إعلاميات من ذهب
نـــــورية الســـــداني
ملحمة كويتيـــــــــــــــــــة
إعداد: عبدالمحسن الشمري
شهدت فترة الستينيات من القرن الماضي نهضة كويتية شاملة في شتى مجالات الحياة وكان للمرأة دور بارز في هذه النهضة إذ انخرطت في مختلف مناحي العمل وكسرت القيود التي كانت تكبلها باسم التقاليد والعادات ولم يكن مجال الإعلام مثل التلفزيون والإذاعة والفنون كالتمثيل بعيدا عن طموح الفتاة الكويتية فقد اقتحمت تلك المجالات بقوة وشاركت جنبا إلى جنب مع شقيقها الرجل في العمل
لم يكن ذلك وحسب بل إن الكثيرات تميزن وأبدعن وتفوقن على الرجل، وفي هذه الزاوية اليومية ومن باب الوفاء لنساء الكويت الرائدات في الإعلام نتوقف يوميا لتسليط الضوء على إحدى المبدعات الاتي تحملن وزر المبادرة الأولى في العمل الإعلامي لاسيما التلفزيون أو الإذاعة.
كثيرون يعرفون نورية السداني المرأة المناضلة التي دافعت وتدافع دائما عن النساء وحقوقهن وهي التي قامت بدور كبير في تأسيس وقيادة الحركة النسائية في الكويت
وهي أول رئيسة لأول اتحاد نسائي في الكويت أسست وترأست أول جمعية نسائية في الكويت وأسهمت بإيصال صوت المرأة الكويتية خارج الحدود وترأست الاتحاد النسائي العربي
لكن قلة يعرفون الدور الإعلامي المميز لهذه السيدة خاصة في مجال الإذاعة والتلفزيون وربما لا يعرف الكثيرون أن نورية السداني هي أول مخرجة تلفزيونية كويتية.
حول الدور الريادي لنورية السداني في مجال الاعلام والإخراج التلفزيوني تتمحور هذه الحلقة.
نشــــــــــأة
ولدت نورية صالح السداني عام 1946 وهي الفترة التي شهدت تحولات كبيرة في مختلف مجالات الحياة الكويتية بعد أن أصبح النفط المصدر الرئيسي للتطور والنهضة والعمران إذ أحدث نقلة نوعية في الكويت خاصة في مجال الخدمات الصحية والتعليمية.
تلقت نورية السداني تعليمها الأولي في المدرسة القبلية ثم بعد انتقال أسرتها إلى منطقة أخرى واصلت دراستها في حولي
كانت تلك الفتاة الصغيرة متوقدة الذهن تتابع وتلتقط بعينيها وأذنيها ما تراه وتسمعه ساهم في ذلك طلعات البر التي كانت تقوم بها مع الأسرة وتأمل البحر أمامها صور كثيرة كانت تراها وتتساءل عنها تولدت لديها الكثير من الأفكار التحررية خاصة بالنسبة للمرأة الكويتية التي شعرت أنها بحاجة إلى من يأخذ بيدها.
عشقت الإذاعة منذ الصغر وهذا ما جعلها تتقدم للمشاركة في برنامج الأطفال مع الرائدة ضياء الغانم التي كانت آنذاك تقدم برنامجا للأطفال
عشق نورية لصوت ضياء جعلها تقدم على خطوة مهمة للعمل الإذاعي كان عمرها آنذاك لا يتجاوز 15 عاما كانت في البداية تذهب إلى الإذاعة بعد انتهاء الدراسة عصرا وعندما وجد المسؤولون حماسها وجديتها وحبها للعمل الإذاعي طلبوا منها أن تتفرغ له
لم يكن الأمر صعبا أمامها بعد أن شعرت بالارتياح للجو الأسري في الإذاعة وهكذا تركت الدراسة وأبدت حماسا شديدا للمزيد من العمل الإعلامي في الإذاعة وفي التلفزيون
عينت رئيسة لقسم المرأة والطفل في الإذاعة في سن صغيرة وهذا حملها مسؤولية مضاعفة لكنه أكد نبوغها طموحها لم يتوقف عند الإذاعة إذ جذبها التلفزيون وفي مجال لم يكن في متناول يد الكثيرين
لكن طموح نورية جعلها تصمم على خوض التجربة وهكذا ذهبت إلى القاهرة في بعثة لدراسة الإخراج التلفزيوني وانتسبت لمعهد التلفزيون العربي في القاهرة.
دراســـــــــــــــة
في القاهرة حالف الحظ نورية السداني وتلقت دروسا نظرية وعملية على يد أساتذة كبار ومن أبرزهم كمال الشيخ وأحمد فراج ونور الدمرداش
وقد ساعدتها الدراسة في الالتقاء بعمالقة الفن في مواقع التصوير مثل سعاد حسني وعبدالله غيث وكريمة مختار، وقد ارتبطت بصداقات مع عدد من الفنانين بينهم الراحلة سعاد حسني.
فترة دراستها في القاهرة تعتبرها من أجمل سنوات عمرها واستفادت منها في حياتها المهنية كثيرا وأيضا في قيادتها للحركة النسائية في الكويت
وقد تخرجت في معهد التلفزيون العربي بعد أن قدمت مشروع تخرجها حول مذكرات طالبة كويتية ومثلت في المشروع كوثر الجوعان التي كانت تدرس آنذاك في القاهرة مع عدد من الفتيات الكويتيات.
عـــــــمـــــــــل
عادت نورية السداني للعمل في تلفزيون الكويت كأول مخرجة إلى جانب عدد من الأسماء البارزة من المخرجين الرجال وقامت بإخراج عدد من البرامج مثل بريد التلفزيون
كما أخرجت عدة أعمال درامية وتعاملت مع عدد كبير من النجوم مثل سعاد عبدالله ومحمد المنصور وحياة الفهد وغيرهم.
وقد يكون الإنذار الذي تلقته من الراحل عبدالوهاب سلطان وهو قريبها نقطة تحول في حياتها الإعلامية وعلى رغم إلغاء الإنذار فانها لم تتواصل طويلا مع التلفزيون بعد ذلك وكان لديها هم أكبر وأشمل شعرت أنه ليس المكان المناسب لطموحاتها واتجهت بعد سنوات إلى النضال من أجل حقوق المراة الكويتية على أكثر من صعيد.
تحـــــــــــــــــرير
لم تتوان نورية السداني يوما عن القيام بدورها الريادي والنضالي وانخرطت أثناء الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت في العمل التطوعي ضمن اللجنة الكويتية العليا في لندن وأصبحت مسؤولة لجنة مجلة «كويت التحدي»
وبعد أن منّ الله على الكويت بنعمة التحرير قامت نورية السداني بدور مميز في توثيق السيرة الذاتية لعدد من شهيدات الكويت وتحول المشروع إلى مسلسل إذاعي.
بقي القول ان لنورية السداني نشاطا اعلاميا في مجال الكتابة في الصحافة وأيضا لها العديد من المؤلفات من بينها «الجماعات الضاغطة للقوى الطلابية الكويتية» و«تاريخ المرأة الكويتية» في جزأين ورواية الكويت «ملحمة الكويت التي لا تنسى»
جريدة القبس - 24/8/2009م