هي كلمات بحق رائد المسرح الخليجي صقر الرشود .... الرائد بحق...
.... كلمات و حروف أهديها للمخرج المسرحي الكويتي صقر الرشود الذي سافر و بقي ابداعه نبراساً ....
"نحن مع كل مسافر نبكي أنفسنا و نكتشف كم هي زلقة الأرض التي نقف عليها .... هاجر صقر .. حاملاً جرحه الغائر و خيبته و لا حقنا هجرته بنظرات شبه لاهية . لكن حين توغلت الهجرة فأفضت إلى عتمة الصمت و الموت جحظت نظراتنا و داهمنا رعب اليقظة ... ثم تسلسلت مواويل المراثي "..... تلك هي كلمات المسرحي و الأديب السوري الراحل سعد الله ونوس في رثاء المسرحي و المخرج الكويتي الراحل صقر الرشود...
صقر الرشود الذي.. غادرنا كبوح ناي حزين .... و ترك في قلوب محبيه أي غصات و مرارة ... صقر التي يتحدث عن بداياته في لقاء معه في العدد الثاني من مجلة الحياة المسرحية السورية عام 1977 : " في أوائل الستينات تقدمت إلى مسرح الشعب بنص لي عنوانه " تقاليد" فقبل و عرض و حقق نجاحاً كبيراً فانضممت إلى الفرقة دون تزكية بل بعملي و هذا المسرح يشكل الآن الرعيل المسرحي الأول في الكويت و في عام 1961 كتبت نصاً بالعامية " فتَّحنا" لكنني وجدت أن فرقة " مسرح الشعب" لا تحقق طموحي فتركتها و أسست مع مجموعة من الشباب فرقة " المسرح الوطني" التي قدمت المسرحية ثم كتبت في العام التالي نصاً بالفصحى بعنوان "المخلب الكبير " و في 11/5/1963 ساهمت مع مجموعة شباب في تأسيس " مسرح الخليج العربي " و بدأت العمل معه ككاتب و مخرج .. وأحياناً كممثل أن دعت الضرورة لسد نقص في الكادر و ليس إيمانا مني بأن أصبح ممثلاً .. و كنت 1965 اشتغل في مستودعات وزارة التربية نائباً للمدير ثم انتقلت إلى وزارة الأعلام لأعمل كمذيع في الإذاعة حيث قرأت نشرات أخبار و قدمت برامج أدبية ثم أصبحت مذيعاً تلفزيونياً و قدمت البرامج التي تتفق مع اتجاهي الفكري لكني تركت وزارة الإعلام بعد نكسة 1967 لعدم إيماني بجدوى ما نفعله و بقيت ضمن كادر وزارة التربية و بدأت دراستي الجامعية ( العلوم الاقتصادية و السياسية ) 1969 و تخرجت من جامعة الكويت 1973 و كنت عرفت كفنان مسرحي في الكويت و في البلاد العربية قبل دراستي إلا أنني تابعت عملي المسرحي رغم دراستي و ما زلت حتى الآن أعمل في فرقة ( الخليج العربي)أكتب بعض أعمالها و أخرج معظمها حتى أنني أخرجت ما يقارب الـ (32) مسرحية . و أنا أعتز كثيراً بالمسرح كوسيلة فنية و جماهيرية للاتصال بالجمهور العريض دون الوسائل الأخرى و أعتقد أن المسرح هو أحسن الوسائل للتعبير المباشر و للحصول على نتائج مباشرة مع الجمهور . و قد قام ( مسرح الخليج ) بين 1963 و 1977 بـ 18 رحلة إلى البلاد العربية و هذا عمل مرهق .. و فرقتنا هذه معروفة في الوطن العربي لكن الكويت يعرفها كمؤسسة ثقافية إلى جانب كونها فرقة مسرحية لأنها تهتم بالشؤون الثقافية عامة و تقيم الندوات و المحاضرات و لديها مكتبة تعمل على توسيعا و تطويرها و تضع موازنة مقولة بالنسبة لإمكانياتها المالية من أجل إيجاد الكتاب المسرحي و الثقافي عامة ( التراث و الحديث) و لا أبالغ إن قلت بأن الآمال تعقد على مسرحنا هذا من أجل تطوير الحركة المسرحية في الكويت . لقد قدمنا مسرحنا ( مسرح الخليج العربي ) من الأعمال المحلية ما يلتصق بالمواطن الكويتي و من الأعمال العالمية ما يتصل بالإنسان عامة و من الأعمال العربية ما يتصل بالقضايا العربية فخاض بذلك تجارب متنوعة و هو ينظر للقضايا العربية بجدية و يتطلع إلى أن يكون جزءا صغيرا يكافح من أجل تدعيم و إثبات المفاهيم العربية الأصيلة "..... و في نظرة نقدية لمسرحية حفلة على الخازوق التي قدمت ضمن مهرجان دمشق المسرحي السابع يقول الناقد المسرحي نبيل الحفار الذي أعتقد أنه من أجرى اللقاء مع الراحل صقر الرشود إذ يقول الناقد المسرحي الحفار عن المسرحية : " لقد أتبع صقر الرشود أسلوبا إخراجيا يمزج بين الواقعية و التعبيرية في صيغ جمالية ممتعة أحياناً و بنقلات بين الأساليب لم يكن ما يبررها في أحيان أخرى بمعنى أنها لم تضف إلى الحدث عنصراً تفسيرياً بل تزينياً مما كاد أن يطغى في تأثيره أحيانا على الخط الفكري و رغم ذلك كانت خطته الإخراجية ناجحة في تفجير المفارقات الكوميدية" .... وإن كانت للناقد الأستاذ الحفار بعض السلبيات على بعض الممثلين .. و المبالغات .... الخ .. . إلا أنه في النهاية يقول و هو الناقد المشهود له: "و أخيراً لا بد من تحية الجهود الصادقة و الرائعة لجميع عناصر فرقة مسرح الخليج لتقديم عمل مسرحي سياسي نجح إلى حد كبير بأن يكون جماهيرياً شكلاً ومضموناً مع تمكنه من توصيل مقولته الفكرية إلى الجمهور بشكل ممتع رغم بعض المآخذ التي ذكرناها" .. نرجع قليلا إلى مهرجان دمشق السادس و ضمن ملف خاص عن المهرجان أعدته مجلة الثقافة العربية الليبية-: و في تحليلها عن العرض الكويتي الذي أخرجه الراحل صقر الرشود : " قدم الكويت مسرحية( علي جناح التبريزي و تابعه قفة) تأليف الفريد فرج و إخراج صقر الرشود لقد كان العرض الكويتي مفاجأة حقيقة في المهرجان و كان بالأحرى استعراضاً جميلا قدم المخرج من خلاله بذكاء و إتقان الفلكلور الكويتي و استطاع أن يربطه بين خشبة المسرح و الصالة و كانت تسود الفرقة روح واحدة تنبعث من التفاهم و القناعة بما يقدم و كانت جوقة المتسولين في لباسها و تمثيلها و حركاتها بين الخشبة و الصالة و غنائها في غاية الإتقان ....المسرحية قصة مسلية و ممتعة ليس أكثر .... نفخ فيه الإخراج من روحه فكانت مفاجأة للجمهور ... قال المؤلف الفريد فرج : اتسم العرض الكويتي بشيئين هما الصالة و الفلكلور و أنا كمشاهد كنت سعيداً فقد كان هذا العمل نوعاً من تأصيل التراث و خروج الممثلين من الصالة كان وراءه فكر و قد دهشت من بلوغ الكويت الذروة الفنية و قال المرحوم صقر الرشود (المخرج ) عن المسرحية : بالنسبة لاستخدام الفولكلور فقد جاء لتلطيف الشكل و شد الجمهور و لم يكن لاستدرار عطف المتفرج و المقدمة هي موشحة عربية من العصر العباسي و الأغاني كانت مرتبطة بالنص لأن معانيها مستخدم شعبياً في مجتمعنا ..... و في رأي أخر يقول المسرحي الفريد فرج : عرضت المسرحية في سبع دول عربية لكن ما من شخص عرف قيمة النص و مفهومه مثلما عرفه و ترجمه صقر الرشود. و في لقاء مع الفريد فرج في مجلة العربي أجراه الكاتب عبد العزيز السريع صديق صقر الرشود و مؤلف مسرحيات" الجوع" و " لمن القرار الأخير" و " فلوس و نفوس" و " عنده شهادة" " و الدرجة الرابعة" و " ضياع الديك " و الذي اشترك مع صقر في تأليف عدة مسرحيات هي " شياطين ليلة الجمعة" و " بحمدون المحطة" و " 1 ، 2 ، 3 ، 4 ، بم " يسأل عبد العزيز السريع الفريد السؤال التالي : - أخبار مسرحية " علي جناح التبريزي و تابعه قفه " و تداعياته لها اهتمام خاص في نفوسنا و ذلك لأن لنا في الكويت تجربة مع التبريزي تجربة نعتبرها من أهم التجارب التي مرت بها الحركة المسرحية الكويتية فقد قام بإخراجها الفنان الراحل صقر الرشود و مثل فيها فريق من المسارح الأهلية الأربعة في الكويت كلهم تضافرت جهودهم من أجل تقديم هذا العمل و أنا أعتقد أنهم نجحوا إلى حد كبير في تقديمه بصورة طيبة و تنقلوا في العواصم العربية من دمشق إلى تونس ثم ليبيا ثم القاهرة و كان النجاح حليفهم بفضل هذا النص الكبير .... يجيب الفريد فرج : أوافقك تماماً و أضيف بأن صديقي الراحل صقر الرشود قد أبدع في أخراج هذه المسرحية إبداعا لفت أنظار الجميع و قد رضت مسرحية التبريزي التي انتجمتوها في الكويت في الفيديو كاسيت على المخرج الألماني فأعجب بها جدا و قال أن وضع المسرحية في الإطار الفلكوري الكويتي كان ( ضربة معلم) من المخرج كما أنه أشاد إشادة خاصة بغانم الصالح و بمحمد المنصور و بالفريق كله و بلغ مني أن ابلغهم إعجابه و أن ابلغ الفريق ثناءه و إعجابه العام بهم و إلى جانب ذلك طلاب مني منذ سنتين أن أمد مهرجان ادنبره في انجلترا و تشترك فيه فرق من جميع أنحاء العالم " بكاسيت" لمسرحية عربية حيث كان إلى جانب المهرجان مهرجان للمسرح التلفزيوني أو التلفزيون المسرحي و كان في المهرجان صالة لعرض الفيديو كاسيت و قد نالت المسرحية المخرجة في الكويت إعجاب و تعليق كثير من المشاهدين الذين جاءوا لحضور محاضرة ألقيتها عن المسرح العربي في الستينيات و سألوني أسئلة كثيرة عن الكويت و عن المسرح في الكويت و عن فناني الكويت بهذه المناسبة ...... و يقول نعمان عاشور : إننا نتكلم عن المسرح الذي أبدعه كاتب مسرحي حقيقي و يندفع مخرج مثقف في مستوى الفنان الكويتي البارع الصديق" صقر الرشود " فإذا به يعيد إخراجه و تفسيره بما فيه فنية و مدركات درامية فيحيله إلى عرض متألق ينطق بالروح الأصيلة للبيئة الكويتية . و يقول الأديب السوري الأستاذ رياض نعسان آغا : إن صقر الرشود في بحثه عن مسرح سياسي شامل ....واحدٌ من المخرجين اللامعين في الوطن العربي....
و أخيراً ... هذه الكلمات لشاعر الكويت الراحل أحمد مشاري العدواني في رحيل صقر الرشود : "الحزن يقلق و التجمل يردع ........و الدمع بينهما عصي طيع من عرف صقر عن قرب يعلم كيف كان صقر رمزاً للفنان المبدع صاحب الرسالة الذي تمتلك عليه رسالته كل مشاعره لا بل أنه يعيش من أجل هذه الرسالة ....."
رحم الله صقر رائد المسرح الكويتي بحق .................
يتبع.......................
عن:
- مجلة الحياة المسرحية السورية العدد الثاني و العدد السابع 1977 - مجلة الثقافة العربية الليبية . - مجلة العربي الكويتية العدد /327/فبراير 1986..
تحياتي لكل مشرفي موقع تاريخ الكويت و الأخ القرين ...و كل أعضاء و محبي هذا الموقع الرائع....
مع خالص الود و طيب الأماني ...... سمو حوران
التعديل الأخير تم بواسطة سمو حوران ; 06-05-2009 الساعة 02:17 PM.
دفاتر الإبداع ... صقر الرشود ...المسافر ... ج1
العرض العادي
