُدنا على ضوء ِ النجوم اليك يا دار الحبيبة
والريح نشوى والشراع ُ كأنه سرب الحمام
سار ٍ على صوت (( النهام))
ويظل ينهم والسواحل من بعيد
تبدو لنا صفراء ِ تعكس ُ كل مافينا من الشوق ِ الشديد
وتُطل كثبان ُ الرمال على الضفاف ِ حالمات
ونساؤنا المتحجبات
يضربن فوق دفوفهن كأنهن بيوم عيد
فرح ُ اللقاء ِ على الوجوه ِوفي النذور
والشمس ُ فوق َ السور تُشرق ُ مثل قتديل ٍ كبير
تهدي خُطانا مثلما كنا على ضوء النُجوم
في الليل نسري عبر هاتيك التخوم


مذكرات بحار: المذكرة الثالثة:

أحلى ليالينا الليالي المقمرات
حيثُ النجومُ الغارِقات
في الضوء كالأعراس في كهف ٍ مضاء
حيث السماء
في البحر ترسُم عالما ً نشوانَ من نور وماء
يجتثّنا ويطير فينا في الفضاء
للحور . للجنات . للدنيا الجميلة
عندي حكايات ُ لها من (الف ِ ليلة)
من ((شهرزاد)) وليلها المخمور ِ. ليل ِ الحالمات
الشاربات ِ الماء من شط ِ النجوم
مثل َ التي كانت تُغني للغيوم
فتصير ناراً ثم تُمطر ُ .
والحياة مملوءة بالسحر .
حيث الساحرات قد كن ربات ِ البيوت ِ العامرات
ونظل ّ نحلُم بالقصور .وبالدهاليز الطويلة
تلك التي قد صورتها شهرزاد ُ بألف ِ ليلة
والدود ُ في بطني يُشاركني غذائي.والوجار
خال ٍ بلا قدر ٍ .وأسماك ُ البحار
أكلت ونامت. والصحاب
يتحدثون عن الموائِد في القصور
وعن التي كانت تُعطر خدرَها المسحور َ من أشهى العطور
وعن الضفائِر عندما تُطوى على نهد ٍ وجيد
وعلى سفينتنا القمر
يَضوي ولا يُعطي كتنور ٍ بعيد
كسفينة بيضاء عالية الشراع
أو مثل َ شباك ٍ مُضاء
تحت السماء
ونروح نستوحيه كالشعراء نشكيه الهيام
حتى ننام
يارب ُ ياملكاً تعالى في السماء
يا أيها الأبدي يا نورا ً نراه ولا نراه
دعنا ننم . وبلا غيوم
ودع القمر
يضوي علينا والنجوم بلا مطر
نحن العراة المبحرين مع المخاطر والمنون
رباه لا تُمطر علينا فالزوابع والرياح
تأتي مع المطر الذي يروي الأقاح
والتين والزيتون في أرض ِ ((الغجر))
رباه أن الأرض تُزهر بالمطر
لكننا سنضيع نحن وينطفي ضوء القمر
وتهِّب عاصفةُ ويحتدم الظلام
وتذوب أنوار السماء وينتهي حلم ُ النيام
الساهرين مع القمر
والشاربين الخمرَ من كأس السهر
ويطير قنديلٌ وتضطرِِبُ السفينة
كضلُوع مُموسية ً تورِقها خطاياها الدفينة
البحر ثار
يا أيها البحارة ُ الشجعان ُ ان البحر َ ثار
القُوا الشراع
وارموا الى البحر الحمولة والمتاع
فالحوت ُ والأسماك ُ جائعة ٌ. وأمطار ُ السماء
هيهات َ تَغسِل ُ حقدَ حوت ٍ . والرجال
في البحر تُعرف ما معادنها . هضاب ٌ أم جبال
شُدوا الحبال
وتعادلوا البحر ُ يعرف ما الحرام ُ من الحلال
والريحُ ضد البحر والبحار ِ من ماضي الزمان
ونروح نقرأ بعض آيات ِ الكتاب
فالموت ُ في غرق ٍ عذاب
لكنَّ تجار السفينة ِ هؤلاء يُفضلون
موتي وموت الآخرين
وفناء َ كل ِ الأرض ِ. كل ِ العالمين
كل َ الوجود ِ. ولا يرون
أموالهم تُرمى لقاع ِ البحر ِ. تجار ُ البحار ُ
أقسى علينا من رياح البحر والحوت الكبير
ونروح نلعنهم كما لعن الكتاب
((كفار مكة)) والذي سح َّ السحاب
أحنى علينا من جميع الناس. ياقمر َالسماء
عيناك أقوى من عيونهم المريضة ِ. والنجوم
ستشع ُّ ثانية وتحترِق ُ الغُيوم
ونعود نحلُم بالجنان ِ والقيان ِ وبالدهاليز ِ
الطويلة
تلك التي قد صورتها ((شهرزادات )) سميرة ُ الملك ِ
الجميلة


مذكرات بحار:المذكرة الرابعة:

أنا ما رأيت
لكنني مازلت أذكر نار موقدنا بمنزلنا القديم
وحديث والدي الضرير ِ عن الحياة
وعن الحروب . حروبِنا ضد َ الغزاة:
الأرض ُ قاحِلة ٌ هنا حتى الذئاب
تخشى ظهيرتها.ولكن الملوك
و ((الترك)) و((الألمان)) والمتسللون
باسم الحضارة والحماية. هؤلاء المدعون
كم حاربونا بالأساطيل الكبيرة . والجنود
يترصدون شراع َ غواص ٍ يعود
كي يغرقوه
كي يقتلوه
ياقارب َ الصياد ِ اياك التوغل َ في البحار
فالبحر مثل الأرض ِ ملك ُ الاقوياء
والدُر للحسناء نجمعه ونحن ُ الى الشقاء
ويروح والدي الضرير
يبكي ويسعل. والدخان
يندس في عينيه في البيت القديم
ونروح تسأله المزيد:
ياوالدي ماذا رأيت؟
ياوالدي لم قد بكيت؟
ويظل يسعُل ثم يجهش ُ في البكاء
ويقول كنا ! أقوياء
كنا أمام هجومهم مثل الرمال على العيون
مثل الظهيرة في بلادك يابني
مثل المنون
أنا ما رأيت
لكن والدي الضرير
قد قال لي هذا بمنزلنا القديم
وأروح أسأل: ماالذي ببلادنا غير الرمال؟
ويُجيب والدي الضرير عن السؤال:
لابد للأظفار ِ من شيء تُمزِقه . ومن حمل
الحراب
أبدا يفتش عن رقاب
والأرض ُ تمنح عندما تجد الرجال
انظر. ويكشِفُ والدي عن صدره الواهي
الضعيف
وأرى الندوب َ كأعين الموتى كأوراق ِ الخريف
في صدره الواهي الضعيف و يروح يلمسها كآثار قديمة
بأصابع ٍ مثل العيون
تفلي مكان َ الجرح . تعرف أي َ تاريخ ٍ حزين
في كل جُرح ٍ . والجِراح
فخر ُ الرجال
كالوشم في الحسناء . ياوطن َ الظهيرة ِ والرمال
الموت والجدري ّ أرحم ُ من قراصنة ِ البحار
وذراك أرفع ُ , والجميع الى الزوال ُ
الا النجوم
والشمس ُ والأقمار ُ والسور العظيم
يانار موقدنا بمنزلنا القديم
مازال دفؤك في عروقي مثل آثار الجِراح
في صدر والدي الضرير
قنديل ُ عينيه أضاء َ لي الطريق
وجراحُه مثل ُ الهوامش ِ في طريق الشمس ِ . يا
وطن َ البحار
ياعندليب الفجر ِ ياعطر القرنفل ِ يا سماء
الرمل أورق َ بالدموع ِ وبالدماء


مذكرات بحار: المذكرة الخامسة:

عندي خُمور
عندي عُطور
عندي القلائد ُ والأساور للجواري والنساء
من يشتري أفراح بحار ٍ يعود مع المساء
الشمس ُ في عينيه ماتت مثلما مات العبير
والنور ُ في بيت ٍ خلا لولا الحصير
وفتيل ُ مسرجة كأهداب الضرير
لَم تُنبت الأرض ُ الزهور
وعظام ُ موتانا بها؟ اين الحبيبةُ ؟
ماتت من الجُدَري ((طيبة ))
من يشتري كل َ البِحار؟
بعيون ((طيبة )) يا نهار
قد أطفأت عينيك عيناها فحاربت الضياء
أين الضياء؟
بعيونها؟ أين انطلاقات ُ الضفيرة
ووميض ُ مَفرقها كخط ٍ من نجوم
في ليل أيامي الحزينة ِ , أين أفراح ُ اللقاء؟
لما أعود ومل أعماقي كآبات ُ المساء
أين الضفيرة ُ حين أنشرها كليل ٍ من عبير
مثل القرنفُل ِ ؟ أين ضحكتُها الحزينة
لما أعود من البحار الى المدينة؟
أفراح ُ عينيها تذيب ُ بي العناء
ولقاؤها . أواه ما أحلى اللقاء
مِن غير ِ وعد ٍ فالدموع
تهمى مع الفرح المغنى في الضلوع:
أحبابُنا دخلوا المدينة
ياليت أهدابي شراع ٌ للسفينة
غداً القلوع
أمس ِ رسونا والرحيل ُ غدا ً. ومالي من رجوع
غنيت ُ أمس ٍ للعيون ِ وللورود ِ على الخدود
غنيت ُأمس ِ لمن أ ُ حب وهمت في ليل البحار
لأعود َ ثانية ً لها. ومعي الهدايا للصغار
واليوم حاربت ُ الظهيرة َ والنهار
شمس بلا أقمار عينيها ظلام
أطف ِ الشموع
فعيون ُ ((طيبة َ)) كل ماحوت الشموع
والكل وهم ُ والحياة ُ الى الفناء
أبوابنا غُلقت كمقبرة ٍ فأمطرت السماء
بالموت ِ والجُدري ِّ أمطرت السماء
بيتي تهاوى ا مثل َ أضلاعي ومات به العبير
حتى الحصير
لم يُبق ِ منه الداء ُ شيئا يا حياتي يتفناء
أيامي الأولى ويا ((طيبة )) الجميلة
عيناك ِ تحت الأرض ِ تُبرقُ لي كفانوس ِ بعيد
يُومي الى ّ. أكاد ُ ألمس من هوى ً عرق َ الضفيرة
مذ كنت ِ عند البئر ِ تحت لظى الظهيرة
ياقطرها الذهبي ُّ يا كُحل َ العيون
ياطيب َ مبخَرة ٍ يُغازلني الدُخان
فيها فثوبي من روائحها يضوع
يا حِقها الوردي ّ ياصندوقها تحت الشموع
واضاءة الأهداف في الأخشاب من صُنع ِ الهنود
ياثوبها ياردنها المعطار حين تلفُه لما أعود
عطٌر البنفسج ِ تحت نهديها وفي فمها الورود
يا ((شهرزادي )) في البحار
أروي حكايتها لروحي. الوداع
فأنا سأرحل . أصدقائي والشراع
في الشاطيء النائي. سأرحل فالوداع



مذكرات بحار: المذكرة السادسة:

تحت الفوانيس المشعة ِ كالنجوم
السور ُ يبرق مثل خطِ النار. ياليل الهموم
ستذوب ُ في حَدق ِ العيون ِ الساهرات مع النجوم
الحاملات ِ الماء في جراتهن وفي الشفاه
ظمأ الصيام:
غدا (التتار)) سيدخلون مدينتي .أين الرجال؟
عطري سأنضحه على قدم ٍ تسير الى القتال
وضفيرتي السوداء أغزلها حبال
هُبي شمال
يا أنتَ ياريح َ البحار
هُبي شمال
((للقصر ِ)) حيث رجالنا الأبطال. ياوهج الرمال
يانار َ صحراء ِ الجنوب
وأنا وراء السور ِ أسمعها. فأشعر باللهيب
والنار في رأسي تُعربدُ .أين تجار ُ الحروب؟
أين الذين يشوهون الأرض بالدم ِ والدخان؟
أين الملوك ُ أين ((عنترُ)) ياجبال
الكل فان
الا الحقيقة ُ والرجولة ُ يابلادي . والزمان
أبداً يدور
والمجد والتاريخ ُ للشمس ِ السخية ِ والبدور
والى الخنادق ِ يا ((حراء ))
ياخندق الابطال ِ في الماضي القديم
((الشمري ّ)) على الجواد
والقصر تحت الفجر ِ يبرق ُ مثل فجر ٍ من رمال
أقوى من الأعصار ِ ياوطن الرجال
وعلى (( الجزيرة))
بطل ٌ أقلته سبوح ٌ فالعباب
واحات ُ أعناب ِ تظلله . وتبرق ُ من بعيد
سُفنُ الرجال القادمين من المدينة
جاءوا اذن فالويل للمتلصيين القابعين
تحت الجدار ِ ومن وراء القصر والمتسليين
هاهم رجال مدينتي جاءوا على متن ِ العُباب
صوت المجاديف ِ الطويلة ِ مثل ُ السنة ِ تقول:
لاشيء غير ُ الحق ِ. والأفعى الزُعاف
كأس الذين بنوا المعابد والقصور على الدماء
جاؤوا اذن . فحفيف ُ أشرعة ِ السفائن ِ مثل
أجنحة العقاب
فوق العباب
الفجر ُ تحمله السفين ُ. فياشمال
هُبي سِراعا .فالغزاة
ملاوا الصحارى والوهاد
مثل الجارد
والفجر أقوى من كهوفهم العميقة ِ. والحياة
والمجد . للاسنان . فاصدح ياهزار
هُزم َ (( التتار))
رجل ُ البحار على سفينته ِ وفي يده منار
من نور عينيه يُضاء كما النهار
خاض َ المعارك بالمعاول ِ والفؤوس ِ وبالحجار
والمجد ُ للايمان في صدر الرجال
لسفينة ٍ رجعت كأن شراعها العالي هلال
والسور ُ تحت الشمس يُبرق كالسوار
في جيد حسناء يُباركها النهار
مات ((التتار))
يا أخوتي الأبطال ُ قد مات (( التتار))
والبدر ُ يُشرق في سواحلها كلؤلؤة ٍ كبيرة
كرسالة بيضاء تحملها النجوم
لعيون ِ موتانا على تلك المفاوز ِ والتُخوم


مذكرات بحار :المذكرة السابعة:

كصرير ِ أبواب القلاع
في الفجر كالآهات في ظُلمات قاع
كدوى رعد ٍ فوق مقبرة ٍ بعيدة
كرنين أجراي ٍ عتيقة
أصواتنا فوق السفينة حين نُبحر . ((والنهام))
كغراب حارات قديمة
يشدو بألحان حزينة
للبحر والمحار : أبحرت السفينة
وغدا نعود لكم أحبائي على شاطيء المدينة
حاراتكم فوق الرمال ونحن في ليل البحار
ضوء ُ النهار نصيبنا منه الظهيرة ُ والجُثام
ومن الشموع دُخانها , صوت ُ النهام
قيثارةٌ بحرية ألواحُها الثكلى عظام
من صدر مسلول ٍ : تعالى يا ((حذام))
قد قلت ِ صدقاً ليس يفهمه الأنام
بيتي أحب اليّ من قصر ٍ يُقام
في وسط ِ مزبلة ٍ . تعالى يا ((جذام))
ويظل ينهم ثم يبكي. والمجاديف ُ الطويلة
تحت الضلوع الناتِئات
تحت البطون الخاويات
رفسات ُ عفريت ٍ تخبط . والبحار
فيها العجائب ُ . مهد ُ طفل من حجار
قبر ٌبلا لحد ٍ . عُراة ٌ يغزلون
اكليل َ عُرس ٍ. سندباد
تحت المياه يعيش كالأسماك . سقراط الحزين
والكأس ُ والقمر الجميل
كالبيت يسكنه . حُفاة ٌ يصنعون
نعلاً من الفيروز غابات ُ مخيفة
للنجم والأقمار. مقبرة ٌ كبيرة ٌ
أمواتها يتحركون
ويدي ومجدافي وصندوقي العتيق
هم عدتي في البحر ياوطني الحبيب
يا أيها الرمل المعطُر بالدماء
ياموطن الصياد ِ والبحار ِ ياخبرا ً وماء
أصواتنا فوق العُباب وراء هاتيك القلاع
كصرير ِأبواب ِ القلاع
كدوي ّ رعد ٍ فوق َ مقبرة ٍ.كأجراس ٍ عتيقة
في الليل تقرع ُ . والسفينة
وسط العُباب
((كسدوم)) أو ((روما)) التي شب الحريق
فيها ليطرب َ ذلك المجنون ُ. ياريح البحار
نام النهام ُ وفي الصدور
مات التشبب والحنين
مثل البراعم
أوراقها يبست عليها. والحناجر ُ قد يموت
الا الأغاني سوف تخلد ُ يابلادي . يارياح
سيكون بطن ُ الحوت قبري . والحياة
قد تنتهي الا العذاب
يبقى كما تبقى الطلول
بعد الزلازل ِ . فالمهود
مثل القبور
والشمس ُ تغرب مثل حسناء تموت
والبدر ُ يذبل مثل قنديل ٍ تكسر. والجبال
تنهار كالجدران . حتى الأرض ُ تُقلقها الزلازل ُ
والرياح
الا البحار
تبقى لتبتلع الجميع
كالحوت حين يجوع ياطوفان َ نوح
ياحكمة َ الدنيا القديمة
في البدء ِ كان البحر ُ لا الكلمات ُ , ياتلك
السفينة
أبناء ُ ((نوح)) فوق متنِك ِ يبحثون
عن ساحل وأنا افتش ُ عن محار
ذهب الغراب ولن يعود
الا غرابي عاد كالمطرود في وضح النهار
كرسالة ٍ سوداء يعلوها الغبار



مذكرات بحار: المذكرة الثامنة:

مازُلت أذكر كل شيء ٍ عن مدينتنا القديمة
عن حارتي الرملية الصفراء ِ والمقل ِ الحزينة
لما نحدق في السماء على السطوح
نضبت جرار ُ الماء والغدران ُ مثل يد البخيل
مَحلت فأمست كالقبور
مخسوفة ً سوداء َ تملأها الصخور
وعلى ضفاف الغارقات
بالشمس والرمل المندى والضباب
وقف الصحاب
يترقبون سفينةَ الماء التي قالوا: تعود
بالماء من نهر الشمال
فالأرض رمل ٌ والسماء
بيضاءُ صافية ٌ كنهر من جليد
هيهات َ لم تُمطر . ويهتف ُ من بعيد
نفرٌ يبشر : أن صارية ً تلوح
كهلال ِ مِئذنة يغلفها الضباب
عبرَ العُباب
وعلى ظهور جمالنا الظمأى تحجرت القِراب
سوداء َ فارغة ً يُغطيها التراب
كبطوننا تحت
صليِّ اذن فالموت أقربُ مايكون
والريح أغرقت السفينةَ والسماء
حقدت علينا يا ((أمينة))

صرخات ُ طِفلك في الظلام أتسمعينه
نهداك ملؤهما الحليبُ وأنت ظمأى تُرضعينه
في بيتك الطيني قابعةً حزينة
تتساءلين عن السفينة
وعن السحاب وعن رفاقي في المدينة
والأفق صحو ٌ والنجوم
زرقاء تُبرق مثل أقراط ٍ ثمينة
وتثور عاصفة كأن قِوى الوجود
سمعت أنينك فوق أرض لاتجود
الا برمضاء ِ الرمال وبالدماء
والجوع والجُدري يفتك بالصغار
ضحكاتهم في الليل تُبرق كالنجوم ِ وفي الصباح
يتساقطون كما الزنابق ُ حين تعصفها الرياح
وكما تنير الشمس ُ أعماق الكهوف
ايماننا بالأرض ملء قلوبنا رغمَ الجفاف
نحن الرجال
نحن العطاء اذا تعذرت الحياةُ عن العطاء
وفي السماء
الجنة الخضراءُ والمطرُ الذي يروي الحقول
لا في القصور الشامخات
أو في خزائن أغنياء مدينة ((اسطنبول )) أو ((روما))
البعيدة
تلك التي شبت بها النيران ُ .أبرقت السماء
عيناك ِ تحت ضيائها الفجري تُشرق يا ((أمينة))
مثل الشموع
والريح كالراعي الذي ألقى عصاه
لينام خلف الأفق .والبركُ الحزينة
بدأت تَفتحُ مثل أفواه ٍ الجياع
مثل البراعم حين يلفحها شُعاع
حتى ((خليفة)) جارنا الأعمى تحسس أن أمطاراً
ستهبط يا أمينة.
هل تسمعينه؟
هل تسمعين عصاه ((تقري السلم الطيني
تبحث عن مداه
فالسطح يزخرُ بالمياه
والبِركةُ الجوفاء فارغة ٌ كبطن الذئب تبحث عن
غداء
أأُختاه امطرت السماء
وذكرت قصةَ من تمرد ضد َطاغية ٍ عنيد
في ذلك الماضي البعيد
فتألبوا كي يقتلوه
وتساءل الملك ُ الذي في كفه أمر المدينة
عن ميتة ٍ أقسى من الموت الذي قد قرروه
فرموه في الصحراء حيث ُ رؤى السراب
كالماء يُبرق في مهاويها الرحاب
ويروح يركض ُ ثم تنبجس المياه بكل خطوه
فاذا الرمال ُ الصفُر ربوه
خضراء ُ تملأها الأزهار ُ والطيور
وبكوخه عند الغدير
جلس المشرد كالنبي ليكتب الكتب الكثيرة
عن رحلة الانسان فوق الأرض والدنيا الأخيرة
عيناه يُنبوعان ِ من نور وجبهته ُ ظهيرة


مذكرات بحار: المذكرة التاسعة:

لا .لا تقولي رحلتي كانت طويلة
مازلت أذكر كل شيءٍ عنك ياطيبة الجميلة
اني دفنتك في فؤادي
بين أضلاعي العليله
لا في التراب . وقد أجسُك حيت أمسك كل
شيء في جواري
القِرط يحمل ليل شعرك والمواقدُ حرّ ناري
حتى ثيابك لا يزال عبيرها عبقاً بداري
صُندوقك الهندي ذو الأصداف والحِق الصغير
قبران لي ولقلبي الدامي الكسير
يا للملاءة والعباءة غيمتان
في أفق أيامي وما أحلى السواد
لما يوشحها ستذبل يا فؤاد
كعيونها .ويح الرمال
كيف احتوتا والوجود
قد كان يصغر أن يضم حبيبتي لما أراها
خَرز القلادة أفق نجم فوق نهديها تناهي
أو دورةُ القمر الذي قد شعّ محترقاً فتاها
أين الشفاه العابقاتُ كما الزنابق في رباها؟
ورداؤها العربي حين تخيطه ليلا يداها؟
ياليتني مسرى الخيوط وابرة ٌ حملت شذاها
أين العيون الحاملات
ضوء المسارج حين يُغرقني سناها
أين الشفاهُ العابقات؟
بالطيب والجمر الشهي المثقلات
بالنار والعطر الذي هيهات تحمله الورود
في كل غابات الشَمال أو الجنوب
أواه ياموتي . وقبل مماتها ما قلتُ آها
فيم البقاء وعالمي في قبرها الرملي تناهي
قال الصحاب ُ غداً سنبحر فاستعدّ الى القلوع
فأجبتهم : كلُ البحار
بحدود قبر عبر هاتيك القفار
الرمل ُ يرضع شعرها ويمص أيامي العذاب
ياليت أعماقي تُراب
بدل ُ الرمال ِ العابقات ِ على ثراها يارفاقي في
البحار
أمس ٍ كهرت الرمل وهو لظى ونارّ
واليم َ أحببتُ الرمال
العابقات ِ بعطرها وكرهت ُ محار البحار
والعطرَ. كل جواهر الدنيا واعناق َ النساء
فحبيبتي ماتت ولو أن الحبيب
محارة ٌ لسكنت ُ أعماق البحار
لو أنها نجم ٌ لكان الليل أجمل من ينابيع النهار
ليس الجفاف بأن تعيش مع الجفاف
ان الجفاف بأن تعيش بلا حبيب
والأرضُ لولا الحبُ قبرٌ من جليد
ويحَ الحمام
أيكون بطن ُ الأرض أحنى من ضلوعي
والحجار؟
ولم َ البقاء ُ وكل ُ شيء للفناء؟
العِطر ُ والضحكات والعبث ُ المُحبب والهناء
ضوء ُ النجوم من العيون الحالمات
تحتُ الثرى . ومن الشفاه الذابلات
عطر البنفسج ِ والورود ِ العابقات
ويح الحياة
تُعطي القليل لتأخذ الشيء الكثير
من رِحلة العُمر القصير



مذكرات بحار:المذكرة العاشرة:

البحرُ أجمل مايكون
لولا شُعوري بالضياع
لولا هروبي من جفاف مدينتي الظمأى وخوفي
أن أموت
عريان في الأعماق أو في بطن ِ حوت
أني أحاذر أن أموت
لما أفكر أن لي بيتاً ولي فيه عيال
لما أحسّ بأن في الدنيا جمال
يا أيها الفجر ُ المشع ويا أصائل ياليال
الشمس ُ في الآفاق كالايمان في قاع النفوس
ومن القلوب المؤمنات
بالأرض والانسان تنبثِقُ الحقيقة والحياة
زرقاء صافية ً كعين حبيبتي عند َ اللقاء
كالفجر مالأمواج حين تنام كالأفق المضاء
وكما يشِع النجم ُ في كبد الظلام
يأتي الربيع من الشتاء
وغداً ستمطر غيمتي. ويذوب في الرمل
الصيع
والمجد للأسرار في القلب العظيم
والى المحبة للجميع
والى الربيع
في كل أرض في الشمال أو الجنوب
والمجد للمحار في كفي هدايا للعذارى
الطاهرات
الحاملات ِ جنين انسان الحياة
القارع ِ الأجراس ِ في ليل الطغاة
يابحر ُ يامحارُ ياسحر الأصائل ياغداة
آمنت أن غداً يستشرق في بلادي والحياة
ستدب ّ حتى في الرمال
ومن التشرد في البحار
سشيع في روحي النهار

مذكرات بحار: المذكرة الحادية عشرة:

وصرخت ُ: عندي وانتفضت .وأبرقت كل العيون
كشموع أقبية المناجم كالجروح الداميات:
قمر صغير
في عشة الفضيّ أمسكه. وصاح بي الصحاب:
طوباك.وانتفض الرئيس كمن يحاذر أن تذوب
من نار عيني : انه يوم جميل
قال الرئيس. وراح يُشبع ناظريه روحت أسأل
أي جِيدٍ يافلان
ستشع فيه قِلادةٌ حملت عذابي في البحار؟
وذكرت ُ, ((طيبة)) عندما انتفضت ضلوعي
كالحمامة في الصباح
حتى أكاد أشم رائحة الضفيرة والوشاح
ورطوبة البئر المثرثر ِ حين تُلقي دلوها عند المساء
طار الخيال
بضلوعي الظمأى وأقدامي تُقرحها الحبال
وكأن سرا في البحاؤ
مازلت أجله ويفهمه القراصنة الكبار
الباحثون عن المحار
وعن اللآلي والجواهر للناء الأخريات
وككف عفريت ٍ تُمد من العُباب
أبصرت صارية ً تكاد تطير, وابتسم الصحاب
عاد الغراب
وضحكت من غُبن . وغنى بعضنا: ليت النساء
الابسات لآلىء لبحار قد ذقن العذاب
ومرارة الدنيا كزوجته الحزينة
في بيتها الطيني حالمة ً وحيدة:
سيعود ثانية بلؤلؤة فريدة
ياجارتي سيعود بحاري المغامر
سيعود من دنيا المخاطر
ولسوف تُغرقني هداياه الكثيرة
العطر , والأحجار والماء المعطر , والبخور
ولقاؤه لما يعود. كأنه بدر البدور
وشعرت ُ بالحقد اللذيذ على الحياة على
الجميع على المدينة
((كفخرع)) في أرض مصر وفي الصباح
جلس الرئيس يمص ُ غليونا ويسعل رياء
كالملوك:
هذا هو الطواش والكيس الكبير
كيس النقود . وكالغراب
يعلو ويهبط في سفينتنا الحزينة.والجميع
يتساءلون - بكم يبيع؟
وكفأرتين
عيناي تندسان في ثوب الرئيس تفتشان
عن خرقة حمراء تحجب ضوء لؤلؤة عجيبة
تحلو على صدر الحبيبة
وسمعت دندنة النقود وضحكة كصرير باب:
خذها فأسواق الهنود
هيهات تملك مثلها. وكغيمة سوداء تلعنها
الجرار
شقت سفينتنا العباب وغاب ((طواشُ البحار))
كاللص في وضح النهار
والأرض تشتم من بعيد :يابحار
مازلت ِ ترزحين بكل عبء والسماء
خرساء صامته تُطل على الجميع بلا حياء


__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15-11-2008, 02:20 AM
عنك عنك غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
الدولة: الـكـويــت
المشاركات: 412
افتراضي

مذكرات بحار منقول اضغط .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13-01-2011, 03:36 PM
ندى الرفاعي ندى الرفاعي غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 693
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

*****

مشاركة مني في هذا الملف الرائع أود أن أضيف إليه


تجربته التجديدية حافظت على الوهج الإبداعي

محمد الفايز..
الحلقة الوسطى 
في تطور الشعر الكويتي والخليجي



كتب د.مصطفى عطية جمعة:


يمثل الشاعر الكويتي «محمد الفايز» أبرز شعراء منطقة الخليج العربي في مرحلة الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، فهو مرحلة انتقالية أو مرحلة وسيطة في الشعر الكويتي المعاصر خاصة، وفي الشعر الخليجي عامة، حيث حفلت تجربته بالقصيدة العمودية وبشعر التفعيلة من حيث الشكل، وبكثير من الاتجاهات والأبعاد المختلفة والمتعددة من حيث المضمون، ما جعله بحق رائد المرحلة الوسيطة في شعر الفصحى الكويتي المعاصر، وأكثر الشعراء تجديدا قياسا إلى جيله وإلى مرحلته الزمنية.

ولد الشاعر محمد فايز العلي في الكويت القديمة العام 1932م، وتعلّم تعليما أوليا تقليديا، وقد تفتحت موهبته الأدبية منذ سن الخامسة عشرة، بقراءته عيون الشعر العربي القديم، ثم بدأ كتابة القصة القصيرة، واكتشف في العام 1962م أن أغلبية جمل قصصه كانت موزونة إيقاعيا، كما في قصته البحار المنشورة في جريدة الرسالة، ومن ثم تحوّل إلى كتابة الشعر، توفاه الله تعالى فجر 28 فبراير 1990م، عقب تحرير الكويت من الغزو العراقي بيومين.

نشر «محمد الفايز» أحد عشر ديوانا، وهي على الترتيب: مذكرات بحّار (1962م)، النور من الداخل (1966م)، الطين والشمس(1970م )، رسوم النغم المفكر ( 1973م )، بقايا الألواح ( 1978م )، لبنان والنواحي الأخرى (1980م)، ذاكرة الآفاق ( 1980م )، حداء الهودج (1981م )، خلاخيل الفيروز (1984م)، تسقط الحرب (1989م)، خرائط البرق (1998م) وقد صدر الديوان الأخير عقب وفاته وبه قصائد متفرقة لم تُنشر. وله أيضا مجموعة قصصية بعنوان «الأرض والتفاح»، وملحمة شعرية بعنوان «خالد بن الوليد»، ولم يضمهما إلى أعماله الكاملة التي صدرت عام 1986م.

ويعد محمد الفايز ممثلا لجيل الوسط في الشعر الكويتي المعاصر، حيث سبقه جيل الرواد الذين عاشوا مرحلة ما قبل النفط، وشهدوا نشوء الدولة ونمو المجتمع المدني في بداياته، ومن أبرز هؤلاء: أحمد العدواني، أحمد السقاف، عبدالله الرومي، عبدالمحسن الرشيد، وهؤلاء تميّزوا بالشكل العمودي في قصائدهم، وأبدعوا نصوصهم وفق أغراض الشعر العربي القديم، ونجد لديهم ملامح تأثر واضحة بالمدارس الشعرية في الحواضر العربية المركزية مثل القاهرة وبغداد وبيروت ودمشق، وهذا لا يمنع من وجود تميز في تجاربهم الإبداعية.

أما محمد الفايز فهو جيل تال لهم، حيث وُلد في مجتمع ما قبل النفط، وعاصره حقبة من حياته، ولكنها حقبة التغير الاجتماعي والاقتصادي في الكويت، فقد عايش هموم من سبقه وأحاديثهم عن الغوص والسفر وفقر الحياة، وشهد الفايز تفجر النفط في الكويت، وما صاحبه من تبدلات اجتماعية كانت لها الأثر الأكبر في فكره. ومن أبرز شعراء جيل محمد الفايز: خليفة الوقيان، خالد سعود الزيد، علي السبتي، محمد أحمد المشاري. وإن كان الفايز يبزهم بوفرة نتاجه الشعري، وتميز تجربته بشكل عام، خاصة أنه تأثر بالتيارات السياسية والفكرية التي سادت في العالم العربي في حقبتي الستينيات والسبعينيات، وإن كان أغلب نتاجه الشعري تحقق في سني السبعينيات من القرن العشرين، ويضاف إلى ذلك سعيه إلى التجديد في بنية القصيدة، وفي مضامينها، وفي بنية النصوص في الديوان الشعري.

وبالنظر إلى تجربة الفايز نرى تميزا شعريا، ظهر منذ ديوانه الأول «مذكرات بحار»، وهي تجربة جديدة في الشعر الخليجي بشكل عام، والكويتي بشكل خاص، فالديوان يتناول حياة بحّار من مجتمع ما قبل النفط، ويبسط مأساته، في تجربة مكتملة الأبعاد، حظيت بأغلب صفحات الديوان، وحمل الديوان اسمها، عبر مذكرات تمتد إلى عشرين مذكرة، تمثل كل مذكرة وجها من وجوه مأساة البحّار، ونرى فيها رؤية للمجتمع الكويتي القديم، بمظاهر الفقر والعوز، وتحكّم العادات الموروثة به، ونمط التعليم التقليدي، وهيمنة العشائرية والقبلية عليه، وسيطرة كبار التجار وأصحاب السفن على مقدراته، وكيف أن البحّار يبذل روحه وهو يغوص في أعماق البحر من أجل لؤلؤة لزينة نساء الأغنياء في بقاع شتى في العالم، يقول في المذكرة الثانية:

في الليل نسري عبر هاتيك البحارْ

أيام كنتُ أعيش في الأعماق، أبحث عن محارْ

لقلادة لسوار حسناء ثريةْ

في الهند، في باريس، في الأرض القصيةْ

أيام كنت بلا مدينةْ

وبلا يد تحنو عليّ ولا خدينةْ

صارت الحياة للبحّار القديم ملازمة الأعماق، بحثا عن محار، وقد جاء الحذف هنا تلقائيا للفظة اللؤلؤة، التي قد تحويها محارة ما، ولكن يظل اللؤلؤ قيمة مالية لا جمالية لهذا البحار البائس، الذي غادر عائلته الصغيرة ترزح تحت الديون، على أمل أن يعود محملا بما يسد رمق الأفواه الجائعة. إن اللؤلؤة التي هي زينة لا غير للثريات في الهند أو باريس، قد تحمل في ثناياها روح بحار غاص بحثا عنها. ويأتي تعبير «أيام كنت بلا مدينةْ» ممثلا للوجه الآخر من الحلم، فالمدينة الحديثة تعني تقدما واستقرارا وقوانين وسلطات منظمة؛ وهذا ما وجده الفايز في حياته: فقد عايش النظام السياسي والاجتماعي العشائري والأبوي قبل النفط، وتحوّلَ هذا النظام إلى الدولة الحديثة التي ترعى أفرادها ولا تتركهم نهبا لتقلبات الطبيعة، المدينة تعني الدولة الحديثة بنظمها ومؤسساتها.

في باقي الأعمال الشعرية للفايز، نجد أصداء للتجربة السابقة، ولكنها تمثل اتجاهات مختلفة ما بين الرومانسي والوطني والاجتماعي والتغني بجمال الأمكنة والبلدان، كما في دواوين: بقايا الألواح، وحداء الهودج، وذاكرة الآفاق، ولبنان والنواحي الأخرى. وهي تمثل أصداء عديدة لتجربة الفايز، وإن عدها البعض تراجعا في مشروعه الشعري الذي كان واعدا في ديوانيه الأولين، وهذا صحيح نسبيا، وإن كان محافظا على القصيدة الممتدة، كما في ديوانه «ذاكرة الآفاق» حيث نقرأ «قصائد عن بغداد» ممتدة على ست قصائد متتابعة مرقمة، بشكل التفعيلة الممتزج بالشكل العمودي، يقول في القصيدة الثالثة:

ينهض صدرك يا بغدادُ

كبيادر من لؤلؤة

وكقوس من فيروزْ

أزرقٌ

أزرقْ

يدفق نهرك تاريخا يتدفقْ

وكقامات وصائف رومياتٍ

يحملن أباريق نبيذٍ

أشجارك ذات الظل الهابط

كالشوق الموهقْ

إن تجربة محمد الفايز تثبت بجلاء أن التطور والتجديد الشعري في العالم العربي لم يكن يسير على وتيرة واحدة في الإقليم الواحد، ففي حين كانت تسود قصيدة التفعيلة في المراكز الحضارية العربية، كان هناك شعراء في أقطار عربية أخرى يتراجعون عنها إلى القصيدة العمودية، محافظين على التوهج الإبداعي المكتسب من قصائد التفعيلة، وجمالية وموسيقية القصيدة العمودية. وهذا ما ظهر في تجربة محمد الفايز، فتراجعه إلى القصيدة العمودية، دال على أن الذائقة السائدة في الكويت خاصة والخليج عامة في زمنه ومرحلته التاريخية كانت غير متقبلة لقصيدة التفعيلة، فعزف على الوتر العمودي محافظا قدر المستطاع على رؤية تجديدية في الرؤية والجماليات النصية.


http://www.arrouiah.com/node/94306
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13-01-2011, 03:45 PM
ندى الرفاعي ندى الرفاعي غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 693
افتراضي


في الذكرى الـ 19 على رحيله

أبدع في «مذكرات بحار»
فغناها شادي الخليج بألحان الديكان


كتب حسن علي علي:

تمر هذه الأيام الذكرى التاسعة عشرة لوفاة الشاعر الكويتي المبدع محمد الفايز الذي رحل عنا في أول مارس من عام 1991م الذي استطاع خلال فترة وجيزة ان يصنع لنفسه اسما في عالم الشعر.


وكان الفايز (سيزيف) نجما من نجوم الحركة الشعرية الكويتية بل ان الشاعر الكبير علي السبتي اعتبره أحد أهم الشعراء في الشعر العربي المعاصر.

مذكرات بحار

وتعتبر رائعته «مذكرات بحار» هي أهم وأشهر ما كتب الفايز من شعر وقد قام الملحن القدير غنام الديكان بتلحينها وغناها الفنان الكبير شادي الخليج مع المطربة سناء الخراز ،وقد حققت نجاحا كبيرا اذ تعتبر من الملحمات الخالدة فقد كانت الألحان معبرة عن الخطوط العريضة التي رسمها الشاعر الفايز في التعبير عن الغوص على اللؤلؤ والمعاناة من فراق الأهل ناهيك بالشقاء في العمل حيث يغني شادي الخليج من ابيات القصيدة:

البحر أجمل ما يكون
لولا شعوري بالضياع
لولا هروبي من جفا مدينتي الظمأى
وخوفي ان أموت عريان في الأعماق
أو في بطن حوت
اني أحاذر ان أموت
آه لما أفكر ان لي بيتا
ولي فيه عيال
آه لما أحس بأن في الدنيا جمال

ان سر جمال أشعار محمد الفايز أنها تحمل موسيقى جميلة اضافة الى الجزالة في اللفظ والعمق في المعنى وقد غنى له كل من الفنان شادي الخليج وسناء الخراز والفنان اللبناني كارم محمد الذي غنى من شعره «ما تشائين فافعلي» وهي من ألحان عثمان السيد حيث تقول كلماتها «ما تشائين فافعلي».


كما غنى له الفنان أحمد عبد الكريم صوت يا بدر وغنى له الفنان فهد عوض دوخي أغنية «صبرت صبرا طويلا».

تعليق

وفي الختام أؤكد ان الشاعر محمد الفايز لم يكن شاعرا عاديا في تاريخ الشعر الكويتي لذا لا بد من الالتفات لشعره من قبل النقاد وقد قامت رابطة الأدباء في الكويت باصدار كتاب عنه ونتمنى من تلفزيون الكويت ان ينتج فيلما وثائقيا يخلد ذكراه.

http://www.alwatan.com.kw/ArticleDetails.aspx?Id=11502


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13-01-2011, 09:25 PM
رود
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

كثبان رملك واحة معطار
وإجاج بحرك سكر وبهار
ياموطن الهولو الذى غنت له
من أمسى أمسى سواحل وبحار
ياساحل الفيروز حيث سفينه
ملأ البحار كنها القمار
يا قصة البحار فى جولاته
لما رمته الى البحار قفار
تتهيب الحيتان من مجدافه
فله دوى فوقها هدار
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 21-02-2011, 04:34 PM
2ar 2ar غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 47
افتراضي

شكرا لك اخي عنك وايضا اضافة اختنا ندى الرفاعي

واسمحوا لي بهذه المشاركة

اربع اغنيات للقصر
المجموعة الشعرية لمحمد الفايز


-1-

شرفة القصر على النهر تطل
وانا خلف كروم الحقل
استعرض اشياء كثيرة
ملكي غادر في الليل سريره
والأميرة
تسأل العراف عن سر خطير
ما الذي بدل أطوار الأمير


-2-

وعلى أبواب روما كتبت احدى النساء

عندما تعشق انثى لم يعد منها رجاء

تمنح العاري ماء والى الظامي كساء


-3-

شهرزاد
نامت الليلة والقصة تمت
يا حكايات السهاد
ملكي مازال سهران بقصره
آه لو أعرف ما يطوي بسره
أترى قد ارقته
قصص من شهرزاد
عن غرام السندباد
وهوى بلقيس : والهدهد يأتي بالرسالة
من سليمان اليها
مالذي اقلق باله


-4-

قمري مازال سهران ونامت شهرزاد
خدعة كانت سأفشي السر في ضوء النهار
عندما يستيقظ الناس
ومن خلف الستار
كنت أصغى لحكايات طويلة
الف ليلة
لم تذق عيني الرقاد
أحرس القصر بلا أجر وفي سوق المزاد
عرش مولاي يباع
خدعة كانت وثلج الليل ماع



رد مع اقتباس
  #7  
قديم 21-02-2011, 04:51 PM
2ar 2ar غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 47
افتراضي

حملتك دهرا

حملتك دهرا في عيوني وفي قلبي
فلم تحفظي عهدي ولم تفهمي حبي

وهبتك أياما كان شموسها
تطل بلا شرق وتخبو بلاغرب

وجاريت فيك الجهل حتى كأنني
أشاهد جهلا فيك أعظم من لبي

أداري براءات بعينيك لطفها
وان حملتي الصعب في مسلك الصعب

ولما تجلى كل شيء وليتني
أطيق احتمالا شرب آسنة الشرب

وجدتك مثل الأخريات أقودها
ببعض ابتسام من شفاه بلا قلب

فليت جمالا فيك يفهم قوتي
وليتك مثلي تعشقين بلا كذب

هبيني اني قسوت الم أكن
حبيبك؟أين العطف من قلبك الرحب

وأين حكايات بليل تطيله
وتقصره احلامنا ساعة اللعب

أتطفئي عيناك وهي مواقدي
وتظمئني تلك الشفاه بلا ذنب

وان حقدت نفسي على الأرض انني
احدق فيها لا أراك بها قربي

أفيض على دنياك فيض غمامة
ربيعية الأمطار صادقة السحب


محمد الفايز
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الفايز IE جبلة 13 23-05-2018 12:06 PM
الشاعر محمد بن لعبون في الكويت - يعقوب الغنيم AHMAD المعلومات العامة 13 13-12-2017 11:59 AM
الفايز (الحويلة) الراسي المنقف 5 28-11-2011 12:10 AM
الشاعر حجي بن جاسم بن محمد بن راشد الشمالي Pure_Smilling التاريـــخ الأدبي 3 17-08-2009 09:54 PM
الشاعر الشعبي عبدالعزيز أحمد القطان العثمان التاريـــخ الأدبي 1 20-03-2008 07:40 AM


الساعة الآن 09:37 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت