طمس التاريخ البحري لمصلحة من؟! سعود العصفور
غنوا معي يا مال!
حالنا أتعس الحال!
غفونا راحة البال!
وجدنا أبعد المنال!
ناديت في مقالات سابقة بضرورة وقف التخريب الذي شرعت جرافات مشروع القرية التراثية، وغيرها من المشاريع على أرض الجدود قبالة الساحل المطل على منطقة شرق وجبلة، وغيرها من المناطق الأثرية التي عاش فيها أهل البحر، وخلفوا لنا آثاراً حق لنا أن ننقب عنها ونخرجها من باطن الأرض، بعد أن ارتكبت في الزمان خطيئة مازلنا نتأسف على ارتكابها، وهي هدم البيوت التراثية التي تم تثمينها.
ان ما يقدم عليه من مشروع القرية التراثية وغيرها من المشاريع في المنطقة ذاتها خطيئة أخرى، فهل يعقل أن نبني قرية جديدة مصطنعة بالإسمنت المسلح على قرية حقيقية تحتها؟!
ان ما أنشده من أصحاب الشأن وخاصة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وبلدية الكويت وغيرهما من الجهات ذات الاختصاص للعناية بالآثار أن يوقفوا هذا العبث، وأن يستمعوا إلى صوت العقل، ويعمدوا إلى تسييج هذه المنطقة التي لا تمثل من الكويت سوى بعض كيلومترات، ويسندوا إلى فرق تنقيب أثرية معتمدة للكشف عن الآثار التي لن تخلو بطبيعة الحال من اكتشاف الفخاريات والعملات القديمة والأدوات التي خلفها الأجداد في كل الأزمان، بل إن الأمر في يقيني سوف يسفر عن معلومات غاية في الأهمية عن التوطن الأول لهذه المنطقة، ويعزز من يقينية الوثائق الأخرى لتاريخ الكويت.
وأنا كأحد الأعضاء المنتمين للجمعية التاريخية الكويتية أنادي بضرورة أن يكون هناك تعاون حقيقي مع الجهات ذات الاختصاص في الحفاظ على آثار الكويت بغية تجليتها للأجيال المتعاقبة، وحتى لا تصبح تاريخا مغيباً لأجيال قادمة.
ان مشاريع تحديث العاصمة لا يمكن أن تنفذ على حساب تغييب تاريخ الكويت الحقيقي، فالنشاط الأبرز لتاريخ الأجداد هو النشاط البحري، والمناطق المستهدفة كانت ومازالت هي المنطقة المعنية ذاتها.
هذه صرخة من قلب محترق على آثار بلد تكالب الجميع على التفنن في تغييبها وإهمالها، لعلها تسمع أحياء القلوب، وتصل إلى فهوم الغيارى على تاريخ الوطن.
د. سعود محمد العصفور
|